الأرشيف الزائل للّحظات الثورية: تسجيلاتٌ من التظاهرات النسوية والكويرية البولندية عام 2020

السيرة: 

طالبة دكتوراه في معهد الثقافة البولندية، قسم الثقافة المعاصرة. تخرّجت من كلية الدراسات الفردية بين المناطق في العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة وارسو. تعمل حاليًا على منحة بحثية مدتها ثلاث سنوات، وهي "الحركة النسوية الشعبية في التحوّل وما بعد التحوّل في بولندا". تحليل للخطابات والممارسات والهويات الممثلة في الحركة النسائية البولندية بعد عام 1989. الاهتمامات الأكاديمية: الحركة النسائية البولندية والتاريخ، والنظريات الكويرية والنسوية.

شكر‬ ‫واعتراف‬: 

تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2020: المسيرة عبر ميدان الصلبان الثلاث في وسط وارسو.

اقتباس: 
باربرا ديندا. "الأرشيف الزائل للّحظات الثورية: تسجيلاتٌ من التظاهرات النسوية والكويرية البولندية عام 2020". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 7 عدد 1 (06 سبتمبر 2021): ص. 152-166. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 26 ديسمبر 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/305.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (915.99 كيلوبايت)
ترجمة: 

أدهم سليم هو باحث وكاتب يعمل حالياً مديراً لتحرير منصة "الأركيلوغ" للنشر والترجمة.

مقدّمة

شهد العام 2015 عودة حزب القانون والعدالة (بالبولندية: Prawo i Sprawiedliwość, PiS) اليميني المحافظ إلى سدّة الحكم في بولندا. وهي العودة التي جعلت من استعراض وتوثيق وأرشفة النشاط السياسي والحقوقي المعارض مشقّةً جسيمة في ظل قمع الشرطة والقضاء لحرية التعبير.1 نتيجةً لذلك، عمّت البلاد تحرّكاتٌ شعبيةٌ واسعة لتسجيل الوقائع على الأرض وإنتاج أرشيفٍ لمقاومة السلطة الحاكمة. من ثنايا تلك التحركات، برزت مشاريع كبيرة كالبوّابات الصحافية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات التحقّق من صحة ما يُتداول من أخبار، بجانب مشاريع أخرى أصغر ركّزت على التظاهرات الاحتجاجية، كمنصات مشاركة الصور والمعارض الفنّية الشعبية وممارسات تحرير وإنتاج المجلّات. بعد المشاركة في تظاهرات العام الماضي ومعاينتها والتمعّن فيها، أردْتُ كنسويةٍ وباحثةٍ أكاديميةٍ ومتظاهرة أن أشارك في هذه الفورة الشعبية بإنتاج أرشيفٍ إثنوغرافيٍ ذاتي لهذه الاحتجاجات. استناداً إلى كتاب جولييتا سينغ "ليس من ثمّة أرشيف لاستعادتك" (بالإنكليزية: No Archive Will Restore You)، حاولتُ أن أتخيّل إمكانية تجاوز الأرشفة الفردية نحو أرشيفٍ جماعيٍ شعوري. ترتبط هذه الرغبة مع مفهوم سينغ (2018، ص. 29) عن علاقة الجسد المتظاهر بغيره من الأجساد الأخرى خلال التظاهرات كعلاقةٍ غير مقيّدة ومشتبكةٍ مع العالم المحيط. حاولتُ أن أتخيّل أرشيف تظاهرات العام 2020 كقصةٍ لأجسادٍ وعقولٍ وأفئدةٍ مقاومةٍ ومتضافرة. لم تكن تلك الرغبة في الإمساك باللحظة الثورية مدعاها التقاط وتوثيق ما شعر به الناس في الشارع، بل بالأحرى أرشفة ما سبق التظاهرات وما تلاها، بما في ذلك الانطباعات والدوافع التي حملت الناس على النزول إلى الشارع. عوضاً عن الأرشفة المحضة، وجدتُ نفسي أوثّق الهشاشة والإخفاق واستحالة خروج أرشيف كهذا إلى النور.

 

سياق وتاريخ دوافع النشاط السياسي

قبل العودة إلى الأرشيف، أودّ أن أتمعّن قليلاً في سياق تظاهرات العام 2020. فالدافع وراء تظاهرات العام الماضي لا يقف عند حدود الدفاع عن العدالة الإنجابية، بل يتعلّق بالتضامن الكويري أيضاً. بشكلٍ أدقّ، تشكّلت موجة الاحتجاجات التي وقعت في مدينة وارسو إثر اعتقال مارغو، وهي ناشطةٌ بولندية تنتمي لمجموعة "أوقفوا الهراء" (بالبولندية: Stop Bzdurom) النسوية الراديكالية. كانت مارغو قد اعترضت طريق شاحنةٍ تابعةٍ لمنظمة "برو" المناهضة لحق الإجهاض، تحمل شعار "أوقفوا البيدوفيليا" وقد ثُبّت عليها مكبّرات صوتٍ تصطخب بهتافاتٍ عنيفة تساوي بين السلوك الجنسي غير المعياري وبين العنف المنزلي والبيدوفيليا.2 أُوقِفَت مارغو على إثر ذلك وحُكمت بالسجن لشهرين بتهمة اعتراض شاحنةٍ تابعة للمنظمة. في 7 آب/ أغسطس خرج/ـت المتظاهرون/ات إلى شوارع وارسو تضامناً مع مارغو. هتفت الجموع "إذا لم تقم الدولة بحمايتنا، سأحمي أنا شقيقتي" أمام المقرّ الرئيسي لحملة مكافحة العداء للمثلية (بالبولندية: Kampania Przeciw Homofobii)3 قبل أن تتحرّك التظاهرة إلى شارع كراكوفسكي بشدميشتي. هناك، قامت عناصر الشرطة بدفع المتظاهرين/ات وركلهم/ـن ومن ثمّ توقيف واقتياد بعضهم/ـن إلى مراكز الاعتقال،4 حيث تمّ إذلالهم/ـن نفسياً وجسدياً، وحرمانهم/ـن من الماء والرعاية الطبّية، فضلاً عن التحرّش ببعضهم/ـن. بحسب تقريرٍ لممثلي الهيئة الوطنية لمنع التعذيب: "أُخضع أغلب المعتقلين/ـات لفحصٍ شخصي، يتضمّن تجريدهم/ـن من ملابسهم/ـن وجلوس القرفصاء. (...) لم يُـ/تُعرَض المعتقلون/ـات الذين/اللاتي يعانون/ـين مشاكل صحية للفحص الطبّي. ومُنع هرمون التستوستيرون عن أحد/ إحدى المعتقلين/ـات العابرين/ات والذي كان من المفترض أن يُعطى له/ـا نهار الاعتقال في مركزٍ طبّيٍ متخصص".5 مُنع المعتقلون/ـات من حقهم/ـن في الحصول على دعمٍ قانوني، فنظّمت جمعية "الحب لا يفرّق" (بالبولندية: Stowarzyszenie Miłość Nie Wyklucza)6 بالتعاون مع مبادرة "كوير تور"7 وتحالف مناهضة الفاشية (بالبولندية: Koalicja Antyfaszystkowska)8 تظاهرةً مشتركةً رفعت شعار "لستم/ـن وحدكم/ـن! معاً ضد رهاب الكويرية"9 أمام قصر الثقافة بميدان دفيلاد. تجمّع أنصار الكويرية والنسوية في قلب وارسو للتعبير عن تضامنهم/ـن مع كل الكويريين/ـات في بولندا، ولشجب العنف المتفلّت الذي أطلقته الحكومة اليمينية وذراعها الأمني ضد أكثر أطياف المجتمع تهميشاً وهشاشة.

قامت المحكمة الدستورية في بولندا في أعقاب التظاهرة بتجريم إجهاض الأجنّة المشوّهة في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020. إلا أنه وفي اليوم التالي اندلعت تظاهراتٌ حاشدة في أنحاءٍ مختلفة من البلاد، وتجمّع/ـت المتظاهرون/ات أمام منزل زعيم حزب القانون والعدالة ياروسلاف كاتشنسكي الكائن بشارع أداما متسكيفيتشا بمدينة وارسو. انتظمت مبادراتٌ نسائيةٌ شعبيةٌ عديدةٌ غير رسمية وغير حزبية من بينها "تحالف نساء كلّ بولندا" (بالبولندية: Ogólnopolski Strajk Kobiet, OSK)10 في موجةٍ تلقائيةٍ من التظاهرات الاحتجاجية المندّدة بالحكومة. وفي حين اشتعل فتيل التظاهرات الكبرى نهار 23 تشرين الأول/ أكتوبر، شهدت الفترة من 19 تشرين الأول/ أكتوبر تظاهرات أصغر في كل من وارسو وكراكوف اتخذت أشكالاً عدّة من بينها التظاهر بالسيارات. تواصلت التظاهرات يومياً حتى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر،11 وشملت مدناً عدّة داخل وخارج بولندا.12 استمهل "تحالف نساء كلّ بولندا" الحكومة حتى 28 تشرين الأول/ أكتوبر للعدول عن قرارها، إلا أنها لم تستجب. فجاء الردّ بعد يومين بأكبر تظاهرةٍ شهدتها بولندا منذ العام 1989 للمطالبة بحقوق النساء في العدالة الإنجابية. خرجت التظاهرات في عديدٍ من المدن داخل بولندا وخارجها، وكان حجمها موضوعاً لتغطيةٍ صحافيةٍ عالمية: قرابة مائة ألف متظاهر/ة في شوارع وارسو وحدها،13 فيما بات يُعرف لاحقاً بـ"مسيرة الزحف الكبير إلى وارسو" (بالبولندية: Wielki marsz na Warszawę).14 شهد التجاوب الإعلامي والشعبي الكبيرين على أهمية التظاهرة وعلى الاهتمام الواسع بتطور تشريعات تجريم الإجهاض في بولندا، بدءاً من قانون تنظيم الأسرة عام 1993 والذي استهدف، لدواعٍ اقتصادية واجتماعية، إحباط إمكانية الإجهاض بشكلٍ ملحوظ.15

  

تظهر الخريطتان المرفقتان مواقع التظاهرات التي نظّمها "تحالف نساء كل بولندا" في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2020. تظهر يساراً مواقع التظاهرات في بولندا، ويميناً التظاهرات في الخارج (بشكلٍ أساسي في أوروبا، إلا أن مظاهرات عدّة خرجت أيضاً في كل من أستراليا وأميركا وإفريقيا وآسيا).16

 

ويُعَدّ قانون تجريم الإجهاض لعام 1993 أساسياً لفهم السياق التاريخي لتظاهرات العام 2020. فدوافع المتظاهرين/ات التي ظهرت أخيراً على السطح خلال العام الفائت، تعود جذورها في واقع الحال إلى مطلع التسعينيات. فالقانون الأول لتجريم الإجهاض في بولندا كان قد أُجيز خلال فترة التحوّل عقب انهيار النظام الاشتراكي، حينها كان الإجهاض لا يزال حقاً قانونياً مشروعاً. كان هذا ثاني القوانين التي سنّتها حكومة ليخ فاليسا، زعيم المعارضة الديموقراطية إبان نظام جمهورية بولندا الشعبية، وهو أيضاً مؤسسٌ مشاركٌ للاتحاد التجاري المستقل ببولندا. إلا أن التظاهرات التي أعقبت صدور القانون كانت محدودةً بعض الشيء كما توضح جوانا ميشتال (2015، ص. 102-114) نتيجة غياب نخبةٍ نسويةٍ متوحّدة حول هدفٍ محددٍ كالعدالة الإنجابية مثلاً قبل العام 1989. خلال الحقبة الاشتراكية وتحت مظلّة النسوية الدولتية،17 كان الإجهاض حقاً قانونياً عاماً ومكفولاً، وبالمثل كان صرف أدوية منع الحمل بموجب نظام الضمان الصحّي، وكذا تدريس التوعية الجنسية بالمدارس العامة. لذا لم تكن هناك حاجةٌ لإدراج تلك الحقوق الإنجابية تحديداً ضمن مطالبات النضال النسوي البولندي. لم تختف أدوية منع الحمل من نظام الضمان الصحّي إلا بعد 1989، وفي نفس المرحلة اختفت صفوف التوعية الجنسية من نظام التعليم العام، واستبدلتها الحكومة الجديدة المحافظة بصفوف إلزامية للتربية الكاثوليكية (ص. 58-63). بعد صدور قانون تنظيم الأسرة عام 1993، وكما تشير ميشتال، جرت محاولاتٌ عدّة غير ناجحة لإقرار قانون يجرّم الحق في الإجهاض عام 2007 أثناء الدورة الخامسة لانعقاد البرلمان البولندي والتي جاءت بأغلبية محافظة (ص. 184-189)، ثم مجدداً في العام 2016 عندما تقدّمت جمعية "أوردو أوريس" الكاثوليكية المحافظة بمشروع قانونٍ بعنوان "أوقفوا الإجهاض".18

قُدِّمت استمارة التسجيل لعضوية اللجنة التشريعية المختصة بدراسة مشروع القانون إلى رئيس البرلمان في 14 آذار/ مارس 2016، وتضمّنت فقرات ملحقة بمسودة القانون تطالب بمنع وتجريم الإجهاض بشكلٍ تام (نافويسكي، 2019، ص. 5). ردّاً على ما جاء بالمسودة، قامت مجموعات من النشطاء أول نيسان/ أبريل 2016 بإنشاء عددٍ من الصفحات على موقع "فايسبوك"، كان من بينها مجموعة "فتيات لدعم الفتيات" (بالبولندية: Dziewuchy Dziewuchom) والتي حظيت بمتابعة عددٍ كبيرٍ من روّاد الموقع في ساعات قليلة.19 في نهار 26 أيلول/ سبتمبر 2016، أنشأ "تحالف نساء كل بولندا" صفحته على "فايسبوك" واستهلّت لجان التحالف المحلية عملها بتشجيع النساء على التظاهر لإسقاط مسودة القانون. وبهذا خلق التحالف حراكاً عاماً بطول البلد وعرضها استعداداً للحدث الكبير المخطط له في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، والذي سُيعرف لاحقاً باسم التظاهرات السوداء.20

 

مظاهرات الغضب والعاطفة

شكّلت التظاهرات الحاشدة التي دعا إليها "تحالف نساء كل بولندا" وغيره من التجمعات خلال التظاهرات السوداء عام 2016 اللبنة التي سترتكز عليها مظاهرات العام 2020. إذ أنها، كما تلحظ غريتا غوبر ويوستينا ستروجك (2018، ص. 130-148)، شكّلت الإطار التنظيمي لحشد النساء داخل بولندا كما النساء في مجتمعات الشتات البولندي حول العالم. برزت أهمية الحراك النسوي العابر للحدود القومية، لا سيّما الدور الذي لعبه "تحالف نساء كل بولندا" لخلق الروابط وتقريب المسافات بين الحدود والتظاهرات المختلفة (المرجع نفسه، ص. 131). تشير غوبر وستروجك أيضاً إلى أهمية المشاعر التي وسّعت دائرة الحراك إلى خارج بولندا أثناء التظاهرات السوداء ولاحقاً في غيرها من التظاهرات المتعلقة بالحق في الإجهاض (2018، ص. 141-142):

كان غضب وعاطفية التظاهرات عاملَين أساسيين لتشجيع النشطاء على الاشتراك في التظاهرات السوداء. (...) فتلك المشاعر التي حفّزتها الأحداث هي التي دفعت بالتظاهرات السوداء إلى خارج بولندا.

بالنسبة لغوبر وستروجك، فإن الإحساس بالمسؤولية والمشاعر النابعة من التجارب الشخصية بالتوازي مع غضب النشطاء، شكّلوا معاً القوة الدافعة لتحركات تحالف نساء كل بولندا. ما كان من شأنه صياغة هويةٍ عابرةٍ للقوميات خلال فترة التعبئة العامة (المرجع نفسه، ص. 142-144). إذاً لم تهدف التظاهرات التي نظّمها التحالف إلى تشكيل مجموعاتٍ نسويةٍ خارج الحدود، بقدر ما أسهمت بإلغاء تلك الحدود بين المجموعات النسوية القائمة بالفعل في بلدانٍ مختلفة، ومن ثمّ تكوين هيكلٍ تنظيميٍ نسويٍ للنضال من أجل العدالة الإنجابية سيتّضح دوره لاحقاً في مظاهرات 2020.

تمتد الرقعة الجغرافية للتظاهرات المناهضة لمسودة قانون "أوقفوا الإجهاض" على تنوّع واتساع الدوافع العاطفية للعمل النسوي. وكما تلحظ كلّ من كتارجينا إيفانيوك وألكساندرا كنابيك وملغورجاتا فاخوفسكا (2019، ص. 95) بشأن الممارسات المناصرة للحق في الإجهاض لمجموعة "فتيات لدعم الفتيات":

قوبلت محاولات تجريم الإجهاض التي دفعت بها جمعية "أوردو أوريس" (كورلوتشوك وآخرين 2019) عبر البرلمان البولندي عام 2016 بمعارضةٍ اجتماعيةٍ واسعة، نتج عنها تنظيم حراكٍ نسائيٍ غير مسبوق قبل 1993.

بالنسبة لإيفانيوك وكنابيك وفاخوفسكا كان البعد الجغرافي للتظاهرات مرتبطاً بشكلٍ وثيق بالبعد العاطفي. ويظهر التحليل التقاطعي لتاريخ مجموعة "فتيات لدعم الفتيات" المنحى العاطفي للمجموعة إزاء التحوّلات الاجتماعية والسياسية فيما بعد 2016، وهو ما عبّرت عنه بشكلٍ خاص الرغبة الملحّة في تغيير وضع المجموعات المهمّشة في بولندا. وكما أوضحت الكاتبات، كانت دوافع مناصرة الحق في الإجهاض نابعةً من السِيَر الشخصية للمتظاهرات، وبشكلٍ خاص من معايشتهن لتحوّل بولندا في مرحلة ما بعد الاشتراكية، أو من هجرتهن إلى بلادٍ كان الإجهاض فيها مباحاً خلال عقد التسعينيات. تتصل هذه الدوافع كذلك بالعمق المحلّي للمجموعات الشعبية الفاعلة على الأرض، بما في ذلك مواردها اللوجستية وقدرتها على التواصل بشكلٍ فعّال. وربما من المهم أن ننوّه إلى أن الكاتبات الثلاث لمقال "مقاربة تقاطعية للحراكات الاجتماعية الجديدة بعد الإثنين الأسود" (بالإنكليزية:The Intersectionality Approach in New Social Movements After Black Monday) حرصن على الانخراط العاطفي في التظاهرات كباحثاتٍ ومناضلات على السواء. فثلاثتهن كنّ قد وُلدن في بولندا خلال الثمانينيات. ورغم كونهن لم يشهدن الحقبة التي كان الإجهاض فيها حقاً مكفولاً، فقد عرفن عنه بكل الأحوال من أمّهاتهن وجدّاتهن وعمّاتهن وخالاتهن، وكذا من الصديقات والأقارب، اللاتي يتذكّرن جيداً زمناً كان الإجهاض فيه متاحاً من جانب، بالتوازي مع تقنين حصص الطعام والنضال من أجل إنهاء النظام الاشتراكي من جانبٍ آخر (المرجع ذاته، ص. 99). بمعزل عن هذا، فالكاتبات الثلاث عضواتٌ في مجموعة "فتيات لدعم الفتيات"، ما يعني أنهن مشاركاتٌ في الحراك على الأرض وفي الوقت ذاته ضالعاتٌ في نشر ودعم ممارسات المقاومة. لذا، ورغم أن الباحثات لم يذكرن الإثنوغرافيا الذاتية أو الأدائية ضمن منهجيات بحثهن، فإن بحثهن ينضح بها.

 

الإثنوغرافيا الذاتية للتظاهرات

في كتابها "تغيير العالم/ الكلمة: الخطاب والسياسة والحركة النسوية" (بالإنكليزية:Changing the Wor(l)d: Discourse, Politics, and the Feminist Movement) تقول ستايسي يونغ إن الإثنوغرافيا الذاتية "تدمج كلّ من السيرة الذاتية والبحث النظري مع حاجة الكاتب/ـة للتموضع داخل تواريخ الاستبداد والمقاومة" (1997، ص. 69). من هنا تعود لورين فورنييه (2021) إلى ستايسي يونغ لتوضح أن الإثنوغرافيا الذاتية تُشير إلى نمطٍ من الكتابة متجذّرٌ في الحراك النسوي وخطاب الحقوق المدنية. ولتؤكد أيضاً على السمة الجسدية للبحث الميداني، والتي تكشف، في حالة الدراسات النسوية، عن وعي الباحث/ـة بموقعه/ـا النقدي. في كتابها "التنظير الذاتي كممارسة نسوية في الفن والكتابة والنقد" (بالإنكليزية:Autotheory as Feminist Practice in Art, Writing, and Criticism)، تعود فورنييه إلى كتابات إليس وأدامز وبوشنر (ص. 36-36) لتشرح:

في الإثنوغرافيا الذاتية، يحاول المرء "فهم الخبرات الثقافية (إثنو) عبر الوصف والتحليل المنهجي (غرافيا) للتجارب (الذاتية)" (إليس وأخريات، 2011، 1). يعني ذلك اشتمال الذات وتموضعها بالتركيز النقدي اللازم، في الوقت الذي تضيف فيه الإثنوغرافيا الأدائية وعياً بجسد الباحث/ـه اكتسبته من دراسات الأداء.

بالنظر إلى هذه التعريفات، اعتمدْتُ الإثنوغرافيا الذاتية كمنهجيةٍ لهذا الجزء المهم من بحثي الاستقصائي حول التظاهرات المناصرة للحق في الإجهاض عام 2020. شاركتُ في أغلب هذه التظاهرات كامرأةٍ ونسويةٍ وباحثةٍ وعاملةٍ بالحقل الثقافي، مع أصدقائي وصديقاتي من 23 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر. فضلاً عن التظاهرة الأولى في شارع أداما متسكيفيتشا، والتي دعا إليها "تحالف نساء كل بولندا" تحت شعار "إنّها الحرب!" (بالبولندية: To jest wojna!)، تظاهرنا أمام المحكمة الدستورية والبرلمان البولندي وقصر الرئاسة ومقرّ التلفزيون الوطني، وأمام عددٍ من مقار مؤسسات الدولة والوزارات والكنائس وبيوت السياسيين من حزب "القانون والعدالة". وبصحبة آلاف من المتظاهرين/ات قمنا باحتلال عددٍ من شوارع وجسور وارسو بدءاً من نهار 26 تشرين الأول/ أكتوبر بهدف الضغط على الحكومة لتشريع الحق في الإجهاض والتربية الجنسية وموانع الحمل والمطالبة بالدولة العلمانية. بالإضافة للمطالبة بالحقوق الإنجابية، طالبنا أيضاً المحكمة الدستورية والمحكمة العليا بحماية النساء وأفراد مجتمع الميم من العنف.21 كطالبة دكتوراه وعاملةٍ بالحقل الثقافي، تظاهرت مع الاتحادات العمالية وقمت بتوقيع عرائض وبيانات مختلفة صادرة عن المجتمع العلمي حول قرار المحكمة الدستورية في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وفي عددٍ من المرات شاركت وشجعت على توقيع هذه العرائض عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي. كما قمت بإرسال شكاوىً رسمية حول انتهاك حقوق النساء في بولندا، كان قد أعدّها فريقٌ قانونيٌ بالتعاون مع "منظمة الاتحاد من أجل النساء وتنظيم الأسرة"، إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ.

خلال مشاركتي في التظاهرات، وبينما ألتقط الصور ومقاطع الفيديو، حاولت أن أجمّع الذكريات الجماعية والمشاعر المختلفة والمتداخلة؛ مشاعري ومشاعر من حولي أيضاً، وخصوصاً ما كان يضطرم في نفسي من الغضب. كان هناك أيضاً شعورٌ بالقلق عند كل شارعٍ جديد ندلف إليه، لم نكن نتوقّع كيف سيكون ردّ فعل الشرطة، هل سيتركوننا نمرّ أم سيلجؤون إلى العنف والاعتقالات. بعد العودة من الشارع، كنت أسجل ملاحظاتي في عباراتٍ وإشاراتٍ تلخّص ما كان يعتمل في ذهني حينها، وكنت أفكّر في إمكانية تحويل هذه الملاحظات إلى أرشيفٍ من اللحظات الثورية يؤرخ للتظاهرات النسوية والكويرية الجارية في بولندا. إلا أنني خَلصتُ في نهاية الأمر إلى أرشيف هشيمٍ وزائل.22

 

تجميع لحظات الثورة

كما تلحظ سارة أحمد في كتابها "أن نحيا حياة نسوية" (بالإنكليزية: Living a Feminist Life) يحيل الأرشيف النسوي إلى جسمانية الحركة في العالم. يبدأ الأمر من الجسم البشري ذاته؛ من اتصاله بالعالم المحيط ومن تفاعله المادّي والعاطفي مع المعوقات الزمنية (كالعجز عن إتمام ما أُوكل إليك من مهامٍ في الوقت المحدّد) والمكانية (كالعجز عن الوصول إلى مكانٍ ما في الفضاء العام). ترى أحمد النسوية كشكلٍ من أشكال التركيب الذاتي فتقول (2017، ص. 17):

أفكّر في النسوية كأرشيفٍ هش، كجسدٍ مركّبٍ من نِثارٍ وشظايا، كأرشيفٍ تُلزِمنا هشاشته بمسؤولية العناية به.

تفهم أحمد النسوية إذاً كأرشيفٍ هشٍ وحساس من العلاقات، يُبنى بشكلٍ مشترك بدافع المسؤولية والاهتمام. إلا أن هذه الهشاشة لا تعني بالضرورة انتفاء العناد، لا سيّما فيما يخص ممارسات النسوية المثلية للأرشفة (المرجع ذاته، ص. 222):

أرى النسوية المثلية كأرشيفٍ للعناد؛ أرشيفٌ حيًّ ونابضٌ بالنشاط، مجمَّعٌ ومخلّقٌ من تجاربنا الخاصة إزاء ما ثُرنا ضدّه (...).

في هذا الصدد، وبالإشارة إلى أدريان ريتش، تُطوّر أحمد مفهوماً خاصاً عن القصاص النسوي، يتسع لممارسة الحيطة والرعاية كما المقاومة من خلال الاعتصامات والاحتجاجات والتظاهرات والكتابة ومناهضة العنف وطرح الأسئلة ومساءلة الأعراف. ففي ظل التطبيع الاجتماعي للغيرية الجنسية والأبوية والعنصرية، تتحوّل الحيرة السياسية إلى نوعٍ من التنظير المُمارَس (المرجع نفسه، ص. 133).

بالعودة أيضاً إلى مفهوم أحمد عن الأرشيف الهش، يتساءل بول ريكاردو في كتابه "مدمن على التستوستيرون: الجنس والمخدرات والسياسة الحيوية في عصر البورنوغرافيا الدوائية" (بالإنكليزية: Testo Junkie: Sex, Drugs, and Biopolitics in the Pharmacopornographic Era) كيف يُمكن للمعرفة النسوية والكويرية والعابرة أن تتجسد كممارسةٍ مادية وكشكلٍ من أشكال التجريب الجماعي. ينتقد ريكاردو مفهوم جورجيو أغامبن عن "الحياة المحضة" فيؤكد على أن الجسد البشري ليس "محضاً" ولا يمتلك طبيعةً ثابتة غير قابلةٍ للتغيّر (2013، ص. 395). وعند تحليل العلاقة بين التجربة الجسمانية وعملية تطوير المعرفة، يطرح برسيادو ضرورة أن نفكّر في الجسم البشري كنظامٍ عضويٍ تقني؛ كأرشيفٍ سياسي حيوي وكطرفٍ اصطناعيٍ ثقافي. لذا، فإن أيّ فعلٍ للمقاومة يجب أن يستهدف تحويل الأجساد من أجل خلق أرشيفٍ سياسيٍ حيّ مشتركٍ ومفتوح (ص. 389).

تكتسب أفكار برسيادو عن الميكروسياسة النسوية العابرة، والتي يصفها كسياسة جندرية ذات حقوق نشرٍ متاحة، أهميةً خاصة في سياق الدفاع عن العدالة الإنجابية في بولندا. فالسياسة الجندرية المتاحة للنشر تعني أن التحويل الدوائي للأجساد هو أيضاً أداةٌ للمقاومة تهدف إلى خلق أرشيفٍ سياسيٍ تشاركيٍ مفتوح، وهو ما يشكّل رافعةً فكريةً للاحتجاجات الشعبية على تجريم الإجهاض عام 2016. فبالإضافة إلى النضال من أجل إتاحة الإجهاض بشكلٍ قانوني في المستشفيات العامة في تظاهرات عام 2020، طالبنا أيضاً بإتاحة العقاقير الدوائية المحفّزة للإجهاض بشكلٍ قانوني. إذ تشيع حالياً ممارسة الطب النسائي بشكلٍ غير رسمي في الدوائر النسوية البولندية، عبر استحضار محفّزات للإجهاض كعقار ميفبريستون وميزوبروستول من الخارج. يسري على هذه الممارسات الطبّية الراديكالية قول برسيادو عن ضرورة خلق الصالح الدوائي العام حين تجرّمه السلطة. وتمثّل أبرز الأمثلة على ذلك مجموعة "فرقة الإجهاض" (بالإنكليزية: Abortion Dream Team) وهي مبادرةٌ نسويةٌ غير رسمية تتيح للنساء البولنديات الحصول على محفّزات الإجهاض بشكلٍ آمن وتعمل على التوعية بشأنها.23

على شاكلة برسيادو وأحمد، أود أن أفكر في الأجساد المتظاهرة كأرشيفٍ حيٍّ مفتوح للسياسة. بالإحالة إلى البعد الجسماني لعملية الأرشفة، يُبرز الكاتبان مفهوم الجذور الجسمانية والعاطفية المشتركة من جانب، كما يركزان على مفهوم التركيب الذاتي للأرشيف الحي من جانبٍ آخر. في حالة برسيادو هي سياسةٌ جندريةٌ متاحة النشر، وفي حالة أحمد هي النثار والشظايا كصورةٍ للمقاومة النسوية والكويرية. ومع عناد الثورة والعصيان، يعي الكاتبان أيضاً هشاشة تلك الأرشفة الجسدية، إذ توضح أحمد (2017، ص. 163):

أريد هنا أن أنظر للهشاشة كأحد أعراض التلف والإهلاك الناتج عن العيش كنسوية. فجزءٌ مما يجعل التنوّع فعّالاً هو الجهد المبذول لإيجاد طرقٍ للصمود أمام ما نثور ضدّه؛ طرقٍ للاستمرار ومعاودة العمل مرةً تلو الأخرى في وجه ما يبدو غير قابل للتغيير.
قد يهشّمنا ذلك الذي نثور ضدّه.
إلا أننا سنقوم في وجهه مجدداً.
قد يرهقنا ذلك الذي نثور ضدّه.
إلا أننا سنقوم في وجهه مجدداً.
لا عجب أن نشعر بالإنهاك. وأقصده هنا مادياً ومعنوياً، بمعنى ألا تعود لدينا القدرة على مواصلة العمل
في وجه ذلك الذي نثور ضدّه.

تستقي أحمد هنا من أفكار غلوريا أنزالدوا، إذ تؤكد على الطاقات الكامنة في لحظات الانكسار العاطفي، وتصف التبعات العاطفية للنضال النسوي محمولةً على جناج السياسات النسوية، والتي أفهمها هنا كممارسةٍ مناوئة لاستبداد الدولة. لذا ورغم شعورنا بالإجهاد والقلق والتشظي خلال التظاهرات كان كل يومٍ جديد من التظاهر فرصةً لاختبار طرقٍ جديدةٍ للنضال من أجل العدالة الإنجابية. كان عملنا المقاومة، والتي خلقت، كما تشير أحمد، سياسات نسوية للهشاشة أكسبتنا القدرة على الصمود وبناء العلاقات رغم نقاط الضعف والاختلاف، أو ربما عليها في واقع الحال (المرجع نفسه، ص. 183).

 

الأرشيف الزائل للحظات الثورية

بعد عامٍ تقريباً من التظاهرات، كان لابد لي من مساءلة فرضيات تلك المحاولة لبناء أرشيفٍ يوثّق انخراطي في التظاهرات. عند العودة لما التقطته من صورٍ وما سجّلته من مقاطع فيديو وملاحظات، أدهشني الشعور بفقدان كل رابطٍ مع تلك المواد التي كنت قد جمعتها قبل أشهرٍ فقط. كما لو كنت قد فقدت الذاكرة أو انقطعت صلتي بهذا الأرشيف بعد انحسار التظاهرات. اكتسب الأرشيف معنىً جديداً كلياً، وشعرت حينها بالتبعات الجسمانية العاطفية للسياسات النسوية للهشاشة التي تخبر عنها سارة أحمد.

منذ أن باشرت الحكومة البولندية تخفيف الإجراءات الوقائية المتعلقة بجائحة كورونا، بدأتُ ألتقي أكثر فأكثر بمَن تظاهرتُ معهن العام السابق، ومنهن صديقات طفولتي، وزميلات بالعمل والجامعة. تذكّرنا وجودنا معاً في ساحات التظاهر، وبدا كما لو كانت مشاعر الإحباط والخوف والغضب التي صاحبت هذا الوجود قد عادت، إلا أنها جلبت معها أيضاً الرغبة في التضامن والمقاومة. في حديثٍ مع صديقتي من نفس البلدة، استرجعنا ذكريات التظاهرة التي أعقبت اعتقال مارغو، وتحدّثنا عمّا دار بخلدنا قبلها. تذكّرنا عدداً من التفاصيل المروّعة التي رواها شهود العيان عن هجماتٍ لمجموعاتٍ فاشيةٍ متطرفة وعن العنف المفرط للشرطة وعن استجواب السلطات واعتقالها مشاركين/ـات سلميين/ـات من بيوتهم/ـن. كانت مشاعر الإحباط والغضب والخوف مرتبطةً بقمع أفراد مجتمع الميم في الفضاء العام، والذي فاقمته الحملة السياسية العنيفة التي تزعمتها الحكومة اليمينية.

ذكّرني ذلك بكل لحظات الهشاشة والشعور بالإنهاك خلال التظاهرات في مواجهة الشرطة وعنفها، وصلف المجموعات اليمينية التي كانت تجوب شوارع المدينة حينها. إلا أنه ذكّرني أيضاً بضرورة إيجاد طرقٍ للمحاولة من جديد، كمتابعة قراءة توصيات صفحات المنظمات غير الحكومية ومجتمع الميم على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتابة أرقام هواتف محاميّ المبادرات الشعبية على أذرعنا، والتراص في صفوف متقاربة أثناء التظاهر. بدا الأمر كما لو كان الأرشيف قد أعاد بناء نفسه في هذه اللحظات من التذكّر، وأن هذه الذكريات لا يمكن استرجاعها إلا ونحن معاً.

أدركت من خلال تجربة بناء أرشيفٍ لحركات المقاومة الشعبية كيف يُسترجع التاريخ من الجسد؛ من الذاكرة ومن الذكريات المفصلية، ومن خلال المشاعر التي تتخطى اللغة والصور. بالنظر إلى البعد الزائل والهش للأرشيف الثوري، كما تخبرنا أحمد وبرسيادو، يكمن جواب السؤال حول إعادة بناء التاريخ الثقافي المناوئ في الاسترجاع الجمعي والحواري للتاريخ. فالأرشيف يعيد بناء نفسه مع من خرجنا معهم/ـن إلى الشوارع.

 

صور لتظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر (من تصويري). بالأعلى: المسيرة عبر ميدان الصلبان الثلاث في وسط وارسو. بالأسفل: تظاهرة بالقرب من مقر مجلس الوزراء بشارع بلفدرسكا.

صورة لتظاهرات ليلة 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 (من تصويري). إغلاق الطرقات والجسور المؤدية إلى مستديرة شارل ديغول بوارسو.

صور للافتات وحمالة معدنية رمزية من إعداد إحدى الصديقات استعداداً لتظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2020 (من تصويري). تصوّر اللافتتان صاعقة حمراء وزّعها المتظاهرون/ات وخصوصاً من "تحالف نساء كل بولندا".

 

  • 1. منذ وصوله إلى الحكم، قوّض حزب القانون والعدالة سلطة القانون، بدءاً بالهجوم على المحكمة الدستورية المستقلّة مروراً بإحكام السيطرة على مقاعد النائب العام والمحكمة العليا وصولاً إلى الإخفاق في الالتزام بأحكام محكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. للمزيد من التفاصيل، يمكن الاطلاع على تقرير مبادرة المحاكم الحرّة: https://wolnesady.org/files/2000dnibezprawia_internet.pdf (الكاتبة).
  • 2. تأسست منظمة "برو – الحق في الحياة" بادئ الأمر كمنظمةٍ مناهضةٍ لحق النساء في الإجهاض. إلا أنها تحولت في العام 2019 للترويج لمحتوىً معادٍ للمثلية عبر شاحنات تجول شوارع الحواضر البولندية.
  • 3. الحملة المناهضة لعداء المثلية هي مؤسسة غير حكومية تعمل على مكافحة التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية في المجتمع البولندي وتدعم النضال من أجل حقوق مجتمع الميم والعابرين/ات. للمزيد من المعلومات: https://kph.org.pl
  • 4. بحسب مارتا نوفاك، "طلبت أن تقوم ضابطة بتفتيشها، فقام رجال الشرطة باصطحابها بعيداً، وكنا نسمع صراخها طوال الوقت". نقلاً عن أوكو برس: https://oko.press/prosila-zeby-przeszukiwala-kobieta-zabrali-ja-policjanci-caly-czas-slyszelismy-jej-krzyk بحسب مارتا نوفاك أيضاً، "ضرب رجال الشرطة رأسها بالأرض وحملوها مضرجة في دمائها. في الوقت ذاته جرى اعتقال مجموعة من نشطاء مجتمع الميم". نقلاً عن أوكو برس: https://oko.press/trwa-lapanka-obroncow-aktywistke-lgbt
  • 5. "قام ممثلون عن الهيئة الوطنية لمكافحة التعذيب بزيارة مراكز الشرطة حيث احتجز المتظاهرون/ات ليلة أمس في وارسو". الموقع الرسمي لمكتب المدعي بالحق العام: https://www.rpo.gov.pl/pl/content/kmpt-wizytuje-policyjne-miejsca-detencji-po-nocnych-zatrzymaniach-w-warszawie
  • 6. جمعية "الحب لا يفرق" هي منظمة وطنية غير حكومية تطالب بحقوق أفراد مجتمع الميم في الزواج في بولندا. للمزيد من المعلومات: https://mnw.org.pl/en
  • 7. تصف مبادرة "كوير تور" نفسها كمبادرة شعبية غير هادفة للربح تهدف إلى تنظيم زيارات إلى "أماكن آمنة لمجتمع الميم" والتأهيل الاجتماعي: https://www.facebook.com/Queer-Tour-102643847750287/?ref=page_internal
  • 8. يصف تحالف مناهضة الفاشية نفسه كـ"تحالف من أفراد ومؤسسات ومشاريع وبيئات مختلفة، يقف خلف هدف واحد هو مناهضة الفاشية في شكلها المعاصر: اليمين المتطرف." المصدر: https://www.facebook.com/koalicjaantyfaszystowska/?ref=page_internal
  • 9. تظاهرة بعنوان "لستم/ـن وحدكم/ـن // معاً ضد رهاب الكويرية" (بالإنكليزية: You will never walk alone! // In solidarity against queerphobia) على موقع فايسبوك: https://www.facebook.com/events/327968261895555
  • 10. "تحالف نساء كل بولندا" هو حركة نسوية اجتماعية مستقلة تأسست في بولندا عام 2016. بدأت عملها كردة فعل رافضة لتمرير البرلمان البولندي لقانون "حماية المرأة" ومشروع "أوقفوا الإجهاض" المنبثق عنه. للمزيد من المعلومات: http://strajkkobiet.eu/co-robimy
  • 11. شهد شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020 تجمعات كبيرة للمتظاهرون/ات أمام مؤسسات سياسية عامة وخروجهم/ـن في مسيرات حاشدة في شوارع المدن البولندية الكبرى. تراجعت كثافة التظاهرات في النصف الثاني من الشهر نفسه، قبل أن تشتعل مجدداً في كانون الثاني/ يناير 2021 على خلفية قرار المحكمة الدستورية العليا بتجريم الإجهاض، والذي نشرت حيثياته في الجريدة الرسمية في 27 كانون الثاني/ يناير 2021. للمزيد من المعلومات: حكم المحكمة الدستورية المؤرخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وسم الملف K/120، الجريدة الرسمية، 27 كانون الثاني/ يناير 2021. المصدر: https://dziennikustaw.gov.pl/DU/2021/175
  • 12. اندلعت المظاهرات في أكثر من مائة مدينة خارج بولندا. المصدر: http://strajkkobiet.eu/mapa-wydarzen
  • 13. Anatol Magdziarz, Marc Santora, “Women Converge on Warsaw, Heightening Poland’s Largest Protests in Decades,” nytimes.com: https://www.nytimes.com/2020/10/30/world/europe/poland-abortion-women-protests.html Christian Davies, “Pro-choice supporters hold biggest-ever protest against Polish government,” theguardian.com: https://www.theguardian.com/world/2020/oct/30/pro-choice-supporters-hold... Masha Gessen, “The abortion protests in Poland are starting to feel like a revolution,” newyorker.com: https://www.newyorker.com/news/our-columnists/the-abortion-protests-in-p...
  • 14. اندلعت مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2020 على نطاق واسع، وشملت مدناً أخرى بخلاف وارسو. في 28 تشرين الأول/ أكتوبر على سبيل المقال، سجلت الشرطة 410 تظاهرة في أنحاء البلاد، شارك فيها أكثر من 430 ألف متظاهر/ة. للمزيد من المعلومات: https://www.gazetaprawna.pl/wiadomosci/artykuly/1494857,komendant-glowny-policji-o-protestach-zatrzymano-blisko-80-osob-prowadzonych-jest-ponad-100-postepowan-ws-dewastacji.html
  • 15. صدر القانون رقم 17 لسنة 1993 والمتعلق بتنظيم الأسرة وحماية الأجنة البشرية وشروط الإجهاض في 7 كانون الثاني/ يناير 1993 ودخل حيز التنفيذ في 14 آذار/ مارس 1993.
  • 16. الخرائط من إنتاج "تحالف نساء كل بولندا". للمزيد من المعلومات حولها: http://strajkkobiet.eu/mapa-wydarzen
  • 17. تبلور هذا المُصطلح عام 1987، كما ويُمكن الإشارة إليه بـ "النسوية في ظل رأسمالية الدولة/مُعسكر الدول الإشتراكية سابقًا"، حيث كان للنسوية جذورٌ مؤسسية راسخة في البُنيتين التحتية والفوقية داخل الدولة. ويُعتبر هذا المفهوم جُزءاً من جُملة مفاهيم تُحاول تفكيك أنظمة/مُنتظمات الجندرية الحديثة والمُعاصرة (مديرة الترجمة).
  • 18. للمزيد من المعلومات حول مسودة القانون التي تقدمت بها جمعية "أوردو أوريس"، انظر: https://ordoiuris.pl/stop-aborcji
  • 19. المرجع نفسه. للمزيد من المعلومات حول هذه المجموعة: https://dziewuchydziewuchom.pl
  • 20. المرجع نفسه. تحيل تسمية "التظاهرات السوداء" إلى الرمزية اللونية لتظاهرات الخريف. من ناحية قصدت المتظاهرات المتشحات بالسواد الإشارة إلى حداد رمزي على حقوقهن المفقودة. ومن ناحية أخرى، تصادف اصطحاب كثير منهن شمسيات سوداء اللون تحسباً للطقس الخريفي الماطر، ما طبع صور التظاهرة في الإعلام العالمي بالسواد.
  • 21. قائمة المطالبات التي قدمها "تحالف نساء كل بولندا" إلى الحكومة متاحة على هذا الرابط: https://docs.google.com/document/d/11NoAW_H1Jn7SHtkHDHm8quXBFnvOK9CoiR2j...
  • 22. ترجمة لـ "ephemeral - fragile" (مديرة الترجمة).
  • 23. للمزيد من المعلومات حول المبادرة: https://www.facebook.com/aborcyjnydreamteam
ملحوظات: 
المراجع: 

Sara Ahmed, “Living a Feminist Life,” Duke University Press, 2017.

Carolyn Ellis, Tony E. Adams, and Arthur P. Bochner, “Autoethnography: An Overview,” Forum: Qualitative Social Research 12, no. 1 (2011): 1.

Lauren Fournier, “Autotheory as Feminist Practice in Art, Writing, and Criticism,” The MIT Press, 2021.

Greta Gober, Justyna Struzik, Feminist transnational diaspora in the making. The case of the #BlackProtest, [in:] “Theoretical Practice. Feminist Movements in Central and Eastern Europe” edited by Kubisa, Wojnicka 4, no. 30, (2018).

Katarzyna Iwaniuk, Aleksandra Knapik and Małgorzata Wochowska, The Intersectionality Approach in New Social Movements After Black Monday – Practical Action and Analysis, [in:] “Women’s drowns 100 years of women's suffrage (1918-2018)” edited by Slany, Struzik, Ślusarczyk, Kowalska, Warat, Krzaklewska, Ciaputa, Ratecka, Król; Gender Studies UJ, 2019.

Joanna Mishtal, “The Politics of Morality. The Church, the State, and Reproductive Rights in Postsocialist Poland,” Ohio University Press, 2015, 102-104.

Radosław Nawojski, Calendar of Protests, [in:] “Female Revolt. Black Protests and Women Strikes” edited by Korolczuk, Kowalska, Ramme, Snochowska-Gonzalez, European Solidarity Center, 2019.

Paul Preciado, “Testo junkie: Sex, Drugs, and Biopolitics in the Pharmacopornographic Era,” The Feminist Press, 2013.

Julietta Singh, “No Archive Will Restore You,” punctum nooks, 2018.

Stacey Young, “Changing the Wor(l)d: Discourse, Politics, and the Feminist Movement,” Psychology Press, 1997.