الملكيات المؤقتة أو الملتبسة

السيرة: 

صوريا الكحلاوي، حاصلة على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية (EHESS). تشغل حاليًا زمالة "ماري سكودوفسكا-كوري" العالمية في جامعة غينت وجامعة بيرزيت. تركز أبحاثها على آليات نزع الملكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى تكوين حقوق الملكية. يهدف هذا المشروع إلى تقديم منظور مبتكر حول ديناميكيات التحوّل الاجتماعي والسياسي في المنطقة بعد عام 2011، مع التركيز بشكل خاص على المغرب وتونس وفلسطين. بالإضافة إلى ذلك، أنتجت الفيلم الوثائقي "المغاربة بلا أرض"، وكتبت العديد من المقالات، منها مقال في مجلة دراسات شمال إفريقيا بعنوان "المطالبة بحقهم في التملّك – مقاومة قبيلة كيش العوداية للاستيلاء على الأراضي". كما أنها الباحثة الرئيسية في مشروع Traab(www.traab.com)، الذي يُعنى برسم الخرائط وتصوير النزاعات العقارية في شمال إفريقيا.

اقتباس: 
صوريا الكحلاوي. "الملكيات المؤقتة أو الملتبسة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 11 عدد 1 (11 يناير 2025): ص. 15-15. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 18 يناير 2025). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/uncertain-properties-ar.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
ترجمة: 

كاتب ومترجم مستقلّ، عمل على ترجمة العديد من المقالات البحثية التي تتناول موضوعات أثرية مع باحثين أثريين ومع المديرية العامة للآثار. له عدة مساهمات في الكتابة والترجمة ضمن الحركة الشيوعية في لبنان.

kohl-10-dispossession-ar.jpg

أود أبو نصر - سَلب

تشير الملكيات المؤقتة أو الملتبسة إلى تلك الأصول التي تفتقر إلى الحماية القانونية ضمن نظام الدولة، مثل المستوطنات غير الشرعية وأراضي الشعوب الأصلية، ومخيمات اللاجئين وغيرها. يسعى هذا المفهوم إلى دمج تجربتي السابقة في المغرب وتونس مع التراث الفلسطيني، وذلك من أجل فهم ظاهرة نزع الملكية في إطار الصراع الأوسع حول الملكية. أهدف من خلال المفهوم إلى توفير إطار تحليلي يساهم في رسم خرائط وتوثيق تاريخ تطوّر أشكال الملكية الملتبسة أو المؤقتة على تنوّعها في المجتمعات (ما بعد) الاستعمارية. يسعى هذا المفهوم إلى تقديم إطار تحليلي لرسم خرائط وتوثيق تاريخ ظهور أنماط الملكيّة هذه في المجتمعات (ما بعد) الاستعمارية. هنا تطفو ضرورة إعادة التفكير في النقاش حول أثر الاستعمار في تشكيل العلاقة بين الدولة والمجتمع الى السطح، حيث نأخذ في الاعتبار تجارب الشعوب المحرومة. يتوجّب علينا أن نتأمّل كيف تستمرّ السياسات الاستعمارية في حرمان مجتمعات لا تعدّ ولا تحصى من ممتلكاتها، والتي لا تتوافق مع المفاهيم الحديثة للملكية. إن هزال أنظمة حقوق الملكية الحديثة يعكس بجلاء آثار (ما بعد) تشكيل الدولة الاستعمارية، مما يؤدي إلى تفجير حلقة من الاحتجاجات من قِبل المجتمعات المظلومة.

لقد تمّ تناول الصراع القائم بين التشريعات الحكومية الحديثة، التي ظهرت بعد فترة الاستعمار، والقوانين العرفية التي تحكم المجتمعات المحلية، لا سيما في ما يتعلق بإدارة الأراضي الجماعية أو المشتركة (terres collectives)، في العديد من السرديات (الدوادة 2021). وقد أظهرت هذه السرديات كيف أنّ التحديث في التشريعات غالبًا ما يُستخدم كأداةٍ لتبرير الاستيلاء على ثروات تلك المجتمعات (كابور 2017). ومع ذلك، فقد أغفلت هذه التحليلات بروز القانون غير الرسمي في الهوامش الحضرية، حيث تمّ التركيز أساسًا على المناطق الريفية (ساور 2012). لقد شهد النظام التنظيمي القبلي تفكيكًا ونزعًا للشرعية خلال الحقبة الاستعمارية (أبو القاسم وآخرون 2018)، ولكن اليوم، بعد انقضاء أكثر من خمسين عامًا على إنهاء الاستعمار وقيام الدولة ما بعد الاستعمار، باتت الصراعات على الملكية لا تقتصر على المناطق القبلية (بهاندار 2018). إن الهجرة من الريف والنمو الحضري السريع قد أفرزا مناطق جديدة من الغموض السياسي، حيث يشتعل صراع محتدم من أجل "الحقّ في التملّك". كلّ هذا يدور في فضاءات حضرية غير رسمية (روي 2011). إن هدفي هو كشف الروابط النظامية بين هذه المساحات الجديدة للقانون غير الرسمي داخل مجتمعات الهامش، وبين عملية نزع الشرعية عن القانون العرفي الريفي وهي عملية تاريخية. لفهم وتحليل التشكيلات القانونية الجديدة، يصبح من الضروري التركيز على أشكال المعارضة والمقاومة الحكومية التي تأخذ طابعها في عالم يكتنفه الغموض وعدم اليقين.

من الضروري أن نشير إلى أن مسألة حقوق الملكية تحمل في طيّاتها تحدّيات جسيمة للنساء، حيث تضعهن الدولة في حالة من الضبابية القانونية، إذ تبقى حقوقهن غير محمية. تواجه النساء صعوبات أكبر في المطالبة بحقوقهن في الأراضي والممتلكات الأخرى، مما يعرّضهن بشكل غير متناسب لامتلاك "ممتلكات ملتبسة" فقط. إن التمييز الممارس ضد المرأة داخل المجتمعات القبلية يرسخ أبعاد عدم المساواة بين الجنسين، مما يجعلهن عرضة لمخاطر الفقر والاستغلال أكثر من غيرهن. وقد أظهرت أبحاثي الميدانية في المغرب كيف تُستبعد النساء القبلية على نحوٍ متواصل من حقوق الميراث. كما أن هناك العديد من الحالات التي تكشف كيف تمارس السلطات المحلية التمييز ضد النساء في الوصول إلى الأراضي عبر "القواعد العرفية القديمة". لقد حُرمت النساء من حقوق الميراث في الأراضي القبلية لفترات طويلة في المغرب، مما يجعل هذا الصراع تاريخياً ومتجذّراً بين النساء القبليات والدولة.

انطلقت حركة نساء السلاليات في عام 2007 ساعية إلى نيل حقوقهن في ميراث الأراضي الجماعية، خلال فترة شهدت تسارعاً في خصخصة هذه الأراضي. منذ التسعينيات، تحوّلت الأراضي القبلية إلى ملاذ للتوسع العمراني السريع ومشاريع البناء الضخمة (بيريان وأيت موس 2016). وقد أسفر تأجير هذه الأراضي من قبل الدولة لمستثمرين من القطاع الخاص عن زيادة ملحوظة في عمليات الإخلاء. وبالإضافة إلى ذلك، دفعت هذه الإخلاءات النساء إلى اكتساب مهارات تفاوضية جديدة للدفاع عن حقوقهن في التعويض وإعادة الإسكان. ومع ذلك، كانت النساء في الأراضي القبلية مهمَّشات، بفعل القوانين العرفية التي فرضتها القوى الاستعمارية، مما استبعدهن من أي حق في التعويض. لذا، لم يكن بمقدورهن المطالبة بإدراج أسمائهن في قائمة "المستفيدين" للحصول على تعويض في حالات الإخلاء. ولتأكيد حقّهن في التعويض وإعادة الإسكان، أي توسيع قاعدة "المستفيدين المستحقّين" من الأراضي، انطلقت نساء الأراضي القبلية في حركة حماسية للمطالبة بحقوقهن. ومن خلال تضافر الجهود وتوحيد الصفوف، أُقِرّ تغيير في النصوص القانونية: أصبحت النساء القبليات الآن يتمتعن بحق قانوني في الحصول على تعويضات في حال خصخصة أراضيهن الجماعية. ومع ذلك، يبقى تطبيق هذا القانون الجديد نادر الحدوث.

في الجهود الميدانية التي أجريتها مع قبيلة كيش الاوداية (تُلفظ بالمحكي غِيش لوداية) في الرباط عام 2014، اتضح لي أن المفاوضات المتعدّدة بين القبيلة والدولة بين عامي 2005 و2011 أسفرت عن نقطة واحدة ظلّت عالقة دون حلّ: قضية المرأة الغيشيّة المتزوجة من الغيشي. في هذه الحالة، يُحتسب حقّ ملكية الأرض وفقًا لحقوق الزوج بحسب القانون العرفي، مما يحرم المرأة الغيشيّة من حق الميراث، ولا يمنحها تعويضًا من قِبل والديها. بالإضافة إلى ذلك، فإن عمليات الهدم التي وقعت في عام 2014 قد استبعدت حتى أطفال الأم الغيشيّة من حقّهم في التعويض وإعادة الإسكان. ففي تلك السنة، دمّرت السلطات منازل الأطفال المنتمين إلى قبيلة غيش لوداية، دون أن تُتاح لهم فرصة إعادة توطينهم. وجد السكّان أنفسهم أمام مأزق قانوني يصعب تفسيره، حيث تبدو المعايير المستخدَمة لتحديد قائمة المستفيدين قد انقلبت إلى درجة من السخافة التي يعجز أي تأويل قانوني عن توضيحها. هذا الارتباك في المعايير، الذي يعالج كل حالة بشكل منفصل، أدى إلى نشوء أوضاع إنسانية معقّدة لا يمكن حلّها، والتي تصفها النساء بأنها تجسيد للظلم الصارخ:

حماتي "بنت البلاد" (عضوة في المجتمع). التعويض وُجد مسجّلاً باسمها فقط، لكن كيف يمكن لأبنائها وزوجها أن يتقاسموا هذه المساحة من الأرض؟ في أي جيب سيستقرّ التعويض (...) هنالك 11 شخصًا لديهم صلة بهذه القطعة التي تخصّ حماتي، إذا قاموا ببيعها، فما الذي سيعود عليهم؟ لن يكفي العائد حتى لتغطية إيجار عام كامل... (حبيبة، مقيمة بدوار أولاد دليم، نيسان/أبريل 2014).

 

ملحوظات: 
المراجع: 

Aboulkacem, El Khatir, Rachid Agrour, Hammou Belghazi, Mohamed Oubenal and Mbark Wanaim. 2018. Droit communautaire en milieux amazighes. Organisation, instrumentalisation, transformation. Rabat: Institut Royal de la Culture Amazighe.

Berriane, Yasmine and Fadma Ait Mouss. 2016. Droit à La Terre et Lutte Pour l’égalité Au Maroc: Le Mouvement Des Soulaliyates. In Contester Le Droit. Communautés, Familles et Héritage Au Maroc, ed. Hassan Rachik. Casablanca: La Croisée des Chemins, 87–173.

Bhandar, Brenna. 2018. Colonial Lives of Property: Law, Land, and Racial Regimes of Ownership. Durham: Duke University Press Books.

Eddouada, Souad. 2021. Land Rights and Women’s Rights in Morocco: Cooperation and Contestation among Rural and Urban Women Activists. History of the Present, 11(1): 23–52.

Kapoor, Dip. 2017. Against Colonization and Rural Dispossession: Local Resistance in South and East Asia, the Pacific and Africa. London: Zed Books.

Roy, Ananya. 2011. Slumdog Cities: Rethinking Subaltern Urbanism. International Journal of Urban and Regional Research, 35(2), 223–238.

Sauer, Sérgio. 2012. Land and Territory: Meanings of Land between Modernity and Tradition. Agrarian South: Journal of Political Economy, 1(1): 85–107.