الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة المرأة في ثورة ظُفار
les_femmes_16.jpg
"ناشطة نسوية بحرينية رائعة، ابتدعت طريقة ذكية لإقناع الذكور على الجبهة أنه: لا تحرير للمرأة بدون تحرير المجتمع، ولا تحرير للمجتمع دون تحرير المرأة".1 تلك هي كلمات هايني سرور، عالمة الأنثروبولوجيا والمخرجة اللبنانية، عن إحدى النساء الثوريات اللواتي قابلتهن عند تصوير الفيلم الوثائقي الأيقوني لعام 1974 عن ثورة ظُفار، بعنوان "ساعة التحرير دقّت". انطلقت ثورة ظفار (1965-76) في حزيران عام 1965 ضدّ الحكم المطلق للسلطان سعيد بن تيمور والدور الاستعماري البريطاني في عُمان والمنطقة.2 استمرّت لأكثر من عشر سنوات حيث واصل الثوار نضالهم في المناطق المحررة، مع خطوط دعم أوسع امتدت من عدن والكويت والعراق، إلى الدعم المادي والدبلوماسي من الاتحاد السوفيتي والصين في لحظات تاريخية مختلفة. اجتذبت الثورة كوادر من جميع أنحاء الخليج: الكويت والبحرين والسعودية وإيران وغيرها، بما في ذلك الحركات الفلسطينية والكوبية والأوروبية. بحلول أوائل السبعينيات، كانت القوات الثورية بقيادة "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي" (PFLOAG)، وهي حركة يسارية انبثقت عن حركة القوميين العرب (MAN). أنشأت "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي" PFLOAG برنامجاً اجتماعياً في ظُفار، ووضعت تحرير المرأة في موقع مركزي لمشروعها الثوري للتحوّل السياسي والاجتماعي.
يتّخذ النص التالي شكل رسائل بين امرأتين يساريتين تربطهما صلات بالخليج العربي، تكتبان لبعضهما الآخر عن عملهما المعاصر لتتبّع الحياة الماضية غير المرئية إلى حد كبير، لنساء يساريات مرتبطات بهذه الحركة الثورية. نستكشف ما يمكن أن نكتسبه من خلال التركيز على نشاط النساء الثوريات وممارساتهن في مشاريع التحرّر الوطني والتحوّل الاجتماعي الثوري، والتمعّن في مسائل الطبقية والعرق/ الإثنية والجندر والسياسات الجنسية في مواجهة الحركات القومية العربية والمناهضة للاستعمار واليسارية في ظفار. تنسج الرسائل من الطرفين تأمّلات حول ممارسات الأرشفة وصناعة التاريخ من خلال حيواة الثائرات من كُلٍ من سواحل الخليج وشبه الجزيرة العربية، اللواتي اندمجت مساراتهنّ في جبهة ظفار وقاعدتها الداعمة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (PDRY) خلال أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. إضافةً إلى المنَح الأكاديمية، فإننا نعمل مع مواد ذات مصدر ثقافي تشمل الأدب والمذكرات والأفلام والمصادر الرقمية باللغات العربية والفارسية والإنجليزية التي ينتجها أعضاء وأنصار الحركات السياسية لتجاوز مسألة تحويل المرأة الثورية إلى مجرّد رمزية، طارحات الأسئلة على بعضهما الآخر حول دور المرأة في الثورة والمجتمع والتاريخ على نطاق أوسع.
العزيزة جيران،
أبدأ هذه المقالة أثناء إجرائي بحثاً عن الرابط ما بين رواية "وردة" بقلم صُنع الله إبراهيم،3 وشخص ليلى فخرو، العضوة البحرينية في الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل،4 التي أسست المدرسة الثورية في ظفار.5 كان اسمها الحركي هدى سالم – وكان الطلاب في المدرسة الثورية في المقدمة بالإضافة إلى المدرسة الابتدائية التي أسستها فيما بعد يطلقون على أنفسهم اسم "أطفال هدى". هناك فكرة مُتداولة مفادها أن شخصية وردة تستند إلى شخصية ليلى نفسها6 – على الرغم من أنني افترضت أن ليلى موصوفةٌ في الرواية بكونها شخصيةً أُخرى، "ابنة رجل أعمال يتخذ البحرين مقراً له و… كذلك طالبة في الجامعة الأمريكية في بيروت".7 أعترف أنني شعرت ببعض الانزعاج أثناء قراءة الرواية. لقد أبهرتني وشدّتني، ولكنني شعرت أيضًا أنني في بعض الأحيان أنتقل إلى عالم شخصية وردة المُتخيَّل عبر المؤلّف الذكر ونظراته. يبدو أن أطياف ليلى (وبلا شك النساء الأخريات) تجسدت في وردة، شخصية المرأة الثورية المثالية، من خلال الأسلوب الوثائقي الذي استخدمه إبراهيم في كتابته الخيالية.8
يُمكن القول إن لامرئية المرأة الثورية من الشرق الأوسط (وعالم الجنوب بنحو أوسع) جاءت نتيجة لعدة طبقات من الغموض. تُعَدّ ليلى فخرو جزءاً من مسارٍ تاريخي محاط بعدة طبقات من الصمت ضمن منطقتها، من خلال تغييب المرأة عموماً عن التاريخ الوطني أو السائد للخليج. إن مسار التاريخ الاجتماعي للخليج غائب بشكل عام عن دراسات اللغة الإنجليزية، على الرغم من أن هذا المجال قد تمّ تنشيطه عبر مجموعة غنية من الأعمال الحديثة.9 وبينما غيّرت هذه الأعمال مجال دراسات الخليج بطُرُق عميقة، فإننا نساهم في توسيعه أكثر من خلال إبراز مشاركة المرأة في الحركات السياسية، وقراءة ساحلَيّ الخليج معًا. عند التفكير في الأرشفة وصناعة التاريخ، وما إذا كانت المرأة (وغيرها من المجموعات المُهمشة) حاضرةً في أعمال الحركات الشعبية وتلك المثيرة للجدل، تماشياً مع ما ناقشه كُلٌ من المؤرخين الاجتماعيين والحركة النسوية منذ فترة طويلة، حول ضرورة استعادة حياة أولئك الذين تم دفعهم نحو هوامش التاريخ، لا بدّ علينا أن نطرح الأسئلة ونُفنّد الأسباب.10
إذا تجاوزنا هذه الطبقات، تصبح ليلى مرئية نسبيًا، ويتذكّرها أولئك الذين عرفوها بمحبة – يقول صنع الله إبراهيم عن زيارته لظفار أن الاسم الذي كان يتردد على شفاه الجميع كان: هُدى. دُوِّنت خبراتها ضمن منحة دراسية باللغة الإنجليزية حول "ثورة الرياح الموسمية"، كما أُلّف عنها ولأجلها عدد من الكتب والمقالات باللغة العربية.11 بينما رفضت الدعوات لإحياء ذكرى حياتها، جاء ظهورها النسبي كنتاج لإرث ليلى كمنظمة ثورية واجتماعية ملتزمة طوال حياتها وحتى وفاتها في عام 2006. كما بالإمكان القول إنه نتاج لموقعها الاجتماعي كامرأة عربية حضرية من عائلة برجوازية كانت جزءًا من تدفقات الطلاب من الخليج إلى عواصم أخرى في المنطقة: في حالة ليلى إلى بغداد أولاً ومن ثم إلى بيروت، للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB). أصبحت في الجامعة الأميركية عضوة في "رابطة طلبة البحرين"، ومن ثم ترأست اللجنة الثقافية. في خلال صيف عام 1968، انضمّت ليلى مع غيرها من النساء الشابات، بمن فيهم الأكاديميات والناشطات صديقة نجّار وفوزية مطر من المُحرَّق ليُشكّلن جمعية "أوال" النسائية.12 وفي بيروت انضمّت إلى "حركة القوميين العرب"، ولاحقاً انضمّت إلى "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي"، الجبهة التي انبثقت عن التيار اليساري في "حركة القوميين العرب".13 قادها مسار التحرّر الوطني والعمل الثوري حينها من بيروت إلى ظفار في عام 1970. ظهرت في مقطع وثائقي (لا يمكنني العثور على مصدره) والذي يبدو أن هيئة الإذاعة البريطانية قد أرشفته، وتجري إعادة مشاركته من وقت لآخر على وسائل التواصل الاجتماعي. يُظهر المقطع مدرسة ظفار الثورية وليلى تناقش التزامها بالعمل الثوري مع المحاور باللغة الإنجليزية قائلة: "هذا واجبي، وهو واجبي الأكثر أهميةً حتى قبل علاقتي العائلية".14
إن النضال الذي بدّته ليلى على عائلتها خاضته نساء طبيبات ومعلّمات ومقاتلات، وعلى الجبهة قدّمت "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي" التعليم والتدريب العسكري للفتية والفتيات، إضافةً إلى حظر تعدّد الزوجات وزواج القاصرات وختان الإناث. كانت معالجة العلاقات بين الجنسين، كما أشرنا سابقًا، جزءًا من البرنامج السياسي للجماعات اليسارية الثورية العاملة في المنطقة في ذلك الحين. إن التعرّف إلى ليلى بمعزل عن الحركة الأوسع والمسار السياسي الذي تنتمي إليه يحجب هذا السياق. جزءٌ من هذا العمل باعتقادي، ينصبّ على تفادي استخلاص شخصها وتحويلها إلى رمز نسوي، بل في أن نراها ونُظهرها ونفهمها ضمن ديناميكيةٍ جمعية للنساء في التاريخ الثوري وفي ثورة ظفار. أتساءل ما إذا كانت ليلى والنساء الأُخرايات على الجبهة فهمن أنفسهنّ بكونهنّ نسويات؟ أتساءل أيضًا كيف تمكّنت النساء الظفاريات اللواتي عشن كفلّاحات في المرتفعات وفُرضت عليهنّ أدوار مُجندرة في مجتمع ريفي قائم على الكفاف، كيف تمكنّ من إعداد أنفسهنّ وتشكيل مشاركتهنّ كثائرات ومناضلات على الجبهة.15 أطرح هذه الأسئلة لأفكّر فيما تحتاج إليه عملية إنجاز العمل لاستنهاض الكلمة بطريقةٍ لا تشوّه الخبرات التاريخية. إنها تطلب منّا الاعتراف بأن التوتّرات والمفاوضات حدثت بلا شك حول جندرة الأدوار في الحركات الثورية، بينما تصرّ في نفس الوقت على أن النسويات الثوريات/ المناهضات للاستعمار كُنَّ جزءًا لا يتجزّأ من المشروع اليساري للتحوّل الاجتماعي في هذا السياق، وغير مُنفصلات عنه.
لا أعني بالقول إننا غير قادرات على استيعاب كون النساء الثوريات في ظفار كُنّ نسويات، بل إننا وفي حال استخدامنا للنسوية كأداة للتشخيص، أعتقد أنّ بإمكاننا العثور على النسويات في مكانهنّ الصحيح – في الحركة التحرّرية وفي الثورة! يُساهم النظر إلى الأراشيف والتاريخ بهذه الطريقة في إيجاد فهمٍ أوسع للنسويات والنسوية، وأين وكيف بالإمكان مُمارستها. هل يمكنك إخباري بالمزيد عن النساء اليساريات المناهضات للاستعمار والمقاتلات من إيران، اللائي كنّ جزءًا من الثورة في ظفار؟
سلمى
عزيزتي سلمى،
أودُّ بدايةً أن أعرب لك عن سعادتي في إثارتك لمسألة نظرة الذكر في رواية صُنع الله ابراهيم "وردة". إنه كتاب مُحتفى به على نطاق واسع، لكن لا يسعني أيضاً سوى أن أشعر بعدم الارتياح في قراءتي للشخصيات والسرد والحبكة. عندما يحتفي الناس برواية ما، يعتريني الفضول في أن أتساءل، ما الرائع الذي يجدونه فيها؟ بالنسبة لي، كان الأمر بمثابة حماسةٍ مبدئية لإدماج وجعل امرأة راديكاليةٍ من الخليج شهيرةً في القرن العشرين، ضمن روايةٍ عن ثورة ظفار التي تُمثّل حقبةً ثورية مهمة. يمكنك أن تتصوري أي رد فعلٍ اعتراني، حين كانت الفقرة الافتتاحية للكتاب عن النشوة الجنسية عند الذكور: نتعرّف على أحلام الراوي رشدي عن وردة، والمرّات القليلة التي أدّت فيها رغباته إلى "الإثمار" – موقظةً إياه "غارقاً بسوائله المُلتمعة، ومُمتلئاً بالعاطفة".16 "لماذا يجب أن يبدأ من خلال التركيز على الرغبة الذكرية"، لقد دوّنت عند الهوامش. لست واثقة ما إذا كنت أشعر بانزعاج أكبر من مركزية الخيال الذكوري التي تدور في أنحاء الرواية ضمن خط فعل متّصل، أم الصمت الذي يُسيطر على هذا التيار من الإعجاب المطلق بالرواية وفي تقبّلها.
في حين أن هذا المشهد مثير للقلق بوضوح، أعتقد أن هذه التوتّرات كانت لتختلف لو لم يكن لثورة ظفار مثل هذا التوجه النسوي، وما أعنيه هو الالتزام السياسي في تغيير الظروف المادية لحياة المرأة ووضعها المجتمعي. وكما تقترحين، لو لم يكن هنالك شحٌّ في الكتابة عن حيواة النساء اليساريات في التأريخ الراديكالي للخليج، يخلق هذان الأمران مجتمعان توقعاً خاصاً حول العدسة التي علينا أن نتذكر من خلالها تلك النساء. أشعر بالانزعاج من الإحباط الذي يغلّف وردة كرواية – إحباطٌ يثير لديّ الرغبة في القتال والتعاطف في آن معاً – وأنتقد الرواية نقداً رفاقياً،17 لأنني مهتمّة بعمق حيال المستقبل الذي جرى تخيّله مرةً في سياق مشروع سياسي مازال يستحقّ التمسك به، ذاك الذي أعلن عن احتمالاته النسوية بقدر ما ادعى سياساته اليسارية والمناهضة للإمبريالية.
جرى استكشاف مدى انخراط الحركات اليسارية في الستينيات والسبعينيات في التحرّر الاجتماعي والسياسي للمرأة عملياً ونظرياً في السياق الإيراني من قبل الباحثين النسويين.18 في بعض الكتابات السابقة، التي كتبها أعضاء سابقون في الحركات السياسية، هناك انتقادات مهمّة للثقافات السياسية الأبوية والذكورية، ورفض تحرّر المرأة باعتباره بنية برجوازية، وقمع مصالح المرأة، من بين قضايا أخرى شابت الحركة اليسارية. يجب النظر إلى هذه الأعمال ضمن سياقها الزماني: تُسيطر الكآبة المؤلمة على العديد من هذه الكتابات التي كُتبت في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، الفترة التي حددتها مشاعر الفشل والهزيمة لليسار. بالإبتعاد عن المكان والزمان، بدأت الأعمال الأحدث تضع النساء والحركات في ذلك الزمن ضمن سياقاتها التاريخية العابرة للوطنية والعالمية.19 أشعر أن عملنا يحاول التفاعل مع هذا التيار: لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه عن هذا المنعطف التاريخي الحاسم، من خلال وضع سياق للحركات السياسية خارج إطار الدولة، وفي لحظة إنهاء الاستعمار، والعالمية، وتضامن العالم الثالث، من خلال التجارب التاريخية للنساء.
كانت هنالك أُخريات مثل وردة – ثوريات إيرانيات كما ذكرت أيضاً، كُنَّ مناهضات للإمبريالية وانضممن إلى الحركة النضالية المناهضة للإستعمار، معارضات للحرب الاستعمارية بقيادة بريطانيا والتي كانت مدعومةً بقوة من قِبل القوات الإيرانية. بما أن إيران تدخّلت عسكرياً لدعم الحرب الأنجلو-سلطانية لسحق الثورة في بداية السبعينيات، أصبحت ظفار معلماً واجهت فيه المعارضة السياسية الإيرانية قوات الشاه والطائرات والأسلحة التي كانت قد ابتاعتها إيران حديثاً من الولايات المتحدة الأميركية بهدف استخدامها ضد الحركة الثورية والناس في ظُفار.
تطوّعت شقيقتان اسمهما رأفت ومحبوبة أفراز كممرضة وطبيبة في ثورة ظفار في أواسط عام 1975. أرسلتهما منظمتهما، منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية، جرى توزيعهما على مستشفيي الشهيدة فاطمة غنانا والشهيدة حبكوك (عيادات مؤقتة)، الأولى بنيت بمساعدة كوبية عام 1974 بقيادة فريق طبي كوبي، والثانية يديرها الطبيب الفلسطيني (مروان) نظمي خورشيد من "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".20 كانت منظمة مجاهدي خلق الإسلامية منظمة إسلامية يسارية شهدت انشقاقاً عنيفاً في عام 1975، حيث تحوّل بعض أعضائها نحو الماركسية اللينينة. حسب روايتهم، كانت الأُختان جزءاً من التجمّع الماركسي. أقام المجاهدون (الماركسيون اللينينيون)، إضافةً إلى بضع منظمات ماركسية إيرانية معارضة، اتصالات عبر الشرق الأوسط، حيث أجبر القمع السياسي في إيران في ظل ديكتاتورية الشاه الأعضاء السريين على العمل داخل شبكة في الخارج.
الملفت أن لدينا نظرة مفصلة على تجارب رأفت أفراز (صدغية)21 ومحبوبة أفراز (دكتورة زهرة)، حيث جرى نشر ملاحظاتهما عن حياتهما في حقبة ظفار من قبل صديقهما ورفيقهما تراب هاغشيناس من المنفى في ألمانيا.22 في مذكرات أخرى، نجد هؤلاء النساء في روايات ومذكّرات رفاقهم، ومعظمهم من الرجال. بعد نشر مذكرات هاتين الشقيقتين عام 2015 باللغة الفارسية، أصبحت حياتهما ذات أهمية متزايدة ببدء تناول الأكاديميين لهذه المواد.23 أتساءل ما إذا كانت طريق الأُختين أفراز قد تقاطعت مع طريق ليلى فخرو؟ ما إذا كانتا قد التقيتا بليلى في المخيم أثناء زيارة المدرسة الثورية، أو ما إذا زارت ليلى المستشفيات التي عملتا فيها؟
لن تنجو الشقيقتان لتريا ثورة 1979 في إيران. توفيت رأفت أفراز خلال شهرين من وصولها إلى ظُفار، على الأرجح من الملاريا. في خلال هذا الوقت القصير من الزمن ساهمت رأفت في الثورة كممرضة، وشقيقتها محبوبة، التي تشكّل ملاحظاتها معظم المذكّرات المنشورة، تكتب عن النشاطات والممارسات الكثيرة التي انخرطت فيها يومياً، بدءاً من دور رأفت في إعطاء الحقن والضمادات للمرضى، إلى تنظيف وفرز وتصنيف المستلزمات الطبية. بصرف النظر عن الأنشطة اليومية الروتينية في ظروف غايةٍ في الصعوبة، تُظهر كتابات محبوبة لطف رأفت في لقاءاتها مع الناس في مستشفيات ظفار، وإصرارها على السعي لإيجاد ظروف أفضل للنساء والأطفال في مستشفى حبكوك الذي وصفته بـ "مدينة الأشباح...المكان المهجور الخالي من الحياة" وفقاً للدكتور كامل مهنّا الذي أمضى بعض الوقت هناك وفقاً لتقليد "الأطباء الحُفاة".24
رفعت الشقيقتان أفراز العديد من المطالبات إلى اللجنة المركزية لتحسين ظروف المستشفيات التي عملن بها. أحد المطالبات كان لإعداد طعام ملائم للرُضّع والأطفال، حيث جرى إعطاؤهم في الكثير من الأحيان طعاماً كانوا غير قادرين على هضمه. عندما لم تؤخَذ اقتراحاتهما على محمل الجدّ، أخذت رأفت على عاتقها بانتظام إعداد الحساء أو عصيدة الأرز. انتقدها كادر في المستشفى لثقتها في الأمّهات بإعطائهنّ الأواني والمقالي التي تحتوي على طعام لأطفالهن، قائلاً إن السكان المحليين سيسرقون الأواني – بل وتساءل عن حاجة الأطفال إلى طعام خاص. بالرغم من تعرّضها للسخرية، وثقت رأفت بالأمهات وسمحت لهنّ بإبقاء الأواني أثناء الليل بعد استعمالها، وفي أن يجلبنها إلى المطبخ في اليوم التالي لأخذ الوجبة التالية. تكتب شقيقتها قائلة، أحياناً كانت تأخذ موقد الغاز المحمول إلى غرف المرضى لتُبين للأمهات كيفية إعداد علاج مُضاد للإسهال للرُضّع من خلال غلي الأرز واستخدام ماء النشا.25 ألاحظ أفعالها الصغيرة ولكن الجذرية في الرعاية، لأن الرعاية عمل سياسي جذري، ولأنها تكشف عن الخطوط الخفية للأُممية كما تمارسها النساء، مع القيم النسوية كما أفهمها – حتى لو لم تكن هؤلاء النساء تعتبرن أنفسهن نسويات. أرى تشابهًا ما بين عمل ليلى في الضغط من أجل أخذ قضايا المرأة على محمل الجد كسياسة "للجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج"، وما بين جهود رأفت لتلبية احتياجات النساء والأطفال من خلال إتاحة مساحة للأمهات للمطالبة بإرادتهنّ التقريرية، وهو أمر ما كان ليحدث لولا نشاط المرأة.
كانت شقيقة رأفت الأصغر محبوبة أفراز طبيبة، وكانت في بداية العشرينيات عندما سافرت عبر الخليج. في سنّ الثالثة والعشرين أصبحت المرأة الأصغر التي تتخرج من كُلية الطب في إيران مع أطروحة عن الحمل خارج الرحم من جامعة طهران، قبل مجيئها إلى ظُفار. غالباً ما شعرت النساء في المستشفى بالحرج من إخبار الكوبيين أو غيرهم من الأطباء الذكور في ظُفار عن مشاكلهنّ، لذا كان قدوم محبوبة مهمّاً حيث كانت المرة الأولى التي يتمكنّ فيها من التعامل مع طبيبةٍ امرأة.26 عُرفت باسم الدكتورة زهرة، والتحقت بالصفوف الطبّية الكوبية والفلسطينية واللبنانية وغيرهم من الأطباء العرب الذين تطوعوا في الثورة، حيث شكّلت المساعدة الطبية ركيزةً للتضامن الأممي. بعد الهزيمة العسكرية لثورة ظفار، يُذكر أن محبوبة أفراز بقيت في جمهورية اليمن الديمقراطي، حيث عملت في إذاعة عدن باللغة الفارسية في برنامج إذاعي مُعادي للنظام الإيراني. انتهى بها المطاف في باريس، حيث انتهت حياتها بمأساة عشية الثورة الإيرانية، وعلى الأرجح بالانتحار.
بالإضافة إلى الظهور النسبي والمتزايد الآن ل رأفت ومحبوبة في السجلات الأكاديمية، جرى ربط شقيقتين أُخريين، بوران وهايده بازركان أيضاً بثورة ظفار عبر نفس المنظمة. قيل إن بوران بازركان قد أمضت بعض الوقت في مدرسة الثورة. عاشت لترى الثورة الإيرانية، ونُفيت خارج البلاد بسبب نشاطها السياسي، وتوفيت في باريس عام 2007. ومع ذلك، لم تترك سوى القليل من آثار حياتها الثورية التي امتدت إلى عُمان واليمن والعراق ولبنان وتركيا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط. تكتب صديقتها ورفيقتها ياسمين ميظر بأنها كانت أكثر تواضعاً من أن تُجري المقابلات حول مُشاركتها وخُبراتها، دلالة ربما على التزامها مدى الحياة تجاه الجماعة حتى بعد انتهاء أنشطتها السرية.27 كانت لديها أيضاً شقيقة اسمها هايدة، والتي كان مقرها لبعض الوقت في جمهورية اليمن الديمقراطي. كانت حقبة قصيرة ولكن مهمة عندما جرى إشراك أناس من جانبَي الخليج في مشروع سياسي مشترك. لكني أتساءل، إلى أي مدى كان الإيرانيون جزءًا من المشروع السياسي الثوري الخليجي؟ أودّ معرفة المزيد عن التعقيدات في التحوّل من حركة القوميين العرب إلى "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج" – وما عناه هذا التحوّل بالنسبة للنساء؟
جيران
العزيزة جيران،
أحببتُ عملية القراءة والتفكير في الشقيقتين رأفت ومحبوبة (شقيقة ليلى فخرو، بُثينة أيضاً انضمت إلى الثورة في وقت ما بعد ليلى). لقد شعرت بالإلهام والإعجاب لتطوّعهما في المجال الطبّي، وشعرت بالحزن لسماع خبر وفاة محبوبة. أتساءل ما إذا كانت خيبة الأمل التي أحاطت بمشاعر العديد من ثوار ذاك الجيل قد لعبت دوراً في الأمر.28 حيث أن ليلى أيضاً توفيت عن في عُمر مبكر في موطنها البحرين – لقد عانت من مرضٍ في الرئة منذ أن كانت في ظفار، ما أجبرها في النهاية على الانتقال إلى المكتب الإعلامي لـ"الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج" في عدن بحلول عام 1972.29 كما أنني أُشاطرك التساؤل حيال ما إذا كانت طُرقهنّ قد تقاطعت على الجبهة…
كان الطلاب الخليجيون المتطوّعون في ظُفار جزءاً أساسياً من "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج"، وهي إحدى المجموعات اليسارية التي انبثقت عن حركة القوميين العرب وتبلورت بعد حرب حزيران عام 1967. كان هناك أعضاء في مجموعات سياسية أخرى، ممن رأوا أيضاً في ثورة ظفار معركة حاسمة في النضال التحرري الإقليمي من الإمبريالية.30 إضافةً إلى معلّمين ومهندسين بحرينيين، قرأتُ عن محاربين كويتيين ومن العربية السعودية، وأطبّاء فلسطينيون ومدرّبون عسكريون في ظُفار أيضاً. حملت ليلى مسؤولية الاعتناء بأطفال الثورة: إبقاؤهم آمنين من قصف العدو، والبدء في عمل مدرسة على الجبهة – والتي اعتبرها كثيرون أساساً للتعليم العام للفئات الشعبية في عُمان.31 كان لبرنامج التعليم ملامح مشروع يساري منضبط ونضالي. كان من المتوقّع أن يشارك جميع الطلاب بغض النظر عن جنسهم، في الدروس ومنتديات المناقشة التي يمارسون فيها النقد الذاتي، وتدريبهم على حرب العصابات بالإضافة إلى صيانة المخيم والتنظيف وجمع الحطب وإعداد الطعام.32
إضافة إلى الالتزام بالكفاح المُسلّح كتكتيك ثوري من خلال تبنّي الصراع الطبقي، انفصلت الجماعات اليسارية الخليجية عن الموقف المناهض لإيران الذي تبناه القوميون العرب في الخليج – مُنادين عوضاً عن ذلك بـ "النضال المشترك بين العمّال العرب والإيرانيين".33 كيف جرى تصوّر هذه النضالات المشتركة التي تربط الناس على الساحلَين ضمن مستقبل المنطقة المحرّرة (الخليج وما وراءه)، ليس واضحًا بالنسبة لي. هل قرأت المزيد عن هذا الأمر؟ نعلم أن هناك جغرافيا خيالية متغيّرة يتمّ التذرّع بها والتنازع عليها مادياً، والتي من خلالها يجري وضع الاحتمالات (وفي أوقات أخرى تتراجع). إن الروابط عبر السواحل الشمالية والجنوبية للخليج ليست بجديدة حالياً، كما كتب رفيق ليلى، عبد النبي العكري وتحدّث عنه: كان هناك يسار آخر في الخليج، والذي انبثق من التقاء أعضاء من "الحزب الشيوعي العراقي وحزب توده الإيراني"34 في خمسينيات القرن الماضي.35 على سبيل المثال، شكّل العمّال في البحرين حركة شيوعية سرّية في أواسط الخمسينيات ضمّت وشكّلها قوميون وشيوعيون عرب ذوي خبرة من العراق وإيران.
من الأهمية بمكان تسمية هذه الروابط أيضاً بكونها جزءاً من خط الفعل الراديكالي المُتّصل، والذي تناقشه كُلٌ من رفيف زيادة وبرينا بهاندار في كتابهما، والقيام بما تصفه أنجيلا ديفيس من الحث على "التقارب" بين الشعوب عبر الزمان والمكان. تكتب قائلةً إن "هذا الرابط، المُتخيَّل منه والحقيقي، يُعَدّ أمراً حاسماً في فهم الظروف التي ينشأ في كنفها النضال الثوري والفكر الراديكالي، حينها يُصبح التطبيق العملي حتمياً".36 أعتقد أن هنالك روابط تُحمل عبر المسافة والزمن من قصص ليلى ورفاقها بمن فيهم محبوبة ورأفت، والكثيرين من الثوريين على جبهة ظُفار، وهو أمرٌ بسيط. يُمكننا أن نتعلّم من النساء الثوريات اللواتي نكتب عنهنّ هنا، اللواتي عملنَ لتلبية متطلّبات اللحظة التاريخية، وصنعنَ تاريخاً عبر الممارسة العملية المستلهمة من الإيديولوجية الماركسية. كنت أتمنى لو أنهنّ أنتجنَ المزيد من المواد لنتعلّم منها – لكنني أعتقد أيضاً أن استكشاف الأرشيفات المضادة في المنطقة لا يزال في تزايد، وسينبثق من داخلها المزيد من المواد.
بالعودة إلى ليلى فإن ذكراها وتأثير عملها مُأرشف ويتردّد صداه عبر حياة من عرفوها. تذكر الباحثة الظفارية مُنى جعبوب رد فعل والدتها عندما عرفت بموت ليلى: "قلتُ لها لقد توفيت هدى سالم. امتلأت عينا أمّي بالدموع وقالت "الله يرحمها"، لم ألتقي بها ولا أعرفها، ولكن فليرحم الله روحها، لقد علّمت أطفالنا".37 ليلى فخرو، وفقاً لرفيقها عبد الرحمن النعيمي (1944-2011)، جرى حثّها على كتابة مذكراتها، غير أنها رفضت ذلك.38 ربما يكون جزئياً هذا هو السبب – بينما ناقشنا رواية "وردة" غالباً ما قرأنا عن النساء من خلال كلمات وخيال الآخرين (معظمهم من الرجال). أشعر بالسعادة والتأثر في أنني وأنت نكتب اليوم عنهنّ.
تُعيدني هذه الأفكار إلى سؤالنا عن الأرشفة وصناعة التاريخ. مع الاعتراف بمرئية ليلى المقارنة (والفريدة من نوعها)، فإن الكثير مما نجده عن النساء من الجنوب العالمي في النضال من أجل التحرّر الوطني والثورة، لا يبدو سوى وميضاً في أحسن الأحوال، أو في أسوأ الأحوال – هوامش في تاريخ شخص آخر. في الوقت عينه، نعلم أنّ هنالك أرشيفاً ثريّاً من المواد التي أنتجها أعضاء الحركة – مجلات ومذكّرات والنشرات والأدب والأفلام… أُحاكي مقاربة آفري غوردون لأرى أننا نتّبع آثار "مُطاردةٍ" اجتماعية. "لقاء تلمس فيه أشباح أو أشياء شبحية من الماضي، الغموض وتعقيدات القوة والشخصية والعنف والأمل والوقائع التي تلوح في الأفق تارةً وتنحسر تارةً أُخرى، وظلال أنفسنا ومجتمعنا".39 بالنسبة إلى غوردون فإن المُطاردة لا تتمحور حول المرئية، وإنما حول "ما يعيش ويتنفس في المكان بنحو غير مرئي: من أُناس أو أماكن أو تاريخ ما أو معرفة أو ذكريات أو أساليب حياة أو أفكار" – وهذه الأشباح المُطاردة "تحثّ على فعل شيء ما".40
سأُنهي كلامي بكلمات منى جعبوب، التي كتبت أطروحة الدكتوراه الخاصة بها عن تاريخ التربية والتحوّل الاجتماعي في ثورة ظفار. إنها تسأل، "ألا تُعَدّ قصص الأطفال الذين عبروا على أقدامهم المسافات عبر جبال ظُفار، جزءاً من التاريخ التربوي؟" الإجابة المختصرة بالطبع هي نعم! قصص ثورة ظُفار، ونسائها الثوريات، بما في ذلك نساء ظُفار، اللواتي أُدرك أنّي لم أكتب عنهنّ هنا، والمدرسة الثورية تنتمي إلى العوالم وتمنح أكثر مما يُمكننا الكتابة عنه في هذه المقالة الصغيرة. إن جمع هذا العمل بالنسبة لي، يمنح إحساساً بأن عليّ القيام بالكثير.
سلمى
العزيزة سلمى،
لقد وجدتُ أن تفكيرك مع مسألة "المطاردة" لدى آفري غوردون حول مسألة المرأة في الحركات المُناهضة للاستعمار والتحرير مقنعةٌ بنحو تلقائي (غريزي). وبالتضامن معك سياسياً فإنني منزعجة من نفس الأشباح. ما هي الأشباح التي تطاردنا؟ هنالك الكثير منها، لكن باعتقادي أنه وهنا تحديداً، فإن الأشباح هي غياب المرأة عن سجلّات التاريخ، حضور مُلحّ لما يبدو غائباً. هذا ما تعنيه باتريشيا وليامز بـ "العثور على الشكل الموصوف بغيابها"، في إشارةٍ إلى جدّتها الكُبرى التي ألهمت غوردون.41
يذهلني أن الأشباح التي تربطنا، وحاضرنا، بالنسبة لهذا التاريخ الماضي مازالت موجودة – إن "بقاء" هذه الأشباح مستمرّ لأن الظروف التي تُبقيها حيّة لا زالت قائمة، لذا فإنها مستمرّة في المطاردة.42 لا ينبغي أن يكون ما نفعله اليوم كامرأتين نسويتين فعلاً راديكالياً، بكوننا نكتب اليوم عن هؤلاء النساء الثوريات بوصفهن عملاء تاريخ، لكن ربما يفسر استمرار المطاردة جزئيًا سبب شعورها بالحركة، كما قلت.
تبدو مسألة الأرشفة وصناعة التاريخ مهمّةً هنا – نعلم أن هذه النساء كُنّ هناك، حتى وإن لم نكن نمتلك كلّ الأدلّة. هنالك طبقات متعدّدة من العنف الاجتماعي: التهميش في الحركات المُهيمَن عليها من قِبل الذكور في ذاك الزمن والتهميش في التاريخ الذي يُكتب اليوم. إن كانت المنظمات السياسية، "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج" لديها أرشيف رسمي لم يضيع في عام 1994 أي الحرب الأهلية اليمنية، أتعتقدين أننا كُنّا لنعثر على النساء هناك؟43 في تحديد مكان النساء الثوريات مثل ليلى في المدرسة الثورية، وأخوات أفراز في العيادة والمستشفى، أصبحت الطبيعة الجندرية لهذه الأدوار في الثورة واضحة لي، وأعتقد أن لهذا الأمر تداعيات على المصادر المطلوبة للعثور على قصص النساء وسردها.
على أقل تقدير، إن كانت لدينا قائمة كاملة لبعض المنتجات الثقافية كما ذكرت، فسيكون ما سنُنفقه من وقت معاً على البحث والتفكيك أقل، وبقدر ما يمكن أن يكون المسعى رومانسياً، يُمكن صبّ المزيد منه في الاسترجاع والفهم. تقدّم نشرة "صوت الثورة" الأسبوعية لـ"الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي"، مصدراً غنياً بالمواد حول المشاركة السياسية للمرأة في ثورة ظفار.44 هناك نجد تفاصيل حول "جمعية المرأة العُمانية" التي تشكلت رسمياً في حزيران عام 1975، قادتها وفاء ياسر وكانت نائبةً عنها هدى مراد.45 نعرف من النشرة عن أول مؤتمر كان مدعوماً بشكل واسع من الثورة ومن جمهورية اليمن الديمقراطي، والزيارات الدولية التي قامت بها تلك النساء كانت إلى أماكن مثل الإتحاد السوفياتي وفيتنام. كانت تلك النساء ومنظمتهنّ ونشاطهنّ جُزءاً من المشروع الثوري وتاريخه، لا ينبغي أن يُعزى وجودهم فقط إلى تاريخ المرأة، الأمر الذي غالباً ما نجده في كتب التاريخ.
كما أشارت منى جعبوب إلى مسألة كون المنظمة النسائية قد تشكّلت في عام 1975 قُرابة الهزيمة العسكرية للثورة – لماذا لم تتشكل في وقت سابق؟ محبوبة أفراز، وضمن الزمن القصير الذي أمضته في ظُفار، كتبت نقداً تفصيلياً للثورة. تأمّلاتها حول المنظمة النسائية بنحو خاص كانت مدهشة… ويمكنها على الأرجح أن تقدّم إجابة. تذكر محبوبة النساء البحرينيات (بالرغم أنها لا تُسمّيهن) اللواتي سعينَ إلى تنظيم النساء في نفس الفترة الزمنية لعملية تأسيس المدرسة الثورية في عام 1970-71، لكنها تُشير بأنه ما كان للمنظمة النسائية في هذه المرحلة المبكرة أن تحقق أهدافها.46 تتمحور انتقادات محبوبة بصورة عامة حول التوترات الطبقية ما بين كوادر النساء البُرجوازيات والنساء الظُفاريات المحليات، مدّعيةً أن هذا الوضع أدى إلى تنظيم غير فعال، متأصل في انعدام الفهم والتباعد ما بين الكوادر النسائية وقاعدتها الاجتماعية، وهنّ نساء ظفار. وتشير إلى أن النساء الظفاريات لا يمكنهن إقامة الروابط مع دوائر الأممية، التي كانت مقصورة على الناشطين من موقع اجتماعي حضري وبرجوازي. جزء من نقدها يأتي حتى بعد تشكيل "جمعية المرأة العُمانية" عام 1975، مفاده أن العمل التأسيسي للتربية السياسية الثورية كان مفقوداً، كما تلمح إلى أن الأفكار المتعلقة بأشكال التنظيم النسائي مأخوذة من الدوائر الدولية وجرى تطبيقها بشكل غير عضوي في ظفار، دون إيلاء خصوصيات الظروف والسياق المحلّي أيّة أهمية.
فيما يخصّ محدودية المشروع الثوري، فإنني مُدركة إلى التقاطعات مع الطبقة. بالكاد خاطبنا نساء ظُفار أنفسهنّ في نقاشنا لثورة ظفار. نعلم أن ظفار كانت بؤرة مشروع ثوري أكبر في الخليج، ومع ذلك، أين نجد "الفلّاح" الظفاريّ، ناهيك عن المرأة "الفلّاحة" الظفارية؟ إني سعيدة بأن نقد محبوبة يقدّم لنا شيئاً. (لا يُعجبني استخدام الأكاديميين لكلمة فلّاح بالإنجليزية، غالباً ما أفكّر برد فعل جدي الذي ما كان ليُشير إلى نفسه على هذا النحو، إن كان يعلم أن كُتب التاريخ تشير إليه بكونه فلّاحاً). النساء العُمانيات اللواتي نعرف عنهنّ عبر مجلات مثل "صوت الثورة"، مثل وفاء ياسر وهدى مُهاد، اللتان قادتا المنظمة النسائية، من المفترض أنهما كانتا مُتعلّمتين. بالطبع كان لـ"الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج" نشاطات وانتاجات متنوعة اعتماداً على أهداف محدّدة. لكني أتساءل عن جدوى ذلك كُله أن كان الثوري الظفاري لا يستطع قراءة أو فهم المواد التي أنتجتها "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي" مثل "صوت الثورة" أو "9 يونيو"؟ يمكن القول إن هذه المنشورات كانت موجهة للجمهور الإقليمي والعالمي، للتوافق مع السياسة الدولية وبناء التضامن العالمي، لكن الفجوات ما بين المخرجات السياسية لأي مشروع ثوري وموضوعه أو قاعدته الاجتماعية تستدعي نوعاً من التفكير.
أتساءل عمّا إذا كان علينا أن نحوّل بشكل متزايد وسيطنا من النص إلى المرئي، كما فعلت بنحو جيدٍ مسبقاً، من أجل تتبّع هؤلاء النساء الظفاريات الأخريات. تتبادر إلى الذهن لقطات هايني سرور، بالإضافة إلى المواد الفوتوغرافية الموجودة في المجموعات المؤرشفة: هيلين لاكنر وفريد هاليداي والعديد من المجموعات الشخصية والخاصة. لقد تعلّمت مؤخرًا من باتريشيا هايز الأهمية المفاهيمية للبصريات في كتابتنا وتحليلنا للتاريخ – بطريقة مركزية وغير تكميلية، والتي تبدو مناسبة في استرجاع التاريخ الثانوي الذي يهمّنا.47 إنه يعيدنا إلى الحجج التي قدّمها المؤرخون النسويون والاجتماعيون قبل بضعة عقود فقط، يجب أن يشتمل التاريخ السياسي أيضاً على التأريخ الاجتماعي.
فيما يتعلق بالمشروع الثوري الأوسع للتحرير في الخليج، بدا أن هناك لحظة احتمال كما ذكرت، ولكن هناك أيضًا قيود حتى في تلك الإمكانات اللحظية (عبر الوطنية). كانت الحركة الثورية الشعبية في ظفار متمركزة على العرب، بالنظر إلى أنسابها كما أشرت، وكانت أعداد الكوادر الإيرانية التي تطوّعت وانضمّت إلى الثورة قليلة. كان الانخراط الإيراني دائمًا من منطلق التضامن، على الرغم من أن بعض المنظمات الإيرانية اليسارية التي أرسلت كوادر إلى ظفار وعملت في جميع أنحاء الشرق الأوسط صرّحت بأنها اعتبرت أنشطتها العابرة للحدود جزءًا من "ثورة إقليمية".48 بالإضافة إلى الكوادر الإيرانية التي انضمت إلى ثورة ظفار، دعَمَ الطلاب والناشطون الإيرانيون في جميع أنحاء العالم نضال التحرير على نطاق واسع وأدانوا دور الشاه في سحق الثورة. نقطة الخلاف الواضحة هي أن الخليج "الفارسي" لم يكن متصورًا في مشروع "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي"، حيث كانوا ينظرون إلى الشاه الموالي للولايات المتحدة والموالي لبريطانيا كقوة احتلال وغزو في المنطقة. كما هو مُعبّر عنه في اسم "الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي"، كان المشروع للخليج "العربي"، بحيث شكك الطلاب الإيرانيون المؤيدون للثورة في الاتحاد الوطني للطلاب الإيرانيين، عبر المراكز الحضرية في دعمهم لثورة ظفار.49 قرروا أنهم كانوا ليدعموا الثورة، مُرجحين مسألة التحرر السياسي على التسمية، وإن كان معبراً عن التزامهم بالخليج "الفارسي". كانت في هذه الفترة لجان التضامن المتعددة في الخارج، مثل لجنة الخليج في لندن/المملكة المتحدة، ولجنة دعم حركة التحرير في الخليج ومقرها كاليفورنيا/الولايات المتحدة، من المدافعين عن مشروع تحرير عابر للحدود يكون فيه التصوّر ضمن "الخليج" المشترك.50 قدّم فريد هاليداي مثل هذه الحجة المهمة في رؤية الناس من كلا الجانبين العربي والفارسي من الخليج، متّحدين في نفس الصراع – ضد استبداد الشاه وسلاطين المنطقة.51
أسرتني معرفة مسألة عدم رغبة ليلى فخرو في كتابة مذكّراتها. كذلك الأمر بالنسبة إلى بوران بازركان، التي كما أشرت بإيجاز كان قرارها سياسياً، تحفظاً على دورها في الحركات الجماعية حتى بعد فترة انتهاء نشاطها السري.52 هذا هو السبب في كوننا قادرين على التعرف أكثر على روايات النساء مثل محبوبة ورأفت أفراز، بناءً على الآثار الصغيرة التي لدينا، على عكس بوران وشقيقتها هايديه بازركان. ولكن بقدر ما تكون الأشباح مقنعة في تنشيط خيالنا، أود أن أعرف المزيد عن حياة بوران الثورية والأُممية. يبقى من الممكن، من خلال أصدقائها الأحياء وعائلتها ورفاقها – وجوب القيام بهذا العمل. لست متأكدة مما أستنتجه عندما يعني الالتزام السياسي في النهاية أن أشخاصاً مثل بوران بازركان وليلى فخرو ينشطون في نسيانهم التاريخي، ما يُصعّب علينا تذكرهم؟
ربما بإمكاننا أن نختم بكلمات آفيري غوردون، التي تلتقط الماضي والحاضر والمستقبل وتؤكد على سبب انخراطنا في هذه المحادثة.
أن تكون مسكوناً باسم إرادة الشفاء يعني أن تسمح للشبح في أن يساعدك على تخيّل ما فقده أو ما لم يكن في واقع الأمر موجوداً أصلاً. هذه هي نعمتها الفاضلة: لتشجيع حزن فولاذي مليء بالبهجة لما فقدناه ولم نحصل عليه من قبل، لنتوق إلى رؤية تلك اللحظة التي ندرك فيها، كما هو الحال في إضاءة بنيامين الدنيوية، أنه كان من الممكن أن يكون على خلاف ذلك.53
جيران
- 1. Jirmanus Saba, 2019.
- 2. Takriti, 2013.
- 3. Ibrahim [trans. Aboul-Ela], 2000 [2021]
- 4. Alekry, 2014.
- 5. Takriti, 2013, 124.
- 6. K. Diallo, 2021.
- 7. Ibrahim, 2021, 140.
- 8. كان صُنع الله إبراهيم نفسه مُنخرطاً في الحركة الطُلابية اليسارية في القاهرة مُنذ بداية الخمسينيات، وسُجن مُنذ العام 1959-1964 على يد السُلطات المصرية لكونه جُزءاً من الحزب الشيوعي المصري (العطّار، 2009).
- 9. Beaugrand, 2018; Bishara and Wint, 2021; Chalcraft, 2016; Guirguis, 2020; AlShehabi, 2015; AlShehabi, 2017. Unpublished works include Al-Rashoud, 2016; Boodrookas, 2020.
- 10. Sajed, 2021; Trouillot, 1995.
- 11. Takriti, 2013; Al-Qassab, 2008.
- 12. Al-Najjar and Mattar, 2017, 685.
- 13. Al Mayadeen Podcasts, 2022.
- 14. Abdulhadi Khalaf, 2017.
- 15. Takriti, 2013.
- 16. Ibrahim, 2021, 3.
- 17. Slothuus, 2021.
- 18. For example: Moallem, 2005; Moghissi, 1994; Paidar, 1995; Shahidian, 1994.
- 19. Nasrabadi, 2014; Gordon, 2021; Sohrabi, 2020.
- 20. Padilla, 2019; Takriti, 2013, 302.
- 21. اسم الحرب.
- 22. Afraz, 2015.
- 23. Sohrabi, 2020; Mojab, forthcoming.
- 24. Muhanna, 2012, 137.
- 25. Haghshenas, 2015, 134, 138.
- 26. Ibid., 41-42.
- 27. Mather, 2007.
- 28. Salih, 2018.
- 29. Takriti, 2013, 125.
- 30. Alekry, 2014, 212.
- 31. Al Wasat, 2007.
- 32. Srour, 1974.
- 33. The Gulf Committee, 2018, 115.
- 34. Alekry, 2020.
- 35. Musa, 1987, 80-1.
- 36. Bhandar and Ziadah, 2020.
- 37. Ja’bub, 2008.
- 38. Al Mayadeen Podcasts, 2022.
- 39. Gordon, 2008, 134.
- 40. Bhandar and Ziadah, 2020, 182.
- 41. Gordon, 2008, 6.
- 42. Ibid., xix.
- 43. Takriti, 2013, 4.
- 44. Shamshiri-Fard, 2022.
- 45. Sawt al-Thawra, 1975; see also Salim Al-Jadidi, 2020.
- 46. Afraz, 2015, 170.
- 47. Hayes, 2006; see also Azoulay, 2019.
- 48. Anonymous, 2022.
- 49. Matin-Asgari, 2002, 138.
- 50. See Shamshiri-Fard, 2022.
- 51. Halliday, 1974.
- 52. Mather, 2007.
- 53. Gordon, 2008, 57.
Al-Jadidi, Salim سالم الجديدي (@al_salim89). Twitter Web App. 6 June 2020, 5:40pm. https://twitter.com/al_salim89/status/1269308266191958016
Afraz, Mahbubeh. “Hamrah ba Enqelabiyun-e Omani: Yaddashtha-ye Jang-e Zofar [Alongside the Omani Revolutionaries: Notes from the Dhofar War].” In Torab Haghshenas, ed. Hamrah ba Enqelabiyun-e Omani: Yaddashtha-ye Jang-e Zofar [Alongside the Omani Revolutionaries: Notes from the Dhofar War]. Frankfurt: Andeesheh va Peykar Publications, 2015.
Al Mayadeen Podcasts. “Layla Fakhro … Min al-Bahrain ila Dhofar al-‘Omaniyya, Munadila li Tahrir al-Khalij min al-Jahal wa al-Ist’imar [Layla Fakhro… From Bahrain to Omani Dhofar, A Partisan for the Liberation of the Gulf from Ignorance and Imperialism].” Al Mayadeen.net. 14 Jan 2022. https://www.almayadeen.net/podcasts/ليلى-فخرو-من-البحرين-إلى-ظفار-العمانية-مناضلة-لتحرير-الخليج
Al Wasat. “Laila Fakhro.” Al Wasat, issue 1908, 26 November 2007. http://www.alwasatnews.com/news/265085.html
Al-Najjar, Sabika and Fawzia Mattar. Al-Mar’a al-Bahrainiyya fi al-Qarn al-‘Ishreen [Bahraini Women in the 20th Century]. Ottawa: Masa Publishing & Distribution, 2017.
Al-Qassab, Basima. “Layla Fakhro, Mama Huda: An Takuna Mu’aliman Qadiran ala al-Jura’a [Layla Fakhro, Mama Huda: To Be a Teacher Capable of Courage].” Waad from Al Waqt (Bahrain), no. 682, 3 January 2008. http://www.aldemokrati.org/details.php?artid=4143
Al-Rashoud, Talal. “Modern Education and Arab Nationalism in Kuwait, 1911-1961.” Unpublished PhD Thesis. SOAS, University of London, 2016.
AlShehabi, Omar H. “Political Movements in Bahrain Across the Long Twentieth Century (1900– 2015).” In Amal Ghazal and Jens Hanssen, eds. The Oxford Handbook of Contemporary Middle Eastern and North African History. Oxford: Oxford University Press, 2015.
AlShehabi, Omar H. Contested Modernity, Sectarianism, Nationalism and Colonialism in Bahrain. Oxford: OneWorld Publications, 2017.
Alekry, Abdulnabi. “Min al-Bahrain ila Dhofar [From Bahrain to Dhofar].” Al ‘Araby al-Jadid. 11 May 2020. https://www.alaraby.co.uk/عبد-النبي-العكريمن-البحرين-الى-ظفار
Alekry, Abdulnabi. Al-Tandhimat al-Yassariyya fi al-Jazeera wa al-Khalij al-‘Araby [Leftist Organisations in the Arabian Gulf and Peninsula]. 2nd Edition. Beirut: Dar Faradis, 2014.
Anonymous. Az Goruh-e Setareh ta Sazman-e Vahdat-e Komunisti: Rahi be Raha’i [From the Star Group to the Organisation of Communist Unity: A Road to Emancipation]. Vienna, Austria: Ketab-e Raha, 2022.
Azoulay, Ariella Aïsha. Potential History: Unlearning Imperialism. London: Verso Books, 2019.
Beaugrand, Claire. Stateless in the Gulf: Migration, Nationality, and Society in Kuwait. London/New York: I.B. Taurus, 2018.
Bhandar, Brenna and Rafeef Ziadah, eds. Revolutionary Feminisms: Conversations on Collective Action and Radical Thought. London: Verso Books, 2020.
Bishara Fahad and Hollian Wint. “Into the bazaar: Indian Ocean vernaculars in the age of global capitalism.” Journal of Global History 16, no. 1, 2021, 44-64.
Boodrookas, Alex. “The Making of a Migrant Working Class: Contesting Citizenship in the Persian Gulf, 1925-1975.” Unpublished PhD Thesis. New York University, 2020.
Chalcraft, John. Popular Politics in the Making of Modern Middle East. Cambridge: Cambridge University Press, 2016.
Diallo, K. (@nyeusi_waasi). Twitter Web App. 2 June 2021, 10:16pm. https://twitter.com/nyeusi_waasi/status/1400199578427793410?s=20&t=iIQdrx-zLUXbb5JFlV2vyQ
El Attar, Ahmed. “Sonallah Ibrahim: Odd Man Out.” Translated by Mona Abu Rayyan. Bidoun. Summer 2009. https://www.bidoun.org/articles/sonallah-ibrahim
Gordon, Arielle. “From Guerrilla Girls to Zainabs: Reassessing the Figure of the ‘Militant Woman’ in the Iranian Revolution.” Journal of Middle East Women's Studies 17, no. 1, 2021, 64-95.
Gordon, Avery F. Ghostly Matters: Haunting and the Sociological Imagination. Minneapolis: University of Minnesota Press, 2008.
Guirguis, Laure, ed. The Arab Lefts: Histories and Legacies, 1950s–1970s. Edinburgh: Edinburgh University Press, 2020.
Haghshenas, Torab, ed. Hamrah ba Enqelabiyun-e Omani: Yaddashtha-ye Jang-e Zofar [Alongside the Omani Revolutionaries: Notes from the Dhofar War]. Frankfurt: Andeesheh va Peykar Publications, 2015.
Halliday, Fred. Arabia without Sultans. Harmondsworth: Penguin Books, 1974.
Hayes, Patricia, ed. Visual Genders, Visual Histories: Gender & History. Oxford: Wiley-Blackwell, 2006.
Ibrahim, Sonallah. Warda [2000]. Translated by Hosam Aboul-Ela. New Haven: Yale University Press, 2021.
Ja’bub, Mona. “Dhofar, al-Sahar alladhi fi-l-nass wa fi Dhakira-t al-Makan [Dhofar, The Magic that is in People, and Memory of a Place].” Gulf Centre for Development Policies from Al Waqt (Bahrain), 27 December 2008. https://gulfpolicies.org/2019-05-18-07-14-32/93-2019-06-26-10-11-31/919-2019-06-26-13-05-48
Jirmanus Saba, Mary. “Heiny Srour on The Hour of Liberation Has Arrived.” Screen Slate. 3 June 2019. https://www.screenslate.com/articles/heiny-srour-hour-liberation-has-arrived
Khalaf, Abdulhadi (@abdulhadikhalaf). Twitter Web App. 4 July 2017, 7:55am. https://twitter.com/Abdulhadikhalaf/status/882130657622843392?s=20&t=amQwmkPT2UBvOWmRhSP0Mw
Mather, Yassamine. [Untitled]. Iranian.com. 21 January 2007. https://iranian.com/Mather/2007/March/Obit/index.html
Matin-Asgari, Afshin. Iranian Student Opposition to the Shah. Costa Mesa: Mazda, 2002.
Moallem, Minoo. Between Warrior Brother and Veiled Sister: Islamic Fundamentalism and the Politics of Patriarchy in Iran. Berkeley, CA: University of California Press, 2005.
Moghissi, Haideh. Populism and Feminism in Iran: Women’s Struggle in a Male-Defined Revolutionary Movement. London: Macmillan Press, 1994.
Mojab, Shahrzad. “Figures of Dissent: Women’s Memoirs of Defiance.” In Alison Crosby and Heather Evans, eds., Remembering and Memorializing Violence: Transnational Feminist Dialogues, forthcoming.
Mojab, Shahrzad. “Women and revolution in the Middle East.” In Suad Joseph and Zeina Zaatari, eds., Handbook on Women in the Middle East. New York: Routledge, 2023, 197-211.
Muhanna, Kamel. Malh’amat al-Khiyarat al-Sa‘ba: Min Yawmiyyat al-Duktur Kamel Muhanna [The epic of difficult choices: From the Diaries of Doctor Kamel Muhanna]. Beirut: Dar al-Farabi, 2012.
Musa, Hussain. Al-Bahrain, al-Nidal al-Watani wa al-Demokrati 1920-1981 [The National Democratic Struggle in Bahrain 1920-1981]. Tripoli: Al-Haqiqa Press, 1987.
Nasrabadi, Manijeh. “‘Women Can Do Anything Men Can Do’: Gender and the Affects of Solidarity in the U.S. Iranian Student Movement, 1961–1979.” Women’s Studies Quarterly 42, no. 3/4, 2014, 127-145.
Padilla, Fernando Camacho. “Las Relaciones Entre Latinoamérica E Irán Durante La última década De La dinastía Pahleví [Relations between Latin America and Iran during the Last Decade of the Pahlavi Dynasty].” Anuario De Historia De América Latina 56, December 2019, 66-96.
Paidar, Parvin. Women and the Political Process in Twentieth Century Iran. Cambridge: Cambridge University Press, 1995.
Sajed, Alina. “‘From what present are we historicizing the left?’ Histories and silences of Arab Lefts.” Legal Form. October 2021.
Salih, Arwa. The Stillborn (Notebooks of a Woman from the Student-Movement Generation in Egypt). Translated by Samah Selim. London: Seagull Books, 2018.
Sawt al-Thawra, no. 160, 5 July 1975.
Shahidian, Hammed. “The Iranian Left and the ‘Woman Question’ in the Revolution of 1978-79.” International Journal of Middle East Studies 26, no. 2, 1994, 223-247.
Shamshiri-Fard, Marral. “Sawt al-Thawra.” Revolutionary Papers Teaching Tool. 21 April 2022. https://revolutionarypapers.org/teaching-tool/sawt-al-thawra
Slothuus, Lukas. “Comradely Critique.” Political Studies. August 2021 (advance online publication).
Sohrabi, Naghmeh. “Where the Small Things Are: Thoughts on Writing Revolutions and their Histories.” Jadaliyya. 21 May 2020. https://www.jadaliyya.com/Details/41154
Srour, Heiny. The Hour of Liberation Has Arrived. Documentary Film. Lebanon, UK, France: Srour films, 1974.
Takriti, Abdel Razzaq. Monsoon Revolution: Republicans, Sultans, and Empires in Oman, 1965-1976. Oxford: Oxford University Press, 2013.
The Gulf Committee, The Gulf Committee Bulletin No. 5: 8 Years of People’s War in Oman. In Hsinyen Lai. “The Social Drivers of International Relations in the Gulf: Gramsci on the Case of Bahrain and Gulf Alignment 1971−1981.” Unpublished PhD Thesis. University of Edinburgh, 2018.
Trouillot, Michel-Rolph. Silencin