تبّاً لخطوطكم اللعينة: التحريض لإثارة البلبلة في الأكاديميّة

السيرة: 

تُعرَف أيضًا باسم شبكة تيتا للأبحاث. أعضاء المؤامرة هم: أحمد قيس منهزم، أحمد عوض الله، ألينا آخنباخ، باربرا ديندا، سيندي سلامة، دلال الفارس، ديباراتي سركار، فرح جلال عثمان، ج. دانييل لوثر، جان مخلوطة، لينا قليلات، حنا الطاهر، ماريا نجار، مايا بهاردواج، مادوليكا سنكار، ملاك الأكحل، ميريام عمري، نيحاريكا بانديت، نور المزيدي، رؤيا حسن، سارة البنا، سارة تونسي، شيرين شلاح، وازنة زندن، زينب أحمد.

شكر‬ ‫واعتراف‬: 

قد حرّرت هذا التحريض ديباراتي ساركار.

اقتباس: 
دائرة الكتابة: العصبةُ المتآمرة. "تبّاً لخطوطكم اللعينة: التحريض لإثارة البلبلة في الأكاديميّة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 7 عدد 1 (06 سبتمبر 2021): ص. 37-49. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 25 أبريل 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/295.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (776.66 كيلوبايت)
ترجمة: 

مُترجمة وصحفيّة تخصّصت في مجالي الترجمة والصحافة في الجامعة اللبنانية. تعمل كمترجمة ومحرّرة في بيروت. عملت في مجالات عدّة وهي شغوفة بالمواضيع المرتبطة بحقوق الإنسان والعدالة الجندرية والجنسانية والنسوية.

ملاحظات حول خلق هذا التحريض

  • كيف نبني التضامن العابر للقومية
  • كيف نتخيّل قصّة الاحتلال ونرويها من وجهات نظر وسياقات مختلفة
  • دليل الاستيلاء – نصائح حول ما يجب فعله غير كتابة البيانات، ويتحدّى مساحاتنا الآمنة
  • كيف نعبر الحدود... تلك الحدود الاستعماريّة التي ما انفكت تُقسّمنا... لكننا نستطيع أن نعبر الحدود وسنعبرها... حتى من خلال وجودنا فحسب
  • اللغات – والكتابة حول المصطلحات
الشّبح: هل علينا تحرير النصّ فقط، لنبدو في الواقع، بسحر
ساحر، كمجموعة واحدة تلتزم بالأسلوب نفسه، أو نضيف
 الاقتراحات وتتبّع التغييرات؟ قد أعمل على تطبيق ذلك
 في هذا النص...

"في البداية كان هناك نهر. والنهر أصبح طريقًا والطريق تشعّب ليمتدّ إلى العالم بأسره. ولأن الطّريق كان نهرًا في ما مضى، فقد كان دائمًا شرهًا".
- بن أوكري، في الطريق الجائع

 

ربّما يعني التضامن التشعّب للامتداد إلى العالم بأسره، التشعّب على مستوى أكثر تشعّبات الجذور صِغراً، لتحدّي حدود الوجود، والهويّة، والأمّة، والدولة، والدول القوميّة. في 4 أيّار/ مايو 2021، قام مزارع بلجيكي بتغيير الحدود الفرنسية بشكل عرضيّ لقيادة جرّاره عبر الأراضي الزراعية بين البلدين. لم يحدث شيء. ذُكرت هذه الحادثة كنادرة مضحكة في الأخبار. وقهقه أحد العُمَد لدى سماعها. المزارع البلجيكي رجل أبيض. لا يشعر أحد بالتهديد من انتهاكه البسيط هذا للحدود. لكن ما الذي قد يحدث عندما تحاول حراكات أصحاب البشرة الداكنة والحراكات المثليّة والنسويّة والحراكات الداعية إلى إنهاء الاستعمار تغيير الخطوط والحدود المرسومة على الخرائط القديمة التي وضعها قُدامى المستعمرين من الرجال البيض، وذلك في محاولة لإلغاء المشاكل التي خلقها قُدامى المستعمرون من الرجال البيض أنفسهم، وهم يتسكّعون عبر الأراضي والثقافات والحدود؟

 

ما هو شكل التضامن؟

الشبح: لم أسمع أصوات الاضطراب المُزمجرة وسط الرياح، منذ
فترة طويلة. ربيع السخط، يليه شتاء التظاهرات الاحتجاجيّة،
الآن حلّ صيف الأحزان ممزوجًا بليالي انتفاضة أقصر. أكتب من
وحي الذاكرةالمركّبة. فتحلّوا/ين بالصبر.

Arrey ayi ayi azaadi, woh mehki mehki azaadi/ woh phoolon waali azaadi...jo tum na doge azaadi, hum chhin ke lenge azaadi/ har gali-galin mein azaadi/ har sheher sheher mein azaadi/ har gaon gaon mein azaadi/ iss manuwaad se azaadi/ ptrisatta se azaadi, har behnein mange azaadi/ har maaein mange azaadi/ jo tum na doge azaadi/ hum chhin ke lenge azaadi1

 

الصورة 1: نشطاء كشميريون يلوّحون بالأعلام الفلسطينيّة من أعلى جداريّة مزركشة برسومات الغرافيتي التي تعني باللغة الإنجليزيّة "نحنُ فلسطين"، رسمها فنان الغرافيتي الكشميري مدثر غول. الصورة تعود إلى: "ذي واير"

 

أيار/مايو 2021. بعد أن بَلَغت العالم أخبار الاعتداءات العنيفة التي شنّتها دولة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيليّة على الشيخ جرّاح والمسجد الأقصى، والغارات الجويّة المتواصلة التي تسبّبت بمقتل الأطفال في شوارع غزة، تمّ اعتقال فنان الغرافيتي الكشميري مدثر غول مع عدد من الأشخاص الآخرين في الوادي الذي تحتلّه الهند. وقد رسم غول جداريّة تعني "نحنُ فلسطين" باللغة الإنجليزية مع وجه امرأة ترتدي العلم الفلسطيني حجابًا وذلك تضامنًا مع حركة تقرير مصير الشعب الفلسطيني ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.2 أرغمته الشرطة على إتلاف رسومات الغرافيتي، وأُفرج عنه بكفالة بالتزامن مع اعتقال نشطاء كشميريين تظاهروا رافعين شعارات مناهضة لإسرائيل وأعلامٍ فلسطينيّة.

 

إنهاء الاستعمار كعملية رسم الخرائط المُضادّة.

ع

ا

ر

ع

ل

ى

الذين رسموا الخطوط الفاصلة، ووضعوا الخرائط، وبنوا الحدود. العنوهم، تعلّموا من الساحرات. نحن أبناء وبنات الساحرات اللواتي عجزوا عن حرقهنّ. لم تكن الحدود موجودة عندما وصل الغزاة، ولم تكن موجودة عندما تمّ إنشاء شركات في شرق الهند، ولم تكن موجودة عندما بنت الصين سور الصين العظيم. لم تكن الحدود موجودة عندما جاءوا لسرقة الأرض. لم يرسموا الحدود إلّا عندما أدركوا أننا قادمون لاستعادتها.

[للمتابعة، على القارئ استحضار الأشباح التالية]

فلسطين، كردستان، كشمير، سيناء، النوبة، الصحراء الغربية، لابّي، أواكساكا/ تشياباس، حركة المظّلة (雨傘 運動) – هونغ كونغ، شينجيانغ، التبت، أويتيروا (وليس نيوزيلندا)، جزيرة السلاحف

إنهاء الاستعمار كعملية رسم الخرائط المضادّة. رسم الخرائط المضادّة، ليس من خلال رسم خطوط وخرائط جديدة فوق الخطوط القديمة، إنّما تحدّيها بشكل مطلق. فعوضًا عن استبدال الخريطة القديمة بخريطة أحدث أو حتّى أقدم، يجدر التركيز على العملية، على كلمة "إنهاء" في عبارة إنهاء الاستعمار. على الرفض. وبناءً على ذلك، على العمليّة. ما هي المسارات الجديدة التي يمكن أن نسلكها بعد التخلّي عن الخرائط الاستعمارية ومعارضتها؟

الشبح: هل يمكن أن يكون هناك خريطة لصنع العالم، لعوالم
قيد الإنشاء؟ ربما صنع العالم من خلال رسم الخرائط؟
ليس من خلال التمثيل الجغرافي والمكاني، وليس خريطة
مرسومة بناءً على حدود وخطوط إنّما واحدة مبنيّة على شبكات
بثّ متداخلة. تشعّب على مستوى الجذامير أكثر من الجذور.

تلك الخطوط اللعينة! إنها عدد الخطوط التي تعلو جبين جدّتي وتروي كيف استولى الغريب على منزلها، وكيف تعرّضت للضرب إلى أن فقدت وعيها. والأهمّ من ذلك، كيف أنها لن تتوقف عن النضال والغضب الشديد يتملّكها إلى أن تعود إلى ديارها. يقولون لي إنّني أشبهها وقد ورثت عنها غضبها. ذات يوم... ستظهر خطوطها على جبهتي ومثلها هي، لن أستسلم.

أنهِ/ي استعمار المناهج الدراسية التي تحدّد الحياة – حياتي وحياتك – في الفصل الدراسي. كسّر/ي القيود وتحرّر/ي من المعرفة التي شوّهت معاني القوة والظلم بالنسبة إلينا. دع/ي الأصوات تخترق النصوص الموحّدة التي طُلب منّا قراءتها من أجل التضامن؛ لا يمكن تغطيتها برداء الموضوعية في الجامعة. سمِّ/ي الأمور بأسمائها. احتلال وليس صراعًا. استعمار وليس حضارة. إبادة جماعية، وليس دفاعًا عن النفس.

تلك الخطوط اللعينة. نقرأها ونعيد قراءتها، ونردّدها كالببغاء ونتذكّرها في كتب التاريخ والصحف والرسائل الثائرة إلى أن تختفي يومًا ما المنطقة بأكملها، تُدفن تحت الأرض، وتليها قبور مخفيّة، وسجن في الهواء الطلق، وشبه الأرامل، وأشجار الدلب المشرقيّ، وبندقيّات الخردق، لا مكالمات هاتفية، أمي أودّ أن أراك. تنقطع الأخبار لمدّة 100 يوم، 6 أشهر، ثمّ سنة. الآن، باتت "أرض العناوين المنكوبة" التي كتب عنها آغا شهيد علي.

تلك. الخطوط. اللعينة.

[للمتابعة، على القارئ استحضار الأشباح التالية]

فلسطين، كردستان، كشمير، سيناء، النوبة، الصحراء الغربية، لابّي، بلديات ريبيل زاباتيستا المتمتعة بالحكم الذاتي/ تشياباس، حركة المظلة (雨傘 運動) – هونغ كونغ/香港، التيشهر، دزنغاريا، (ليس شينجيانغ/الحدود الجديدة)، التبت (بود)، أويتيروا (وليس نيوزيلندا)، جزيرة السلاحف، إدارات وأقاليم ما وراء البحار، الجزر الكاريبيّة الهولندية/ هولندا الكاريبيّة

في ليلة رأس السنة من العام الماضي، قصدتُ سيناء للمرّة الثالثة أو الرابعة خلال عام واحد، ولكن كانت زيارتي الأولى إلى نويبع بالتحديد. عندما أخبرت والدي بذلك (هو الذي عايش الاحتلال الإسرائيلي لسيناء والحرب على مصر)، قال لي إنّ في نويبع عبّارة تنطلق مباشرة من/ إلى إسرائيل وسألتقي هناك بالعديد من الإسرائيليين، وطلب منّي ألّا أذهب كي لا أتعامل معهم. أجبته أنّ البلد بلدي، ولست أنا من يجب ألّا أكون هناك. لحسن الحظ، حين وصلنا، كانت إسرائيل قد فرضت إقفالًا تامًّا ولم يكن هناك أيّ إسرائيلي في نويبع. ومع ذلك، ما إن وطأت أقدامنا المخيّم، حتّى استقبلتنا الكتابات العبرية على المظلات، وقائمة الطعام المُسعّرة بالشيكل الإسرائيليّ، والكتب الإسرائيلية المنتشرة في الأرجاء. أوّل ما قلناه أنا وأصدقائي لبعضنا البعض "هل نحن في إسرائيل؟" مكثنا مدّة أسبوع، وطوال تلك الفترة، صادفنا القليل من التذكيرات باستعمار سيناء الذي من المفترض أنه قد انتهى. أخبرتني صديقتي أنها كانت قد زارت طابا مؤخرًا مع عائلتها، قبل أن تأتي لتلتقي بنا في نويبع وجلست على الحدود مُحاطة بجنود إسرائيليين على أرض سيناء. بقيتُ أفكّر كيف طرد هؤلاء الأشخاص/ الجنود/ قوّات الاحتلال والدي من مسقط رأسه ومنزل طفولته، لأنهم لم يتوقفوا عن قصف مدينته. كان منزله من المنازل التي خبّأ فيها مدنيّون مصريّون مسلّحون/ المقاومة أسلحتهم، إذ كان يحوي على قبو مخفيّ. لم يعُد أبدًا إلى ذلك المنزل، ولا يعرف ماذا حلّ به.

الشبح: لماذا تدمع عيون الألمان البيض عند ذكر جدار
برلين، ولا تدمع عند ذكر الجدار الذي يقسّم القدس؟

 

الصورة 2: كُتب على الصورة ما يلي: "رسم خرائط النضالات نحو إنهاء الاستعمار (ديكولونيالية)*"

 

الشبح: التضامن صعب ومؤلم. فهو يعني "إمعان النظر
من جديد". نحن الآن نتقبّل المشقّة المتمثّلة في الجزء
المربك من هذه الوثيقة. الشبح: الجهل كدرع وطريقة
للانفصال/ تجاهل – ما العمل حيال عدم اكتمال هذه
القائمة؟
الشبح: ربما الاعتراف بالغموض أو معالجة
"عدم اكتمال" هذه القائمة في النصّ؟
الشبح: تنتشر النضالات الداعية لإنهاء الاستعمار
عبر الكوكب بأسره. في محاولةٍ لوضع لائحةٍ بجميع أجزاء
الأراضي المحتلّة، أو المتنازع عليها، والخاضعة
للدوريات والمغلقة وغير المعترف بها والمضمومة
والمهجّرة والمنكوبة والمدمّرة، ستُمثّل دائمًا مهمّة
يستحيل إتمامها - وبالتأكيد، تتبُّع الخطوط
(الحدود)، ليس ولن يكون كافيًا لطمسها وتفكيكها.
لكن من المُهمّ ذكر الأسماء - لابي وليس لابلاند؛
أويتيروا وليس نيوزيلندا - الأسماء التي يتمّ
تجاهلها، الأسماء التي يجهلها كثيرون. الجهل
درع نخفي وراءه انسحابنا انفصالنا. إنه خط آخر
نرسمه - الجهل ليس بريئًا. تسمية الأشياء بأسمائها
هو فعل مقاومة. ليست تل أبيب، إنّها يافا! ليست
إسرائيل بل دولة الاحتلال.
هذه الأرض التي يحتلّونها هي فلسطين.

[للمتابعة، على القارئ استحضار الأشباح التالية]

فلسطين، كردستان، كشمير، سيناء، النوبة، الصحراء الغربية، لابّي، بلديات ريبيل زاباتيستا المتمتعة بالحكم الذاتي/تشياباس، حركة المظلّة (雨傘 運動) – هونغ كونغ/香港، التيشهر، دزنغاريا، (ليس شينجيانغ/الحدود الجديدة)، التبت (بود)، أويتيروا (وليس نيوزيلندا)، جزيرة السلاحف، إدارات وأقاليم ما وراء البحار، الجزر الكاريبيّة الهولندية/ هولندا الكاريبيّة

الشبح: "تمّ الاستيلاء على أراضي السكان الأصليّين بواسطة الخرائط
أكثر من السلاح". هل هذا الاقتباس لنيشتمان؟ أنا أحاول البحث
من مصدر أفضل... الشبح: بالعودة إلى رسم الخرائط، من بين
منظّمات أخرى كثيرة، تمّ إنشاء شبكة "مابيغ باك نتوورك"
التي يقع مقرّها في كندا "لتوفير قدرة رسم الخرائط والدعم
لأعضاء مجتمعات السكان الأصليين، الذين يحاربون الصناعات
الاستخراجية"3 وتركّز "نايتف لاند ديجيتال" بشكل كبير
على أراضي السكان الأصليّين في الدول الاستعماريّة
الاستيطانيّة، في الولايات المتحدة/ كندا/أستراليا والعمل
جارٍ لتشمل بقيّة العالم.

 

نظرة من الجنوب: كيف يبدو بناء التضامن عبر النضالات لإنهاء الاستعمار؟

التخلّي عن إطار الدولة القومية. التفكير عبر الوطني. التفكير في النضالات المحليّة على أنها منفصلة عن النخب المحليّة. التضامن خطير، والتضامن محفوف بمخاطر لا بُدّ علينا مواجهتها. بناء التضامن والروابط العابرة للوطنية. التضامن يعني أيضًا إدراك المخاطر والتجرّؤ على تحمّلها لأجل النضال، حتى وإن كان جسدك على المِحكّ. فهم الاختلافات السياقيّة (كلّ شيء مترابط)، ولكن بهدف بناء أنماط تضامن جماعية لإنهاء الاستعمار. الصداقات والحميميّة والكثير من الحوارات والإنصات، وخلق المساحة لأجل من يناضلون لحقّهم بها. قد يعني التضامن بناء المساحات للحوار. مساعدة بعضنا الآخر على النمو. الاستماع لبعضنا الآخر، والاطّلاع الدؤوب على نضالات الآخرين لإنهاء الاستعمارات المختلفة. مساءلة بعضنا الآخر. الحضور. مراعاة الإعاقة. بناء المساحات التي تستوعب الأشخاص المصابين بأمراض عقلية وأمراض غير جسدية أو ظاهرة. المشاركة حتى في غياب مشاركة الأشخاص المعنيين. الدفاع عن حقّ تقرير المصير حتّى في حال مغادرة المنفي صاحب الشأن المكان طوعًا أو قسرًا. مواصلة العمل بجدّ لصَون أرض الحديقة وإن بغياب الأزهار، فالربيع قادمٌ لا محالة. كتب فايز من السجن:

أولئك الذين يستنيرون من سمّ الطغيان
لن تزدهر بهم الدُنيا أبدًا،
فليُطفئوا ضياء الأروقة التي جمعتنا مع أحبّتنا
لكنني ها هنا أتحدّاهم
أن يطفئوا القمر!

الشخصي هو سياسي – والعكس صحيح – لا بُدّ أن تتحرر الطُرُق التي نُعبّر من خلالها عن تجاربنا الخاصة مع الاستعمار من أساليب الاستعمار ذاته. كلّما كنت تتمتّع بامتيازات أكثر، تستطيع ويتوجّب عليك المخاطرة. التضامن هو التخلّي عن هويتك القومية والعرقية والجنسانية والجنسية، في اللحظة التي تحول فيها تلك الهويات دون اتصالك بإنسان آخر. فهذا يعني إبطال عمر من الأذى الداخلي. ويعني العمل على تنمية الإدراك للحدود التي نبنيها في داخلنا والتي تفصلنا عن "الآخر". هذا يستدعي أن نتحرّر من مُحدّدات جلدتنا، وذلك عبر استيعاب الماهية التفاعلية الكامنة في هذا العضو الأكبر من الجسم. التضامن هو تحويل الموارد الماديّة إلى بلدان الجنوب، للنهوض ومواجهة البيروقراطية، والاستيلاء على الأموال التي سُرقت بالفعل من بلدان الجنوب وإعادتها إلى الأرض والشعب والحراكات. إدراك أن بلدان الجنوب هي غير متجانسة ومتعددة الأصوات. تحديد هوامش الهوامش لإلغاء مركزيّة المركز باستمرار، لما هو مُهيمن، حتى لا يعود هناك أيّ مهيمن، ولا أيّ مركز. فعل الشيء الصحيح أكثر من قول الشيء الصحيح. إنه الفعل الذي يخلق النظرية ويخرج منها. إنه الفعل الذي يخلق النظرية ويعزّز الأمل.4 والذي يشقّ طريقه للوصول إلى الفصول الدراسية غير المريحة حيث يواجه الطلابُ القامعين. التضامن هو عدم النسيان أبدًا. وتذكّر طرح الأسئلة الصعبة. التضامن هو مقاومة الرقابة المفروضة على التأمّلات والأفكار والسرديات والمعرفة. التضامن هو إزالة الحدود. إزالة الحدود في الحرم الجامعي. في الشوارع. التضامن هو في القبضات المرفوعة معًا. قد يفوق التضامنُ الصداقةَ قيمةً أحيانًا. فهو متداخل... يمكن للصداقة أن تُضيف للتضامن وزنًا وشكلًا. تحمُّل الغرق في فوضى "المعرفة والاكتشاف". بعض الأسئلة المفيدة للتفكير من خلال التضامن والصداقة في حياتنا اليوميّة: هل التضامن بحاجة إلى هدف سياسيّ مشترك؟ كيف نتعامل مع التقارب والحميميّة والمسافة والخلاف في التضامن؟ كيف أظهر تضامني عندما نختلف؟ إلى أيّ مدى يمكن أن تمتدّ؟ كيف يصبح التضامن ويبقى وجهة نظر سياسيّة، دعوة للتحرّك، أسلوب حياة؟ يكمن ذلك في تحديد أساسه في الشغف بالعدالة. أساس التضامن هو الإيمان بالإنسانية –

الشبح: هل هذا يختلف عن الإنسانويّة؟ التفكير في الأرض، والكوكب،
وجميع أشكال الحياة، والنظم البيئية - توسيع مفهوم للتضامن يكون
الإنسان الحجر الأساس فيه.

– يبدو الأمر بسيطًا للغاية، ولكن هذا ما هو عليه بشكل جوهريّ. سأدافع عن حقك في العيش والتنفّس والنضال من أجل الحريّة، بكلّ الوسائل اللازمة. يبدو الأمر بسيطًا للغاية، لكننا نعيش في عالم حيث غالبًا ما يتمّ وضعه بين قوسين أو يخضع لشروط، أو تساؤلات. لست بحاجة إلى الإعجاب بك، أو الاتفاق معك، أو حتى التحدّث إليك، لأؤمن أنّك إنسان؛ هذا هو الحدّ الأدنى: القناعة بأننا جميعًا بشر. بناءً على هذه القناعة، يمكننا بناء روابط، وصداقات، وأعمال فنيّة، أي شيء. مستقبليات ممكنة. طالما أن إنسانيّتي مُشكَّك في أمرها، فلا جدوى من أي أداء تضامنيّ.

الشبح: هل يُمكن أن يكون هناك تضامن في ظل ظروف حياة غير
مستقرّة وغير صالحة للعيش؟ كيف نتخيّل التضامن خارج نطاق
الحقوق والسيادة والإرادة؟ هل يمكن أن يكون التضامن نهجًا
وصفيًا مُستقطعًا من سيرورة التاريخ، بين ما نُشر من أعمال
وما سيُنشر؟

 

مرّة أخرى، ما هو شكل التضامن؟

الشبح: من أجل فلسطين، لا بُدّ وأن نضع استراتيجيات للسطو.

هل ندعم أرشفة التضامن العابر للقومية كي لا يُنسى؟ لا تنتهي الصراعات التي تناضل ضد الاستعمار مع وقف إطلاق النار. "ثقّف، حرِّض، تنظَّم!... لأن معركتنا ليست معركة من أجل الثروة أو من أجل السلطة. إنها معركة من أجل الحريّة. إنها معركة استعادة الشخصية الإنسانية" (أمبيدكار، 1942). ضع ملصقات على المنتجات الإسرائيلية في السوبر ماركت (وجدتُ علبة حمّص "صُنع في إسرائيل" كُتب عليها "حمّص لبناني"، كنت سأتقيّأ). اخسر/ي الأصدقاء والفرص – من يريد مثل هؤلاء الأصدقاء والفرص على أي حال؟ أو هل هيمنت الوصوليّة إلى درجة تجعلنا على استعداد للانحناء أمام المدافعين عن الاحتلال؟ خذ/ي على عاتقك المجادلة والتثقيف وإرسال الموارد، حتى لا يقع عبء ذلك على الفلسطينيين وحدهم. احتجّي بإبعاد نفسك عن مساحات معيّنة أحياناً. ارفض/ي وتحدّ/ي التطبيع في كلّ مكان. ككتّاب/ كاتبات وباحثين/ات، تبنّوا/ين "الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل" وانشروها/نها في المؤتمرات التي نشارك فيها. الإصرار على تذكيرهم/نّ بفلسطين، حتّى عندما يكرهون/ن باستمرار أي تذكير بالمقاومة (@ الدولة المصريّة التي تعتقل الذين/ اللواتي يرفعون/ن الأعلام الفلسطينية أو لديهم/نّ علم فلسطين على حقائب الظهر الخاصة بهم/نّ، أو يجرؤون/ن على التفكير في التنظيم مع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات). الاستعمار الاستيطاني لم ينتهِ بعد. لم ينتهِ يومًا. فليكن النضال ليس عابرًا للحدود فحسب، بل عابرًا للأجيال والتاريخ وقوانين الأمر الواقع.

 
 

الصورة 3: لافتة مستوحاة من أعمال "تطريز" كُتب عليها: "لا يُختزل الاحتلال بالجغرافيا".

 

لا يمكنك الهروب من الاحتلال جغرافيًّا، فهو يُسافر معك، ليس فقط بالمعنى المجازيّ، ولكن أيضًا بشكل ملموس. توضّح الحدود الوطنية كيف يمكن للبعض التحرّك بسلاسة بينما يُحرم آخرون/ أخريات من العبور، أو يتعرّضون/ن للمضايقة/ التحرّش أثناء القيام بذلك – ولكن الحدود مرسومة في كلّ مكان، فالسياسات التي تُحدد معايير منع التحرّك لمجموعة من الناس هي نفسها التي تُسهّل حق التنقل لأصحاب الامتيازات.

يختبئ الاحتلال أحيانًا في بقع من الوبر البالي من التطريز5 الكثيف المُتشابك، الذي عبر العديد من الحدود الهشّة على ظهور النساء الفلسطينيّات المنفيّات. تروي فنّانة النسيج علياء الشيخ يوسف: "بعد أن تفرّقنا، أصبحت كلّ أعمال التطريز تُجسّد التطريز الفلسطينيّ. نودّ الحفاظ على التطريز الفلسطينيّ وليس على إرث قرية بعينها، فهي جميعها تحت الاحتلال، وقد ولّى الآن".67 النساء المنفيّات قسرًا يشعرن بالضياع والشوق فيطرّزن لتذكّر أسماء القرى في فلسطين وضواحيها (خضر 2009). يروي كلّ تطريز، بتصوّره الأيقونيّ والرمزيّ الغنيّ، قصّة الشوق إلى القرى التي أُرغمت النساء على مُغادرتها وأُبعدن عنها. تاريخيًّا، انعكست الطبيعة المُهاجرة لمحتلّي الأرض على المعرفة التصويريّة المتنوعة للزخرفات والدلالات المختلفة المرتبطة بالتطريز (قعوار 2011). يشهد تحوّل التطريز إلى ممارسة فنيّة سياسيّة، على تاريخ الاستعمار الاستيطانيّ لدولة إسرائيل. بعد النفي القسري الذي تعرّضت له النساء الفلسطينيّات على يد القوات العسكريّة الإسرائيليّة في العام 1948، وفي عمل مقاومة لافت، ارتدين أثوابهن أو فساتينهنّ المطرّزة وحملنها على ظهورهنّ (فرح 2021). تحمل النساء الفلسطينيات تاريخ الأرض الممحيّة على ظهورهنّ، ويحملن أسماء القرى المخبّأة بعناية في التطريز، ويتسلّلن إلى المستقبل من خلال نقل معرفة فنّ التطريز. الانتفاضة، كما نعلم، ستجِدُ من يكتبها.

الشبح: الاحتلال موجود في كلّ مكان. في رواية الرجل الأبيض.
إنّه جزء من دولته وتاريخها ووجودها. يتسللّ الاحتلال إلى
عقولنا عندما نُرغَم على الاختيار بين ضميرنا والحفاظ
على حياتنا ( نلوذ بالفرار للحفاظ على حياتنا عندما
ينطفئ شيءٌ من الأمل فينا). تمّ تداول منشور هذا الأسبوع
كُتب فيه: "نحن لسنا أحرارًا إلى أن يتحرّر الجميع"، وما
دُمنا رازحين تحت سيطرة واحتلال وسائل الإعلام وأنماط
التفكير/المعرفة السائدتين، فلا يمكننا الادعاء بأننا
أحرار. يكذب الناس على أنفسهم باستمرار بشأن الحريّة، ومدى
شعورهم بالحريّة والتحرّر، في حين أنهم يتقبّلون مشاهدة
تلفاز بأن "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"
معادية للساميّة. الهيمنة هي احتلال.

الحدود ليست خطًا مرسومًا في الرمال، ولا سلكًا في السماء
الحدود ليست نقطة تفتيش للطيور أو للرياح أو للعاصفة التي تهبّ في هذا الاتجاه
الحدود ليست حجرًا يشير بأيّ اتّجاه يمكن/ لا يمكن أن تسقط البذور
الحدود ليست سهمًا يُمكنه منع القلب من الانكسار
الحدود ليست سوى غطرسة حقيرة لرجل أبيض عجوز يقوم برسم رداءته.
اللّعنة على الحدود كلّها. احرقوها كلّها.

اصطحبني والداي إلى مظاهرتي الاحتجاجيّة الأولى للتضامن مع فلسطين عندما كنت في السابعة من عمري، وهتفت "فلسطين حرّة" بأعلى صوتي. كان ذلك في العام 2005، ومنذ ذلك الحين، شاركت أنا ووالداي في كلّ مظاهرة احتجاجيّة للتضامن مع فلسطين. في مصر، لم يعد بإمكاننا رفع علم فلسطين. دولة عربيّة/ أفريقيّة يُفترض أنّها حرّة، حيث لا يمكنك رفع علم فلسطين، بلد حاربنا من أجله سابقًا. بلد يُجرّمك فيه انضمامك إلى "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" ويُدخلك السجن لسنوات عديدة. قيل لنا أن نصدّق أنّنا لسنا مُستَعمَرين، وللمرّة الأولى في التاريخ، لم ننظّم مظاهرات احتجاجيّة تضامنيّة خلال الانتفاضة الفلسطينيّة. اصطحبني والداي إلى مظاهرتي الاحتجاجيّة الأولى للتضامن مع فلسطين عندما كنت في السابعة من عمري، وهتفت "فلسطين حرّة" بأعلى صوتي. كان ذلك في العام 2005، ومنذ ذلك الحين، شاركت أنا ووالداي في كلّ مظاهرة احتجاجيّة للتضامن مع فلسطين. ينتاب المرء شعورٌ بالعجز وعدم المنفعة لعدم القدرة على فعل ذلك بعد الآن، في ظلّ دولة تعتقل أيّ شخص يفكّر حتى في التعبير عن رأي أو معتقد أو القيام بأيّ عمل من أعمال المقاومة. أصبح العلم الفلسطيني شيئًا من الخطير حمله، وأنا أفكّر في البطيخ الفلسطيني. أفكّر إن كنت سأتعرّض للاعتقال إن كنت أحمل بطيخًا في الشارع الآن، فأنا لا استبعد ذلك من قبل هذه الدولة.

نشأتُ في لبنان مع خارطة للعالم أطلقت على البلد المجاور لنا في الجنوب اسم "فلسطين المحتلّة". نشأتُ مع الأسماء العربية للمدن الفلسطينيّة، تمهيدًا لإزالة كلمة "محتلّة". كم شعرتُ بالحيرة في فترة المراهقة حين اكتشفت خرائط ذُكرت فيها "إسرائيل" (مدينة "تل أبيب") وشاهدت صورًا للحيوات هناك. حيوات تتطفّل على تلك التي كُنت أعلم بوجودها هناك.

ترسم في البداية خطًّا ثمّ تمنحه اسمًا. اللّعنة على الأسماء أيضًا.

 
 

  • 1. افرحوا، فآزادي (الحريّة) قد وصلت/ تمتّعوا بحلاوة عطر آزادي (الحريّة) الفوّاح/ شاهدو آزادي (الحريّة) المُزهرة، المُعرّشة/ ...افهموا أنّه حتى في غيابكم/ سنضطرّ للقتال من أجل حريتنا/ آزادي (حريّة) في كلّ شارع ومنتزه/آزادي (حريّة) في كلّ مدينة وبلدة/ آزادي (حريّة) في كلّ قرية وحيّ/… آزادي (التحرّر) من المناواد (الاستبداد البراهماني)/ آزادي (التحرّر) من النظام الأبوي/ "آزادي!" ("حريّة!")، كلّ أخت تهتف/ "آزاديّ" ("حريّة!") كلّ أمّ تطالب/ ... افهموا أنّه حتى في غيابكم/ سنضطر للقتال من أجل حريتنا.
  • 2. https://thewire.in/rights/police-arrest-kashmiris-for-palestine-mural-peaceful-protests-and-speeches
  • 3. اطّلع/ي على البيان الخاص بشبكة "مابينغ باك" MappingBack هنا من خلال زيارة الرابط التاليhttp://mappingback.org/home_en/aboutus/
  • 4. إعادة صياغة واجتهاد في ترجمة المصطلح praxis (مديرة الترجمة) .
  • 5. يعتبر التّطريز تراثًا ثقافيًا، وهو شكل من أشكال التطريز الفلسطيني التقليدي وفنّ أصليّ تمارسه النساء.
  • 6. المعنى في النص الأصلي غامض (المُترجمة ومُديرة الترجمة).
  • 7. اقتباس لعلياء الشيخ يوسف في خضر 2009 (الكاتبة).
ملحوظات: 
المراجع: 

Ambedkar, B. 1942. Proceeding from All India Depressed Classes Conference held at Nagpur on 18-19th July 1942. https://velivada.com/2015/07/18/18-19th-july-1942-in-dalit-history-all-india-conference-of-the-depressed-classes-was-held-at-nagpur/

Faiz, A.F. 2017. The Colours of My Heart: Selected Poems. Trans. Baron Farooqi. India: Penguin Books.

Farah, R. 2021. “Heritage is to Art as the Medium is to the Message: The Responsibility to Palestinian Tatreez.” Third Text. http://www.thirdtext.org/farah-tatreez#f2

Kawar, W. 2011. Threads of Identity: Preserving Palestinian Costume and Heritage. Cyprus: Rimal Publications.

Khader, N. 2009. Exhibition text from Tatreez Exhibition curated by Nehad Khader. Philadelphia Folklore Project.

Okri, B. 1991. The Famished Road. London: Jonathan Cape.