كامب آخر أو التجلّي الثاني للكامب
theoc1_copy.jpg
الكامب العربي هو ذائقة البذخ والتمرّد؛ ذائقة الانعتاق الذاتي التي تنبُع من الأحشاء. الكامب العربي كويريٌ ومبتذل. ساذجٌ وواعٍ بسذاجته في آن. هو نفسه الاستشراق الذاتي؛ هو بذلات الرقص الشرقي على أجسام خنسا1 والدرويش2. الكامب العربي هو مرآةٌ مُذهّبة الإطار على حائطٍ مخملي في دورة مياه. هو المزيد والمزيد من التِرتِر3 وأغطية الوجه والكورسيهات. الكامب العربي هو خاماتٌ متنوّعة الملمس وألوانٌ فاقعةٌ متضاربة. هو تيشرتات غوتشي المقلّدة على أرصفة وسط البلد مُصطفّة تحت أنظار مانيكانات تعرض قطع لانجيري تنكريّة4. الكامب هو الموضة الراقية: أحمد سرور وتراشي كلوثنغ وكوجك، وهو أيضًا الثقافة الشعبية: فيفي عبدو وشعبان عبد الرحيم وإسماعيل ياسين. فيه شيءٌ من القذافي، دكتاتورٌ عسكري غريب الأطوار والأزياء، وهو في الوقت عينه مشهد الدراغ المُزدهر في بيروت. يتمايزعن التنويعات الغربية المعتادة للكامب وإن احتفظ بدرجاتها المختلفة من البذخ.
"49. الكامب والملل صنوان لا يفترقان. فذائقة الكامب بطبيعتها ممكنةٌ فقط في المجتمعات المُترفة، حيث يُمكن معاينة الباثولوجيا النفسية للبذخ".
هذه الإشارة لسوزان زونتاغ في مقالها "ملاحظات حول الكامب" Notes on Camp المنشور في العام 1964 هي نقطة خلافي الأساسية مع نصّها. فهي تشخّص نوعًا بعينه من الكامب بشكلٍ دقيق؛ النوع الذي تراه دون غيره. إلا أنه ليس كل ما يُعرَف بالكامب هو بالضرورة متطابق. فملك الشمس في بلاطه الباذخ وأخوه الأمير فيليب في زيّ الدراغ5، لا يشبهان مارشا ب. جونسون أو مشهد عروض البولروم في نيويورك الثمانينيات. بالطريقة ذاتها لا يُمكن للمرء أن يقارن بين القذافي مُتوّجًا في ثيابٍ ملكيّة حاملًا صولجانه الذهبي بملكات الدراغ في بيروت وهنّ يستعرضن وسط الحشود والتظاهرات (رسوم آرتكويرحبيبي). المسألة هنا تتعلّق بالسلطة، تحديدًا بسلطة الطبقة الاجتماعية.
يُمكن للنخبة الحاكمة دائمًا أن تختبر العالم خارج القيود التي تفرضها على رعاياها، إلا أن ذلك لا يمنع أولئك الذين/اللاتي تحاول المجتمعات دائمًا تكبيلهم/ن من أن يكونوا/ن هم/ن أنفسهم/ن من يشكّلون/ن الذوق حول العالم. كان فهم "الذوق الراقي بداخل الذوق الهابط" والتحوّل إلى "طبقةٍ أرستقراطية تتعاطى الذوق" هو وصفة المنبوذين/ات للنصر والصعود إلى عالم الموضة. فسيادة ثقافة النخبة مهددةٌ دائمًا بزخم الثقافة الشعبية. وفي اختبارها للعالم بطريقةٍ مغايرة، تقوّض الثقافة الشعبية بمحض وجودها سلطة النخبة. الهيمنة على صياغة الذائقة هي ساحة صراعٍ مستمر بين أولئك الذين/اللاتي يملكون/ن وسائل إنتاج الثقافة وأولئك الذين/اللاتي يقرّرون/ن أسواق استهلاكها. لذا فمبدعو/ـات الثقافة المضادة، سواء كانوا من ملكات الدراغ أو مصمّمين/ـات أو صنّاع أفلام أو نشطاء، يقاومون/ن هذه الهيمنة بمجرد تواجدهم/ن، ولا سيّما بشكل أكثر وضوحًا عبر إبداعهم/ن. يشير ستيوارت هول إلى أن التقاليد السائدة "تتوجّس من أن يُزيحها ذلك الذي يسمّيه باختين ’الكرنفالي‘". الكامب العربي هو صرخةٌ ضد هيمنة "الذوق الجيد" تستدعي وتتخّذ تحديدًا صورة ذلك الكرنفالي (هول 1993). بملاحظة الكامب في مجالاتٍ مختلفة عبر بلاد عدّة ناطقة بالعربية، أودّ أن آخذكم/ن في رحلةٍ بصرية لاستكشاف أشكال هذا الكامب الآخر.
التاريخ والاصطلاح
يُعدّ مقال "ملاحظات حول الكامب" (زونتاغ، 1964) هو النص العمدة حول هذا الموضوع. وهو ما سِرت على ضوئه خلال رحلتي في التاريخ المرجعي للكامب. تتحدّر كلمة "كامب" من الفرنسية se camper أي "يتكلّف" أو "يمثّل" أو "يقف في وضعية تمثيلية" وتعود جذور نشأتها إلى قصر فرساي في القرن السابع عشر. إلا أن الكلمة قطعت أشواطًا طويلة منذ ميلادها الجليل في بلاط فرساي. سافر الكامب من قصور الشمال الفرنسي إلى شوارع لندن العامرة واشتُهر بين مترفيها من علية القوم، حيث كانت محطته الأهم مع أوسكار وايلد. بعد وفاة وايلد، عَبَر الكامب الأطلسي، وارتحل على ضفاف نهر هدسون، أشعل التظاهرات في مانهاتن6، وشارك في حفلات البولروم في هارلم7. بعد ثلاثين سنة تقريبًا من صدور وثائقي جيني ليفنغستون "باريس تحترق" وفي ليل الإثنين الأول من أيار/مايو 2019، حلّ الكامب ضيفًا على حفل غالا أقيم على شرفه في قاعة متحف المتروبوليتان المزدانة بالنجوم.
إلا أن هذه الرحلة الملحميّة تؤرخ للمصطلح وفق الاستعمال المرجعي الغربي تحديدًا. يمكننا أن نفترض بناءًا على ذلك أن الكامب كظاهرة لم يأت من خارج التاريخ الأوروبي المرجعي، وأنه جزءٌ حصريٌ من هذا التاريخ. كيف يُمكن إذن تفسير توارده في سياقاتٍ أخرى خارج الغرب؟ بالتأكيد قد يكون من الراديكالي إعادة موضعة الكامب، واكتشاف تواريخ أخرى له، ربما تحت مسميّات أخرى أيضًا، خارج التاريخ الغربي. لكن ولأنني اختبرت الكامب عن قرب؛ رأيته وقابلته وحادثته وارتديته واستهلكته، فأنا أكيدةٌ من أنه لطالما سكن أماكن أخرى خارج تاريخه المرجعي. يؤرّخ مقال زونتاغ لواحدٍ فقط من أوجهٍ عديدةٍ للكامب، وبالرغم من أنه كُتب بالأساس كتقديمٍ نظري للموضوع، إلا أنه يُعدّ لدى الكثيرين خاتمة القول بشأن الكامب. في محاولتي لاختبار أوجهٍ أخرى بديلةٍ للكامب، أسائل هذه الفرضية وأحاول إعادة النظر لمقال زونتاغ كتقديمٍ أولي وليس تأطيرًا نهائيًا للظاهرة.
شرح مفهوم الكامب العربي ليس أمرًا سائغًا، فالمفردات التي بحوزتنا غير ملائمة، وهي إما غير كافيةٍ للإحاطة بروح البذخ المقصودة وإما سريعة الزلل في فخ التنميط الإمبريالي للمنطقة العربية وجمالياتها. كما أن مصطلح "كامب"، بقدر مراوغته وعصيانه على الشرح، ليس أقل مراوغةً وعصيانًا بأي حال من مصطلح "عربي". فكم من حروبٍ خيضت وحدودٍ رُسمت وفق التأويلات المتعارضة لهذا المصطلح. فضلًا عمّا عاناه السود والكرد والأمازيغ والبربر من عنصريةٍ أو تعريبٍ قسري بهدف محو ثقافاتهم وتواريخهم المحلية جراء التأويلات نفسها. باستخدامي لمصطلح "عربي" خلال هذا النص للإشارة إلى النوع الآخر من الكامب الذي أودّ الحديث عنه، أقرّ بإسهامي في هذا المحو والعنف الخطابي. إلا أنني أيضًا استخدم المصطلح كإشارة ذاتية لشخصي وموقعي الذي لا يسعني سوى التحدّث منه.
السينما
عادةً ما يُشار إلى مصر كهوليود العالم العربي. وبوصفها أكبر مركزٍ للإنتاج الثقافي بالمنطقة، كانت موطنًا طبيعيًا لأول ستوديوهات الإنتاج السينمائي العربي. وعليه وجدت السينما المصرية مكانها في كل بيت ناطقٍ بالعربية. ورغم كثرة الدراسات، لا يزال تقليد ارتداء أزياء الجنس الآخر في الكوميديا المصرية بحاجةٍ لمزيدٍ من التحليل. فمن المهم تفكيك تمثّلات هذه الظاهرة لفهم الافتتان الخفي بما يُمكن أن نسمّيه اليوم ثقافة الدراغ بالعالم العربي — وهو افتتانٌ متجذّرٌ في، ومتخطٍ في الوقت ذاته، للمفهوم الاستعماري للغيرية المعيارية أو الجندر، خارجٌ على السلطة الحيوية للدولة وما تُمليه من أدوارٍ للأداء الجندري، ومتجاوزٌ لكيفية التحكّم في إعادة إنتاج المجتمع. لطالما كان هذا الفضاء على الهامش مثار فضولٍ واهتمام، حتى وإن احتجب خلف الكوميديا والسخرية. فما هو الفرق تحديدًا بين ارتداء أزياء الجنس الآخر وبين الدراغ؟ هل يمكننا أن نقول مثلًا أن إسماعيل ياسين ومحمد هنيدي كانا يرتديان أزياء الدراغ؟ تشير جوديث باتلر إلى أن كل أفعالنا العارضة، سواء كانت بسبب أدوارنا الجندرية المُحدّدة من قِبَل المجتمع أم لا، تندرج بطريقةٍ أو بأخرى تحت عنوان الدراغ. أيّ مساحةٍ تتبقّى إذن للدراغ المُتعمّد؟ بحسب مقولة روبول الشهيرة "وُلد الكلّ عرايا، كلّ ما يأتي بعد ذلك هو دراغ"، وهو/ـي في ذلك يُـ/تُرجع صدى إشارة باتلر السابقة، إلا أنه/ا أيضًا لا يـ/تترك مجالًا للتمييز بين الدراغ وبين الأداء اليومي للأدوار الجندرية الذي قد يتراوح بين التمرّد والانصياع الكامل. ليس كل ما هو كامب ساذجًا بالضرورة، فملكات الدراغ يعتنقن الكامب بشكلٍ واع. وهذا النوع من الكامب لا يصحّ إلا أن يكون متعمّدًا، فهو شكلٌ من مسرحة الأداء الجندري الذي لا يُمكن المشاركة فيه إلا عن درايةٍ وقصد. لذا هناك فرقٌ جوهري بين تمثّلات الرجال في أزياء النساء والدراغ، فالأولى انعكاس للرغبة والتطلّع والأخيرة وليدة القصد والتعمّد.
هل كلّ من يـ/ترتدي أزياء الجنس الآخر هو/ي بالضرورة دراغ، حتى وإن اختار/ت الانصياع لاحقًا لحدود نوعه/ا الجندري الذي يـ/تحاول تخطّيه؟ حين ترتدي ملكة الدراغ أزياءًا نسائية، فإنها تفعل ذلك بقصد تقويض الدور الجندري الذي تُحاكيه بشكلٍ ساخر من خلال حركاتها وزيّها وتبرّجها. والاستمتاع الجماعي بهذا المحاكاة المتزيّدة والتي لا يمكن احتواؤها ضمن ثنائيات مُسبقة، ما هو إلا شكلٌ من أشكال الصنعة؛ وهو بالأحرى صنعةٌ احتفالية. بالمقابل يغيب هذا الاحتفاء بالتزيّد والإغداق في التفلّت في وجه القيد الاجتماعي عند من أدّوا أدوارًا نسائية من الرجال في السينما المصرية.
هناك فرقٌ آخر يكمن في الغاية من الكوميديا، إذ يجب أن نلتفت إلى أنّ المستهدَف من المحاكاة الساخرة في حالة السينما المصرية كان النساء أنفسهن لا أنوثتهن. ارتداء ازياء الجنس الآخر إجمالًا هو عرضٌ أدائي للأنوثة يتهكّم على النساء؛ أي أنه شكلٌ من أشكال التمييز استنادًا على الجنس. أما الدراغ بالمقابل، فهو هجاءٌ أدائي للدور الجندري والأنوثة وبنية الثنائية الجندرية. يُسائِل الدراغ ماهيّة المرأة، على عكس تمثيل الرجال لأدوارٍ نسائية في السينما المصرية والذي يُملي على الجمهور ما يُفترض بالمرأة أن تكونه. ارتداء أزياء النساء في الكوميديا يكرّس للثنائية الجندرية جاعلًا من المرأة هدفًا لنكات معاديةٍ للنساء في كثير من الأحيان. أما الدراغ بالمقابل، فيحمل في طيّاته نفسًا تحرريًا بشقّه عصا الثنائية الجندرية من الأساس. ورغم تواطئه في التمييز ضد المرأة استنادًا إلى الجنس، لا يزال ارتداء الرجال لأزياء النساء في السينما المصرية على قدرٍ من "الفشل في أن يكون جديًّا" بما يؤهله أن يكون كامب أيضًا، خصوصًا حين النظر للأوضاع التمثيلية المُغرقة في الدراما والتصنّع المُفرط.
تظهر الفروق المذكورة بوضوح مع مقارنة الصور المُدرجة أعلاه لإبراهيم نصر في دور "زكيّة زكريّا" وإسماعيل ياسين أثناء تحضيره لدور "الآنسة حنفي". انثناءة الرسغ وأحمر الشفاه المُلطّخ ونكشة الشعر المُستعار كلها تؤشّر إلى أنوثةٍ فاشلة، وحتى وزن زكيّة زكريّا الزائد يستدعي عجزها عن الانصياع لمقتضيات الدور الأنثوي كما تُقرّها السلطة الذكورية. إلا أن هذا التشديد على التزيّد يجعل من الأنوثة الفاشلة موضوعًا للاستهزاء، عوضًا عن الاستهزاء بحدود الجندرة نفسها. على النحو المقابل، تتجاوز الآنسة حنفي حدود الجندر، وتُجسّد تزيّدًا وتناقضًا يسخر من جمود الثنائية أكثر مما تُطلق النكات على الأنوثة. لكن في النهاية كلتا الحالتين مثالٌ على التزيّد والصنعة، لذا يُمكن اعتبارهما مثالًا على الكامب العربي.
الدراغ
آنيا نيز وزُحل وأنيسا كرانا وديفا وميلاني كوكس وهودي سعد ولاتيزا بومبي وغلامزي وآندريا ديمتريا كورسيه وروبن هوز وإيما غرايشن هنّ ملكات دراغ يثوّرن الحياة الليلية لبيروت. تتضمن عروضهن استعراضات الفوغ والمحاكاة الشفهية والكوميديا والرقص وأزياءًا تمثيلية مدهشة. تتمحور استعراضات الفوغ حول التزيّد، هي كامب حتى النخاع، وتعيد الكلمة لأصلها الفرنسي. ما يجعل الموضة عنصرًا أساسيًا في ثقافة الدراغ، تحديدًا في تعبيرها الفائض والكوميدي والساخر والمُبالَغ فيه عن الموضة، هو أيضًا ما يجعلها جزءًا من ذائقة الكامب. كل واحدة من هؤلاء الملكات لها لونها الخاص، إلا أن لهن جميعًا يعود الفضل فيما أصبح اليوم مشهد دراغ نابض بالحياة ينافس أمثاله عالميًا. ثقافة الدراغ في تقديمها لأهمية الصنعة واحتفائها بالتزيّد هي جوهر ذائقة الكامب.
"أعتقد أن جماليات الكامب تستهزئ بكل ما يجعل من الشيء جميلًا! فهي تُبرِز الجانب القبيح أو الغريب في الشيء، وتصنع منه جمالًا جديدًا مختلفًا. يا للسخرية! أن تصف شيئًا ما بالقبح الشديد، بشكل يجعله جميلًا. غيّر ذلك الكثير من المفاهيم في الفن. فجمال العمل الفنّي لا يهمّ إن لم يستفزّك العمل ويحرّك شيئًا داخلك! قد يكون العمل هابطًا أو أنثويًا أو لئيمًا أو مثيرًا للغضب أو مبهرجًا إلا أنه يبدو عاديًا أيضًا، لأنه كامب. أين أرى ذلك؟ في مشهد الدراغ اللبناني على سبيل المثال: أزياءٌ مبهرجة وشخصياتٌ مبتذلة وأداءٌ مفرط السخرية بشكل جنوني!"
- أنيسا كرانا، فنان/ة دراغ لبناني/ة
لثقافة الدراغ العربية جذورٌ متشابكة. فبعضها استقى تأثيراته من مشهد البولروم في هارلم، والبعض الآخر من ثقافة البوب الغربية كما في "روبول دراغز ريس"، إلا أنها تقتفي أيضًا التقليد المحلّي. فهي ليست مستوردة أو مفرنَجة، بل هي صهرٌ يمزج المؤثرات المحلية والغربية.
واقع الحال أن ثقافة الدراغ في الشرق الأوسط كانت في أوج ازدهارها خلال القرن الثامن عشر. فمع التضييق على الراقصات الشرقيات انفتح الرقص الشرقي على تنويعاتٍ جديدة من الراقصين الرجال. كان الراقصين من الرجال يرتدون بذلات رقص من الحرير ويجدلون شعورهم ويَشِمُون أجسامهم بالحنّاء. إلا أن الجانب الأهم من تمثيلهم لأدوار النساء كان تقاطع هذه الأدوار مع رجولتهم. لم يكن هؤلاء الرجال يحاولون التنكّر كنساء، بل كانوا في أغلب الأحيان يخلطون بين الأزياء الرجالية والنسائية ويجسدون إيحاءًا ملتبسًا بالإغواء الجنسي. كان هؤلاء العارضون يُقدّمون خليطًا جديدًا من العروض الأدائية المثيرة تقوّض المعايير الجامدة عن الجندر لدى الجمهور الغربي، وتفوق توقعات الجمهور المحلي. كان هؤلاء الراقصون الرجال يُسمّون "الخولات" وهي تسمية ارتبطت منذ ذلك الحين بمعانٍ أكثر تعقيدًا إلى أن أصبحت تُستخدم اليوم للانتقاص من الكويريين/ات العرب.
عمل الشرق كفضاء تخيّلي قادر على استعياب فانتازيا الرغبة والخوف في الآن ذاته؛ فضاءٌ يُمكن لكل الثقافات أن تذوب فيه، حيث بوسع آنغر تخيّل "المحظية الأولى" وبوسع جيروم تخيّل "مروّض الأفاعي". بالتوازي مع جفاف المخيلة الجنسانية الفيكتورية، أصبح الشرق مكانًا لتخيّل الجنس بطريقة مختلفة تستلذّ التزيّد والتنوّع كما تستلذّ غيابهما. لهذا السبب استبدّت صور الحريم المُبالَغ في إحياءاتها الجنسية والألوان والأقمشة والمجوهرات والبهارات والزينة والتبرّج والرقص بالمفهوم الأوروبي عن الآخر غير الأبيض طويلًا، إلا أن ذلك كان بالأحرى تعبيرًا عن الهلاوس الجمعية لأوروبا، ومن ثم هوليود، عن الآخر، أكثر من كونه تعبيرًا عن حقيقة هذا المكان الآخر. لذا يلعب الاستشراق الذاتي أيضًا دورًا هامًا في صوغ هذا الخيال. إلا أن الاستشراق الذاتي يفعل ذلك بإعادة إنتاج التاريخ الفعلي عبر إبداع وفاعلية الآخر. وفي تركيزه على فاعية الآخر، يحيلنا الاستشراق الذاتي لنظريات التقليد عند هومي بابا (بابا 1994). بشكلٍ أساسي يقترح بابا أن تبنّي المستعمَرين لثقافة المستعمِر بشكلٍ ناقص يجعل هذا التبنّي نوعًا من التقليد، وهو ممارسة تُرَاكِب بين الجماليات المفروضة على المستعمَر، في هذه الحالة الآخر الاستشراقي، وبين الجماليات المحليّة. يتطلّب التقليد إذن تعيين واسترجاع هذه الجماليات المحليّة، وفي الوقت ذاته تقويض سلطة المستعمِر من حيث قدرته على فرض جماليات بعينها بشكلٍ دقيق. ينطوي ذلك على إمكانية زعزعة تراتبية السلطة القائمة. بنهاية الأمر، يستحضر التلاعب بالاستعارات درجةً من درجات الاحتفالية تُتيح تحوّل المُستعار إلى كنف من كانوا يخضعون يومًا لسلطانه.
الموضة
"نشأتُ في ظل ثقافةٍ تُصنّف الجميع بحسب الأوصاف النمطيّة لما ‘يُفترض‘ أن يكونوا عليه رجالًا ونساءً، وهو ليس بالأمر الجيّد دائمًا. وفي الوقت ذاته أؤمن بما تربيّت عليه من قيم — أن للرجال والنساء عالمين منفصلين. على صعيدٍ آخر، مفهومي عن الجندر هو أن لكل إنسان الحقّ في اختيار هويتهم/ن التي يشعرون/ن أنها تمثلهم/ن، بغض النظر عن المُسمّى. لذا أظن أن عملي يتضمّن كل هذا دون أن ينحصر بإيديولجية واحدة. الكامب هو أسلوب لتمثيل واختيار المظهر وربما طريقة لعيش الحياة بحسب البعض. وأعتقد أن الصورة الذهنية عن عملي هي صورة دراغ في أزياء مبتكرة جدًا".
- سارة بو قصيعة، مصمّمة ومصوّرة ومبدعة ليبية تعيش في برشلونة
في الفترة الأخيرة يُراكم مصممون كمُهنّد كوجك وشكري لورانس وعمر بريكة وأحمد سرور زخمًا ثقافيًا ورواجًا إعلاميًا كبيرًا على الإنترنت. وبالتعاون مع عارضين/ات مؤثرين/ات يعيدون تعريف الموضة المعاصرة ويُشكّلون ذائقة النخبة في أرجاء العالم العربي. يكثّف هؤلاء المصممون حضور الجماليات الكويرية في صناعة الموضة المحلية بتربّعهم صدارة المشهد التصميمي بتنويعاته من الأزياء اليومية إلى الموضة الراقية. إلا أنه وفي سياقٍ اجتماعي وسياسي يقمع أيّ هويةٍ أو أداءٍ جندري مختلف، تلجأ النخبة الحاكمة في مصر إلى تعليم أبنائها وبناتها تعليمًا مستوردًا. أنتج هذا التعليم جيلًا من الشباب والشابات أكثر انفتاحًا، وربما حتى أكثر إيمانًا بالقيم والأفكار الليبرالية بما فيها مجتمع الكوير وقضاياه. لكن مع تراجع اقتصادات المنطقة، لم يعد بمقدور هؤلاء الحصول على أزياء راقية من بيوت الموضة العالمية كما كان سابقًا، وكان لابد لهم/ن من تغيير نمط استهلاكهم/ن بالتوافق مع الواقع الجديد. ورغم كونهم/ن أبعد ما يكون عن أن يمثلوا/ن الأغلبية، إلا أنهم/ن تحديدًا مستهلكو/ات الموضة الراقية في المنطقة العربية. لاستعياب نمط الطلب الجديد أصبحت بيوت الأزياء والموضة المحلية أكثر عصرية ورواجًا. ماركات مثل أختين وجود بن حليم وإيلي صعب تحرز بشكل متسارع مواقعًا بارزة على ساحة الموضة العالمية. يليهم مصمّمون كمهنّد كوجك وأحمد سرور ممّن يتميّزون بتصميماتٍ أكثر جرأة وغرائبيّة. المفضّلان بالنسبة لي شخصيًا هما شكري لورانس وعمر بريكة اللذان يقفان خلف تراشي كلوثنغ. تُراكِب تصميماتهما جماليّات من خلفيات طبقية مختلفة وتمزج الألوان والخامات وتتحدّى الأدوار الجندرية وتُجسّر بشكلٍ ثوري بين ثقافة النخبة والثقافة الشعبية. تحيل جمالياتهما إلى كامب من نوع آخر، يحمل بين طيّاته التناقضات العولمية والطبقية والجندرية مُحاكةً في تصميماتٍ فريدة.
هذه الصورة لجزدان من تصميم أختين ومن تنسيق أحمد سرور مع بنطلون وقفازات من تصميمه أيضًا. تتنوّع الأقمشة بين الأصفر والأحمر والأخضر البرّاق، كما تتراوح بين السادة والمُبَرقش. تتكامل الخطوط الانسيابية للتصميم مع الجزدان الفضي هندسي التصميم والذي يعكس بدوره زرقة السماء الصافية في الخلفية. تُظهِر الصورة توتّرًا بين ألوان وخامات وخطوط التصميم. ترتدي العارضة حجابًا فوق قبعةٍ رياضية في تزيّد واضح، والصورة نفسها مأخوذة بعدسةٍ حالمة مع إضاءة ناعمة وخلفية ضبابية، يجعلها تبدو أقرب إلى الخيالات أو الهلاوس. كذلك تبدو النظارات الشمسية كما لو كانت قادمةً من روايات السايبربانك القديمة أو كأنها صورةٌ متخيّلة عن المستقبل من فيلم قديم (بلايد رانر مثلًا) أو بالأحرى كأنها إضافةٌ مبتذلة تتناقض مع الخطوط القروية الشرقية للتصميم. تعطي القطعة العلوي مع الزينة المتدليّة منه والأكمام الهُدبية الصفراء إحساسًا رائعًا بالأنوثة، إلا أنها تستدعي أيضًا جماليّات الريف المصري (ملابس الفلاحة) بما لها من دلالاتٍ سلبية في المخيّلة الثقافية العامة. بالتناقض بين هذه العناصر والجزدان الفاخر من تصميم أختين والتصوير عالي الكلفة، يُقدّم سرور إضافةً جديدة لدمج الثقافتين النخبوية والشعبية كما يُقدّم تمرينًا عمليًا على إنتاج الكامب.
في الصورة الأخرى، كورسيه من تصميم كوجك مع قطعةٍ علوية من نسيجٍ شبكي من تصميم أحمد سرور وبنطلون من تنسيقه. في الخلفية نشاهد غطاء سرير مصري تقليدي أو ما يُعرف بالـ"كوفيرتا" وهو موجودٌ تقريبًا في كل بيت مصري رغم احتفاظه بدلالةٍ طبقيةٍ متواضعة. يبدو تكوين الصورة كما لو كان يبعث بتحية عرفان عبر الزمن لبورتريهات لويس الرابع عشر، والتي تُحيل بحد ذاتها لجماليات الكامب. بنطلون الحريم الذهبي مع خُفّ الكروكس الأزرق يتركان انبطاعًا بالبذخ والبخس في الوقت ذاته. القطعة العلوية زهرية اللون تتعارض مع زرقة الخُفّ البلاستيكي كما وزرقة الخلفية، بينما يُكمل قماش التول الأصفر المنبثق من البنطلون هذا البورتريه المُفرِط. يتماشى أيضًا حجاب الشعر الزهري مع النسيج الزهري العلوي، أو ربما هو جزء منه بالفعل، تاركًا جزءًا أخيرًا من جسم العارضة دون أن تلفّه الأقمشة، ألا وهو وجهها. تصادم الأقمشة والجماليات في هذه الصورة هو ما يجعلها كامب، إذ يحيل دون مواربة إلى ما يُشار إليه في الثقافة العامة كـ"ذوقٍ هابط".
حظيت علامة تراشي كلوثنغ التصميمية باستحسان تغطيات صحفية عدّة من مجلات فوغ وسي كيو ضمن عددٍ آخر من مجلات الموضة العالمية. المبدعون المشاركون وراء الفكرة هما الفلسطينيان شكري لورانس وعمر بريكة اللذان يُعرّفان تراشي كلوثنغ كـ"ماركة تصميمية فلسطينية للأزياء الجاهزة تتصّف بالسخرية والكامب والانخراط السياسي والكويري، تكسر التنميط المفروض على الشرق الأوسط وتقاوم التعصب من خلال الموضة. أسّسها شكري لورانس في العام 2017 بهدف استعادة الهوية العربية والفلسطينية وإعادة توظيف جماليات ما اتُفِق على اعتباره هابطًا ومختلفًا ورديئًا". الصورة المقابلة تعود لمنشور على انستغرام من العام 2018. في الخلفية نلاحظ غطاء سريرٍ "تقليدي" يستحضر صورة الكيتش اليومي والثقافة الشعبية، أمامه نجد وسادةً بلون التوركواز مطرّزة بالترتر يتكئ عليها العارض في تناقضٍ صارخ يعيد تدوير وموضعة دلائل الذوق الهابط. تشبه خطوط القطعة العلوية الجلابية، إلا أنها وعكس الألوان الهادئة للجلابية التقليدية، تتألق هذه القطعة بأزرقٍ لامع. بالتزاوج مع البنطلون الفضفاض من نسيج شبكي تُضفي القطعة العلوية على التصميم كلّه انطباعًا أنثويًا، بينما تُحيل وضعية العارض إلى أجسام العارضات العاريات في لوحات المستشرقين كما في "المحظية الأولى" لآنغر.
الصورة التالية للمصوّر المغربي البلجيكي مصطفى المرابط (موس لمرابط) ويقوّض فيها الأفكار المُسبقة عن البُرقع بذهبي غير متوقّع وحبكةٍ بسيطةٍ على الخصر. الحزام والخواتم وغطاء الوجه المتدلي كلها ذهبية اللون تتكامَل مع الفستان وتُبرِز الوجه بتعارضها مع مساحيق التبرّج، وهو ما يزعزع المفاهيم المستقرة عن الحشمة والوقار المرتبطين بالبرقع. الذهبي والقماش المتغضّن يعطيان شعورًا بالفخامة والبخس في الوقت ذاته. وفي الخلفية نجد ما يبدو أنه قسم المرطبات في سوبرماركت حيث تزيد إضاءة الفلورسنت من تباين الصورة ويتعارض الكيس البلاستيكي الأزرق في يد العارضة مع الذهبي في الفستان. أمّا وضعية وقوفها وثيابها اللامعة داخل سوبرماركت فتُكسب الصورة كلها بعدًا غرائبيًا وكأنها صورة من عالمٍ آخر، وهي سمةٌ متكرّرة في أعمال المرابط. إجمالًا تتحدّى الصورة مفاهيم التديّن وتبرز سفه العولمة من خلال التزيّد.
الصورة التالية من مجموعة كوجك "داديز دولز" وهي من تنسيق آيه نجم. وكما الصورة السابقة تبعث فينا شعورًا حالمًا. تحتلّ يدا العارض المغطاة بقفازات طويلة منتصف الصورة، مع بذلة تريّض وخلفية كلها مُغطاة بخرزٍ لامع بألوان الزهري والقرمزي. تحيل البذلة الرياضية بحد ذاتها إلى جماليات التدريبات الرياضية المنزلية المُسجّلة على شرائط "في إتش إس" في ثمانينيات القرن الماضي، وهي مصنوعةٌ من قماش التيل المُوَشّى بشرائط زهرية وقرمزية. بينما يُحيل شعر العارض الطويل وشاربه ولحيته المشذّبين إلى جماليات النبالة الفرنسي. يشي الخليط كله بالذكورة وإن بمكوّنٍ شديد الأنثوية في الخلفية، والتصميم بكامله يتجاوز حافة فانتازيا طفولية شديدة المبالغة، ما يؤهله دون شك لأن يكون كامب.
الصورة التالية هي مشهدٌ ختامي من أغنية مصوّرة لخنسا بعنوان "خبرني كيف" يمتلئ بالصور الاستشراقية والطاقة الإيروتيكية. يتوسّط خنسا المشهد، يجاوره على الجانبين شخصين مقنّعين في ملمحٍ من ثقافة الـ"بي دي إس إم". بينما يستلقي خنسا في حجر إمرأة عجوز، تبدو كساحرة تُعذّبه بسحرها طوال الفيديو. الإضاءة الدراماتيكية الناعمة للمشهد تبدو كلوحةٍ من عصر الباروك وتكوين الصورة يستدعي الجماليات الاستشراقية لجيروم وآنغر. تحتوي الصورة على المزيد من الأحمر الذي يتباين مع المحيط الأسود في الخلفية ما يعطي الصورة عمقًا إضافيًا ويبرز حضور الشخوص في منتصف المشهد الذي تذوب أطرافه في ظلال الأسود. الإشارات المختلفة والوضعيات الميلودرامية لخنسا ومن حوله تشبع المشهد بجماليات الكامب.
ثقافة البوب
آنيا نيز هي أيقونة للتزيّد وملكة دراغ لبنانية تعيش في نيويورك. يقتفي مظهرها نجمات البوب العربي وجماليات موسيقا الديسكو الأميركي في ثمانينيات القرن الماضي. تتوسط ببراعة المسافة بين نوال الزغبي وشير، وتستبطن جماليات المهجر المعولمة التي يشدّها حنينها لابتذال البوب المحلي من جانب، وتدفعها ثقافتها الثمانينياتية المستوردة من جانبٍ آخر.
زحل هي أيضًا ملكة دراغ وفنانة استعراضية في ملهى "هاوس أوف إيغو" الأسطوري تحيل في أدائها إلى استعراضات الرقص بالشمعدان كتقليد استعراضي قديم من ثقافة المنطقة. في عشرينيات القرن الماضي طوّرت بديعة مصابني الراقصة المصرية الشهيرة عروضًا راقصة حاملةً الشمعدان على رأسها كإشارة على المهارة والاقتدار. قدّمت تحيّة كاريوكا أيضًا عروضًا بالشمعدان ما عزّز شهرة التقليد. ورغم أن شمعدان زحل أصغر بكثير، إلا أن ذلك لا يقلّل من وضوح الإشارة لرقصة الشمعدان التاريخية. جماليات ردائها على قدرٍ كبير من البساطة والاختزال إلا أن زينتها والشمعدان على رأسها يردّان الصورة إلى التزيّد مرة أخرى. في خطابه "تحية عرفان إلى راقصة" Homage to Belly-Dancer (سعيد 1990) يستعيد إدوارد سعيد ذكريات مشاهدته لتحية كاريوكا وهي ترقص واصفًا ثيابها وحركاتها فيقول "جمال رقصها يكمن في اتصاليته، في الإحساس الذي يبثّه جسدٌ رشيقٌ وبضّ إلى حدٍ مدهش وهو يتمايل تحت أثقال الزخارف المعقّدة من أقمشةٍ وأغطيةٍ وأقراطٍ وعقودٍ وحبال وسلاسل ذهبية وفضية، يَنْظُم الجسد حركاتها كلّها بوتيرةٍ مدروسة بل وفي بعض الأحيان مخطّطة بشكلٍ نظري. فحين تقف مثلًا، تبدأ بتحريك فخذها الأيمن لأعلى فيبعث الحركة في ثوبها الفضي والذي يُمرر بدوره هذه الحركة إلى الخرز المتدلي عن يمين خصرها". حين ترقص زُحل فإنها دون شك تحيلنا إلى الإشارات الاستشراقية والإيحاءات الإغرائية لكاريوكا في إشارةٍ تناهض النظرة الغربية للشرق وتعلي للتراث العربي.
هذه الإشارات هي خصوصيات تتفرّد بها الثقافات التي أتت منها كل من آنيا ومصرية وزحل، وإعادة استعمالها في هذا السياق هي تحية إجلال لأيقونات التزيّد والبهرجة. سواء أكانت تلك الإشارة في صورة نساء تقفن مع وضع دراماتيكي أو في تعديلات فوتوشوب مبتذلة أو في رقصة بالشمعدان، هذه الإشارات كلها هي علامات على طريق تطور الكامب العربي، أين كان وإلى أين صار. لا تجسّد هذه الإشارات ثقافة البوب والمتعة الكويرية وحسب، بل تُكسبها أيضًا جانبًا من الجديّة. فهي ليست محض محاكاةٍ ساخرة لتاريخ الكامب العربي بل تحية إجلال لهذا التاريخ.
خلاصة
وُلدت هذه الورقة البحثية من رحم بيروت في خضم الثورة ومعيّة الرفاق/الرفيقات المناهضين/ات للفكر الاستعماري. الشعور الطاغي الذي وددت إيصاله خلال النص كان شعورًا بالابتكار الكويري والخلق وبشكل أساسي المتعة في متابعة أمثلةٍ عدّة للكامب العربي عبر السينما والموضة والبوب وثقافة الدراغ العربية. سيكون من الخطأ والغفلة أن يذهب كل هذا الغنى من الإنتاج الثقافي أدراج النسيان جرّاء تسطيح الأكاديميا الغربية. فبعد هذه الرحلة ومن خلال دراسة الأمثلة التاريخية والمعاصرة تبدو مقولة زونتاغ عن ارتباط الكامب بمجتمعات الوفرة والرفاه على قدرٍ متواضعٍ من الصحة والأهمية. وجود ذائقة كامب أخرى هو شيءٌ واضح ولا شك فيه. متعة توثيق هذه الأمثلة المحدودة لهذا الكامب الآخر كانت بمثابة فرصة للتثبّت من فرضيتي كما كانت فرصةً لتوطيد علاقتي مع تراثي وثقافتي.
- 1. راقص/ـة شرقي/ـة ومغن/ـية لبناني/ـة.
- 2. راقص/ـة شرقي/ـة سوري/ـة بالمهجر.
- 3. أزرار صغيرة لامعة تُستخدم في التطريز.
- 4. costume lingerie
- 5. "ملك الشمس" هو لقب الملك لويس الرابع عشر (1638-1715). واشتهر أخوه الأمير فيليب الأول بارتداء أزياء نسائية واستعراض مثليته الجنسية علنًا. [المترجم]
- 6. Stonewall, 1969
- 7. تعود جذور ثقافة البولروم إلى عشرينيات القرن الماضي، ويشير الاصطلاح المعاصر إلى ثقافة فرعية بديلة تطورت على هامش المشهد الكويري للأميركيين/ـات من أصول لاتينية وإفريقية إبان ثمانينات القرن في نيويورك بالولايات المتحدة. كانت حفلات البولروم مكانًا لتجمع وتعرف الكويريين/ـات وبناء العلاقات الاجتماعية على هامش المجتمع، وتشمل الحفلات عادةً عروضًا أدائية لأجسام وأزياء المشاركين/ـات بصحبة الموسيقى.
Bhabha, H. K. (1994). The Location of Culture. London: Routledge.
Hall, S. (1993). "What Is This ‘Black’ in Black Popular Culture?" Social Justice 20(1-2): 104-114.
Said, E. (1990). Homage to a Belly-Dancer. London: London Review of Books.
Sontag, S. (1964). Notes on Camp. New York City: Partisan Review.