مقاومة التمييز على أساس القدرة وتحرير (مفهوم)/ كورنة الرغبة

السيرة: 

غوى صايغ كاتبة كويرية آناركية، وناشرة مستقلة ومؤرشفة. هي المحرّرة المؤسِّسة لمجلّة "كحل" ومؤسِّسة شريكة لـ"منشورات المعرفة التقاطعية". حصلت على ماجستير في الدراسات الجندرية من جامعة باريس 8 فينسين - سانت دينيس. إنها شغوفة بنظرية الكوير، والمنشورات الدورية العابرة للحدود القومية، والتاريخ المتخيل أو المجهول. أودري لورد وسارة أحمد هما ملهمتاها.

نيللي باسيلي نسويّة تقاطعيّة وناشطة في مجال الحقوق الجنسيّة ومناهضة العنصرية. هي أيضًا صانعة إعلامية، مع أكثر من 12 عامًا من الخبرة في القطاع غير الربحي. وُلدت لأبوين مصريين في مونتريال. تشكّل الهجرة والشتات والهوية مصدرًا لناشطيّتها. هي حاليًا مسؤولة مشروع في "شبكة النساء ذوات الإعاقة في كندا" (DAWN)، يتمحور عملها حول الشابّات ذوات الإعاقة والشابّات الصمّ. عملت سابقًا في برنامج للناشطات النسويّات الشابّات في جمعية "حقوق المرأة في التنمية". تتعلّم حاليًا لغة الإشارة الأميركية وتشارك في استضافة برنامج إذاعي نسوي يسمّى "ساحرات مثل الآخرين" (Des sorcières commes les autres) على CKUT 90,3 FM

 

اقتباس: 
غوى صايغ، نيللي باسيلي. "مقاومة التمييز على أساس القدرة وتحرير (مفهوم)/ كورنة الرغبة ". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 6 عدد 2 (23 نوفمبر 2020): ص. 194-200. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 27 أبريل 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/248.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (271.82 كيلوبايت)

الاهتداء الى موضع العلّة

الاهتداء الى موضع العلّة

عود نصر

عندما نفكّر في عدالة الإعاقة، نذكّر أنفسنا دائمًا بأنّ المبدأ الاوّل في عدالة الإعاقة، كما هو كُتب في سينز انفاليد (Sins Invalid) "التمييز على أساس القدرة مترافقًا مع التفوّق الأبيض ومدعومًا من الرأسمالية ومترسّخًا من الغيرية الأبوية، جعل معظم العالم فاقدًا للصلاحية". من خلال هذا الفهم الذي يرسّخ وعينا الجماعي، نعلم أنّ رهاب الكويريين/ات والعابرين/ات والتمييز على أساس القدرة وغيرها من أنظمة القمع كالعنصرية والاستعمار تتقاطع وتؤثر على حياة وتجارب الكويريين/ات المهمّشين/ات اليومية. ولكن في مقابل هذا القمع، نجد المرونة لمقاومته، الفرح، وأشياء رائعة تحدث عند هذه التقاطعات. كما غرّدت الناشطة السوداء الكويرية ذات الإعاقة إيدي ندوبو مؤخرًا: "التقاطعية ليست مجرّد مسألة وقوف على تقاطع لاعدالة متفاقمة ومتشابكةإنها أيضًا تلك الطرق حيث يجسّد جسم الفرد، فرد واحد عبقرية مضاعفة. أن تكون في الوقت ذاته أسودًا وكويريًا وذي/ات إعاقة هو تجسيد العبقرية، وأكثر من ذلك بأضعاف".

تقول أودري لورد في إحدى خطاباتها "العمر، الطبقة، والجنس: نساء تعدن تعريف الاختلاف":

يقولبنا التاريخ الأوروبيّ الغربيّ لنرى اختلافات البشر في ثنائيات متعارضة مبسّطة: مهيمن/ خاضع، صالح/ سيّء، فوق/ تحت، متفوّق/ دوني. ففي مجتمع يحدّد ما/ مَن هو الصالح وفقًا للربح بدلًا من الحاجة الإنسانية، لا بدّ من وجود مجموعة من الناس تشعر من خلال قمعها الممنهج بأنها زائدة وتحتلّ مكانًا دونيًا منزوع الانسانية.

من موقعنا ككويريين/ات وأشخاص ملونين/ات ذوي/ات إعاقة، نعيد تعريف نماذج "السويّة" تلك ونعمل على تفكيكها عبر وجودنا ومقاومتنا وإصرارنا اليومي.

 

الوقت يلعب دوره

في العام 2018، ناقشت غوى من "كحل" وكارين من "شبكة النساء ذوات الإعاقة في كندا" (DAWN) احتمال المشاركة في المؤتمر العالمي الأوّل للنساء المثليّات وثنائيّات الميول الجنسية والكويريّات في كايب تاون، جنوب إفريقيا، في تموز/ يوليو 2019. تحدّثنا عن تكرار ديناميات وأنظمة القمع ذاتها ضمن المجتمعات الكويرية، وسألنا أنفسنا (وبعضنا البعض): كيف يمكن أن نصبح أفضل؟ كنّا نعلم أن التمييز على أساس القدرة يتسرّب إلى مجتمعاتنا الكويرية، خاصة في ما يرتبط بمسألة الرغبة والجسد، حيث تعيد هذه الديناميات إنتاج نفسها في مجتمعنا الكويري. في المقابل، وجدنا من خلال عملنا أنّنا متواطؤون مع بعضنا البعض، فاندفعنا برغبة مشتركة في ترسيخ عدالة الإعاقة في نشاطنا السياسي والأطر التي نعمل من خلالها، خاصة في سياق الحركات الكويرية في غرب آسيا وشمال إفريقيا. بالنسبة إلينا، التقاطعية تستدعي أيضًا مساءلة الذين يتكلّمون باسم الكويريين/ات وذوي/ات الإعاقة، حيث يهيمن الخطاب الأبيض غالبًا على تلك النقاشات. عندما ندلّ على القوة، نأمل وضع أولئك الذين على هامش الإعاقة والفكر النسوي في المركز.

خلال ورشة العمل في المؤتمر، شجّعنا المشاركات على كتابة تجاربهن بحرّية. استحضرت هذه اللحظات والتأمّلات الجماعية التي رافقتها، تجارب عميقة وأحيانًا غير مريحة/ مزعجة حول الإعاقة. حينها، رأينا كيف أننا والآخرون بدأنا نفهم ما هي الإعاقة بالنسبة إلينا وبالنسبة إليهن. فالإعاقة نطاق واسع لا زلنا نفهمه بشكل محدود. ولا يزال التمييز على أساس القدرة مسألة ينبغي مناهضتها في المجتمعات الكويرية، حتى عندما تكون تلك المجتمعات في مقدمة الحركة (السياسية). كما ظهرّت الورشة إشكالية أخرى عبر تسليط الضوء على أن امتياز تفادي المعرفة العميقة بمسائل الإعاقة والمحافظة على هذا الارتياح ما هو إلا ممارسة مميّزة على أساس القدرة. أدركنا أن التعامل مع هذه الجوانب غير المريحة هو جزء من نشاطنا السياسي في عدالة الإعاقة. لذا، أخرجنا رسومات خرائط أجسامنا من هذا اللاارتياح.

لاحقًا في العام ذاته، أطلقنا دعوة لتقديم أوراق بحثية وكتابات، مدفوعات بأمل البناء على ما أنتجته الورشة لنشر عدد خاص في الربع الأول من العام 2020. لكنّنا أجّلنا موعد النشر إلى وقت لاحق من العام ذاته، لأنّنا شعرنا بالتزام لإعادة فتح دعوة التقديم نتيجة التداعيات المتقاطعة بين الإعاقة والأزمة الاقتصادية وفيروس كوفيد-19.

 

واقعنا المشترك/ الجماعي

على الرغم من أن تأجيل مواعيد التسليم وإعادة فتح الدعوة للتقديم لم يغيّر المفهوم الأساسي لمحتوى هذا العدد، إلا أننا أردنا أيضًا أن نعكس واقعنا الحالي من خلال مسار النشر. تأثّرنا جميعًا بإجراءات الإغلاق التي ألحقت الضرر بالكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة حيث فاقمت من حرمانهم/ن من الوصول إلى المساحات المشتركة (التعليم، الرعاية الصحية والرعاية الملائمة، العمل المجتمعي). ونظرًا للسياق اللبناني الخاص، حيث توجد "كحل"، أجرينا ("كحل" و"شبكة النساء ذوات الإعاقة في كندا") نقاشات طويلة حول الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان في العام 2020، وما يعنيه ذلك بالنسبة للنشر على مستويي المحتوى والعمل وراء الكواليس. تقبّلنا فترات التوقّف في مسارات التحرير نظرًا للظروف الموضوعية التي نعيشها على المستويين العالمي والعابر للقوميات.

الإغلاق لا يجعل من الوصول إلى بعض الخدمات أمرًا صعبًا وحسب، بل إن وضعًا كهذا يفاقم من حدّة مشاكل الصحة العقلية. لذا، حاولنا من خلال عملنا المشترك تفكيك ونزع مفهومنا الرأسمالي حول الانتاجية قبل كوفيد – 19 – لأنها ممارسة تميّز على أساس القدرة، وهي للأسف تمثّل تصوّرًا حاليًا يرتبط بالعار وتحقير الذات. كنّا مدركات تمامًا أن مواقفنا لا يجب أن تتعارض مع مماراساتنا، لذا تمهّلنا وفكّرنا بما يعنيه اعتماد وتيرة أخرى كممارسة عملية. بالنتيجة، تطلّبت عملية النشر وقتًا أطول من المقرّر لأننا ابتعدنا عن مقاربة الانتاجية المنطلقة من التمييز على أساس القدرة.

من المنطلق ذاته، نريد أيطًا إبطال معيار الانتاجية الذي يعتبر فقط أن المساهمات المناسبة والمهمّة هي تلك التي تعبر مسار النشر لتتخذ شكلًا نهائيًا، "إنتاجًا" ملموسًا يمكن إظهاره بشكل قابل للقراءة والاستهلاك. نعتبر أن هذا العدد الخاص هو صنيعة جميع المشارِكات في الورشة والكاتبات، حتى اللواتي لم تقدّمن أي شيء أو انسحبن في مرحلة ما خلال عملية التحرير، وهو أيضًا نتاج مجتمعاتنا التي تدعمنا وتمدّنا بالقوة. عرقل كوفيد – 19 مواعيد التحرير والنشر الملحّة، ففهمنا أنه أحيانًا من الأفضل أن نتقبّل الأمور كما تكون. لكن هذا لا يعني أبدًا إلغاء الناس ومشاركتهم/ن؛ لقد شعرنا بكلّ منهم/ن طوال مسار العمل في هذا العدد.

فالشخصيّ هو سياسيّ، ذلك هو الأساس. فنحن، كأشخاص نعمل في "كحل" وفي "شبكة النساء ذوات الإعاقة في كندا" جزء من هذا المسار. وعليه، فإن مسار الورشة والنشر مرهون بعملنا أيضًا، كما لا يمكننا الانفصال عن واقعنا الملموس، خاصة كأشخاص يجدون أنفسهم يفكّرون ويتكلّمون ويجسّدون عدالة الإعاقة، حتى لو من موقعيات مختلفة. فالتمهّل كان لصالحنا، وبالتالي لصالح مجتمعنا. أردنا أن نترأف بأنفسنا حتى نكون قادرات على الترؤف بالآخرين.

 

عودة إلى السياقات

عددنا هذا "مقاومة التمييز على أساس القدرة وتحرير (مفهوم)/ كورنة1 الرغبة" هو سعي لبناء وتعميق الثراء الفكري الذي يشكّل مفهوم عدالة الإعاقة، مع التركيز على التقاطعات بين الإعاقة، العرق، الجندر، والجنسانية حيث نضع الأشخاص الملوّنين الكويريين ذوي الإعاقة في المركز. وإذا تعلّمنا شيئاً من كوفيد – 19، فهو أن التفوّق الأبيض لطالما كان مصمَّماً على إلغائنا ومحونا. فالإقفال يعزّز دور الرأسمالية المسعورة في قمعنا. لكنّ اعتناءنا بأنفسنا وبمجتمعاتنا والتزامنا بمساءلة أنفسنا للقيام بما هو أفضل، يمدّد ويفجّر تلك الكوّة الضيقة التي يريد النظام الرأسمالي والتفوّق الأبيض والتمييز على أساس القدرة أن يسجننا فيها.

نحن في غاية الحماس لنشر هذا العدد، ليتاح للجميع اكتشاف الكتابات الرائعة، كما نودّ مواصلة هذا الحوار المهمّ والواسع حول الرعاية والحبّ في مجتمعات الكويريين/ات وذوي/ات الإعاقة.

 
  • 1. ترجمة مباشرة لمصطلح Queering
ملحوظات: