إعادة الإنتاج الاجتماعي

السيرة: 

فيروز يوسفي هي باحثة دكتوراه في جامعة غينت وعضو في مجموعة أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تركّز أبحاثها على الدور المحوري للعاملات الزراعيات في تعبئة حقوق العمّال في جنوب المغرب. تتبنى في بحثها مقاربة أكاديمية دقيقة، حيث تستكشف اندماج النساء العاملات في العمالة الزراعية المؤنثة، وتحلل استراتيجيات مقاومتهم والأشكال المتطورة للنشاط النقابي. يهدف عملها بشكل أساسي إلى تسليط الضوء على كيفية تحدّي هؤلاء النساء ظروف العمل الاستغلالية في القطاع الزراعي بالمغرب، حيث تستمرّ مظاهر استغلال العمالة المبنية على النوع الاجتماعي.

اقتباس: 
فيروز يوسفي. "إعادة الإنتاج الاجتماعي". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 11 عدد 1 (11 يناير 2025): ص. 11-11. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 18 يناير 2025). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/social-reproduction-ar.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
ترجمة: 

رياض الأيوبي دارس للاقتصاد وقارئ لحقول العمران والفلسفة واللغويات في تاريخ العرب، بادي البدء في ممارسته الترجمة لمّا عمل على نقل الأدبيات الشيوعيّة للعربية عبر صفحة «ما العمل؟» ومن ثمّ توسّع في هذا البحر من خلال تتبّع مخاض عمل شيوعيّي لبنان زمن الستينيات على نقل الإنتاج المعرفي من عالم الشمال إلى العالم العربي.

kohl-1-labor-ar.jpg

أود أبو نصر - العمل

"يُطلقون عليه اسم الحب؛ ونطلق عليه اسم العمل غير المأجور."
 – سيلفيا فيديريتشي

 

كيف يمكننا تعريف إعادة الإنتاج الاجتماعي بشكل ملموس؟ بالنسبة للنسويات والباحثين الماركسيين، تعني إعادة الإنتاج الاجتماعي خلق الظروف الأساسية لاستمرار الحياة البشرية والحفاظ عليها. وقد كان هذا المفهوم عنصرًا أساسيًا في النظرية النسوية لفترة طويلة، للاعتراف بالدور الحيوي الذي تقوم به النساء في رعاية الآخرين والحفاظ على العلاقات الاجتماعية الضرورية لاستمرارية المجتمع والاقتصاد. بهذا المعنى، في إطار النظرية النسوية والماركسية، يتجاوز مفهوم إعادة الإنتاج عملية الإنجاب البيولوجي ليتضمن العمل الشامل المتمثّل في "صناعة الحياة". وتشمل إعادة الإنتاج الاجتماعي عملية متعدّدة الأبعاد تتألّف من ثلاثة مكوّنات رئيسية: الإنجاب البيولوجي، والعمل المرتبط ارتباطًا وثيقًا بتجديد قوة العمل (مثل رعاية الأطفال وتربيتهم ليلتحقوا بالقوى العاملة/ سوق العمل أو التخفيف من الأعباء الجسدية الناتجة عن الاستغلال الرأسمالي)، وتوفير الرعاية لأولئك الذين يُعتبرون خارج نطاق القوى العاملة، وغالبًا ما يتم تصنيفهم كأجساد "عديمة الفائدة" بالنسبة لرأس المال. من وجهة النظر النسوية، تشير الطبيعة غير المحدودة لوقت العمل إلى عبء عمل مفرط بدون حدود واضحة أو وقت يمكن قياسه. وقد قدّمت النظريات النسوية مفهوم "يوم العمل الثلاثي"، الذي يشمل العمل خارج المنزل، والعمل داخل المنزل، والعمل الذي يتضمّن خلق العلاقات والشبكات الاجتماعية والحفاظ عليها.

تبلورت هذه الأطروحة في حلقات النقاش في السبعينيات، بين النسويات في تيار التسيير الذاتي الماركسي، حيث قامت الباحثات الإيطاليات والأميركيات بتسييس مسألة الأجور. ربطت الماركسيات والنسويات النقاش حول العمل المنزلي بالإنتاج الرأسمالي. وفي هذا السياق، وُلدت "الحملة العالمية للأجور مقابل العمل المنزلي" (IWFHC)، وهي شبكة نسوية قاعدية تسعى للاعتراف بجميع أعمال الرعاية ودفع الأجور عنها، سواء داخل المنزل أو خارجه. تأسست هذه الحملة في عام 1972 من قبل مارياروزا ديلا كوستا، وسيلفيا فيديريتشي، وبريجيت غالتييه، وسلمى جيمس، اللواتي كنَّ أول من دعا إلى أجور للعمل المنزلي. أصرّت النسويتان الرائداتان مارياروزا ديلا كوستا وسلمى جيمس على الترابط بين العمل المنزلي وإنتاج رأس المال. كما استكشف ماركس "مكمن الإنتاج المخفي" للفت الانتباه إلى العمل المأجور وتسييس عالم العمل، سعت الدراسات النسوية الماركسية إلى تجاوز فهم ماركس من خلال تجذير منهجياته البحثية. ركّزت هذه الدراسات على الواقع المتمثّل في "مكمن الإنتاج المخفي" وساهمت بشكل كبير في دراسة إعادة الإنتاج الاجتماعي.

بالنسبة لهن، فإن موقع استخراج القيمة هو المنزل، أو كما أطلقنَ عليه "المصنع الاجتماعي" (1973). يمكن اعتبار المنزل "مصنعًا اجتماعيًا" يشارك بنشاط في الإنتاج الرأسمالي. يرى بعض الباحثين أن الأسرة تعمل كآلة مخصخصة لإعادة الإنتاج الاجتماعي، مما يُبقي الأجور منخفضة وساعات العمل طويلة، لأنها تتيح إنتاج السلع داخل المنزل، مما يسمح للأفراد بالعمل أقلّ وقضاء المزيد من الوقت خارج نطاق العمل المأجور. جادلت نيكول كوكس وسيلفيا فيديريتشي (1976:11)، اللتان شاركتا أيضًا في هذه النقاشات، بأن "الأجر له وجهان دائمًا: وجه رأس المال الذي يستخدمه للتحكّم في الطبقة العاملة من خلال ضمان أنّ كل زودة على الراتب تقابلها زيادة في الإنتاجية؛ ووجه الطبقة العاملة التي تقاتل بشكل متزايد من أجل المزيد من المال، والمزيد من السلطة، وعمل أقلّ".

يدخل الخطاب المتعلّق بأجور ربّات المنازل في تعقيدات تقييم العمل الإنجابي: هل يمكن تحديد قيمة المهام المنزلية والرعاية في أجر؟ كيف يمكننا تحديد الساعات التي تستحق تعويضًا عن هذا العمل، الذي يتضمّن عناصر غير ملموسة مثل العناية والعاطفة؟ تحذّر سيلفيا فيديريتشي من "أبوية الأجر"، حيث يُتوقَّع أن يستمرّ العمل المنزلي غير المأجور في دعم إنتاجية الرأسمالية. هذا الاستغلال غير المرئي، المتجذّر في التقسيم الجنساني للعمل، يدعم القواعد الجندرية الهرمية ويقلّل من قيمة العمل غير المأجور. تقول فيديريتشي: "نريد أن نسمّي العمل بما هو عمل لكي نتمكّن في النهاية من اكتشاف ما هو الحب وخلق ما ستكون جنسانيتنا التي لم نعرفها قط" (فيديريتشي 1975:192). تسعى هذه المطالبة بالأجور إلى توضيح العمل المنزلي وخلع الإسقاطات الرومانسية عنه مع التأكيد أيضًا على أهميته وقيمته. وبالتالي، لم تهدف حركة الأجور للعمل المنزلي فقط إلى إزالة الغموض عن الأسرة ولكن أيضًا إلى فحصٍ نقديٍّ لمفهوم نظام الأجور (ويكس 2011:129).

نال النقاش حول إعادة الإنتاج الاجتماعي استحسانًا وانتقادًا في آن واحد. جاءت بعض الانتقادات من الباحثات السود والسكّان الأصليين في الولايات المتحدة الأميركية. أحد الانتقادات من الأدبيات النسوية ما بعد الاستعمارية تتناول فكرة تفكيك الأسرة النووية باعتبارها آلة مخصخصة لإعادة الإنتاج الاجتماعي، على الرغم من أن هذه الأدبيات لا تتناول مباشرة موضوع إعادة الإنتاج الاجتماعي. في عام 1970، على العكس من منظور النسوية البيضاء حول تفكيك الأسرة النووية، جادلت بعض النسويات الأصليات والأفريقيات-الأمريكيات بأن حريتهن مرتبطة بقدرتهن على تشكيل أسر. وأشاروا إلى أن تاريخ العبودية والإبادة الجماعية والعنصرية قد مزّق مجتمعاتهن (بانيرجي 2005؛ بهاشاتشارجي 1997؛ ديفيس 1981؛ هال 2016).

علاوة على ذلك، تنتقد أنجيلا ديفيس عَرْقَنَة العمل المنزلي. تثير مخاوف بشأن تدخّل الدولة في المجالات الخاصة باسم التنظيم، مشكّكة في الإمكانات الحقيقية للتحرّر من خلال الأجور. في هذا الصدد، تبحث ديفيس (1981) في السرد التاريخي لمشاركة النساء السوداوات في القوى العاملة، مبرزة كيف تطوّر دورهن في العمل المنزلي من كونهن عاملات ماهرات إلى خادمات، خصوصًا خلال الفترة الاستعمارية. يبرز هذا التحوّل جانبًا حاسمًا: تحويل العمل المنزلي من جزء لا يتجزّأ من الاقتصاد، ممتدًا خارج حدود المنزل، إلى مجال معزول حيث يتم تجاهل هذا العمل. هذا الانقسام يوضح كيف تمّ تركيب المنزل سياسيًا كفضاء للحبس. جوهر المشكلة لا يكمن في وجود الاقتصادات المنزلية ولكن في الانقسام الصارخ بين المجال العام الرأسمالي القائم على الربح ("سوق العمل") والمجال المنزلي ذو القيمة المتدنية. تشدّد ديفيس على أن النساء السوداوات لم يكنَّ محصورات فقط في التدبير المنزلي؛ بل تمّت مصادرة وكالتهن الذاتية الاقتصادية داخل الاقتصادات المنزلية، مما دفعهن إلى سوق العمل حيث ظللن مهمّشات، وغالبًا ما يشعرن كأنهن غرباء في بيئات المصانع (غاغو 2020). هذا الترابط بين الأبوية والرأسمالية والاستعمار يظهر بوضوح في تحليل ديفيس.

قدّمت الباحثات النسويات من منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا، مثل سارة سالم ومي طه، مساهمات كبيرة في التنظير والتوثيق والبحث في إعادة الإنتاج الاجتماعي. لا تنظر أعمالهن إلى إعادة الإنتاج الاجتماعي فقط على أنها توفير للسلع والخدمات المادية، ولكن أيضًا كخلق وإعادة إنتاج للعلاقات الاجتماعية والممارسات الثقافية الضرورية لإعادة إنتاج المجتمع. يركّزن على ضرورة الاعتراف بتنوّع التجارب في إعادة الإنتاج الاجتماعي، بما في ذلك كيفية تشكيلها من خلال العرق والطبقة والجندر وأشكال أخرى من التفاوت الاجتماعي. على سبيل المثال، في منشورهن عام 2019، يناقشن كيف أثّرت الأنماط الاقتصادية المتغيّرة في مصر على إعادة الإنتاج الاجتماعي، خاصة من خلال توظيف العمالة المنزلية الأجنبية وخلق سوق مُعَنْصَر. وتستكشفان تعقيدات إعادة الإنتاج الاجتماعي، مشدّدتان على تقاطعها مع علاقات القوة المختلفة، مثل الاستعمار والقومية والنيوليبرالية والعرق والجندر. وتجادلان بأن إعادة الإنتاج الاجتماعي يجب دراستها من خلال عدسة عدم المساواة الهيكلية المتعددة لفهم تعقيداتها بالكامل. بالاستناد إلى مفهوم "سلسلة الرعاية العالمية"، توضحان كيف يتمّ مزج العرق والموقع الجغرافي عالميًا في إعادة الإنتاج الاجتماعي وكيف تتنافس الدول لتقديم العمالة المنزلية "الأفضل جودةً". تؤكد الكاتبتان على أهمية النظر في تقاطعات البنى المختلفة، مثل الأبوية والرأسمالية والإمبريالية والعنصرية، لفهم إعادة الإنتاج الاجتماعي. فتجادلان بأنه فقط من خلال التفكير في هذه التقاطعات يمكن معالجة أوجه التفاوت في إعادة الإنتاج الاجتماعي.

 

ملحوظات: 
المراجع: 

Bannerji, Himani. 2005. Building from Marx: Reflections on class and race. Social Justice, 32(4), 144–160.

Bhattacharjee, Anannya. 1997. The Public/Private Mirage: Mapping Homes and Undomesticating Violence Work in the South Asian Immigrant Community. In Feminist Genealogies, Colonial Legacies, Democratic Futures, eds. M. Jacqui Alexander and Chandra Talpade Mohanty. New York and London: Routledge, 308–329.

Campaign for Wages for Housework. 2000. Wages for Housework. In Dear Sisters: Dispatches from the Women’s Liberation Movement, ed. Rosalyn Baxandall and Linda Gordon. New York: Basic Books, 258. 

Cox, Nicole and Silvia Federici. 1976. Counter-Planning from the Kitchen: Wages for Housework: a Perspective on Capital and the Left. Brooklyn: New York Wages for Housework Committee.

Dalla Costa, Mariarosa and Selma James. 1973. The Power of Women and the Subversion of the Community, 2nd ed. Bristol: Falling Wall Press.

Davis, Angela, 1981. Women, Race, and Class. New York: Random House.

Federici, Silvia. 1975. Wages Against Housework. Bristol: Falling Wall Press and the Power of Women Collective.

Federici, Silvia. 2020. Patriarchy of the Wage: Notes on Marx, Gender, and Feminism. Oakland: PM Press.

Gago, Verónica and Liz Mason-Deese. 2020. Feminist International: How to Change Everything. London and New York: Verso.

Hall, Rebecca. 2016. Caring Labours as Decolonizing Resistance. Studies in Social Justice, 10(2): 220–237.

Salem, Sara and Mai Taha. 2019. Social Reproduction and Empire in an Egyptian Century. Radical Philosophy, 2(4), 47–54.

Weeks, Kathi. 2011. The Problem with Work: Feminism, Marxism, Antiwork Politics, and Postwork Imaginaries. Durham: Duke University Press.