إعادة تصوّر مفاهيم التحرّش الجنسيّ في مصر: التقييم الطولي للتحرّش الجنسيّ في المنتديات الإلكترونية العربية والنشاط المناهض له

السيرة: 

هي مرشّحة لنيل شهادة الدكتوراه في الأنتروبولوجيا من كلّيّة التطوّر الإنساني والتغيير الإجتماعي في جامعة ولاية أريزونا. تسرد في أطروحتها المبادرات ضدّ التحرّش الجنسي التي ظهرت قبل وبعد ثورة 2011 في مصر وتشدّد على الدور الإجتماعي الذي لعبته “هاراس ماب” أو “خريطة التحرش” في اعادة تشكيل المفاهيم الإجتماعيّة والسلوكيّات حول التحرّش الجنسي في مصر.

‫ ‫الملخص: 

هذه الورقة تبحث في تحوّل التصوّرات في مفهوم التحرّش الجنسيّ في مصر. من خلال معلومات طولية/احصائيات طولية تمّ جمعها من منتديات ومدوّنات عربية، فضلاً عن مقابلات وملاحظات المنظمات المناهضة للتحرّش الجنسيّ تستكشف مجال المعاني الواضحة في مصطلح التحرّش الجنسيّ. وقد استخدم أسلوب المقارنة لتقييم اختلاف الخطاب السائد حول التحرّش في مصر عنه في المنطقة. تمّ جمعت المعلومات إلكترونياً، باستخدام مصطلح البحث “تحرّش جنسيّ” و “تحرّش”. وكان محرّك البحث Google هو محرّك البحث الأساسي لتحديد المنتديات ومنشورات المدونات من العام 2000 إلى العام 2012. من خلالها، تم رصد 233 منشور أصيل يركز على موضوع التحرّش الجنسيّ. وتظهر البيانات قلقاً عارماً من ظاهرة التحرّش الجنسيّ واغتصاب الأطفال، حتى العام 2006. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2006، طرأ تغيير على منتدى النقاشات المصرية إثر التحرّش الجنسيّ الجماعي الذي شهدته فترة العيد في وسط القاهرة. اعتباراً من هذه الحادثة، أصبحت كلمة “تحرّش” في مصر تعني التحرّش الجنسيّ بالنساء في الأماكن العامة. قبل هذه الحادثة، كان “المركز المصري لحقوق المرأة” قد أطلق حملة لإنهاء التحرّش الجنسيّ الذي كانت تشهده يومياً شوارع مصر. في أعقاب “الثورة المصرية” في العام 2011، استمر هذا النشاط من خلال مبادرات مستقلة تركز على العمل المجتمعي، مثل “خريطة التحرّش”. حينها، تعقّد الخطاب المرتبط بالتحرّش بعدما أصبح فعل التحرّش متصلاً بالعنف الجنسيّ والاغتصاب، اللذين صارا واضحين عقب الثورة. هذا الإرتباط بين التحرّش والممارسات العنيفة جنسيّاً اصطف إلى جانب المعاني السابقة للتحرّش، لكنه أيضاً دعّم المقاومة الشائعة لفكرة أن مصطلح “التحرّش” يعني الممارسات اليومية للتحرّش، وهو ما سعت المبادرات المناهضة للتحرّش إلى ترسيخه.

الكلمات المفتاحية: 
Sexual Harassment
Egypt
Internet
اقتباس: 
أنجي عبد المنعم. "إعادة تصوّر مفاهيم التحرّش الجنسيّ في مصر: التقييم الطولي للتحرّش الجنسيّ في المنتديات الإلكترونية العربية والنشاط المناهض له". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 1 عدد 1 (2015): ص. 32-57. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 29 مارس 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/reconceptualizing-sexual-harassment-in-egypt.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (1.19 ميغابايت)

feedyoutothebirds.jpg

Monica Basbous

في أيلول/سبتمبر 2013، شارك أعضاء في "هاراس ماب"، أو "خريطة التحرّش" – مبادرة مصرية مناهضة للتحرّش الجنسيّ – في مهرجان "ماستربيس" الذي أقيم في منطقة الدقّي (حيّ راقٍ في القاهرة). و"ماستربيس" هي مبادرة شعبية عالمية تهدف إلى حشد المجتمعات المحلية لدعم بناء السلام من خلال الحوار بين الثقافات.1 وظّفت "خريطة التحرّش" هذه الفرصة لتنمية حضورها الجماهيري ونشر رسالتها التي تهدف إلى التدخّل ورفع الصوت في وجه التحرّش الجنسيّ (لكي لا يكون التحرّش حالة طبيعية في الشارع)، بالإضافة إلى استقطاب متطوعين جدد وتوظيفهم في فرق التوعية المجتمعية حول ظاهرة التحرّش الجنسيّ في مصر. خلال الفعاليات، حصلت مشادّة بين رجل مسنّ يسير في الشارع الذي يستضيف المهرجان وأحد أعضاء "خريطة التحرّش". اعتبر الرجل أن التحرّش الجنسيّ ليس مشكلة في مصر، وذكر أن "المعاكسة" هي أمر سائد، وهي موجودة حتى في أميركا، وليست ظاهرة حصراً مصرية. والتحرّش، برأيه، هو مصطلحٌ "كبير" لا يجب استخدامه بهذه البساطة. تواصل أعضاء "خريطة التحرّش" مع الرجل عبر سؤاله بدايةً عمّا إذا كان أباً لبنات، وعن شعوره تجاه احتمال تعرّضهم للتحرّش في الشارع. بعد ذلك، وبحماسة أكبر، قامت المتطوعات بشرح ما يعنيه التحرّش لامرأة في الشارع، بشكل مفصل. ومع ذلك، لم يستطع أعضاء الفريق توضيح الفارق بين التحرّش و"المعاكسة" للرجل، وبقي غير مقتنع بالفكرة من أساسها.

منذ حوالي عقد من الزمن، وتحديداً في العام 2005، بدأ "المركز المصري لحقوق المرأة" حملته الأولى ضد التحرّش الجنسيّ في الشوارع، وقد أتت ردود أفعال العامّة حينها مشابهة لردّ فعل الرجل المسنّ في مهرجان "ماستربيس". ومنذ البداية، أشار المركز بأن التكلّم عن فعل التحرّش الجنسيّ أثار غضباً وإحراجاً في الرأي العام، وقد أنكر الكثير من الناس وجود هذه الظاهرة في مصر أساساً. ومن أبرز ردود الفعل، تم رصد فكرة أن التحرّش لم يظهر بدايةً في مصر وإنما هو فكرة أميركية لم تندمج بالسياق المصري بشكلٍ صحيح. ظهر هذا النقد على نحو الصدفة في سياقٍ آخر، عندما قامت مبادرة "خريطة التحرّش" بفعاليات توعية أخرى. ومجدداً، كان الرأي السائد يفيد بأن كلمة "تحرّش" كبيرة جداً، وبأن التعليقات والنظرات وحالات اللمس المنتشرة في الشوراع تٌعتبر "مجرد معاكسة".

تظهر هذه الأمثلة حالة التوتر التي كانت وما زالت موجودة حول تسمية "التحرّش الجنسيّ". ويستكشف هذا البحث التصوّرات المتغيّرة لكيفية استعمال مصطلح التحرّش الجنسيّ في ذهن الناس. واستمدت البيانات من مناقشات عربية في المنتديات الإلكترونية تمت على مدى 12 عاماً، أي إنها سبقت حملة "المركز المصري لحقوق المرأة" وواكبتها، بالإضافة إلى المقابلات والبيانات التي تمّ جمعها خلال البحث عبر المراقبة والمشاركة والتفاعل. وتستكشف هذه البيانات إعادة صياغةٍ لمصطلح التحرّش الجنسيّ روّجت لها منظمات المجتمع المدني المصرية والمبادرات الشعبية/الجذورية، تتماشى مع أجندات وخظابات دولية تركّز على مكافحة العنف ضد المرأة. ويمكن القول هنا بأن التوتر حول التحرّش الجنسيّ في مصر مرتبط جداً مع أشكال أخرى من العنف الجنسيّ والاغتصاب، بشكل خاص ضد الأطفال والنساء، وبشكلٍ رئيسي في المنازل والأماكن الخاصة وشبه الخاصة كالمدارس وأماكن العمل.

 

تاريخ ومسار التحرّش الجنسيّ في مصر

حتى العام 2005، لم تكن منظمات الدفاع عن المرأة المصرية قد عرّفت بالتحرّش الجنسيّ كمشكلة. في بدايات ذلك العام، تعرّضت ناشطة تتظاهر ضد استفتاء الدستور أمام مكاتب نقابة الصحافيين في وسط مدينة القاهرة للتحرّش، اعتدت عليها قوات الشرطة والبلطجية المأجورين من النظام (أخبار النبأ 2005، لانغهور 2013، رضوان 2011). بعد هذه الحادثة التي عرفت باسم "الأربعاء الأسود"، أتت ردود الفعل سريعة من النشطاء والعلماء البارزين، عبر تشكيل حركة لم تدم طويلاً، تناهض العنف السياسي، وقد أطلق عليها اسم "الشوارع لنا". أدانت الحركة ممارسات الدولة لإسكات المعارضة عبر اعتداءات تهدف إلى الحدّ من مشاركة المرأة في الحياة العامة، من خلال تقويض احترامهنّ. في ذلك الوقت، لم يكن هناك تعريف واضح أو مفاهيم أساسية تحدّد التحرّش الجنسيّ، لا داخل المجتمع المدني ولا في الوسط العام. وقد أشار مقال نشر في "أخبار النبأ" في حزيران 2005 إلى أحداث "الأربعاء الأسود" على أنها تحرّش جنسيّ وهتك عرض (وما يطويه ذلك من معاني الشرف والعار). استعمل المصطلحين في المقال بشكل متوازٍ، واعتبر التحرّش بإمرأة اعتداءً على الأمّة المصرية. ومع ذلك، فإن التحرّش الجنسيّ، كما هو مفهوم في فترة ما بعد الثورة من الناحيتين السياسية واليومية، وكما عرَفه تادرس (2013b)، لم يكن قد اصبح بعد جزءاً من الخطاب الأوسع عن العنف القائم على أساس الجندر في مصر.

في أواخر العام 2005، أطلق "المركز المصري لحقوق المرأة" برنامجاً يهدف إلى مواجهة التحرّش الجنسيّ اليومي في الشوارع (ريزو 2008 & 2012)2. في العام 2008، نشر المركز دراسة واسعة النطاق، عنوانها "غيوم في سماء مصر"، فازت باهتمامٍ عالميّ لتوثيقها للمرة الأولى مدى انتشار ظاهرة التحرّش الجنسيّ في الشوارع المصرية. إذ أظهرت الدراسة أن نسبتَي 83 في المئة من النساء المصريات و98 في المئة من الأجنبيات اللواتي شملهنّ الإحصاء تعرضن للتحرّش. وعرّفت الدراسة التحرّش الجنسيّ على أنه تصرفات جنسيّة غير مرغوب بها، معظمها ليس جسدياً. وقد سُلّط الضوء على سبعة تصرفات أساسية، هي: المعاكسة، النظر والتحديق، إصدار الأصوات، العنف اللفظي، الملاحقة، إزعاجات عبر الهاتف، التصرّف غير اللائق، وحتى اللمس.

عرّف المركز التحرّش الجنسيّ على أنه مشكلة اجتماعية ونفسية أساساً، وسبباً لعدم آمان المرأة في الأماكن العامة، وطالب بتمكين عملية رفع التقارير إلى مراكز الشرطة. وانتقد الباحثون هذه الممارسة ونهجها في إبراز الطابع الاجتماعي الصلف، بعد الفشل في التصدّي لنظام عدم المساواة بين الجنسيّن الذي أسهم في تدعيم ظاهرة التحرّش الجنسيّ وخلق رجال مصريين غير مؤهلين ثقافياً (أبو اللغد 2011 و2014؛ عمار 2011).

قبل ثورة العام 2011، وقع عدد من الأحداث الهامة، ساعد على تشكيل خطاب مكافحة التحرّش الجنسيّ والتصورات العامة حوله، بطرقٍ معينة. فمثلاً، في عطلة عيد الفطر من العام 2006، لم تتمكن مجموعات من الشبان من حضور فيلم في سينما في وسط البلد في القاهرة، بسبب نفاذ البطاقات، فأقدموا على موجة من التحرّش الجنسيّ، مهاجمين النساء والفتيات في محيط السينما. استمدت هذه الحادثة أهميتها من وجود عدسات الهواتف المحمولة في المحيط، فالتقطت الفيديوهات وانتشرت بشكل واسع عن طريق "يوتيوب" والمدونون المصريون، كمقال وائل عباس ومالك X حول المسألة. وندّد المدونون المصريون بعدم اهتمام الدولة ووسائل الإعلام بهذا الحادث وبالتحرّش الجنسيّ بشكل عام. إلى ذلك، سجّل العام 2008 انتصار المخرجة نهى رشدي، ابنة 72 عاماً، بأول دعوى قضائية ضد التحرّش الجنسيّ في المحاكم المصرية. استفادت رشدي من المادة 306 من قانون العقوبات التي تمنع أي اعتداء على شرف وكرامة شخص آخر، أو ما يسمى بـ"خدش حياء". وكمصطلح "هتك العرض"، ارتبط "خدش حياء" بالجرائم الجنسيّة المؤذية لشرف المرأة. وكما في قضية "الأربعاء الأسود"، نشرت جريدة "اليوم السابع" ما يفيد بأن المتحرّش شريف جبريل ارتكب جرم "هتك العرض" ضد رشدي. وبشكل مشابه، نشرت "المصري اليوم" تقريراً مفاده اتهام المدّعي العام رسمياً لجبريل بجرم "هتك العرض".

في كانون الأول/ديسمبر 2010، بدأ عرض فيلم "678"، وهو أول فيلم من انتاج خاص في مصر يركّز على قضية التحرّش الجنسيّ كمشكلة تستهدف المرأة في الأماكن العامة، من خلال عرض قصص ثلاث شخصيات تتقاطع تجاربهم مع التحرّش الجنسيّ. وظهرت في الفيلم أشكال مختلفة من العنف الجنسيّ التي تشملها كلمة "تحرّش"، كـ"التزنيق" في المواصلات العامة، والعنف الجسدي، واحتمال الإغتصاب. وبحث الفيلم عدداً من الموضوعات التي ظهّرت تأثير هذه الأشكال من التحرّش الجنسيّ على النساء. كما أثار الفيلم أيضاً مخاوف حول إمكانية لجوء المرأة للدفاع عن نفسها من خلال العنف، وتمت قراءة التحرّش بصفته إذلال للرجال المصريين (الجزيرة 2011). وعلاوة على ذلك، اعتبر الفيلم أن الجذور الإشكالية والسبب الأساسي للتحرّش الجنسيّ هو الإحباط الجنسيّ للرجال (إيجبت إنديبندنت 2010).

بعد الثورة المصرية في العام 2011، أصبح التحرّش الجنسيّ مركز اهتمام متصاعد في الإعلام المصري، وبين الناشطين والمثقفين. واستحوذت الطبيعة العنيفة للتحرّش والاعتداء الجنسيّ التي ظهرت في ميدان التحرير على اهتمام عالمي. أثار تسييس العنف الجنسيّ مخاوف النشطاء الذين رأوا أن للنظام يد في استئجار بلطجية ينفذوا أعمال العنف والتحرّش والاغتصاب، في محاولة لإبعاد الناشطات عن التظاهرات الشعبية والتجمعات. ففي الأيام الثمانية عشرة الأولى من الاحتجاجات (25 كانون الثاني/يناير - 11 شباط/فبراير)، أكد نشطاء على نطاق واسع أن التحرّش الجنسيّ كان غائباً بشكل ملحوظ عن ميدان التحرير، ونقلت الأكاديمية فيكي لانغور عن ناشطة في التحرير قولها: "تلك الـ 18 يوماً لم أتعرض خلالها للأذى في مصر نهائياً". لكن هذه الحال تغيرت في 11 شباط/فبراير، يوم تنحّي الرئيس حسني مبارك، وهو اليوم الذي شهد الهجوم على مراسلةCBS  لارا لوغن واغتصابها. بين العامين 2011 -2013، أصبح التحرّش الجنسيّ منتشراً في تظاهرات ميدان التحرير، وبرز عدد من حالات العنف العامة التي أظهرت أن التعامل مع جسد المرأة بات يأخذ منحى لاإنساني خلال الانتفاضة.

في 9 اّذار/مارس 2011، أي اليوم الذي تلى "اليوم العالمي للمرأة"، توجّه النشطاء إلى ميدان التحرير للمشاركة في "تظاهرة المليون امرأة" التي انتهت باعتقال الشرطة لـ 17 ناشطة، من ضمنهم سميرة ابراهيم التي أخضعتها الدولة لاختبار كشف العذرية. هذا التصرف أيّده حينها المشير عبد الفتاح السيسي كضرورة لحماية الجيش من تهم الاغتصاب الموجهة إليه (Daily news Egypt 2011). وقد قامت فحوصات كشف العذرية بقناعة من مسؤولين في الجيش تفيد بأن النساء المشاركات في التظاهرات لسن عذراوات. كما ذكر مصدر عسكري غير معروف أن النساء في التظاهرات لسن "كبناتك أو بناتي" لأن الكثيرات منهن اعتصمن في خيم مع الرجال في ميدان التحرير. وفازت قضية سميرة ابراهيم باهتمام واسع لأنها روت تجربتها الشخصية، ولمثول الجيش أمام المحكمة على اعتبار عناصره مذنبين في الاعتداء عليها.

أيضاً في العام 2011، انتشر فيديو "الفتاة ذات الصدرية الزرقاء" والمعروفة أيضا بـ"ست البنات" على "يوتيوب"، بشكل متسارع. صوَر الفيديو متظاهرة غير معروفة يتم سحلها في الشارع من قبل قوات أمن الدولة، فيُخلع عنها ثوبها، وتظهر ملابسها الداخلية. وبعد ذلك، داس العناصر على جسدها بينما يضربونها وهي على الأرض. إلى هذه الحادثة، كشفت الموسيقية والناشطة ياسمين البرماوي في الحديث عن موجة العنف والتحرّش والإغتصاب بتهديد السلاح الأبيض، عن الحادثة التي تعرضت هي لها في ميدان التحرير في العام 2013. إذ تم خلع ثياب برماوي عنها، وسحلها بواسطة سيارة، بينما كان المعتدي يصيح: قالت إن بحوذتها قنبلة ملصقة بجسدها (لانغهور 2013). هذه الحوادث البارزة، إلى جانب الهجمات الغوغائية المتكررة، ظهرت كسمة من سمات الاحتجاجات في ميدان التحرير.

وابتداءً من تشرين الثاني/نوفمبر 2012، أخذت هجمات التحرّش الغوغائية أشكالاً جديدة لأنها أصبحت أكثر تنظيماً، وأصبح الرجال يحيطون بالمرأة قبل نزع ملابسها عنها واغتصابها (الأهرام أونلاين 2013). وردّاً على العنف الذي تتعرض له النساء في ميدان التحرير، بادر عدد من المتطوعين إلى التصدّي لهجمات العنف والتعدّي والاغتصاب، في سياق التظاهر الثوري. ومن أبرز هذه المبادرات "قوة ضد التحرّش/الاعتداء" و"تحرير بودي جارد" (أو "حرّاس التحرير")، وهي من المبادرات التي ضمّت في صفوفها ناشطين من الجنسيّن عملوا جنباً إلى جنب، وتدخّلوا عند حدوث فوضى التحرّش، لإخراج المرأة من هذه الحلقات. وقد ذكرت "قوة ضد التحرّش/الاعتداء" ("OpAntish") أنه تم توثيق 186 حالة تحرّش وعنف واغتصاب خلال الأيام التسعة ما بين 28 حزيران/يونيو و7 تموز/يوليو التي شهدت التحرّك لإنهاء حكم الرئيس محمد مرسي (كيريلوس 2013).

بالإضافة إلى هذه المبادرات التطوعية، ظهرت حركات أخرى سواء قبل الثورة أو بعدها، منها "خريطة التحرّش"، "شفت تحرّش"، "حركة بسمة"، و"ضد التحرّش"، وقد سبقها زمنياً عمل "المركز المصري لحقوق المرأة" في هذا المجال.3 وركزت هذه المبادرات اهتمامها على الشوارع والمجتمعات بشكل أساسي، وهدفت إلى إعادة تشكيل المفاهيم الاجتماعية والسلوكيات حول الممارسات اليومية للتحرّش الجنسيّ. وقد وفرت الثورة فرصة سياسية فريدة من نوعها لتحفيز عمل هذه المبادرات المجتمعية والتحرّك في الشارع لمكافحة التحرّش الجنسيّ العلني، عبر استخدام التكنولوجية الحديثة لنشر الوعي وتنظيم حراك النشطاء في الشارع (السيد وريزو في 2014). في هذا السياق، نذكر منظمات أخرى مثل: "نظرة للدراسات النسوية"، "مركز النادم لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعنيف"، و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية". هذه المنظمات ضمّت فكرة التحرّش إلى برامجها الهادفة لمحاربة العنف المبني على أساس جنسيّ. بالنتيجة، ومع تزايد الاهتمام بالدعاوى القانونية المتعلقة بالتحرّش الجنسيّ المُسيّس، عززت استراتيجية وطنية لمحاربة كلّ أشكال العنف الجنسيّ (لانغهور 2014)44.

أصبحت هذه الأحداث علامات فارقة في تاريخ التحرّش الجنسيّ في مصر، قادرة على أن تظهر التفاوت الكبير في نقاشات التحرّش الجنسيّ. صار مصطلح التحرّش الجنسيّ مثيراً للاهتمام بشكل متزايد ومضطرد، مع الاعتناء بالتوقّف عند مرادفاته و معانيه والمفهوم الأشمل للعنف ضد المرأة في خطابات النشطاء. وفي إعادة سرد لتجربتها في التعرّض للعقاب بالضرب والإهانة والإعتداء من قبل عناصر الشرطة، لفتت الصحافية المصرية منى الطحاوي: "لقد اعتدت على القول أنه تحرّش، لكنهم اعتدوا عليّ" (الغارديان 2011).

على الرغم من إمكانية التشكيك بضرورة التمييز بين أشكال العنف الجنسيّ، فإن عدم وجود حدود واضحة ومفهومة تعرّف بالتحرّش يساعد على توليد رفضٍ شعبيّ لممارسات التحرّش الجنسيّ اليومية التي تعادل في خطورتها الاعتداء والاغتصاب. ذلك كله لا يشرح حالة الغضب والنكران التي رأيناها في مستهل هذه الدراسة. إن إنكار وجود التحرّش الجنسيّ، والتفريق ما بين التحرّش والمعاكسة الذي ساقه الرجل في مهرجان "ماستربيس"، يشيران إلى دائرة أشد عمقاً من المعاني التي تتعارض وتتقاطع مع الصياغة الجديدة للتحرّش على أنه الممارسات اليومية التي تظهر في الشوارع وتتطلب مزيداً من الاستكشاف. إن الرهانات الأساسية في استكشاف أسس نفي العامة لوجود التحرّش الجنسيّ وأسباب هذا النفي، هي من العوامل التي تقيس نجاح المبادرات المناهضة للتحرّش الجنسيّ في إعادة توصيف التحرّش الجنسيّ على أنه شكل من أشكال العنف الذي يمنع المرأة من الإشتراك الكامل في الحياة العامة.

 

أسئلة البحث وبياناته

تطرح هذه الورقة سؤالين مركزيين: 1- كيف تم توظيف واستخدام التحرّش الجنسيّ من قبل العامة قبل وبعد الحراك ضد التحرّش الجنسيّ؟ 2- كيف ولماذا أعاد الحراك ضد التحرّش الجنسيّ صياغة التحرّش الجنسيّ؟ بمعنى آخر، ما هو القصد من إعادة تفعيل الصياغة؟ هذه الأسئلة تتحقق من الفوارق الخطابية في استخدام التحرّش الجنسيّ مع الزمن، للحصول على معنى يفوز بتقبّلٍ أكبر من ذاك الذي تحصده المعاني المتوارثة للمصطلح والناتجة عن المفاهيم التاريخية العامة للتحرّش الجنسيّ. كما يستقصي البحث كيف صار هذا المصطلح يُستخدم للدلالة على الممارسات اليومية للعنف الجنسيّ، كما هي مفهومة اليوم.

تم توظيف نوعين من البيانات للإجابة عن هذه الأسئلة: البيانات المستمدة من الإنترنت ومنتديات النقاش العربية، والمدوّنات المنشورة ما بين العامين 2000 و2012، لتشكّل الأرشيف الأصيل وتؤمن نظرة طولية للمشاعر العامة تجاه التحرّش الجنسيّ. استخدم محرّك البحث Google كأداةٍ في البحث عن هذه المنشورات. مصطلحا "تحرّش جنسيّ" و"تحرّش" هما المصطلحان اللذان تم استخدامهما للحصول على بيانات المدوّنات والمنتديات.

بيانات منتديات النقاش والمدوّنات التي أنشئت بموجب هذا النهج، انتشرت في الكثير من مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بالمحصلة، يوجد تمّ رصد 233 منشوراً من107  مواقع في 18 دولة. وقد اشتملت على بيانات من بلدان أخرى ناطقة بالعربية، نظراً لندرة البيانات على الإنترنت في مصر قبل العام 2005. ورود هذه البيانات من أنحاء المنطقة مكّننا من النظر إلى هذه التغيّرات بطريقة المقارنة، واستنتاج الملاحظات الأولية الهامة حول تغيير المفاهيم الذي شهدته مصر. إن تحليل المنشورات على مواقع تواصل إجتماعي أخرى، تحديداً "فايسبوك" و"تويتر"، بالإضافة إلى منابر إعلامية أخرى مطبوعة ونشرات الأخبار، سوف يقدّم رؤية أكثر دقّة لمختلف التصوّرات والخطابات التي تتناول موضوع التحرّش، وكيف يمكن تبنيها من قبل السكان. بالإضافة إلى ذلك، استمدت الدراسة رؤىً من البيانات التي تمّ جمعها من خلال إجراء المقابلات مع نشطاء بارزين في منظمات مكافحة التحرّش الجنسيّ، بما في ذلك "المركز المصري لحقوق المرأة" و"خريطة التحرّش"، كما توفّرت بيانات للدراسة من خلال المراقبة المشاركة التي امتدت على مدى سنة واحدة ما بين العامين 2013-2014 إلى جانب "خريطة التحرّش". وتم فحص هذه البيانات بقالراءة المتوازية بينها وبين بيانات منتديات النقاش والمدونات، لمعرفة كيف تمّت إعادة صياغة التحرّش في كيانات المجتمع المدني المصري.

 

طبيعة منتديات النقاشات العربية وديموغرافيتها

إن منشورات منتديات النقاش والمدونات تتيح رؤية التغيّرات في تصوّرات العامّة حول التحرّش الجنسيّ في مصر، لا سيما بالمقارنة مع نواحي أخرى من المنطقة. في الجدول 1، يظهر توزّع المنشورات على الدول. في معظم المنشوارت، حدّد المنشأ على أساس البلد المعلن عنه كأصل لأعضاء المنتدى، أو التوجّه القومي للمنتدى أو المدونة. في البلدان التي تعذّر فيها تحديد بلد يعنى الموقع بشؤونه، تم شمله منطقة أوسع اقليمياً مثل "الخليج"، وفي كثيرٍ من الأحيان، تمّ تحديدها إستناداً إلى مؤشرات أو خصائص اللهجة الواضحة في النصّ من المشاركات الإقليمية. وقد تم أخذ غالبية المنشورات من مصر والمملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج، بنسبة 77 في المئة من العيّنة. ويشمل مصطلح "الخليج" الدول المحسوبة على الخليج الفارسي، وقد يكون صحيحاً الإفتراض بأن الكثير من هذه المشاركات تعود لمواطنين سعوديين خصصت لهم نسبة عالية من المشاركة في منتديات النقاش. وقد بدا من الواضح، رغم الانتشار المنخفض نسبياً، إن الأفراد من مختلف أنحاء المنطقة شاركوا في مناقشات التحرّش الجنسيّ. ويشار إلى أن مصر والمملكة العربية السعودية هما النقطتان المركزيتان لتطوير مكونات الخطاب الوطني وغير الوطني عن التحرّش الجنسيّ. الشكل الثاني والثالث يضمّان توزيع المنشورات زمنياً. الجدول 2 يتعرّض للمنطقة بشكل عام، والجدول 3 للمنشورات المصرية الأصل. يعتبر العدد الإجمالي في كلّ سنة منخفض نسبياً، ومع ذلك، فإن زيادة في مناقشات حول التحرّش الجنسيّ بدت واضحة ابتداءً من العام 2004 لتبلغ ذروتها في 2005 – 2006. وكما هو ملاحظ في الجدول 2، فإن عدد المنشورات بدأ بالانخفاض ببطء ابتداءً من العام 2007، من أن أن يصل انحداراً المستوى الذي كان عليه قبل العام 2005. ليس واضحاً السبب خلف وجود عدد أقل من المنشورات قبل العام 2004، ولكن بعض التفسيرات المحتملة تأخذ بعين الاعتبار أن المناقشات حول التحرّش الجنسيّ كانت نادرة، أو لم تكن تجري في المجتمعات المحلية على الإنترنت، أو أنه لم يكن ممكناً استعادة هذه البيانات عبر استخدام "غوغل" Google. في مصر، النقاشات حول التحرّش الجنسيّ عكست إلى حدّ ما الجانب المناطقي. وبدا ذلك واضحاً في العام 2003، ولكنه بقي في حدوده الدُنيا حتى العام 2006. وكما هو ملاحظ في الشكل الثالث، تم رصد سبع منشورات ما بين العامين 2003 و2005، قفز عددها إلى واحد وعشرين في العام 2006، بزيادة نسبتها 200 في المئة، ظهّرها عدد المناقشات حول التحرّش الجنسيّ خلال الأعوام الثلاث.

 

المحتوى الموضوعي للنقاشات حول التحرّش الجنسيّ

تم تحليل جميع المنشورات كمحتوى موضوعي، وتم تطوير نظام ترميز نتمكن بواسطته من تحديد انتشار بعض النقاط في مضامين نقاشات الأشخاص. تم تحديد 12 نقطة من جميع النقاشات، كما يظهر الجدول 1. والمنشور الواحد يأخذ أكثر من رمز بناءً على طبيعة النقاش التي، في بعض الأحيان، تشمل عدداً من القضايا تم تجميعها في 670 رمزاً، رُمَّزت الأحداث بواسطتها في مُجمل الـ 233 منشوراً. الموضوعان الأكثر أهمية في النقاشات عن التحرّش الجنسيّ كانت تركّز على الأطفال والنساء. وكما هو ظاهر في الجدول 1، نسبة 57 % من المنشورات عرّفته بالاعتداء الجنسيّ على الأطفال/اغتصاب، و42% عرفته بالعنف الجنسيّ ضد المرأة. في مصر، أتى الأمر معاكساً مع 66% عنف جنسيّ ضد المرأة مقابل 32% عنف جنسيّ ضد الأطفال/اغتصاب. يرتبط هذا المنحى بجهود مكافحة التحرّش الجنسيّ التي بدأت في العام 2005، والتي نقاربها لاحقاً في النصّ. العناصر البارزة في المناقشات حول المواضيع المتعلقة بالطفل والمرأة تدلّ على التحرّش الجنسيّ بالأطفال/الاغتصاب. هذا الترميز يدلّ على أكثر من نصف النقاشات التي تم احصاؤها عن التحرّش الجنسيّ في المنطقة.

الاعتداء الجنسيّ على الأطفال/الاغتصاب: دلّ هذا الرمز على نصف النقاشات عن التحرّش الجنسيّ في المنطقة. ظهر قلق كبير من الاعتداء الجنسيّ على الأطفال داخل العائلات، ومن ثم في المدارس. وقد شمل هذا الموضوع في المملكة العربية السعودية والخليج، الاعتداء على الأطفال من قبل الموظفين المنزليين، مثل السائق أو الخادمة. في هذا السياق، ينظر إلى التحرّش الجنسيّ على أنه عنف جسدي ضد الأطفال، وأيضاً على أنه تصرف ذو أثارٍ مدمّرة على الأطفال. وتلك هي الحال بالنسبة إلى التحرّش الجنسيّ واغتصاب الأطفال، حيث سجّلت مخاوف مبنية على افتراضات معمّمة بأن التحرّش يؤدي بضحيته إلى المثلية الجنسيّة والإستمناء. التحرّش الجنسيّ ضد الأطفال والمثلية الجنسيّة هما أكثر الرموز تلازماً في مجموع ما تم تحليله، بعد تلازم رمزَي التوعية العائلية والمسؤولية. في هذا السياق، بدا واضحاً أن أغلب المنشورات شجعت الأباء على عدم ترك الأطفال وحدهم بلا حراسة، وعلى تعليم أبنائهم حول الأشكال غير المقبولة من اللمس، وتقديم االنصائح والدعم لضحايا التحرّش الجنسيّ واغتصاب الأطفال.

التحرّش الجنسيّ ضد النساء: بدوره، هو موضوعٌ سائدٌ في المناقشات حول التحرّش الجنسيّ، بحيث عالجته نصف المنشورات تقريباً على امتداد المنطقة، وحوالي ثلثا المنشورات المصرية. ومن الهام هنا الإشارة إلى أن موضوع التحرّش الجنسي ضد النساء يتداخل بشكلٍ كبير مع التحرّش الجنسيّ واغتصاب الأطفال، حيث ركزت العديد من النقاشات على مقاربة الفتيات في سن المراهقة جنسياً، من قبل الآباء والأعمام وأبناء العمّ، وأحياناً، الأجداد والأخوة. ضمن هذا السياق، ظهرت اتجاهات متباينة في المناقشات حول المرأة، وتركّزت حول الاعتداء الجنسيّ في المنزل والعمل، والتحرّش الجنسيّ في الأماكن العامة، الشارع ووسائل النقل بشكل خاص. في مصر، ركّزت معظم المنشورات على التحرّش الجنسيّ بالمرأة في الأماكن العامة، حيث عرّفت الغالبية التحرّش الجنسيّ في الأماكن العامة بالممارسات ذات طبيعة فيزيولوجية، مثل اللمس الاحتكاك. من ناحية أخرى، برز ضمن المناقشات الإلكترونية موضوع التحرّش اللفظي الجنسيّ وغير اللائق، وقد تنازع الأفراد حول دور اللباس في تعزيز التحرّش الجنسيّ، وقام العديد منهم بإلقاء اللوم على النساء بسبب خروجهن من دون ما اعتبروه الحدّ الأدنى من الحماية، أيّ الحجاب. في العمل، تركّزت المناقشات على افتقار المرأة إلى السلطة في مواجهة التحرّش، كما طالت ممارسات أرباب العمل التي تدفع بالمرأة لترك العمل تجنباً للمزيد من الممارسات غير المرغوب فيها.

إلى هذين الموضوعين المهيمنين، برزت نقاشات أخرى بالغة الأهمية أيضاً. الإغتصاب، برز في النقاش كمشكلة حاضرة في العائلة والمدرسة وأماكن العمل. وفي بعض الأحيان، تم الربط ما بين الإغتصاب والمثلية الجنسيّة، خاصة عندما يستهدف الإغتصاب والتحرّش الجنسيّ شباناً صغار السنّ أو رجالاً. أيضاً، ارتبط الإغتصاب بالتحرّش الجنسيّ ضد المرأة في الأماكن العامة، حيث ناقش الأفراد دور الملابس في إحداث الإغتصاب، بينما اعتبره البعض ناتجاً عن مرضٍ نفسيّ. كما تم التطرّق إلى "الزنا"، أو العلاقات الجنسيّة خارج إطار الزواج، في سياق موضوع الإغتصاب، لا سيما في المملكة العربية السعودية والخليج. في أغلب النقاشات، قدّمت هذه العلاقات باعتبارها توافقية، وإن بقيت محكوماً عليها بالسلبية واللا-أخلاقية.

كذلك، ظهرت المغازلة أو "المعاكسة" في المناقشات حول التحرّش. وعلى الرغم من كونه مصطلحاً مصرياً، فقد ظهرت كلمات مثل "المعاكسة" و"التعاكس" في 3 منشورات سعودية، و3 من الخليج، و1 من قطر. على سبيل المثال، تطرّق أحد الذكور السعوديين المشاركين في منتدى خاص بنقاش "الحياة الزوجية"، لمسألة الطرف المسؤول عن التحرّش الجنسيّ، ورأى أن اللوم لا يقع على المرأة في تصرّفات الشاب الشاذّة وممارسته للمعاكسة والتحرّش. وظهر مصطلح "المعاكسة" أيضاً في بعض الأحيان بمسمى "تحرّش"، ولكن أيضاً بأشكال متشابكة ومتعدّدة. فكانت "المعاكسة" تُفَسَر على إنها الحالة الفيزيولوجية/الجسدية للتحرّش الجنسيّ والاغتصاب والعلاقات الجنسيّة، وكانت تستخدم أيضاً للدلالة على التحرّش اللفظي ومجاملات للنساء.

في الوقت ذاته، ظهرت مصطلحات السلطة وأصحاب النفوذ كنقاطٍ هامّة في النقاشات، خصوصاً في مصر. وتضمّنت انتقادات للنظام الاستبدادي، والمجتمع الذكوري، وضعف المرأة، والدونية عن الرجل، وخوف النساء من الصرف من العمل، واللوم الاجتماعي الملقى على كاهل النساء، والتحرّش الجنسيّ بهن. أخيراً، ظهر التحرّش الجنسيّ ضد الرجال، غير المرتبط بالإعتداء على الأطفال، بشكل محدود في بعض المناقشات التي رأت أنه يمكن للمرأة أن تكون هي المتحرّشة. ولكن، في أغلب الأحيان، لا يزال العنف الجنسيّ ضد الرجل مرتبطاً بالمثلية الجنسيّة.

 

التحولات الزمنية في النقاشات حول التحرّش الجنسيّ

بعد استكشاف كيفية توزّع الرموز على مرّ الزمن، اتضح أن عدداً من الاتجاهات يوفّر معلومات قيمة حول تغيّر التصوّرات حول التحرّش الجنسيّ. الشكل 4 يوضح انتشار نقاش التحرّش الجنسيّ بالأطفال والاغتصاب على مدة زمنية طولها12  سنة قيد التحليل، وقد بلغ ذروته في المناقشات الإلكترونية التي تم رصدها ما بين العامين 2005 و2009، لكنه يبقى بشكل عام جزءاً لا يتجزأ من نقاش التحرّش. الشكل 5 يوضح أن هذا التوزيع يلائم الحالة المصرية في الفترة الممتدة ما بين العامين 2003 و2012، إذ استمر هذا الموضوع كجزءٍ من النقاش، ولو بشكل بسيط.

أما الرمز الخاص بالتحرّش الجنسيّ بالمرأة الظاهر في الجدول 6 فينسحب على معظم الفترات الزمنية للنقاش في المنطقة، ولكنه لم يكن جزءاً من النقاشات حول التحرّش الجنسيّ في الفترة السابقة للعام 2003. وعندما ظهر كموضوع في العام 2003، تركّزت المخاوف في التطرّق إليه حول سفاح القربى، والعنف ضد الشابات من الأقارب الذكور، وضعف المرأة في أماكن العمل والمستشفيات، وصولاً إلى التحرّش والإغتصاب الذي تعرضن له في سجن أبو غريب. في مصر، ظهر رمز التحرّش الجنسيّ ضد المرأة في بدايات 2006. حينها، بلغ ذروته في النقاشات العامة، ثم تركّزت نقاشاته في الربع الأخير من العام 2006، مع ذروة بلغت 15 منشوراً من أصل 18 آتية من مصر، كما يظهر الجدول 7. هنا، استُعمل مصطلح التحرّش الجنسيّ للدلالة على حالة فوضى التحرّش الجنسيّ التي شهدتها عطلة العيد في تشرين الأول/أكتوبر 2006، بالإضافة إلى مداخلات فرعية ركّزت على التحرّش الجنسيّ بالمرأة في الشوارع ووسائل النقل.

وقد بدا ملاحظاً أن فوضى التحرّش التي شهدها العيد في منطقة وسط البلد في القاهرة، أصبحت ذكرى سنوية تولّد درجة كبيرة من الإهتمام الإعلامي، وتالياً المدوّنات المصرية والنقاشات العامة في المنتديات (رفعت 2008، ريزو 2012). وفي تلك اللحظة المحورية، أصبح التحرّش الجنسيّ الذي يستهدف المرأة في الشوارع جزءاً حيوياً من طريقة تصوّر التحرّش الجنسيّ في مصر، وظهرت استخدامات متداخلة للدلالة على التحرّش، وسجّلت نسبةٌ ضئيلة من الإشارات إلى الإعتداء الجنسيّ على الأطفال. وكذلك، تم استخدام المصطلح بشكل متقلب للإشارة إلى الإغتصاب و"المعاكسة". خارج مصر، وحتى الآن، لا تزال النقاشات حول الاعتداء الجنسيّ على الأطفال تهيمن على مناقشات التحرّش.

 

إعادة تصوّر مفاهيم التحرّش الجنسيّ

انطلاقاً من المثل الوارد في بداية البحث، يسأل البحث: كيف ساهمت المنتديات وبيانات المدوّنات الإلكترونية في شرح حالة عدم الارتياح بين الناس تجاه مصطلح التحرّش الجنسيّ؟ تاريخياً، ارتبط التحرّش الجنسيّ في مخيلة الرأي العام في المنطقة ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الاعتداء الجنسيّ على الأطفال والاغتصاب، وغالباً لمّا يشهدهما المنزل ويرتكبهما أفرادٌ موثوق بهم. هنا، كان التحرّش يُنظر إليه بشكل كبير على أنه إنتهاكٌ جسديّ، ويدلّ بشكل متفاوت على الاغتصاب. وعلاوة على ذلك، فإن الاعتداء الجنسيّ على الأطفال، عامةً الذكور وأحياناً الإناث، يتسبب بالقلق الحادّ من تبعاتٍ مستقبلية يتم تخيّلها على شكل المشاكل النفسية والإستمناء والمثلية الجنسيّة. عندما استخدم للدلالة على المرأة في الأماكن الخاصة والعامة، نقل المصطلح مفاهيم حول العنف، والانتهاك، والاستغلال، بالإضافة إلى تبعات سلوكية مدانة اجتماعياً على المدى البعيد.

في العام 2005، عندما بدأ "المركز المصري لحقوق المرأة" بمقاربة التحرّش الجنسيّ الذي يستهدف النساء في مصر، كانت مفاهيم التحرّش و"المعاكسة" والزنا والإغتصاب والتحرّش الجنسيّ بالأطفال جزءاً من مجموعة غامضة من المصطلحات الفضفاضة التي تشير إلى ممارسات جنسيّة منحرفة غير محدّدة. في مقابلة أجريت مع مديرة "المركز المصري لحقوق المرأة" ناهد أبو قمصان، ذكرت أن مصطلح التحرّش الجنسيّ عند بدء برنامجهم بدا مصطلحاً صعباً، غالباً ما يختلط فهمه مع الإغتصاب. أما مصطلح "المعاكسة" فقد كان وما زال مستخدماً بشكل واسع، يفهم على أنه إظهار اهتمام موجّه نحو امرأة في الشارع، ولا يحتوي المصطلح على قوةٍ لحشد الناس ضده. على نطاق واسع، كانت "المعاكسة" تفهم على إنها "طريقة أقل أو أكثر شكلية من الخطوبة"، تحدث دائماً في الأماكن العامة في مجتمعٍ قائم على التمييز بين الجنسيّن في مصر (ريزوفا 2005: 108). وكان المصطلح يبدو متلازماً مع صورة بنت البلد التي تظهر مفاتنها في الشوارع ضمن الحدود المقبولة اجتماعياً. ولفتت أبو القمصان إلى أن هناك درجة من التسامح مع "المعاكسة" باعتبارها أسلوباً منتشراً لـ"الإغاظة"، المزاح، والخطوبة، وأن لا أحد يعتبر "المعاكسة" جريمة. تجريم أفعال التحرّش، مثل التحرّش اللفظي و"المعاكسة" واللحاق بالفتاة واللمس، هو الهدف الأبعد الذي يسعى إليه المركز، كما المبادرات الأخرى ضد التحرّش كـ"خريطة التحرّش". وكانت تصاحب نشاطات "المركز المصري لحقوق المرأة" محاولة لإعادة تعريف المفاهيم الاجتماعية حول هذه الممارسات، وتغيير النظرة القائمة إليها بأنها ليست مشكلة وغير مهددة، وبأنها تصرف طبيعي لرجلٍ شبق في مجتمعٍ يعاني من مشاكل اقتصادية وكبت جنسيّ. أما مصطلح "التحرّش الجنسيّ" فقد شكّل القوة التي احتاجها "المركز المصري لحقوق المرأة" والحركات الاجتماعية والكيانات الشعبية الأخرى، لإعادة تشكيل الفكرة العامة حول سلوكيات تحاول هذه المبادرات جميعها تجريدها من فهمها كتصرفات جنسيّة غير مؤذية في الشارع وتحويلها إلى أفعال عنف وتعنيف وجريمة على الصعيد الجسديّ.

إن النضال لتوصيف التحرّش الجنسيّ على أنه عنف هو جزء من نشاط نسويّ عالمي يرتكز على محاربة العنف ضد المرأة (ميري 2006 & 2009). وقد مهّد "مؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فيينا" المنعقد في العام 1993 و"مؤتمر الأمم المتحدة العالمي للمرأة في بكين" المنعقد في العام 1995، الطريق نحو زيادة تركيز العالم على العنف الجندري باعتباره واحداً من أبرز أشكال عدم المساواة القائمة على أساس الجندر. وكان لـ"جمعية الدفاع عن المرأة المصرية" دور كبير في هذا المجال (العلي 2000، فريدمان 1994 & 2003، ستارتشورسكي 2013). تعريفات التحرّش الجنسيّ التي تستخدمها المنظمات المعنية بمحاربة التحرّش الجنسيّ، تتماشى مع الخطابات العالمية حول حقوق المرأة. وقد استخدمت "خريطة التحرّش" تعريف الأمم المتحدة للتحرّش الجنسيّ، وكذلك فعلت "نظرة للدراسات النسوية" في ورقة عرض الأفكار المستقبلية حول الأشكال المختلفة للعنف الجنسيّ (نظرة: 2014). ويقارب "المركز المصري لحقوق المرأة" مفهوم التحرّش الجنسيّ من كونه عدم تكافئ في القوة أيضاً، إذ يستطيع الرجال استهداف النساء بالتحرّش. هذا التركيز على القوة القائمة على أساس الجندر يستحضر المفاهيم التي تتداولها الناشطات في مجال حقوق المرأة في الولايات المتحدة الأميركية و(إلى حدّ ما) أوروبا، إذ يصفن التحرّش الجنسيّ على أنه تمييز على أساس الجندر يستهدف النساء لمجرد أنهن نساء وينتهك حقوق المرأة الإقتصادية (بكر 2007، زيبل 2006).

إن رفع التحرّش الجنسيّ إلى مستوى جريمة يتماشى مع جهد الجمعيات العاملة على حماية المرأة المصرية، لإعادة تعريف العنف القائم على أساس الجندر في القانون. كما يتماثل مع جهودها المستلهمة من التجارب العالمية في معرض إجبار الدولة على الالتزام بالاتفاقيات الدولية، مثل "اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة سيداو". في العام 2008، وبتنسيق من "مؤسسة المرأة الجديدة"، قامت 16 منظمة غير حكومية بتشكيل فريق عمل لحظر العنف الجنسيّ، تأمين الحماية، وصياغة مسودة تعديلات لمواد قانون العقوبات التي تتعلق بالعنف القائم على أساس الجندر. مسودة التعديلات التي رفعها الفريق وضعت تعريفات وحدّدت عقوبات أشدّ ملاءمة، لمختلف أنواع العنف القائم على أساس الجندر، وحاولت تحرير القانون من مفاهيم "الشرف" التي تمنع النساء من التحدّث علنياً عن العنف الذي تعرضنّ له. وباعتباره عضواً في فريق العامل هذا، قام "المركز المصري لحقوق المرأة" بوضع مسودة تعديلاته الخاصة التي ركزت بشكل أساسي على إضافة التحرّش إلى القانون (FIDH 2014). وفي العام 2014، وافقت الحكومة المصرية على إضافة التحرّش الجنسيّ إلى المادة 306 من قانون العقوبات، الذي كان يركز بشكل عام على تجريم "خدش الحياء". وقد أتى هذا التعديل إثر حادثة لاقت اهتماماً واسعاً شهدتها كلية الحقوق في "جامعة القاهرة"، حيث قامت مجموعة كبيرة من الشبان بالتحرّش بامرأة، ما دفع بالشرطة الى مرافقتها إلى خارج الحرم الجامعي (ميديا مصر 2014). ردّ فعل العامّة على الحادث، بالإضافة إلى تفاعل أعضاء هيئة التدريس في "جامعة القاهرة" ومبادرات ضد التحرّش الجنسيّ، دفع بالحكومة، ومن دون تنسيق مع هذه التحركات، إلى تعديل القانون. لقيت هذه التعديلات منذ صدورها انتقادات الجمعيات غير الحكومية المعنية بالمرأة، اذ يقتصر فيها تعريف التحرّش الجنسيّ على الإعتداء الجنسيّ، بالاضافة إلى مطاردة المرأة (الرفاعي 2014).

وعلى الرغم من استمرار المطالبة القانونية، فإن إعادة تعريف التحرّش الجنسيّ ما زالت فعلاً معقّداً في ظلّ الطبيعة الأبوية والمحافظة للمجتمع المصري. وقد بذل "المركز المصري لحقوق المرأة" جهوداً لإنشاء الحدود الاصطلاحية لمختلف أشكال العنف، بما فيها التحرّش الجنسيّ والاغتصاب وهتك العرض، كما يوضح التقرير الصادر عن المركز حول الأشكال الثقافية والثغرات القانونية في معالجة التحرّش الجنسيّ في المنطقة العربية (2009). في نهاية العام 2013، انطلقت حملة مشتركة أطلق عليها إسم "صلحها في دماغك"، نظمتها "نظرة للدراسات النسائية" و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" و"خريطة التحرّش"، بالإضافة إلى "تحرير بودي جارد". سعت الحملة إلى ترسيخ تعريفات المصطلحات و"تسمية الأشياء بأسمائها". فضمّ مصطلح التحرّش الجنسيّ كافة ممارسات "المعاكسة" والملاحقة وأيّ تصرّف غير لائق، وميّزها عن الإغتصاب والإعتداء. إثر الحملة، أصدرت "نظرة" الورقة التي ذكرناها سابقاً، وقد تمّ فيها التمييز بوضوح بين التحرّش والاعتداء والإغتصاب، وتم توضيح الفوارق بين كلّ جرم من هذه الجرائم (نظرة 2014).

مع ذلك، وبعد الثورة بشكل خاص، أصبح مصطلح "التحرّش الجنسيّ" يشير إلى مختلف أشكال العنف الجنسيّ، ويدلّ على مجال واسع من الممارسات اليومية التي كانت تٌعتبر "غير خطرة" و"أقل عنفاً". وهو ما ركّز عليه "المركز المصري لحقوق المرأة"، عندما بدأ عمله في العام 2005. ما زال الاعتداء والإغتصاب يحضران كجزءٍ لا يتجزأ من التحرّش الجنسيّ، وقد أشارت مقدّمة البحث إلى ذلك، كما فصّل البحث العديد من الأحداث البارزة التي أصبحت علامات رئيسية تروي عن تاريخ التحرّش الجنسيّ في مصر، من اعتداءات الأربعاء الأسود إلى الهجمات وحالات الإغتصاب الجماعيّ في ميدان التحرير (لانغهور 2013، ريزو 2012، تادروس 2013). إن العنف الظاهر في هذه الأحداث يتماشى مع المفاهيم المعيارية التاريخية العنيفة للتحرّش، ولكنه عقّد قدرة المجتمع المدني على مواجهة الأشكال اليومية من التحرّش الجنسيّ التي تعيق حركة المرأة الآمنة في الشوارع. ولا يزال التحرّش الجنسيّ اليومي يُعتبر إلى حدّ كبير ممارسة عادية يقدم عليها الفتيان والرجال، ولا تتعدّى المزاح واللعب، تريده النساء أو تجتذبه بطريقة لباسها ومشيها في الأماكن العامة.

 

الخاتمة

يُفهم التحرّش الجنسيّ بشكل واسع في مصر والشرق الأوسط بطريقتين مختلفتين لكن متداخلتين: أولاً، هو العنف الجنسيّ ضد الأطفال، وثانياً، هو التحرّش الجنسيّ بالمرأة سواءً في الأماكن الخاصّة أو العامّة. ومنذ العام 2005، استخدم النشطاء مصطلح التحرّش الجنسيّ للدلالة على الممارسات التي تتم في الأماكن العامة. وظهر الكثير من المبادرات الاجتماعية ضد التحرّش الجنسيّ، مثل "المركز المصري لحقوق المرأة" و"خريطة التحرّش". وقد سعت هذه المبادرات إلى تضمين مصطلح التحرّش الجنسيّ الممارسات "الأقل عنفاً" كخطوةٍ نحو اعتبارها جريمة، وتغيير النظرة العامة تجاه هذه الممارسات. في السنوات الأولى من النشاط، كان التركيز يتمحور حول الأشكال اليومية من التحرّش الجنسيّ التي تُسجّل في الشوارع، مثل "المعاكسة" والتعليقات غير اللائقة والملاحقة واللمس. وبعدما تم إلقاء الضوء على حالات أخرى من العنف الجنسيّ، مثل التحرّش الجسدي والعنف وحتى الإغتصاب، أضيفت كمواضيع إلى محور نقاشات التحرّش. ومع انطلاق الثورة في العام 2011، انتشر مصطلح التحرّش الجنسيّ بمعنى يتضمن مجالاً أوسع من ممارسات العنف الجنسيّ، وأشكال منه أكثر عنفاً كالإعتداء، وحتى الإغتصاب، بغض النظر عن جهود المجتمع المدني لفصل الاغتصاب عن التحرّش الجنسيّ. يصبّ هذا العنف، إلى حدّ ما، في سياق الفهم التاريخي للتحرّش، مثلما أوضحت منتديات النقاش العربية الإلكترونية، وهو فهم يركّز على الإنتهاك الجسدي والإغتصاب. أما التحرّش الجنسيّ فقد أصبح أكثر انتشارا في الأحاديث العامة التي لا تزال تفرّق بين التحرّش الجنسيّ و"المعاكسة"، كما تستمر الاشكال اليومية من التحرّش الجنسيّ في استهداف المرأة المصرية، بلا هوادة.

 


تأتي نتائج هذاالمقال من أطروحة الدكتوراة القادمة للكاتبة:

"Anti-Sexual Harassment Activism in Egypt: Transnationalism and the Cultural Politics of Community Mobilizing."

ملحوظات: 
المراجع: 

الجزيرة. 2011. "فيلم 678... صرخة ضد التحرش." 1-11-2011. المشاهدة الأخيرة 4-16-2015. http://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2011/1/11/فيلم-678-صرخة-ضد-التحرش

المصري اليوم. "تنشر حيثيات الحكم في قضية التحرش الجنسي." 11-25-2008. المشاهدة الأخيرة 4-19-2015. http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=187753

اليوم السابع. "تأييد الحكم على المتحرش بالفتاة نهى رشدي." 2-15-2010. المشاهدة الأخيرة 4-19-2015. http://www.youm7.com/story/2010/2/15/تأييد-الحكم-على-المتحرش-بالفتاة-نهى-رشدى/190042#.VTPSJkujPEk                                

Adly, Magda. “Sexual Assault and Rape in Tahrir Square and its Vicinity: A Compendium of Sources 2011-2013.” Joint Report, El-Nadeem Center for the Rehabilitation of Victims of Violence and Torture, Nazra for Feminist Studies, and New Women Foundation. 2013. Print.

Ahmad Zaiki, Hind & Dalia Abd Alhamid. “Women as Fair Game in the Public Sphere: A Critical Introduction for Understanding Sexual Violence and Methods of Resistance.” Jadaliyya, 7-9-2014. Last accessed 4-16-2015. http://www.jadaliyya.com/pages/index/18455/women-as-fair-game-in-the-public-sphere_a-critical

Ahram Online. “The Circle of Hell: Inside Tahrir’s Mob Sexual Assault Epidemic.” 2-21-2013. Last accessed 4-19-2015. http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/151/65115/Egypt/Features/The-circle-of-hell-Inside-Tahrirs-mob-sexual-assau.aspx

Al-Ali, Nadje. Secularism, Gender and the State in the Middle East: The Egyptian Women’s Movement. Cambridge: Cambridge University Press.

Al-Bab.com. “The Internet in Arab Countries.” 2009, Last Accessed 11-10-2014. http://www.al-bab.com/media/internet.htm

Al-Jazeera. 2011. “Film 678…A Cry Against Harassment” (In Arabic). 1-11-2011. Last accessed 4-16-2015. http://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2011/1/11/فيلم-678-صرخة-ضد-التحرش

Al-Nabaa Information Service. “Al-Taharush: Hatk 3ard Al-Muwatanat Htk Lilwatan.” June 2, 2005. Last accessed 1-18-2015. http://www.annabaa.org/nbanews/47/261.htm

Amar, Paul. “Turning the Gendered Politics of the Security State Inside Out?” International Feminist Journal of Politics. 2011, 13(3): 299-328.

Baker, Carrie N. The Women’s Movement Against Sexual Harassment. Cambridge: Cambridge University Press. 2007.

Daily News Egypt. “Military Intelligence Head Says Virginity Tests Conducted Out of Self-Defense: Amnesty.” 6-26-2011. Last Accessed 4-16-2015. http://www.dailynewsegypt.com/2011/06/26/head-of-military-intelligence-confirms-virginity-tests-conducted-out-of-self-defense/

Egypt Independent. “678: Sexual Harassment in a Movie.” 12-17-2010. Last accessed 4-16-2015. http://www.egyptindependent.com/news/678-sexual-harassment-movie

Egyptian Center for Women’s Rights. “Sexual Harassment in the Arab Region: Cultural Forms and Legal Gaps.” (In Arabic). 2009. Print.

Eitling, Bruce, John Kelly, Robert Faris, and John Palfrey. “Mapping the Arabic Blogosphere: Politics and Dissent Online.” New Media & Society. 2010, 12(8): 1225-1243.

El-Maṣry el-Youm. “Tunshur ythiyāt al- akim fi qaiyat el-taarrush el-ginsy (Judicial Rationale Published in Sexual Harassment Case).” 11-25-2008. Last accessed 4-19-2015. http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=187753

El-Rifae, Yasmin. “Egypt’s Sexual Harassment Law: An Ineffective Measure to End Sexual Violence.” Middle East Institute. 7-17-2014. Last accessed 3-8-2015. http://www.mei.edu/content/at/egypts-sexual-harassment-law-insufficient-measure-end-sexual-violence

ElSayed, Heba & Helen Rizzo. “Media, Political Opportunity, and the Anti-Sexual Harassment Campaign.” Unpublished manuscript. 2014.

El-Youm el-Sābaʿ. “Tayyid al-akim ʿala el-mutaarrish bil-fatāa Noha Rushdy (Judgment Upheld for the harasser of Noha Rushdie).” 2-15-2010. Last accessed 4-19-2015. http://www.youm7.com/story/2010/2/15/تأييد-الحكم-على-المتحرش-بالفتاة-نهى-رشدى/190042#.VTPSJkujPEk

FIDH, Nazra for Feminist Studies, New Women Foundation, & Uprising of Women in the Arab World. “Egypt: Keeping Women Out. Sexual Violence Against Women in the Public Sphere.” Joint Report. 2014. Last accessed 1-29-105. https://www.fidh.org/IMG/pdf/egypt_women_final_english.pdf

Finn, Jerry. “An Exploration of Helping Processes in an Online Self-Help Group Focusing on Issues of Disability.” Health & Social Work. 1999, 24(3): 220-231.

Gersch, Beate. “Gender at the Crossroads: The Internet as Cultural Text.” Journal of Communication Inquiry. 1998, 22(3): 306-321.

Hafez, Sherine. “The Revolution Shall Not Pass Through Women’s Bodies: Egypt, Uprising and Gender Politics.” The Journal of North African Studies. 2014, 19(2): 172-185.

Hassan, Rasha, Shoukry, Aliyaa & Abul Komsan, Nehad. “Clouds in Egypt’s Sky: Sexual Harassment: From Verbal Harassment to Rape.” ECWR Report. 1998. Last accessed 3-8-2015. http://egypt.unfpa.org/Images/Publication/2010_03/6eeeb05a-3040-42d2-9e1c-2bd2e1ac8cac.pdf

Ilahi, Nadia. “You Got to Fight for Your Rights: Street Harassment and Its Relationship to Gendered Violence, Civil Society, and Gendered Negotiations.” MA Thesis, Dept of Anthropology, Sociology, Psychology and Egyptology, American University in Cairo. 2008. Last accessed 1-19-2015. http://dar.aucegypt.edu/bitstream/handle/10526/3259/Ilahi_Thesis_AUC.pdf?sequence=1

Kirollos, Mariam. “Sexual Violence in Egypt: Myths and Realities.” Jadaliyya, 7-16-2013. Last accessed 4-16-2015. http://www.jadaliyya.com/pages/index/13007/sexual-violence-in-egypt_myths-and-realities-

Langohr, Vickie. “New President, Old Pattern of Sexual Violence in Egypt.” MERIP, 7-7-2014. Last Accessed 4-16-2015. http://www.merip.org/mero/mero070714

---. “‘This is Our Square:’ Fighting Sexual Assault at Cairo Protests.” Middle East Report. 2013, 238 (Fall): 18-35. http://www.merip.org/mer/mer268/our-square

Mada Masr. “Victim Blamed After Sexual Assault at Cairo University.” Mada Masr, 3-18-2014. 2014. Last accessed 1-22-2015. http://www.madamasr.com/ar/node/2410

Madhavan, Jayant, David Ko, Lucja Kot, Vignesh Ganapathy, Alex Rasmussen, & Alan Halevy. “Google’s Deep Web Crawl.” Proceedings of the VLDB Endowment. 2008, 1(2): 1241-1252.

Mohamed Bin Rashid School of Government & Bayt. “The Arab World Online 2014: Trends in Internet and Mobile Usage in the Arab Region.” Arab Social Media Report series. 2014. Last accessed 11-10-2014. http://www.mbrsg.ae/getattachment/ff70c2c5-0fce-405d-b23f-93c198d4ca44/The-Arab-World-Online-2014-Trends-in-Internet-and.aspx

Muslimah Media Watch Blog. “Harassment = Jail Time!” 10-23-2008. Last accessed 1-22-2015. http://www.patheos.com/blogs/mmw/2008/10/harassment-jail-time/

Nazra for Feminist Studies. “Concept Paper: Different Practices of Violence Against Women.” 2-5-2014. Last accessed 3-8-2015. http://nazra.org/en/2014/02/concept-paper-different-practices-sexual-violence-against-women

---. “The President, His Group, and the Government Must Cease Their Policy in Targeting Female Activists and Excluding Women from the Public Sphere.” Joint Statement. 12-12-2012. Last accessed 1-18-2015. http://nazra.org/en/2012/12/president-his-group-must-cease-their-policy-targeting-female-activists-excluding-women

Najork, Marc & Janet L. Wiener. “Breadth-First Search Crawling Yields High Quality Pages.” Proceedings of the 10th International Conference on the World Wide Web. ACM, 2001.

Radwan, Noha. “How Egyptian Women Took Back the Street Between Two ‘Black Wednesdays’: A First Person Account.” Jadaliyya, 2-20-2011. Last accessed 3-8-2015. http://www.jadaliyya.com/pages/index/694/how-egyptian-women-took-back-the-street-between-tw

Replogle, Elaine. “Reference Groups, Mob Mentality, and Bystander Intervention: A Sociological Analysis of the Lara Logan Case.” Sociological Forum, 2011, 26(4): 796-805.

Rifaat, Y. “Blogging the Body: The Case of Egypt.” Surfacing, 51. 2008. Last accessed. 11-18-2014. https://dar.aucegypt.edu/bitstream/handle/10526/2667/SurfacingVol1No1.pdf?sequence=1#page=59

Rizzo, Helen, Price, Anne M., & Meyer, Katherine. “Anti-Sexual Harassment Campaign in Egypt.” Mobilization: An International Journal. 2012, 17(4): 457-475.

---. “Targeting Cultural Change in Repressive Environments: The Campaign against Sexual Harassment in Egypt.” Egyptian Center for Women’s Rights Report. 2008. Last accessed 3-8-2015. http://ecwronline.org/pdf/studies/AntiHarassment_for_ECWR.pdf

Ryzova, Lucie. “’I am a Whore But I Will Be a Good Mother’: On the Production and Consumption of the Female Body in Modern Egypt.” Arab Studies Journal. 2004/2005, 12/13(2//1): 80-122.

Seikaly, Sherene. 2013. “The Meaning of Revolution: On Samira Ibrahim.” Jadaliyya, 1-28-2013. Last accessed 4-16-2015. http://www.jadaliyya.com/pages/index/9814/the-meaning-of-revolution_on-samira-ibrahim

Tadros, Mariz. “Whose Shame Is It? The Politics of Sexual Assault in Morsi’s Egypt.” Heinrich Boll Stiftung, Afrique Du Nord Tunis. 2013a. Last accessed 3-8-2015. http://tn.boell.org/downloads/MarizTadros.pdf

---. “Politically Motivated Sexual Assault and the Law in Violent Transitions: A Case Study From Egypt.” Institute of Development Studies. 2013b. Last accessed 3-8-2015. http://opendocs.ids.ac.uk/opendocs/bitstream/handle/123456789/2950/ER8%20final%20online.pdf?sequence=1&utm_source=idswebsite&utm_medium=download&utm_campaign=opendocs

The Guardian News. 2011. “Journalist Mona Eltahawy Tells of Sex Assault in Cairo Ministry.” 11-24-2011. Last Accessed 4-16-2015. http://www.theguardian.com/world/2011/nov/24/journalist-mona-eltahawy-sex-assault-cairo

Zippel, Kathrin S. The Politics of Sexual Harassment: A Comparative Study of the United States, the European Union, and Germany. Cambridge: Cambridge University Press. 2006