بناء عوالمنا الكويرية وفنّ "السيلفيز": مقال مصوّر

السيرة: 

كاتب ومستشار نفسي مقيم في برلين. على خلفيّة تدخّلات ومقاربات مختلفة ومتنوعة، ركّز عمل عوض الله على تقاطعات الصحة والجندر والجنسانية والهجرة (القسرية) عبر مصر وألمانيا. تستكشف كتاباتهم الحميميات (الكويرية) والهويات والتأريخ القصصي.

شكر‬ ‫واعتراف‬: 

شكر وامتنان لجميع الذين شاركوا في هذا المشروع في كلّ مراحله.

اقتباس: 
أحمد عوض الله. " بناء عوالمنا الكويرية وفنّ "السيلفيز": مقال مصوّر". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 7 عدد 3 (02 فبراير 2022): ص. 7-7. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 20 أبريل 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/348.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.

queer_selfies_011

الصورة: يدٌ تمسك شيئاً يشبه الهاتف الخليوي، عاكسةً جزءاً من وجه الشخص على الشاشة. تبدو اليد اصطناعية كيد أندرويد (إنسان آلي)

أحمد عوض الله

ظهرت كلمة "سيلفي" لأول مرّة على شبكة الإنترنت في عام 2003. لكنّ الظاهرة تعود إلى زمن أقدم. تمّ التقاط أول "سيلفي" باستخدام كاميرا داجيروتايب في عام 1839 في ولاية فيلاديلفيا الأميركية من قِبل مصوّر هاوٍ. ظاهرة إعادة توجيه الفنّ إلى داخل ذات الفنّان واستكشاف ثيمات مختلفة قديمة، قدم الفنّ بذاته.

يشير الانتشار الواسع للـ"سيلفيز" في عالمنا الحديث إلى تأثير التكنولوجيا على حياتنا. يتمّ في أغلب الأحيان رفض الـ"سيلفيز" لكونها انغماسًا في نرجسية مبالغة، أو يتمّ ربطها بفيض نيوليبرالي في مجتمعنا الاستهلاكي. برأيي، تمتلك الـ"سيلفيز" قيمة جمالية وإمكانات خلّاقة تستحق مكانة أخرى. بحسب نظرية ميت ساندباي،1 تشكّل الـ"سيلفيز" مجهودًا إنتاجيًّا ومؤثّرًا وجماليًّا، إضافة إلى عمليّة بناء عوالم آدائيّة.

ما هي العوالم التي يتمّ بناؤها وهدمها، عندما نستخدم كاميرات وتقنيّات تصوير أخرى في التقاط الـ"سيلفيز"؟ أسلّط الضوء في هذه القصّة المصوّرة على فن الـ"سيلفيز"، مستكشفًا مواضع كالجسد والمستقبليّة والتهجير والمهجر وسياسات المرئية،2 مُبيّناً كيف يتنقّل الكويريّون بين الوقائع، وماذا يحدث عندما يُطلق العنان للمخيّلة.

queer_selfies_91

إلى اليسار: يظهر موضوع الصورة وهو جسد يتشمّس، وراءها السماء الزرقاء، محدّقة في الأفق. صورتها على غلاف مجلّة "فوغ". الصورة بعدسة الفنّانة لوكس فينيريا

إلى اليمين: يتمدّد جسد موضوع الصورة على صخور الشاطئ، بينما يظهر البحر والسماء خلفها. صورتها على غلاف مجلّة "فوغ". الصورة بعدسة الفنانة لوكس فينيريا

queer_selfies_81

إلى اليسار: تنظر الشخصية باتجاه الكاميرا، مرتدية فستاناً وشالًا أخضر ونظارات شمسيّة بإطارٍ أبيض. تحمل الشخصيّة حقيبة يدٍ سوداء، بينما تتكئ على رخام مغسلة المطبخ. الصورة بعدسة راجيل هُدا

إلى اليمين: تستلقي الشخصية على طاولة في وضعيّة مثيرة، محدّقة باتجاه الكاميرا. وُضعت حقيبة يدٍ بيضاء كبيرة أمامها، مغطّيةً جذع الجسد. الصورة بعدسة راجيل هُدا

 

"كل ما أريده هو *طلقة* *طلقة* *طلقة* و*صوت مسجّلة النقد* خُذ نقودك"

- م.ي.ا. عن أغنيتها "طائرات ورقيّة"، 2007

 

عندما أطلقت المغنيّة والفنّانة ميا، التي نشأت في ما يُسمّى بـ"غيتوهات" اللاجئين في لندن أغنيتها هذه، لاقت كلمات الأغنية استهجانًا ورقابةً. كانت الأغنية بالنسبة للفنّانة تعبيرًا عن استيائها من العراقيل المُهينة التي تفرضها الإدارة الأميركية على تأشيرات السفر، واستهزائها بتصوير المهاجرين واللاجئين بكونهم يتآمرون على استغلال منظومة الإعانات، وفي نفس الوقت الاستيلاء على وظائف مواطني العالم الأول. جرى الترحيب بالأُغنية كونها "نشيدًا للغاضبين من فقراء العالم". أتخيّل أن تكون أغنية طائرات ورقيّة، بمثابة موسيقى تصويريّة للحياة الكويريّة.

كلمة "كوير" محطّ سجال. عندما أستخدم كلمة "كويري"، فإنّ ما أعنيه هو التركيز على السرديات المهمّشة والمُستبعدة للكويرية التي تتحدّى وتهدّد الأصوات المهيمنة. الأجساد الكويرية والعابرة التي لم يخدمها رأس المال الثقافي والاقتصادي المتوارث من الأسلاف، وتلك التي لم تعرف بوجود أسلاف لها أصلاً. أتكلم عن كويرييّ العالم الثالث الذين لا ينتمون لأي من المؤسّسات ذات المكانة الرفيعة، والذين يحملون حكمة تجارب مُعاشة لا يُمكن تحصيلها من خلال التدريب الأكاديمي. هؤلاء الذين لا تُعتبر مسيراتهم اليومية جزءً من التاريخ الكويري لأنهم مستبعدون عن تأريخات المؤسسات النُخبوية. أولئك الذين تُساهم اضطهاداتهم بتحدّي المفاهيم الهوياتية المؤطرة. بعبارة أخرى، أريد الحفاظ على هذا المعنى من الكويرية.

تعبّر الـ"سيلفيز" الظاهرة أعلاه عن طموحات لعالم لا توجد فيه الفوبيات أو العقائد الدُغمائية، حيث تُمحى الحدود. لكن معانيها لا تتوقف هناك، إنها أيضًا تجسيد لنظرة معيّنة نحو ما يمكن أن تكون عليه العدالة. يتمّ بناء العوالم الكويرية البديلة من خلال توظيف مجازات النجاح والنقد الساخر – هكذا تكون عملية البناء.

queer_selfies_76

إلى اليسار: ترتدي الشخصية بدلة رائد فضاء على جُرم سماويّ. نرى كوكب الأرض في الخلفيّة بينما تحلّق سيارة في الفضاء. الصورة بعدسة الفنّان دِميتريوس نَفراس

إلى اليمين: تأخذ الشخصية شكل كائنٍ فضائي،٬ بشرتها مائلة إلى اللون الأخضر، بينما برزت شفتاها وعيناها بما يُشبه مساحيق تجميل. الصورة بعدسة داليا شاش

تتشابك حياتنا بشكل متصاعد بالتكنولوجيات. تمكّننا تقنيّات الـ"سيلفيز" الجديدة بمساعدة الفلاتر والمؤثّرات، من تعديل ملامح أجسادنا أو أبعاد وجودنا المكاني والزماني. يمكنك الآن التقاط سيلفي على سطح المرّيخ وأنت جالس/ة على أريكتك.

توظّف أفلام الخيال العلمي الحبّ الإنجابي كأداة في الحبكة لاستمرار الجنس البشري في المستقبل (أمثلة على ذلك: إنترستيلر وأرماجدون). هل تستطيع المخيّلات الكويريّة عن غزو الفضاء تجاوز المتطلبات البشريّة لنجاتها، أو رحلة استخراج الموارد؟ قد يكون مفيدًا التأمّل بالأسئلة التالية: لأيّ غرض قد يترك الكويريون كوكب الأرض؟ للفرار من المعيارية الغيرية؟ لبناء عوالم جديدة جريئة؟

وضعتُ صورتي السلفي هاتين بجانب بعضهما لينشأ بينهما حوار، إنّه تصوّر للقاء مُستبعَد. يرمز اللقاء بين عناصر فضائيّة غريبة عن بعضها الآخر، إلى فعل مواجهة الذات لنفسها (مثال: كونتاكت)، أو مواجهتها للـ"آخر" الغريب (أمثلة كثيرة، فيلم أرايفل كبداية جيّدة). إنّ الغربة التي تُفرض على الحياة الكويريّة، تجعل من تماثلها مع الرمزيّة المجازيّة للـ"فضائيين" أمرًا غير مفاجئ.

يستحضر تجاور هاتين السيلفيتين أسئلة عديدة عن المستقبليّة عبر عدسة كويريّة. ماذا لو التقى الكائنان في الصورتين: إنسان في الفضاء يلتقي بكائن فضائي. أي لغة سيستخدمان للتواصل، وكيف سيبلوران تلك اللغة؟ كيف سيشرح الإنسان التجربة الكويريّة على كوكب الأرض للكائن الفضائي؟ كيف سيجيب الكائن الفضائي؟ ماذا بعد اللقاء؟

queer_selfies_111

إلى اليسار: تقف الشخصيّة عارية الصدر محدّقةً في الكاميرا، رافعةً ذراعيها وواضعةً يديها خلف رأسها. جسدها يظهر بالأبيض والأسود، أما الخلفيّة فهي حديقة ملوّنة مليئة بالورود. يسلَّط شعاع ضوء على الشخصيّة، خالقًا تأثيرًا يبدو كهالة مقدّسة. الصورة بعدسة كاريبه لونار

إلى اليمين: تم إدخال صورتين للشخصيّة على خلفيّة من حديقة مزدهرة. تستلقي في إحداهن وتقف في الأخرى وهي تنظر خلفها. تردتي قميصًا بينما يبقى الجزء السفلي من جسدها عاريًا. الصّورة بعدسة كاريبه لونار

queer_selfies_55

إلى اليسار: تجلس الشخصية على حافّة السرير، يحمل هاتفاً ملتقطًا انعكاس جسده العاري. يغطّي مقبس الكهرباء الأعضاء التناسليّة في الانعكاس. الصّورة بعدسة فارون سنجال

إلى اليمين: تستلقي الشخصيّة عاريةً على سريرٍ في وضعيّة الجلوس. ساقه أسفل جسده بينما ينحني إلى الأمام قليلاً، محدّقًا في الكاميرا. الصّورة بعدسة فارون سنجال

يمكن لسياسات كشف الجسد على وسائل التواصل الاجتماعي إفساح المجال لقوى مهيمنة تعيد إنتاج المعايير القمعيّة للجمال. تتمتع الأجساد البيضاء المتجانسة مع المعيارية الجندرية والتي تتمتع بلياقة بدنية، هي أجساد محظية. إن الامتيازات التي تتمتع بها هذه الأجساد تظهر على شكل ما يسمّى بالمعايير المُجتمعية3 على شبكات التواصل، تفرض هذه المعايير قيمٍاً مُحدّدة تُقصي أجسادًا وجنسانيّاتٍ معيّنة. وعليه فإن إظهار الأجساد التي تتخطّى هذه المعايير يُعَدّ مخاطرة قد يتخللها الحظر بالرقابة. إلا أن صوراً مثل هذه تذكّرنا أن الأجساد بكل أشكالها وهيئاتها موجودة، وتعبّر عن طبيعة أجساد غالبيّة الناس. إنه عالمُ البشرة الداكنة.

تُعتبر "صور الإغراء" (مصطلح يعبّر عن صور مغرية ينشرها البعض على وسائل التواصل الإجتماعي بهدف جذب الانتباه)، تصنيفًا فرعيًّا لصور الـ"سيلفيز"، معدّلة باستخدام إضاءات وزوايا محدّدة هدفها إثارة ودغدغة المشاهد/ة. يستحضر هذا النوع من الصور أفكارًا و مشاعر متضاربة. ترتبط مشاركة صور الإغراء بتغييرات في الكيمياء الجسديّة، مُحفزةً إطلاق النواقل العصبية للمتعة، مشابهة لتلك التي تُفرَز أثناء الاتصال الجسدي الفعلي. دفعت هذه الظاهرة بالعلماء للتحذير من احتماليّة الإدمان. يرفض البعض هذه الظاهرة على أنّها سلبيّةٌ جنسيّة، مشيرين إلى أن هذا النّوع من المتعة يعزّز من استخدام شبكات التواصل بغض النظر عن المضمون.

تشير صور الإغراء إلى الاستثمار في رأس المال الشهواني، وهو أمر تدرك الجماهير الكويريّة الشابّة أنه جزء من عمليات التسويق الرقميّة في أسواق الرغبة. مع ذلك، إن فهمنا لصور الإغراء ينمو ويتغير تبعاً لتضارب أسباب هذه الظاهرة. فصور الإغراء يمكن أن تُلتقط و/أو تُنشر كـ: تعبيرٍ عن الجندر/ الجنسانيّة، في عمليّة لقبول الذات وتعزيز الثقة بالنفس وتلقّي التأييد، وكسبيل لكسب الدخل وتشكيل علاقات اجتماعية جنسيّة أو لإغاظة حبيبٍ/ةٍ سابقة وتتعدّد الأسباب.

يتضمّن مسمّى "صور الإغراء" إحساسًا بالحنين، أو حتى اليأس، وهو شعور يتمّ احتقاره عبر التقليل من أهمّيته و صرف النظر عنه في دلالة على فشل الحميميّة الكويريّة. لغرض دحض هذه القراءات أعود إلى مفهوم شاكا مجلوتن عن التأصّل4 (حميميّات افتراضية، 201) لتسليط الضوء مجدّدًا على الإمكانية التي تحملها "صور الإغراء" بخلق قرابةٍ اجتماعيّة كويريّة على المنصّات الإفتراضية. في تلك الحالة، يمكن النظر إلى "صور الإغراء" كسبيل لبناء قرابات جديدة والدفع بممارسات جنسيّة مبتكرة. من الجدير بالتأمّل: إذا قمت بالضغط على شاشة الهاتف المحمول بأصبعك لإيقاف صور إغراء على إنستجرام ستوري، هل يمكن اعتبار هذه الحركة شكلًا من أشكال المداعبة؟ ماذا لو استخدمت أصبعين لتوسيع حجم الصورة؟

queer_selfies_22

يحمل الشخص الهاتف المحمول في لحظة التقاط صورة لذاته. تحتوي الخلفية على مناظر طبيعية فيظهر نهر وأشجار بألوان الخريف، في وقت غروب الشمس. تصوير أحمد عوض الله

 

queer_selfies_33

إلى اليسار: يمدّ الشخص لسانه بينما تغطّي أشعّة الشمس وجهه وهو واقفٌ أمام تمثال لـ أوتو فون بسمارك، السياسي البروسي والعقل المدبّر للوحدة الألمانية. تصوير أحمد عوض الله

إلى اليمين: ينظر الشخص للأسفل معتمرًا قبّعة صلاة، على يمينه خارطة وعلى يساره إشارة لمخرج الطوارئ. تصوير أحمد عوض الله

ما هي الصور التي يرسلها المهاجرون إلى أهلهم في الوطن؟ كان هذا موضوع حديثٍ مع صديق كان أهله الأتراك "عمّالاً ضيوفاً" في ألمانيا – وهو مصطلح يشير إلى أولئك الذين انتقلوا إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بغرض إيجاد عملٍ كجزءٍ من برنامجٍ نظاميّ مخصّص للعمّال "الضيوف". كانت إحدى أحلامهم جني المزيد من الأموال لتأمين مستقبلٍ أفضل. لطمأنة الأهل في الوطن، كان للصور أن تبني عوالم يتمتّع فيها العمّال بفرصة الصعود والوصول إلى الثروة. يبان في تلك الصور عادةً العامل/ة أمام منازل فخمة، وسيّارات ألمانيّة فاحشة، أو مناظر طبيعية خلّابة. ولكن في الحقيقة، لم يمتلك العمّال أيًا من تلك البيوت أو السيّارات، وكانت ظروف عملهم مهينة ومؤلمة.

انتقلتُ إلى ألمانيا في زمنٍ وفضاءٍ مختلفين بسبب ظروفٍ ومخاوف متعدّدة، لكن كانت الصور التي أرسلها إلى عائلتي في مصر تتّبع منطقًا مماثلاً، مظهرًا واقعًا مختلفًا عن ذاك الذي أعيشه مع دوائري المجتمعية في برلين وخارجها. بإمكاننا المجادلة أن الفجوة بين النمطين عاطفيّة، إذ يصوّر الأول الرخاء بينما يبرز الثاني ظروف المهجر المفروض والعنصريّة التي يتمّ مواجهتها في ألمانيا. كما تُظهر سارة أحمد،5 كونك مهاجرًا/ةً تتحدّث عن العنصريّة يجعلك مهاجرًا سوداويّاً حزينًا. هل الميلانكوليا هي العاطفة الوحيدة الناجمة عن المهجر الكويري؟ الجواب هو لا.

يعيد التمثيل البصري للمهجر الكويري تجسيد مفهوم المسكن الزائل، حيث لا تتواجد فرصة الاستقرار في منزل مريح. تتحدّى هذه التجسيدات الميثولوجيا المتخيّلة القائلة بالتفوّق الأوروبي.

queer_selfies_11

تُظهر هذه الصورة اقتباسًا لفنّان الجرافيتي بانكسي: "لا أعلم لماذا يتحمّس الناس لوضع تفاصيل من حياتهم الشخصية في العلن٬ ينسون أن الخفاء هو قوّة خارقة". تصوير أحمد عوض الله

queer_selfies_41

إلى اليسار: نرى انعكاس الشخص على ما يبدو أنها ثُريّا خاصة بصالات الديسكو. يحمل الشخص هاتفه بينما لا يظهر من الجسد إلا الوجه والشعر. الملامح مخفية وغير مميّزة. الصورة بعدسة ماي مايج

إلى اليمين: نرى انعكاس الشخص على سطحٍ مكسورٍ عاكس. الجسد ظاهر بينما الوجه مخفيّ. تصوير أحمد عوض الله

تولّد مسألة المرئيّة نقاشات حادّة في النشاطيّة والتنظير الكويري. بينما تتمسّك بعض الدوائر بأهمية المرئيّة في تقدّم حقوق الكويريين، ينتقد البعض هذا المنظور بأنه مرتكز على نظرة أوروبية، تعزّز السردية أحاديّة البُعد للتقدّم. تلك السردية التي تعتمد شرعيّة الحياوات الكويريّة فيها على انكشاف الذات. تشير التجارب المعاشة للكويريين في مناطق مختلفة من العالم أن المرئية يمكن أن تزيد من العنف التسلّطي والعقاب وردود الفعل العنيفة. كما تلعب المرئية دورًا في تسليع الحيوات الكويريّة تحت اسم التنوّع والشمول، المعروفة أيضًا بـ "رأسمالية القوس قزح".6

 

 

 

 

 

  • 1. Sandbye, Mette. “Selfies and Purikura as Affective, Aesthetic Labor.” Exploring the Selfie: Historical, Theoretical, and Analytical Approaches to Digital Self-Photography. Edited by Julia Eckel, Jens Ruchatz, and Sabine Wirth. London: Palgrave Macmillan, 2018.
  • 2. سياسات المرئيّة، أو السياسات المتعلّقة بشرعنة الإعتراف بوجود جماعات أو أفراد. يتخلل هذا المصطلح الإشارة إلى الظهور الجسدي المباشر للعيان وقد يتجاوزه إلى مسألة الإعتراف المحض بقوّة عمل أو حركة معيّنة متعلّقة بجمع من الأشخاص الذين يحملون هويّة أو موقعاً معيّناً داخل مجتمع أو قطاع أو فضاء تواصليّ إلخ (مديرة الترجمة).
  • 3. ترجمة للفظة community standards، ترمي إلى التركيز على الخصوصية المنوطة بجماعة دون أخرى ضمن النسائج الإجتماعية المركّبة في الزمن المعاصر (مديرة الترجمة).
  • 4. McGlotten, Shaka. Virtual Intimacies: Media, Affect, and Queer Sociality. New York: SUNY Press, 2013.
  • 5. Ahmed, Sara. The Promise of Happiness. Durham and London: Duke University Press, 2010.
  • 6. تعود إلى العَلَم غربيّ المنشأ، الذي يُستخدم كرمز اختزاليّ للمجتمعات الكويريّة. رأسمالية "قوس قزح" تدلل على الكثير من المفاهيم والممارسات الليبراليّة التي ترتكز في نشاطها على منطق السوق الرأسمالي، لترويج قضاياها واعتدادها بالنأي عن النفس فيما يتعلّق بقضايا سياسية ومُجتمعية و اقتصادية خارجة عن نطاق قضاياها ومطالبها الهوياتية الضيّقة. إن جماعات الميم عين التي تكتفي بمطالبات قانونية واصلاحية لنيل حقوقها بمعزل عن أي قراءة بنيوية لواقع القمع الجنساني والجندري الممأسس في الدولة القوميّة المعاصرة هي ما يشير إليه الكاتب في هذه الفقرة (مديرة ال
ملحوظات: