النصّ المُحاذي والخروج عن أحكام الأصالة

السيرة: 

مدير الترجمة في مجلة "كحل". تمارس الترجمة المكتوبة والتعاقبيّة مع تخصص في مجال السياسة والإدارة العامة وموضوعات الهجرة / اللاجئين والعلوم التربوية.

شكر‬ ‫واعتراف‬: 

شكر خاص ل(رانيا الغزال) على المساهمة في عملية الترجمة.

اقتباس: 
مايا زبداوي. "النصّ المُحاذي والخروج عن أحكام الأصالة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 8 عدد 1 (18 يناير 2022): ص. 74-84. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 08 مايو 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/339.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (758.53 كيلوبايت)

 

 

تمهيد

باتت الوكالات الدوليّة والمنظّمات غير الحكوميّة ومؤسّسات اللاجئين تعتمد بشكل متزايد على اللاجئين ثنائيي اللغة، لإنجاز أو المساهمة بمختلف عمليات الترجمة المُصاحبة للبحوث والمشاريع، كما تفضّل العديد من منظّمات الإنتاج المعرفي توظيف مترجمين من اللاجئين، لاسيما في سياقات يكون فيها العاملون أو المساهمون في الإنتاج المعرفي أو الأعمال الميدانية هم لاجئون من نفس الدول. وعلى الرغم من عدم اكتساب هذه الظاهرة الطابع المؤسّسي أو الاعتراف بها رسميًا كنهج لترجمة الأبحاث والأدبيّات على نطاق أوسع، فلا ينبغي اعتبارها أمرًا مفروغًا منه، من دون التساؤل عمّا تستتبعه هذه الديناميكيات لجهة أثر موقع المترجِم الاجتماعي والسياسي على مخاض النقل المعرفي، وعملية صقل المعاني بين اللغات والثقافات. فاللغات والثقافات هي وسائط مختلفة ومتقاطعة، تأخذ عملية تكوين الهوية المعرفية رحاها فيها. عادةً ما نقرأ وإن بشكل عابر عن سياسة إقران هياكل الإنتاج المعرفي بمعضلة الهويّة (العائدة للباحث أو/والمبحوث، وعادة ما يأتي ذلك من منطلق أخلاقوي بحثي في فقرة مراجعة الأدبيات ضمن البحوث الاجتماعية والأنثروبولوجية والترجمية. ولكنني أُشدد في هذا النصّ على الأثر التحوّلي لعملية الإقران تلك على اللغة، فإقران المعرفة بالهوية يحوّل اللغّة بحدّ ذاتها إلى فضاءٍ تُسبَر فيه أغوار البناءات السياسيّة (أميرداباغيان وكوماران 2020). بالتالي، أزعم أنّ عملية الترجمة كممارسة قاعدية تنأى عن فضاءات الترف النظري الذي يغوص في تجريد اللغة ومدارس العبور الثقافية، وتتحوّل إذا ما توفّرت لها العناصر المادية المؤاتية إلى أداة يقودها الاحساس بالاشمئزاز من القمع والإقصاء الممارسَين منهجياً بحق الشرائح الطبقية الأفقر من المهاجرين والمنفييّن والنازحين والعمّال، وقد تتحوّل جدليّاً إلى ممرّ عبور تتجسد في معالمه بذور الوعي الطبقي. على ضوء هذا الافتراض وفي ظل بُنية الإنتاج المعرفي القائمة، يتحوّل اللاجئ إلى تجسيد حيّ لظاهرة النصوص المُحاذية التي واكبت تاريخ الترجمة منذ بداياته الأولى، والتي أمست اليوم ممارسةً مهملة من قِبل العاملين في الترجمة.

فالمترجمون (لاسيما المسيّسون جهاراً منهم) من بلدان الجنوب – التي تشهد معارك أيديولوجيّة شرسة ضدّ الاستعمار وطبقته الكومبرادورية وكيلة الاستعمار – يقدّمون مقاربات مختلفة لمفهوم النصوص المُحاذية، على نحو منبثق من طبيعة علاقتهم بأيديولوجيا أو بأُخرى وما يترتّب على تلك العلاقة من مُمارسةٍ واشتباك ترجميّ.

لا بُدّ أن نلاحظ التشابك الوثيق بين مفاهيم الترجمة والأيديولوجيا والنصوص الموازية، في سياق قراءتنا للترجمة كفعلٍ يأخذ رحاه في سياقات زمنيّة وثقافيّة محدّدة. إن عملية تسييق هذا الفعل القائم على نقل المعاني في حدّ ذاته، علامة فارقة في فهم الأيديولوجيا التي تقود مسار المترجم المهنيّ. في هذه المرحلة، تتحوّل الترجمة من مهنة-امتهان تكنوقراطي يستخدم اللغة كوسيلة محايدة لنقل المعنى، إلى فعل سياسي يقضي بإنشاء نصّ من خلال فضاء اللغة. تصبح الترجمة قوّة عملٍ عازمة على مقارعة المعنى وإعادة ابتكاره وتحدّي بُناه اللغوية ضمن محدّدات الوقت واللغة ووسيلة النشر.

وعليه فإن النظر إلى الترجمة على أنها قوّة عملٍ قائمةٍ ضمن محدّدات مادّية معيّنة تقودها إرادةٌ مسيّسة، يدفع بنا إلى إسقاط ثنائية الترجمة المعيارية المتشبّثة بوجود نصٍّ أصيل وآخر مُتَرجمٍ تابع. يتبيّن لنا تباعاً أن عملية الترجمة تهدف إلى بلورة معالم حَديّة،1 أو أنها عملية تشييد لفضاءٍ برزخيّ – حالة من المابينيّة المعرفيّة – حيث تشرّع حريّة التدخل في البُنى والمعاني المشتقّة للنصّ الأصلي، فيُبصر فضاء الأدب الثالث2 النور. المثال الأعرق والأوضح لتلك الحَدّية هو النصّ المُحاذي.

 

تعريفات النصوص المُحاذية

هناك نوعان من النصوص المُحاذية بحسب (وولف 2006)، النصوص المشروعة وغير المشروعة. تشكّل النصوص المُحاذية غير المشروعة محور هذا التعريف. يمكن تعريف هذا النوع من النصوص المُحاذية على أنه أداة نصيّة و/أو مرئيّة يُضيفها إلى مضامين النصّ المصدر، فريق العمل الذي يساهم في عملية إنتاج وتوزيع النصّ، ويشمل هذا الفريق رسامين وضيوف من الكُتّابٍ والنُقاد، لاسيما غير المعروفين منهم ألخ… وأمّا الأقل حظياً بينهم فهم المترجمون/المُترجمات (وولف 2006). يسعى تأمّل هذه الأداة التواصلية إلى فهم الأجندات الأيديولوجية والسياسيّة المحيطة بالترجمة ونصّها المصدر المنشورين، بالإضافة إلى الإطلالة على دور المترجم (المترجمين)، و/أو المحرّر (المحررين)، و/أو الناشر (الناشرين) في هذه الأجندات وشكل الديناميّات (والهرميات) القائمة بينهم/نّ (جينيت 1997: 408). يصف باحثون أتراك وآسيويون استخدام النصّ المحاذي "كأداة منهجية" يوظّفها المترجم/ة في اللحظة التي يعتبر فيها نفسه فاعلاً مُقرّراً في النصّ، فيبادر بملئ إرادته إلى فعل تسييق ما يسمّيه بعض المترجمين الباحثين "ظاهرة" الترجمة. النصّ المحاذي هو تعبير عن إرادة تقريرية يتشبّث بها المترجم في عملية فهمه التفكيكي للخطاب المُضمَّن فيما يسمّى بالنصّ الأصلي – إنه فضاء يمكن للعناصر العاطفية والثقافية والتاريخية المولّدة لخطاب نقيض لذاك الأصلي أن تبصر النور. في بعض مراجعات الترجمة الفارسية لرواية "مزرعة الحيوان"، تمّ التعبير عن الفكرة المذكورة آنفاً (الترجمة وخلق الخطاب النقيض)، من خلال إظهار "التلاعب" الذي قامت به الترجمة الفارسية (أميرداباغيان وكوماران 2020) بالنصّ الأصلي، وهو تلاعب ترجميّ يهدف وفقًا لنقّاد الترجمة إلى مخاطبة "... مشاعر قرّاء المترجم" (المهندي 2008: 88).

هذه المحاولات الفريدة أو بتعبير آخر "الغريبة"، في توظيف القدرة اللغوية خارج الفعل المعياري القائم على إيجاد المرادفات اللغوية، تحوّل الأدب ضمن الفضاء الترجمي إلى قضيةٍ تطرح سؤال فهم الذات والفهم الإدراكي الذاتي في بُعده الجماعي. إنها إشكالية الأدب التاريخية – تجسيد الثقافة وسؤال الهوية ضمن أطرهما الجغرافية والزمانية وخارجهما في آن – ولكن مضافٌ إليها بُعد آخر ألا وهو العبور اللغوي وما يصحبه من تخبّطات في معترك الإدراك. في طيّ هذه التعقيدات الوجدانية المركّبة يتحوّل المترجم إلى فاعلٍ يقوم بعملية الأدلجة، وتصبح الترجمة تباعاً فعل استعادةٍ معرفية.

غالبًا ما يلجأ المترجمون في الأوساط الأكاديميّة المعاصرة إلى لوفيفر (1992) لتحديد الأيديولوجيا في سياق الترجمة. يعرّف الكاتب البلجيكي الأيديولوجيا بأنها "الشبكة المفاهيمية المؤلّفة من الآراء والمواقف التي تُعتبر مقبولة في مجتمع معيّن في وقت معيّن، والتي من خلالها يتعامل القرّاء والمترجمون مع النص" (كما ورد في هيرمانز 1999: 127). وبالتالي، فإن الترجمة هي الاستئثار بالخطاب أو عملية استعادته (بالنسبة لنا نحن العمّال)، وعمليّة مواجهة تهدف إما إلى ترويض النصّ المصدر أو/و اللغة الهدف من خلال بنى أدبية/ وتراكيب لغويّة جديدة. تشكّل السياسة والسلطات/ القوى المهيمنة داخل المجتمع، المرجع الهيكلي الإدعائي3 الذي تُنفَّذ ضمن أُطُره أعمال الترجمة. إن النظر في المسألة بهكذا قراءة، يدفعنا إلى التمعّن في فعل الترجمة (ضمن المسعى الأدبي مثلا)، على نحو يتجاوز محدوديّة مسألة التبادليّة أو التقاربيّة الثقافيّة التي عادة ما تتبجّح بها القراءات الليبرالية للترجمة، فنتيقّن أخيراً إلى أن الترجمة ميدان حيويّ تستثير تفاعلاته النقدية الفكرية والتجاوزية اللغوية إشكالية تتردّد في معترك الصراع الطبقي والثقافي، ألا وهي "(من يحدّد) المفهوم السائد لما يجب أن يكون عليه المجتمع، أو ما يُسمَح بأن يكون عليه" (شووبينج 2013: 57). وهنا يبرز مفهوم الفضاء الثالث بشكل صارخ.

 

النموذج الفكري للنصّ المُحاذي مجسَّداً

ضمن إطار مشروعه الهادف إلى ترسيخ الهويّة الأمميّة، قرّر مركز أبحاث منظّمة التحرير الفلسطينيّة الذي كان قد اتخذ بيروت مقرًّا له (1964-1982)، توظيف فريق من الفدائيين من حول العالم، للمساهمة في النصوص المحاذية المضمّنة والنصوص المحاذية المُلحَقة من أدبيّاتهم الشهرية والبحوث في ما كان يُعرف بمجلة "شؤون فلسطينية". شملت النصوص المُحاذية المُضمّنة موادًا تكميليّة محيطة بالمحتوى الأدبي للإصدار. يمكن أن تكون إما نصوص الناشر المُصاحبة أو مقدمات و/أو تمهيدات "المؤلف، أو المترجم في حالة الترجمة، أو أي شخص مناسب لتقديم النص" (نوفو 2017: 28). على سبيل المثال قد ترى رفيقاً في صفوف الزاباتيستا يكتب مقدّمة لأحدث نثر لمحمود درويش عن الحرب ضد النظام اللبناني، أو ببساطة تعليقًا لإدوارد سعيد على مذكّرات منشورة لمحارب مجهول. من شأن هذه النصوص المصاحبة أن تقدّم الحديّة – بحسب كالوا لعام 2009 – مما يزعزع الشواغل الجغرافية الثقافية للأدب المنتج في فضاء ثالث يتحدّى الحدود المادية والسياسية للحرب، ونقاط التفتيش وحصارات مخيّمات اللاجئين وغيرها. من خلال هذه النصوص التدخّلية استطاعت حركة تحرّر في شوارع مدينة محتربة تحويل قصّة قصيرة عن تلّ الزعتر (1976) (مانداس 2021)4 إلى تهويدة للمقاومة في شوارع هارلم أو معسكرات الويجرز في شمال الصين، من خلال حديّة نصّ محاذي تُطوَّع فيه الأفكار لخدمة نهج أمميّ. وفي السياق نفسه ساهم رسامون كولومبيون وكوبيون بشكل مماثل، في إنشاء فضاء ثالث من خلال نصوص مُحاذية مُلحقة شملت الغلافين الأمامي والخلفي، إلخ (جينيت 1997: 410). من خلال استخدام النص المحاذي كفضاء ثالث، نجح مركز الأبحاث الفلسطيني في تجاوز الواقع القوميّ/ واقع الدولة القومية لمعركتها العسكرية ومقارعة أحادية النهج العسكري بحدّ ذاته، وبذلك الإقتراب أكثر إلى لغة تتبيّن فيها السمات الايديولوجية للحركة التحررية المنشودة.

 

الترجمة: فعل إرادة سياسية

ليس التأمّل في الأدب المترجم والترجمة كفعل إيديولوجي يزاحم أطر التلاقح الثقافي، بموضوع جديد. وفقًا لأدبيات العلوم الترجميّة، إن النهج الذي يتبعه المترجم في انتقاء خياراته اللغوية مبنيّ حتمًا على فهم ومقاربات مسبقة للواقع من الناحية الأيديولوجية، لكنّه وفي الوقت ذاته في حالة مابينيّة لغويّة تعكّر صفو الجمود اليقيني دون أن تتحرر من أصفاده، وعليه نقول إن المترجم هو كما اللاجئ أو المهاجر في حالة مستمرّة من التخبّط الانتقالي. وهذا يعني أن الأيديولوجيا تؤثّر على اللغة على المستويَين المعجمي-الدلالي والنحوي، بالتالي إن أيديولوجية المترجم تؤثّر على كلّ من الخيارات المعجمية والتراكيب النحوية، والآثار الأيديولوجية حتميّة من حيث الشكل والمحتوى.

بصرف النظر عن الفهم النيوليبرالي للترجمة على أنها مهنة تحتكرها الطبقات الوسطى، فإن المترجم جزء من السياق الاجتماعي، "ومن هذا المنطلق، تكون الترجمة، في حدّ ذاتها، نشاطًا أيديولوجيًا" (حاتم وماسون 1997: 161)، إنها عملية إعادة كتابة تعتريها تلاعبات جوهريّة.

 

سياق نيوليبرالي

بما أنّنا ذكرنا الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعلاقات، أي الليبرالية الجديدة، فإننا ملزمون بالتوضيح أنّ هذا السياق الثقافي الذي يعمل المترجم ضمنه يتشكّل حتمًا من خلال الهيكليّات الحاكمة لصناعة إنتاج المعرفة، أي المؤسسات بمعناها الاقتصادي والقانوني. ويوضّح أميرداباغيان وكوماران (2020: 83) هذه النقطة بدقّة إذ يقولون:

تشتمل رعاية النظم الأدبية بين المؤسسات النافذة وكذلك الأفراد على عناصر أيديولوجية واقتصادية حاسمة، تميل إلى تقييد المساحة الشعرية للمترجمين. كما أنها تُحدّد ما يطغى من مدارس بحثية وأدبية، تلك التي يتمّ تعيينها بشكل متكرّر من قبل المختصّين، الذين يمكنهم اختيار الأعمال الواجب ترجمتها وأسلوب ترجمتها.

هنا نقوم بإعادة دمج البيئة الاجتماعية حيث يعمل المترجم ويتفاعل مع الناشرين والمحررين والوكلاء الذين يتمتّعون عمومًا بصلاحيّات أكبر. إن نمط العلاقات ضمن هذا السياق الاجتماعي-المؤسسي يملي طبيعة العلاقة بين المترجم والخطاب في النص المصدر، ويؤثر على العمليات المعرفية للمترجم وتطوّره. وهذا أيضًا شكل من أشكال الترجمة الأيديولوجية، لكنّه الشكل الذي يمليه الأمر الواقع لأسلوب العمل وليس الإرادة التقريرية للمترجم النابعة عن موقعه ضمن آليات العمل. في هذا السياق، يسقط فصل الخطاب عن مفهوم الفضاء الثالث.

قصور الترجمة وخاصة الترجمات الصحفية والأدبية عن بلورة صيغ يكون فصل الخطاب فيها وثيق، هو نتيجة العلاقة التغريبيّة القائمة بين المترجم أو فعل الترجمة على وجه الخصوص من جهة والجمهور القارئ أو/و موضوع النصّ من جهة أخرى. يتمخض عن حالة التغريب بين المواقع عن نفورٍ بين الخطاب الأدبي والخطاب العام. وفي هذا الصدد يوضح مترجم لناقد إيراني أن الترجمات الأيديولوجية تعتمد في الغالب على انحياز المترجمين لجمهورهم المستهدف، "وتغيير النصّ وفقًا لذلك إما من خلال تعديل النص المصدر، أو حتى الإضافة إلى النص الأصلي أو الحذف منه، بما يتلاءم و وجهة نظر قرّاء[هم]" (المهندي 2008: 533). ويضيف أنّه يستحيل تجنّب هذه الظاهرة لدى ترجمة النصوص الحساسة مثل النصوص الدينية أو تلك التي تعبّر عن الأفكار الماركسية، والتي "تهدف إلى الدفاع عن نمط حياة معيّن" (المرجع نفسه).

 

بين المُبتغى وبُنى السلطة القائمة

بالارتكاز إلى بعض تأمّلات سلمان رشدي (1991)، يمكن القول بكلّ أمانة أن المترجم اللاجئ/ والمهاجر الذي يترجم أدبيّات أبناء معاناته يجد نفسه، في مُقتبل تجربته وأوج عطائه، على الحدود ما بين لغتين وحقيقتين ومنطقين وجغرافيتين. يختبر هؤلاء المترجمون تلك البينيّة التي أشرنا إليها سابقًا بشكل مكثّف. ترتقي فكرة اللغة التي طالما أُطّرت كقالب للتداخل الثقافي، إلى واقعيَّةٍ مادية، لا بل وبدنيّة تبان من خلال الحقيقة المادية والقانونية والمؤسسية، التي تتحرّك وتنقلب وتتبدل وتركد مع تحرّك جسد المترجم /اللاجئ، والمتمثلة في ديمومة واقعه/ا الحياتي الموقّت والتمرحليّ في آن. يصبح المعنى بالنسبة لهؤلاء المترجمين الأعراب5 صرحًا مُباحًا، تتزاحم فيه نيّة "حماية النصّ الأصلي" (ليفي 1969: 100) من جهة، والرغبة الدائمة في الإطاحة بالقوالب الثقافية لبُنى الواقع القائمة التي تتخلل عملية تجذير فعل التنقيح والمواءمة (وإعادة) الإنتاج المعرفيّة في منحاها المؤدلج من جهة أخرى. إن الزمانيته المتبدّلة لهذا النموذج من المُترجمين، يُهيكل الشكل الذي يستبصرون به مُختلف المفاهيم التي يحتكون بها وتحتك بهم، فترى خطاب النص الأصلي يتحرك بين أيديهم على النحو الذي تتحرك فيه مداركهم المُتجددة. وفقًا لهذا النهج، يصبح من البديهيّ التساؤل عمّا إذا كانت ترجمة الأدب والعلوم الاجتماعية والسياسية والفلسفية، عليها أن تسعى فقط إلى تكرار السمات الدقيقة والسياقات الأجنبية للغة المصدر، أم أنها وعلى العكس من ذلك، حربٌ بالمفهوم الذي طرحته جون جوردان الأمريكية من أصول إفريقية (ميتريس 2003)، ومطالبةٌ باعادة استملاك المعنى، والإنتاج المعرفيّ على أشكاله. إنها حربٌ على الطبيعة غير المتكافئة والمركّبة6 لقطاع الإنتاج المعرفي وغُلُول أسواقه. يقول اليساري التشيكي ميلان كونديرا (1983: 30)، إنّ الأدب هو "صراع الإنسان ضد السلطة"، ويمكن القول أيضًا إن ثقافة النصوص المحاذية هي صراع الثقافة المستضعفة ضد سياسة التدجين اللغوية للأدب والمعرفة. للمترجم الحقّ في المطالبة بالاستحواذ على النصّ الأصلي، باعتباره حقٌّ لبَني جلدته وغنيمة لها أن تُطوَّع في دروب النضال الطويلة. من خلال هذه المطالبة يمكننا الانتقال من تاريخ الإغتراس7 والإستيراد الثقافي-المعرفي، نحو تاريخ من التداخل الثقافي المؤدلج – أي الإنتقال من التبعيّة إلى التحرّر.

وفي هذا الصدد، يجدر بنا الذكر أن أيديولوجيات اللغة هي "الأفكار التي يؤطر بها الفاعلون والمشاهدون فهمهم للتنوع اللغوي، ويرسمون معالم تلك المفاهيم على الأشخاص والأحداث والأنشطة التي تهمهم" (جال 2000: 402). إنه المنتظم الثقافي الذي تتكون فيه الأفكار المتعلّقة بمختلف أشكال العلاقات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية واللغوية. تسمح لنا تعريفات اللّغة هذه، بتجاوز النظر إلى الأيديولوجيات اللغوية كمسألة لغوية تقنيّة بحتة، وفهمها كأجزاء مُشغِّلة لـ"منتنظمات أيديولوجية أكثر جوهريّة..." (وولارد وشيفلين 1994: 57). فالمنتظمات الأيديولوجية التي يجري تداولها في العلوم السياسية والاجتماعية والفلسفة تختلف في الشكل، فتنشغل بعناصر مختلفة من الحياة المجتمعية ومنها العرق، و/أو الإثنيّة، و/أو الجندر، و/أو الجنس، و/أو الطبقية، و/أو القومية/ المواطنيّة، أو حتى المناطقية الجغرافية (والتي تتجلّى في المنتظم اللغوي على شكل اللغات العامية واللهجات)، إلخ. كلّ تلك الموضوعات والمفاهيم التي تعالجها مختلف المنتظمات والمدارس الأيديولوجية، محاطة بصفيفٍ من المصطلحات اللغويّة. المترجم اللاجئ/ المهاجر أو المترجم الأعرابيّ كما وددنا تسميته، ولا سيما اللاجئون المسيّسون8 وسكّان الأرض المستعمرة، وبشكل أكثر تحديدًا المنفيّون والهاربون والمنظمون منهم/نّ سياسيًا.9 كلّ هؤلاء يحوّلون اللغة إلى ساحة يُعاد هيكلتها باستمرار من خلال "… مجموعة متنوّعة من النظم والقوانين غير المعلنة"، التي تتبلور ضمن جاليات المنفيين والفارّين، "وتنشأ من رحم علاقات اجتماعية معيّنة، وتعمل على إعادة مظهرتها" بحسب ما تصف الكاتبة بلوكيت (2014: 42).

يحوّل هؤلاء المهاجرون السياسيون اللغة من أداة نقل وإحالة، إلى بيان يعكس علاقات القوة القائمة بين المُتحاجِجين من مختلف الفئات الاجتماعية. يتحوّل المهاجر السياسي الشاغل في الترجمة إلى ما أسميناه بالنهج الأعرابي للترجمة، فيذهب في اشتغاله الى التشديد على تباينات الخطابات/ السرديات المنتجة والمترجَمة، فيقرع بين أحرف النص المترجم طبول مواجهات مفاهيميّة يُفنّد فيها جبروت الأصيل، ويتكشّف للوكيل في خضمّها معاني الأزمان التي انتُزعت من اللغة على يد الآلة الإحلالية الاستعمارية. في أوج هذه الاستعارات اللغوية المفاهيمية، يستطيع المترجم ذو النهج الأعرابيّ تفكيك بنية الدولة التي عززت هياكل المنتظمات اللغوية كأدةً للعنف اللغوي.

بكلمات أخرى ولنوضح ما سبق ونُعقّب على موقع المترجم من البنى المعرفية، نعود إلى النقد الإيراني للترجمات الفارسية لرواية "مزرعة الحيوان"، حيث يرى حسين زاده (2003) أن حالة "الحرمان من قوة الفهم والحكم" (كما هو الحال بالنسبة إلى معظم الحيوانات في مزرعة مانور) يمنح الخنازير ميزة الحفاظ على فرض سلطتها على الحيوانات "الأقلّ شأنًا" (حسين زاده 2003: 148). ولكن يمكن تفسير ذلك أيضًا بشكل إيجابي، لأن المترجم غالبًا ما يأتي من حالة بينيّة طبقيًا، يجري توظيفه إما في خدمة النقل التكنوقراطي للثقافة المضيفة، أو تتحول إلى موقع أمامي في الصراع المعرفي الرأسمالي يدعو إلى "سرقة" ثمار الصناعات الأدبية السائدة لصالح ثقافة المقصيين في صفوف الجمهور المستهلِك (ثقافة المترجم)، التي ابتُليت بالصنف الإحلالي من العنف السياسي والعسكري والأهم من ذلك، العنف المعرفي.

إنّ الطِّباقيّة10 المواقعيّة التي يجسّدها المترجمون الأعرابيّون إذًا، تبيّن لنا أن للمترجم القدرة على أن يتحول إلى نموذج علي شعيب،11 في فضاء يتحدّى ما يصفه حسيني ونبي زاده بـ"حيَل" التاريخ "... التي أولاً، تحاصر الجماهير وتجبرهم على التمرّد بوعد تحقيق المدينة الفاضلة، وبمجرد أن تؤدي الجماهير واجبها، فإنها ستعيد بناء الطُغاة الجدد" (حسين زاده 2003: 146). يُنتج هذا الفضاء الثالث الطِباقي فرصًا متواصلة لمواجهة جديدة ضد "الطغاة الجدد" في أسواق الأدب والإنتاج المعرفي.

 

الخاتمة

لا يحتّم التطرّق إلى دراسة وممارسة النصوص المُحاذية كفضاء ثالث أن يعلن المترجمون الولاء لأي مجموعة سياسية أو أيديولوجيّة معيّنة. لكن وبشكل عام فإن فكرة النصوص المحاذية والفضاء الثالث تعيد قولبة نظرتنا إلى فعل الترجمة تيُبطل القول الذي يزعم أن هدف الترجمة هو حماية اللغة والخطاب أو فكرة الأصالة التي تستوطنهما، (إسلامي 2003؛ سيدي 2013) وخاصة البحث في فضاء السياسة والعلوم الإنسانية والأدب. بل إن الترجمة فعل يرمي إلى إطلاق نقاش وجدل محمومين ينطلقان من التناقضات الكائنة بين الواقع والمكتوب – أي حول اللغة ببعدها الممارسي السياسي. إن نمط الإشتباك هذا الكامن في فعل الترجمة يكشّف عن تساؤلات سياسية لماكينة صناعة الأدب والبحوث العلمية واقتصاداتها المركّبة وغير المتكافئة والتي تستحكم بسرديات أبناء الطبقات المستغلّة في كل من عالم الشمال والجنوب والتي تؤرشف وتنظر في عوامل "الدفع والجذب" التي تصف حركة الناس ضمن العالمين وبينهما.

هدفت هذه الورقة من خلال التعريف بمفهوم النصوص المُحاذية كفضاء ثالث، إلى وضع تمهيد متواضع لدراسة الترجمات التي كانت وما زالت مقصودة بشكل مبطّن أو علني لهؤلاء المهاجرين السياسيين الذين كانوا يعيشون في مخيمات وضواحي العالم – في جغرافيات العزل المنظّمة.

                 

اشتهر اسم علي شعيب في الغضبة الشعبية التي شهدتها الأيام التشرينية عام 2019-2020 من قبل كافة الشرائح اليسارية (لاسيما الشيوعية)، التي قادت عمليات اقتحام البنوك والتي حاولت إرساء معالم طبقية لخطاب الغضبة الشعبية من خلال الهتافات والبيانات والفيديوهات على السوشيال ميديا والجلسات العفوية التي أعقبت المظاهرات. بات هذا الاسم رمزا يذكّر بتاريخ العداء البنيوي بين الطبقات المقموعة من مزارعين وعمّال ضد عماد الكيان اللبناني أي القطاع المصرفي. لا نقصد بعلي شعيب "الأيقونة أو القيادي" أو غيرها من التوصيفات التي استُخدمت وتُستخدم لاختزال العمل التنظيمي الدؤوب الذي قامت به مجموعات من النساء والشبان من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين والسوريين للحركة الثورية الاشتراكية في السبعينات. بل ارتأيتُ استعارته من المجموعات الشيوعية التي استهلّت عمليات التحريض على القطاع المصرفي عامي 2019-20، كرمز لخطاب آثر (دون أن ينجح) على تغيير المفهوم الأخلاقوي لفعل السرقة واستبداله من خلال خطاب طبقي بمفهوم الاستعادة، وما يقترن بها من توظيف للعنف القاعدي في مواجهة إرهاب السلطة البرجوازية. إن استحضارنا الألفاظ وأسماء شخصيات مقرونة بأحداث تاريخية تهدف إلى تسليط الضوء على صيرورة لغوية تُثبّتُ ادعاء هذه المقالة القائل أن عملية التحرر الاجتماعي لا يمكن أن تتمّ دون ثورة ضمن فضاءات اللغة اليومية. المترجم لا بد وأن يوظف قدراته لاستعادة ما استُلب من لغة اليوميّ من معرفة، ولفضح البنى المؤسسية التي تطبّع تسليع مآسي الحاضر وتكبيل العمل الإنتاجي المعرفي المنظَّم ببُنى تمويل أوروبية مهيمنة وتوسّعية.

  • 1. إنها استعارة أنثروبولوجية تكنّ عن الحالة التحوّلية الواقعة عند النقطة الفاصلة بين حالتين أو جغرافيتين. الدلالة الأساسية المنوطة بهذا المصطلح الوصفي هو أنّ البشر المنتمين لهذه الحالة الحَدّية سواء زمنياً (السجناء مثلاً) أو جغرافياً (اللاجئين أو المهاجرين غير الشرعيين)، هم مقصيّون عن الفضاء الاجتماعي وأنماط العلاقات القائمة فيه دون أن يكونوا متحررين في آنيّتهم منها.
  • 2. الفضاء الثالث هو مفهومٌ عن مساحةٍ لغويةٍ خطابية، تتخلخل فيها وتُهاجَم علاقات ومعايير الانتماء التي أرستها السلطات الاستعمارية والمابعد استعمارية، من خلال ممارسات سياسية في مجال الجماليات والحياة اليومية. الفضاء الثالث ليس مكانًا ماديًا، إنه مساحة من صنيعة الهويات الخارجة عن تعاريف الأصالة والمتمرّدة من خلال وجودها المحض على كُل ما هو معترف به اجتماعياً من انتماءات ضمن السياقات الثقافية والادبية والقومية. إنها الفضاء العتبيّ إن صح التعبير، حيث تكمن وتتبلور العلاقات ضمنه دافعة/أو ملوحة بشيء من الانقلاب الثقافي. التهجين الثقافي أو الأدبي الذي يخصّه صاحب النظرية (هومي بابا) هو المَعلَمُ الأساس لهذا الفضاء، فأدب الهجرة بالنسبة له على سبيل المثال هو التجسيد الأساس لعملية التهجين تلك، والتي تخلق تباعاً ممارسات متحررة من هرميات البلد المنبع وبلد الإقامة. الرجاء العودة الى أدبيات الكاتب الهندي هومي بابا للتعرّف أكثر إلى هذا المفهوم، أوردت اثنين من المراجع ضمن هذه المقالة.
  • 3. إنها المصطلح الذي اخترناه للإشارة إلى الـ Metanarrative أو النماذج المفاهيمية التي تستند إليها القوى المُهيمنة داخل مجتمعٍ أو كيان سياسي ما ضمناً وعلانية، في عملية بنائها للتصوّر الجماعي للتاريخ ومآرب المستقبل، وبين هذا وذاك يتبلور فكر الجماعة المهيمنة ويُترجَم من خلال العنف الرمزي/ الفكري إلى سلوكيات ومعتقداتٍ لدى الفئات المهيمَن عليها. ولهذا استخدمنا لفظة الإدعاء لترجمة هذا المفهوم، ولتبيان كيف أن الترجمة في شكلها المجرد وضمن المنطق الليبرالي توظّف كاجترار لجملة ادعاءات ومسلّمات تعيد مظهرة نفسها ضمن الفلك الثقافي المعولم. نحاول في هذا النص طرح مفهومٍ نقيض لهذه المقاربة الليبرالية للترجمة.
  • 4. من مقابلة شخصية غير منشورة مع هاني مانداس، بيروت، 2021.
  • 5. المترجمون الأعراب … أولا، في التعريف المباشر لكلمة الأعراب أو الأعرابيون: هم المقيمون في البادية ويسكنون الخيام دون مُستقرّ لهم في موضع معيّن، كما أنهم/هنّ يتكلّمون اللسان العربي سواء كانوا عربًا أم من حلفاء لهم. ولكنني أستخدمها في النص للتعبير عن الوضعية التمرحلية جغرافيًا وقانونيا وثقافيا لشريحة المترجمين التي أطرق باب الترجمة من خلالها، والتي يواكبها ترحال في مواطئ اللغات بقصد خلق مواطن لمعانيَ جديدة. لكن قيمة الإستعانة بهذه اللفظة لا يتوقف عند حدود الترحال، ففي سبر أغوار هذه اللفظة نجد أنها تجمع العناصر الثلاثة الأساسية التي تلتف حولها دراسات أدب الهجرة، وهي: الزمانية ببعدها الموقّت – الإنزياح في بعده المكاني – البينيّة في بعدها الثقافي اللغوي. إن مفهوم النَّسَب الهوياتي للمُتصَف بلفظة الأعراب/الأعرابيّ يتجاوز محدودية المقاربات القومية او الجغرافية او اللغوية، مُتحرّكًا برحابةٍ في فضاء الزمن الذي يحيك في مدماك حركته هويات (لغوية) تجاوزية – إن أردنا الاستعانة بسلمان رشدي. لذلك سنستخدم اصطلاح المترجمين الأعراب، كاستعارة مجازية تلخص المفاهيم الثلاثة: Temporariness - displacement - in betweenness. لا يُقصد بالأعراب إذًا الإشارة إلى أهل البادية التي في حرفية معناها، بل إلى الحالة والهوية التي يكتنفها تاريخ اللفظة.
  • 6. ترجمة لـ uneven and combined وهي اصطلاح ماركسي يستخدم لوصف عملية التنمية عالمياً في ظل الرأسمالية لا سيما في مرحلة جلاء الاستعمار المباشر
  • 7. من غَرَسَ، ما غرسه الإستعمار في ثقافة المستعمَر وتجذّر فيه على شكل ثقافة تطبيعٍ مع الإحلال الثقافي واللغوي.
  • 8. منهم على سبيل المثال لا الحصر الأكراد والسود والكشميريين والفلسطينيين
  • 9. كالشيوعيين مثلاً من بينهم الناشطين الإيرانيّين (أميرداباغيان وكوماران 2020)، الأفريقيّين (كالوا 2009)، والأتراك (إرتورك وسيرين 2016) الذين استعنّا بأدبياتهم/نّ في كتابة هذا النصّ.
  • 10. المفهوم الفلسفي واللغوي العائد الى حالة من الجَمع بين معنيين مُتقابِلَين و/أو مُتضادَّين. يذيع صيت هذا المصطلح في الإنتاج المعرفي العائد للكاتب الفلسطيني إدوارد سعيد.
  • 11. علي شعيب هو مناضل شيوعي في صفوف الحركة الثورية الاشتراكية اللبنانية، ومن بين مخططي ومنفذي عملية "بنك أوف أميركا" عام 1973. رمت العملية إلى احتلال "مجموعة تشي جيفارا" المسلّحة البنك الواقع في شارع المصارف وسط العاصمة بيروت للمطالبة بالافراج عن المعتقلين السياسيين في سجون النظام اللبناني والحصول على مبلغ من المال لتمويل المقاومة المسلحة ضد اسرائيل. انتهت العملية بأن قتل الجهاز الأمني اللبناني بأمر رئاسي معظم أفراد الكتيبة المسلحة بعد معارك متقطعة حدثت على مدار 26 ساعة من احتلال الرفاق الاشتراكيين لمبنى البنك. لم يقتصر تاريخ التنظيم وعلي شعيب على تلك العملية، بل كان علي كسائر رفاقه الاشتراكيين يعملون على أدلجة وتنظيم العمّال والمزارعين في مناطق في جنوب لبنان وشماله، ذلك إلى جانب محاولاتهم العديدة تأمين حاجات فقراء القرى من الدواء والطبابة بكلّ السبل التي أتيحت لهم.
ملحوظات: 
المراجع: 

Al-Mohannadi, S. 2008, “Translation and ideology.” Social semiotics, vol. 18, no. 4, pp. 529-542.

Amirdabbaghian, A., and Kumaran, S. R. 2020. “Translation and Paratexts: A Study of Animal Farm in Persian.” Russian Journal of Linguistics, vol. 24, no. 1, pp. 80-95.

Balockaite, R. 2014. “On Ideology, Language, and Identity: Language Politics in the Soviet and Post-Soviet Lithuania.” Language Policy, vol. 13, no. 1, pp. 41-61.

Ertürk, N., and Serin, Ö. 2016. “Marxism, Communism, and Translation: An Introduction.” boundary 2, vol. 43, no. 3, pp. 1-26.

Genette, G. 1997. Paratexts: Thresholds of interpretation. Translated by J. E. Lewin. Cambridge: Cambridge University Press.

Hatim, B., and Mason, I. 1997. The Translator as Communicator. London and New York: Routledge.

Hermans, T. 1999. Translation in Systems: Descriptive and System-oriented Approaches Explained. London and New York: Routledge

Hosseinzadeh, M. 2015. “Translatorial Prefaces: A Narrative Analysis Model.” International Journal of English Language, Literature and Translation Studies, vol. 2, no. 3, pp. 311-319.

Irvine, J. T., and Gal, S. 2000. “Language Ideology and Linguistic Differentiation.” Regimes of language: Ideologies, polities, and identities. Edited by P. V. Kroskrity. Santa Fe: School of American Research Press, pp. 35-84.

Islami, M. 1984 [2003]. درباره ترجمه های [About 1984 Translations]. Haft, p. 12-13.

Kalua, F. 2009. “Homi Bhaha’s Third Space and African identity.” Journal of African Cultural Studies, vol. 21, no. 1, pp. 23-32.

Kundera, M. 1983, The book of Laughter and Forgetting. London: Penguin Books.

Lefevere, A. 1992. Translation, Rewriting and the Manipulation of Literary Fame. London and New York: Routledge.

Levy, J. 1969. Die literarische Übersetzung,Theorie einer Kunstgattung. Frankfurt am Main-Bonn.

Metres, P. 2003. “June Jordan's War Against War.” Peace Review, vol. 15, no. 2, pp. 171-177.

Neveu, A. 2017. “How Paratexts Influence the Reader’s Experience of English Translations of La Fontaine’s Fables.” New Voices in Translation Studies, no. 16, pp. 23-54.

Rushdie, Salman. Imaginary Homelands: Essays and Criticism 1981-1991. London: Granta in association with Penguin, 1992.

Rutherford, J. 1990. “The Third Space. Interview with Homi Bhabha.” Identity: Community, Culture, Difference. London, Lawrence and Wishart, 207-221.

Seyyedi, R. 2013. The Ideological Perspective towards Literary Translation: A Discourse Analysis of George Orwell’s 1984 (the novel) and Its Three English into Persian Translations. Quchan, Razavi Khorasan, Iran: Islamic Azad University Master Dissertation.

Shuping, R. 2013. “Translation as Rewriting.” International Journal of Humanities and Social Science, vol. 3, no. 18, pp. 55-59.

Wolf, W. 2006. “Introduction: Frames, Framings, and Framing Borders in Literature and Other Media.” Framing Borders in Literature and Other Media. Edited by W. Bernhart and W. Wolf. Amsterdam: Rodopi, pp. 1-40.

Woolard, K. A., and Schieffelin, B. B. 1994. “Language Ideology.” Annual Review of Anthropology, vol. 23, pp. 55-82.