النظرية الكويرية وما تحمله من إمكانيات لإعادة تصوّر دراسات الهجرة

السيرة: 
اقتباس: 
مانيشتا. "النظرية الكويرية وما تحمله من إمكانيات لإعادة تصوّر دراسات الهجرة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 6 عدد 3 (18 ديسمبر 2020): ص. 368-377. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 19 مارس 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/267.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (679.99 كيلوبايت)
ترجمة: 

رولا علاء الدين هي مترجمة تعيش في بيروت، وتملك ما يزيد عن 10 سنوات من الخبرة في مجال الترجمة والترجمة الفورية في اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية. بالإضافة إلى حصولها على إجازة في علم اللغات والترجمة، تواصل رولا تعليمها الأكاديمي في مجال الوساطة، وتركز على الوساطة في النزاعات التي تشمل المهاجرين/ات واللاجئين/ات، مع اهتمام خاص على دور اللغة في الثقافة والنزاعات. قادها عملها مع اللاجئين/ات والمهاجرين/ات في لبنان للانخراط في الدراسات المرتبطة بالمهاجرين/ات، مع تركيز على الهجرة المتعلقة بالعمل بشكل عام، والعمّال/ العاملات المهاجرين/ات في لبنان تحديدًا. يستكشف بحثها الحالي دور المسارات العالمية والمحلية للهجرة المرتبطة بالعمل في تكوين القصص الفردية والحميمية للأفراد المهاجرين/ات.

theoa2_copy.jpg

معركة في الكهف

ثيو لوك

يمكن القول إنّ النظرية الكويرية أثّرت على مجالات الصحّة والعرق والهجرة مثلما أثّرت على مجال النسوّية (مانالانسان 2006؛ لويبهيد 2008). إنّ كتاب "القرارات المنقسمة: متى وكيف نأخذ استراحة من النسوّية" (2006)1 للكاتبة جانيت هالي، ينتقد محدودية النظريّة النسوّية القانونية واحتضانها الخطير للنسويّة الراديكالية والنسويّة الليبرالية، الأمر الذي منع دراسات النسويّة القانونية من صياغة النظريات الكويرية. وعليه، إنّ مقاربتي لمفهوم الكويرية هي مقاربة تتحدّى البنيات الحداثية المهيمنة (بوار 2013، ص.39) وتأثيراتها على المجتمعات الحالية. أنا أستخدم فإذًا

مصطلح "كوير" للإقرار بأنّ فئات الهوية كافةً مثقلة بموروثات ينبغي استجوابها، ولا يمكن تحديد موقعها بدقّة في إطارَيْ الزمان والمكان، وهي تتبدّل بفعل تنقّلها ضمن مسارات معيّنة، محليّة ومناطقيّة ووطنيّة وعابرة للحدود الوطنيّة. (لويبهيد 2008، ص.170، التشديد للكاتبة)

يركّز هذ البحث على الإمكانيات التي يحملها تطبيق المنظار الكويري ومنظار العبور على دراسات الهجرة. إنّ الكويرية في إطار دراسات الهجرة من شأنها أن تعقّد وتشقلب كيفية فهم الحدود، وإعادة الإنتاج، والقرابة، والاقتصاد، القائمة على الغيرية المعيارية. إنّ اعتماد الكويرية كإطار عمل نظري يتيح للمقاربات الكويرية أن تعزّز دور دراسات الهجرة كحقلٍ للتحرّي، وللتحليل الكويري أن يمكّننا من التمعّن في الهجرة والمسائل المعيارية القائمة بفعل وباء كورونا. وقبل المباشرة في مناقشة إمكانيات المنظورَيْن الكويري والعابر في دراسات الهجرة، أطرح السؤال التالي: ما هي مقوّمات المهاجر/ة؟

صفة المهاجر/ة هي فئة متنازع عليها (أحمد 1999)، وأنا أرى أنّ هذا التنازع يتيح التداول بهذا الشأن بشكلٍ يتطرّق إلى تفاعلات القوى والمكانية والزمانية. كما أنّ إبقاء فئة المهاجر/ة والهجرة مفتوحةً للتأويل يتيح مجالًا أوسع للتحرّيات الممكنة في دراسات الهجرة. يعتبر إيان شيمبرز (المرجع نفسه، ص.332) أنّ تجربة الانفصال عن الوطن والبقاء من دون وطن هي الأرضية الخصبة للتحليل الصحيح لحالات المهاجر/ة. وهو يقول في تعريف الهجرة إنّها "عملية إنفصال" (شيمبرز كما ورد في أحمد 1999، ص.333)، بدلًا من التعريف الذي يشدّد على التحرّي الاجتماعي والتاريخي والاقتصادي. وبالتالي تصبح عملية الانفصال هي محور التحقيق، بدلًا من تنقّل الناس، وما يدفعهم إلى التنقّل، ومن منهم يمكنه التنقّل، وإلى أين ينتقلون (المرجع نفسه، ص.332). إنّ عامل الضياع والسفر هذا يخطئ في اعتباره أنّ الجميع قادر على الهجرة وعلى والاستفادة منها بالشكل ذاته بغض النظر عن المكان والزمان. وبالتالي فإنّ تفسير شيمبرز للهجرة يعيق إمكانيات هذا الحقل في ما خصّ "مسائل السياق (ما بعد الاستعمار/العالمية)، والتاريخية، والزمانية، والمكان" (المرجع نفسه)، بالإضافة إلى أوجه اللامساواة البنيويّة الأوسع نطاقًا. إنّ المقاربة التي اعتمدها شيمبرز تهمل الفوارق بين أشكال الهجرة المختلفة وتفترض أن لا فرق بين المهاجرين/ات، فعوامل الجندر، والعرق، والطبقة، وغيرها، لم يتمّ تفحّصها. وبذلك، أشكال الهجرة المختلفة، من ترحال البداوة، والمنفى، واللجوء، والسفر للعمل أو بسبب الفقر، كلّها تختلط في هذا التصوّر المثالي للهجرة. يتّخذ مايكل ديلون الموقف ذاته ويتعمّق به أكثر في وصفه لـ"الغربة"، ولكن ليس الغربة بمعنى شعور الغريب وفقدان الوطن، بل بمعنى "حال أن يكون الإنسان موجود هنا وهو على ما هو عليه" (المرجع نفسه، ص.344). وبالتالي، بالنسبة لديلون الغربة هي حالة وجود عالمية ومن القواسم المشتركة بين البشر أجمعين. مقاربة الهجرة بالشكل الذي اتّبعه شيمبرز وديلون يتغاضى عن أوجه التعقيد المتعدّدة مثل سياسات الحدود، والجنسيّة، والجندر، والجنسانيّة. نجد "بديلًا عن الإنتاجات المعرفيّة المفعمة بالعاطفيّة" (تودور 2017، ص.1) حول موضوع الهجرة في عمل ساره أحمد التي أعادت تشكيل مبدأ الغربة آخذةً في الحسبان تاريخ الهجرة عبر الحدود بالنسبة لتكوّن الشخص "الغريب" (1999، ص.344). في هذا السياق يساعد مبدأ الغربة على فهم كيف يتأثّر الناس والمجتمعات بعمليات الهجرة. تبحث فاطمة الطيّب (2011) في هذا الشأن في دراستها لممارسة الأغيرة2 المستمرة تجاه الأوروبيين ذات البشرة الملوّنة، وذلك من خلال بناء تصوّر لهم/ن كمهاجرين/ات للأبد وبالتالي غرباء/غريبات دائمًا. تعتبر الطيّب (المرجع نفسه، ص.xiii-xiv) أنّ إسناد مصطلح "مهاجر/ة" إلى من سافروا واستقرّوا في أوروبا هو وسيلة لإبرازهم/ن دائمًا على أنّهم دخلاء/دخيلات. كما تبرهن دراسة الطيّب أنّ البياض يمسي مؤشرًا يحدّد من يُسمح له بالانتماء، بالتالي من يُعطى الجنسية، ومن يبقى تعريفه الدائم "مهاجر/ة". تصحّح الطيّب الفرضيّة القائلة بإنّ أوروبا بالأصل سكّانها من البيض، وهي بذلك تتحدى مفهوم النقاء العرقي. يختلف عمل أحمد وعمل الطيّب عن تعريف الهجرة وفقاً لشيمبرز وديلون، إذ أنّهما عملتا على تحديد السياقات المختلفة لحصول الهجرة وأتاحتا بالتالي مجالًا أوسع لمفاهيم الوطن والانتماء والجنسيّة.

ماذا يحصل عندما يـهاجر الكوريون/ات؟ كيف يمكن للنظرية الكويرية أن تفيد دراسات الهجرة بالنسبة للتنقّل، وتشكّل الهويّة، والتفاعلات الجغرافية-السياسية للأمكنة، وقيام المجتمع المحلّي بتكوين هوية الأشخاص الغيريي/ات الميل الجنسي والأشخاص الكويريين/ات على حدٍّ سواء؟ إنّ النظرية الكويرية، ومع أنّها لا تتجاهل أهمية الجنسانية، لا تحدّ بمجال الجنسانية، وهي بذلك قادرة على تقديم آفاق جديدة لدراسات الهجرة وتطوير نطاقها. على سبيل المثال، يستكشف مارتين مانالانسان (2006) مبدأ "الغيرية الجنسية القسرية" (ريتش 1980) في إطار دراسة المهاجرين/ات الفلبينيين/ات من خلال منظار الغيرية الجنسية. ويبرهن تحليله للكتابات النسوّية حول الهجرة ونظام سلسلة الرعاية العالمية أنّه، وبالرغم من أنّ هذه الأعمال تسعى إلى مساءلة المفاهيم المعيارية للجندر والعرق، إلا أنّها تكرّر بعضًا من أوجه التحيّز التقليدية، ولو عن غير قصد. يتبيّن من خلال قراءة دقيقة لمنهجية راسيل بارينياس في دراستها لأعمال الرعاية التي تقوم بها المهاجرات (مثل التنظيف والطبخ وغيرها من الأعمال المنزلية)، ضمن كتابها "خادمات العولمة: النساء والهجرة والعمل في الخدمة المنزلية" (2001)،3 أنّ بيانات الدراسة والتحليل ترتكز على النساء غيريات الميل الجنسي المتزوجات. يمكننا في هذه الحالة رصد "الغيرية الجنسية القسرية" التي تكلّمت عنها أدريان ريتش (1980) في هذا الإغفال غير المتعمّد للبيانات، الذي نتج عنه تغييبًا للتحليل المتعلّق بالنساء غير المرتبطات والأشخاص الكويريين/ات (مانالانسان 2006، ص.238). صحيحٌ أنّ عمل بارينياس حول هجرة الفلبينيات يشكّل عملًا أساسيًا رائدًا، إذ يوضّح التفاعلات الكثيرة القائمة ضمن أعمال الرعاية والمتعلقة بالطبقة الاجتماعية والجغرافيا والجندر، إلا أنّ منحَه الامتياز لمعيارية المُغايرة الجنسية يوحي بأنّ الأشخاص الكويريين/ات لا يهاجرون/ن لهذا النوع من العمل. كما أنّه يربط الهجرة بهدف واحد رئيسي يخدم تفاعلات العائلة المبنيّة على الغيرية الجنسية (مثل التناسل). صحيحٌ أنّ الأشخاص الكويريين/ات أيضًا معرّضين/ات لعقلية "الغيرية الجنسية القسرية"، إلا أنّ أوجه التحليل المعرفيّ والسياسيّ التي تتيحها المقاربات الكوير تهدف إلى تخطّي هذا النوع من التحيّز. وبالتالي تحرير الهجرة، أو تطبيق منظار الكويرية عليها، يحقق في "كيف تنتج الأنظمة الفارضة للمعيارية أشخاصًا غير متجانسين/ات ومهمّشين/ات، وموقعيّات غير متجانسة ومهمّشة، بالمقارنة مع معيار القيمة العليا للجنسانية التناسلية بين الأزواج المولودين ذكرًا وأنثى بيولوجيًا والمنتمين إلى المجموعة العرقية الإثنية المهيمنة والطبقة الاجتماعية الوسطى" (لويبهيد 2008، ص.171). أقترح هنا فرضية محتملة لدراسات الهجرة الكويرية: هل يتناسل المهاجرون/ات الكويريون/ات؟ إن كان الجواب نعم، فعن أيّ مهاجرين/ات نتكلّم؟ الطبقة الاجتماعية والجنسية هما ذات صلة مباشرة هنا. بالإضافة إلى ذلك، ما هي العوامل العرقية المتعلّقة بتناسل المهاجرين/ات الكويريين/ات؟ هل هي عوامل مرتبطة بالهجرة (تودور 2017؛ 2018)؟ ما هي العمليات المؤسساتية التي على الكويريين/ات اتّباعها بغية التناسل (الحمل البديل، الحمل، التبنّي)؟ هذا التساؤل ليس تأكيدًا على الاستيعاب القائم على المثلية المعيارية، بل هو استكشاف لتفاعلات عبور الحدود الاجتماعية السياسية المتعلقة بالـ"غريب". في تساؤلي هذا أبيّن القدرة الكامنة في تحرير الهجرة بالكويرية، بدلًا من الرؤية الضيّقة القائمة على الغيرية المعيارية التي تتصف بها عادةً دراسات الهجرة.

يتردّد صدى تشبيه "الغريب" الوارد ضمن دراسة أحمد (1999، ص.343-345) في وصف مانالانسان للوضعية العاطفية للمهاجرات والمهاجرين الكويريين/ات من دول العالم الثالث في ما خصّ معاناتهم/ن في الانتماء لبلد الأصل والبلد الذي هاجروا إليه (بلد الهجرة). يتجلّى رُهاب الكويرين/ات في الحالتين ولكن يتمّ اختباره بشكلٍ مختلف. يختبر البعض رُهاب الكويريين/ات في بلدهم/ن الأصلي من خلال تبعات الإرث الاستعماري (نجمابادي 2005؛ حسين 2019). في المقابل، يختبرون رُهاب الكويريين/ات في بلد الهجرة من خلال العنصرية، ورُهاب الأجانب، وعبر اعتبارهم/ن حتمًا من غيريي/ات الميل الجنسي. هذا الأمر يؤثّر على قدرة المهاجرين/ات الكويريين/ات على تكوين روابط القرابة مع المهاجرين/ات من غير الكويريين/ات ضمن مجتمعاتهم/ن المحليّة، كما مع غير المهاجرين/ات سكّان البلد المعني. هذا الصراع من أجل روابط القرابة يُرشِد تشكّل مجتمعات الشتات (التي أعتبرها هنا مجتمعات غيرية جنسيًا) وكيف يتصرّف المهاجرين/ات الكويريين/ات ضمن مجتمعاتهم/ن المحلّية. بالاستناد إلى تجربتي الخاصّة كمهاجرون، أتناول هنا احتمال أن يلجأ المهاجرون/ات الكويريين/ات إلى إخفاء كويريتهم/ن ضمن مجتمعات الشتات التابعين/ات لها، بينما يعرّفون/نّ أنفسهم/ن بشكلٍ مختلف ضمن المجتمعات الكويرية القائمة. في هذا السياق، ما تطرّقت إليه أحمد عن الوطن والشعور بالانتماء وبفقدان الانتماء هو ذات صلة وثيقة بالموضوع. فالمهاجرون والمهاجرات الكويريون والكويريات، في صراعهم/ن للاستقرار في بلد جديد، يكوّنون علاقات مع بعضهم/نّ البعض ويبنون وطنهم/نّ الخاص وعائلاتهم/نّ المختارة (مانالانسان 2006، ص.236). ما يقوم به المهاجرون والمهاجرات الكويريين/ات من تكوين مجتمعهم/نّ المحليّ الخاص من خلال مواقعهم/نّ البائسة، وهو ما يُعرف بالـ"غربة غير الشائعة" (أحمد 199، ص.344)، يتيح لهم/نّ مقاومة "وصمة العار والنبذ من المجتمعات المحليّة الرئيسية" (مانالانسان 2006، ص.236). وعليه، فإنّ دراسة تشكّل روابط القرابة والمجتمعات المحليّة غير المعيارية تقدّم لدراسات الهجرة سبلًا لإعادة التفكير بمفاهيم العائلة، والانتماء للمجتمع المحليّ، ومجتمع الشتات.

يبيّن كتاب "نساء عالميات: مربّيات وخادمات وعاملات الجنس في الاقتصاد الجديد" (2003)4 للباحثتين باربرا إرينريك وآرلي راسل هوكسشيلد، أنّ الهجرة المعولمة تؤدي بالنساء ذات التحصيل العلمي من دول العالم الثالث إلى اتخاذ أعمال المهاجرات المتدنّية الأجور من أجل تحسين مدخول العائلة. ومع أنّ توصيف الهجرة في هذا العمل يوضّح بدقة تأثيرات الرأسمالية على الهجرة، إلا أنّ التحليل المتّبع يتبنّى أحيانًا وبشكل غير متعمّد المفهومَ التقليدي للعائلة، فيعرّف مفهومَيْ الأمومة والأبوّة ضمن الإطار المعياري للحياة العائلية. أضف إلى ذلك أنّ وصف الرجال الفلبينيين كغائبين أو غير راغبين بإعالة عائلاتهم يدلّ على تحليلٍ ضيّق الأفق لمفهوم الذكورة الفلبينية، ويؤدي إلى تأويل الثقافة الفلبينية كثقافة أبوّية تقليديًا، وهذا ما عمل مانالانسان على تصحيحه5 (2006، ص.240-241). إنّ الأبويّة عالمية في تجلياتها؛ فدراسات الهجرة، ومن خلال حصرها لفاعلية الفرد للمهاجرين/ات الفلبينيين/ات ضمن الحياة العائلية، ومن خلال صياغتها لاستنتاجات تجانسية المفعول بشأن الذكور الفلبينيين، باتت محصورة باستنساخ الإنتاج المعرفي المعياري حول الزواج والأمومة والأبوّة. ويؤدي ذلك إلى المزيد من المحدودية في مجال دراسات الهجرة بفعل اعتبار الفلبينيين والفلبينيات غيريي/ات الميل الجنسي حصرًا أو إدراجهم/نّ تلقائيًا ضمن الثنائية الجندرية للذكر والأنثى، مما يستثني المفاهيم التاريخية كما المعاصرة للجنسانية والجندر في الفلبين. ولمقاربة أكثر مراعاة لإنتاج النظريّات حول عدم المساواة الجندرية، يجب تفحّص الإطار الاجتماعي التاريخي المتعلّق بكيفية نشوء التمييز الجنسي وأسبابه في بلدان مختلفة. يجب التمعّن بعاملٍ مهمٍّ آخر في سياق هجرة الكويريين/ات وهو الأدائية الجندرية، التي تعني عملية تكرار التصرّفات المحدِّدة للدور الجندري وفقًا للثنائية الجندرية، والتي يجدر استكشاف ما إذا تمّ تجاوزها وكيف (باتلر 1999). إنّ إدراج الرجال الفلبينيين المتوافقي الجندر ضمن خانة العمل في الخدمة المنزلية وأعمال الرعاية، الذي يُصنّف تقليديًا عملًا خاصًا بالإناث، قد يُقرأ كتحدٍّ لطريقة تكوين الذكورة وفقًا للثنائية الجندرية (مانالانسان 2006، ص.240). هذا لا يعني أن القيام بأدوار توصف تقليديًا كـ"أنثوية" هو بالضرورة من باب العمل على كسر التنميط الجندري. لكنّ السعي لفهم كيف يتفاوض هؤلاء الأشخاص المولودين ذكورًا، في إطار أدائيتهم الجندرية، مع مفهوم العمل في الخدمة المنزلية وأعمال الرعاية المطبّع جندريًا، قد يساعد على إنتاج دراسات تحليلية حول كيفية تغيّر الذاتيات الذكورية. من خلال هذا السعي، يمكن لعوامل تكوين الذكورة وإعادة تكوينها وتبعاتها بالنسبة لتوصيفات الجندر الأنثوي والجندر المرن، أن تعزّز سبل التحقيق في تجاوزات الثنائية الجندرية. كما أنّ هذا النوع من المساعي البحثية يقدّم رؤى ثاقبة ومتعمّقة حول الطرق المختلفة التي تتجلى من خلالها الذكورة، بعيدًا عن التفسيرات الصادرة عن الذكور البيض، وضمن الأطر النيوليبرالية القائمة. بناءً عليه، إنّ الامكانيات التي قد تنتج عن تطبيق الكويرية على دراسات الهجرة هي في القدرة على استكشاف التفاعلات القائمة المتعلقة بالعرق، والجندر، والجنسانية، والجغرافيا.

يتعمّق كلير سيرز (2008) بمفهوم الأدائية الجندرية فيتفحّصون العنصرية وكيفية بناء الجندر من خلال مفهوم العبور في أثناء حقبة حمّى الذهب في كاليفورنيا. وهنا العبور لا يدّل على معنى المفهوم المعاصر له. ففي تلك الأيام، كانت إحدى الأشكال الشائعة للعبور تُستَخدم لتمرير أساليب التعبير العنصريّة مثل ’الوجه الأسود‘ (بلاك فايس)، وطلاء الوجه، والسخرية من المهاجرين/ات المكرَّسين/ات عرقيًا كآخرين/أخريات بين الرجال الذي يرتدون ملابس النساء (المرجع نفسه، ص.391،394). كذلك، سعيُ الذكور البيض لإضعاف رجولة العمّال الصينيين الذكور في تلك الفترة كان وسيلة لتعزيز الحسّ المناهض للصينيين والصينيات وأدّى إلى سنّ قوانين عنصرية. يعتبر (هم) سيرز أنّ ما يمكننا تصنيفه كتجاوزات للثنائية الجندرية ليس بالضرورة إسقاطًا لهذه الثنائية (المرجع نفسه، ص.384). فعليًا، كان مفهوم العبور في حقبة حمّى الذهب وسيلةً لتأجيج الحسّ المناهض للمهاجرين/ات ولتكريس الأيديولوجية الحداثية في ما خصّ الأعراق والاستعمار. وبات البياض فئة امتياز تُستخدَم لتوصيف المهاجرين والمهاجرات المصنَّفين/ات عرقيًا على أنهّم/ن دون المستوى، وغرباء، وبالتالي لا ينتمون.

يبيّن العمل التحليلي لسيرز كيف تمّ استخدام العبور في حقبة حمّى الذهب لإعادة تثبيت الرجال البيض "الأوروبيين-الأميركيين" على أنّهم "الرجال الحقيقيين"، وبالتالي تكريس المعتقد القائل بإنّ "الذكورة الأوروبية البيضاء" هي الأعظم. انطلاقًا من إطار العمل المفهومي ذاته، يعتبر (هم) أليوسكا تودور أنّ قيام الجندي الإسرائيلي العابر جندريًا، واسمه ساكار، بالانخراط في الجيش ليختبر شعور "الرجل الحقيقي للمرة الأولى"، هو أيضًا من الأفعال التي تندرج ضمن الحاجة لتبيان "الرجولة الحقيقية". وبفعل ربط تعريف الرجولة بالعسكرية وبالقومية يتمّ تطبيع الاستعمار الاستيطاني. إنّ هوية العابر ساكار الجندرية تتخذ شرعيتها من خلال صلته الانتسابية مع الجنود الذكور الآخرين، وتصرفاتهم الجماعية كجنود، وانتمائهم للدولة. يعيد تودور صياغة مفهوم العبور بشكلٍ يتحدّى "قومية العابرين والعابرات جندريًا" و"القومية العابرة للحدود" (2017، ص.2)، ويبرهنون أنّ تطبيع أوجه القومية هذه من شأنه تكريس المعيارية القائمة على الجندر والغيرية الجنسية. وبناءً عليه، يصبح مفهوم العبور، بكونه فئة ثابتة، آليةً من آليات الاستعمارية الجديدة، التي يربطها تودور بمبدأ المثلية القومية للباحثة جاسبير بوار.6 نجد في كلتيْ الحالتين أنّ مفهوم الوطن، والانتماء، السرديّة المتعلّقة بالغريب، على ترابط مع الهوية الجندرية والتعبير الجندري والأدائية الجندرية. ماذا يحصل عندما يتمّ تفحّص مفهوم العبور عبر منظار التقاطعية بشكلٍ يتيح دراسة تركيبات الدولة والسياسات عبر الوطنية؟ من شأن هذا المسعى البحثي أن يوضّح مسائل تتعلّق بكيفية تأثير الطبقة الاجتماعية على ذاتيّات العابرين والعابرات، ومفعول هذه التأثيرات على قدرة العابرين/ات على الهجرة، ومن من العابرين/ات بوسعه/ا الهجرة، وإلى أين، وكيف. وبالتالي، فإنّ تطبيق منظار العبور على دراسات الهجرة يعمل على "استعادة الشخصيات والسرديّات التي تمّ تغييبها وتعقيد فهمها وكتم ذكرها في كلٍّ من دراسات الكوير ودراسات الهجرة، وعلى استخراج النظريات منها وإيلائها التقدير الذي تستحقّه" (لويبهيد 2008، ص.171). ويبيّن هذا كلّه الحاجةَ لإجراء التحليل المعتمد منظار العبور استنادًا إلى علاقات القوى الوطنية والعابرة للوطنية، التاريخية منها والمعاصرة.

باتت السرديّات حول الوطن والهجرة أكثر أهمّية وأكثر صلة بعد فترات الإقفال التام التي تكرّرت حول العالم لاحتواء وباء فيروس كورونا. وبغية الإحاطة بظاهرة وباء كورونا ضمن دراسة الهجرة المعتمِدة المنظور الكويري، يجب التنبّه للعمليات التاريخية والجغرافية-السياسية القائمة والفارِضة للمعياريّة التي يتمّ توسيع نطاقها بشكلٍ استغلالي من قبل حوكمة الدولة النيوليبرالية عبر الوطنية بفعل فترات الإقفال التام. تعتبر نيهاريكا باندت (2020) أنّ التشديد على معيار الغيرية الجنسية الناتج عن "البقاء في المنزل"، يستثني "المنحرفين/ات" مثل النساء المسلمات والكويريين/ات، ويشكّل في الوقت ذاته ركائز إديولوجية قومية نابعة من الاستعمار. وعليه، فإنّ المنزل هو لحماية الأسرة النواة غيرية الميل الجنسي والأمّة الحداثية. يعتبر شيمبرز أنّ الهجرة هي عملية فصل الذات عن هذا المفهوم للوطن أو المنزل7 سعيًا للحرية والرضاء الذاتي. هذا الشعور بالحرية والسعي للمغامرات تحقيقًا للنموّ الذاتي يرتبط بتعريف إدوار سعيد (2006) للإستشراق، وهو إضفاء صفة العجب والإثارة على الأمكنة التي لا تندرج ضمن تصوّر الوطن (الموجود في الغرب). يدحض هذا المعتقد أيّ بحث في عملية إعادة إنتاج المعايير القائمة على العرق والغيرية الجنسية في إطار استجابة الدول للأزمة الصّحية العالمية. وهذا يبيّن بوضوح عدم الاكتراث بمسؤولية التفكير النقدي وممارسة التأمّل الذاتي التي من شأنها تمكين من يعيش على حدود الحياة المحفوفة بالخطر.

يظهر عمل بارينياس أنّ علاقة الترابط بين العولمة والهجرة (2001) يؤدي إلى تقليص حريات المهاجرين/ات ذوي/ات الدخل المحدود في بلدان الهجرة. على سبيل المثال، إنّ الكثير من المهاجرات العاملات في الخدمة المنزلية في لبنان مقيَّدات بنظام الكفالة الذي يسمح لربّ العمل باحتجاز جواز السفر وغيره من الوثائق القانونية العائدة للمهاجرة (بانديه 2012؛ 2013). هذا الأمر يحدّ من حرية المهاجرة في التنقّل والاستقرار. كما أنّ حصول المهاجرة على المأوى والراتب يبقى رهنًا بربّ العمل. ومع أولى أيام انتشار الوباء في لبنان، فقدَ عددٌ كبير من المهاجرات العاملات في الخدمة المنزلية عملهنّ وطردن إلى الشوارع، نتيجةً لطريقة تعامل مجموعات النخبة والطبقة المتوسطة العليا في لبنان مع الانهيار الاقتصادي للبلد (حركة مناهضة العنصرية ARM 2020؛ كولار 2020). وقد ظهرت فداحة المخاطر المحدقة بحياة المهاجرات العاملات في الخدمة المنزلية مع بدء العجز في النظام الصّحي (شهيّب وسيويل 2020؛ روز 2020). في لبنان، وتزامنًا مع الحملة العالمية دفاعًا عن حقوق السود، كان يتمّ جرّ الأجساد ذات البشرة السوداء والمصنّفة إناثًا إلى حالة "الحياة العارية" (أغامبين 1998). يدلّ ذلك على أنّه يتمّ النظر إلى حيوات معيّنة وأجسادًا معيّنة على أنّها أشياء يمكن التخلّص منها ولا تستأهل الحياة. إنّ ما حصل من جرٍّ لهذه الحيوات إلى الهلاك والموت يبيّن التقارب بين الأيديولوجية الرأسمالية – واستنادها على التفرقة العنصرية لا سيّما كراهية السود – وبين سياسات التبعيّة وسلطة الحياة والموت. إنّ طرد النساء المهاجرات ذات البشرة السوداء أو الملوّنة من المنازل إلى الشوارع اللبنانية، لأسباب مالية، يدلّ على عجزٍ عن فهم التبعات الإنسانية المرتبطة بتعريض صحّة هؤلاء النساء إلى الخطر. يتألّف هذا النفي لقيمة أجساد النساء المهاجرات من عملية ثنائية قائمة على نفي الجندر ونفي صفة الإنسان. فالبرغم من عملهنّ الشاق على تأمين الرعاية والنظافة للبيوت، تبقين دائمًا في مقام الدخيلات. وعليه، إنّ الأجساد ذات البشرة السوداء أو الملوّنة في لبنان هي "الشخصيات الكويرية ’المستحيلة‘ في الخطابات، حول الأمّة وحول الهجرة، المكرِّسة للغيرية المعيارية" (الطيّب 2011، ص.xxxv). ونفهم من عمق الأثر الاستعماري في الدول الناطقة بالعربية أنّ تصوّر لبنان كوطنٍ للمهاجرين والمهاجرات هو من المستحيل. إنّ عملية استعمال الهجرة هذه (تودور 2018، ص.1058) تفضح آمال النخبة والطبقة المتوسطة العليا بتحييد لبنان عن القارتين الإفريقية والأسيوية لتقريبه من أوروبا وامتيازات البيض. أحاجج في هذا السياق أنّ تطبيق المنظار الكويري على الهجرة يتطلّب فهمًا لتاريخ الصّحة العالمية ومبحث تحسين النسل، في إطار استغلال أجساد النساء المهاجرات، بالتوازي مع مفاعيل الاستعمار الطبقيّة والمناهضة للسود في مختلف أنحاء غرب آسيا. كما يتطلّب تحديد أعمال التضامن مع السود الجارية في لبنان من أجل العمل على إزالة إرث المعتقدات المعيارية الآتي من الشمال العالمي ومن غرب آسيا. ومن شأن هذا الشكل من تفحّص الذات النشط أن يدمج الممارسات الكوير الراديكالية ضمن المجتمعات المحلية من غير السود وغير المهاجرين/ات في لبنان، من أجل إيصال التفكير الكوير التقاطعي إلى الثورة، لعلّه يمكن إعادة تصوّر الثورات وأخذ إرث المهاجرين والمهاجرات في الحسبان.

   

  • 1. Split Decisions: How and Why to Take a Break from Feminism – Janet Halley
  • 2. ترجمة لاصطلاح Othering. يشير التعبير إلى ممارسة تتم خلال عملية بناء هوية ما، وربط هذا الهوية بتمايزها عن الآخر. والآخر يمثل كل ما لا يشبه هذه الهوية ومكوناتها وخصائصها ومصالحها. وتعمل هذه الممارسة أولًا على تصنيف الشعوب أو المجموعات أو الأفراد ووضعهم/ن في خانة الآخر أو المختلف واالامنتمي للجماعة التي تقوم بهذه الممارسة، وبالدرجة الثانية تستبعد هذه الممارسة الشعوب والمجموعات والأفراد وتنبذهم/ن، وينعكس ذلك من خلال خلق هرمية بين الجماعة والآخر/ين/يات، وحرمانهم/ن من الحقوق حينما يعتبر الآخر عدوًا أو مصدر تهديد لهذه الجماعة. (هيئة التحرير)
  • 3. Servants of globalization: Women, Migration and Domestic Work (2001)– Rhacel Parreñas
  • 4. Global Woman: Nannies, Maids and Sex Workers in the New Economy – Barbara Ehrenreich and Arlie Russell Hochschild
  • 5. يشير مانالانسان إلى تزايد أعداد الممرضين الفلبينيين الذكور من الكويريين/ات (2006، ص.240-241). وعليه، القيام بدراسة المهاجرين الفلبينيين الذكور على أساس أنّهم كلّهم غيريي الميل الجنسي هو تلميح إلى أنّ الكويريين/ات غير موجودين في الثقافة والعادات الفلبينية.
  • 6. القومية المثلية هي تطبيع الهويات الكوير ضمن المعايير المؤسساتية للدولة، والنظام العسكري، والرأسمالية. ويتمّ تعزيز المشاريع الاستعمارية، أو بالأحرى مشاريع الاستعمارية الجديدة، عبر القومية المثلية. في إطار العمل التحليلي على القومية المثلية (وقومية العبور/الترانس)، تقوم دراسات الهجرة الكوير بالتدقيق في التأثيرات الجغرافية السياسية القائمة في التجليات المختلفة للاستعمارية وفي التصنيفات المتشدّدة للهوية. للاطلاع على المزيد يمكن مراجعة المرجع التالي: Terrorist Assemblages: Honationalism for Queer Times (2007) by Jasbir Puar
  • 7. المصطلحان "وطن" و"منزل" يحملان معنى المصطلح home باللغة الانجليزية. (المترجمة)
ملحوظات: 
المراجع: 

Agamben, G. 1998. Homo Sacer, Sovereign Power and Bare Life. California: Stanford University Press

Ahmed, S. 1999: “Home and Away. Narratives of Migration and Estrangement.” International Journal of Cultural Studies. 2 (3), pp. 329–347

Anti-Racism Movement (ARM). 2020. “Prosecute employers who abandon domestic workers now!” (accessed 13 July 2020) <https://www.armlebanon.org/content/prosecute-employers-who-abandon-domestic-workers-now>

Butler, J., 1999. Gender trouble: Feminism and the subversion of identity. New York; London: Routledge

Chehayeb, Y & Sewell, A. 2020. “How COVID-19 is limiting healthcare access for refugees in Lebanon.” The New Humanitarian. (accessed 13 July 2020) <https://www.thenewhumanitarian.org/feature/2020/04/21/Lebanon-coronavirus-refugee-healthcare>

Collard, R. 2020. “As Lebanon’s financial crisis worsens, migrant workers are being dumped on the streets like ‘trash’.” The World. (accessed 13 July 2020) <https://www.pri.org/stories/2020-06-26/lebanon-s-financial-crisis-worsens-migrant-workers-are-being-dumped-streets-trash>

Ehrenreich, B & Hochschild, AR. 2003. Global Woman: Nannies, Maids and Sex Workers in the New Economy. UK: Granta Books.

El-Tayeb, F. 2011. “European Others: Queering Ethnicity in Postnational Europe.” ProQuest Ebook Central. (downloaded 15 April 2019) <http://ebookcentral.proquest.com/lib/soas-ebooks/detail.action?docID=765495>

Halley, J. E. 2006. Split decisions: How and why to take a break from feminism. Princeton: Princeton University Press

Hussain, S. 2019. “State, gender and the life of colonial laws: the hijras/khwajasaras’ history of dispossession and their demand for dignity and izzat in Pakistan.” Postcolonial Studies. 22 (3), pp. 325-344. <DOI: 10.1080/13688790.2019.1630030>

Luibheid, E. 2008. “Queer/Migration: An Unruly Body of Scholarship.” GLQ: A Journal of Lesbian and Gay Studies. 14 (2), pp. 169-190

Manalansan, M. 2006. “Queer Intersections: Sexuality and Gender in Migration Studies.” The International Migration Review. 40 (1), pp. 224-249

Najmabadi, A. 2005. “Mapping Transformations of Sex, Gender, and Sexuality in Modern Iran.” Social Analysis: The International Journal of Anthropology. 49 (2), pp. 54-77

Pande, A. 2012. “From ‘Balcony Talk’ and ‘Practical Prayers’ to Illegal Collectives: Migrant Domestic Workers and Meso-Level of Resistances in Lebanon.” Gender & Society. (accessed 09 December 2020) DOI: 10.1177/0891243212439247

Pande, A. 2013 “‘The Paper that You Have in Your Hand is My Freedom’: Migrant Domestic Work and the Sponsorship (Kafala) System in Lebanon.” International Migration Review. 47 (2), pp: 414–441

Pandit, N. 2020. “Dismantling Home, Building Bridges.” Feminist Review. (accessed 09 December 2020) <https://femrev.wordpress.com/2020/06/12/dismantling-home-building-bridges/>

Parreñas, R.,S. 2001. Servants of Globalisation: Migration and Domestic Work. California: Stanford University Press.

Puar, J. 2013. “Homonationalism As Assemblage: Viral Travels, Affective Sexualities.” Jindal Global Law review. 4 (2), pp. 23-43

Rich, A. 1980. “Compulsory Heterosexuality and Lesbian Existence.” Signs. 5 (4), pp. 631-660. (accessed 28 April 2019) <http://www.jstor.org/stable/3173834>

Rose, S. 2020. “Lebanese hospitals falling apart as coronavirus cases surge.” The National. (accessed 13 July 2020) <https://www.thenational.ae/world/mena/lebanese-hospitals-falling-apart-as-coronavirus-cases-surge-1.1048173>

Said, E. W. 2006. Orientalism. New York: Vintage Books

Sears, C. 2008. “All that Glitters: Trans-ing California's Gold Rush Migrations.” GLQ: A Journal of Lesbian and Gay Studies, 14 (2-3), pp. 383-402

Tudor, A. 2017. Dimensions of Transnationalism. (accessed 28 April 2019) <http://eprints.soas.ac.uk/22468/>

Tudor, A. 2018. “Cross-fadings of racialisation and migratisation: the postcolonial turn in Western European gender and migration studies.” Gender, Place & Culture A Journal of Feminist Geography. 25 (7), pp. 1057-1072