"لن يريدَ أحدٌ أن يكون معها وهي على هذا الحال": الإعاقة والجنسانيّة وال(لّا) سعادة في قيرغيزِستان
kohl-surkayova-72dpi.jpg
حالة الإعاقة هي من بين التجارب الأكثر إنسانية التي تُلامس العائلات – وإذا عشنا طويلًا – فإنها ستلامس حيواتنا جميعًا (جارلاند-تومسون، 2002، ص.5)
القصّة الأصل: الموقعيّة والهويّة المزدوجة بين أن تكوني باحثة وأن تكوني ناشطة
"لن يريد أحد مضاجعتها بعد الآن"، قالت خليلتي السابقة مخاطبةً من كانت تعتبرها في يوم من الأيام صديقتها المقرّبة، والتي هي الآن مساعدتي، إنهما تحملان الإسم نفسه "ساشا". صديقة خليلتي السابقة تعتني بي الآن. تطهو وجبات نباتية لذيذة وتنظّف شقتي المستأجرة وتتسوّق نيابة عني. لقد أصبحت رفيقتي الوحيدة في معظم هذه الأيام. لم تزرني خليلتي السابقة في المستشفى حينما كنت أنتظر وأتعافى من الجراحة. زارتني فقط بعد عدّة أسابيع من خروجي، كنت أقضي كل الوقت في السرير لأنني كنت أضعف من أن أجلس على كرسي متحرّك. قالت نصف مازحة وغير قادرة على احتواء شماتتها: "الآن لا يمكنك الهروب منّي".
في أواخر آب/ أغسطس من العام 2017، ذهبتُ إلى حفلة عيد ميلاد أقيمت في ملهى ليلي في بيشكيك. "لندن" هي حانة متجولة تملكها مثليّتان تجمعهما علاقة، وهي المكان الوحيد في عاصمة قيرغيزستان حيث يمكن للأشخاص غير المغايرين جنسياً وغير المطابقين/ات للمعايير الاجتماعية، التجمّع والتعارف والرقص والشرب والشعور بأنهم/ن جزء من مجتمع. لكن كان لا بدّ أن يكون المكان متنقّلًا، لأن البقاء في نفس المكان لفترة طويلة من الزمن لم يكن خيارًا آمنًا.
في تلك الليلة الدافئة من شهر آب/ أغسطس شربتُ وتسامرتُ مع أصدقائي. أعتقد أنني قبّلت فتاة ورقصت معها على إيقاع بطيء. اشتريت المشروبات لصاحب العيد، وبعدها شقّيت طريقي بصعوبة من الحانة باتجاه سيارة أجرة عند قرابة الساعة الرابعة صباحًا. لا أتذكّر ما حدث بعد ذلك لأنه أثناء الرحلة إلى المنزل، التي كان من المفترض أن تكون قصيرة، اصطدمت سيارة دفع رباعي يقودها ضابط مخمور من الشرطة المالية لقيرغيزستان بسيارة الأجرة التي كنت فيها. كنت جالسة في الجزء الخلفي من السيارة وعلى إثر الاصطدام أُصبت في رأسي ما أدّى إلى ارتجاج دماغي وفقدان جزئي للذاكرة. إلى جانب صدمة الرأس، أُصبت بالكثير من التمزّقات في وجهي وفقدت سنًّا من أسناني الأمامية وكُسرت عظمة فخذي. أذكر أن سيارة إسعاف نقلتني إلى المستشفى، ثم استيقظت في وحدة العناية الفائقة. كُنت محظوظًة لأنّي نجوت، لكن إصاباتي اضطرّتني إلى الخضوع لعملية جراحية حوّلتني إلى إنسان آليّ (cyborg) مع ألواح ومسامير من التيتانيوم داخل ساقي. كان يعني ذلك أنّي سأضطرّ إلى الاعتماد على رعاية ودعم أقاربي وأصدقائي والممرضات المنزليّات على مدار الساعة لمدّة ستة أشهر. منذ ذلك الحين، تعلّمت المشي من جديد واضطررت إلى إعادة تنظيم حياتي وفقًا لمحدِّداتي البدنية الجديدة. أعاني الآن من ألم مزمن – يتراوح في طبيعته بين ألم عرق النسا الحاد الذي يضعفني لمدة أسبوع، وألم خفيف مستمرّ في أسفل ظهري وأسفل فخذي ممّا يجعل الجلوس والمشي أمرين صعبين.
طوال الأشهر التي كنت فيها محبوسة في شقتي الصغيرة الواقعة في الطابق الرابع من مبنى شُيّد في الستينيّات من دون مصعد، لجأتُ إلى الإنترنت لمعرفة المزيد عن الحياة في ظلّ الإعاقة. لقد وجدت على وسائل التواصل الاجتماعي، مجتمعًا يهدف الى توفير المساعدة المتبادلة بالإضافة الى مقاطع فيديو لمستخدمي/ات الكراسي المتحرّكة في روسيا والذين يعيشون في بيئة مدنية مشابهة لتلك التي وجدت نفسي فيها. كانت تلك الفيديوهات تقدّم الارشادات حول أساسيات استخدام الكراسي المتحرّكة وتقنيات أكثر تقدمًا للنزول والصعود على الدرج في كرسي متحرّك – وهو ما لم أجرؤ على المخاطرة بفعله. بفضل إلمامي باللغة الإنجليزية، اكتشفت أيضًا مدوّنتين كويريّتين من أصحاب الإعاقات مثل جيسيكا كيلغرين فوزارد وآني سيجارا. عرفت عمل ميا مينجوس منذ أن ترجمت قصة الخيال العلميّ التي كتبتها والمعنونة "هولو" (براون ولماريشا، 2015) إلى اللغة الروسية من أجل كتاب خيال علميّ كويريّ (شاتالوفا وماميدوف، 2018)، نشرته مجموعة شيوعية كويريّة تُدعى مدرسة النظرية والممارسة – بيشكيك (STAB). هكذا بدأتُ بالتعريف عن نفسي، عن إدراك سياسيّ، بكوني شخصٌ ذات إعاقة. على الرغم من أنني كنت أعاني من إعاقة بصريّة منذ أن كنت في الصف الثالث، والتي ما انفكّت تزداد سوءًا مع الزمن، إلا أنني لم أعرّف نفسي بكوني أعاني من إعاقة قبل حادث السيارة ذاك. فبارتداء العدسات اللاصقة، يمكن "أن أظهر" كما لو أنني لا أعاني من أيّ إعاقة. بالتواري عن الأنظار كنت أتجاوز محدّدات تلك الإعاقة، أي أنها لم تقيّد حياتي بطريقة لم أستطع تجاوزها.
على إثر هذا الوضع، جاءت والدتي من روسيا للاعتناء بي. دفعني وجودها في حياتي بهذه الطريقة الحميمة واليومية إلى اتخاذ القرار بالإفصاح لها عن هويتي الجنسانية، الأمر الذي كسر قلبها حرفياً وأوصلها إلى المستشفى بسبب عدم انتظام في عمل القلب. قالت لي "أنا فقط أريدك أن تكوني سعيدةً وبصحّة جيّدة"، أما لسان حالها المضمر فكان "لماذا لا يمكنك أن تكوني سعيدة مثل أي شخص آخر؟". جاءت عمّتي إلى بيشكيك من موسكو لنقل والدتي إلى مستشفى في روسيا. منذ ذلك الحين ولعدّة أشهر اعتمدتُ على الممرضات المنزليات لرعاية احتياجاتي الأساسية. هذا عنى أنهن اضطررن إلى المبيت في شقتي، أي أنه كان عليّ إخفاء حياتي الشخصية عنهن والعيش في حالة من انعدام كامل للخصوصية.
في مثل هذه المواقف، تدرك مَن هم/ن أصدقاؤك الحقيقيون/ات. مَن الذي سيخفي ألعابك الجنسية عن والدتك عندما تأتي للبقاء في شقّتك؟ من الذي سيحذف صور خليلاتك السابقات وهنّ عاريات من هاتفك الآن، بعد أن أصبح مباحًا للآخرين. من الذي سيساعدك على ارتداء ملابسك وغسل شعرك والذهاب إلى الحمّام؟ من سيحضر لك الأطعمة "الممنوعة"، ويروي لك آخِر الشائعات؟ من الذي سيشملك في خططه على الرغم من أن ذلك سيعني استئجار سيارة إسعاف خاصة، وفريق كامل من المسعفين/ات لنقلك إلى أسفل الدرج وإلى المكان الذي يُقام فيه الحدث؟
هذه بعض من أسباب اهتمامي البحثي في قضايا الجنسانيّة والإعاقة. في كانون الثاني من العام 2018 وبينما كنت لا أزال أتعافى من إصاباتي، كنت قد بدأت مشروعًا بحثيًّا حول الحياة الجنسية لأفراد مجتمع الميم في بيشكيك، قيرغيزستان. كان الهدف الأساس من هذا المشروع البحثيّ التشاركيّ، هو إنشاء منهج كُليّ وشامل للتربية الجنسية الكويريّة ترتكز في تصميمها على التجارب والاحتياجات الحقيقية لأفراد مجتمع الميم في قيرغيزستان، بعيدًا عن شبح الخجل والخوف والمقاربات الطبيّة التي تحاصر حياتنا.1 في وقت لاحق، بدأت أنا وزملائي من الجامعة الأميركية في آسيا الوسطى (AUCA)، مشروعًا حول الصحّة النفسية للأشخاص الذين ينتمون إلى فئات مهمّشة وهشّة (النساء المسنّات والأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية مُشخَّصة واليافعين/ات من مجتمع الميم والأشخاص ذوي/ات الإعاقة. أطلقنا على هذا المشروع اسم "مشروع السعادة". أخيرًا، في تموز/ يوليو 2019، شاركتُ في المؤتمر النسويّ العالميّ لمجتمع المثليات ومزدوجات الميول الجنسية والكويريون/ات الذي أقيم في جنوب إفريقيا، حيث حضرت ورشة عمل حول الإعاقة والجنسانيّة والتقيت بمحرّرات "كُحل". في هذا المقال سوف أفكّر في التقاطعات التي تجمع بين هذه الاهتمامات التي تبدو ظاهريًا متباينة – الجنسانيّة والإعاقة والسعادة. هنا، عند هذه المنعطفات يصبح الشخصيّ سياسيًا. هنا حيث تُترجم تجربة خاصة جدًا إلى مُتَخيَّلٍ اجتماعيّ، هنا حيث تندمج الناشطة والباحثة اللتين بداخلي في ذاتٍ واحدة.
"السعادة الأنثوية": إكراهٌ في الغيريّة الجنسيّة وفي القدرة الجسديّة (البدنيّة)
في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي، تبلور مفهوم خاص لسعادة النساء – يطلق عليه "السعادة النسائيّة [أو الأنثوية]" (женское счастье – باللغة الروسية – جينسكايي شاستي). تصف أغنية شهيرة من التسعينيّات تُدعى "السعادة النسائية" والتي تؤديها تاتيانا أوفسينكو، ما تعنيه عبارة جينسكايي شاستي: زواج مثالي غيريّ الجنس ونعيم منزلي حيث "يحمي" الزوج المرأة، وتهتم هي في المقابل بجميع احتياجاته. في الاستخدام اليومي للعبارة تتضمن جينسكايي شاستي أيضًا إنجاب الأطفال – بحيث لا تكتمل سعادة المرأة أبدًا بدون تجربة الأمومة.
السعادة النسائية2 / الأنثوية تختلف من الناحية المفاهيمية عن السعادة بشكلها المجرّد. ما يزيد من مدلولاتها الفريدة، هو أنه ما من وجود لمفهوم مماثل كـ"السعادة الرجولية". سعادة الرجل هي ببساطة، سعادة. بعبارة أخرى، جينسكايي شاستي هو مفهوم يُلخّص أبعادًا مختلفة في آن، من الجنس الإجباري (إيمنس، 2014) والغيريّة الجنسية الإجبارية (ريش، 1980) والأمومة/ الإنجاب الإجباري (شوركو، 2012)، بالإضافة إلى القدرة الجسدية الإجبارية (ميك روير، 1999) والسعادة الإجبارية3 (ديفيز، 2015). لا يمكن تضمين النساء ذوات الإعاقة والأفراد غير المغايرين/ات جنسيًا، وغير المتماهين/يات إجتماعيًا والمصابين/ات بالعقم، وعديمي/ات الميول الجنسية والمُصابين/ات بالإكتئاب وأصحاب/ صاحبات الإعاقات في هذا النموذج من السعادة. فالسعادة هذه تدّعي أن المقياس الرئيسي لقيمة الإنسان هو الإنتاجية والقدرة/ الرغبة في الإنجاب.
أصبحت السعادة والسعي وراءها هي النظام المعياريّ الجديد، هي النهاية الغائيّة للوجود البشري في ظلّ مجتمع نيوليبرالي. أشار النقّاد/ الناقدات المختلفون/ات لهذه الحالة إلى أن أيديولوجية السعادة الشخصية ومنظومة "صناعة السعادة" التي ولّدتها، توظَّفان من قبل الأنظمة الرأسمالية لإرضاء الأفراد الذين تعتريهم/ن حالة بؤس اجتماعي متزايد باستمرار. من كتاب آرلي راسيل هوشيلد الريادي بعنوان "القلب المُنظًّم":4 تسويق الشعور الإنساني، الذي يدرس العمل العاطفي (الذي تقوم به النساء في الغالب) ضمن اقتصاد الخدمات الجديد، كما يذهب الى الكلام عن أمثلة أحدث تتعلق بتحليل الاقتصاد السياسي للمشاعر كما ورد في كتاب "الجانب المشرق: التفكير المتفائل يقوّض أميركا" لـ باربرا إيرينرايش (2009)، وكتاب "صناعة السعادة: كيف باعتنا الحكومة والشركات الكبرى مفهوم الرفاه مرارًا وتكرارًا" لـ وويليام ديفيز (2015). يمحّص الكتاب في كيف أن الضرورة المنوطة بالسعادة الإلزامية تجعل الأفراد الرازحين/ات تحت الواقع النيوليبرالي أكثر بؤسًا، ذلك عبر إبعاد المسؤولية عن الجهات المولِّدة للمسبّبات البنيويّة للبؤس ولوم الأفراد أنفسهم/ن على بؤسهم/ن. يحاجج الكتاب بأن إملاءات التفكير المتفائل و"اليقظة الأنويّة"،5 تؤدّي إلى حالة من لوم الذات والعدول عن الفعل السياسي والجهل، ما يؤدّي إلى إنتاج ذاتيّة تتواءم وطابع اللا إستقرار الذي تتصف به أماكن العمل والأسواق الاستهلاكية.
لم يقتصر نقد مفهوم السعادة الإجبارية على التحليل الماركسي للوضع الإنساني المعاصر فحسب، بل ظهر أيضًا في أعمال المنظّرين/ات والنسويين/ات والمثليين/ات. بدأ السجال منذ العام 1963، حين أطلقت بيتي فريدان الموجة الثانية من الحركة النسوية الأميركية بتحليلها للبؤس العميق الذي تعيشه نساء الطبقة المتوسطة المتعّلمات من ذوي البشرة البيضاء المقيمات في الضواحي، واللاتي كان من المفترض أنهنّ كُنّ يعشن الحلم الأميركي بنكهته الأنثوية الساحرة. يمكن مقارنة تلك الحالة المفترضة بمفهوم "السعادة الأنثوية" المذكور أعلاه (جينسكايي شاستي) والعائد للسياق ما بعد السوفيتي في آسيا الوسطى، مع ما يتضمنّه من أفكار زواج غيريّ الجنس والولادة والتربية الإجباريّة كمكونات أساسية له، وعلى اعتباره الإمكانية الوحيدة المتاحة للمرأة لبلورة ذاتيّتها. من الواضح أن هذا السيناريو المثالي للحياة، متجذّر في فضاءات منطق التمييز ضدّ أصحاب الإعاقة ومنطق الغيرية الجنسية. وبالتالي يُنكر هذا المفهوم/ النموذج السعادة والإحساس بالقيمة الذاتيّة6 على كل أولئك الذين لا يتواءمون مع القالب المزعوم، بمعنى آخر عن الكويريين/ات وذوي/ات الإعاقات وكبار السن وغير المتزوجين/ات والأطفال.
الوعد بالسعادة الذي زُعم استحالة تحقيقه إلا من خلال "النعيم المنزليّ"، لم يتحقق قط في الواقع. أظهرت دراسة حديثة أن المجموعة الديموغرافية الأكثر سعادة هي النساء العازبات وبدون أطفال (دولان، 2019). يجادل علماء/ عالمات اجتماع نقديين/ات، بأن مجتمعاتنا مأسورة بفكرة الزواج والرومانسية (صاغت بيلا ديباولو مصطلح matrimania أو "الهوس بكل ما يتعلق بفعل الزواج" للإشارة إلى هذه الظاهرة)، إلى حدّ أنه يتمّ التمييز ضد الأفراد الذين ليسوا في علاقة (عاطفية7). يتجلّى هذا التمييز بتصويرهم/ن على أنهم/ن غريبي/ات الأطوار وغير مرغوب فيهم/ن وبائسين/ات أو يتمّ تجاهلهم/ن ببساطة. كلّ هذا على الرغم من أنهم/ن التركيبة الديموغرافية الأكثر تضخّمًا (الأغلبية في الواقع مقيمون/ات في الكثير من الدول المتقدّمة8 اليوم)، فمعظم الناس في مرحلة ما من حياتهم/ن كانوا جزءًا من هذه الشريحة الديموغرافية (كسليف، 2019). انتقدت كلّ من إيفا إيلوز (2007) ولوري إسيغ (2019) ظاهرة عبادة الحبّ الحديثة من وجهة نظر ماديّة. في كتاب "لماذا يؤلم الحب: منظور اجتماعي"، تصف إيلوز (الكاتبة) السعي وراء الحبّ على أنّه تجربة صعبة ومؤلمة، ولكن بدلاً من عزو هذا الألم إلى أوجه القصور والفشل الفرديّ تحاجج إيفا بأننا نشعر بالألم بسبب "القوى المؤسسية التي تهيكل أنماط حبّنا". وبالمثل، في كتابها الأخير المعنون "مؤسسة الحبّ وتطبيقات المواعدة والزفاف الأبيض الكبير ومطاردة السعادة المستحيلة"، تصف لوري إسيغ الحبّ الرومانسي على أنّه أيديولوجيا نلجأ إليها في غياب القدرة التقريرية الحقيقية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية – الحديثة – أي أنّه (الحبّ الرومانسي) "أفيون الشعوب" إن جاز التعبير.
قدّمت الناشطة النسويّة سارة أحمد مفهوم "الشاذّين/ات عاطفيًا"،9 لوصف كلّ أولئك الذين لا تسعدهم/ن الأشياء التي من المفترض أن تجعلهم/ن سعداء/ سعيدات، والذين يُنظر إلى تعاستهم/ن على أنّها مصدر لإنتاج الحزن، عوضًا عن فهمها كانعكاس للبؤس الذي يعتري وجودهم/ن. النسوية المتمرّدة على السائد من التوقّعات والمهاجرة البائسة والكويريون/ات التعساء/ التعيسات والثوار/ الثائرات الغاضبون/ات، هم/ن "الرعايا بملء إرادتهم/ن" الذين يُغرَّبون عن السعادة ويوضَعون "خارج أسوار المجتمع العاطفي" (أحمد، 2010. بدون صفحة). يمكننا أيضًا أن نضيف "ذوي/ات الإعاقة الحزينين/ات" إلى قائمة الشرائح الشاذّة عاطفيًا، فالأشخاص ذوي/ات الإعاقة يُستبَعدون من الشُّرعة الشائعة للسعادة والحبّ والجنسانيّة والعاطفة.
الرغبة في المعرفة (الذاتية) في مواجهة الظلم التأويلي10 الممارَس من خلال قرار الحرمان من التربية الجنسية
نادرًا ما تُناقَش جنسانية الأشخاص ذوي الإعاقة في قيرغيزستان.11 يرجع ذلك جزئيًا إلى غياب اللغة المناسبة للحديث عن الجنس خارج الإطار الأبويّ التقليديّ للموضوع باعتباره متعلقًا بالإنجاب حصرًا. لا يعترف بالذاتية (المعالجات الذاتية) للأشخاص الكويريين/ات وذوي/ات الإعاقة، لأنهم/ن لا يُنظر إليهم/ن على أنهم/ن أشخاص عقلانيون/ات وناضجون/ات. يُنظر إلى الأشخاص ذوي/ات الإعاقة على أنهم/ن إمّا عديمي/ات الميول الجنسية (لم يمارسوا الجنس أبدًا وليس لديهم/ن اهتمام به) أو مفرطي/ات الجنس (لا يمكنهم/ن ولن يرفضوا المممارسة الجنسية حيث أنهم/ن لا يعتبرون شركاء/شريكات مرغوب فيهم/ن). تُحرم النساء ذوات الإعاقة على وجه الخصوص من خيار الإنجاب، وبالتالي تصبح حياتهن الجنسية غير مرئية وموصومة بالعار. تكتسب مسألة الموافقة على الفعل الجنسي أهمية خاصة في سياق الإعاقة، أما الرغبة والممارسة الجنسية فلا تعالَج إلا بعبارات بيولوجية وطبية (باعتبارها حاجة ناتجة عن الهرمونات).
يطرح التنظير النسويّ الاعاقةَ على أنّها – كالجنس والعرق – "نظام ثقافيّ واسع الانتشار، يوصِم أنواعًا معيّنة من الاختلافات الجسدية دون غيرها" (جارلاند-تومسون، 2002، ص.5). تاريخيًا، كانت الصور النمطية الثقافية تخلط ما بين التصنيفات والمفاهيم المختلفة بدءًا بما يوصف بالطبيعي والأنوثيّ ومفهوم الجنسانية والقدرة (البدنية). فترى سياسات التمظهر والرغبة والغيريّة الجنسيّة الإجباريّة تنزلق في استعارات لغويّة (مفاهيميّة) تضع الصحّة نقيضًا للتوعّك والإنسانية للتوحش والحالة الطبيعية نقيضًا للانحراف، والتي ترتبط كلّها تباعًا بالخطابات المتعلّقة بالإعاقة. وفي هذا السياق لطالما أشار المؤلّفون/ات العاملون/ات في مجال دراسات الإعاقة النسوية، إلى التقاطعات بين سياسات التمظهر وفعل إضفاء الطابع الطبّي على الأجساد المُخضَعة كأجساد النساء والكويريين/ات وذوي/ات الإعاقة.
لطالما تعرّضت أجساد المعوقين/ات إلى محاولات لإصلاحها، أوالإجهاز على وجودها وجعلها "سهلة الانقياد" وغير مرئية، كلّ ذلك بهدف تعزيز فكرة معيّنة عن سعادة الإنسان وكماله. المعتقدات والممارسات على شاكلة الإجهاض الانتقائي والانتحار بمساعدة الغير والقتل الرحيم والقتل الجماعي للـ "الضعفاء والعجزة" بذريعة تحسين النسل والمأسسة12 والعزلة، هي مظاهر متمخّضة عن الرغبة في استبعاد الأجساد غير المعيارية من مجال المرئي وإنكار وجودها. تتعلّق كلّ تلك المظاهر بالأوهام الحديثة للكليّة والنقاء، التي تقترن برؤى ثقافية لما يجب أن يكون عليه المجتمع المثالي: خالٍ من العلل، حيث تستحكم العقلانية فيه على الواقع، ويتقدّم "الإنسان الأعلى" دونما معرقلات نحو مصيره المنشود. فيما يتعلق بالكتابة عن مسألة الإجهاض الانتقائي للوقاية من الإعاقة، حيث تستخدم الحجج المؤيدة للممارسة منطق "نوعية الحياة"/ "الحد من المعاناة"، تشير آدريين آش وجايل جيللير (1996) إلى استحالة التنبؤ مسبقًا، أو السيطرة على مثل هذه "الحالات البشرية الملتبسة كالسعادة أوالمعاناة أوالنجاح" (الإقتباس مذكور في جارلاند-تومسون، 2002، ص.16).
أحاجج أن حرمان ذوي/ات الإعاقة من التربية الجنسية، هو وجه من أوجه الظلم المعرفي13 – ظلم تأويلي أو عملي. كانت ميراندا فريكر أول من صاغ مفهوم الظلم المعرفي عام 2007. بالنسبة لها فإن المظالم المعرفية نوعان "تجاوزٌ يُفتعل بحق الشخص بصفته/ا كائنًا عارفًا" (2007 ص.1): الظلم بالشهادة14 أو الظلم التأويلي. يحدث الظلم بالشهادة عندما يتم التشكيك في مصداقية15 الشخص، بسبب هويته/ا أو موقعه/ا الاجتماعيين. لطالما عانت النساء شأنهنّ شأن الفئات المهمّشة الأخرى من الظلم بالشهادة، حيث لا تُعتبَرن شاهدات موثوقات على حياتهنّ (سولنيت، 2014). الظلم أو اللاعدالة المعرفيّة، هو نوع محدّد من الجهل المُنتَج اجتماعيًا والنابع عن غياب لفهم تجربة و/ أو هويّة الفرد الاجتماعية لغياب نموذج تفسيريّ16 مؤاتٍ لواقعه/ا. تبقى مثل تلك النماذج التفسيريّة غائبة/ أو مُغيَّبة لأن من مصلحة المجموعة المهيمنة في المجتمع منع الناس من تطويرها. فتخيل/ي على سبيل المثال أنك تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة أو أنك تعاني من التحرّش الجنسي، أو أنك مثليّ/ة الجنس في وقت من الزمن لم تكن فيه هذه المفاهيم موجودة بعد. وبالمثل، إن حرمان الأشخاص ذوي/ات الأجساد غير المعياريّة من المعرفة بالجوانب العقلية والفسيولوجية والاجتماعية الجوهريّة لحياتهم/ن، وحرمانهم/نّ من بلورة كينونتهم/نّ الجنسانيّة المتكاملة يستتبع حدًّا من قدرتهم/نّ على فهم تجاربهم/نّ المعيشية ومن تسييس حيواتهم/نّ.
لدى الأفراد الذين قابلتهم مستويات متفاوتة من التعليم. بعضهم/ن لم يذهب إلى المدرسة قط ويُعتبرون من الأمّيين/ات. البعض الآخر ارتاد المدرسة لمدّة عام واحد فقط، قبل نقلهم/ن إلى التعليم المنزلي (بسبب التمييز والتنمّر)، والبعض الآخر حاصل على شهادة مدرسيّة وتدريب مهنيّ في مجالات مثل الخياطة أو البرمجة أو في العمل في دور طباعة. لم يحظَ أيٌّ من المقابَلين/ات بتعليم جامعي.
لم يتلقَّ أيٌّ من المقابَلين/ات أيّ تعليم (توعيَة) جنسيّ رسميّ في المدرسة. معظمهم/ن كان يستحصل على معلومات حول مسائل متعلّقة بالجنس من أقرانه/ا ومن المواد الإباحية. في إحدى الحالات، حضر رجل مثلي الجنس يعاني من ضعف في السمع، تدريبًا عن الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسيّ والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب، كانت تجريه منظمة محليّة للميم (القيرغيزية النيلية). أجاب أحد المقابَلين عند سؤاله عن تجربته/ا في التربية الجنسية:
لا، لم أحظَ بها. ماذا كان هنالك في مكتباتنا؟ ليرمونتوف وبوشكين [روائيون كلاسيكيون من روسيا]، لكن لا شيء من ذاك النوع. عندما كبرنا قليلًا، ظهرت أولى أجهزة تشغيل الفيديو ومعها المواد الإباحية. كنا نركض إلى نوافذ الجيران ليلاً ونختلس النظر، فقد كنّا نعلم أنهم/ن يشاهدون الفيديوهات الإباحية، تلك كانت الطريقة التي حصلنا من خلالها على معلومات حول كيفية ممارسة الجنس (مير، رجل عابر جنسيًا، بدون يد، يعاني من مرض في القلب ويبلغ الـ 40 من العمر).
يرجع هذا النقص في التربية الجنسية جزئيًا إلى عمليّة الاستبعاد العام لأي نقاش حول الجنس والجنسانيّة في المناهج الدراسية والمناقشات العامّة. السياقات الوحيدة التي يتمّ فيها الحديث عن الجنس هي تلك المتعلّقة بالمؤسسة الزوجية والإنجاب.
عبء العذرية و"إنجاب طفل كواجب لك على نفسك"17 وتلبية التوقّعات الجندريّة الإجتماعية18
تفترض القوالب النمطيّة الثقافية أن النساء ذوات الإعاقة هنّ نساء لاجنسيات وغير مؤهلات للإنجاب ومفرطات في الاعتماد على الآخر وغير فاتنات – وهكذا يُقصَين من فضاء الأنوثة الحقيقية والجمال الأنثوي. غالباً ما تكافح النساء ذوات الإعاقة من أجل الاعتراف بحقوقهن الجنسية والإنجابية. وبما أن النساء ذوات الإعاقة غالبًا لا يُنظر إليهن على أنهن زوجات مرغوب بهنّ أو شريكات محتملات، فإنهن محرومات من المعرفة بشؤون الجنس. أما الجنس بهدف المتعة فهو موضوع غائب كلّيًا في الأحاديث.
في الوقت نفسه، تعاني النساء ذوات الإعاقة من الضغط الإنجابي والإكراه على رفض خياراتهن الانجابية (خوفًا من أنهن قد ينتجن المزيد من الأشخاص ذوي الإعاقة و/ أو لن يتمكنَّ من رعاية أطفالهن)، أو يُقال لهن إنه يجب عليهن الإنجاب في سنّ مبكر (حتى لو لم يكن هناك مسعى للزواج) – أن يكون لديكِ طفلٌ "لنفسك"، وهو اعتبار ضمني أنه وفي ظل الظروف "العادية"، تتم عملية إنتاج الأطفال من أجل شخص آخر؟
o (المستجيبة الأولى) أحيانًا تخبرني والدتي أنه يجدر بك أن تتزوّجي وأن تصبحي أمًّا. يقول لي الأقارب إنه قد لا تتزوّجين ولكن عليك بإنجاب طفل وحسب.
o (المقابِلة) وهل تريدين إنجاب الأطفال؟
o (المستجيبة الثانية) نعم أريد. أخبرني إخوتي وأمّي، عليك الإنجاب على الأقلّ. حسنًا، قد لا تتزوجي لكن فلتنجبي طفلًا لنفسك، وبعد ذلك سنساعدك نحن.
o (المستجيبة الثالثة) هكذا يقول الأقارب، أمّي تفهمني. لكنّي لا أريد أن أنجب الأطفال بهذه الطريقة، أنا أيضًا أريد عائلة. إذا أنجبتُ طفلا بهكذا وضع فسيقول الجانب الأبوي من الأسرة: حدث ذلك لأنها من ذوات الإعاقة. وسيقولون إنّك مريضة وسيصاب طفلك بالمرض أيضًا. اقترح عليّ طبيب نسائيّ مرّة أن أخضع لعمليّة تعقيم لأنني لن أتمكّن من الإعتناء بطفل. (مناقشة جماعية مركّزة مع نساء مصابات بالشلل الدماغي).
النساء ذوات الإعاقة اللواتي قد لا يرغبن في الزواج وإنجاب الأطفال ولكنهن يمارسن الجنس من أجل المتعة، يصبحن غير مرئيات كليًّا داخل هذه المصفوفة الأبوية. علاوة على ذلك، قد لا يتمكنّ ببساطة من القيام بذلك بسبب نقص الوصول إلى المعلومات المفيدة حول الممارسات الجنسية والسلامة، والعوائق التي تحول دون حركتهنّ الحرّة وعدم قدرتهنّ على مقابلة الشركاء/ الشريكات المحتملين/ات والتمتّع بالخصوصية، نظرًا لأن العديد منهن يعشنَّ مع أقارب ويعتمدن على الآخرين في الرعاية. على سبيل المثال، أخبرتني امرأة شابّة (25 عامًا) مصابة بالشلل الدماغي أنها ترغب في استكشاف حياتها الجنسية، لكنها قلقة من أنّ تشنّجاتها العضليّة لن تسمح لها بممارسة الإيلاج الجنسي. كانت قلقة أيضًا بشأن الحمل غير المرغوب فيه والأمراض المنقولة جنسيًا. قالت امرأة أخرى (33 عامًا) إنها عاشت تجربة جنسية، ولكن بعد أن شوهدت وهي تحضن خليلها في المنزل، لُقّبت بالرذيلة ومنذ ذلك الحين يتعيّن عليها الذهاب إلى فندق لممارسة الجنس (إلا أنهما لا يمتلكان ما يكفي من مال للقيام بذلك متى أرادا).
لا يوجد مزلاج على باب غرفتي. وحتى إذا كنت أرغب في تركيب واحد، فإن أقاربي سيسألونني عن سبب رغبتي في ذلك. لذلك ليس لديّ مساحة للنظر إلى جسدي والاستمناء. عندما كان لديّ خليل، كنت أرغب في ممارسة الجنس ولكنّي كنت أتساءل – أين؟ (بيجيم، امرأة غيريّة الجنس مصابة بشلل دماغي تبلغ 25 عامًا).
هناك فائض من الخجل والذنب والخوف المرتبط بالتعبير عن جنسانيتك خارج إطار الزواج. في أثناء نقاش المجموعة مع النساء المصابات بالشلل الدماغي، استخدمن مرارًا كلمات "إنه مخيف" و"أنا خائفة"، وتحدّثن عن وجوب الإبقاء على العذرية قبل الزواج. لقد تعرّضن للتهديد من قبل أقاربهن بالتبرّؤ منهن إذا ما مارسن الجنس قبل الزواج، وهذا يشمل أن يشهدوا بأنفسهم طقوس إظهار عذرية العروس الجديدة من خلال عرض الملاءات الملطّخة بالدماء بعد الليلة الأولى من الزواج. طلبت مني إحدى المستجيبات أن أشرح أين تقع هذه "العذرية" بالضبط، وكيف يمكنهم التأكد من عدم فقدانها عن طريق الصدفة.
ومن بين القضايا الأخرى المثيرة للقلق والجزع بشأن الإقبال على الزواج وما يترتّب عليه، هو مسألة ما إذا كانت إعاقتهن ستمنعهن من أداء واجبات العروس الجديدة (kelin) التي يُتوقع منها أن تحمل جميع الأعمال المنزلية والرعاية في منزل زوجها – وهو عمل مضني لا يطاق بالنسبة للعديد من الشابات غير المصابات بأي إعاقة. في إحدى الحالات، تم إخراج امرأة تعاني من ضعف السمع (تبلغ 35 عامًا) من المنزل من قبل أهل زوجها "لكونها كسولة" و"تنام كثيرًا". كانت حماتها وأخت زوجها تتوقّعان منها أن تعمل بدوام كامل خلال الأسبوع كخيّاطة، ثم تأتي إلى قريتهم في عطلات نهاية الأسبوع حيث يترتّب عليها القيام بالكثير من الأعمال المنزلية، بما في ذلك رعاية الأبقار وغيرها من الأعمال الشاقّة. كل ذلك أثناء إعتناءها برضيعها.
طلبت والدته تقريرًا كاملًا حول ما أجنيه من مال، ومقدار ما أكسبه كخيّاطة وقيمة ما أتقاضاه من معاش من الدولة. كما أساءت أخت زوجي معاملتي. كلاهما كانتا تتربّصان بي. عندما أنجبت، اعتقدت أنهما ستُساعدانني بسبب حالتي، لكنهما قالتا "أنت من قرّرت إنجاب طفل". من خلال زوجي، استولت والدته على جميع أموالي بحجّة "حفظها". (نور، امرأة تعاني من ضعف السمع تبلغ من العمر 35).
في وقت لاحق عندما اقترحت حماتها أن تُرضع أخت زوجها طفلها، رفضت نور لأنها شعرت أن ذلك يُعَدّ تعدّيًا كبيرًا على هويتها كأم وزوجة. شعرت الامرأتان بالإهانة أمام رفضها، فطردتاها وطفلها من المنزل. منذ ذلك الحين صار زوجها يزورها خلسةً. تباعًا أصبح أكثر ريبةً وتسلّطًا وعنفًا في التعامل معها. هو الآن متزوّج من امرأة أخرى، لكنه يواصل زيارة نور خلسةً. تشعر نور بالخوف منه ولا تعرف كيف تنهي العلاقة. عندما سُئلت عن مساعيها للمستقبل، قالت نور إنّها لا تريد زوجًا لكنّها تريد بناء منزلها الخاص.
سعادة بشروطٍ مختلفة
قد يعاني الأشخاص ذوي/ات الإعاقة الذين لا يتطابقون ظاهريًا مع الأفكار المعيارية للجمال والجاذبية الجنسية من تقبّل أجسادهم/ن، وبالتالي يواجهون مشكلات في حياتهم الجنسية. ومع ذلك وفي بعض الحالات تسمح الإعاقة لبعض الأفراد بالتحرّر من قيود الأدوار والتوقّعات الجندريّة. إن الإقصاء من فضاء الأنوثة يمثّل عائقًا ومنفعة في الوقت عينه. أخبرنا المستجيب من بين الذين لا ينسجمون مع أي مــن خانــات المعيارية الجندرية،19 كيف نجح في نهاية المطاف في محاولاته ارتداء ملابس الصبية:
منذ سن الخامسة كنت أعرف أنني لا أريد ارتداء الفساتين [...] لذلك لم أفعل. إلّا أن الضغوطات المسلَّطة عليّ استمرت حتى سن الثلاثين، لا بل حتى الـ 33 من عمري. لا تزال أمّي تمارس الضغط عليّ. كلما رأتني مع فتاة راحت تسألني "إذن، أنت مثلية؟"، أمّا أنا فكان عليّ أن أنكر كلّ شيء، أن أنكر أنّني ما أنا عليه. لعب عيبي الجسديّ دورًا كبيرًا في هذا الشأن. فحقيقة أنّه ليس لديّ يد، سمحت لي بمواجهة نمائم الناس. كنت أستخدم إعاقتي كعذر، فأقول أنني بحاجة إلى ارتداء السراويل لأن الفساتين لا جيوب لها. كان يساعدني هذا الأمر، لذلك أقول إنني لم أعاني من هذا النقص، لم يمثّل مشكلة بالنسبة لي. [...] ما زلت أعاني من عدم ارتياح داخلي في العلاقة مع جسدي – لكن وبسبب حالة قلبي لا يمكنني الخضوع لعملية جراحية أخرى. لقد أجريت عملية جراحية في القلب ولذا لا يمكنني تناول الهرمونات أو اجراء عمليات جراحية أخرى، لأنني خضعت للتخدير 6-7 مرّات من قبل. لذلك أنا خائف قليلًا الآن، إلى جانب أنني لا أريد أن أجلب العار لأمّي. [...] لا أريد حتى تغيير وثائق هويتي الرسمية. جلّ ما أريده ببساطة هو إجراء الجراحة العلوية.20 هذا حلم يخالجني، لكنني أعلم أنني لا أستطيع القيام بذلك. [...] أتضرّع لله ليغفر لي استخدام حقيقة أنني ولدت بهيأة شاذّة. لقد ساعدني هذا الشذوذ في حياتي. (مير، رجل متحوّل جنسيًا، بدون يد ويعاني من مرض في القلب، يبلغ من العمر 40 عامًا).
هذا التقاطع بين عدم المطابقة (الامتثال) الجندريّ والإعاقة يمكّن مستجيبنا من العيش خارج معياريّة الغيريّة الجنسيّة النمطيّة من جهة، ومعياريّة المعتقدات الحائمة حول أن تكون شخصًا متحوّلًا جنسيًا من جهة أخرى. ولكن، مرونة تبديل الصفة (الضمائر) التعريفية تبعًا للبيئات المختلفة يمثّل تدبيرًا أمنيًا أثناء التنقّل:
لا أنزعج من الضمائرالتعريفيّة، "هي" أو "هو". طوال هذه السنوات كنت أستخدم كلا الضميرين على نحو متبدّل تلقائيًا – في العمل وفي المنزل أنا "هي"، أما في الشارع فأنا "هو". أقوم بالتبديل تلقائيًا. أسمح لخليلتي بمناداتي بما تشاء – حتى إن كانت بصيَغ مجهولة أو غير عاقلة21 إذا رغبت في ذلك، طالما أنه يروقها. فأنا أحبّك ولا يهمّني ما يقوله الآخرون. لا أسمح بذلك للآخرين بالطبع. [...] في بعض الأحيان بل في معظم الأحيان ولأن زوجتي لديها طفل، لا يمكننا إخباره بكلّ شيء، لذا في منزلهما كما هو الحال في منزلي أضطرّ إلى القبول باستجابة إلى الضمير "هي". لكن في الشارع أنا شخص مختلف تمامًا. (مير، رجل متحوّل جنسيًا، بدون يد ويعاني من مرض في القلب، يبلغ من العمر 40 عامًا).
على الرغم من أن منزل العائلة يوصف نمطيًا بأنه مكان آمن للرعاية والحبّ غير المشروط والقبول، إلّا أنّه في الواقع وبالنسبة لكثير من الناس فإن المنزل والشارع ينظر إليهما على أنهما مساحتين غير آمنتين على حدّ سواء. إن تركيبة كلتا المساحتين تعتبر متعذّرةً الوصول إليها وغير آمنة بالنسبة للأجسام وأشكال الإدراك22 غير المعيارية. النساء ذوات الإعاقة على سبيل المثال، يتعرّضن لمعدّلات أعلى من التحرّش والاعتداء الجنسيّ في كلّ من المنزل والشارع مقارنة بغيرهنّ من النساء. أثناء المقابلات التي أجريتها، أبلغتْ جميع النساء عن تلقّيهنّ مقترحات بذيئة من سائقي سيارات الأجرة ومارّة في الشارع وفي وسائل النقل العام. كما أبلغن عن حالات لمس جسديّ غير لائق (مسيء)، ومحاولات اتصال جسدي غير مرغوب فيها من أشخاص مقرّبين منهن وكُنّ يثقن بهم. إضافة إلى حالات عنف وإساءة من قبل الشريك في العلاقات. أخبرتني المستجيبات كيف أنهنّ صادفن غرباء عند محطات الحافلات كانوا يسألونهنّ عن الكيفية التي يمارسن بها الجنس، أو أنهم افترضوا أنهنّ سيسعدن إن طُلب منهنّ إقامة علاقة جنسيّة، (ثمة افتراض شائع أن النساء من ذوات الإعاقة توّاقات دومًا إلى ممارسة الجنس، حيث يُنظر إليهن على أنهن شريكات غير مرغوب فيهن) أو العمل في مجال الجنس. في كثير من الأحيان ينصاع الأشخاص ذوو/ات الإعاقة ذاتيًا لهذه المعتقدات، وبسبب الخوف من الوحدة والفقر يقبلون العلاقات المسيئة وغير المُرضية. يروي لنا المستجيب وهو من الأشخاص العابرين جنسيًا، قصة التقائه بشريكته الحالية:
عندما كُنت في الـ 33 من عمري تعرضت لحادث سيارة وكسرت ذراعي اليسرى، أجريت عملية جراحية وقمت بكلّ ما لزم حينها. قضيت وقتًا طويلًا في المستشفى. اعتراني شعور بالوحدة والخوف... لقد كانت تلك سنة مروعة حقًا بالنسبة لي. استمرّت معاناتي لمدة عامين بعد ذلك. كنت أستلقي وأفكّر، متى سأقابل نصفي الآخر؟ وأخيرا فعلت. عندما كنت لا أزال مستلقيًا في المنزل واضعًا الجبيرة، وبدافع من اليأس وضعت إعلانًا شخصيًا في الصحيفة بعنوان "بليتسينفو" مفاده أنني أرغب في مقابلة فتاة. [...] أوضحت صراحة أنني مصاب بإعاقة في نصف هذا الإعلان حتى لا تنشب أي مشكلات تتعلق بذلك لاحقًا. حتى أنني أتذكّر أنني كتبت بصراحة أنني أبحث عن راعٍ. نعم، كان الأمر مزريًا، كنت في حالة من اليأس، ولم أعد أكترث لشيء. لم أكترث حتى لنفسي إلى حدّ ما. كنت أحاول ببساطة النجاة بطريقة أو بأخرى. فمن سيوظفني الآن... ولكن هكذا، ها نحن ذا ما زلنا معًا. هذه قصتي. (مير، رجل متحوّل جنسيًا، بدون يد ويعاني من مرض في القلب، يبلغ من العمر 40 عامًا).
كانت التبعيّة الاقتصادية والاستغلال من قبل الشركاء/ الشريكات وأسرهم/ن، موضوعات مشتركة ظهرت أثناء المقابلات. أفاد جميع المستجيبين/ات أن مدفوعات التقاعد/ الرعاية الحكومية ليست كافية حتى لدفع فواتير الخدمات، ناهيك عن تحمّل نفقات المعيشة. الحصول على وظيفة واحدة لا يكفي في معظم الأحيان لتحقيق الاكتفاء الذاتي. فعلى سبيل المثال، عمل الشاب ضعيف السمع (البالغ من العمر 22 عامًا) في وظيفتين (كباريستا في مقهيين وفي مطبعة)، بلغ أجره ما يعادل الـ 200 دولار أميركي. لم يستطع إقناع صاحب العمل في المطبعة منحه إجازته المستحَقَّة، وكان يفكّر في ترك تلك الوظيفة لأنها زهيدة الأجر. الأشخاص ذوي/ات الإعاقة لديهم/ن موقع ضعيف في ميزان التفاوض ضمن سوق العمل، وذلك عائد للعبء الإضافي الذي يضيفه واقع التمييز وشحّ الفرص الذي يواجهونه.
بالنسبة للعديد من الأشخاص ذوي/ات الإعاقة، تعتمد قدرتهم/ن في الحصول على العمل المأجور على أقاربهم/ن وشركائهم/ شريكاتهم/ن. قد يؤثر ذلك على حياتهم/ن الرومانسية حيث الأقارب عادةً ما يمنعوهم/ن من تكوين علاقات حبّ مع شركاء/ شريكات "غير مرغوب فيهم/ن" (في حالتين قال المستجيبون/ات إن أمهاتهم/ن لم يسمحن بعلاقتهم/ زواجهم من شخص ما بسبب عرق ذلك الشخص). في إحدى الحالات المتأزّمة، انتحرت الصديقة المقرّبة لإحدى المستجيبات عبر حرق المرآب الذي كانت تشاركه مع طفليها وزوجها. نُقلَت هذه الحادثة في الأخبار على أنها نتيجة شجار بين المرأة التي تعاني من ضعف في السمع وحماتها. وبحسب التقارير، كانت الحماة قد باعت الأرض المخصصة للزوجين لبناء منزلهم وصادرت المال، ووعدت ابنها وزوجته بقدرتهم على العيش معًا في منزلها. لكن خلافًا لهذا الوعد، أخرجت الحماة الزوجين من منزلهم واضطروا للعيش في مرآب غير مناسب للسكن (وقع الحادث في شباط 2019).23
من الملفت أنه عندما سُئل المستجيبون/ات عن تصوّرهم/ن للحياة الرغيدة، لم يشر معظم المستجيبين/ات إلى النعيم المنزلي أو القصص الرومانسية. بل رأوا في العمل والإبداع والرياضة والانتماء إلى مجتمع معيّن المصادر الرئيسية للسلامة (الرفاه) النفسية.
يساعدني الجري في الماراثون على الحفاظ على التوازن فيما يتعلّق بأعصابي ومختلف أفكاري. [...] عندما أركض لا أفكر في أي شيء آخر، أنا أركض فقط. [...] أنا سعيد لأنني اكتشفت هواية الجري في الماراثون. إنه يشعرني بالسعادة لكوني على قيد الحياة. (ساشا، يعاني من ضعف في السمع وهو رجل مثلي يبلغ من العمر 22 عامًا).
خلاصة
لا يمكن أن تنحسر أيّ محاولة جدّية لتعزيز السعادة في الحيّز الشخصي، بل لا بدّ لها أن تتَّحد مع الجهود الساعية لتغيير عالم أكبر يقف عائقًا صلبًا أمام تحقيق فرص أرحب للسعادة في حياة الكثيرين. أوعلى الأقل، السعي وراء السعادة لا بدّ أن يرفض أي نوع من التخلّي عن السعي وراء التماس ذاك التغيير الأشمل
- لين سيغال (2017: xv).
ترسّخ هذه الدراسة على نحو مُبين استحالة تحقّق مشروع "خاص" للسعادة في ظل استحكام مظالم اجتماعية كبرى. فيما خصّ المستجيبين/ات في بحثي، إن سبب عدم قدرتهم/ن على المشاركة في المشروع الجنسي الزوجي وبالتالي بالمسعى وراء الوعد بالسعادة، لا تعود جذوره إلى عيوبهم/ن الشخصية أو إلى طفولتهم/ن المضطربة أو إلى سلوكياتهم/ن ذات الإدراك الذاتي المنقوص، بل إنها تتشكل من باطن القوى الهيكلية والمؤسسية التي تستحكم بالحركية غير المتكافئة لفواعل القوى والفرص في المجتمع. لذلك يجدر بنا إعادة رسم تصوّرنا المفهوميّ لمشروع السعادة، من نموذج فردانيّ الطابع إلى نموذج "السعادة الجمعيت".24 صاغت أدريان ريتش لأول مرّة مصطلح "السعادة الجذرية" في وصف الفرح الذي ينبع عن اللحظة التي يتشاطر فيها الناس "الشعور بالمشاركة الحقيقية في المجتمع" (ريل شاينج نيوز، 2001). لقد اعتمدت أدريان على مفهوم أرندت عن "السعادة الجمعيّة" (عن الثورة). في سياق مشابه، كتبت جوديث بتلر عن "الحياة المحفوفة بالمخاطر"25 مؤكّدة أن استيعاب هشاشة الحياة هو ما يجعلنا بشرًا (2006). وعليه، لا ينبغي أن تسعى رؤيتنا لمجتمع مثالي الى تبنّي تصوّر فاشيّ، حيث يكون الأفراد متمتّعين/ات بالاكتفاء الذاتي الكامل وقادرين/ات جسديًا وذوو/ات إدراك فرداني،26 بل يجب أن نعترف ونحتفل بكوننا جميعًا نعتمد على بعضنا الآخر على نحو سخيّ وعميق.
لذلك يجب علينا تسخير"وجهة النظر الكونية" للإعاقة، العائد لـ إيف سيدجويك ووضعه مكان مقاربة "الأقلّية". وكما عبّرت روزماري جارلاند-طومسون بجمال، فإن الإعاقة هي أكثر التجارب إنسانية، والتي تتطلّب معالجة الترابط البشري والحاجة الكونية للمساندة في خطابنا اليومي حول الحقوق والذاتية (2002، ص.10). في اقتباس منسوب إلى عالمة الأنثروبولوجيا مارغريت ميد، التي اشتهرت بأنها اكتشفت أقدم دليل على الحضارة الإنسانية، وهو لهيكل عظمي عائد لإنسان كان قد عانى من كسر في عظم الفخذ وشُفي. هذا يعني أن شخصًا ما حمل هذا الإنسان إلى مكان آمن، واعتنى به لفترة كافية ليتعافى الكسر. في زمن جائحة كوفيد 19، أصبح من الجليّ أن بقاءنا ورفاهيتنا يعتمدان على قدرتنا على التعاون وإنشاء شبكات للرعاية والدعم المتبادلَين. تعتمد صحّة وازدهار كل شخص على إمكانية الحصول على الرعاية الصحيّة والمأوى والأمان وجملة الظروف المعيشية اللازمة لحياة لائقة للجميع.
- 1. أ جريت الدراسة عام 2018 بالتعاون مع منظمة "لابريس" المعنية بشؤون مجتمع الميم ومقرها بيشكيك. مُوّلت الدراسة على شكل منحة متواضعة من غرندر إيكواليتي. انتُقي الباحثون المشاركون من ضمن المجتمع المبحوث، وتم تدريبهم على أساليب البحث وجمع البيانات. جمع الباحثون أكثر من 90 مقابلة معمقة أخذت طابع السيَر الذاتية مُركّزةً على التاريخ الجنسي للمستجيبين/ات وهوياتهم/ن الجندرية والطابع الشكلي لأجسادهم/ن وعلاقاتهم/ن، كما تظهر في تلك المقابلات كذلك قضايا الإعاقة. سيتضمن هذا التحليل بعضًا من تلك المعلومات. أجريت الدراسة في فصلي الخريف والربيع من العام الدراسي 2018-2019، وجمعت بيانات أولية جديدة ركزت بشكل خاص على الأشخاص ذوي الإعاقة – معظمهم/ن من المصابين/ات بالشلل الدماغي وضعاف السمع/ الصم. لقد أجريت مجموعتين صغيرتين من مجموعات النقاش المركز، واحدة تضمنت ثلاث نساء مصابات بالشلل الدماغي والأخرى تضمنت امرأتين تعانيان من ضعف في السمع، بالإضافة إلى أربع مقابلات فردية معمقة. بالإضافة إلى ذلك، أجريت مقابلة مع الخبيرة غالينا تشيركينا، رئيسة تحالف الصحة الإنجابية (شريكة الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة في قيرغيزستان). كان من الضروري الإستعانة بمساعدة من مترجم/ة لغة الإشارة أثناء المقابلات مع الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع والصم، الأمر الذي سهّل عملية التواصل بين الباحثة والمستجيبين/ات وزادها تعقيدا في آن. لست متأكدة ما إذا قد فُقدت بعض المعاني أواكتُسبت في خضم عملية الترجمة. إلا أنه كان من الواضح أن وجود شخص آخر، جعل بعض المستجيبين/ات غير مرتاحين/ات، مما دفعهم/ن للإحجام عن مشاركة بعض جوانب حياتهم الجنسية وخبراتهم. فقد كان من الجلي كذلك أن الظروف التي طلب فيها من المتحدثين الكلام لم تحظى بالسرية، على الرغم من أنني وعدت بإخفاء هوية الشهادات المفرَّغة. في إحدى الحالات، وصف شاب يعاني من ضعف في السمع علاقته العاطفية والجنسية السابقة بأنها علاقة غيريَّة، كان ذلك في جلسة بحضور المترجم/ة، بعدها راسلني شخصيًا ليوضح أنه كان يشير في الواقع الى شريك ذكر عند الحديث عن علاقته العاطفية. تم تغيير أسماء جميع المستجيبين وتفاصيل هوياتهم/ن الشخصية في هذا العمل.
- 2. يُفضّل استخدام لفظة الـ "نسائية" لأنها تحمل دلالة أكثر جندريّة ما يخدم هدف الكاتبة النقدي. (المترجمة)
- 3. أو السعادة الإلزامية أو بالإكراه. (المترجمة)
- 4. The managed Heart: العنوان لم يترجم الى العربية من قبل. (المترجمة)
- 5. اليقظة أو الإدراك الموجه نحو خدمة الصالح الفردي، لذلك استخدم اصطلاح الأنويّة (McMindfulness). (المترجمة)
- 6. القيمة الذاتيّة التي تكمن في الإنجاز والرضا النابع عن تحقيق الشخص لمآلاته. (المترجمة)
- 7. هنا نعني علاقة زوجية بالمفهوم غير الممأسس بالضرورة. (المترجمة)
- 8. أو الأصح إصطلاحًا، دول الشمال العالمي. (المترجمة)
- 9. affect aliens
- 10. هنا نعني بالتأويل، المنهجية التأويلية التي تُعنى باستنباط معنى المشاكل التي تنشأ عند التعامل مع الأفعال البشرية والنصوص. (المترجمة)
- 11. ي شمل مصطلح "الإعاقة" مجموعة واسعة من الحالات النفسية والجسدية والأمراض المزمنة. في إطار هذه الدراسة المتواضعة، تحدثت إلى أشخاص مصابين بالشلل الدماغي ودرجات مختلفة من ضعف السمع. إحدى المقابلات (من دراسة الجنس الكويري مع لابريس) أجريت مع رجل متحوّل جنسيًا ولد بدون يد يمنى وبمرض في القلب. الشلل الدماغي هو نوع من أنواع الإعاقة الحركية التي تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة على شكل مجموعة من الأعراض: تصلب العضلات وضعفها ونوبات من الإرتعاش وضعف التنسيق الحركي بالإضافة إلى مشاكل الحواس بما في ذلك الرؤية والسمع والبلع والتحدث. تظهر حالات فقدان السمع والصمم على نطاق واسع مع مختلف المستجيبين/ات في هذه الدراسة الذين لديهم قدرات متفاوتة للتواصل مع الأشخاص الذين يسمعون والأشخاص الذين لا يسمعون (ذوي/ات قوقعة الأذن الصناعية، وذوي/ات معرفة بلغة الإشارة وقدرة على قراءة الشفاه والإيماء بها). بعض الأشخاص الذين لا يسمعون لا يعتبرون حالتهم مرضًا، بل يعتبرونها حالة اختلاف ويرون أن جهود "علاج" الصمم هي محاولات لمحو ثقافة الصُم. تتلازم هذه الأفكار مع النظرة الاجتماعية البِنائية (النموذج الاجتماعي) للإعاقة – الفكرة القائلة بأن الإعاقة ليست نتيجة سببية لحالة بدنية معينة، بل ان النهج المعياري الذي يتم به تنظيم المجتمعات والبنى التحتية لتلبية حاجات الأجساد الـ "قادرة"، هو السبب وراء عرقلة الأجساد غيرالمعيارية.
- 12. بمعنى مأسسة الحياة الفردية، لاسيما ما يتعلّق بالخيارات البدنية والحياة العاطفية كالعائلة وما شاكل من مؤسسات الأحوال الشخصية كما يُصطلح عليها في الدول العربية. (المترجمة)
- 13. وهنا تكون نقطة التركيز على الظلم باعتباره عنفًا (كما العنف الإجتماعي أو السياسي) تأويليًا أو معرفيًا، وهو فعل تمارسه أو/و تديره مؤسسات الدولة، لاسيما من خلال قطاع إنتاجها المعرفي والاعلامي ضدّ الفئات الأكثر تهميشا أو/ والأكثر تمرّدًا، بفعل موقعها من علاقات الإستغلال في المجتمع الطبقي، والتي تتخذ تمظهرات جندرية وعنصرية وغيرها من الأنماط الظاهرية والتصنيفات/ الأنواع الجنسانية. (المترجمة)
- 14. ترجمة الظلم بالشهادة مستوحاة من الأدبيات الإسلامية التي تعالج مسألة شهادة المرأة وقيمتها المقارنة بشهادة الرجل. (المترجمة)
- 15. وقيمة قول الفرد. (المترجمة)
- 16. الترجمة الحرفيّة من اللغة الإنجليزيّة: غياب فئة تفسيريّة مواتية. (المترجمة)
- 17. أو "إنجاب طفل من أجل نفسك". (المترجمة)
- 18. أو الفروض الزوجيّة فيما يتعلق بالعمل المنزلي وتلبية حاجات الزوج. (المترجمة)
- 19. gender non-conforming
- 20. Top surgery
- 21. الترجمة مستقاة من أنماط الجمع في اللغة العربية، بين جمعي المذكر والمؤنّث السالم وأما ما عداه من صيغ جمع لما هو دون التأنيث والتذكير فهو غير عاقل. هذا أقرب ما يمكن محاكاته للضمير (It) بالإنجليزيّة، وإلا فأمكننا استبدالها بأحرف الإشارة (هذا – الشيء أو ذاك...). (المترجمة)
- 22. أو الإجراء الذاتي غير المعياري، كأفضل تسييق لمفهوم psyches الوارد في الجملة المعنيّة. (المترجمة)
- 23. https://www.currenttime.tv/a/29767997.html
- 24. أو السعادة العامّة في ترجمة حرفية. (المترجمة)
- 25. أو "حياة القلاقل". (المترجمة)
- 26. اللفظة العربية تعود للسلوك والإدراك الإجتماعي المبني على أساس المصلحة الفردية المتناقضة في تكوينها ومساعيها عن الصالح العام. وهو مفهوم عائد للمدرسة الليبرالية ومن منظّريها الرواد توماس هوبز. (المترجمة)
“Adrienne Rich: Standing at the Intersection of Art and Activism,” Interview by Pat Simpson, Michele Marchand, and Anitra Freeman. Real Change News, April 19, 2001 https://www.english.illinois.edu/maps/poets/m_r/rich/onlineints.htm
Ahmed, Sara. The Promise of Happiness. Duke University Press, 2010
Arendt, Hannah. On Revolution. Penguin Classics, 2006.
Brown, Adrienne Maree and Walidah Imarisha, eds. Octavia’s Brood. Science fiction stories from social justice movements. AK Press, 2015
Butler, Judith. Precarious Life: The Powers of Mourning and Violence. Verso, 2006
Davies, William. The Happiness Industry: How the Government and Big Business Sold Us Well-Being. Verso, 2015
DePaulo, Bella. Singled Out: How Singles are Stereotyped, Stigmatized, and Ignored, and Still Live Happily Ever After. St. Martin's Press, 2007
Dolan, Paul. Happy Ever After: Escaping the Myth of the Perfect Life. Allen Lane, 2019
Ehrenreich, Barbara. Bright-sided: How Positive Thinking Is Undermining America. Picador, 2010
Emens, Elizabeth F., “Compulsory Sexuality,” 66 Stan. L. Rev. 303, 2014
Essig, Laurie. Love, Inc. Dating Apps, the Big White Wedding, and Chasing the Happily Neverafter. University of California Press, 2019
Friedan, Betty. The Feminine Mystique. W.W. Norton Company, 1963
Fricker, Miranda. Epistemic Injustice: Power and the Ethics of Knowing. Clarendon Press, 2007
Garland-Thomson, Rosemarie, “Integrating Disability, Transforming Feminist Theory,” NWSA Journal 14(3), Feminist Disability Studies (Autumn, 2002): 1-32
Hochschild, Arlie Russell. The Managed Heart: Commercialisation of Human Feeling. University of California Press, 2012 (first published in 1985)
Illouz, Eva. Why Love Hurts: A Sociological Explanation. Polity, 2013
Kislev, Elyakim. Happy Singlehood: The Rising Acceptance and Celebration of Solo Living. University of California Press, 2019
McRuer, Robert. Crip Theory: Cultural Signs of Queerness and Disability. New York University Press, 2006
Sandal, Carrie, “Queering the Crip or Cripping the Queer?: Intersections of Queer and Crip
Identities in Solo Autobiographical Performance,” GLQ: A Journal of Gay and Lesbian Studies 9 (1-2), 2003: 25-56
Sedgwick, Eve Kosofsky. Epistemology of the Closet. University of California Press, 1990
Segal, Lynne. Radical Happiness: Moments of Collective Joy. Verso, 2018
Solnit, Rebecca. Men Explain Things to Me. Haymarket Books, 2014
Shatalova, Oksana and Georgy Mamedov, eds. Sovsem Drugie. Sbornik feministskoi i kvir-fantastiki [Utterly Other. A collection of feminist and queer science fiction]. Bishkek: STAB-Press, 2018
Shchurko, Tatsiana. “‘Compulsory Motherhood’: the Female Reproductive Body as Regulated by the State (Based on the Analysis of the Newspaper ‘Sovetskaia Belorussiia’),” Laboratorium, 2, 2012: 69-90
Timofeeva, Daria. “In Kyrgyzstan a mother and her two children have burned alive. Neighbours suspect suicide due to a family conflict,” Current Time, 13 February 2019 https://www.currenttime.tv/a/29767997.html