م ر ك ب ا ت (ديسمبر ٢٠١٨- يونيو ٢٠١٩) | السودان

السيرة: 

شاعرة سودانية كويرية لديها شعر في روحها وحنين إلى الحرّية.

اقتباس: 
ب. ر.. "م ر ك ب ا ت (ديسمبر ٢٠١٨- يونيو ٢٠١٩) | السودان". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 5 عدد 3 (18 ديسمبر 2019): ص. 16-16. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 22 ديسمبر 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/fragments.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
ترجمة: 

خلود فواز باحثة ومروجة صحية ومترجمة. حصلت على درجة البكالوريوس في علوم المختبرات الطبية وهي حاصلة على درجة الماجستير في الصحة العمومية من الجامعة الأمريكية في بيروت. تشمل اهتماماتها البحثية الرئيسية الصحة الجنسية والإنجابية وصحة مجتمع الميم والمشاكل الصحية بين السكان المشردين/ات. شاركت في المساحات النسوية، وهي عضو في تعاونية الضمة النسوية المحلية، ونادي السنديانة الحمراء في الجامعة الأمريكية في بيروت وهي مجموعة طلابية يسارية. تشمل خبرتها المهنية البحوث الطبية الحيوية في المركز الطبي للجامعة الأمريكية في بيروت، وإعداد التقارير في اليونيسف، وتعزيز الصحة في منظمة أطباء بلا حدود (MSF) مع التركيز على العنف الجنسي بين السكان اللاجئين/ات، وترجمة وتحرير مختلف مواد الصحة الجنسية والإنجابية و مواد نسوية لمشروع الألف وكحل على التّوالي.

 

1- النساء اللواتي اعتقلن من المظاهرات كنّ يغنيّن أغانٍ ثورية من داخل السجن. صورة مبنىً محاط بجدران عالية والكثير من رجال الأمن مع صدى أصوات النساء وزغاريدهنّ، يختنقن بعناد جراءهنّ. لا يمكن هزيمتنا إطلاقاً. نحن النساء. نحن الفتيات. ولا حتى آلهة هذه الأرض الكاذبة. "المجد لإله الأشياء غير المقتولة. إله النساء اللواتي يرفضن أن يمتن".1

2- مسيرة، بدأ التظاهر. الناس يتجمعون. الأعداد تتزايد. توصم بداية الهتافات بالغاز المسيل للدموع والرصاص الذي يطلق. تتبعها مباشرة أصوات زغاريد النساء- هذا الصوت يعيد قلبك الى مكانه بعد أن قارب أن يسيطر عليك الخوف والرغبة في الهروب. أصبحت الزغرودة عادة في بداية كل مسيرة. بهذا الصوت وحده، يمكن أن تعرفي أنه مهما حصل، رصاص، غاز مسيل للدموع، موت، نحن منتصرات.

3- أنا متمردة. أكذب على أمي بأني ذاهبة للعمل لكي أتظاهر. برّي، حيّ في الخرطوم، كان أسهل وأقرب مكان بإمكاني الذهاب اليه. كنت خائفة ومتحمسة لفكرة أن أموت في ذلك النهار. كتبت رقم أختي على يدي في حال اختفيت. وصلت متأخرة بضع دقائق. كانوا قد بدأوا رمي قنابل الغاز المسيل للدموع. الناس يركضون بالإتجاه المعاكس. أنا أيضا بدأت بالركض. رئتي كمدخنة لم توصلني بعيدا. توقفت لألتقط أنفاسي وأفكر الى أين عليّ أن أتوجه من موقعي. أعطتني فتاة في سيارتها قنينة مزيج من الخلّ وخميرة البيرة، المكون السرّي لتسكين شعور الحريق الناتج عن الغاز المسيّل. لم تتفوه بكلمة. أعطتني القنينة مع ابتسامة وأكملت طريقها. كنّا نساند بعضنا البعض. الثائرات. النساء.

4- شارع مقر قيادة الجيش. في أحد أيام نيسان. آلاء صلاح، مرتدية ثوبا أبيضا، اللباس التقليدي للنساء السودانيات. واقفة على ظهر سيارة. بكل عظمة امرأة. امرأة سودانية. إلهة على الأرض. تهتف بصوت جهوريٍّ كشمس. الناس حولها يردون "ثورة" بعد كل سطر من الهتاف الذي كانت تردده. سافرت هذه الصورة حول العالم. أصبحت هذه الصورة رمزا لثورة. إمرأة.

5- تحت أمطار رصاصات النصر. بعد أن أُعلن إبن عوف رئيسا للمجلس العسكري، خلفا لعمر البشير الذي سقط، استقال. الزغاريد في كل مكان. ناس يحتفلون ويهتفون. بعد منتصف الليل كان كساعة الذروة. كنت معها. لأول مرة بعد انفصالنا. قلبي مبلل بالشوق وينبض من أوردته من الحماس. أعطيتها دفترا حيث اعتذرت في قصائد، على أمل أن تعود إلي. لم تعد لي. اعتدنا المزاح حول التقبيل في وسط شارعٍ رئيسيٍّ إحتفالا بسقوط الحكومة.

6- رمضان/ في وقت ما من مايو. كانت حديقة جامعة الخرطوم جزءًا من الاعتصام الذي حصل في مقر قيادة الجيش والمناطق المحيطة به. كنا مستلقين على العشب، ومغطّين أنفسنا بشراشف. شباب وشابّات، وفتاة معيّنة جعلت قلبي ورديا. كانت السماء هي الإله الوحيد الذي يراقبنا. وعلى الرغم من أننا سمعنا أصوات إطلاق نار هنا وهناك، علمنا أن هذا النوع من إطلاق النار ليس خطيراً. رصاص احتفالي، أو بعض الجنود يغيظون بعضهم البعض. إستلقينا وجلسنا هناك نغني جميع أنواع الموسيقى، ودخان السجائر يشكّل غيوما فوقنا. كانت الحرية هي الهواء الذي كنا نتنفسه في تلك الليلة. ثورة تحولت إلى العالم الذي نريد أن نعيش فيه. الموسيقى، السجائر، السلام، وفتاة بإمكانها أن تجعل القلب وردياً.

7- في الليلة الأخيرة التي قضيتها في الاعتصام، كانت السماء تمطر. أمطار لطيفة وناعمة. جلسنا حتى الفجر أنا وبعض الأصدقاء، نقرأ قصائد درويش والقصائد التي كتبناها من قبل، ونردد هتافات الثورة التي حفظناها جميعًا عن ظهر قلب من ديسمبر حتى يونيو. كان قلبي فرحا، وروحي حرة. تحدثت النساء اللاتي قابلتهن في الاعتصام عن الأوقات التي قُبض عليهنّ فيها. الأوقات التي فروا فيها من الشرطة والرصاص والغاز المسيل للدموع. سردن هذه القصص مع الضحك والفرح. كنّ من النساء اللواتي اعتقدت أنهن شجاعات، غير قابلات للهزيمة، آلهات، وكنت فخورة بمعرفتي لهن. وتمردنا معا. وتذوقنا الحرية تحت نفس الهواء.

8- كان الثالث من يونيو هو يوم تفريق اعتصام مقر الجيش. حُرقت روحي ودُفنت هناك مع كل ما كنت عليه عندما كنت هناك. أنا لن أقدر أن أكون نفس الشخص مجددا.


 

 

  • 1. دومينيك كريستينا
ملحوظات: