تشويه الأعضاء التناسلية ام البتر ام الختان؟ منظور امرأة نوبية

السيرة: 

منّة آغا باحثة دكتوراه في جامعة أنتويرب. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية ودرجة الماجستير في التصميم. يدرس بحثها الحالي دور العمارة في التوترات الجندرية ضمن سياقات إعادة التوطين القسري، مع التركيز على القضية النوبية. منّة من الجيل الثالث لنازحي/ات فاديكا النوبيين/ات، ولديها خبرة عملية في مجالات الأكاديمية والتنمية وممارسة العمارة.

اقتباس: 
منّة آغا. "تشويه الأعضاء التناسلية ام البتر ام الختان؟ منظور امرأة نوبية". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 4 عدد 2 (2018): ص. 205-211. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 09 نوفمبر 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/fgm-cutting-circumcision.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (605.42 كيلوبايت)
ترجمة: 

ناشطة نسوية فلسطينية، مترجمة، ومدّونة على suhmatiya.wordpress.com، مقيمة في بيروت. تخرّجت بإجارة في العمل الإجتماعي والتنظيم المجتمعي من الجامعة اللبنانية الأميركية عام 2016. تعمل حالياً كمنسقة الخط الساخن للجنسانية في مشروع الألف، جمعية معنية بشؤون الجنسانية والجندر والعدالة الإنجابية، كما أنها عضو في تعاونية الضمّة النسوية.

ep1.png

ورد زرّاع

ملحوظة:

كتب هذا المقال باللغة الانجليزية وتمت ترجمته إلى العربية. الورقة تحتوي على نزاعات بين الكاتبة واللغة الانجليزية في سياقها المجتمعي.

 

كأغلب النساء النوبيات اللواتي ولدن في قرى التهجير،1 خضعت لإستئصال البظر خلال أولى أسابيعي على الأرض، على يد طبيب مدرّب ومتعلم ومرخص. غالبا ما كان الأطباء في مستوطنات النوبة قد عُيّنوا من شمال مصر؛ وقد تمّ إعتبارهم متحضرين وموثوقين ومطّلعين غالباً، كونهم أحد العوامل "المحدّثة" التي وُعِد بها النوبيين بعد إعادة إسكانهم. لكنهم لم يظهروا سوى القليل من المعارضة ضد تلك الممارسة. على العكس، تلك الممارسات عندما تمت بعد الإستقرار كانت على يد خبراء طبيّين، كانوا يقومون بزيارات منزلية لإجراءها على المولودات الحديثات وصغيرات العمر. كونهم في الغالب كانوا مسلمين، كان الأطباء أو الممرضون يقومون عادةً بقراءة بعض المراجع الدينيّة التي ترجح تلك الممارسة. بالرغم من أنّ الدولة المصرية والمرجع الديني المُعتمد لديها، أي الأزهر،2 يرفضون الممارسة بشدّة، إلى أن النقاش غير الرسمي بين المؤيدين والرافضين للممارسة ما زال جاريا، والحجج الباعثة على الاشمئزاز تصدر من الجهتين.

أمّي تذكر بأن العملية كادت تقتلني. لم أخف تلك القصص عن وقت لا أتذكره، وبالرغم من ذلك، كنت قلقة ترقّباً باللحظة التي سيتوجب عليّ مواجهة القرار الذي أُخِذ عني. تخفيف وإدارة ما تركه ذلك "الختان" كان أكبر مخاوفي منذ بدأت بالتفكير في إمتلاكي لحياة جنسية. لذا، كما يفعل أغلب جيل الألفية، بحثت في جوجل: كتبت "ختان الإناث" بالإنجليزية، آملة أن أجد معلومات ذات صبغة إيجابية-الجنس. البحث لم يعطني إلا وصف لـ"تشويه الأعضاء التناسلية للإناث". لعدة صفحات، ظهرت على الشاشة أهوال تلك الممارسة، متسخدمةً التعبير نفسه، "تشويه الأعضاء التناسلية للإناث". تصفحت المحتوى الدموي والتلصصي التي تعرّف "المتوحّش"، لأجد إدانة جامعة لممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

لم يصف المصطلح ما أشعره حيال نفسي. بالرغم من أنني دُرِبت على أن أشعر بالإنفصال عن هذا الجزء من جسدي، إلى أنّني لم أشعر بأنّي شُوِهت. المصطلح الذي تم تعليمي ياه والذي سمعته تكراراً وأنا أكبر هو "الطهارة". يشمل هذا المصطلح الختان لكلا الجنسين ويحمل معه مزيج من المعاني (معقم، ونظيف، ومقدّس)، كما لديه طابع دينيّ بالتأكيد. هو نفس المصطلح الذي يُستخدم للوضوء قبل الصلاة. عكس الختان،3 كلمة مستخدمة مسبقاً وغالباً ما تكون في سياق الإدانة، الطهارة مصطلح يُستخدم في اللهجة اليومية من قبل أشخاص أصبحت هذه الممارسة عادية بالنسبة لهم. الكلمة الإنجليزية للـ"ختان"، وقد إكتشفتها في مرحلة لاحقة في حياتي، عادةً ما تصف تقنيات الممارسة بدلاً من أن تحمل أي قيمة معنوية. لكنّي إعتمدتها كمصطلح في بحثي لأنّي آمنت حينها أنّ إستخدام الكلمة الإنجليزية الأصل سيكون أكثر إفادة لأجد معلومات مفتوحة ثقافيّاً.

لابربيرا (2009) تضع مصطلحات كـ"ختان الإناث" و"تشويه الأعضاء التناسلية" و"البتر" في مواجهة بعضها البعض. فهي تجد أن إستخدام كلمة "تشويه" في الأكاديميا يأتي بنتيجة عكسية كونها تخضع لتقييم نابع من النظرة الغربية، بينما تستخدم كلمة "الختان" عادةً ضمن المجتمعات التي تقوم بالممارسة لكي تماثلها بختان الصبيان. أمّا من جهة أخرى، فمصطلح "بتر الأعضاء التناسلية" يستخدم من قبل النشطاء لكي يتجنبوا عدم الوعي الثقافي الذي يحمله مصطلح "تشويه"، ولكنه مصطلح لا يزال يوصل حدّة الممارسة. أمّا مصطلح "تشويه الأعضاء التناسلية" فهو ملتبس بالنسبة لي؛ فالمصطلح يعامل المجتمعات التي تمارسه بلغة تحقيرية، كما أنّه يلعب دور "الحضارة"، أي الكيان الفوقي الذي يحق له تعريف وتحديد خصال الجمال والحضارة، وحتّى الإنسانية. أؤمن بأنّ تلك الدينامكيات قد أُنتِجت بدايةً عبر العلاقات الكولونيالية. إستطراديّاً، تعريف تشويه الأعضاء التناسلية يأتي من العلاقات الكولونيالية الحديثة وحاجتها بصنع هويّات الضحية.

شخصيا، أعاني في تركيب مصطلح يعبّر عن الممارسة، وأتأرجح بين المصطلحات الطبيّة، كإستئصال البظر، والختان في اللغة الإنجليزية في محاولة فاشلة للموضوعية. بالرغم من أنّها شارحة وتشريحيّة، إلى أنّ هذه المصطلحات لا تحتوي حقيقة موضوعية: مغزى ونتيجة هذه الممارسة، منقولة عبر الكلمات، ليست بخفية. أمّا في اللغة العربية، فأميل إلى تجنب إستخدام أي مصطلح، كون كل المصطلحات تحمل أعباء معنوية أرفض الإعتراف بها، مما يجرّني إلى مقاومة تدريبي الأكاديمي الذي يدفعني نحو إيجاد وإستصلاح التسميات المناسبة. لا يمكنني أن أركّب مصطلح لما هو عندي – أو ليس عندي – طالما حييت. أرفض أن أعطيه إسم كما فعلت مع إبنتي. فشلي في تسميتها لا يمنعني من المناقشة ضد إستخدام المصطلح السائد، تشويه الأعضاء التناسلية، بشكل واسع في الكتابات الأكاديمية وضمن وكالات الإنماء كوكالة الأمم المتحدة للنساء.

بالإضافة إلى ميولاتها الغربية النخبوية، فالدلالات الجمالية لمصطلح "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية" تعقّمها عبر فصل الممارسة عن طبيعتها وهدفها الجنسيين. المصطلح يستحضر إلى ذهني صورة كاريكاتور لرجال ونساء في بدلات باهضة يجتمعون في مبنى باهض كي يستخلصوا خطط "إنمائية" للأشخاص اللواتي يشبهنني. هؤلاء الناس البيض لا يزالون يحملون معهم تراث أرستقراطي ينظر بدونية إلى الأمور الجنسية ويفضلون الإنشغال بالأمور المتعلقة بالتجميل. للسخرية، تعقيم وتطهير جنسانية النساء مرتبطان بالبتر للأعضاء التناسلية نفسه، والذي بحد ذاته يعتبر جنس عند النساء ولذتهم قذرين. بالإضافة لذلك، كلمة "تشويه" تجعل من الممارسة أمراً بعيدا عن التجربة الشخصية لشخص من سياق غربي، بالرغم من قرابته التقنية والأخلاقية لممارسات في الغرب، كالجراحة التجميلية للأعضاء التناسلية النسائية، والتي يجادل رودريغيز أنّها تهدف إلى جعل المهبل أكثر "فائدة" – وهي ذات سردية بتر الأعضاء التناسلية.

في أوائل مراهقتي، سألت أمّي لما وافقت على ختاني، خاصة لأنها كانت تُعتبر إمرأة "مثقفة" و"معاصرة". أجوبتها كانت تتغير عبر السنين، لكنها غالباً ما كانت تتمحور حول الجماليات: قالت بأن النساء اللواتي يملكن بظور كبيرة يشبهن الرجال، مما يجعلها عملية تجميلية. لم تكن تفسر لما وجدت لها حاجة في حالتي. إنّما كانت تذكرني بأننا، النوبيات، متقدمات، بمعنى أنّنا لم نعد نجري الممارسات الفرعونية4 الأكثر حدّة. كانت تلك التفسيرات التي تدّعي العلم مبتكرة، سردية متداولة تقف بين الثقافة السائدة في مصر والتقليد، وهو من آخر الأشياء التي ورثناها من أرض ضاعت. وكانت قد أُنتِجت من قِبل جيل من النساء النوبيات اللواتي تعلمن في نظام مصر الدراسي الحديث، ولكنهن خضعن لسلطة تقاليدهن.5

الحاجة لحجج منطقية وصياغة سردية ضمن النساء النوبيات – كأمّي – قد ابتدأت تحت الضغط من قبل ثقافة نخبوية في مصر، تناقلها إعلام النظام والمنهاج الدراسي. تخاط هذه الصياغة المبتكرة إلى حد جعل الجماليات إجابةً على السرديات الكبرى المسيطرة حول "تشويه الأعضاء التناسلية للإناث". يمكن قراءة هذه السرديات المصاغة بشكل واضح في عمل فدوى الجويندي عن النساء النوبيات. ورقتها، "’إذا كان هذا وجهك، هل كنت تركتيه كما هو؟‘ الختان النسائي عند نوبيات مصر" (2006)، هي توثيق للنساء النوبيات وهنّ يناقشن سردية مناسبة، تتمحور حول الحقوق الجمالية كما يوحي العنوان، وهو ما تبقي الباحثة ذهنها منفتحاً حياله. مع هذا التفسير، الباحثة التي تملك قوة النشر عن وتعريف الأنوثة النوبية، تهدف إلى تجنب إستخدام صفات كـ "بربرية".

حجّة أمّي، وهي حجة تُستخدم من قِبل جيلها، كانت بمثابة دفاع "معاصر" عن تقاليدها، خاصة عندما تُواجه بحملات ضد الختان على التلفاز المصري. كما أنّها ردّ على السرديات التي جلبها الباحثون والأنثربولوجيون أيضاً عند دراستهم للنوبيين منذ تشريدهم في الستينات، والتي تستبعدهم عبر إيصالها النخبوي للرسالة. الحجّة الجمالية، إذاً، تستخدم اللغة العلمية-الزائفة ومفردات الباحثين النخبويين. عند التأمل بالماضي، أجد أن سؤالي لأمي كان نتيجة السرديات النخبوية في الإعلام والأكاديميا. لم أكن أعي ثقل العبء ولا إلى أي مدى يصل ختاني، ولكني رأيت نفسي في عيني تلك المرأة البيضاء على التلفاز: إنسانة درجة ثانية ودليل على الجهل، موصومة على أنّي الفلاحة المختنة للأبد. لأنّي لم أضع اللوم على أمّي بناءً على الجنسانية، حجّتها الجديدة كانت مقبولة حينها.

الإبتكار في تلك التفسيرات عن بتر الأعضاء التناسلية بات واضحاً مقارنة بالحجج المختلفة لدى جدتي، وهي من جيل لم يكن بحاجة للنقاش أو الردّ على الإتهامات بالبربرية. جوابها جائني صريحاً مغلّفاً: "لكي تصبحي فتاة جيّدة؛" "لكي تجدي السعادة مع زوجك؛" "لكي تصبحي مهذّبة" – كلها عنت، "كي تخمد رغبتك الجنسية". المغزى الحقيقي وراء الختان هو جعل المرأة "لاجنسية"، وبالتالي ضمان عذريتها، ثمّ، "فضيلتها". بينما سيُنزع منها إهتمامها بالممارسات "القذرة"، ستبقى موقع إثارة جنسية وإنجابية. إنها إحدى وسائل التحكم بموارد النساء الإنجابية، خاصة الجنسية، في المجتمعات الأبوية. مشكلة بتر الأعضاء التناسلية بشكل أساسي هي في اللذة وإنتزاع قدرة السلطة الحيوية في إستخدام الأعضاء التناسلية للإناث.

في وجهة نظر جدتي، لم تكن تسبب لي سوءاً، بل كانت تؤمّن على إمتلاكي ثروة مسقبلياً. برأيها، "لاجنسانيتي" ستسمح لي، عندما أكبر، من أن أقايض بمواردي الإنجابية وإسم العائلة، ضمن نظام من القربى والزواج محكوم بشكل وثيق حيث لذّة النساء مسخّفة والقيم المرتكزة على الرجل هي السائدة. عند مقارنة اسباب جدتي مع الآداب والسرديات الموثقّة من النساء النوبيات بعد التهجير يظهر علاقة مباشرة بالتهجير الممنهج لهن، بسبب تغيّر الموارد الطبيعية التي تسببت به التدخلات البشرية في الطبيعة (أي بناء السد العالي). هذه التغيّرات دفعت بالرجال للعمل في المدن بينما بقيت النساء في القرى الفقيرة لتحمل الذريّة والهوية النوبيتين.

إبتُكِر بتر الأعضاء التناسلية للإناث لفرض السلطة الحيوية، وهي سلطة تهتم بالجسد والتنظيم حول "السلطة على الحياة". وهي تشمل المراقبة والتنظيم والحكم الطبّي والنفسي للأجساد والسكان (فوكو، 1990). بالرغم من الحجج المختلفة بشكل صارخ للممارسة، إلى أنّها تتماشى مع النظرية الفوكولية للسلطة الحيوية، كونها قد صُمِمت لتضمن الإستخدام الأقصى للحياة عبر إخضاع أجساد الإناث "لضوابط دقيقة وقوانين شاملة" (المرجع السابق، 137). من وجهة نظره، بتر الأعضاء التناسلية في قرية أفريقية هو موازي لإعادة تفعيل السلطة الحيوية (رودريغيز، 2012)، تماما كعميلات التجميل للأعضاء التناسلية المختارة في السياق الغربي الثري.

البحث حول النساء النوبيات في الستينات تضمّن نقاشات تتمركز على اللذة. خلال مقابلات حميمة مع النساء النوبيات، تصارحن عمّا يعتقدنه بأنّ الختان يجعل النساء جميلات وضيّقات، وبعضهن كنّ يخضعن لجراحات تجميل الشفرتين تحضيراً لعودة أزواجهن من العمل في المدينة؛ كما أنهن اعترضن على النساء المدنيات اللواتي نظرن لهن كفالتات (الجندي وكاليندير، 1962؛ الجندي، 2006). بالرغم من إستخدام الحجج الجمالية، إلى أنّه من الواضح أن الأسباب التي دفعت إلى تلك الممارسات هي اللذة، عبر إزالتها من عند النساء لخدمتها عند الرجال. كانت بمثابة صفقة إجتماعية-إقتصادية يسيّرها النظام الأبوي، حيث أنّ جسد الأنثى هو السلعة المتقايضة.

الجهل هي إحدى الصفات التي يصادفها الشخص ضمن تعريفات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، مما أجده غير صحيح. في الحقيقة، الممارسة قد بنيت على معرفة تشريحية شاملة، خاصّة عن دور البظر في اللذة عند النساء، مما جعل من بتر البظر العامل المشترك بين كل أنواع البتر المختلفة (كوبا ومواشر، 1985). الجهل الوحيد الذي يمكن أخذه بالحسبان هو الجهل بالسلطة. لم تعلم النساء النوبيات ونساء الأرياف في مصر بأنّه هنالك حياة أو وصول للموارد أو سلطة خلف الحيطان التي بناها هذا النظام، وهو نظام يطلب بالمقابل أن يتخليّن عن جنسانياتهن كي يتحكم في مواردهن الإنجابية. لبعض تلك النساء، هذه السلطة ليست موجودة حتّى اليوم؛ لا زلن محكومات من قبل تلك الأنظمة.

اليوم، أنا امرأة نوبية لدي طبقات من الإمتيازات لم تملكها نساء الأجيال السابقة، أو النساء اللواتي بقين في مستوطنات التهجير. تعطيني إمتيازاتي الموارد الفكرية الكافية لأواجه ختان الإناث نقدياً. كما أنّها تغذّي شعوري بالحق في اللذات الجسدية، وبالتالي بحثي عن موارد ثقافة جنسية للمختنات أملاً في إيجاد حليفات. ولخيبة أملي، أغلب الموارد مخصصة للجماعات التبشيرية الجديدة التي تهدف إلى "رفع نسبة الوعي" والتجريم. لا يمكننا أن ننكر أن العمل على التجريم أتى بنتائج إلى حد ما. لكن الباحثون قد وجدوا بأن دعوات التجريم، خاصة تلك التي تحمل خوفاً من الغريب في نواياها6 (أوغي، 2015) تدفع بالممارسة إلى المزيد من السريّة. من خلال التضييق على ثقافة بتر الأعضاء التناسلية، أدّى التجريم إلى جعل الممارسة أكثر خطراً. لكن الشخص لا يمكنه إلّا أن يلاحظ قلّة الدعم التي تعطى في الأيّام العادية، خاصة في الحياة الجنسية، إلى الناجيات من بتر الأعضاء التناسلية.

أحد الإمتيازات التي أمتلكها هي الوصولية إلى المعلومات والإنترنت. إستغلالاً لهذا الإمتياز، بحثت عن أجوبة حول اللذة الجنسية في حالات إستئصال البظر في المحتويات البحثية والعامة أونلاين. خلاصتي كانت أنّ العلم فشّلني. مع المعلومات الواسعة المتوفرة عن الموضوع على الشبكة، أغلب النتائج أخذت صيغة الإدانة. بعض الموارد الطبيّة إحتوت على جراحات لعكس أشد أنواع "الختان" قسوة. لكن الموارد التي تتناول جنسانية الإناث بعد خسارتهن البظر محدودة. الخطاب الإنمائي المعاصر الذي يظهر في أعلى نتائج غوغل7 يعامل الناجيات مثلي على أننا قضية خسارة. بالإضافة، الثقافة الجنسية للنساء اللواتي خضعن لاستئصال البظر ما زالت تتمحور حول الإيلاج، وهي أقل الممارسات لذّة لناجية إستئصال البظر.

أدعو الحليفات بأن يقيّمن أدوارهن في التعامل مع "الختان" بشكل نقدي وأن يأخذن الأسباب الجذرية للممارسة بعين الإعتبار: أي التحكم باللذّة لدى الإناث. إسترجاع وإستصلاح اللذة الجنسية لدى الناجيات هو من أصعب المساعي الحياتية، وهو أمر تختار العديدات عدم خوضه أساساً. أدعو الحليفات إلى تشديد الجهود لدعم الناجيات، ومساعدتهن في الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي تبقى دون إجابة: هل تستطيع ناجيات بتر الأعضاء التناسلية من الوصول إلى النشوة. كيف تستطيع الناجية الإقبال على الجنس؟ هل بإمكاننا تمويل الجراحات العكسية، وكيف يمكننا الوصول إليها من الأساس؟ القيام بذلك سيكون مواجهة لثقافة تخنق جنسانية النساء وحقهن في اللذة البدنية عبر الختان الجسدي والنفسي.

  • 1. بناء السد العالي في أسوان في الستينات أدّى إلى إقتلاع وتهجير القرى النوبية ضمن الحدود المصرية بشكل كامل، بالإضافة إلى جزء كبير من النوبة السودانية. الدولة أعادت إسكان النوبيين في مستوطنات "حديثة" سمتها بنوبة الجديدة. لكن النوبيين سموها بالتهجير، أي المكان الذي هجروا إليه.
  • 2. الأزهر هي مؤسسة دينية ممولة من قبل الحكومة المصرية، وهي أكبر سلطة رسمية فيما يتعلّق بالأمور الدينيّة في مصر. تأثيرهم يُترجم عبر قوانين ومحتويات سائدة. بالرغم من أنّ آراء المؤسسة قد تقلّبت تاريخيّاً، إلى أنّها تتدعي الإعتدال اليوم.
  • 3. الختان هو المصطلح العربي لكلمة circumcision. نادراً ما تُستخدم في اللهجات اليومية. تُستخدم بالأحرى من قبل مؤسسات الدولة الإعلامية والنصوص الرسمية في سياقات مناهضة الختان.
  • 4. يتم تقسيم الختان إلى ثلاث أنواع أساسية (كوبا ومواشر، 1985)
  • 5. يجدر الذكر أنّه لاحقاً في حياتي، إعترفت أمي بأنّها ضعفت أمام جدّتي من جانب والدي.
  • 6. على سبيل المثال، تجد أوغي أنّ المهاجرين الأفارقة في كندا يواجهون لغة تشريعية تدّعي مجابهة بتر الأعضاء التناسلية. لكن تلك اللغة تتضمن نبرة كارهة للغريب وغير محترمة تجاه المهاجرين والثقافة، كالنص الموجود في "The Quebec Charter of Values"
  • 7. أدوات إظهار النتائج المثلى في أجهزة البحث عادةً ما تضع الجمعيات الأكبر والأثرى في أولى النتائج لضمان ظهور أكبر لها.
ملحوظات: 
المراجع: 

Abusharaf, Rogaia Mustafa. Female Circumcision: Multicultural Perspectives. University of Pennsylvania Press, 2006.

Assaad, Marie Bassili. “Female Circumcision in Egypt: Social Implications, Current Research, and Prospects for Change.” Studies in Family Planning 11, no. 1 (1980): 3-16.

El Guindi, Fadwa. “‘Had This Been Your Face, Would You Leave It as It Is?’ Female Circumcision Among Nubians of Egypt.” Female Circumcision: Multicultural Perspectives. Ed. by Rogaia Mustafa Abusharaf. University of Pennsylvania Press, 2006. 27-46.

Foucault, Michel. The History of Sexuality: An Introduction, Volume I. Trans. Robert Hurley. New York: Vintage, 1990.

Kennedy, John G. “Circumcision and Excision in Egyptian Nubia.” Man 5, no. 2 (1970): 175–91.

Kouba, Leonard J., and Judith Muasher. “Female Circumcision in Africa: An Overview.” African Studies Review 28, no. 1 (1985): 95-110.

La Barbera, Maria Caterina. “Revisiting the Anti-Female Genital Mutilation Discourse Studies.” Diritto & Questioni Pubbliche: Rivista Di Filosofia Del Diritto e Cultura Giuridica 9 (2009): 485-508.

Ogoe, Sally. Why Does Female Genital Mutilation Persist? Examining the Failed Criminalization Strategies in Africa and Canada. MA Thesis. The University of Manitoba, 2015.

Rodrigues, Sara. “From Vaginal Exception to Exceptional Vagina: The Biopolitics of Female Genital Cosmetic Surgery.” Sexualities 15, no. 2 (2012): 778-794.