البحث المستنير بالفنون: إحتمالات وإمكانات نزع الاستعمار عن المنهجية
تبحث هذه الورقة في الإمكانات والصعوبات السياقية المرتبطة بالبحث المستنير بالفنون، باعتباره منهجية، بالاستناد إلى عدسة نسوية عابرة للقوميّات ونازعة للاستعمار في السياق الباكستاني. تمّ تطبيق هذه المقاربة كجزء من دراسة أُجريت مع عاملين/ات في التنمية المجتمعية لاكتشاف النظرية والممارسة أو التطبيق العملي للتمكين في خطابات التنمية. وعلى الرغم من صعوبتها، أؤمن أن هذه المقاربة قادرة على جعل البحث أكثر صلة ووصولًا وتمحورًا حول المجتمعات، كما أنّها سترفع من شأن الطرق المختلفة للمعرفة. وهي قادرة على تسهيل صنع المعنى التشاركي في السياقات اليومية، ما يُعتبر أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لتنمية المجتمعات، والحركات النسائية، وإنتاج النظريّات النسوية.
4.jpg
إنطلاقًا من موقعي كباحثة نسوية، وعاملة ممارسة في مجال التنمية المجتمعة، أؤمن أنّ إنتاج المعرفة هو بالضرورة مسارٌ تشاركيٌ يوميٌ. وهو يتطلّب:
من جهة، معرفة مدى ترسّخ علاقات القوّة في كافة أشكال التعاون، ومن ناحية أخرى التمسّك بالأمل إزاء إمكانية تكوّن التحالفات السياسية في المساحات التي تجمع الناس ببعضها البعض، بغضّ النظر عن اختلافاتهم، من أجل التفكير، الاستماع، التأمّل، والقيام بشء ما (أحمد، ص. 3).
تركّز دراستي، التي تستند إلى البحث المستنير بالفنون، على نظرية وممارسة التمكين في التنمية المجتمعية في إطار كاراتشي، باكستان. فقد أدّت خطابات التمكين، الناشئة من النقد النسوي للسياسات التنموية النيوليبرالية السائدة: "إلى صعود مناصرين غير محتملين.. من ضمنهم البنك الدولي" (كبير، 2001، ص. 17). وبينما انتقدت الأكاديمّات النسويّات/الناشطات التطبيق الليبرالي والنيوليبرالي والسياسي-الديني لأطر التمكين (كورنوال وبروك، 2005؛ كبير، 2001؛ باربارت، كونيللي، وبارتو 2000؛ راولاندز، 1998؛ زيا 2018)، أثارت قلّة منهم/ن مسألة الجانب التنظيمي والانضباطي لتنفيذهما وتشغيلهما (ناغار، 2006؛ شارما، 2008). تميل الخطابات ما بعد الاستعمارية الحديثة إلى التحديد المسبق، البناء المسبق، وتصنيف عاملي/ات التنمية المجتمعية ككيانات متمكنّة ومحفّزة، وكصنّاع تغيير. ويُتوقّع من هذه الكيانات أن تسهّل التحوّل في الصورة الذاتية للشعوب "المقموعة"، وفي معتقداتهم حول حقوقهم وإمكانيّاتهم. يغدو هذا الافتراض إشكالية نظرًا لوجود العديد من العاملين/ات في مجال التنمية المجتمعية في مواقع توظيف مهدّدة، ذات عقود قصيرة الأمد، ومستحقّات قليلة للغاية (ناغار، 2006؛ شارما، 2008). ويبدو أن هناك اهتمامًا محدودًا بالتأثيرات المادية والعملية لسرديّات التميكن على حياة العاملين/العاملات المفترض بهم/ن القيام ب"عمل" التمكين. فنظرًا للمعايير التي تفرضها أهداف المشروع ولائحة الفئات المستهدفة، يعيش العديد من العاملين/ات في التنمية في باكستان مع توقعّات في كيفية "ترجمة/تحويل" التمكين من الحيّز المجرّد إلى الحيّز المحسوس والواقعي، بينما يتمّ منعهم/ن، نظرًا لموقعهم/ن، من التفكير النقدي بشأن المفاهيم النظرية التي تقود عملهم/ن. تقدّم دراستي رؤية حول اقتصاد سرديّات التمكين ومدى قدرتها على إدارة "اللقاءات/المواجهات"، تشكيل "الموضوع" و"الآخر". وأقوم بذلك عبر البحث النقدي حول الكيفية التي من خلالها يتمّ وضع ودفع كيانات العاملين/ات في التنمية المجتمعية إلى العمل. ينغرس هؤلاء العاملون/ات/المنشّطون/ات المجتمعيّون/ات، الموجودون/ات في حاضرة كاراتشي، في شبكة من البنى المتقاطعة للقمع وعلاقات القوة. يستكشف عملي، مستندًا إلى النظرية النسوية ما بعد البنيوية وما بعد الاستعمارية، كيف يقوم هؤلاء العاملون/ات بـ "التعامل"، انتاج النظريّات، التخطيط الاستراتيجي، والتصرّف على ضوء تفسير وفهم التمكين والتنمية المجتمعية من خلال البحث التشاركي المستنير بالفنون. ويتطلّب تحليل كهذا استبطان/النظر إلى الداخل والتفكير بالمخرجات المنطقية والمادية لعمل التمكين وعلاقات القوّة. تسمّي أحمد (2000) هذه "التعاملات الأخلاقية" أو "العروض والقراءات الأخلاقية" (ص. 140) للسرديّات من خلال إعادة تقييم ذاتي "للشروط" التي تؤدّي إلى وجودها.
تبحث هذه الورقة في الإمكانية السياقية والمنهجية في إنتاج النظريّات النسوية من خلال اعتماد البحث المستنير بالفنون مع عاملي/ات التنمية المجتمعية، كما أنّها تسعى إلى تغيير علاقات القوّة الراسخة في خطابات البحث والتنمية. وبالتالي، لا تركّز هذه الورقة على نتائج دراستي؛ بل، تعكس، الرحلة المنهجية تحديدًا. في البدء، أعرض سياق أبحاث العلوم الاجتماعية في باكستان، ثمّ أصف المقاربة وتطبيقها واستخداماتها بالنسبة للتطبيق العملي النسوي. وأناقش إمكانية استخدام هذه المقاربة في التحليل الفردي والجماعي ومن أجل نظرة أعمق إلى سرديّات اقتصاد التمكين. هذه المقاربة لا تتحدّى فحسب المفاهيم الاستعمارية للبحث، بل تسمح بطرح أسئلة هامّة مثل: كيف نخلق علاقات مع آخرين أكثر أحقّية؟ كيف ندعم تلك الأصوات المهمّشة من دون الاستيلاء على نضالاتها؟ وكيف نعيق التاريخ "الذي نحاربه دائمًا" و"الذي أصبح جامدًا كالحيط؟" (أحمد، 2017، ص. 1).
نزع الاستعمار عن المنهجيّة: نسوية، فنية وتشاركية
كفنانة باحثة، أبحث وأكتب لأفهم وأستفزّ وأحضّ على التحرّك. أحبّ التفكير بالألوان؛ تنتشر أفكاري؛ بصرية ومحرّكة ومتعدّدة الأبعاد وملموسة وكمشاعر لها صوت ورائحة وحسّ وشكل. فالتوجّه نحو الممارسة الأكاديمية الفنية والبحث المستنير بالفنون كان بمثابة مسارًا عفويًا من التفكير الذاتي والمخاطرة. كباحثة وفنانة، أصنع طريقة/شكلًا من البحث النوعي حيث يغدو الفنّ إطارًا للالهام البحثي، وصياغة المفاهيم، والمسارات، والعرض/التقديم في العلوم الاجتماعية (كول ونوولز، 2008). وهو يتيح لي العمل بواسطة المنجهيّات البحثية التقليدية كالمقابلات المعمّقة والأشكال المتعدّدة للتعبير الإبداعي كالرواية والشعر ومسرح القرّاء والصور التعبيرية والكثير غيرها. أردت أن أنخرط في مسار إبداعي لصنع المعنى التشاركي والتعبير مع المشاركين/ات في البحث من خلال القيام بورشات عمل فنيّة تفاعلية تزعزع سرديّات التمكين التقليدي.
تربط طريقة البحث هذه بين حساسيتي ما بعد البنيوية وارتباطي بالفنون، والأسلوب الذي أفهم من خلاله العالم. ولكنّها، تتضارب مع الخطابات الاستعمارية حول البحث والمؤطّرة ضمن سياقات محدّدة، وعلاقات القوّة التي أواجهها والمشاركين/ات في أبحاثي ضمن الأكاديميا في جنوب آسيا، حيث لا تعتبر طرق المعرفة والتقديم هذه "أبحاثًا مشروعة". وقد كانت تجربتي صعبة خلال دراسة التعليم والأبحاث في باكستان، مع الجامعات والمنظّمات غير الحكومية والمانحين الدوليين، خلال الخمسة عشر سنة المنصرمة. حيث يختنق الاقتصاد السياسي الخاص بالأبحاث بالنسبة للفنانين/ات الذين هم/ن مثلي، أي منخرطات في العمل التعليمي النقدي. فما زالت الخطابات الاستعمارية والتمدّن تشكّل جزءًا حاسمًا في بناء المعرفة والعمل البحثي في العالم الذي أسكن.
في سياق الأكاديميا، لا زالت الدرجات المهنية في الطب والهندسة ومؤخّرًا في إدارة الأعمال وعلوم الكمبيوتر تحمل أهميّة قصوى. بينما لا تعتبر أيّ من درجات التخرّج في العمل الاجتماعي، السوسيولوجيا، الأنتروبولوجيا، والدراسات النسائية ذات أهمية كبيرة، ولا حتى الأبحاث النسوية. فالحسّ العام يوحي بأن العلوم الاجتماعية تمثّل الملاذ الأخير أمام الطلاب/الطالبات، فضلًا عن أن مردودها هو الأقلّ إذا ما أخذنا التراتبية بعين الاعتبار (برفيز، 2003).
يستحيل، في سياق التنمية المجتمعية، القيام ببحث بواسطة التمويل المحلّي نتيجة نقص الموارد وتفضيل العمل الميداني. تقدّم الدولة بعض المنح، ولكنّها تٌعطى عادة للأبحاث التقليدية. كما أنّ مصالح الممولّين تسيطر إلى حدّ كبير على مساحة النقاش البحثي المحلّي. فالمنظّمات غير الحكومية هي مقدّم خدمات أساسي في اقتصاد البحث. نجد، وفقًا لإحصائيات بسيطة ودراسات حالات، أنّ الأكثرية تميل إلى إنتاج معلومات سطحية تفتقر إلى العمق (سيغول، 2005). أعتقد من خلال خبرتي، أن هذا النوع من توليد المعرفة مبني على متطلّبات التمويل المتعلّقة بالإشراف والتقييم. هذا يحبط التحليل النسوي الشاق والفكر التفكيكي، ويؤدّي إلى الخيبة لدى الأكاديميين/ات والناشطين/ات الذين يناضلون من أجل تغيير النظام. لكن، هناك استثناءات نجد فيها تعاونًا بين الناشط/ة والأكاديمي/ة بدعم من تمويل المانحين والمنظّمات غير الحكومية. يتوجّب على هذا التعاون التصدّي بإمعان ومن خلال عدسة مناهضة لرقابة وتدقيق الدولة، كما هو الحال بالنسبة لكافة الأبحاث التي تحظى بتمويل أجنبي من المانحين. خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تمّ فرض قيود إضافية: يجب على كافّة المنظّمات التي تتلقّى تمويلًا من الخارج أن تحصل على شهادات عدم اعتراض عديدة لكي تقوم بعملها. تمّ إغلاق 17 منظّمة غير حكومية دولية من قبل الحكومة الفيديرالية بسبب "هواجس أمنية"، في العام 2018، بالإضافة إلى 45 ممّن تمّ تصنيفها كمنظّمات قيد الإغلاق بناءً على الأسس ذاتها (سايد، 2018؛ رنا، 2019). وقد تسبّب ذلك بمزيد من مخاطر التوظيف في قطاع التنمية وسهّل تزايد رقابة الدولة.
تكتب سميشيما (2008) أنّ "الفنّ يخبرنا خلال خلقه ويخبرنا من جديد عند اكتماله" (ص. 155). يتطلّب البحث المستنير بالفنون التزامًا بشكل محدّد من أشكال الفن، كما عليه أن ينعكس في مسار ونصّ البحث، كإطار يحدّد كافّة أوجه الدراسة (كول وناولز، 2008). يصبح التركيز إذن موجّهًا نحو العلاقة بين الشكل والمادّة، والتجاوب مع الانسياب الطبيعي للأحداث، العفوية، الوجود الشخصي والتقييمي للباحث/ة، وانخراط الجمهور (المصدر نفسه). فوفقًا لكول (2002)، يبدو البحث المستنير بالفنون كردًا على مفاهيم البحث التقليدي في النظم الأكاديمية التي تشكّل حاجزًا أمام التقديم والتواصل مع العام إجمالًا. هناك حاجة لمقاربات بديلة ترصد تعقيدات التجربة الانسانية، أو ما تعبّر عنه ب"الإنصاف المعرفي" – مقاربات لا تآثر الفكري على حساب العاطفي وأشكال المعارف الحسّية الأخرى. ينبغي على المنهجيّات والأشكال البحثية المعتمدة أن تتكامل مع البحث، تمامًا كما ينبغي على العرض/التقديم أن يحترم البحث ويستفزّ الجمهور. وكما كما تقول مك آنتاير (2004)، "نريد من البحث أن يظهر معنى محسوسًا مع الحواس". بحسب أعمالها، يحتاج الباحث/ة إلى تجسيد تلك المبادئ والنضال من أجل تحفيز وتشجيع العاطفة، الفكرة، والعمل (ساميشيما، 2008).
لا يتمّ غالبًا اعتبار الفنانين/ات في باكستان كمهنيين/ات، في حين تبقى ظلال الأسلمة في ظلّ النظام العسكري للدكتاتور زيا أول حق. شهدت فترة الثمانينات منعًا فُرض على النساء المؤدّيات، إدخال النساء المحجّبات إلى البرامج التلفزيونية، مذابح ضدّ الفنانين/ات والصحافيين/ات، ومأسسة قوانين أخرى كارهة للنساء. وفي حين تعدّ باكستان اليوم ديموقراطية دستورية، يبقى إرث الأسلمة وتأثيره على النساء والمجموعات المهمّشة الأخرى حاضرًا بقوّة. ففي حالة صناعة التنمية، تمّ استخدام الفن كوسيط للمناصرة، وخاصّة بواسطة الرسائل المتداولة عبر مسرح الشارع، صنع الأفلام المتلفزة، أو عروض الدمى. لكن، لم تعتبر الفنون فعليًا وسائل بحث، صنع معنى، وتقديم معلومات. أؤمن أنّنا بحاجة إلى تغيير الخطاب، فانخراطي مع عاملين/ات مجتمعيين/ات والعروض الفنية يثبت أنّ هذا ممكنًا بواسطة البحث المستنير بالفنون.
صنع المعلومات والعرض/التقديم
وفقًا لغانون وديفيس (2007)
يتضمّن العمل ما بعد البنيوي سياسات وممارسات الكتابة المختلفة. فالكتابة المختلفة هي التي تجعل من التفكير المختلف ممكنًا. لا يسبق أحدهما الآخر، ولكنّهما يتحقّقان من خلال ثنايا ومفاصل اللغة (ص. 97).
يسعى البحث المستنير بالفنون إلى إلقاء الضوء على الحالة الإنسانية (غوس وآخرون، 2008). ويقوم بذلك من خلال الباحثين/ات الفنانين/ات الذي يخلقون نصوصًا مفتوحة، متحدّيين/يات توقّعات وافتراضات الجماهير من أجل خلق "اختلال في التوازن" (غوس، بارون، وكابلان، 2008). فالنصوص المفتوحة تعترف بمخيّلة القارئ/ة بعكس النصوص المغلقة والحاسمة. تعتبر غوس وآخرون أن الأعمال المصنوعة بجمالية قادرة على التنكّر كفنّ والقيام بدور البروباغندا. فهي تعكس حتمية ما، وتعزّز النماذج السائدة (غوس وآخرون، 2008). استنادًا إلى غوس وأخرون (2008)، "لا يجب أن تكون هناك موضوعات وخلاصات جامدة" (ص. 69) خلال العرض/التقديم. فالهدف ليس تقريب الجمهور إلى "حقيقة" واحدة، بل رؤية أوجهها المختلفة من عدّة زوايا وتصوّر كيفية أن تكون بخلاف ذلك (غوس وآخرون، 2008). اقتباسًا عن دونلوب (2008)، "نحن نقرأ أنفسنا عندما نقرأ" (ص. 65). قد تكون فكرة غياب خلاصة ملموسة فكرة غير مريحة، بالنسبة للجماهير غير المعتادة على هذه المقاربة في البحث والتمثيل، بينما قد يتبنّاها آخرون كطريقة تفاعلية لصنع المعنى.
يرى البحث المستنير بالفنون النص البحثي كخلق مشترك بين الجمهور والباحث/ة الذي يدخل العناصر الجمالية. وينبغي على القارئ/ة أن يدرك الاختلاقات النصّية، وكيفية تشكيل استراتيجيات صياغة النصوص للسرديّات البحثية. حيث يبني القارئ/ة وبفعالية تفسيرات وقراءات مضادّة محتملة. فالمعنى، فإذن، مصنوع من التفاعل الذاتي بين الباحث/ة والمشارك/ة أو المتعاون/ة في البحث. لذلك، تعتبر الأجزاء المعروضة بمثابة "نصوص تأمّلية"، يرافقها انعاكاسات واعترافات شخصية بوجودي في البحث.
تعتمد دراستي على نوع مختلط لصنع المعلوات والعرض/التقديم، والذي تعرّفه ريتشاردسون (2004) كمسار حيث "يعتتمد الباحث/ة في انتاجاته/ا على الأنواع الأدبية، الفنية، والعلمية، عابرًا/ة غالبًا الحدود لكلّ منها (الأنواع) أيضًا" (ص. 438). أجمع ما بين أنواع النثر، الكتابة الأدائية، والقصص القصيرة وبين الكتابة الأكاديمية الرسمية من أجل تعقيد الفكرة وإبراز التناقضات، مستويات القوّة، والثغرات في سرديّات التمكين. يسمح ذلك لـ"ـلاوعي بأن يصبح وعيًا بواسطة الأداء المبدع" (سمشيما، 2008، ص. 156) – من أجل التفكير بالأفكار وقول الأشياء بأساليب لم تكن ممكنة بالنسبة إلّي. أصنع المعلومات، أكتب وأحلّل، وأحلّل وأكتب، أصنع معنى وأقدّمه؛ يندمج هذا المسار مع الشخصي، المهني، الأخلاقي، والحسّي.
نشأت بنية وشكل عرض/تقديم المعلومات والتحليل في هذه الدراسة من انخراط حميم مع صنع المعلومات. تتيح لي الكتابة بهذا الشكل الاتّصال مع موضوعات النقاش، والتحرّك عبر مسار من التجميع وتصنيف الأفكار وفقًا لموضوعاتها، والاختبار بأشكال مختلفة من العرض/التقديم. فأكتب وأعيد كتابة، كل مقطع، فيصبح كلّ جزء جزءًا من واحد أكبر، يساهم في بناء فكرتي. كما أستلهم، خلال هذا المسار، من فكرة ريتشاردسون "الكتابة كطريق للمعرفة" وكمنهجية للاكتشاف والتحليل. وبالاستناد إلى تجربتي، أوافق على أنّه "عند الكتابة بطرق مختلف، نكتشف مظاهر جديدة لموضوعاتنا وعلاقاتنا بها. وبالتالي، لا يمكن فصل الشكل والمضمون عن بعضهما" (ص. 473). أؤيّد أيضًا ما تقول لوري نيلسين (2002) "العلم والمعرفة هما خياليّان بقدر ما يكون الخيال علم ومعرفة" (ص. 208).
حرّرتني هذه المقاربة من محاولة كتابة نصّ واحد حيث "نقول كل شيء للجميع" (ريتشاردسون، 2004، ص. 476). وقد أصبحت الكتابة موقعًا لصنع النظريّات، حيث "لا مجال للفصل بين الرواية والمرويّ" (مينه-ها، 1989). ما من أداء نصّي محايد أو بريء، فال "كتابة هي دائمًا جزئية، محلية، ومتموضعة في حضرة ذواتنا التي لا تفارقها" (ريتشاردسون، 2004، ص. 480). وعليه، يكون التفاعل بين نفسي والمعلومات هو ما قادني إلى التجريب مع أنواع مختلطة من الكتابة لتعقيد سرديّات التمكين.
على الرغم من قدومي إلى الفنّ عن طريق المسرح، تبقى كتابة الخيال واحدة من متع الحياة بالنسبة إلي، وخاصّة روايات ما بعد الاستعمار والقصص القصيرة الأوردية. فعدسة الخيال تفتح الأبواب أمام التعقيدات والتشعّبات، ألوان المساحات، الناس، والاحتمالات اللا متناهية لمعرفة العالم. بشكل ما، يبدو أن هذا النمط من المعرفة والكتابة يأسرني تمامًا. تجد فلوك (2003) أنّ للخيال حصّة في العدالة الاجتماعية، وتحديدًا لأنّه مسؤول عن خلق مساحة نستطيع من خلالها رؤية وجوه أخرى وسماع أصوات أخرى. فتصبح الكتابة فعل تحدّ وأمل. أشعر أيضًا أنّ دمج الخيال في البحث يضيف بعدًا أخلاقيًا إلى عملي. أشعر أني كنت قادرة على إيصال أصوات عديدة بطريقة تحمي المشاركين/ات معي من فضح هويّاتهم/ن، ونسج تفاصيل قصصهم/ن بطريقة أسهل للتشارك. وفقًا لريشما دونلوب (2008)، الخيال:
يصبح استكشافيًا، توضيحيًا، آملًا وتكاثريًا... فالنصّ الخيالي هو بمثابة عبور للحدود التي تجتاز الميادين المرجعية للتفكير والنظم النصّية للعرض/التقديم. (ص. 64)
وبما أنّي لم أحظ بأي تدريب حول الكتابة الإبداعية، قرّرت أن أحضر ورشات عمل عن الكتابة الإبداعية بينما كنت في كاراتشي. قامت الكاتبة الروائية الباكستانية المعروفة جدًأ كميلا شمسي بتعليم المواد، فانغمست بشهوة قراءة نصوص الخيال، بينما كنت أكتب وأجرّب مع القصص القصيرة، الكتابة الأدائية، والشعر، بالتوازي مع المزيد من الكتابة الأكاديمية التقليدية، لأنسجهم معًا كسبيل لعرض/تقديم المعلومات. تعلمّت العمل بواسطة صور ومجازات. تكتب سوليفان (2009):
فإذن، إذا أردنا أن يعرف شخصًا ما ماذا نشعر، سواء في حياتنا الشخصية، بشكل واقعي أو متخيّل، علينا أن نعرف كيف نقدّم له/ا التجربة الحسّية التي مررنا بها أو تخيّلناها. يجب أن ننقل شيئًا ما من جسد إلى آخر – هذا ما تعنيه الصورة والمجاز.. ربط المجرد بالمحسوس. (ص. 113)
أعي أهمية جعل مسار الانتقال من المعلومات إلى القطع المنتجة في هذا النص مسارًا شفافًا. ولكن، المسار الإبداعي لكيفية تنقّل الكاتب/ة أو الشاعر/ة من الأفكار والصور والأحاسيس إلى ما يحصل على الصفحة على مستوى معيّن يميل للبقاء عصيًا على التفسير (باتلر-كيسبر، 2010، ص. 95). يمكنني قراءة محاضر المقابلات والنقاشات الجماعية ومن ثمّ الاستماع إلى التسجيلات الصوتية، وتحديد الموضوعات والتوصيفات السردية.
مثلًا، ظهر سياق كاراتشي كموضوع أساسي بالنسبة للمشاركين/ات في نقاشاتنا. وتحديدًا، برز العنف وتجارب العنف تقريبًا في كافة المقابلات. ففي إحدى المقابلات المعمّقة، أخبرتنا سكينة عن كمية العنف النفسي والعاطفي الموجّه ضدّها وضدّ الذين تعمل معهم/ن:
يغيّر العنف الحاصل يوميًا الناس. فلا يتكلّمون عن العنف بطريقة مباشرة بل يصبحون أقلّ ثقة، وأكثر توترًا.. الإحباط والخوف الدائمين من العنف في المدينة... في البيوت حيث الأزواج يضربون زوجاتهم، الأمّهات تضربن أطفالها، فالناس أصبحوا فاقدين للصبر.
تكلّم أحمد عن السياق السياسي للعنف، وخاصّة العنف الإثني:
يتشابه التلاعب السياسي والاتجاه الإثني في كاراتشي لناحية فقدان الاحترام. ويرتبط أيضًا بالسياسة العسكرية والحرب الأفغانية، وإرث النزاع الإثني ما بعد التقسيم.
كما تكلّم ناصير حول كيفية تأثير العنف على عمل التعبئة المجتمعية، وكيف شعر بالخوف على عائلته:
تختلف القضايا في كاراتشي بين منطقة وأخرى – المياه، الكهرباء، الغاز، النظافة. يمكنك تعبئة الناس حول تلك القضايا، فهي مواضيع آمنة.. ولكن يصعُب الأمر عند إثارة مواضيع العنف السياسي، السلاح، والمخدّرات. ففي الحيّ حيث أسكن هناك صبيان يافعين يحملون السلاح. نحن نشأنا مع هذا الخوف ولقد فقدت أصدقاء كثر ... Aap nahi kuch kar saktey yahan phir aap ka aur kisi khatey mey nahi ata ... (ليس بوسعي القيام بأي شيء، وبالتالي لا يوجد أيّ قيمة لمعرفتي أو مهاراتي).
هذه القصص – والملاحظات التي دوّنتها بناءً على ملاحظات المشارك/ة الذي يسكن في المدينة بالإضافة إلى البحث الأرشيفي – هي ما دمجت معًا لاقدّم نتائج هذه الدراسة.
أعتقد أنّ الكتابة الإبداعية والشعر زوّداني بمساحة تخيّلة مفصلية للتكلّم عن وفهم معلوماتي وكتاباتي بطريقة شبه حدسية. حيث لم يكن هناك أي مجال للتحكّم بالمفاجآت والتحوّلات في هذه المساحة المفصلية؛ فقد كانت كثيفة ومتطلّبة؛ مفاجئة، وغالبًا محيّرة ومشتّتة. ولكن، بات هذا الأسلوب في الكتابة والبحث مساحة للإحتمالات، الانفتاح، والوعي المتزايد، ومكانًا للانطلاق (نيلسون، 2002). وإذ أنطلق، أتخلّى عن اللغة الانكليزية، وأستبدلها بالأوردية والسندية. هذه الأفعال كانت أفعالًا واعية وخطيرة. أحيانًا، ترجمت؛ في بعض الحالات، لم أختر ذلك. اتّخذت خيارات الكتابة بلغة أخرى من منطلقات سياسية ومعرفية.، جالبة المعرفة المادية للطرق البديلة في المعرفة ومجذّرة إيّاها ماديًا في نصّ انكليزي. أمّا الخيارات الأخرى فقد حازت على الجمالية، لحسن الحظّ، حينما انتقصت الترجمة انسيابية وايقاع الكتابة.
قدّمت بعض التدوينات مناسبات شعرية دفعتني إلى مزج الكتابة الأدائية والشعرية، وتكرار الكلمات مرارًا. مثلًا، استخدم المشاركون/ات كلمة itefaqan (بالصدفة) في سياقات مختلفة خلال المقابلات للكلام عن كيفية حصولهم/ن على العمل. وفي حين صعُب عليّ التعبير عن تفاصيل المعنى، لجأت إلى كتابة قطعة كلامية، ذات وتيرة وإيقاع، حيث وجدت أنها مناسبة لقطعة أدائية "Katha (قصّة) من أربعة فصول". مقتطفات:
لماذا هذا العمل
كنت بحاجة إلى عمل زوجي تركني وكان عليّ الوقوف على رجلّي (apney pairon par)
كنت بحاجة إلى عمل توفّي أبي
كنت بحاجة إلى عمل لأنّ صحّتي النفسية تعتمد على ذلك
كنت بحاجة إلى عمل لأتمكّن من الخروج من المنزل
كنت بحاجة إلى عمل لإدخال أولادي إلى مدارس جيدة ودفع الأقساط
كنت بحاجة إلى عمل لأعين عائلتي
أردت أن أعمل لأطبّق ما تعلّمت
إحترق مصنعي ولكن الله أرشدني – أنا سريع التعلّم
العمل هو majboori ولكن maza bhi ata hai وإلّا كنت تركت عملي
كان هذا العمل الوحيد الذي لا يتطلّب مؤهّلات رسمية. فكان
Itefaqan (بالصدفة)
Itefaqan (عن طريق الخطأ)
Itefaqan (لم أخطّط لذلك ابدًا)
Itefaqan (من حسن الحظّ)
Itefaqan
لحظة حسن حظّ لن أندم عليها أبدًا
كنتيجة لذلك، أصبحت النظرية مبطّنة ضمن الكتابة. لكن، تمكّنت من الحفاظ على تشعّب ما قيل وكيف قيل في آن. لم أركّز على اكتشاف، أو الكشف عن، أو فرض أجندة، ولم أكن إرشادية أُملي على الناس كيف تفكّر. في المقابل، قدّمت اضطرابات حول ثنائيّات: وجدت مساحة للتشقّقات، تاركة النص عرضة للتأويل.
وقد سعى تقديمي وتحليلي للمعلومات لأن يكون محفّزًا للعواطف، مستفّزًا، وحسّيًا؛ فالجمهور مدعو لاختباره جسديًا، عاطفيًا، وفكريًا. تصبح الكتابة والقراءة أفعال أداء ومقاومة، وفي جوهرها فعلًا متشابكًا من البحث الأدائي (دونلوب، 2008). فمن خلال التفاعل مع أشكال الفن المرئي والأدبي، يصبح التوقّع هو تأثّر الجمهور بالعمل الفني نوعًا ما، ويغدو الجمهور مسؤولًا عن تأويل النصّ بينما أقوم ببناءه.
بالتالي، يرتكز تأثير هذا النوع من البحث على المعنى المستنبط من كل شخص يشارك فيه. فلا يغدو الهدف إيصال رسالة واحدة ومقصودة. فما من تفسير وحيد و"صحيح"؛ فالعرض/التقديم يتقصّد الغموض – النصوص المفتوحة.
أنا مهتمّة بتزويد الجمهور بنصوص مفتوحة، وأدوات، خرائط، وإرشادات لتفسير النصّ، عوضًا عن تلقينهم/ن المعنى الواجب عليهم استنباطه. فالأهمّ بالنسبة إلي هو كيفية إخبار القصّة. أعرف أنّ هذا لا يعني أنّ كل من سيقرأ الدراسة سيُقدم على عمل مباشر وتغييري بالنسبة إليه، لكن قد يبدأ بالتفكير على نحو آخر. أهتمّ بإنتاج أبحاث ذات مغزى، تصل بين الأكاديميا والمجتمع. وفقًا ل مك آنتاير (2004)،
نحتاج كباحثين/ات لجعل الناس راغبين بالانضمام، ومحتاجين إلى العناية. فمراجعة سرديّات البحث عبر وضع الكرامة والاحترام كمبادئ توجيهية في العلاقة تحوّل الاهتمام من الموضوعية والمسافة إلى إنسانية تشاركية للابداع في الاتّصال. (ص. 260)
تمّ بناء التحليلات والتجارب المتشعبة والمقيّمة ذاتيًا للمشاركين/ات معي ولي بأسلوب يتخطّى، يُقلق، يتحدّى، وأحيانًا يعزّز حدود الافتراضات الحالية إزاء نظرية التمكين، الممارسة، والذاتية. لم يُكتب أيّ شيء بذات الترتيب الذي قُدّم به، ولا تمّ تداول تجارب الذين تعاونوا معي بطريقة خطية مستقيمة. في المقابل، كان مسارًا بحثيًا عفويًا حيث انخرطت في محادثات، فكتبت. أعي التواطؤ في أن تكون جزءًا من نسيج السرديّات. في النهاية، تلك حكايات عن حكايات. تستند الحكايات والأعمال الفنية إلى حياتنا، كما على نقاشاتنا الفردية والجماعية حول العمل. أحاول تداول التشعّبات والمفاوضات اليومية وكيفية انخراطنا في أداء تفاعلي دائم حيث نبدّل الأدوار، ونؤدّي أجزاءً مختلفة، نضع الاسترتيجيّات، ونفاوض وفقًا للظروف التي تقابلنا.
هناك مغزى من هذا السرد، فهو يعكس ماهيّتي، كيف أعرف، كيف أرى العالم، ومن أصبحت عندما طرحت فرضيّات وأطلقت ذاتيّتي. أنا أبحث عن مقاربة تقوم بالأمر نفسه مع الآخرين، أو على الأقلّ تسمح بامكانية لقاء كهذا من جديد؛ مقاربة تعترف بمرونة أساليب الوجود، وتكوّن الذات؛ مقاربة تكون رؤيتها أو تسمح بوجود مبدأ لإعادة اللقاء/المواجهة.
خلاصة
تفترض النظرية النسوية أنّ التغيير سوف يأتي من خلال عملية التمكين، الفردي والجماعي. هناك إيمان بالتضامن من خلال طرق التعاون العابرة للحدود. لكن، لم أعد أعتقد أن هذه الاستراتيجية مصيبة ومباشرة كما تبدو. ومن خلال استخدام الفنون والنقاشات التفاعلية، بدأت والمتعاونون/ات معي بتعقيد تلك السرديّات، خالقين/ات نصوصًا مفتوحة. نشأت هذه القصص، الأعمال الفنية، الكتابات الأدائية، والنثر، المتموضعة ضمن سياقات الحياة اليومية في كاراتشي، نتيجة علاقتها بالنقاشات النقدية حول تعقيد التمكين. فتسليط الضوء على السرديّات يجعل التركيز على مضمون القصص وسياقات رواية القصة (اجتماعي، ثقافي، سرديّات خيالية) أمرًا ممكنًا، كذلك الأمر بالنسبة للاهتمام بوكالة الرواة وأيضًا الجمهور المستهدف. فالهدف من هذا التعقيد هو تعطيل وإبطال ما يعتبر طبيعيًا، ومقاطعة الأفكار الجوهرية. يرتكز التحليل على كيفية جعل بعض طرق التفكير ممكنة، وكيفية تغذّي وتغذية سرديّات التمكين من/للخطابات السائدة – يمكن لنظام الحقيقة نفسه أن يُسحب وتُعاد روايته (كيم، 2007، ص. 83). لكن، يتطلّب هذا الأسلوب في التحليل حساسية إزاء التعقيدات السياسية المرتبطة بالمشاركة في نقد خطاب وعمل التمكين، في الحالات التي تكون فيها المنظّمات غير الحكومية والجمعيّات الخيرية الخاصّة الملاذ الأخير لتقديم الخدمات والدعم.
تعلّمت من خلال هذه المقاربة، كيف أنّ العاملين/ات المجتمعيين/ات، القادرين/ات على تولّي مواقع شخصية متعدّدة في أيّة لحظة، يضعون الاستراتيجيات ويفاوضون علاقات القوّة العالقين/ات فيها ضمن سياقات عملهم/ن، أحيانًا، عبر استملاك فضاء استنباطي، المنافسة، وأيضًا عبر تأكيد السرديّات السائدة التي يعايشون. وبالنتيجة، نبدأ برؤية سرديّات التمكين وكأنّها خطابات متصادمة وبنى معقدّة ومتشعّبة المستويات؛ وهي قد تشكّل توليفة غير متوّقعة، مبعثرة، ومتناقضة (شارما، 2008) بعكس المسارات والمخرجات المستقيمة والعالمية والحتمية، والسهلة الفهم. وعلى الرغم من صعوبته، أؤمن أن البحث المستنير بالفنون قادر على جعل البحث أكثر صلة، ووصولًا وتمحورًا حول المجتمع، مكرّمًا الطرق المتنوّعة للمعرفة. فهو قادر على تسهيل صنع المعنى التشاركي والنقدي في السياقات اليومية، الأمر الذي يعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لتنمية المجتمعات، والحركة النسائية، والإنتاج النظري النسوي.
Ahmed, S (2017). Living and Feminist Life. London: Duke University.
Ahmed, S. (2000). Strange encounters: Embodied others in post-coloniality. London: Routledge.
Batliwala, S. (2007). “Putting power back into empowerment” [Electronic Version]. openDemocracy. Retrieved September 30, 2008, from http://www.opendemocracy.net/article/putting_power_back_into_empowerment_0
Butler-Kisber, L. (2010). Qualitative inquiry: Thematic, narrative, and arts-informed perspectives. London: Sage.
Cole, A. (2002, November 12). “The art of research.” University of Toronto Bulletin, p. 16.
Cole, A., & Knowles, G. (2008). “Arts-informed Research.” In A. Cole & G. Knowles (Eds.), Handbook of the Arts in Qualitative Social Science Research: Perspectives, Methods and Issues (pp. 55-70). Thousand Oaks, CA: Sage.
Cornwall, A., & Brock, K. (2005). “What do buzzwords do for development policy? A critical look at ‘participation’, ‘empowerment’ and ‘poverty reduction’.” Third World Quarterly, 26(7), 1043-1060.
Dunlop, R. (2008). “‘Boundary bay’: Rishma Dunlop's story.” In Four Arrows & D. T. Jacobs (Eds.), The authentic dissertation: Alternative ways of knowing, research, and representation (pp. 61-65). New York: Routledge.
Gosse, D., Barone, T., & Kaplan, R. B. (2008). “‘Breaking silences’: Douglas Gosse's story.” In Four Arrows & D. T. Jacobs (Eds.), The authentic dissertation: Alternative ways of knowing, research, and representation (pp. 66-80). New York: Routledge.
Fluck, W. (2003). “Fiction and justice.” New Literary History, 34, 19-42.
Goetz. (2001). Women development workers: Implementing rural credit in Bangladesh. New Delhi: Sage.
Goetzman, D. “A brief overview of co-operative inquiry” [Electronic Version]. Retrieved January 22, 2002, from http://npenden.com/An%20Overview.htm
Kabeer, N. (2001). Discussing women's empowerment: Theory and practice Stockholm: Swedish International Development Cooperation Agency.
Kim, H. S. (2007). “The politics of border crossings: Black, postcolonial and transnational feminist perspectives.” In S. N. Hesse-Biber (Ed.), Handbook of feminist research. Thousand Oaks, CA: Sage.
McIntyre, M. (2004). “Ethics and aesthetics: The goodness of arts-informed research.” In Ardra. L. Cole, Lorri Neilsen, J. G. Knowles & T. C. Luciani (Eds.), Provoked by art: Theorizing arts-informed research (pp. 251-261). Halifax, NS: Backalong Books/Centre for Arts-Informed Research.
Minh-ha, T. T. (1989). Woman, native, other. Indianapolis: Indiana University Press.
Nagar, R. (2006). “NGOs, global feminisms, and collaborative border crossings.” In Sangtin Writers & R. Nagar (Eds.), Playing with fire: Feminist thought and activism through seven lives in India (pp. 132-155). Minneapolis: University of Minnesota Press.
Neilsen, L. (2002). “Learning from the liminal: Fiction as knowledge.” Alberta Journal of Educational Research, XLVIII(3), 206-214.
Parpart, J., Connelly, P., & Barrteau, E. (Eds.). (2000). Theoretical perspectives in gender and development. Ottawa: International Research Development Centre.
Pervaiz, M. (2003). “Impact of state on development of social sciences in Pakistan.” Council of Social Sciences Pakistan Newsletter.
Rowlands, J. (1998). “A Word of the times, but what does it mean? Empowerment in the discourse and practice of development.” In H. Afshar & M. Maynard (Eds.), Women and empowerment: Illustrations from third world women. New York: St. Martin's Press.
Rana, S. (2019, February 16). “Govt refuses to register 45 NGOs.” The Express Tribune. Retrieved from https://tribune.com.pk/story/1911633/1-govt-refuses-register-42-ngos/
Richardson, L. (2004). “Writing: A method of inquiry.” In S. N. Hesse-Biber & P. Leavy (Eds.), Approaches to qualitative research: A reader on theory and practice. New York: Oxford University Press.
Sayeed, S. (2018, October 4). “Pakistan tells 18 NGOs to leave: Action Aid.” Reuters. Retrieved from https://www.reuters.com/article/us-pakistan-ngos/pakistan-tells-18-inter...
Saigol, R. (2005). “The state of educational discourse in Pakistan.” In Inayatullah, R. Saigol & P. Tahir (Eds.), Social sciences in Pakistan: A profile (pp. 77-127). Islamabad: Council of Social Science Pakistan (COSS).
Sameshima, P. (2008). “Navigating marine drive: Embarking on an arts-informed thesis.” In J. G. Knowles, S. Promislow & A. L. Cole (Eds.), Creating scholartistry: Imagining the arts-informed thesis or dissertation (pp. 151-165). Halifax, NS: Backalong Books.
Sharma, A. (2008). The logics of empowerment: Development, gender, and governance in neoliberal India. Minneapolis: University of Minnesota Press.
Sullivan, A. M. (2009). “On poetic occasion in inquiry: Concreteness, voice, ambiguity, tension, and associative logic.” In M. Prendergast, C. Leggo & P. Sameshima (Eds.), Poetic inquiry: Vibrant voices in the social sciences (pp. 111-126). Boston: Sense Publishers.
Zia, A. S. (2018). Faith and Feminism in Pakistan: Religious agency or secular autonomy. Lahore: Folio.