تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم قوس قزح في القاهرة

السيرة: 

لارا منصور هي باحثة في النوع الاجتماعي والجنسانيّة. تتّخذ منهجًا متعدد التخصصات في دراساتها التي تقع عند تقاطع الثقافات الإلكترونية والأنثروبولوجيا والاقتصاد السياسي وحقوق الإنسان. وهي مهتمة بدراسة هذه القضايا في سياق منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والقارّة الأفريقيّة، وتأمل في تحقيق مزيد من ذلك في درجة الدكتوراه. في وقت فراغها، تحب القيام بأعمال حرفيّة يدويّة والتمسيد على قططها والتّصميم والقراءة والسفر لحضور المؤتمرات المتعلقة بالجندر والمرتبطة بالتكنولوجيا.

‫ ‫الملخص: 

أدرس في هذا المقال حادثةً بدأت بحفلٍ موسيقي في إحدى مناطق الطبقة الوسطى العليا في القاهرة، وانتهت بحملة قمعٍ على مجتمع المثليين/ات ومزدوجي/ات الميل الجنسي والعابرين/ات جنسيًا وجندريًا والكويريين/ات وثنائيي/ات الجنس واللاجنسيين/ات وغيرهم/ن (مجتمع الميم) في مصر. وأدت تكنولوجيات المعلومات والاتصالات دورًا رئيسًا في هذه الحادثة من خلال التمثيلات والمواقف المتنازعة للدولة ولأفراد الميم في مصر. وفي المقال أدناه، أحاول استكشاف التعقيدات الكامنة في استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات من قبل أجهزة الدولة وممثّلي/ات خطابها على الإنترنت من جهة، وسرديات أفراد الميم وحلفائهم/ن من جهةٍ أخرى، كما أتفكّر في كيفية اشتغال هذا المحلّ ذاته كحضورٍ وغيابٍ قسريٍ للطرفين. وترتكز دراستي على مقابلاتٍ شخصيةٍ أجريتها مع أشخاصٍ ممّن انخرطوا/ن مباشرةً في تلك الأحداث.

الكلمات المفتاحية: 
Cyberattack
LGBTIQA++
Egypt
Facebook Groups
Cyber Ethnography
Mashrou’ Leila
اقتباس: 
لارا منصور. "تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم قوس قزح في القاهرة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 4 عدد 1 (2018): ص. 80-93. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 21 نوفمبر 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/icts-as-the-bullring.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (844.99 كيلوبايت)
ترجمة: 

لين هاشم كاتبة ومؤدّية نسوية تعيش في بيروت. حازت على شهادة الماجستير في علوم الجندر والجنسانية من جامعة لندن، وهي جزءٌ من مجموعاتٍ نسويةٍ عدّة في لبنان والمنطقة. نُشرت كتاباتها وترجماتها في عددٍ من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية من بينها ملحق "شباب السفير" ومجلة "كحل" لأبحاث الجسد والجندر. عملت كمدرّبة ومستشارة وباحثة في عددٍ من المؤسسات من بينها "فريدا: الصندوق النسوي الشاب" والجامعة الأميركية في بيروت. تشارك باستمرارٍ في أمسياتٍ شعريةٍ ومهرجاناتٍ فنيةٍ في لبنان والخارج. في أيار 2018، كتبت عرض "المسافة الأخيرة" وأدّته مع الفنان والراقص ألكسندر بوليكفتش في ختام معرض "رسائل حب إلى ميم" من تنظيم ديمة متى في بيروت، ثم في بلفاست وكتماندو. تعمل حاليًا على نشر مجموعتها الشعرية الأولى بعنوان "حقد طبقي".

Islamkhatib.png

Islam Khatib

مقدّمة

بدأ يوم الجمعة في 22 أيلول/ سبتمبر 2017 كنهاية أسبوعٍ حماسيةٍ لمَن كانوا/ كنّ سيحضرون الحفل الموسيقي الذي كانت تحييه فرقة “مشروع ليلى” اللبنانية في القاهرة. وكان الحفل مقررًا في “مدينة مهرجان القاهرة” التي تُعد مساحةً تجاريةً للطبقة الوسطى العليا، والتي تستضيف فرقًا معاصرةً أخرى. وتراجع الحماس مع تقدّم الأمسية، بدءًا بشهاداتٍ عن حوادث تحرّشٍ عند البوابات، ووصولًا إلى الأعمال الانتقامية من رفع علم فخر التنوع الجنسي (المسمّى أيضًا بعلم قوس قزح). واعتبر بعض الأشخاص المنتمين/ات1 إلى مجتمع الميم2 رفعَ علم قوس قزح مناسبًا للحدث، نظرًا لكون المغنّي الرئيس لفرقة “مشروع ليلى،” حامد سنّو، مثليًا علنًا.

بعد انتهاء الحفل، شنّت الشرطة المصرية حملة قمعٍ هائلةٍ ضد المثليين/ات والكويريين/ات والعابرين/ات جنسيًا، بالتزامن مع حملة بروباغندا إعلامية شرسة وفورة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن ما اصطلح على تسميته “حادثة علم قوس قزح.” وبرّرت خطابات الدولة الاعتقال الجماعي والبروباغندا المتنكّرة في زيّ حماية الوطن من “الرذيلة،” لكن هذه التبريرات كانت بعيدةً كل البعد عن الصدق، إذ أنها مستمرة منذ العام 2013 وفقًا لداليا عبد الحميد (Mada Masr, 2017b)، مديرة برنامج الجندر والجنسانية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR). ووفقًا لفريق الدعم القانوني لمنظمة بداية المصرية المختصة بقضايا مجتمع الميم في وادي النيل (Bedayaa LGBTQI in the Nile Valley, 2018)، فقد أحصيَت 77 حالة اعتقال، حضر اثنان أو ثلاثة منهم/ن فقط الحفل الموسيقي، ورفع أحدهم/ن علم قوس قزح. أما بالنسبة إلى باقي المعتقلين/ات، فإما تم “الإيقاع بهم/ن” إلكترونيًا – وهو أمرٌ أعود إليه لاحقًا – ومن ثم اعتُقلوا/ن من منازلهم/ن، أو قُبض عليهم في أماكن التعارف المعروفة للرجال المثليين من للطبقتَين الوسطى والعاملة في وسط القاهرة والجيزة.

في هذا المقال، أحاول تحرّي دور الإعلام الاجتماعي، ولاسيما فايسبوك، بصفته حلبة مصارعة: كموقعٍ لخطاب السلطة وخطاب حماية الأخلاق الوطنية من جهة، وكمكانٍ للتجمّع والدعم وتحدّي الهوية والتمثيل من جهةٍ أخرى. وأحلّل هذه الحادثة عن طريق تقديم ملخصٍ للمشهد الإلكتروني في مصر ودوره في التعبئة السياسية والاجتماعية. وبالعودة إلى تاريخ حملات القمع ضد هويات الميم، أسلّط الضوء على وسائل مراقبة الاعتقالات والفجوات القانونية فيها، وأسند هذا التحليل إلى تقريرٍ للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعنوان “الفخ: معاقبة الاختلاف الجنسي في مصر” (Abdel-Hamid, 2017) الذي يوثّق أربعة أعوامٍ من عرقلة وقمع أفراد مجتمع الميم في مصر. بالإضافة إلى ذلك، أبني أيضًا على معرفتي وتجاربي الخاصة في الأعوام السبعة الماضية التي عملت فيها مع وفي منظمات المجتمع المدني، وشاركت فيها في نقاشات القوانين المتعلقة بالجندر والجنسانية والأمان الرقمي في مصر. بعدها، أنظر في حفل “مشروع ليلى” كـ”حدثٍ” أو كصدعٍ يخرّب نظام الأشياء، وفقًا لباديو (2005, p. xxvi; Norris, 2009, p. 9). بهذا المعنى، يعيد الصدع تعريف معنى المدلول، مؤديًا إلى تحولٍ ما. باختصار، من خلال تحليل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، ينظر هذا المقال في الحدث كمكانٍ للمواجهات الهوياتية، مسلطًا الضوء على مفهوم الشخصي كسياسي والعكس بالعكس. ويهدف المقال أيضًا إلى تحرّي الطيف المتصل وغير المتصل بالإنترنت من دون البناء على هذه الثنائية، بما أن كليهما جزءً لا يتجزأ من الوجود المعاصِر.

 

ملاحظة بشأن المنهجية والنطاق

أبني دراستي على الملاحظة المشاركة وعلى مقابلاتٍ شبه هيكلية، كما سبق لي الاطلاع على نقاشاتٍ دارت في مجموعات فايسبوك السرية الخاصة بأعضاء مجتمع الميم قبل الحفل، وفي خلاله وبعده. بالإضافة إلى ذلك، كنت شهدتُ حملات القمع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي عبر صفحات فايسبوك الرسمية، ومنشورات الشرطة المصرية، والمنصّات الإعلامية التي تبنّت خطاب الدولة، كما تابعتُ نشاطات منظمات وناشطي/ات حقوق الإنسان الإلكترونية وغير الإلكترونية. وأجريتُ مقابلاتٍ بسيطةً وأوليةً مع أعضاء في مجتمع الميم ممّن حضروا/ن الحفل أو ممّن يديرون صفحاتٍ سريةً على فايسبوك، وممّن وجدوا/ن أنفسهم/ن متأثرين/ات مباشرةً بالأعمال الانتقامية. وتحدثتُ إلى أعضاء في منظماتٍ ساعدت في تقديم الدعم القانوني وغير القانوني، وفي التحقّق من المعلومات التي كانت تنتشر على الإنترنت بشأن الاعتقالات. بالتالي، تتألّف ملاحظاتي من لقطات شاشةٍ مُسودةٍ، وملحوظاتٍ ميدانية من المقابلات المباشرة، وتسجيلاتٍ مرمّزة أو محادثاتٍ مع ناشطين/ات و/أو باحثين/ات بمن فيهم/ن أنا. وحصلت على الموافقة من كافة الأطراف المعنية لاستخدام هذه الملاحظات.

بالنسبة إلى جغرافيّة حقل الدراسة خاصّتي، فأحدّد حدود ما تعنيه مصر بحسب ما تعنيه الجغرافيا في مجال الإثنوغرافيات الإلكترونية، وفقًا لدراسات عالمي/ات الإثنوغرافيا الرقمية.3 بهذا المعنى، يمكن تأكيد إمكانية رسم خريطة وجودنا الإلكتروني وغير الإلكتروني في تداخلهما؛ فهذان التجسّدان ليسا وجهَين لعملةٍ واحدة من حيث أنهما “نحن” كأفراد، بل هما أشبه بمصفوفةٍ من الأفعال وردّات الفعل المعقّدة بين الـ”نحن” كوحدةٍ من جهة، والـ”نحن” الاجتماعية من جهةٍ أخرى.

إذًا، ليست الجغرافيا مجرد مفهومٍ مبسطٍ لعناوين بروتوكول الإنترنت (IP) التي تدخلنا إلى هتروتوبيا4 الإنترنت، أو الوثائق الرسمية التي تخرقنا وقتما وحيثما يشاء مصدروها. الجغرافيا – أو مصر في هذه الحالة – هم/ن أولئك ممّن عاشوا/ن ويعيشون في مصر، وبالتالي يعيشون مصر، سواء كانوا يحملون الجنسية المصرية على الورق أم لا، وسواءً كانوا لاجئين/ات أو أجانب أو حتى يعيشون في الخارج لكن يرتبطون بهذه الجغرافيا بطريقةٍ أو بأخرى (أخلاقيًا، أو اجتماعيًا، أو سياسيًا أو ثقافيًا). إنها المساحة السياسية في داخل المساحة الشخصية، والعكس بالعكس؛ إذ يتداخل الهنا والهناك، والسياسي والشخصي.

 

الإقتصاد السياسي للإنترنت في مصر

دخل الإنترنت بصيغة خطوط الاشتراك الرقمية (DSL) إلى مصر في العام 1992، بدءًا بخدمة الإنترنت عبر الهاتف التي وفّرتها شركة الاتصالات الرئيسة “أوراسكوم” (Orascom)، قبل أن تبدأ بتوفير خطوط الاشتراك الرقمية المجانية في أواخر التسعينيّات ومطلع الألفية الثانية. وقتذاك، كانت تُستخدَم لأغراض التعارف منصاتٌ للدردشات مثل “آي. سي. كيو” (ICQ)، و”ياهو مسنجر،” و”إم. إس. إن. مسنجر” وغيرها من المنصات الإلكترونية ذات مستوياتٍ متفاوتةٍ في دمج بيئة الحقيقة الافتراضية، مثل IMVU و”سيكوند لايف” (Second Life).

حاليًا، يوجد خمسة مزوّدي خدمات الإنترنت في مصر، وتظلّ خطط تطوير الإنترنت بشكلٍ أساسيٍ مؤسسيةً وممأسسة (Ministry of Communication and Information Technology, 2017). أما لناحية السكان والفئات العمرية، فيشير تقريرٌ (2017) أصدره الإتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى أن 60-80% من المصريّين/ات من الفئة العمرية 15-24 هم/ن مستخدمون/ات نشطون/ات للإنترنت. بالتالي، يصوغ هؤلاء المستخدمون/ات المحتوى المُشارَك على الإنترنت واللغة المستخدمة كذلك، ويعيدون تعريف مساحات النقاش والمواجهة. وتمثّل انتفاضات 2010 في تونس التي تردّد صداها في الثورة المصرية في 25 كانون الثاني/ يناير 2011، مؤشرًا على هذه الخريطة الرقمية المتغيّرة.

بعد يومين من تفجّر ثورة 25 يناير، حاول الأشخاص الذين واللواتي يعيشون ضمن نطاق بروتوكول الإنترنت الخاص بمصر دخول الشبكة من دون جدوى. وعلى حد تعبير لوري أندروز “سحب نظام مبارك قابس الإنترنت في مصر” (2012، ص. 61). لكن تحقيق رينيسيس5 يقترح أن الحكومة المصرية أمرت شركات الاتصالات الأربع الرئيسة في البلاد بسحب بروتوكول البوابة الحدودية (Border Gateway Protocol) خاصتها؛ أي بمعنًى آخر، كانت شبكة الإنترنت تعمل، لكن الكيان الذي يوصل الخدمة من الكابلات الدولية إلى الجغرافيا المحلّية المصرية كان مغلقًا عن قصد (Andrews, 2013). وتشكّل هذه الحادثة سابقةً لجهة إدراك الدولة المصرية لقوة خدمات الإنترنت في مجال التعبئة السياسية، ما أدّى إلى اتخاذ تدابير قانونية لوضع تكنولوجيات المعلومات والاتصالات تحت السيطرة. أما المتظاهرون/ات، فعثروا/ن على طرقٍ بديلةٍ للتواصل مع الجغرافيات خارج مصر باستخدام الفاكس، والمودم الهاتفي وشبكة بلاكبيري عبر خدمة الرسائل الفورية (BBM) التي لم تكن خاضعةً لسلطة أي دولة، بالإضافة إلى “استعارة” شبكات البلدان المجاورة بالقرب من المناطق الحدودية. وفي مقالٍ عن التمثيل الافتراضي في بيئة MMORPG ثلاثية الأبعاد في “سيكوند لايف،” وجدت فودة (2016) أن بعض الأشخاص اتخذوا جزيرةً افتراضيةً اسمها مصر على منصّة “سيكوند لايف” بغرض الدردشة بعضهم/ن مع بعض، بمن فيهم/ن العائلات والأصدقاء، وكانوا يتنكّرون كأفاتارات لمناقشة الوضع السياسي بحرّية.

وفي خلال الأعوام السبعة التي قضيتها في القراءة وحضور وتقديم ورشات العمل عن الأمان الرقمي، وحَوكَمة الإنترنت والإثنوغرافيات الإلكترونية، لاحظتُ أن بعض الناشطين/ات الرقميّين/ات وناشطي/ات ومناصري/ات حقوق الإنسان يتأرجحون بين التكنوفيليا والتكنوفوبيا6عندما يتعلّق الأمر بتداخل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات مع حياتنا اليومية. لكن نظرة واقعية إلى الفضاء الإلكتروني تكشف التالي: أولًا، وسائل التواصل الاجتماعي هي بمثابة فسيفساء لأفكارنا وتمثيلاتنا المعلَنة منها وتلك المعلَنة بفعل واقع الرقابة. بالتالي، ونظرًا لكونه بعيدًا عن رقابة الدولة، يسمح هذا الفضاء بتجلّيات الهيمنة ومناهضة الهيمنة في آنٍ معًا. ثانيًا، وفي ظلّ نسبة مشاركةٍ شبابيةٍ كبيرة، ونسبة انتشارٍ عاليةٍ لشبكة الجوال، ووجود الشبكة السوداء (dark web) وقرصنة الأفلام والوثائق، بات هناك وعيٌ متزايدٌ بالطبيعة ذات الحدّين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من جهة، وبإمكانيات الشبكة بصفتها لا محدودة تقنيًا من جهةٍ أخرى. بمعنًى آخر، لا يمكن لأيّ سياسةٍ أن تقطع الناس تمامًا عن بوابات التواصل والمعرفة. وثالثًا، إن الرقابة الثقافية والأخلاقية هي حتمًا إحدى العلامات الأساسية لوسائل التواصل الاجتماعي؛ وفي وقتٍ تسهّل فيه تكنولوجيا الإنترنت عملية تبادل المعلومات ورأس المال، وتتحدّى الأبعاد المكانية – الزمانية، يمكن القول إن ليس فيها من أمرٍ مطلقٍ سوى إمكانيات الحرّية التي تحتويها، وليس على الفرد سوى امتلاك المعرفة والوصول لتحقيق ذلك.

وبناءً على البحث والتجارب الشخصية المذكورة أعلاه، لاحظتُ أيضًا فهمًا وصياغةً أوسع للرقابة الجماهيرية، فمع اتساع “الهامش،”7 حتى إن لم يعلم الشخص بأمر الاعتقالات عن طريق النشاط الرقمي، فمن الممكن أن يسمع بأمر من حوكِموا وحوكِمن أمام المحكمة العسكرية بتهمة الهجاء الإلكتروني. وفي حال فاتت القضايا الشخصية انتباه المرأة، فمن الممكن لها أن تعرف بأمر ممثّلي/ات الدولة ممّن يحاضرون بالاستخدام “السليم” لوسائل التواصل الاجتماعي، أو بالبروباغندا الخاطئة عن قرصنة المواقع والقراصنة؛ وقد يكون الشخص جزءًا من فريقٍ ما، أو له صديق اتُهِم زيفًا بالانتماء إلى الإخوان المسلمين فاعتُقل وصودر هاتفه. بمعنًى آخر، شهدت الأعوام السبعة الماضية موجات رقابةٍ ومراقبةٍ لم تنحصر بمجتمع الميم (Hamama, 2017). وقد أدّت الرقابة والمراقبة الإلكترونية إلى تحولٍ في الاستهلاك الإلكتروني على صعيد الحيوات الشخصية للمستخدمين/ات. وفي وقتٍ يتحوّل فيه الناس إلى استخدام تطبيقَي “واتساب” و”سيغنال،” ما زال آخرون/ات يستخدمون تطبيقاتٍ غير آمنة. لكن تغيّر المشهد (أو انعدامه) يتعزّز بفعل النظرية المعرفية التي باتت منتشرةً اليوم بشأن الرقابة الجماهيرية.

 

التقاطعات بين تشريعات الدولة، والمثلية والثقافة الإلكترونية

منذ مطلع القرن العشرين، تصوغ الثقافة الشعبية مشهدَ التعارف المثلي المصري، فالرجال المثليون الذي يتمتعون بوصولٍ أكبر إلى الأماكن العامة من النساء المثليات، اضطروا إلى ابتكار لغةٍ رمزيةٍ تعمل عمل الدال بين أقرانهم وفي أماكن كالحانات، والمقاهي والشوارع المحلّية. وهذه اللغة التي تتّسم بالسرّية كقواعد فيلم “نادي المصارعة” (Fight Club) ما زالت مستخدمةً اليوم، وهي تشمل إشاراتٍ لغويةٍ وجسدية. وتؤكّد مصادر شفهيةٌ كثيرة أن هذه اللغة موروثة من مشهد راقصات الرقص البلدي قديمًا، أي العوالم، فمعظم الأفلام المصرية القديمة والحديثة التي تتناول حيوات راقصات الرقص البلدي، تتضمّن شخصية ولدٍ أنثوي المظهر، أو صبي العالمة الذي يتبع الراقصة الرئيسة، أي المعلّمة، حيثما تذهب. وباتت شخصية صبي العالمة الشعبية صورةً نمطيةً تُستخدم لتمثيل جميع الرجال المثليين، ما جعل صعبًا على المخيلة الاجتماعية أن تفهم التصوير الأكثر معاصّرةً للمثلية الجنسية. وأطرح على سبيل المثال شخصية حاتم رشيد في رواية عمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني، وهو رئيس تحريرٍ في صحيفةٍ فرنسيةٍ بارزة، ويُعد من الطبقة الاجتماعية العليا، وينخرط في علاقةٍ جنسيةٍ مع البوّاب. بالنسبة إلى الجمهور العام المصري، كانت صورة الرجل المثلي “المحترم” الذي يتبختر في شوارع وسط البلد لا تزال غير مستساغة، وقد اكتسبت نوعًا من الظهور فقط مع تمدّد الإعلام الإلكتروني وإطلاق مواقع التعارف المثلية في أواخر التسعينيّات ومطلع الألفية. وعلى الرغم من هشاشة المساحات الإلكترونية غير الآمنة كمواقع للتعارف، شكّل الأمر تمردًا على الوضع القائم، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تدريجيًا المحلّ الذي تُمارَس فيه هذه اللغة، وتُناقش وتُواجَه، وإن في مجموعاتٍ مغلقة.

وفي وقتٍ تتباين فيه معاملة الدولة المصرية للرجال المثليين بحسب تغيّر أنظمة السلطة وسياقاتها، فإن القانون الجزائي المصري الحديث لا يُجرّم المثلية، نظرًا لأن النظام القانوني لا يعترف بها في الأساس كفعلٍ اجتماعي موجود. لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى العمل الجنسي: فالتحدث عن التفاوض أو الانخراط في الخدمات الجنسية مقابل المال ما زال يُعد عملًا جرميًا وفقًا للمادة 10/1961 من القانون الجزائي (Abdel-Hamid, 2017)، وهي المادة التي تُستخدَم لملاحقة الرجال المثليين والأشخاص العابرين/ات جنسيًا وجندريًا، ولاسيما النساء العابرات منهنّ. وعلى الرغم من الرفض الاجتماعي السائد للمثلية في الجغرافيا المصرية، “عُرِف” وزيران طويلا الأمد بمثليّتهما تحت نظام مبارك، وكذلك عددٌ كبيرٌ من الشخصيات العامة كالممثّلين ورؤساء التحرير.

لذلك، كانت مداهمة نظام مبارك لسفينة “كوين بوت” في أيار/ مايو 2001 مفاجئةً بالنسبة إلى باحثي/ات ومحامي/ات حقوق الإنسان، واضعةً قيمهم/ن موضع اختبار. ويستذكر جاسر عبد الرازق، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن “الحادثة الوحيدة التي جاءت على نطاقٍ هائلٍ واجتذبت اهتمامًا إعلاميًا واسعًا قبل قضية الكوين بوت كانت قضية “عباد الشيطان” ]في أواخر التسعينيّات[” (Mada Masr, 2017a). وفي وقتٍ تعتبر فيه داليا عبد الحميد أن كافة الأنظمة المصرية استخدمت حملات القمع لتشتيت الانتباه عن مسائل أخرى كالأزمات الاقتصادية، مستخدمةً الذعر الأخلاقي كوقودٍ اجتماعي، يرجع عبد الرازق استراتيجية تشتيت الانتباه هذه إلى حقبة مبارك، مميزًا إياها عن حملة القمع التي يشنّها النظام الحالي ضد اللانمطية، كوسيلةٍ لبناء الأمة (Mada Masr, 2017a). من الواضح أن “ولع” النظام المصري الحالي بفرض الرقابة على مجتمع الميم والمنظمات غير الحكومية يزداد في الأوقات التي تكثر فيها انتهاكات حقوق الإنسان بغرض تشتيت انتباه الجمهور العام. وعلى سبيل المثال، وبعد تحميل فيديو على موقع يوتيوب لحفل زفافٍ مثلي على فلوكة في العام 2013، أطلق النظام موجة اعتقالاتٍ ضد أفرادٍ من مجتمع الميم، واستذكرتُ آنذاك العلاقة بين الضجة التي أحدثتها هذه الاعتقالات من جهة، وتلك التي استهدفت المدنيين/ات المتظاهرين/ات ضد قانون منع التظاهر أمام قصر الإتحادية الرئاسي من جهة أخرى (Fouda, 2014). لكن عبد الرازق محقٌ أيضًا بالنسبة إلى أن استمرار اضطهاد النظام للرجال المثليين والنساء العابرات جنسيًا يمثل عارضًا لعقيدةٍ بالغة الميزوجينية تشرعِن أشكالًا معينةً من الرجولة، وتربطها إما بـ”الدين” أو بـ”التقاليد.” وهذه الآلية الأوتوماتيكية الموجّهة بواسطة الأجهزة الأيديولوجية تعزّز هذا الخطاب وتدفع به قدمًا.

منذ قضية “كوين بوت،” صار الرجال المثليون مستهدفون بشكلٍ رئيسٍ على الشبكة العنكبوتية (www): حساباتٌ زائفةٌ تقنع مدراء الصفحات الإلكترونية بأن أصحاب الحسابات هم زبائن أو أحباب محتملون. وبعد تبادل الرسائل على برامج الدردشة الفورية، يغوي هؤلاء الرجالَ لملاقاتهم في مكانٍ ما حيث يقعون في الكمين المُعد لهم. ولحظ تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (Abdel-Hamid, 2017) أن جغرافية القاهرة هي الأبرز على خريطة الاعتقالات. وتُنفد هذه الاعتقالات بشكلٍ خاصٍ في مناطق التعارف والتلاقي المثلي كالدقّي في الجيزة، وشارعَي رمسيس وكلوت بك في وسط البلد.

مصطفى8 طالبٌ جامعيٌ مثليٌ ينتمي إلى الطبقة الوسطى، يعيش في القاهرة لكنه ينحدر أساسًا من صعيد مصر. صاغت لقاءاته الأولى مع الإنترنت معرفته وأسئلته بشأن ميله الجنسي، كما حال معظمنا. أخبرني مصطفى أنه بالإضافة إلى المقاهي القديمة المعروفة ومشهد الحانات، تشكّل المواقع الإلكترونية مساحة تعارفٍ للرجال المثليين في مصر. بالنسبة إلى مواليد أواخر الثمانينيّات، شكّلت الشبكة العنكبوتية نقطة تحولٍ ثقافي. قبلها، كان التصنيف الثقافي الهوياتي تحت مصطلح مجتمع الميم محدودًا جدًا، وكان الرجال المثليون يتواصلون بالإشارات واللغة المرمّزة التي لم تُترجَم بالضرورة إلى هويةٍ ما. بمعنًى ما، أصبحت التسميات صيحةً جديدة، لكنها ما زالت في طور صياغة طابعها المحلّي وفقًا للغة المجتمعية الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، أدّت الشبكة العنكبوتية دورًا كبيرًا في مرحلة “نضوج” الجنسانيات كافّة، في وقتٍ شكّلت فيه المواقع الإباحية والصحية والمدونات الشخصية الأساسَ اللاشعوري لجمع المعلومات ومشاركتها، من موضوع فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب/ الإيدز إلى موضوع الأماكن الصديقة للمثليين في مصر. بهذا المعنى، كان على الرجال المثليين الذي شبّوا قبل قدوم الإنترنت الحرّ سلوكَ طرقٍ أخرى للوصول إلى المعرفة. وبما أن المشهد والعمل الأرشيفي الخاص بالدراسات المثلية المعاصِرة السابقة للإنترنت معدومٌ في مصر، فإن الأدب المتوفّر يشير إلى “مرحلةٍ تاريخيةٍ” أكثر كالاحتلال العثماني. بالتالي، فإنّ معرفتنا الجماعية بالحيوات غير النمطية في زمن ناصر، والسادات، وما قبل حادثة كوين بوت وفي بداية حقبة مبارك تظلّ محدودة.

في غضون ذلك، بالنسبة إلى أطفال ومراهقي/ ات التسعينيّات ومطلع الألفية، كمصطفى وغالبية من حاورتهم/ن، كانت شبكة الإنترنت في حد ذاتها حدثًا، بحسب منطق باديو، من حيث تأثيرها في الجنسانيات والمعرفة والسلوك الجنسيّين. لكن الصدع “المباغت” و”المفاجئ” الذي وصفه باديو ما زال يتفاعل اليوم في ما يتعلّق بالإنترنت: فعندما شرّع نظام مبارك الإنترنت واستخداماتها في المنازل والحواسيب بأسعارٍ منخفضةٍ نوعًا ما، لم يكن يتصوّر أنها ستكون أداة دمقرطةٍ للشباب لصياغة تمرّدهم/ن ومعارضتهم/ن للنظام ذاته، ولا توقّع أن ينتهي الأمر بتنظيم تظاهراتٍ مثليةٍ إلكترونية.

 

اجتياز “ليلى”

قبل حفل “مشروع ليلى،” كان الترقّب والحماس سيّدي الموقف وسط أعضاء مجتمع الميم الناشطين/ات افتراضيًا في مجموعة “جمهورية الموز”9 السرية على فايسبوك، فأخذ من كانوا يخطّطون لحضور الحفل يشاركون صور حياكة أعلام قوس قزح، ما ولّد نقاشًا عن حسنات وسيّئات رفع العلم جماعيًا. وكانت لي دردشاتٌ غير إلكترونيةٍ بعد الحفل، في الوقت الذي كانت فيه حملة القمع مستمرة، كان أحدها مع غالي،10 وهو زميلٌ باحثٌ وناشطٌ في مجال الجندر والجنسانية. وأكّد غالي أن “الحدث بالطبع كان مسألة ظهورٍ لا حصولٍ على الاعتراف – هذا هو لبّ الأمر في الأساس،” في جوابٍ على ذكري دراسة أودرا سيمسون عن الأصالة الهندية، كما في التّعريف الذّاتي الذّي تستخدمه سيمسون، في المحميات، وتعريفها للظهور والاعتراف. بالنسبة إليها (2014)، يفيد الظهورُ جعل المرء مرئيًا/ مرئيةً ومقروءًا/ مقروءةً، لكن الطريقة التي يُرى فيها المرء ويُعترَف به/ا لا تحدث بالضرورة وفقًا لإرادة الساعين/ات إلى تحقيق ذلك الظهور. وفي وقت جدالنا، أصرّيتُ على أن رفع العلم قد يكون مسألة ظهورٍ، لكنه لم يكن بالضرورة ما يطمح إليه أعضاء مجتمع الميم. لكن مع لحظي تعقيدات وتنوّع الصراعات التي يخوضها أعضاء مجتمع الميم، أدركتُ أن بعض الأفراد الذين واللواتي حضروا/ن الحفل كانوا يشاركون غالي وجهة نظره؛ بالنسبة إليهم/ن، كان الظهور فعلًا سياسيًا هامًا.

استمرّت حال الابتهاج على امتداد ساعات الحفل وحتى صباح اليوم التالي، وشارك بعض الحاضرين/ات صورهم/ن على مجموعة فايسبوك، بينما ذكر/ت آخرون وأخريات تلويحهم/ن لكاميرات الدرون التي كانت تطوف وسط الحشود. واعتبر أعضاء “جمهورية الموز” رفع علم قوس قزح “حدثًا” حطّم الحقبة السابقة التي كانت تجعل منهم/ن أشخاصًا غير مرئيين/ات وغير مقروئين/ات. واحتفت مجموعات منظمات الميم في مصر بالصدع الذي أحدثته الأذرع الملوّحة بعلم قوس قزح بين الحشود الهائلة كفعل تعبيرٍ عن الرأي: التنوع الجنسي حاضرٌ هنا وفي كل مكان.

في مجموعة “جمهورية الموز،” بدأ الذعر الجماعي يتكشّف يوم 26 أيلول/ سبتمبر. ومع ورود نبأ الاعتقال الأول، بدأ الناشطون/ات بنشر منشوراتٍ للتوعية بمسائل الأمان الشخصي والرقمي، كما بدأ أعضاء المجموعة بالتحقّق من هوية مَن ألقي القبض عليهم/ن فعلًا وتأكيد الاعتقالات بمشاركة منشورات المحامين/ات والمجموعات الناشطة بهدف تهدئة مناخ الذعر والحدّ من انتشار الشائعات، بالإضافة إلى الاطمئنان على مَن حضروا/ن الحفل. وفي ظل خوف مدراء المجموعات من أن تكون المجموعات مخترقةً أو مكشوفة، حُذفَت بعض مجموعات الميم لكن “جمهورية الموز” قرّرت البقاء مع تغيير اسمها الأساسي ووصلتها الإلكترونية. هذه التدابير التي أدّت إما إلى اختفاء المجموعات أو تغيير اسمها جاءت بعد نقاشاتٍ طويلةٍ وعاطفية. واستذكرت سميرة، وهي مديرة إحدى المجموعات وناشطةٌ وعاملةٌ في إحدى الجمعيات غير الحكومية،11 التغييرات المنهِكة والمعقدة التي عمل عليها الأعضاء والحلفاء والمختصّون/ات في الأمان الرقمي داخل مصر وخارجها، بالنسبة إلى إغلاق المجموعات أو الإبقاء عليها. واضطرت غالبية جمعيات الميم في مصر اتخاذ القرار بتعليق حضورها الإلكتروني، لكنها نجحت في أرشفة وجودها وبصماتها الرقمية. أما بالنسبة إلى المدراء والعاملين/ات المجتمعيّين/ات فكان عليهم/ن البقاء بعيدًا عن الأنظار، فحدّت سميرة من حركتها بعدما جرى تسريب اسمها واسم المنظمة التي تعمل فيها إلى التلفزيونات المحلّية. من جهةٍ أخرى، اختارت مجموعاتٌ مثل “جمهورية الموز” و”شطائر التفاح” الحفاظ على حضورهما الإلكتروني. أما مصطفى الذي يدير المجموعة بنفسه فأشار إلى أن قرار البقاء تطلّب حذرًا في وقت فوران الأخلاقيات الاجتماعية واستهداف مجتمع الميم الإلكتروني، إذ أنه لم ينطو على ضمان سلامة شخصٍ واحد بل سلامة الجميع، كما أنه استدعى تواصلًا أكثر فعاليةً من أجل تفادي شعور بعض الأعضاء بالتهميش.

واتفق مصطفى ونسمة،12 وهي عضوةٌ أخرى في مجموعة “جمهورية الموز،” على أن استمرار المجموعة بعد حادثة العلم كان مفيدًا لهما على المستويَين الشخصي والعاطفي، إذ أدّت المجموعة دورًا قياديًا في فتح المجال أمام الناس للتعبير عن الذعر، ومناقشة الحوادث والتهجّمات التي وقعت بعد الحفل، وللتواصل بعضهم/ن مع بعض في قسم التعليقات. وأمّن المدراء كمصطفى أرقام هواتف للاتصال في حال حدوث طارئ، من بينها أرقام ملاجئ وبيوت آمنة ومجموعات دعمٍ قانوني، كما عملوا/ن على حذف حسابات فايسبوك فور ورود خبر اعتقال أصحابها. لكن المعرفة العميقة لدى أعضاء الجمعيات غير الحكومية والمدراء بتدابير وبروتوكولات الحماية والأمان الرقمي لم تكن الوسيلة الوحيدة للمقاومة الرقمية، فقط ثبت أنّ الاتصال المباشر بفريق التطوير والإدارة في فايسبوك هو الطريقة الأنجع، كما أخبرني مصطفى في المقابلة التي أجريتها معه. بالتزامن مع ذلك، قدّم الأعضاء الدعم بعضهم/ن لبعضٍ عن طريق مختلف الصلات ومجالات المعرفة ودرجات الانخراط التي تجمع بينهم/ن، بالإضافة إلى تجارب البعض مع حملات القمع السابقة والتدابير الواجب اتخاذها، وقد بدا ذلك الدعم واضحًا في النقاشات التي دارت على صفحة المجموعة في أوج الحملة القمعية. واستخدم بعض الأعضاء المجموعة للتنفيس عن الضغط الذي كانوا يتعرضون له في منازلهم/ن، أو للكشف أن أهاليهم/ن اكتشفوا ميولهم/ن الجنسية. ودفع هذا التبادل بأعضاءٍ آخرين وأخرياتٍ لمشاركة قصصهم/ن المشابهة، وتوفير الدعم العاطفي للمستخدمين/ات الآخرين/ات إما على صفحات المجموعة أو على انفراد. من جهةٍ أخرى، استمر بعض الأعضاء في مشاركة معلومات الاتصال الخاصة بأطباء وطبيباتٍ صديقاتٍ للمثليين/ات من مختلف الاختصاصات، ولاسيما الطب النفسي، أو في المتابعة مع أعضاء ناشطين/ات في العادة لكنهم/ن توقّفوا/ن فجأةً عن المشاركة في المجموعة، من أجل التأكد من أنهم/ن قرروا/ن الابتعاد عن فايسبوك فحسب.

لكن ردّ فعل نسمة قدّم وجهة نظرٍ أخرى عن نشاط المجموعة وكيفية تأثيره فيها قبل الحفل وبعده، فاتحًا المجال للنقاش وكاشفًا بعض الفجوات، مثل الهيمنة الكبيرة للرجال المثليين على المساحة. وذكرت نسمة عدم رغبتها في أن تكون عضوةً ناشطةً في المجموعة، واختيارها عزل نفسها بعد حادثة علم قوس قزح:

ربما لو لم تقع الحادثة، لكنت تشجّعتُ أكثر على النشر والسؤال عن الأمور التي تهمّني، أو الإجابة على أسئلة الناس بشأن المسائل التي تعني لي ]…[ قبل ]الحادثة[، لم أكن أكترث بصراحةٍ إذا ما عرف أحدهم عني شيئًا في الحياة العادية. كما أن التركيز كان ينصبّ على الرجال المثليين، ولم تكن هناك مشكلةٌ في أن تعيش الفتيات بعضهنّ مع بعض.

لكن الأمر تغيّر بالنسبة إلى نسمة بعد حادثة علم قوس قزح، إذ شهدت للمرة الأولى حملة قمعٍ بهذا الحجم، لاسيما أنها لم تشهد في السابق أي حملةٍ من هذا النوع، بما فيها حملة كوين بوت الشهيرة. وفي إشارةٍ إلى إطار صورة الحساب التي تظهر علم قوس قزح والتي انتشرت على فايسبوك بعد الحادثة، قالت نسمة:

الآن، أتفادى ذكر الموضوع حتى ]في الأحاديث العادية[، ولا أشارك أي شيءٍ على صفحتي كي لا يفترض الناس أي شيءٍ عني أو يصنّفوني. لقد تعرّض البعض للاعتقال أو الهجوم الشديد لمجرّد تغيير صورة حسابهم/ن.

وتتخذ ردود الفعل هذه أشكالًا عديدةً في العالمَين الإلكتروني والعادي، من التعيير، إلى الإقصاء وحتى الإبلاغ عن الشخص في بعض الحالات القصوى. وتوفّر بعض المواقع كفايسبوك إمكانية التحكّم في ظهور المنشورات من خلال خلق قوائم مختلفة للأصدقاء. ولدى سؤالي نسمة عن سبب عدم استخدامها إعداد الخصوصية من أجل متابعة نشر ما تناضل من أجله وسط دائرةٍ موثوقةٍ من الأصدقاء، تنهّدت قائلة:

لا أُريد أن يصنّفني أحد، حتى أولئك الذين يتقبّلونني. نحن أكثر بكثيرٍ من ميلنا الجنسي، ولسنا نحتاج أن تدور حياتنا حول موضوعٍ واحدٍ فقط. أفضّل أن أعيش أسلوب الحياة الذي أرغب به بصمتٍ تامٍ وعلى نحوٍ غير ملحوظ.

حفل “ليلى” كحدث

في سياق “الكينونة والشمول” وعلاقتهما بـ”التقديم والتمثيل،” أعالج حادثة علم قوس قزح كـ”حدثٍ” ذي موقعٍ حدثيٍ يفيد أحاديّة الحالة. في الكينونة والحدث، يقدّم آلان باديو (Badiou, 2005) تعريفاتٍ واضحةً للحدث، والموقع الحدثيّ وعلاقتهما بعضهما ببعض:

من جهةٍ، الحدث هو تعدّدٌ مصنوعٌ من كافة التعدّدات التي تنتمي إلى موقعٍ واحدٍ، ومن جهةٍ أخرى، هو الحدث نفسه… إذًا من الواضح ]أنه[ التعدّد الذي يقدّم موقعَه بكلّيته، وينجح في آنٍ معًا، عن طريق الدال الصافي على نفسه والجوهري بالنسبة إلى تعدّده الخاص، في تقديم التقديم نفسه، بما هو واحدٌ من بين مركّباتٍ لامتناهية (ص. 179).

تتموضع حادثة علم قوس قزح كحدثٍ خارج مفهوم الأحاديّة المطلقة، إذ ترتبط بسلسة أحداثٍ وقعت قبلها وبعدها، ومن هنا إشارة باديو إلى العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل كأزمانٍ مشبعةٍ بعضها ببعض. في ضوء هذا، يُنظر إلى الحدث بصفته يولّد ما هو غير قابلٍ للفهم، أو ما يستحيل التفكير فيه؛ إلا أن الموقع الحدثي يتعقّد أيضًا بفعل المستويات المضافة من أحاديّة الحدث؛ فما بدا في الظاهر أمرًا حميدًا تمامًا (أي الحفل) حتى بالنسبة إلى الناس الذين واللواتي شكّلوا عناصر الحدث – أي التعدّدات – يمكنه أن يتحوّل إلى لحظةٍ تغيّر المشهد السياسي. الدولة، على سبيل المثال، كانت أيضًا عنصرًا من العناصر المشكّلة للمشهد؛ فقد بوغتت بلحظةٍ لم تعُد تمثّل فيها فزّاعة، فلجأت إلى الأساليب العنيفة لتعيد تثبيت سيطرتها.

كان هذا الحفل الثالث لفرقة “مشروع ليلى” في مصر. وكي تنظّم أي فرقةٍ حفلًا في البلاد، عليها الحصول على إذنٍ من جهاتٍ وهيئاتٍ حكوميةٍ كثيرة، مثل وزارتَي السياحة والداخلية، ما يعني أنّ حضور “مشروع ليلى” ومغنّيها الرئيس “المثلي علنًا،” هو أمرٌ مألوف. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن تلك المرة الأولى التي يُرفع فيها علم قوس قزحٍ في حفلٍ لـ”مشروع ليلى،” وقد شهدت ذلك بنفسي من قبل (Egypt Gay, 2015; Scoop Team, 2016). لذا، يمثّل حدث علم قوس قزح قطعًا مع ما يُعتبر “طبيعيًا” نظرًا لأحاديّته وتعقيداته السياقية.

منذ العام 2013، ازداد معدل الاعتقالات في مصر على نحوٍ هائل، فصودق على أكثر من 600 قانونٍ في غضون ثلاثة أعوامٍ، ما فرض المزيد من التقييد على حرية التجمع، والتعبير، والشراء، والضرائب وظروف العمل وغيرها، وفاقم من اختلال ديناميّة القوة في البلاد. لقد تسبّبت سياسات “حال الاستثناء” الخاصة بما يُسمى “السلوكيات الفردية” في زجّ كثيرين/ات في السجون، قامعةً أي معارضة، ومنتجةً وقائع تجريبية تُهمّش فيها مجتمعاتٌ كثيرةٌ عبر مختلف قطاعات النضال.

ومنذ العام 2001 وحتى اليوم، شهد الخطاب العام بشأن حالات التشهير بأعضاء مجتمع الميم والأشخاص ذوي/ات الجنسانيات غير النمطية تحولًا كبيرًا، وفقًا لداليا عبد الحميد، مبتعدًا عن حملات الملاحقة الداعية إلى القتل، والسجن، والاحتجاز في المصحّات النفسية والتجنيد الإلزامي (Mada Masr, 2017b). وتقول عبد الحميد: “يزداد باستمرارٍ عدد الناس في دوائرنا ]الناشطة والعاملة في مجال حقوق الإنسان[” ممّن يزدادون تقبلًا وتفهمًا للأمر (2017b)، لكنها تعترف بأن هذا التطوّر غيّر أيضًا خطاب الشرطة واستراتيجيات الإيقاع خاصّتها، إذ تحوّلت من مراقبة المواقع الإلكترونية إلى استخدام تطبيقاتٍ مثل “غرايندر” و”هورنيت” و”واتساب” (Abdel-Hamid, 2017) ومتابعة الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. وبغرض ممارسة الرقابة الجماهيرية، تتصرّف الشرطة كالروبوتات، فتخلق حساباتٍ زائفةً للإيقاع بالناس ومن ثم التشهير بهم/ن علنًا (Fouda, 2014). ولا تنتهك هذه الممارسات قوانين الخصوصية والتواصل فحسب، بل سياسات فايسبوك كذلك. لكن حملات التشهير هذه تتلقّفها الصحافة الصفراء التي تنشر خطابات “الفضيحة” بعناوين “مثيرة” مثل “اعتقال أكبر شبكة للشواذ” (Al ’Alam al aswad lel ’Askar, 2017; Al Jazeera, 2017; ElFagr, 2017).

موسعًا علاقات الفردية/ التضامن والفردية/ الدولة القومية لجهة الكينونة والشمول، يبيّن باديو (2005) بمنطق الرياضيات وبالارتكاز إلى نظرية المجموعة (set theory)، أن العلاقات بين “الكل” و”الأجزاء” من جهة، و”الواحد” و”التعدّد” من جهةٍ أخرى، تُعالَج بصفتها ثابتة وأحاديّة الاتجاه؛ لكن ذلك في الحقيقة يتجاهل دور “التعدّد” كعنصرٍ في تقديم تعدّدٍ آخر، يسمّيه الانتماء، كما يتجاهل قراءة “التعدّد” كتعدّدٍ فرديٍ ضمن تعدّدٍ آخر أكبر حجمًا منه، يسمّيه الشمول (ص. 81-83). الانتماء إذًا، هو التفاعل بين صراعاتٍ مختلفة، بينما الشمول هو الاعتراف بالثقافات البديلة والمجتمعات الفرعيّة تحت مظلّاتٍ أوسع، مثل مجتمع الميم. بالتالي، إذا ما اعتبرنا أن مجتمع الميم هو “أجزاء” هذا المجتمع، وهو كذلك، لا يعني هذا أن على كافة أعضاء هذا المجتمع أن يتشاركوا/ن المطالب ذاتها، نظرًا لكونهم/ن يُعامَلون كمجموعاتٍ فرعيّة، كما تظهر محادثتي مع غالي. وثانيًا، لا يعني هذا أن هؤلاء يرتبطون بمجموعةٍ أكبر تُسمّى الأمة، على الرغم من رغبة الدولة القومية بأن تكون “كلًا” يضمّ كامل جغرافيّتها. لكن كي تتمكّن هذه الدولة القومية من إرساء حسٍ بالوحدانية – يسمّيها باديو “]ضرورة[ هيكلة الهيكل” (ص.93) – فإنها تحتاج أن تزدوج. بمعنًى آخر، تخلق الدولة القومية هيكلًا أعلى يؤمّن لها التمثيل في مواجهة ما لا تستطيع فهمه، وبالتالي تتطلّب إما القضاء عليه أو استيعابه.

ويعني “قلق الفراغ” (ص. 94) هذا أن الدولة القومية ستفعل كل ما في وسعها لتضمن ملء هذه الفجوة بين “كينونة” وشمول الآراء والهويات بالقوة التي تعزّز هيكلها. وفي ضوء هذا، تغدو وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة حلبة مصارعة: فبصفتها جزءًا من كيانٍ أكبر هو الإنترنت، تشكّل هذه الوسائل فراغًا يحتاج إلى تمثيل، لكنه يردّد أيضًا صدى الأصوات الكثيرة التي هي “جزء” في تمثيلها الخاص. بمعنًى آخر، هي تمثّل فرادة التعدّد الذي هو جزءٌ من تعدّدٍ آخر. وفي هذه الحالة، كيف يمكننا الإفساح في المجال أمام الأصوات الموجودة ضمن ذلك التعدّد المهمّش، لاسيما في العلاقة مع خطابات التضامن؟

 

الخاتمة

ولّف هذا المقال تعدّدات وأحاديّات حدثٍ معيّن هو حفل فرقة “مشروع ليلى” في القاهرة، والذي يشكّل مثالًا على الحدث وفقًا لمنطق باديو، داعيًا إيانا إلى رؤية أحداث الحاضر كأحداثٍ فرديةٍ وكجزءٍ من تعدّدٍ في آنٍ معًا. ويعكس المقال التصوّرات عن الأصوات الفردية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أدّى الإعلام الاجتماعي دورًا عظيمًا في نزاع الهويّات، فمثّل من جهةٍ فراغًا– بالنسبة إلى الدولة القومية – ومن جهةٍ أخرى ميدانًا – بالنسبة إلى مجتمع الميم، كما عمل كمنصةٍ تكشّفت فيها معضلاتٌ كثيرة، لاسيما معضلة علاقة الأمة/ الفرد (أي الوحدة والتعدّد). بالإضافة إلى ذلك، نظر المقال في استجابات مختلف الناس لمسألة تسييس ما هو شخصيٌ لهم/ن. والأهم، طوّر المقال فهمَ صورة حلبة المصارعة بصفتها تضمّ أكثر من طرفَين متباريَين، إذ أن التعامل معها كثنائيةٍ فرعيةٍ يُعتبر تبسيطًا مبالغًا به، وإلغاءً لفرديّة الأطراف موضوع النقاش. بالتالي، يسمح المقال بالنظر إلى مجتمع الميم كأفرادٍ وكمُتبارٍ جماعي، تمامًا كما تُعد النسويات جمعًا.

إن رؤية الدولة القومية بصفتها غير متعدّدة، وفي الوقت عينه “واحدة” في معادلة الوحدة/ التعدّد، يطمس حقيقة أنها لا تستطيع احتواء “أجزائها” المزعومة (أي منصّات التواصل الاجتماعي). إذًا، عندما تتوفّر للدولة القومية تعدّداتٌ خارج سيطرتها، فإنها تستجيب بقلقٍ لهذه التعدّدية والتقديمات والتمثيلات، مغفلةً تمامًا الفرديّات المختلفة الموجودة ضمن ما تزعم أنها تحتوي، مصنّفةً التعدّدية “شذوذًا.” أخيرًا، يهدف هذا المقال إلى الاعتراف بالتعقيدات والفرديّات الكامنة ضمن التعدّد وتكريمها، والتوجّه إلى من يجدون أنفسهم/ن مواضيع بحثٍ، مثل مجتمع الميم، وجزءًا من تعدّدٍ أكبر هو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كأفرادٍ، لا كممثّلي/ات مجموعةٍ معيّنة، كما يهدف إلى النأي بنفسه عن سياسات التوكَنة (tokenization). ويأمل المقال أن يشبِك دراساتٍ إضافيةً في تحليل الخطابات وهي في طور التقديم والتمثيل.

 

  • 1. أقصد بـ”الانتماء” و”العضوية” الأشخاص ممّن يستخدمون حرفًا أو أكثر من مصطلح “المثليين/ات ومزدوجي/ات الميل الجنسي والعابرين/ات جنسيًا وجندريًا والكويريين/ات وثنائيي/ات الجنس واللاجنسيين/ات وغيرهم/ن” (مجتمع الميم) لتعريف جندرهم/ن أو ميلهم/ن الجنسي. وأجريتُ مقابلاتٍ مع بعض هؤلاء ومع آخرين وأخرياتٍ من أصحاب وصاحبات المعرفة ممّن حضروا/ن الحفل.
  • 2. يُستخدم مصطلح “مجتمع الميم” في هذا البحث لوصف كافة الأشخاص ممّن يعرّفون عن أنفسهم/ن باستخدام مصطلحٍ أو أكثر من تلك المصطلحات. وقد اخترتُ استخدام هذا المصطلح العام للإشارة إلى الأشخاص غير الممتثلين/ات جندريًا، سواءً اختاروا/ن الانخراط في ممارساتٍ مثليةٍ أو أداءٍ ممتثلٍ جندريًا أم لا.
  • 3. Hine, C. (2015). Ethnography for the Internet: Embedded, Embodied and Everyday. Huntingdon: Bloomsbury; Bell, D. (2001). An Introduction to Cybercultures. London: Routledge; Gehl, R.W. (2014). “Power/freedom on the dark web: A digital ethnography of the Dark Web Social Network.” New Media & Society, vol. 18, no. 7, 2016, pp. 1219-1235; Green, E. (2013). “Mapping the ‘Geography’ of the Internet.” The Atlantic, September 9, 2013.: https://www.theatlantic.com/technology/archive/2013/09/mapping-the-geography-of-the-internet/279434/
  • 4. هتروتوبيا (heterotopia): مفهومٌ طوّره الفيلسوف ميشيل فوكو في حقل الجغرافيا البشرية للإشارة إلى المساحات التي لا تحكمها شروطٌ مهيمِنةٌ معيّنة.
  • 5. رينيسيس (Renesys)، سلطة استخبارات الإنترنت، هي شركة بحثية إلكترونية خاصة تجري بحوثًا آنية بين المؤسسات التجارية بشأن شفافية الإنترنت لأغراض التسويق والمبيعات: https://b2b.renesys.com/about/index.shtml
  • 6. التكنوفيليا هي الانتماء الشديد والحماسة الكبيرة للتكنولوجيا ودورها في حياتنا اليومية. أما التكنوفوبيا فهي الخوف البالغ والكراهية الشديدة للتكنولوجيا التي قد تبلغ حد إسناد قدراتٍ غير واقعية للتكنولوجيا.
  • 7. أقصد بالهامش أولئك المهمّشين/ات من قبل أجهزة الدولة والموسومين/ات كـ”تهديدٍ” أو “شذوذ” لأسبابٍ اجتماعية، أو اقتصادية، أو شخصية أو أيديولوجية.
  • 8. جرى تغيير أسماء كافة الأفراد ومجموعات التواصل الاجتماعي لأسبابٍ أمنية.
  • 9. المرجع ذاته.
  • 10. المرجع ذاته.
  • 11. المرجع ذاته.
  • 12. المرجع ذاته.
ملحوظات: 
المراجع: 

Abdel-Hamid, D. (2017). “The Trap: Punishing Sexual Difference in Egypt (Human Rights).” Egyptian Initiative for Personal Rights. Retrieved from: https://eipr.org/en/publications/trap-punishing-sexual-difference-egypt

Al ’Alam al aswad lel ’Askar. (2017). من وراء حفل الشواذ بالقاهرة الجديدة أو فرقة مشروع ليلى؟”.” YouTube. Retrieved from: https://www.youtube.com/watch?v=j6fj7XBX3go

Al Jazeera, N. (2017, September 25). “احتفال راقص للمثليين في القاهرة تقرير الجزيرة.” Retrieved from: https://www.youtube.com/watch?v=twJ1frBQ1nY

Andrews, L. B. (2012). I Know Who You Are and I Saw What You Did: Social Networks and the Death of Privacy. New York: Free Press.

Badiou, A. (2005). Being and Event. London and New York: Continuum.

Bell, D. (2001). An Introduction to Cybercultures. London: Routledge

Deleuze, G., Guattari, F., Tomlinson, J., & Burchell III, G. (2014). What Is Philosophy? New York: Columbia University Press.

Egypt Gay, E. (2015, April 7). “The rainbow flag in Mashrou’ Leila concert in Cairo last Friday @hamedleila @mashrou3leila #Egypt #arablgbt #lgbtpic.twitter.com/S0eLovcyb8.” [Tweet]. Retrieved from https://twitter.com/egy_gay/status/584111824477511680?lang=en

ElFagr, N. P. (2017, September 23). “بوابة الفجر: المثليون يحتفلون برفع علمهم في حفل “مشروع ليلي” (صور).” Retrieved from: http://www.elfagr.com/2762347

Fouda, R. (2014, December 30). “Governments and their LGBT / NGOs Fetish.” [Blog]. Retrieved from: https://radwafouda.blogspot.com.eg/2014/12/lgbt-fetishism-in-political-s...

Fouda, R. (2016). Virtual Bodies: Representations of Gender & Sexuality in the Virtual Space. Working Paper, AUC.

Gehl, R.W. (2016). “Power/freedom on the dark web: A digital ethnography of the Dark Web Social Network.” New Media & Society, vol. 18, no. 7, pp. 1219-1235.

Green, E. (2013, September 9). “Mapping the ‘Geography’ of the Internet.” The Atlantic. Retrieved from: https://www.theatlantic.com/technology/archive/2013/09/mapping-the-geogr...

Hamama, M. (2017, January 17). “Infinite eyes in the network: Government escalates attack on secure communication.” Mada Masr. Retrieved from: https://www.madamasr.com/en/2017/02/10/feature/politics/infinite-eyes-in...

Hine, C. (2015). Ethnography for the Internet: Embedded, Embodied and Everyday. Huntingdon: Bloomsbury

International Telecommunication Union (ITU). (2017). “ICT Facts and Figures 2017.” Retrieved from: http://mcit.gov.eg/Upcont/Documents/Reports%20and%20Documents_692017000_...

Mada Masr. (2017a). “1/6 — قضية “كوين بوت” — Queen Boat (Vol. 1).” YouTube. Retrieved from: https://www.youtube.com/watch?v=i81kMCyVcPI&list=PL2b4XFUJwARERwAkn3pdAm...

Mada Masr. (2017b). “5/6 — حملة ما بعد 2013 — Crackdown post-2013 (Vol. 1).” YouTube. Retrieved from: https://www.youtube.com/watch?v=yo4W-KsDCCg

Ministry of Communication and Information Technology. (n.d.). “MCIT | Telecommunications – National Broadband Plan.” Retrieved from: http://mcit.gov.eg/TeleCommunications/National_Broadband_Plan_eMisr

Norris, C. (2009). Badiou’s Being and Event: a reader’s guide. London and New York: Continuum.

Patton, P. (1991). “The World Seen From Within: Deleuze and the Philosophy of Events.” Theory & Event, vol. 1, no. 1. https://doi.org/10.1353/tae.1991.0006

Scoop Team. (2016, March 19). “Hamed Sinno Applauds Rainbow Flag At Cairo Concert.” Scoop Empire. Retrieved from: http://scoopempire.com/hamed-sinno-applauds-rainbow-flag-cairo-concert/

Simpson, A. (2014). Mohawk interruptus: political life across the borders of settler states. Durham: Duke University Press.