من الأيديولوجيا إلى الدّوغمائيّة؟ نقاشٌ في “فيمين” وعلياء المهدي والتعرّي في العالم العربيّ
بالنّظر إلى فعل الإحتجاج الذي أقدمت عليه علياء المهدي بنشرها صورًا عاريةً لها على مدوّنتها، يدرس هذا المقال النقاشات التي تلت ذلك، كما أطرح فيه إشكاليّة المقاربة بين تكتيكات فيمين وفعل التعرّي لدى المهدي، من خلال البحث في أسئلة النسويّة/الكولونياليّة والنسويّة/الرجعيّة. وأتفحّص في هذا المقال عددًا من المقالات التي كُتبت عن فيمين، والتعرّي، والنساء المسلمات وسياسات الجسد، وأبيّن كيف تُجازف هذه النقاشات بحصر النسويّة ضمن معتقداتٍ دوغمائيّةٍ جامدة.
لين هاشم كاتبة ومؤدّية نسوية تعيش في بيروت. حازت على شهادة الماجستير في علوم الجندر والجنسانية من جامعة لندن، وهي جزءٌ من مجموعاتٍ نسويةٍ عدّة في لبنان والمنطقة. نُشرت كتاباتها وترجماتها في عددٍ من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية من بينها ملحق "شباب السفير" ومجلة "كحل" لأبحاث الجسد والجندر. عملت كمدرّبة ومستشارة وباحثة في عددٍ من المؤسسات من بينها "فريدا: الصندوق النسوي الشاب" والجامعة الأميركية في بيروت. تشارك باستمرارٍ في أمسياتٍ شعريةٍ ومهرجاناتٍ فنيةٍ في لبنان والخارج. في أيار 2018، كتبت عرض "المسافة الأخيرة" وأدّته مع الفنان والراقص ألكسندر بوليكفتش في ختام معرض "رسائل حب إلى ميم" من تنظيم ديمة متى في بيروت، ثم في بلفاست وكتماندو. تعمل حاليًا على نشر مجموعتها الشعرية الأولى بعنوان "حقد طبقي".
“حاكِموا العارضات اللّواتي تعرّين للفنّانين/ات في كلّيات الفنون الجميلة حتى أوائل السبعينات، وأخفوا كتبَ الفنّ وكسِّروا التماثيل العارية الأثرية، ثم إخلعوا ملابسكم وانظروا إلى أنفسكم فى المرآة، وأحرقوا أجسادكم التي تحتقرون لتتخلّصوا من عقدكم الجنسية إلى الأبد، قبل أن توجّهوا لي إهاناتكم وشوفينيّتكم أو تنكروا حرّيتي في التعبير”. – علياء المهدي
عندما أطلقت فيمين1 حملتها للدّفاع عن أصوات النساء “العربيّات المسلمات”، أوحت المجموعة بأنّ النقاشات في النسويّة والإستعمار لم تحدث قطّ. لقد محا الفراغ المزعوم في خطابهنّ كلّ نقاشات النسويّة الملوّنة، كأنّ موهانتي لم تكتب يومًا “تحت العيون الغربيّة”، وكأنّ كرينشو لم تنظّر يومًا للتقاطعيّة. وفي محاولتها تحرير النساء العربيّات، تبنّت فيمين إطار عملٍ يعكس منظورًا أبيض عنصريًّا، بدلًا من الأخذ بالإعتبار نظريّات التقاطعيّة ووقائع التباين الإجتماعي. من جهةٍ أخرى، ومن خلال الرّبط بين الإمبرياليّة وأفعال التعرّي بغرض الإحتجاج، حصرت فيمين وخصومها النساءَ العربيّات في تصنيفاتٍ2بذاتيّاتٍ موحّدةٍ – أي مقموعةٍ- تحتاج إلى التخليص.
في العام 2011، نشرت الشابّة المصريّة علياء المهدي صورًا عاريةً لها على مدوّنتها. ولّد هذا الفعل نقاشًا حاميًا في مصر عن الوطنيّة، والأخلاقيّة، والنسويّة وصورة الثّورة (نجيب، 2011). في هذا المقال، أهدف إلى طرح إشكاليّة المقاربة بين نقاش فيمين وفعل التعرّي لدى المهدي.
إنّني أدعم بالكامل فعل الإحتجاج بالتعرّي من أجل قضيّةٍ ما (كالإتجار بالبشر مثلًا) ضمن السياق الجيوبوليتيكي للمُحتجّ/ة. لكن يمكن تلخيص تكتيك ناشطات فيمين في محاربة الأبويّة بالإحتجاج عاريات الصّدور ضدّ أي فعلٍ إجتماعيٍّ يجدنه إشكاليًّا. في البداية، عملَت الحركة المتمركزة في أوكرانيا على مناهضة الإتجار بالنساء في بلدها الأم، لكن في السّنوات الأخيرة، قرّرت فيمين أن تأخذ على عاتقها مهمّة “تحرير” وتخليص النّساء العربيّات من قامعيهنّ السّمر، مع التركيز بشكلٍ خاصٍّ على الإسلام والحجاب.
ومن خلال منهجيّتها الإختزاليّة في قراءة القمع، تمكّنت فيمين من إستثارة نوعٍ من الانزعاج لدى بعض مجموعات النساء في العالم العربي، كما أطرح في هذا المقال. وأدّى السّجال الذي ولّدته هذه المجموعة الأوروبيّة بالحركات والمجتمعات المحليّة إلى الخلط بين الأفعال السياسيّة القائمة على التعرّي وبين فيمين، وبالتالي إلى نبذ كلَيهما. لكن هذا النّقاش في المهدي وفيمين والتعرّي إتّخذ منعطفًا خطيرًا، إذ أعاد تشكيل النسويّة كآليّة مراقبةٍ دوغمائيّةٍ، وهدّد ما أعتبره السّمة الأكثر راديكاليّةً في النسويّة، وهو النقد المستمرّ للذّات.
المنهجيّة
قبل الوصول إلى جوهر الجدل، نحتاج إلى تناول عددٍ من الأسئلة متعدّدة الطّبقات مثل الأخلاقيّة، والوطنيّة، والمراقبة والنسويّة، التي يشكّل الغوص فيها التحدّي الأكبر في كتابة هذا المقال. متى نحتاج إلى التّحقيق في حدثٍ ما والتدخّل فيه؟ هل يعني إتّخاذ موقفٍ ضد ممارسات فيمين، أنّ علينا بالضّرورة إتّخاذ موقفٍ من الإحتجاج بالتعرّي؟ كيف يمكننا أن نرسم حدًّا يميّز بين فيمين والتعرّي؟ ما هو التاريخ المتّصل بالتعرّي، وهل التعرّي إستيرادٌ غربيّ؟ كيف ينظر هذا المقال إلى التعرّي، هل يتّسم بالمقاومة، أم التحرير، أم اللاأخلاقيّة؟ كيف بدأ الحوار بين فيمين والنساء في العام العربي؟ ما الذي نجازف فيه عندما يغدو الخطاب الذي يناقش النسويّة دوغمائيًّا بدلًا من أن يكون تبادليًّا وقابلًا للنقد؟
لا يمكن التوصّل إلى تحليلٍ معمّقٍ للقمع من دون عدسةٍ ماديّةٍ تجمع بين الطبقة، والعرق، والموقع الجغرافي، والجندر، والوطنيّة وغيرها من العوامل. وأحاول هنا تناول الجزء الذي يشمل تحليلات الطّبقة، والجندر والعرق ضمن النظريّة التقاطعيّة. ويبدأ هذا المقال بإلقاء الضوء على قضيّة المهدي والنّقاش الذي تلى إقدامها على فعل التعرّي. ثانيًا، ينتقل المقال إلى وضع التعرّي في سياقه من خلال التطرّق بإيجازٍ إلى تاريخه. بالإضافة إلى ذلك، يتناول المقال أسئلةً أوسع مثل النسويّة/الإستعمار والنسويّة/الرجعيّة، والخيط الذي يفصل بينهما، من خلال تفحّص مقالاتٍ كُتبت عن فيمين، والتعرّي، والنساء المسلمات في العالم العربيّ وسياسات الجسد. في الختام، ومن خلال المعرفيّة الخطابيّة الحاضرة في النّقاشات بين المجموعات المذكورة، أبيّن أنّ الجدال النسويّ إنحرف بشكلٍ خطيرٍ من جدالٍ أيديولوجيٍّ إلى دوغمائيّةٍ جامدة.
علياء المهدي: التعرّي والوطنيّة والمقاومة
في 23 تشرين الأول/أكتوبر من العام 2011، نشرت الشابّة المصريّة علياء المهدي صورًا عاريةً لها على مدوّنتها “مذكّرات ثائرة”، وكتبت تحتها “إخلعوا ملابسكم وانظروا إلى أنفسكم فى المرآة، وأحرقوا أجسادكم التي تحتقرون لتتخلّصوا من عقدكم الجنسية إلى الأبد، قبل أن توجّهوا لي إهاناتكم وشوفينيّتكم أو تنكروا حرّيتي في التعبير” (المهدي، 2011). وفي خلال هذه الفترة، كانت الدّولة المصريّة تحت حكم الجيش المصري بعد إستقالة الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكانت المشاعر الوطنيّة في أوجها في أثناء الثّورة. وبعد نشرها الصّور العارية، شاهد مئات الآلاف مدوّنة المهدي في خلال ساعاتٍ، وأدانها الجميع تقريبًا بسبب ما فعلت: أنكرها الليبراليّون/ات، وأراد السلفيّون قتلها، وأرادت الدّولة وضعها رهن الإعتقال (نجيب، 2011). وتعكس مقولة المهدي المقتبسة أعلاه نظرتها إلى التعرّي كاحتفاءٍ بالجسد الذي ينتمي إلى الذّات وليس إلى المجتمع. وبالتالي، إنّ النطاق الذي أنظر من خلاله إلى التعرّي يتضمّن فعل إستعادة الفرد لجسده/ا، لكن من أجل التعمّق في هذه النّظرة، أختار أن أبني تحليلي على ردّ فعل “الأمّة” على تعرّي المهدي. وبحسب بورا، يُعترَف بالمواطن/ة المثالي/ة في الدّولة-الأمّة من خلال معايير معيّنةٍ3 تحدّدها الدولة، على أن يُوسم كلّ فردٍ ينحرف/تنحرف عن المعايير المحدّدة سلفًا كمواطنٍ/ةٍ غير كاملٍ/ة (بورا، 2004). وهذه المواطَنة غير الكاملة في قضيّة المهدي، أتاحت للدّولة وللأشخاص الوطنيّين/ات “المثاليّين/ات” إدانتها وتصنيفها عارًا للأمّة. نوعًا ما، برّر هؤلاء ما تلى ذلك من إعتداءاتٍ عليها ودعواتٍ إلى قتلها. في الواقع، نُظر إلى فعل تعرّي المهدي كخرقٍ علنيٍّ للأخلاقيّة المصريّة، وكتشويهٍ لصورة المرأة المصريّة الفاضلة – الأمّة، والأم، والإبنة، والأخت والأمّ المستقبليّة. بمعنًى آخر، نُظر إلى تعرّي المهدي على أنّه يحطّم سمعة الأمّة بالمطلق وسمعة الثّورة تحديدًا، وبالتالي يلوّث شرف رجالها.
إن الأخويّة الوطنيّة، كما تجادل نجم آبادي، تمارس رجولةً مهيمنةً، وتشعر بالأحقيّة في إمتلاك وحماية شرف وسيادة الأمّة. إذًا، تُبنى هذه الوطنيّة على إقصاء النساء (نجم آبادي، 1997). بالتالي، عندما تعرّت المهدي، باتت تجسيدًا مشينًا لمصر، إذ أن “مصر الأم” لطّخت شرف رجال أمّتها، ومن خلفهم النساء “الصّالحات”. إنّ وزن الإحتجاج الإستعراضي الذي قامت به المهدي يكمن في خرقه لهذه الأخويّة الوطنيّة، فمن خلال خلع ملابسها، أقدمت المهدي على فعلٍ خارجٍ عن رضى الأخويّة، فتصرّفت على أنّها وكيلة ذاتها وجسدها. لا يمكن فصل أجساد النساء عن الطريقة التي يُنظر فيها إلى هذه الأجساد (كأجسادٍ شريفةٍ)، وهي ثنائيّةٌ تتعزّز في أثناء الثّورات حين يفيض الحيّز الخاصّ إلى المكان العام. وتقول هاركورت وإيسكوبار إنّ “أجساد النساء هي المكان الأوّل الذي تنخرط فيه النساء في الصّراع السياسيّ” (2005)، إذ مازال يُنظر إلى أجسادهنّ على أنّها تنتمي إلى الخاصّ. ومازالت أنماط اللّباس تُستخدم حول العالم لإلقاء اللّوم على النساء لتعرّضهنّ للإغتصاب والتحرّش، مثلما جرى تأطير تعرّي المهدي السّافر كتبريرٍ لإقصائها العلنيّ من ميدان التّحرير، كما من مصر والعالم العربي بالمطلق. إذًا، أطرح هنا أن فعل التعرّي للإعتراض على بنيةٍ إجتماعيّةٍ معيّنةٍ، يحمل في طيّاته إمكانيّة خرق المجال العام الذي يسيطر عليه الذّكور، والذي يُتاح للنّساء دخولًا محدودًا إليه حتّى في أيّامنا هذه (هاركورت وإيسكوبار، 2005)، لكن يمكن لهنّ التسلّل إليه من خلال كسر الثنائيّة المساحيّة بين العامّ والخاصّ. إذًا، يمكن تأطير هذا الفعل على أنّه فعل مقاومة.
قلّةٌ قليلةٌ فقط من المجموعات والمناضلين/ات في مصر والعالم العربي دعموا/ن فعل المهدي، لكنّ نطاق فعلهم/ن ظلّ محدودًا بالرّقابة الأخلاقيّة. وفي وسائل التواصل الإجتماعي كفايسبوك وتويتر، قال أكثر المعلّقين/ات “تقدّميّةً” أنّهم/ن لم يجدوا/ن مشكلةً في التعرّي بحدّ ذاته، لكن الوقت لم يكن ملائمًا لمثل هذا الفعل، وهو ما أرى فيه رجعيّةً متنكّرةً في زيّ اللّيبراليّة. وكما تجادل مكداشي، “لا تمتثل صورة علياء للقواعد، ولهذا أدانها كلٌّ من اللّيبراليّين والإسلاميّين، فهي لا “تنتظر اللّحظة المناسبة” لتثير مواضيع الحقوق الجسديّة والحقوق الجنسيّة في مصر ما بعد مبارك” (مكداشي، 2011). إذًا، أربكت المهدي دفوعَ النسويّات والأقليّات الضّاغطة في سبيل تحصيل حقوقهم/ن، إذ أنها لم تشترك في الذّريعة القائلة بأنّ “الآن ليس الوقت المناسب”.
فيمين: الإستشراق ونسويّة “المُخلِّصة البيضاء”
بعد هربها من التهديدات بالقتل في مصر، لم يكن مفاجئًا أن تقرّر المهدي الإنضمام إلى المجموعة النسويّة الأوروبيّة فيمين، بل كان فعلًا مفهومًا في الواقع. إذ بعد أن نبذتها معظم مجموعات حقوق المرأة في مصر، وأدانتها أصواتٌ لا تُحصى في دول الرّبيع العربيّ (نجيب، 2001)، لعلّ فيمين كانت المنصّة الوحيدة التي تمكّنت المهدي من ربط فعلها المقاوِم بها.
في موقعها الإلكتروني، تعرّف فيمين عن نفسها بأنها “حركةٌ نسائيّةٌ عالميّةٌ لناشطاتٍ شجاعاتٍ عاريات الصّدور، مطليّاتٍ بالشّعارات ومتوّجاتٍ بالورود” (فيمين، 2013). وانتقدت كاتباتٌ ومفكّراتٌ نسويّاتٌ كثيراتٌ نسويّة فيمين المُعولَمة. وفي “النيوليبراليّة وتعاساتها”، تربط سارة سالم هذا بالموجة النسويّة الأولى التي اتّسمت بالمركزيّة الأوروبيّة، إذ لا يمكن لهذا الصّنف من النسويّة فهم العالم إلّا من خلال عدسته ونضالاته وتجاربه الخاصّة (2013). وقد وقعت فيمين في المأزق عينه، إذ خلقت مقاربتها للحجاب في الإسلام ثنائيّةً وضعت الحجاب في تضادٍّ مع العُري. وتدين سالم أيضًا الموقعيّات النسويّة الغربيّة التي تهدف “إلى “تحضير” أو “تحديث” النساء في الدّول العربيّة والإفريقيّة، فبالنّسبة إلى هؤلاء، عَنت النّسويّة أن يصير الآخرون والأخريات مثلهنّ” (2013).
تجادل موهانتي أنّ الإستعمار يفاقم الهرميّات السياسيّة والإقتصاديّة والثقافيّة التي تُنتَج فيها نساء العالم الثالث كنساءٍ مقموعاتٍ (موهانتي، 1984). ومن خلال فرض الدّلالات القمعيّة للحجاب في السّياق الغربيّ على النساء المسلمات، تجسّد فيمين الأيديولوجيات التاريخيّة للمخلّص/ة الأبيض/البيضاء. كذلك من خلال شعارها “أيتها النساء المسلمات، فلنتعرَّ” (فيمين، 2013)، تستخدم المجموعة الخطابَ النسويّ الإستعماري ذاته الذي يصوّر النساء المسلمات على أنّهن حتمًا محجّباتٌ (أي مقموعاتٌ بحسب فيمين). إنّ تكتيك الخطاب المهيمِن ليس بجديدٍ بالنسبة إلى النساء ذوات البشرة الملوّنة، إذ غالبًا ما يُقصَين عن “الخطاب النسويّ السّائد، إلا إذا كان متوسّلًا قنوات الإمبرياليّة الإنسانيّة حيث يُحوّلن ببساطةٍ إلى شاراتٍ” (شمس الدّين، 2013). من جهةٍ أخرى، تفرض فيمين رؤيتها للحريّة على هؤلاء النساء، ولعلّ أبلغ تعبيرٍ عن ذلك ما ورد في بيان المجموعة من أنّ “التعرّي هو الحريّة”. لكن هل التعرّي هو الحريّة فعلًا؟ هل هو مقاومة؟ هل هو فعلٌ سياسيٌ أخلاقيٌّ أو لاأخلاقي؟ هل هو الحريّة الوحيدة الموجودة، وما مدى خطورة تمويه وتهميش العرق والطّبقة في نقاش الحريّة وفي تحليل القمع؟
التعرّي: تحرّرٌ ومقاومةٌ أم مُستوردٌ غربيّ؟
لقد أطلق فعل التعرّي الذي بدأته المهدي وموازاةً لتعبئة فيمين وإحتجاجاتها العارية، نقاشًا واسعًا في التعرّي، وأجساد النساء، والإستعمار والإسلام. وبهدف الوصول إلى فهمٍ أفضل لسبب المشكلة في مقاربة فيمين ل”تخليص” النساء المسلمات من القمع المتجسّد بالدّين الإسلامي، نحتاج إلى إستقراء الحركات المختلفة باستخدام عدسةٍ مُجندرة. تجادل سكوتّ أنّ على أيّ حركةٍ الإرتكاز في وجودها على فهم “تباينات القوّة” من خلال معاينة العرق والجندر والطّبقة (سكوتّ، 1986)، كما أنّ تفحّص الموقع الجغرافي والزمانيّة السياسيّة هو أمرٌ ضروريٌّ أيضًا. باختصارٍ، ومن خلال شعارها “التعرّي هو التحرّر”، إختزلت فيمين التحرّر في الإحتجاج العاري فقط. ولم تكتفِ المجموعة بالتّغاضي عن كلّ أشكال الرّفض والتحرّر الأخرى، بل إختزلت أيضًا التحرّر في جانبٍ أحاديٍّ ومتجانسٍ، هو العُري. بالطّبع، من الممكن الإفتراض بأنّ التعرّي في سياقاتٍ محدّدةٍ هو فعلٌ تحرّريٌ، لكني أجادل أن شعاراتٍ كهذه تغفل أهميّة التقاطعيّة وتتعامى خطابيًّا عن مناقشة المسائل النسويّة التي يجب أن تأخذ في الحسبان الجندر، والطّبقة، والعرق، والرأسمالية، والعَولَمة، والإستعمار، ورهاب المثليّة ورهاب الإسلام في الحديث عن العالم العربي. إنّ الحاجة إلى تحليلٍ نسويٍّ تقاطعيٍّ يصحّ تحديدًا حين نرى كيف يُصوّر الإسلام عالميًا ك”دينٍ إرهابيٍّ”، لاسيما بعد إعلان “الحرب على الإرهاب”4.
بعد فعل التعرّي الذي أقدمت عليه، أُلقيَ اللّوم على المهدي وصُنّفت ك”متشبّهةٍ بالغرب”. لقد نُبذَ تعرّيها كفعل مقاومةٍ لأنه اعتُبر “تقليدًا لتجربة الحركات النسويّة الغربيّة من خلال إستخدام وسائل إحتجاجٍ “غريبةٍ” عن العالم العربي وحساسيّاته الثقافيّة” (مراد، 2013). إنّ ربط الإحتجاج من خلال التعرّي بالحضارة الغربيّة ليس فقط غير دقيقٍ تاريخيًّا، بل هو أيضًا أداةٌ تُستخدم في عالم الجنوب تحديدًا وفي الشرق الأوسط بشكلٍ خاصٍّ، بغرض إقصاء هذه الأشكال من الإحتجاج وإنكار قيمتها السياسيّة. بالتالي، أتساءل هنا، هل التعرّي هو فعلًا “مستوردٌ غربيٌّ”؟
أوّلًا، لا بدّ من التأكيد أنّ التعرّي كمقاومةٍ ليس حكرًا على الغرب، فكما يثبت التاريخ، كان الأوروبيّون هم من فرضوا إرتداء الملابس على سكّان مستعمراتهم (ليفين، 2008). بالإضافة إلى ذلك، لطالما كان فعل الإحتجاج بالتعرّي شائعًا في عالم الجنوب عبر التاريخ، وقبل أن تتأسّس فيمين بوقتٍ طويل. على سبيل المثال، تعرّت النساء في شمال شرق الهند في العام 2004، إحتجاجًا على قيام الجيش بإغتصاب النساء (بورا، 2004). كذلك إستخدمت النساء في إفريقيا الغربيّة التعرّي للإحتجاج ضدّ الإستعمار في العام 1929 (كازيم، 2013). إذًا، إن نِسبة التعرّي إلى الغرب كمستوردٍ لاأخلاقيِّ هو أمرٌ تجب مراجعته، وإعادة التفكير فيه، وإخضاعه للتحليل التاريخي بما يتعدّى لاتاريخيّة ولاسياقيّة الفعل في حدّ ذاته، وبما يتجاوز عَزو الإنفتاح إلى الغرب والرجعيّة إلى عالم الجنوب. إنّ هذه الأفكار عن العالم العربي كعالمٍ رجعيٍّ (فقط) تطفو إلى السّطح في الطّريقة الخطابيّة التي نوقش فيها تعرّي المهدي. بالتّالي، كلّ ما هو رجعيٌّ هو “نحن” (العرب)، وكلّ ما هو عارٍ هو هم/ن (الغرب). وعملت هذه ال”نحن” وال”هم/ن” على إختزال الحوار السياسيّ النسويّ في ثنائيّة القوّة فقط، كما عمدت إلى إستملاك هذه الأنماط من المقاومة كأفعالٍ خاصّةٍ بالغرب، ونبذت أيّ فعلٍ خارج ذلك كمستورَدٍ إمبرياليّ. إن الإفتراض المثير للجدل بأنّ هذا الفعل هو مستورَدٌ إمبرياليّ، يُواجَه في العادة بكثيرٍ من العدائيّة ويُنسب إلى تصرّفاتٍ مثل “تدمير” تقاليدنا ومجتمعنا. باختصارٍ، لا بدّ من وضع التعرّي كممارسةٍ سياسيّةٍ ضمن السّياق في ما يتعلّق بزمانيّتها وتاريخيّتها، إذ لا يمكنها أن تكون جامدةً كالحقائق، بل مرنةً كالأيديولوجيا. لقد تجاوز جدال التعرّي جسدَ علياء ك”جسدٍ أنثويٍّ مصريٍّ عارٍ”، ليشمل “الجسد العاري لامرأةٍ مسلمةٍ عربيّةٍ” بكلّ دلالاته (مراد، 2011).
يمكن لنقاش التعرّي أن يتّخذ أشكالاً وقوالب متعدّدةً، وبالتالي، من المهمّ التذكير بأنّ للتعرّي تاريخٌ طويلٌ متّصلٌ به: من ترويض ما سُمّوا/سُمّين بال”همجيّين/ات” في المستعمرات وإلباسهم/ن الثياب لإيصالهم/ن إلى الحداثة، إذ “دلّ العري في عهود الإستعمار على غياب الحضارة” (ليفين، 2008)، إلى تشييء أجساد النساء وإستخدامها في الإعلان لبيع المنتجات (خرّبرّ، 2010). بالطّبع، علينا أن نأخذ في الحسبان أنّه لا يمكننا إختزال التعرّي في تصنيفه بين جيّدٍ وسيّءٍ، أخلاقيٍّ أو لاأخلاقيٍّ، سياسيٍّ وإيروتيكيٍّ، تحرّريٍّ وقمعيٍّ، لأنّ ذلك يحجّم تعقيده ووزنه السياسيّ.
الجدال النسويّ: صقل الصّراع
هناك خيطٌ رفيعٌ يفصل بين النسويّة الراديكاليّة وتلك الرجعيّة، ولعلّ بعض المواقف السياسيّة ضدّ فيمين خلطت بينهما. لقد إشتدّ نبذ التعرّي، لاسيما في حال المهدي، عندما بات مرتبطًا بشكلٍ مباشرٍ بفيمين. ونتيجةً لذلك، تحوّل النقاش في التعرّي وأجساد النساء من نقاشٍ سياسيٍّ بحتٍ إلى محادثةٍ رجعيّةٍ بين طرفَين فقط، يعتقد كلٌّ منهما أنّه يمتلك الإجابات على أسئلةٍ أكثر تعقيدًا بكثير. لقد ضُيّق النقاش ليغدو متمحورًا حول الوقوف مع أو ضدّ فيمين، وباتت المجموعة كما ذكرت سابقًا، مرتبطةً بشكلٍ مباشرٍ بالتعرّي. في هذا الإطار، صار الوقوف مع فيمين بالمعنى الواسع يعني دعم التعرّي، والوقوف ضدّها يساوي الوقوف ضدّ التعرّي. كذلك طُبّقت الثنائيّة الضدّية هذه على المهدي، إنّما مصحوبةً بمفهوم “المستورَد الغربيّ”. لكن مراد تذكّرنا بأنّ “النّظرة الغربيّة ليست مجرّد نظرةٍ”، لاسيّما عندما يتعلّق الأمر بموضَعة الأجساد الأنثويّة العارية، كما تحذّرنا من “تجسيد “الإختلاف كاختلافٍ بين الشّرق والغرب” (مراد، 2013).
ويمكن ضبط خطاب الإختلاف في ردود الفعل على مشاركة المهدي في إحتجاجات فيمين، وعلى النزعة الإستشراقيّة لفيمين بالمطلق. على سبيل المثال، إبتُكرَ وَسم “مسلمة برايد5” (مسلمة فخورة)، كما نُشرت في الوقت عينه مقالاتٌ بأقلام كاتباتٍ غربيّاتٍ، وناشطاتٍ في فيمين ونساءٍ عربيّات، في حوارٍ جمع بينهنّ. لكن الثنائيّات الجامدة لا تخفي المسائل المرتبطة بأجساد النساء ووكالتهنّ عليها فحسب، بل تسِم الصّراعات بالكُميّة، معتبرةً بعض المطالب أكثر قيمةً من بعضها الآخر.
إنّ القياس الكُمّي للصّراعات المُجندرة هو مجالٌ خصبٌ لفرض المراقبة على الجسد. لكن في قيام النساء بمراقبة أجساد النساء الأخريات، يكمن تكرارٌ محضٌ للخطاب الأبويّ الذي يعيد إنتاج المراقبة كأداةٍ لقمع أجساد النساء. وكما تجادل مراد، “لا ترغب كلّ النساء (العربيّات أو المسلمات) بخلع الحجاب أو التعرّي للتعبير عن موقفٍ سياسيٍّ أو الإشارة إلى تحرّرهن، لكن علينا أن نحتفظ بمساحةٍ نقديّةٍ لنساءٍ مثل علياء من اللّواتي يرغبن بفعل ذلك” (مراد، 2013).
في مقالها في “فورين بوليسي” (Foreign Policy)، تشعر ناهيد مصطفى بأحقيّتها في المصادقة على إستراتيجيّاتٍ نسويّةٍ معيّنةٍ تعتبرها مشرّفةً وقيّمةً، فيما تهاجم الإستراتيجيّات الأخرى التي لا تستجيب لفهمها للنسويّة والمقاومة، وتحديدًا التعرّي. تكتب مصطفى: “باختصارٍ، أيّتها السيّدات، أبقين نهودكنّ خارج معركتي. وإرتدين قمصانكنّ.” (مصطفى، 2013، التّوكيد للكاتبة). وعلى الرّغم من اللغة الإزدرائيّة المُستخدمة في هذه الجملة المقتبَسة، إلا أنني وجدت المشكلة الأكبر في عبارة الأمر “إرتدينَ قمصانكنّ”. ترى باتلر في المراقبة أداةً أبويّةً تُستخدم لضبط الأفعال المقاومة وإعادتها إلى المنظومة المعياريّة، أي ما يفهمه المجتمع على أنّه “طبيعيّ” (باتلر، 1990). إذًا، عندما تعطي إمرأةٌ التوجيهات للنساء الأخريات عن كيفيّة اللّباس، وتفرض المراقبة على سلوكهنّ – سواء عبر أمرهنّ ب”ارتداء قمصانهنّ” (كما فعلت ناهيد مصطفى في مقالها)، أو “تحرير أنفسهنّ من الحجاب” (كما فعلت فيمين في “الجهاد العاري”) – فإنّ الخطابين يعملان ضمن الرّابطة الأبويّة القائمة على تطبيع المغايَرة. بمعنًى آخر، إنّ نظام القمع الأبويّ ذاته يُطبّق ويُعاد إنتاجه، ولو كانت المرأة التي تمارس المراقبة تعرّف عن نفسها كنسويّة.
إنّ مراقبة النساء لأجساد بعضهنّ البعض تبسّط النّقاش من نقاشٍ في الأبويّة إلى نقاشٍ رجعيٍّ تشترك فيه كلّ الأطراف في معركةٍ مغلقة. إنّ إعادة إنتاج رابطة التطبيعيّة المغايِرة في الحوارات النسويّة يولّد وهمًا بأنّ هناك طرقًا “جيّدةٌ” وأخرى “سيّئةٌ” لممارسة النسويّة وتحرير النساء. التحرّر، كما أقترح، ليس بتحرير النّساء من الرجال في حدّ ذاتهم، فالجندر ليس محصورًا بالنساء فقط (سكوتّ، 1986). إنّي أرى التحرّر كعمليّة عيشٍ في مجتمعٍ يعي هرميّات القوّة فيه، ويفكّكها بشكلٍ دائم. بالتالي، التحرّر هو تخيّل الحريّة من نظام القمع الذي يضبط باستمرارٍ كافّة التعبيرات الجندريّة على مختلف الأصعدة من خلال فرض المراقبة عليها.
بحسب مورفي، “هناك طريقةٌ خاطئةٌ لممارسة النسويّة. فيمين تمارسها بشكلٍ خاطئٍ” (مورفي، 2012). ومن جهةٍ أخرى، تزعم ناغاراجان في معرض حديثها عن النسويّة وفيمين، أنّ المشكلة لا تكمن في التعرّي بل في تكتيكات فيمين. ووفقًا لها أيضًا، “ليس لديهنّ أيّ هدفٍ، فبمعزلٍ عن خلع قمصانهنّ، لا فكرة لديّ حقًّا عمّا يحاولن طرحه… من المثير للإهتمام وسمهنّ بالراديكاليّة، فهنّ في الواقع لسن راديكاليّاتٍ” (ناغاراجان، 2013). يبدو أن لدى الكاتبتين تعريفٌ إفتراضيٌّ صارمٌ للنسويّة، وأرى أنهما تتعاملان مع النسويّة كنموذجٍ جامدٍ معرّفٍ بدقّةٍ، ذي إنضباطيّةٍ عاليةٍ، ومحدّدٍ مسبقًا وثابت. إنّ هذه المعاملة لا تعجز فحسب عن فتح المجال للنقد والتغيير، بل تستخدم أيضًا النسويّة كأداةٍ للآخرويّة. ولا تكمن المشكلة هنا في رؤية أيّ طرفٍ للنسويّة، فالنسويّة لا توجد في فراغٍ، بل هي نتاج عوامل وسياقاتٍ متعدّدةٍ تساهم في تكوينها. وإلى جانب مَوضَعة فيمين فيها، تشكّل هذه التصريحات الإقصائيّة خطرًا على الجدال النسويّ، فهذا الخطاب الجامد والإنضباطيّ يغفل التبدّل المستمرّ لهذه الحوارات التي لا تنفكّ تتغيّر تاريخيًّا، وتخضع بشكلٍ دائمٍ للنقد والتطوّر. عندما تصبح النسويّة جامدةً، تصبح مشابهةً للنماذج الإجتماعيّة التي تعمل كنماذج مؤسّسيّة، وتتحوّل بالتالي من أيديولوجيا إلى دوغما. في هذه الحال، يُعاد إنتاج نظام القمع ذاته الذي يُفترض أنّ كلّ الأطراف تحاربه. هنا، تغدو النسويّة في حدّ ذاتها خطيرةً، إذ تصير منخورةً بالقواعد وتشلّ معها أيّ أملٍ في التعبئة والتحرّر.
الخاتمة
كُتبت مقالاتٌ كثيرةٌ عن فيمين والمهدي، عكس معظمها التّوق المستمرّ للتّحديق في أجساد النساء العربيّات العاريات، سواء ماديًّا أو إفتراضيًّا. لكن مواقف أخرى، كمقالَي مراد ومكداشي، دعمت فعل التعرّي الذي قامت به المهدي إنطلاقًا من مقارباتٍ نسويّةٍ لا تنبذ الفعل بسبب توقيته. إنّ تعيين أوقاتٍ “خاطئةٍ” وأخرى “صائبةٍ” للقيام بالفعل لا ينسجم مع منهجيّات القمع مفهوميًّا فحسب، بل هو مرسّخٌ في صلب الحياة اليوميّة لجزءٍ كبيرٍ من النسويّات حول العالم، ممّن يحاولن تغيير الواقع الأبويّ الذي نعيش في ظلّه.
في هذا المقال، هدفت إلى تفكيك الجوانب المتعدّدة لهذا النقاش في فيمين وتعرّي علياء الإحتجاجيّ. إن الإمساك بالتلافيف المعقّدة للتعرّي كمقاومةٍ يتطلّب نقاشًا أعمق يتخطّى حدود هذا المقال، لكنني حاولت أن أطرح الأسئلة الطارئة وأن أقترح مقاربةً تقاطعيّةً ومصقولةً للطريقة التي يُناقَش فيها التعرّي.
لقد كافحت النسويّات في مختلف الأزمنة والأمكنة من أجل نسويّةٍ غير أحاديّةٍ في مقارباتها التحليليّة وصراعاتها الإجتماعيّة. ولطالما كانت تعدّديّة النسويّة في صلب تطوّرها المستمر، وهو ما دقّ ناقوس الخطر إزاء هذا النقاش النسويّ المتّسم بالمراقبة. ما أجده الأكثر إنتاجيّةً في النسويّة، هو قدرتها على شمول منظوراتٍ متعارضةٍ بدلًا من أن تكون معرّفةً بمجموعةٍ من القيم والمعتقدات الدوغمائيّة. ولا يعني هذا أن نضع النسويّة فوق النقد، بل على العكس، النقد هو ما يجعل الجدالات النسويّة تستمرّ، ويبقيها في عمليّةٍ صحيّةٍ من الصّيرورة المستمرّة.
وعلى نحوٍ مماثلٍ، إنّ السجالات التي أطلقها فعل المهدي في العالم العربي أتاحت المجال لحواراتٍ متبادلةٍ عن أجساد النساء والسياسات التي تحيط بها. وبالتالي، أعتقت هذه السجالاتُ النسويّةَ من القوى التي تحاول تثبيتها لينتهي بها الأمر بشلّها، سواء عن قصدٍ أم عن غير قصد. في الختام، ولاسيما في ذروة الأفعال الثوريّة، نحتاج أن نستمرّ بالكتابة عن أصوات النساء في الثّورات كي نمنع التاريخ من تكرار نسيانه النساء.
- 1. “التعرّي حرّيةٌ”، “المحتجّات العاريات هنّ رايات مقاومة النّساء، ورمزٌ لإستعادة المرأة حقوقها في جسدها الخاصّ”: تزعم فيمين أن خلع الثياب في المكان العام هو مؤشّرٌ رئيسٌ على تأمين حقوق النساء، وأنّه شكل النّضال الأكثر فاعليّةً، فيما ينظرن إلى كافّة أشكال النّضال الأخرى على أنّها فاشلةٌ في كلّ الأحوال وغير جذريّةٍ بما يكفي.
- 2. إتّخذت جوهَرَانيّة تصنيف المرأة عدّة أشكالٍ وقوالب لكنّها تُستخدم بالتحديد بغرض محو كافّة جوانب القمع الأخرى ضدّ الإناث، مثل الطبقة والجنسانيّة والعرق.
- 3. يمكن لهذه المعايير أن تمثّل مجموعةً من القواعد والآليّات الأخلاقيّة التي تعرّف الدّولةُ من خلالها من يشكّل/تشكّل مواطنًا/ةً صالحًا/ةً ومن لا يفعل/تفعل. بمعنًى آخر، تعترف الدّولة ب”المواطنين/ات الصّالحين/ات” بحسب مؤشّراتها الخاصّة للمواطَنة الصّالحة، فيما يُنظر إلى أولئك الذين/اللواتي يقعون خارج المعايير المحدّدة سلفًا، على أنّهم/ن سيّئين/ات أو غير كاملين/ات.
- 4. لا تتّخذ هذه الحجّة موقفًا منحازًا مع الإسلام أو ضدّه كدين. ككاتبةٍ لهذا المقال، أرى أنّ كلّ الأديان قمعيّةٌ بالقدر نفسه، لا سيّما للنّساء. لكن من الخاطئ إعتبار الإسلام الدين القمعيّ الوحيد في الولايات المتّحدة الأميركيّة وأوروبا. في الواقع، إن الفعل الإستعماري المتمثّل في “تخليص” النساء من الدين الإسلامي في إطار “الحرب على الإرهاب”، كما كان الحال في غزو العراق وأفغانستان على سبيل المثال، يستوجب إثارة هذه المسألة بهدف وضعها في سياق التصوّر الغربي عن الإسلام.
- 5. باستخدام وَسم #MuslimahPride، عبّرت نساءٌ مسلماتٌ كثيراتٌ عن شجبهنّ لفيمين. وكانت إحدى هذه النساء زارا سلطانة التي نشرت صورةً لها على حسابها على تويتر وكتبت “أنا مسلمةٌ فخورة. لا أحتاج إلى من تحرّرني. لست راضيةً عن إستخدامي لتعزيز الإمبرياليّة الغربيّة. أنتنّ لا تمثّلنني!”.
Bora, P. (2010). Reading feminist politics in India’s northeast. 12(3), 341-360.
Bulter, J. (1990). Gender Trouble. New York: Routlege.
Chamseddine, R. (2013, April 6). ‘FEMEN’ and the suppression of native voices. Mondoweiss. Retrieved from http://mondoweiss.net/2013/04/suppression-native-voices
Elmahdy, A. M. (2011, October 23). Nude Art. A Rebel’s Diary. Retrieved from http://arebelsdiary.blogspot.com/2011/10/nude-art_2515.html
Femen (2013). About Us. Retrieved from http://femen.org/en/about
Harcourt, W., & Escobar, A. (2005). Women and the Politics of Place. Kumarian Press, 228.
Kazeem, M. (2013, March 28). Bodies That Matter: The African History of Naked Protest, FEMEN Aside. Okay Africa. Retrieved from http://www.okayafrica.com/news/naked-prostest-bodies-that-matter-femen-african-history/
Levine, P. (2008). States of Undress: Nakedness and the Colonial Imagination. Victorian Studies, 50(2), 189-219.
Mikdashi, M. (2011, November 20). Waiting for Alia. Jadaliyya. Retrieved from http://www.jadaliyya.com/pages/index/3208/waiting-for-alia
Mohanty, C. (1984). Under Western Eyes: Feminist Scholarship and Colonial Discourses. Boundary 2, 12(3), 333-358.
Mourad, S. (2013, January 1). The Naked Bodies of Alia. Jadaliyya. Retrieved from http://www.jadaliyya.com/pages/index/9291/the-naked-bodies-of-alia
Mustafa, N. (2013, April 8). Put Your Shirts Back On, Ladies: The case against Femen. Foreign Policy. Retrieved from http://www.foreignpolicy.com/articles/2013/04/08/the_case_against_femen
Murphy, M. (2012, October 31). There is a wrong way to do feminism. And Femen is doing it wrong. Feminist Current. Retrieved from http://feministcurrent.com/6619/there-is-a-wrong-way-to-do-feminism-and-femen-is-doing-it-wrong/
Nagarajan, C. (2013, April 11). Femen’s obsession with nudity feeds a racist colonial feminism. The Guardian. Retrieved from http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/apr/11/femen-nudity-racist-colonial-feminism
Najmabadi, A. (1997). The Erotic Vatan [Homeland] as Beloved and Mother: To love, to Possess, and to Protect. Comparative Studies in Society and History, 39(3), 442-467.
Naguib, R. (2011, December 11). Aliaa’s nudity: A different form of protest. Egypt Independent. Retrieved from http://www.egyptindependent.com/opinion/aliaas-nudity-different-form-protest
Salem, S. (2013). Article on Femen in Le Monde. Neo-colonialism and its Discontents. Retrieved from https://neocolonialthoughts.wordpress.com/category/orientalism/
Scott, J. (1986). Gender: A Useful Category of Historical Analysis. The American Historical Review, 91(5), 1053-1075.
Taylor, A. (2013, April 4). Femen Stages a ‘Topless Jihad’. The Atlantic. Retrieved from http://www.theatlantic.com/infocus/2013/04/femen-stages-a-topless-jihad/100487/