رَأسْ

السيرة: 

بروج، يعيش بين كتابة الأشياء وعدم كتابتها. تارةً يلفُظُ الموج حركة داخله فتنساب الكلمات من عشِها الطري.

أحياناً ينام في العشِ ذاته ولا تتوقف الكتابه. بل تلملم أغصان وسعفٌ مع عصافير الجليل. لتنتشر الكلمات في التارات المتتالية. يعتقد أحيانا انه ذكراً، أنثى، كل شيء ولا شيء.

اقتباس: 
بروج نصار. "رَأسْ". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 11 عدد 3 (15 كانون الأول/ديسمبر 2025): ص. 6-6. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر 2025). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/467.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.

seed_website_ar.png

سارة السراج - بذور

إلى سارة حجازي

 

إِيقاعُ القِصص

مَن يَكتبُ منا
أَنا أَم أَنتِ!
أَحياناً أَتصَرَفُ بِنَباهَةٍ بَلهاء
فَأَخسَرُ كُلَ مَن حَولي
كَما فَقَدَتني البِلاد
جُرحٌ بِدَوامٍ كامِل
نُدَّخِنُ بِشَراهَةٍ
نَستَبدِلُ الماءَ بالقَهوةِ
تُرافِقُنا الموسيقى مَلاذاً
نَغفو جانبَ الكِتاب
تَحضُنُ صفحاتُه كوابيسَنا.

في الصباحِ الطالع
نَستَيقِظُ كالقِصصَ
نَتَجَنَبُ اللَيلَ، نَكونَه 
نَشربُ كؤوسَ الجِن
نَشِمُ المُسَكِنات المَطحونَة
ونُبادِلُ بَعضَنا الحُبَ.

دَوامَةٌ مُتتالِيَةٌ مِن وَقعِ الواقِع 
على عَقلِنا المُستَيقِظُ دائماً
كالقَمَر.

 

طعم البلد

تَزاحَمَ الأَوغادُ حولَ عُنُقي
سَقَطْتُ وَدراجتي
قَفزوا على جسدي، 
قلبٌ يَلفُظُ بِحُروفِه
عشقاً أحمر
رئةٌ تمزج بغبارها 
نبعاً أخضر 
أوعيةٌ تحمل شوارعَ
تَنتَفِضُ بِصَبرٍ 
ورأسٌ مقاوم 
يدوّن الألم،

كانَت زَينَبُ تَركَبُ دَراجتَها 
وَتَطيرُ
من البيتِ إِلى الشارع
من الشارعِ إِلى الحاره 
من الحارةِ إِلى الجبل
من الجبلِ إِلى المكتبه 
من المكتبةِ إِلى المقهى 
من المقهى إِلى الرفاق 
من الزقاقِ إِلى الغرفة،

كانت غُرفَتي 
مُكتَظَةٌ بِرائِحَةِ الوَردِ 
والكُتُبِ 
يَنبَثِقُ مِن نافذتِها 
المُطِلةِ عَلى طَلعت حرب 
صَوتُ فَيروز 
يَلحَسُ بُكائي 
كالقطط
ويرفو بإِكتِئابي.

 

هواء الزنزانة

أَغلَقتُ سَمعي 
وتَجاهلتُ نداءَ الجِنَيَةِ 
التي أتَتْ 
بأَوامِرَ عُليا!
بقولوا عشان تحرسني!
من ماذا تَحرسيني حضرتك!
أَنا هُنا بأَوامرٍ عُليا رَدَدَت!
وما تُهمَتي إِذاً؟
رَفعُ قَوسَ قُزَحٍ.
ومِن تَحتِ الوِشاحِ المُلَوَنِ 
سَنُغَطي عَلى مَن قُتِل قَبلَكِ 
ولم يرَ السماءَ يوماً واحداً 
بعدَ إِعتِقالِه. 
تُهمَتي إِذاً أَنني مَوجودة
وجسمي الليلكي المتورمُ تهمةٌ!
وما ذَنبك أَنتِ أيتُها الجِنيَة؟
تَحمِلين نَفسَ تَفاصيلِنا 
وتُشاركيني الزِنزانَةَ،
والفَأرُ ثالِثُنا 
أَتعرفين ما تُهمَتُه هُوَ الآخَر.
كالسككِ الحديديةِ 
يصطكُ صَوتُه 
في أسنانِنا.
فنَسيلُ أَلماً 
وغُباراً.!
أَذكُرَ حينها أَني 
كَتَبتُ عَلى جُدرانِ زِنزانَةِ القَناطِر
الحبُ سينتَصِرُ والسلامُ سيعمُّ 
بِمحاذاةِ ما كَتَبَت صباح العرباوي 
الظُلمُ حَرام.
تَركبُ زَينَبُ دَراجَتَها وتَطيرُ…

 

مشاعر الغربة

كانت كَندا
مُكتَظَةً بالثُلوجِ 
ومكتبتي بالأَوراقِ المُبَعثَرَةِ
ثَرثَرةٌ غَريبَةٌ
تَحومُ حَولي 
تُقَرفِصُ في وُجودي 
ولا تَتبَدَلْ
بِلُغَةِ أُمي.
كَتَبتُ
لِفضحِ الأَوغادِ
كُلَما كَتَبْتِ 
بَزَغَ شَيئٌ داخِلُنا 
كَم مِن العِشقِ يَنقُصُنا عَزيزتي؟
كَي نَصعَدَ إلى قَلبِك!
صباحاً وَمَساء
تَجلِسين هُناك 
تَرقُصين مَع حَبيبتِك 
يَخِفُ البَردُ
تَتَلاشى الحَواجِزُ
تَصيرُ مِرآةً،
نَظَرنا مَرَتَين مِنها
مَرَةٌ مِن خارِجِها 
مَرَةٌ مِن داخِلِها
كَي نَرى أَنَكِ أَنا 
وأَنا أَنتِ 
سِلتُ ويَدي 
مَدَدتِ يَدَكِ…
رَقَصنا 
تَحتَ ضَوءِ عَقلِنا 
المُستَيقِظِ دائِماً 
كَالقمر.

 

صورة البحر

شَعَرتُ حينَها بِرَمزِيَةِ 
الإِنتِقالِ إِلى العالمِ الآخر
شُعورُ الإِنتِقالِ طارَدَني مؤخراً
صوتُ فَيروز 
لَم يُخَدِّرِ
اْكتِئابي تَماماً
بَل أَنَه أَحياناً 
ساعَدَ عَلى هَلاكي 
فَالحَنينُ هَلاكُ!
تماماً تماماً 
كَرائِحَةِ البُيوتِ 
التي تُجاوِرُ البَحرَ.
مُمكِنُ أَن أَكونَ أَنا هُنا قِطَةٌ!
وسَقَطَتُ مُصاَدفَةً في العالَم 
كَي يَكتبوا عني 
ما يكتبون 
ولكني أَذكُرُ أَنَني مِتُّ.
رائحةُ البَحرِ هُنا تُشبِهُ عِنادَ الذُبابِ 
أما رائحةُ البُيوتِ 
تُشبهُ سِرَّ البَحرِ
أو بالأحرى 
ما تحتَ طَبَقَتِه الأولى 
الكَلابُ، القِطَطُ، الإِنسانُ والخِرافُ 
سَواءٌ
نشاركهم 
بأننا جميعا لا نَكُف عن التكاثرِ
ورَغبَتِنا الأَبَدِية للبحرِ
أو لِما بَعدَهُ 
كَالقُبلَةِ الثالِثة
أو عِندَما صَرَخنا
تَحتَ الشَمسِ.

 

قوس قزح

شَعَرتُ في ذَلِكَ اليَومِ 
أَن الزَوالَ فِكرَةٌ حَقيقيةٌ
إِن كانَت وَليدَةَ اللحظةِ
الزوالُ في لَحظةٍ
مثلاً
حينما كنتُ أُلَوِحُ راقِصَةً 
قُماشَةَ 
قَوسِ قُزح 
كان النهرُ خفيفاً
رفعتَهُ ورَفَعَني 
لا أَتلقى الرَصاص 
على أَكتافِ أَصدِقائي.
لم تفصِلْنا المسافاتُ 
يَومَها 
وخَلَّدَتها بَسمَتي!
وصورةٌ 
فَرِحَةٌ 
أَقفِزُ في الهواءِ
أُناشدُ الأَلوانَ والسَماء
وأشعر أنني في لحظةٍ
لا تزولْ،
كبيانو أمية
صوت زياد
لوحات فريدا
وإيقاع الاصدقاء.
لم أكن أعرف يومَها أَنني سأَموت 
بعدَ ثلاثَةِ مَوجاتٍ مِن الآن.
تَركَبُ زَينَبُ دَراجَتَها وتَطيرُ…

 

ملاحظة: ننشر هذه القصيدة بعلامات التشكيل كما وضعها الكاتبة.

 

ملحوظات: