الصحة والحرية: تدخلات واستجابات فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وناشطية مجتمع الميم في كينيا: إعتماد متبادل تسوده التوترات

السيرة: 

لوسي وانجيكو مونغ آلا هي مرشحة دكتوراه في الأنثروبولوجيا الطبية، في معهد أمستردام لأبحاث العلوم الاجتماعية، من جامعة أمستردام. حصلت لوسي على درجة الماجستير في دراسات الجندر والتنمية، من جامعة نيروبي، كينيا، وماجستير في الصحة العامة في مجال التنمية الصحية الدولية من المعهد الملكي الاستوائي وجامعة أمستردام في هولندا. كونها نسوية كويرية لأكثر من 15 عامًا تجمع بين تصميم البرامج والبحث والإدارة في مجال التنمية الدولية، تتمثل خبرة لوسي في تنظيم المجتمع حول العدالة الجندرية وحقوق النساء والحقوق الجنسية وإدماج التنوع. كجزء من مجموعة أبحاث "أن نصير رجالا" في جامعة أمستردام، يركز بحثها في الدكتوراه على التكوينات السياسية والعملية للأقليات الجنسية في القرن الحادي والعشرين في كينيا. هي مهتمّة بدراسة ظهور فئة "الأقليات الجنسية" وكيف يتم تخيلها وإعادة تكوينها و(إعادة) إنتاجها من خلال اللقاءات اليومية مع جهاز التنمية العالمية. بالامكان التواصل معها عبر: mungalla@gmail.com أو L.W.Mungala@uva.nl

آن دي دجونغ

‫ ‫الملخص: 

خلال العقود الأخيرة في كينيا، ترافقت تدخلات الصحة العامة الهادفة للاستجابة لقابلية تعرض عاملات/ي الجنس والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال لفيروس نقص المناعة البشري مع تصاعد مبادرات ناشطية الأقليات الجندرية والجنسية (والتي تُعرف أيضًا بمجتمع الميم)، التي تصنف مسائل الوصول إلى الرعاية الصحية، الاعتراف القانوني، والقبول المجتمعي ضمن الحقوق الإنسانية الأساسية. إستكمالًا لانخراطهما على المدى الطويل وأبحاثهما الإثنوغرافية، فيما يخص الأقليات الجنسية في كينيا، المترافقة أيضًا مع عمل ميداني امتد منذ العام 2016 حتى العام 2018، تحلل الكاتبتان ملفات قضائية ومواقف وبيانات إلكترونية، تناقش أولويات واستراتيجيات منظمات مجتمع الميم (المحلية والعالمية). كما قمنا بدراسة إحدى الملفات حيث اعترض/ت المدعون/يات العابرين/ات وثنائيو/ات الجنس البيولوجي على اسم ورسالة منظمة غير حكومية، تعمل من أجل المساواة والدمج الكامل للأقليات الجنسية والجندرية، رفضًا لإدراجها عبارة مثليين ومثليات أثناء تقدمها بأوراق التسجيل الرسمية، وتضمين رسالتها تسمية العابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي. ومن ثم، فإن سياسات التسمية والهوية والتمثيل ليست جديدة أو حصرية على مشهد ناشطية مجتمع الميم الكيني. حيث تعكس تلك الدعوى والملفات المرتبطة بها التفاعلات اليومية بين المجموعات التي تبدو ذات أهداف متضاربة، وتظهرهم/ن كجزء من مشهد ناشطية "متقوقع" (Niche Activisim)، لكن متنوع ومتصل ببعضه البعض. وعوضًا عن اعتبار ذلك انفصالًا حادًا بين المنظمات الناشطة، نناقش أن هذا التوتر متجذر تاريخيًا – ويشكل عالمًا مصغرًا ل – سياسيات التحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية على المستوى العالمي، لكل من الوصول إلى الرعاية الصحية والمناصرة من أجل حقوق الإنسان في كينيا.

الكلمات المفتاحية: 
فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز
الأقليات الجنسية
LGBTIQA++
حركات التغيير الاجتماعي والسياسي
نشاطيّة/النشاط السياسي
NGOization
اقتباس: 
لوسي وانجيكو مونغ آلا، آن دي دجونغ. "الصحة والحرية: تدخلات واستجابات فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وناشطية مجتمع الميم في كينيا: إعتماد متبادل تسوده التوترات". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 6 عدد 1 (01 يونيو 2020): ص. 143-163. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 29 مارس 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/node/238.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (841.8 كيلوبايت)
ترجمة: 

هبة عباني هي باحثة ومترجمة وكاتبة تعيش في بيروت، درست الصحافة في الجامعة اللبنانية، وعملت في مجال حقوق الأفراد غير المنضبطين جندريا والنساء. تهتم في كتاباتها وأبحاثها بالقضايا التي تندرج ضمن هذه العناوين.

Tears in the fabric.png

تمزّقات في النسيج

سكِن سلز

كانت المسألة الرئيسية في شكوى الطرفين المعنيين الاختلاف الواضح بين المثليين، المثليات، وثنائي/ات الميول الجنسية من جهة، والعابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي من جهة أخرى. وبحسب الأطراف المعنية – السيدة أودري مبوغوا إثيبو، امرأة عابرة، ودانيال كاندي، أب لطفل ثنائي الجنس البيولوجي – ترتبط قضايا المثليين/ات بالتوجهات/الميول الجنسية، بينما يشكل الوضع الطبي هاجسًا بالنسبة للعابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي. ويضيفان أن دولًا أخرى باتت تعترف بهذا التمايز، مستشهدان، كدليل على ذلك، بقانون الاعتراف الجندري في المملكة المتحدة، المخصص للتعامل مع قضايا العبور الجندري، وقانون تغيير الجندر/النوع الاجتماعي في جنوب أفريقيا، والذي يميّز بين التباينات الجندرية والميول الجنسية. لذا، يعبر اعتراضهم/ن عن أنه ما من مجتمع يستطيع أن يدعي تمثيل الميم، لأن ذلك يعني أن العابرين/ات أيضًا هم/ن مثليي/ات الجنس، وهذا غير صحيح. (التقارير القانونية في كينيا، العريضة 440 للعام 2013)1

في النهاية، سيتم تقبل المثلية الجنسية في كينيا، ولكن ذ لك سيحتاج إلى سنوات عديدة.. لا أريد أن أترك انطباعًا أنني سأتعامل قضايا المثلية أو ثنائية الميول الجنسية أو الكويريين/ات بالطريقة ذاتها، ولكن علينا أيضًا أن نصغي إلى الكينيين/ات. فواجب الدستور حماية حقوق الإنسان. دعونا نفهمهم/ن أولًا.. ولكن، لا داعي للجدال حول الأشخاص متعددي/ات الجنس البيولوجي، بما أن ذلك بيولوجيًا. فهم/ن لم يتسببوا/تتسببن به لأنفسهم/ن. لذا، تتحمل المحاكم مسؤولية إرشادنا في هذا المجال. (القاضي وانجيرو كارانجا، محكمة الاستئناف، 5 تشرين الأول/أوكتوبر، 2016)2

نقتبس المقتطفات الواردة أعلاه من محاكمة حول عبارات التصنيف والتمثيل أثناء إجراءات تسجيل منظمة غير حكومية في كينيا. شملت القضية مقدم الطلب إريك جيتاري، ناشط مثلي، وشكوتان من منظمة مسجلة أصلًا: التعليم والمناصرة من أجل العابرين/ات. تقدم جيتاري رسميًا لتسجيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات، كمنظمة غير حكومية تعنى بقضايا العنف وانتهاكات حقوق الإنسان التي يواجهها/تواجهنها المثليين والمثليات وثنائيي/ات الميول الجنسية، والعابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي، والكويريين/ات (الميم) في كينيا. وبالتالي، تم التقدم بالشكاوى للاعتراض على استخدام عبارة "مثلي ومثلية" وربطها مباشرة ب "العابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي"، لأنهم/ن يعتبرون/تعتبرن "التوجه الجنسي خيارًا، بينما ي/تعاني العابرين/ات ومتعددو/ات الجنس البيولوجي من وضع طبي".3 كما اعتبرو/ن أن دمج المثليين والمثليات وثنائيي/ات التوجه الجنسي مع العابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي يمثل خطرًا محتملًا يهدد تصور الرأي العام وفهمه لمسألة ثنائية الجنس البيولوجي، ويتعارض مع طروحات منظمة التعليم والمناصرة من أجل العابرين/ات حول قضايا هذه الفئة.

تمثل هذه القضية نموذجًا عن التوتر بين الناشطن/ات المثليين/ات وكويريي/ات الجندر/النوع الاجتماعي/اللا معياريين/ات من جهة، والعابرين/ات ومتعددي/ات الجنس البيولوجي من جهة أخرى. هذا الانشقاق يضع الحاجة الملحة للوصول إلى الصحة، الظهور، وحقوق الانسان على خطوط متوازية ضمن مجتمع الميم في كينيا. وبدلًا من اعتبار ذلك انشقاقًا ثنائيًا حادًا في مشهد الناشطية المحلي، نناقش أن أشكال التوتر هذه متجذرة تاريخيًا في – وتشكل عالمًا مصغرًا ل – سياسيات التحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية على المستوى العالمي، لكل من الوصول إلى الرعاية الصحية والمناصرة من أجل حقوق الإنسان في كينيا. من هذا المنطلق، لا تسعى هذه الورقة البحثية وحسب إلى وصف الاستراتيجيات والسرديات المتنوعة لمختلف ناشطي/ات مجتمع الميم المحليين/ات والمنظمات غير الحكومية، إنما تربط بشكل نقدي تلك المسائل بالسياق الشديد التسييس والتمويل الدولي المتزايد، الذي يلزم المنظمات غير الحكومية الكينية وغيرها من المبادرات القاعدية والناشطين/ات بالعمل ضمن الأطر التي يحددها.

يستند هذا المقال إلى أبحاث الكاتبة الأولى لوسي مونغالا، وانخراطها الطويل في قضايا الأقليات الجنسية في كينيا، بما في ذلك فترات العمل الميداني التي أجريت في الأعوام 2017 و2017 و2018 في نيروبي ومومباسا وكيموسو، كجزء من بحث الدكتوراه الخاص بها. وقد تثنى لها، بوصفها باحثة-ممارسة الوصول إلى ناشطين/ات وممثلين/ات من منظمات غير حكومية تعنى بقضايا الميم، بالإضافة إلى عاملين/ات عابرين/ات للقوميات في مجال حقوق الميم، وممولين رئيسيين، وأصدقاء ومعارف مثليين ومثليات. وبالتالي، استندت المعطيات الإثنوغرافية في هذا المقال إلى ملاحظات المشاركين/ات الإثنوغرافية والمقابلات شبه المنظمة مع ناشطين/ات وممثلين/ات لمنظمات غير حكومية تعنى بقضايا الميم. وبصفتها عالمة أنتروبولوجية، ممارسة ونقدية، اعتمدت على الإثنوغرافيا المتعددة المصادر والمواقع (ماركوس 1995)، قامت الكاتبة الأولى بتحليل المستويات الفردية والمؤسساتية، مانحة الأولوية للأصوات المحلية. الهدف من ذلك هو الاعتراف بالعلاقة المعقدة والمبهمة بين الناشطين/ات في مجتمع الميم، وتلك المتعلقة بالممولين، والتي تشكل نقطة ارتكاز في التحليل النظري في هذا المقال. بالإضافة إلى ذلك، وبهدف تدعيم المعطيات التي وفرها العمل الميداني، قمنا بتحليل البيانات والمواقف الإلكترونية للمنظمات غير الحكومية المعنية بقضايا الميم، لناحية أولويات واسترتيجيات تلك المنظمات: الوثائق القانونية، بما في ذلك تقارير المحاكم والأحكام والملفات القضائية، ومواقف الناشطين/ات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كالفايس بوك حيث ي/تروج الناشطين/ات لأفكارهم/ن، وي/تنشرن نقاشاتهم/ن.

 

الإطار النظري: الناشطية المحلية والتحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية

تكمن أهمية الإشارة إلى حقوق الإنسان العالمية من أجل ضمان الحماية الرسمية للأقليات الجنسية والجندرية، في قابلية استخدامها للإدعاء على الحكومات من أجل الاعتراف ب/وحماية حقوق هذه الفئات. ولكن، يتم غالبًا تفعيل هذه القوانين من قبل هيئات قانونية وقضائية، فتفقد شعبيتها وحظوتها لدى الرأي العام (ثورسون، 2008). وانسجامًا مع النزعات الدولية والدستور الكيني للعام 2010، تتخذ الناشطية في قضايا الميم إطارًا حقوقيًا راسخًا ومنبثقًا في الأغلب عن المفاهيم الغربية حول سياسات الميم. لكن، كما تناقش تامال (2011)، "لا تنطبق بالضرورة سياسات الهوية التي تغلف هذه المفاهيم الغربية للعلاقات الجنسية المثلية على السياق الأفريقي" (ص.27)

شكلت الحاجة إلى الموارد المالية اللازمة للنضال من أجل العدالة الاجتماعية، وهواجس المساواة للأقليات الجنسية في أفريقيا، بالإضافة إلى وفرة تلك الموارد لدى المنظمات الدولية، عاملًا أساسيًا في تشكيل الوسائل التي توافقت من خلالها المنظمات المعنية بقضايا الأقليات الجنسية، الناشطين/ات، صانعي/ات السياسات، والحكومات مع المسارات العالمية (بايرر، 2012، ساندرز وآخرون.، كورييه، 2012). كما أدت هذه التبعية المالية إلى غياب توازن القوى، لأن منظمات الميم ذات التوجه والتمويل العالمي تؤثر على المجموعات الأصغر وتحثهم على وضع قضاياهم ضمن الأطر التي تؤهلهم للحصول على الدعم المالي (أوستربور وكييل، 2017؛ كييل، 2011؛ ليرش، 2008). كما يعزز هذا أيضًا ربط "أساليب الحياة" الجديدة المرتبطة بالجنسانية "بمذهب التكنولوجيا" الغربية المنتشرة لمواجهة وصمة الإيدز في الفترات الأولى لانتشاره (نيوين، 2013).

من المغري اتخاذ موقف حاسم تجاه تحويل مجموعات الميم في كينيا إلى منظمات غير حكومية – أي صعود المنظمات غير الحكومية في مجال الجندر والحقوق الجنسية وانفصال منظمات التخصص المهني عن الحركات القاعدية وحقها بالتدخل دفاعًا عن حقوقها. وفقًا لبورنشتاين (2003)، "إن تغيير الأولويات والرؤية في مجال التنمية يعكس سلطة قطاع المساعدات عالميًا" (ص.394؛ أنظر/ي أيضًا إلبيرس وآرتس، 2011). في الظاهر، يبدو الناشطون/ات المحليون/ات والممولون على خلاف، ولكن يظهر هذا البحث حالة من الاعتماد المتبادل بين الجهتين. تشير ألفارس، بعيدًا عن البنى الرسمية والتخصص المهني، إلى "التحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية بوصفه ترويجًا ناجحًا للنيو ليبرالية المحلية والدولية وعقوبة رسمية لأشكال مختلفة من التنظيم والممارسات في المنظمات النسوية وقطاعات أخرى من المجتمع المدني" (ص.176). بالنتيجة، تساهم المنظمات غير الحكومية في الجنوب العالمي بتوفير "المعرفة المحلية والثقافية، الروابط القاعدية، والقدرة على التنفيذ"، ولكنها لا تصمد أمام قوة المال واصطفافات الممولين في الشمال العالمي (بورنشتاين، 2003، ص.394). بالإضافة إلى ذلك، قد تكون العلاقة بين منظمات الجنوب العالمي والمجتمعات المحلية فوقية ومنحازة، تمامًا كتلك التي بين ممولي الشمال العالمي والمنظمات غير الحكومية في الجنوب العالمي (موهان، 2002؛ ناراياناسوامي، 2014).

ومع العلم أننا في هذه الورقة البحثية نعترف بالتبعية المالية لمجموعات الناشطين/ات المحلية، والتأثير البالغ للمنظمات الدولية على مستويي الممارسة والخطاب، نناقش أيضًا أن العلاقة بين المنظمات الدولية ومنظمات الميم الناشطة ليست أحادية الاتجاه أو سلبية بالمطلق (تاونسند، بورتر، وماودسلي، 2004؛ شارما، 2008). كما سيتبين لاحقًا، على سبيل المثال، شكلت المنظمات العاملة في مجال الرعاية الصحية – لا سيما في مسائل فيروس نقص المناعة البشري – مساحات مثمرة للترويج والتعبئة لنضال مجتمع الميم. نستنتج بالتالي أن الوصول إلى التدخلات المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشري، سواء كانت ضمن المراكز الطبية أو خارجها، ارتبط دائمًا مع النضال من أجل حقوق الإنسان بالنسبة لمجتمع الميم الكيني. لذا، تتيح لنا مقاربة نضال الميم القاعدي، والمنظمات غير الحكومية الكينية، والتدخلات الصحية الدولية، وشبكات حقوق الميم الدولية، كمسألة معقدة ومتشابكة وفي الوقت ذاته كمشهد نضالي موحد، من تقديم تحليل يرتكز على التجارب المعاشة (ساندفورد وريدي، 2013؛ ثورسون و كوك، 2011؛ إبريخت، 2012).

وضعنا بنية هذا المقال على الشكل الآتي: نصف في البداية تفصيليًا الحالات التي قدمناها أعلاه بشكل مقتضب، بهدف إبراز الصراعات السياسية الحالية حول التسمية والاصطلاحات، التمثيل، والهوية ضمن مشهد ناشطي/ات الميم في كينيا. وبينما تتكشف السرديات والمصالح المختلفة للأطراف الفاعلة، نناقش في الوقت ذاته، أن التفاعلات اليومية للأطراف المتنازعة وسياسات الهوية ترتبطان بشكل حاسم، مما يخلق مشهد "ناشطية متقوقع"، يتسم بالتصدع، غير أنه متصل ببعضه البعض. ثانيًا، نناقش أن هذه التوترات مرتبطة بتطور مبادرات التنمية المحلية والدولية وتركيزها الأساسي على مسائل الصحة. وبما أن التاريخ لا يسير في خط مستقيم، إلا في وقت متأخر (بابي، 2014)، نصور تطور الصحة، الجندر/النوع الاجتماعي، وناشطية الأقليات الجنسية والمناصرة من خلال استعادات إثنوغرافية للأطراف المعنية. ثالثًا، نناقش أن الالتباس في علاقة الاعتماد المتبادل فيما بين منظمات الصحة الجنسية وناشطي/ات الميم القاعديين/ات هي مسألة جوهرية في الاستراتيجيات، التحالفات، والموارد الحالية. في المحصلة، نقترح وجود جدوى من مقاربة المبادرات الغامضة أو بالأخرى المتناقضة بصفتها جهات فاعلة في علاقة اعتماد متبادل ضمن مجال متطور تاريخيًا وزاخر بالقوة، مما يخلق وجهات نظر نافعة للناشطين/ات المحليين/ات والممارسين/ات الأكاديميين/ات على حد سواء.

 

الناشطية المتقوقعة والتوجه نحو المسارت القضائية

في الملف القضائي الذي عرضناه، اعترض الناشطون/ات العابرون/ات وثنائيو/ات الجنس البيولوجي على استخدام "مثليين/ات" في جملة واحدة مع عابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي، حيث ورد ذلك في اسم ورسالة المنظمة التي تسعى إلى التسجيل الرسمي من أجل مشاركة المنظمات الحالية التي تعنى بالميم في الجهود الرامية لتعزيزحقوق الإنسان. واعتبروا أن التوجه الجنسي (أي ما يفعله الشخص) يجب أن يُفصل عن الهوية الجندرية (من يكون الشخص). كما أبدوا تخوفًا من تأثير رفض تسجيل المنظمة على وضع منظمتهم/ن4. وبينما يسهل تجاهل هذه المخاوف، بوصفها انعكاسًا لتحفظ أفريقي يرفض السياسات اليمينية الغربية و"المتقدمة" حول مسائل الميم (نييك وإبرخت، 2013؛ لينوكس وويتس، 2013؛ ويتس، 2009)، نناقش، أنه قبل كل شيء، خطاب مضاد تجاه تحالفات المثليين والمثليات وثنائيي/ات التوجه الجنسي المهيمن والممثل لكافة أطياف الميم بوصفهم/ن مجتمعًا موحدًا. تتلقى المنظمات المعنية بالمثليين/ات وثنائيي/ات التوجه الجنسي حصة الأسد من الموارد المالية المخصصة للنضال المتعلق بالجندر/النوع الاجتماعي والجنسانية، بينما تشح الموارد بالنسبة لمجموعات العابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي5. وبما أن تمويل الميم في كينيا يتمحور حول التدخلات المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشري، تبقى نساء الأقليات الجنسية مهمشة وغير مستفيدة من هذه البرامج، حيث تعتبر من الفئات الأقل عرضة، وبالتالي، تبقين غير مرئيات حتى ضمن السياسات الصحية المتوفرة التي تزعم دمجها للأقليات الجنسية والجندرية (ويلسون وآخرون.، 2019). لا يعتبر عدد كبير من العابرين/ات وثنائيي/ات الجنس البيولوجي أن مبادرات الأقليات الجنسية والجندرية تمثلهم/ن، لأن إدراجهم/ن كفئات ممثلة بعبارات واردة في أسماء المنظمات، لا يعكس ما هو أبعد من ذلك، أي لناحية التعامل مع قضاياهم/ن. وقد انتقدت أودري، ناشطة عابرة، علاقات القوة المهيمنة ضمن الميم الكينيين/ات، الناشطي/ات، والمنظمات التي تميل إلى خلق فهم محدود حول الجنساينات والهويات الجندرية المقبولة.

معظم الذين/اللائي يستخدمون/تستخدمن عبارة مجتمع الميم، ومن ضمنهم/ن الناشطين/ات المثليين/ات لا يفهمون/تفهمن حقًا مفهوم العبور والقضايا التي يمثلها بالنسبة للعابرين/ات. والأسوأ من ذلك أنهم/ن يدعون/تدعين النضال من أجل قضايانا – تحت إطار موحد لمجتمع الميم، ولكن كيف يمكن ذلك في ظل غياب العابرين/ات عن هذه المنظمات أو المواقع القيادية فيها، ولهذا عليهم/ن أن يسموا/تسمين منظماتهم/ن بشكل منسجم مع ما تكون فعلًا. [أي أنها ليست "منظمة للعابرين/ات"]. (أودري، نيروبي، 2016)

يشمل مصطلح "الميم" طيفًا متنوعًا من الهويات الجنسية والجندرية، والتي غالبًا ما يتم اعتبارها دامجة للجميع. ولكن أين هن مثلًا النساء اللائي تمارسن الجنس مع نساء، أو الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، والذين/اللائي لا يعرفن/تعرفن عن أنفسهم/ن كجزء من مجتمع الميم (بولستروف، 2007). تم ابتكار مصطلح الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال للدلالة على السلوك بدلًا من الهويات الاجتماعية أو الثقافية، واتخذت دلالته منحى طبيًا لوصف "فئة أكثرعرضة للخطر"، سيما بعد انتشار فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز. فإذن الفكرة ليست من تكون، بل أن ما تفعل هو ما يحدد من أنت (بارال وآخرون.، 2007؛ بولستروف، 2011).

إن تفضيل مصطلاحات على غيرها ليس مجرد مسألة دلالية، بل يعكس مصالح واستراتيجيات مختلفة لفئات متعددة. نناقش أنه ومع العلم أن المصطلح الشائع الاستخدام هو "حركة الميم الكينية"، لكن الوصف الأفضل للناشطين/ات المحليين/ات، والمنظمات، والمبادرات القاعدية، هو مشهد "ناشطية التقوقع" (ليفيتسكي، 2007، ص.272)، التي تتضمن مجموعات متنوعة من الهويات الجندرية والجنسية، لكل منها حاجاتها واستراتيجيات المناصرة الخاصة بها. تصف ليفيتسكي (2207) ناشطية التقوقع أنها تخصص لفاعلين/ات ومنظمات متنوعة، لكل منهم خططه الخاصة والهادفة إلى تحقيق هدف مستقل ومحدد في سياق معين. في كينيا، أدت الحاجة لمراكز ومنظمات تنشط لتلبية حاجات متنوعة إلى صعود ناشطية متقوقعة ومنقسمة، ولكنها تشكل مشهدًا موحدًا يرتبط بشكل متبادل ببعضه البعض، نتيجة فرض الممولين تحويل النضال إلى إطار المنظمات غير الحكومية والتوجه نحو المسارات القانونية والقضائية. ويبدو التحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية في كينيا أقل خضوعًا لسيطرة الممول لناحية اعتماد خطاب ميم دولي (جاد، 2003)، وتحديدًا بالنسبة للتوجه نحو التخصص الذي يفرضه الممول والتشجيع لاعتماد استراتيجيات معينة (المسارات القانونية، والمناصرة الإعلامية) التي تفضل ناشطين/ات وتهمش غيرهم/ن.

وبينما نقارب تنوع الأطراف الفاعلة هذا – الناشطين/ات القاعديين/ات، المنظمات غير الحكومية المحلية، منظمات الصحة الدولية – كمشهد ناشطية موحد، نصر على رغبتنا في إبراز الاختلافات الحقيقية في المصالح والتنافس على الموارد الشحيحة. فيما سيلي، نناقش أن التعاون المرحلي والتحالفات المترابطة هي: 1) متجذرة على مدى عقدين من عملية تحول تدخلات الصحة الجنسية ومنظمات حقوق الإنسان إلى منظمات غير حكومية، 2) تشكل عالمًا مصغرًا لبيئة ثقافية وقانونية زاخرة القوة، حيث تفرض إطارًا ومجالًا لعملهم/ن.

وبما أن التطورات التاريخية لا تسير في خط مستقيم إلا في وقت متأخر، يمكننا تتبع تطور المنظمات غير الحكومية المتخصصة بكل من الصحة الجنسية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المبادرات القاعدية من خلال حدثين مركزيين: تأسيس عيادات متخصصة بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، أو ما يسمى بعيادة الثلاثاء في الحالة التي نناقش، مما سيبرز كيف أن المساحات المتخصصة بالصحة الجنسية تعمل كما لو أنها مساحات للحشد لقضايا الميم، والتحركات التي شهدناها في المنتدى الاجتماعي العالمي في العام 2007 في نيروبي، والذي يمثل نقطة تحول تجاه ناشطية الحريات، وتصاعدًا في خطاب حقوق الإنسان بين المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة، بالإضافة إلى استياء محلي من "الظهور/الإفصاح".

 

عيادة الثلاثاء: مؤسسات فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز كمراكز تعبئة على قضايا الميم

منذ ما يقارب 15 سنة، أصبحت منغالا جزءًا من مجموعة جهزت أولى العيادات للرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال في كينيا. عرفت العيادة باسم "عيادة الثلاثاء". حينها، تعرفت منغالا على أصدقاء ومعارف يعانون/تعانين من أجل الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإيدز من دون التعرض إلى الوصمة. تم إنشاء العيادة، التي قدمت لها مؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية مقرًا، بناء على شكاوى عدة نتيجة غياب خدمات ومعلومات الصحة الجنسية والإنجابية لأفراد الميم وعاملي الجنس الرجال، مثل فحوصات فيروس نقص المناعة البشري والاستشارات. نقرأ في مذكراتها في تلك الفترة الآتي:

شاركنا أحد الأصدقاء تجربته عندما زار عيادة متخصصة بالالتهابات المنقولة جنسيًا لأنه يعاني من ثآليل شرجية. وبما أنه مثلي بشكل علني ويعمل كممرض، أخذ يشرح الأعراض بالتفصيل. ولكن مقدم الرعاية الصحية لم يكن مهتمًا وقاطعه قائلًا: لقد فهمت. لا أحتاج إلى معرفة تفاصيل إصابتك؛ ففي النهاية، الدواء الذي سأعطيك إياه يعالج كافة أنواع الالتهابات المنقولة جنسيًا – لا يهم أين كانوا! بعدما ملأ استمارة ضمن موعد لا تتجاوز مدته ال 15 دقيقة، تلقى صديقي الدواء من دون أي معاينة جسدية. (مقتطفات من مذكرات، تشرين الثاني/نوفمبر 2005)

بعد ذلك بفترة وجيزة، فتحت عيادة الثلاثاء أبوابها. وتكوّن فريق العمل من طبيبين/تين، ممرض/ة، ومرشدين/تين، قاموا بتشغيل العيادة بشكل تطوعي، مع الإبقاء على وظائفهم/ن الاعتيادية اليومية. ومن خلال علاقاتهم/ن الاجتماعية، تمكنوا/تمكنّ من الوصول إلى المجتمع المثلي في نيروبي وشبكاته، التي ضمت عاملي جنس رجال، نساء ثنائيات التوجه الجنسي، وأفراد كينيين/ات وأجانب من الطبقة الوسطى، يعرفون/تعرفن عن أنفسهم/ن أنهم/ن مثليين/ات. كانت العيادة توجد في مبنى سكني في إحدى مناطق الطبقات الوسطى، لضمان السرية والخصوصية. وتم تقديم الخدمات للفئات المستهدفة بين السادسة والثامنة مساءً. تم اختيار هذه الأوقات لتجنب التضارب مع سبل معيشة زبائن العيادة. مثلًا، تم تقديم الخدمات لعاملي الجنس وهم في طريقم إلى العمل (معظهم/ن كانوا/ن عاملين/ات على ناصيات وتقاطعات الشوارع في منطقتي هورلينغام ولافينغتون). كما وفرت مكاتب مؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية مساحة للاسترخاء و"التسكع"، استفاد منها عاملو الجنس للتبرج وتبديل الملابس قبل التوجه إلى الشوارع أو الحانات المجاورة. أحيانًا كان يتم تقديم الشاي والطعام خلال اجتماعات الدعم التي كانت تحصل بعد القيام بالفحوصات.

ومن خلال جلسات الشاي والطعام هذه، نشأت مساحة للتعبئة والتجييش، وتحولت عيادة الثلاثاء إلى فضاء أساسي لبناء شبكات الناشطين/ات، حيث يتعرف المشاركون/ات إلى اصطلاحات النوع الاجتماعي والهويات الجنسية الغربية وإلى الواقع التنظيم اليومي في مجتمعات الميم (كوري، 2012؛ كوري وماكاي، 2018؛ لورواي وآخرون.، 2014). وأصبح الأعضاء الأوائل في مجموعة الدعم الخاصة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال ناشطون سياسيًا، وهم يحتلون اليوم مواقع قيادية ضمن منظمات العمل الجنسي والميم. كما أمنت هذه المساحة حيزًا للتفكير في العلاقة بين الرفاه الاجتماعي والصحة النفسية والجسدية. وفي هذه المساحة تحديدًا أعاد الناشطون/ات صياغة المفاهيم المتعلقة بالعلاقة بين المبادرات الصحية – وانتقلوا/انتقلن بذلك من ما تم اعتباره مقاربة الصحة العامة الحصرية إلى مقاربة ناشطي/ات حقوق الإنسان – للترويج إلى دمج الميم في المبادرات الصحية والاعتراف القانوني وإلغاء التجريم. وحتى ذلك الحين، تبنت مجموعات الأقليات الجنسية مقاربة الصحة العامة لتنفيذ برامج فيروس نقص المناعة البشري المرتبطة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، لتجنب العداء السياسي والاجتماعي؛ ففي بعض الحالات، عنى ذلك تملصًا من نداءات الحقوق المتساوية للأقليات الجنسية والجنرية ورفضًا لظهور أفراد الميم.

أصبحت المطالبة بالعدالة الاجتماعية، القبول، والاعتراف مسائل مفصلية لفهم المواطنة (تامال، 2011؛ كورييه، 2012). في كينيا، سهل وجود المؤسسات الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالوقاية من الإيدز والعلاج التدخل والاستجابة بشكل علني لحاجات الأقليات الجنسبة، على الرغم من المناخ السياسي-الاجتماعي المعادي لمناقشة حقوق ووجود تلك الفئات (NASCOP، 2012؛ KHRC، 2011، جيبيل، 2012؛ موييه وايغونيا، 2018). وعلى الرغم من أن تشغيل وتمثيل شبكات الميم لم يكن الهدف الرئيسي لمؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية، تطور هذا التدخل من مجرد خدمات طبية تركز على السلوك والعلاج الطبي، ليتضمن مجموعات دعم خاصة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، مما شكل مساحة نشأ من خلالها جبهة سياسية ناشطة حول قضايا الميم. ضمت المجموعة الأولى 15 شخصًا، معظمهم من عاملي الجنس الرجال، بالإضافة إلى بعض الرجال المثليين من الطبقة الوسطى، واستمرت الأعداد بالتزايد والتوافد إلى هذا الاجتماع نصف الشهري.

يذكر جيري، وهو معلم أقران سابق في المجموعة، خلال مقابلة، أنه مع الوقت، لم يعد الأعضاء في مجموعة الدعم يناقشون نتائج الفحوصات أو كيفية الوقاية. في المقابل، أرادوا أن يخصصوا ذلك الوقت لإمضاء بعد ظهيرة الأحد في حديقة أربوريتوم. وهكذا، أصبحت النزهات والحفلات جزءًا من نشاطات المجموعة. بالنسبة للبعض، كان تلقي نتائج فحوصات الإيدز سببًا كافيًا للمشاركة في مجموعة الدعم، أما بالنسبة للبعض الآخر، كانت مسألة احتفال بالحياة وبمن يكونون/تكن.

في السنوات اللاحقة، تحولت مؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية إلى راعي مالي لتحالف المثليين والمثليات في كينيا، وتولى مهام دعم مجموعات الميم الناشئة وبناء قدراتها. لكن، من الجدير بالذكر أن إدارة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية كانت مترددة في البداية، وأصرت على وضع حدود واضحة بين الصحة العامة والمناصرة من أجل حقوق الإنسان. تتذكر منغالا نقاشًا حادًا جرى في أحد الاجتماعات، حيث صرحت الأقليات الجنسية من خلال تحالف المثليين والمثليات في كينيا أنه: "حان الوقت لظهور مجتمع الميم". وشرح ممثل من تحالف المثليين والمثليات في كينيا أن أفراد الميم الكينيين/ات يحتاجون إلى الظهور أمام عموم الناس، وليس فقط أمام الهيئة الوطنية للإيدز، والتي وصفتهم سابقًا بمستجديي/ات الانتباه. كما أعلن بشغف أن تأكيد حقهم/ن في تقرير المصير، الكرامة، والاحترام هو الخط الأول للنضال. ومع هذا التصريح، تقدم قائد المجموعة بطلب الاستئناف وفكر بالتجارب اليومية للعديد من الميم الكينيين/ات، الذين/اللائي يواجهون/تواجهن التجريم، الوصمة، والعزل بعيدًا عن المفاهيم المتعلقة بالوصول إلى الرعاية الصحية.

تشهد كينيا اليوم إعادة تأسيس للعيادات التي تعمل "كمتاجر لزيارة واحدة"، والتي يديرها مجمتع الميم. مثلًا، بقيادة رجال عاملين في الجنس ورجال يمارسون الجنس مع الرجال، تأسست خيارات صحية للرجال الشباب حول الإيدز والالتهابات المنقولة جنسيًا (HOYMAS)،6 وإشتار: رجال يمارسون الجنس مع الرجال (ISHTAR MSM)،7 وعيادات مجتمعية تقدم مروحة واسعة من الخدمات، من الفحوصات والعلاج والإحالات إلى مجموعات دعم الأقران، المساعدات الغذائية والخدمات الاجتماعية والقانونية. منذ أن تشكلت في مطلع ال2000 مراكز التدخلات المختصة بفيروس نقص المناعة البشري، مجموعات الدعم، ومؤتمر الجنسانية الذي قعد من قبل صندوق العمل الطارئ-أفريقيا، برز بعد ذلك مع حلول العام 2006 منظمات جديدة تعنى بقضايا الميم، منها تحالف المثليين والمثليات في كينيا ونساء الأقليات الناشطات. وابتداءً من العام 2007، بدأت هذه المنظمات بالتسجيل كمنظمات مجتمعية لدى وزارة الخدمات الاجتماعية، ومن ثم لدى هيئة تنسيق المنظمات غير الحكومية الكينية. ولكن، لم تدرج الحكومة الكينية فئة الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال ضمن برامج الرعاية الوقائية والعلاج حتى العام 2009. وللمرة الأولى، في العام 2008-2009، تمت دعوة أعضاء من مجتمع الميم إلى المشاركة في تطوير الخطة الاستراتيجية الكينية لمكافحة الإيدز لسنوات 2009-2014. كانت هذه الوثيقة الحكومية الأولى التي تعرف الأقليات الجنسية، الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، وعاملي/ات الجنس كفئات أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري، وأيضًا كفئات محرومة غالبًا من الوصول إلى الخدمات (ساندرز وآخرون، 2015).

تمحورت المبادرات المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز بشكل أساسي حول منظمات الرعاية الصحية، بهدف تجنب الاضطرابات الثقافية والمحلية الفعلية أو المتوقعة (تونيس، 2001؛ جيبيل، 2012؛ مجلس حقوق الانسان الكيني، 2011). كما يبرز نموذج عيادة الثلاثاء كيف تحولت هذه المبادرات، شيئًا فشيئًا، إلى مساحات آمنة للتجييش على قضايا مجتمع الميم. وقد أدت إعادة تموقع هذه العيادات بعيدًا عن المستشفيات إلى فصل ناشطية قضايا الميم عن الرعاية الصحية "الأساسية"، وتحديدًا المسائل المتعلقة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، خاقة بذلك مساحة فعالة للتعبئة على حقوق الميم.

من الواضح أن مجموعات الدعم، وخاصة المعنية بالأفراد المتعايشين/ات مع فيروس نقص المناعة البشري، باتت تزرع لدى أعضائها حسًا بالمسؤولية لناحية العناية الذاتية، وتعزز ثقتهم/ن بأنفسهم/ن، كما تحسن النتائج الصحية والاجتماعية والاقتصادية (نيويين وآخرون.، 2009؛ هيير وآخرون.، 2010؛ إيوونيا، 2017). ويشير نشوء وتطور عيادة الثلاثاء بالتالي إلى تحول أكثر ابتعادًا عن الرعاية الصحية الأولية باتجاه إطار حقوق الإنسان، بما في ذلك اعتماد الخطاب الغربي (تحديدًا، إضافة الكويريين/ات وثنائيي/ات الجنس إلى اختصارات الميم)، والتركيز على مسألة الظهور. من المغري وصف ذلك بتحول خطي من خطاب (الصحة) إلى خطاب (حقوق الإنسان). ولكن، إذا ما نظرنا بعمق إلى الظهور كمسألة مفصلية لتحديد الاختلاف بين التصورات والممارسات، نرى أنه يمكننا فهم ذلك بشكل أفضل كعلاقة اعتمادية متبادلة ومبهمة.

 

"نحن هنا! نحن كويريون/ات!": نحو مزيد من الظهور

شكلت مسيرة اليوم العالمي للإيدز في العام 2006 لحظة تاريخية بالنسبة للأقليات الجنسية في كينيا، حيث كانت التظاهرة فرصة للتعبيرعن التضامن مع الحركات الأخرى، كتلك التي يقودها أفراد متعايشون/ات مع فيروس نقص المناعة البشري. كما كانت أيضًا فرصة للظهور بالنسبة للرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، بصفتهم مجموعة تعتبر إحصائيًا "الفئة الأكثر عرضة" (البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز والالتهابات المنقولة جنسيًا، 2010). يتذكر مونغالا حماسته، خلال مشاركته في الجلسات التحضيرية، ويتذكر قلقه أيضًا عندما رفع ناشطو/ات الميم لافتات كتب عليها "جميع الناس متساوين/ات"، و"الصحة للجميع". بالنسبة لكثيرين/ات كانت تلك اللحظة أولى اللحظات التي ظهروا/ن خلالها كأعضاء وداعمين/ات لمجتمع الميم. وقد وصف تحالف المثليين والمثليات في كينيا هذه المناسبة بحدث "الظهور" للكويريين/ات في كينيا؛ أي أن المسيرة، حرفيًا، وضعت وجهًا للمجتمع الكويري الكيني.

بعد مرور عام، وفر المنتدى الاجتماعي العالمي في 2007 فرصة أخرى لتحالف الأقليات الأقليات الجنسية الناشئ حديثًا8. ويعتبر المنتدى لقاءًا للحركات المناهضة للعولمة، والتي تتضمن منظمات مجتمع مدني مناهضة للرأسمالية النيوليبرالية للمنتدى الاقتصادي العالمي. إجمالًا، يهدف المنتدى إلى التأثير بالأنظمة الاقتصادية، ولكن اجتماع العام 2007، والذي جرى للمرة الأولى في القارة الأفريقية، وفر بالدرجة الأولى منبرًا للميم الكينيين/ات ليكونوا/لتكن مرأيين/ات، وليعيدوا نضالهم/ن إلى سياق حقوق الإنسان. كما قدم المنتدى، للأقليات الجندرية والجنسية الممثلة هناك، من كينيا وغيرها من البلدان الأفريقية، فرصة لمشاركة خطط المناصرة وتشكيل حركات تضامن عابرة للقوميات. وبعد بروزهم/ن في مسيرة يوم الإيدزالعالمي، شكل حضورهم/ن في المنتدى رسالة قوية على المستويين المحلي والعالمي: "نحن هنا، ونحن كويريون/ات".9

نظم تحالف المثليين والمثليات في كينيا واحدًا من الاجتماعات التحضيرية، شارك بتيسيره منسق برنامج الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال في مؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية، بالإضافة إلى موظف من منظمة التضامن الكويري النروجي، وهو من الممولين الأوائل لتحالف المثليين والمثليات في كينيا من خلال الوكالة النروجية للتنمية. وكانت الفكرة من ذلك توفير مساحة آمنة في المنتدى من أجل الحوار المفتوح بين الناشطين/ات الكويريين/ات والجمهور الكيني وغيرهم/ن من المشاركين/ات في المؤتمر. وفي حين اعتبر البعض ذلك خطرًا، قرر المشاركون/ات من مجمتمع الميم في الاجتماع التحضيري أن النتيجة تستحق تلك المخاطرة، وبالتالي، أصبحت البقعة المخصصة للكويريين/ات أمرًا واقعًا. وبالإضافة إلى فتح الحوار، عملت تلك البقعة الكويرية كمساحة تعليمية وإخبارية، حيث تخللها عروضات ثقافية، وعروض أفلام، بالإضافة إلى توفر معلومات حول فيروس نقص المناعة البشري والفحوصات.

وجذبت تلك البقعة الكويرية انتباهًا وفضولًا تحدث عنه بحماسة وانفعال الإعلام الكيني (إيلغا، 2007). وبينما وفر هذا الحدث الظهور والعلنية التي أرادها هذا المجتمع، إلا أنه، من جهة أخرى، خلق مشاكل مرتبطة بالأمن والسلامة. فقد انتشرت صور بعض الناشطين/ات في الصحف المحلية. بالنسبة للاري، تطلب الإفصاح عن ميوله علنيًا شجاعة قصوى، وهو رجل مثلي شاب في مقدمة جبهة ناشطية الميم الكينية. فعلى الرغم من إفصاحه عن ميوله ضمن أوساط الميم، لم تكن عائلته على علم بذلك. لذا، شكل نشر هويات الناشطين/ات هاجسًا وقلقًا للكثيرين/ات.10 وفي الأسبوع نفسه، طلب رجل دين مسلم من الحكومة اعتقال "المثليين"، مما أدى إلى تأجج العدائية الدينية ضد المثلية الجنسية لسنوات طويلة. وقد كان "صيد الساحرات" هذا جديدًا نسبيًا بالنسبة إلى كينيا، وكان بمثابة إنطلاقة لفترات مشابهة، حيث قام رجال دين، وخاصة في المناطق الساحلية حول كيليفي في مومباسا والمناطق المجاورة لكوالي، بأفعال عنف جماعي عبر الترويج للخطاب المعادي للمثلية الجنسية. بالنتيجة، تعرض عدد من الذين/اللائي تم ذكرهم/ن إلى التهديد والهجوم.11 وقد ربط الباحثون/ات الحوادث المشابهة والمتسمة بالكراهية الدينية وتجريم المثلية الجنسية بالعنف، الوصمة، الابتزاز، والنبذ (مبوتي وآخرون.، 2016؛ هيومن رايتس واتش، 2015؛ KHRC، 2012).

في ختام المنتدى الاجتماعي العالمي، أصدر ناشطو/ات وحلفاء الميم بيانًا مشتركًا، فصل مبادئ حقوق الإنسان العالمية المتوافق عليها والتي تنص على المساواة للجميع. واعتبر/ت المنظمون/ات أنه من الآمن أن تلقي امرأة البيان، لأنهم/ اعتقدوا/ن أن المثليات تمثلن خطرًا أقل مقارنة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. قرأت البيان كاشا، مثلية من أوغندا، خلال حفل أقيم في حديقة أوهورو. لم تلق الرسالة تجاوبًا إيجابيًا من قبل كثيرين/ات من الحضور، وأنتجت غضبًا عارمًا فيما بين الأعضاء المعارضين/ات قبيل إعلانها. وباعتبار أن المثلية الجنسية غريبة عن أفريقيا، اتهمها المعارضون/ات ومنظمي/ات البقعة الكويرية بالاستمرار ببث الأفكار الاستعمارية وبتلقي الأموال من الحكومات الغربية للدفع بالأجندة المثلية في أفريقيا. وقد اكتظت التقارير الإعلامية بالتحريض ضد الدعم المالي من المانحين الدوليين، ومن وجود الحلفاء الغربيين في خيمة الكويريين/ات.12 كما ربطت التقارير النضال الكويري للميم الكينيين/ات بالنقاش حول حقوق الزواج المتساوية، الذي يجري في عدد من الدول في غرب أوروبا وشمال أمريكا.

أثرت هذه الهجمة العدائية والاتهامات على علاقة ناشطي/ات الميم بمنظماتهم/ن وبالمنظمات الدولية. حيث تراجع/ت بعضهم/ن أو قرر/ن التموضع بشكل مغاير تمامًا. مثلًا، تراجعت مؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية في مقابل وضع تحالف المثليين والمثليات في كينيا في واجهة الصراع. وأبقى منسق برنامج الرجال الذين يمارسون مع الرجال في لفربول للعلاج والرعاية الطوعية، وهو رجل مثلي أبيض على دوره الإرشادي، بينما انسحب من بقعة الضوء، في حين أصبح ثلاث/ة كويريين/ات ناشطين/ات سود محليين/ات وجه المشهد النضالي لناشطي/ات الميم لمناهضة وتقليص تأثير الاتهامات والانتقادات. في المحصلة، أصبحت مثلية كينية في دور القيادة بدلًا من رجل مثلي أبيض كرئيسة برنامج الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال في مؤسسة لفربول للعلاج والرعاية الطوعية.

ولكن جدية الهجمة، لا تقابلها جدية لجهة الانقسام الحاصل من جهة بين ناشطي/ات الجندر/الكويرية الدوليين/ا، وناشطي/ات الصحة العامة المحليين/ات من جهة أخرى. في المقابل، نناقش أن هذه المشهدية مترابطة ومتبادلة الاعتماد وتعمل في في بيئة محلية ودولية. يساعدنا الاعتراف بهذه العلاقة الاعتمادية المتبادلة والمبهمة على استكشاف الناشطية الحالية لمجتمعات الميم وكيف أنها صورة مصغرة عن علاقات القوة داخل الدولة الكينية، المنظمات غير الحكومية الدولية، والناشطين/ات القاعديين/ات المحليين/ات.

 

الاعتماد المتبادل المبهم: التحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية وناشطية الميم

على الرغم من ردة الفعل التي تلت حدث بقعة الكويرين/ات، اتسع مشهد ناشطية الميم الكينيين/ات بشكل متسارع. وقد أشارت دراسة أولية (كاراغو) إلى وجود 35 مجموعة تعني بقضايا الميم، من بينها ثمانية متخصصة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال انبثقت عن منظمات تعنى بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز. كان تمويل هذه المبادرات بسيطًا، يتراوح بين 2000 و10000 يورو، وكانت جميعها باستثناء خمس مدعومة من قبل متطوعين/ات. وكما ذكرنا، مثلت هذه المبادرات المتنوعة مكونات متباينة لها مصالح واستراتيجيات وأهداف بعيدة المدى وذات تنوع شديد.

تركز مثلًا منظمة التعليم والمناصرة من أجل العابرين/ات على الحاجة إلى الوصول إلى المسائل الطبية (العلاج الهرموني، والرعاية النفسية/العيادية النفسية) والاعتراف القانوني (تغيير الأسماء، والوثائق الشخصية) للأفراد العابرين/ات، بينما يتبنى تحالف المثليين والمثليات في كينيا والمجلس الدولي لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات، مقاربة حقوق الإنسان المرتكزة على الحريات الفردية (الوصول إلى الصحة، وحرية التعبير) والهويات الجندرية الكويرية (المساواة وعدم التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية). وبدلًا من التواجد كمبادرات مستقلة، عملت هذه المجموعات ضمن المجالات المحلية والعالمية ذاتها، ولوحظت التفاعلات اليومية، التعاون، ووجود الناشطين/ات في مجموعات متعددة. هذه العلاقات المبهمة في مشهد الناشطية المتقوقعة والمتصارعة تركز على مسائل الموارد والتمثيل والوصول (ماكارثي وزالد، 1977؛ تاروو، 1998؛ فريدمان وماك آدم، 1992).

ومع انتشار مجموعات الميم في شرق أفريقيا، تزايد دعم التمويل. ففي اجتماع للممولين في نيروبي في العام 2011، عبرت 35 منظمة تم التعرف عليها في الدراسة، عن حاجتها إلى تنمية القدرات. تلى ذلك نقاش حول ما يعنيه ذلك. وعبر البعض عن رغبتهم/ن بتطبيق معايير عمل لمنظمات مجتمع الميم، معتبرين/ات أن استدامة جهودهم/ن تتطلب تنظيمًا جماعيًا لمنظمات مجتمع الميم. وتم تأسيس أداة لضمان النوعية (QuAM)،13 في أوغندا، للعمل كآلية من شأنها أن تعزز مصداقية وفعالية المجموعات التي تعنى بالميم وعاملي/ات الجنس. واقترح البعض الآخر إنشاء هيئات وعقد اجتماعات كمنهجيات لتنظيم بنى الحوكمة ضمن منظمات

كاستجابة على ذلك، قامت وكالة التنمية الهولندية (HIVOS) وأوهاي،14 صندوق تمويل للناشطين/ات المحليين/ات المعنيون/ات بقضايا الميم وعاملي/ات الجنس في شرق أفريقيا، بتأسيس برنامجJisort ، وهي عبارة محلية كينية معناها "تدبر أمرك". تم إطلاق البرنامج في كينيا، تانزانيا، وأوغندا في العام 2012، وفي رواندا وبوروندي في العام 2013. وكان البرنامج مدعومًا باستثمار مالي بقيمة نصف مليون يورو من قبل هيفوس وأوهاي. وقد دعم التنمية المؤسساتية والتدخلات لتعزيز قدرات الحركات التي تعنى بقضايا الميم وعاملي/ات الجنس. وصمم البرنامج على فترة 4 سنوات لزياردة قدرات مجموعات الميم وعاملي/ات الجنس، وتحويل نظريات التغيير الخاصة بهم، كما المناصرة والأهداف والمبادئ والتأثير المنشود إلى خطط عمل ملموسة. كما هدفت هذه الخطط إلى مساعدة المنظمات على تحديد حلفائهم وكيفية والانخراط معهم، وتحديدًا الحلفاء الدوليين؛ إيجاد الموارد؛ تحسين معارف ومهارات الناشطين/ات؛ تطوير وتنفيذ استرتيجيات فعالة؛ والمشاركة في منتديات التغيير. وأخيرًا، أتاحت هذه الخطط لهم/ن المشاركة في شبكات الميم وغيرها من المبادرات ذات الصلة، كتلك المعنية بحقوق النساء، حقوق الإنسان، والوقاية من فيروس نقص المناعة البشري والإيدز.

وتم تنظيم جلسات إرشادية لتوفير المساندة حول تخطيط المشاريع، كتابة التقارير، الإدارة المالية، تطوير استراتيجيات المناصرة والتواصل. هدفت معظم هذه الجلسات إلى تحويل منظمات الميم الكينية إلى المهنية والتخصص، وكان ذلك من خلال وضع كل مجموعة لأهدافها المحددة، وانسجام ممارساتها مع الرؤية التي أعلنت عنها، وتنفيذ هذه الرؤية عبر خطط ملموسة قصيرة وطويلة الأمد. بالنسبة لبعض المجموعات، كانت هذه الجلسات مفيدة للغاية ومنتجة. في النتيجة، طورت كل شبكة Nyanza و Rift Valley وغرب كينيا (NYARWEK) خطة استراتيجية؛ وشكلت ISHTAR MSM هيئة لحوكمة تنفيذ برامجها، كما أعدت منظمة التعليم والمناصرة من أجل العابرين/ات نظم محاسبة ودربت موظفيها/تها على توثيق البيانات.

في الوقت ذاته، أعاد هذا المسار المدعوم من الممولين نزاعات قديمة وأنتج أخرى جديدة، لناحية التأثير الكبير للتخصص والمهنية على حساب ديناميات الحركة والمجموعات، خاصة الصغيرة منها، والتي لم تكن ترغب أصلًا في التخصص. في حالات أخرى، برزت نزاعات ضمن المجموعة ذاتها حول الأولويات الاستراتيجية مثل توقيت الانخراط في المسارات القانون، حيث تشكل عريضتي إلغاء تجريم المثلية 150 و234 نموذجين صارخين من كينيا. يشرح دان، وهو ناشط وقيادي في منظمة معنية بالميم هاتين العريضتين خلال مقابلة في العام 2006:

أصبح لدينا اليوم عريضتين أنتجتهما وستعرف عنهما المجموعة ذاتها. صاغ أحدهم العريضة الأولى، التي وعلى الرغم من أنها تمس مباشرة بلا دستورية المادتين 162-165، غير أنها صيغت بلغة قانونية نخبوية، حيث يعاني كثر من أفراد مجتمع الميم من أجل فهمها. لذا، هناك حاجة للانخراط مع مجتمعنا حتى يتمكنوا/تتمكن من مشاركتنا همومهم/ن ومتابعة تطورات المسار القانوني الاستراتيجي، كما تقرر في الأصل عبر مسار بدأ في العام 2014، وبناء عليه كانت العريضة الثانية 234.

تحدت صياغة العريضتين في العام 2016 دستورية المواد 162-165 من قانون العقوبات الكيني، وسعتا إلى إلغاء التجريم عن الممارسات الجنسية الواردة في القانون. صاغ العريضة 150 إريك جيتاري، وهو رجل مثلي ومدير اللجنة الوطنية للحقوق الإنسانية للمثليين والمثليات، ولكنه أبعد مجموعات أخرى، من ضمنها تحالف المثليين والمثليات في كينيا، و شبكة Nyanza و Rift Valleyوغرب كينيا (NYARWEK) وPEMA عن هذا المسار. دفع ذلك مجموعات مثل تحالف المثليين والمثليات في كينيا وشبكة Nyanza وRift Valley وغرب كينيا (NYARWEK)، وناشطين/ات من مجموعة HOYMAS التي يقودها عاملي/ات جنس إلى صياغة "حالة أكثر قبولًا من قبل المجمتع الميمي" بعد شهر واحد من صياغة العريضة 150. وبالتالي، تمحورت العريضة 234 على مفهوم التجارب المعاشة للميم الكينييين/ات وعاملي/ات الجنس، والتي تتصف بالعنف والتمييز الذي يختبرونه/تختبرنه. قبل صياغة العريضة، قامت قيادة PEMA، HOYMAS، تحالف المثليين والمثليات في كينيا، وشبكة Nyanza و Rift Valleyوغرب كينيا (NYARWEK) إلى حد ما بإشراك المجموعات القاعدية، مع العلم أن معظم النقاشات جرت في نيروبي، وفيما بين قادة مجتمع الميم، الممولين، المحامين/يات، وحلفائهم/ن. تصرح إيسي، وهي قيادية في منظمة تعنى بقضايا الميم:

نسميها "عريضة مجتمعية" وفقًا لما ناقشناه وتوافقنا عليه كمنظمات ومكونات مجتمع الميم. نشعر أن المجتمع سيعتبر العريضة ملكًا له، لأنها تمسه وترتبط بقضاياه وبالأشخاص المعنيين بها؛ هناك مثليات، عاملي/ات جنس، عابرين/ات. وأكثر من ذلك، هناك تمثيل لمن هم/ن خارج نيروبي، فقد كان مهم جدًا بالنسبة إلينا أن يكون مقدمي/ات العريضة من مجتمع الميم بدلًا من تقديمهم/ن كجهات معنية – هذا ضخم! (مومباسا، 2016)

أبقت قيادة منظمات الميم بشكل مقصود تفاصيل العريضة المتعلقة بإالغاء تجريم المثلية خارج نطاق الإعلام، ولم يتم تداول الحالات علنيًا حتى تم تحديد جلسات استماع لهم/ن. وقد كانت جلسات الاستماع نتيجة مسار بدأ في العام 2016. حيث توكلت ثلاث منظمات تعنى بالميم (المجلس الوطني لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات، تحالف المثليين والمثليات في كينيا، وشبكة Nyanza و Rift Valley وغرب كينيا مهمة وضع الجوانب القانونية لقضية إلغاء التجريم التي يقودها المجلس الوطني لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات، بالترافق مع استراتيجية تواصل وحملة انخراط مجتمعية مع الجمهور بقيادة تحاف المثليين والمثليات في كينيا وشبكة Nyanza و Rift Valleyوغرب كينيا. وتم اتخاذ تدابير الأمن والسلامة تحسبًا من أحداث عنف محتملة ضد الأقليات الجندرية والجنسية، وكانت مهمتها التعامل مع التهديدات المرتقبة. وخلال عملية وضع الاستراتيجية، شعر المجلس الوطني لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات أن اللجنة المشتركة تماطل، وأرادت وضع ملف القضية لدى وزير العدل موتونغا قبل أن يترك منصبه، وهو "بطل" مناصر لحقوق الميم الإنسانية.

لم يوافق بعض الناشطين/ات العابرين/ات على هذا القرار الاستراتيجي، وتصدوا/تصدين فعليًا لمفهوم التماثل والوحدة، التمثيل المتكافئ، وترابط الصراعات. تشرح ستيلا (تريد أن يبقى اسمها مجهلًا، وبالتالي هذا اسمها المستعار):

لو كنت أنا، امرأة عابرة، التي تحاول الدفع بأجندة العابرين/ات ضمن حركة التوجه الجنس والهوية والتعبير الجندرية المشحونة، لم أكن لأتمادى كثيرًا، ولكان الجميع عارضني كما فعلوا سابقًا حيال قضايا العابرين/ات. إنهم/ن يستغلوننا، ويخبرون الممولين أنهم يخلقون برامج تعنى بقضايا العبور، ولكن هذه البرامج ليست مرئية على الإطلاق. لذا كيف يمكن للمثليين/ات أن يقولوا/تقلن أنهم/ن يمثلون/تمثلن مجتمع الميم الكيني، بينما هم/ن يسعون/تسعين لتشريع قانوني يضمن حقهم/ن بممارسة الجنس مع بعضهم/ن البعض؟ (نيروبي، 2017)

تناقش برنشتاين (1997) أن "الهوية" بعلاقتها مع الحركات الاجتماعية لها على الأقل ثلاثة أبعاد تحليلية: الهوية من أجل التمكين، الهوية كهدف، والهوية كاستراتيجية (أنظر/ي أيضًا: موريس، 1992؛ كلهون، 1994؛ غامسون، 1995). على الأرجح أن المنظمات أولًا أنشأت هوية جماعية مشتركة نظرًا لضروروات المناصرة، ثانيًا، تحدت وأنتجت أشكالًا جديدة للهوية وهدمت بعض الفئات الاجتماعية، وثالثًا، استخدمت تعابير للهوية على المستوى الجماعي كاستراتيجية سياسية. تبنى مشهد الناشطين/ات الكينيين/ات منهجًا بنويًا في تشكيل التحالفات، المتباعدة جغرافيًا والجامعة لمجموعات متنوعة من الميم. ومن خلال تموضعها عبر استخدام لغة محددة، تمثيل، وفرص موارد، تميل سيايات الهوية لمجموعات الميم الكينية إلى تحدي مفهوم الجبهة الموحدة والحاجة إلى رؤية شاملة للتغيير الاجتماعي القائم على التوجه الجنسي والهوية والتعبير الجندري.

مثلًا خسر تحالف المثليين والمثليات في كينيا عضوية المجموعات المرتبطة بالعابرين/ات كمجموعة التعليم والمناصرة من أجل العابرين/ات، نتيجة المساحة المحدودة للانتباه إلى مجموعة من نتائج التغيير الاجتماعي التي تختلف بين مكون من الميم وغيره من المكونات.

تظهر سياسات الهوية أيضًا في الطرق المختلفة التي يعرف بها مختلف مكونات الميم عن هوياتهم/ن، ويرتبطوا/ن بها، أو يحتلوا/ن حيزًا اجتماعيًا وسياسيًا. مثلا، يشعر جيسي، الذي يعرف عن نفسه كثنائي التوجه الجنسي، بأنه مستبعد من قبل زملائه/زميلاته الناشطين/ات، لأن ناشطية ثنائيي/ات التوجه الجنسي لا زالت غير مرئية وخارج نطاق الأولويات. على الرغم ن ذلك، يحضر باستمرار إلى اجتماعات الميم، ويشرح:

أحيانًا عليك أن تصرح سياسيًا عبر تأكيد هويتك. وهذا يؤثر على حياتك فيما بعد، لأنك تعلم أنه لا يمكنك التخلي عن هذه الهوية. فإذا فعلت، ستتخلى عن نضال كنت جزءًا منه طوال الوقت، وستبدو كما لو أنك تخليت عن القضية، وهذا ما لا تريده. (نيروبي، 2018)

يشعر جيسي أن موقعه كرجل ثنائي التوجه الجنسي وناشط معروف في مجتمع الميم هو مسار دائم من مفاوضة السلطة بين مع مكونات أخرى في الحركة. يعتقد أن اتخاذ موقع الأقليات هو نهج استراتيجي للمطالبة بالحقوق والتأثير على صانعي القرار. لكن هذا أيضًا يعني التعامل مع الأحكام المسبقة من داخل الحركة لأن بعضهم/ن يعتبرون/تعتبرن أنه كثنائي التوجه الجنس يستمتع "بأفضل ما في العالمين". ويؤكد جيسي أن سياسات الهوية هي بمثابة سيف ذو حدين:

الصراعات التي نعيشها اليوم، المشاجرات داخل المجموعات، التشريع الاستراتيجي، كلها مسائل مرتبطة بالهوية. لكن، أحيانًا تنفصل كليًا عن الحياة اليومية. مثلًا، قد أتواجد في إطار اجتماعي لا يلزمني بالمشاركة في ألعاب السلطة؛ فأنت لا تسعى إلى كسب أي خدمات عبر إظهار قوتك بالمقارنة مع قوة الآخرين من المثليين أو عاملي/ات الجنس. ولكن هذه الهوية لا زالت لك لأنك موجود في مساحة اجتماعية، وترغب في الانتماء إلى أشخاص معينين، ولا تريد أن تكون خارج الشلة. عليك أن تكون قادرًا على مشاركة الطاولة مع أشخاص يتوجسون منك، في حين أنك واحد منهم/ن. ولكن في أحيان أخرى، هويتي كثنائي التوجه الجنسي تشكل أمرًا سياسيًا بامتياز – بالنتجة هناك سبب في أن نكون من مكونات طيف الميم. (نيروبي، 2018)

في المحكمة، يطالب ناشطو/ات الميم بقوانين لا يمكن تطبيقها من دون تمييز، عبر معرفة جندر الشخص، هويته/ا الجنسية، أو توجهه/ا الجنسي. يعتبر جيسي وكثيرون/ات غيره، أن هذا يمثل إشكالية، ولكنه أيضًا ضروري، لأن المحكمة والرأي العام بحاجة إلى فهم أن العنف والوصمة التي تختبرها الأقليات الجنسية تنبع من التصورات حول ممارساتهم/ن الجنسية:

لذا، علي أن أجاهر بمعرفة أو هوية حصرية، انطلاقًا من ممارساتي الجنسية، ولكن في الوقت نفسه، أريد أن أقول أن ما يحدث في غرفة نومي لا يعني أحدًا غيري. لا أحتاج إلى إخباركم عما أفعل أو كيف أمارس الحب. أو حتى إذا كنت أمارس الحب أو لا. أحيانًا يكون الأمران، وأحيانًا إحداهما. ولا أعتقد أن أحدهم/ن يعيش هويته/ا كهوية سياسية حصريًا. (نيروبي، 2018)

ترتبط الموارد كالتمويل والتدريب بكل من الهويات المنسوبة والمختارة للناشطين/ات الكينيين/ات بطرق متعددة. بدورها، ترتبط هذه الموارد وسياسات الهوية بالوصول. وكما أشرنا سابقًا، خلق التحول من الرعاية المتخصصة بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز من المستشفيات إلى العيادات مساحات لدعم المجموعات والتفاعل الاجتماعي بين الأفراد الذين/اللائي ي/تعرفن عن أنفسهم/ن كأفراد من الميم. هذا النوع الحديث من القدرة على التعبئة كمجتمع ميم، لم يكن متاحًا بطريقة متكافئة، ولم ينتج عنه نزع للوصمة ضد، أو ضمن، المجتمع الناشئ. اتخذ، مثلًا الرجال المثليون من نيروبي دورًا حاسمًا في المجتمع مقارنة بالدور الذي اتخذه/ته عاملي أو عاملات الجنس في نيروبي، كيسومو، ومومباسا (إيغونيا، 2017).

ثانيًا، حدد الاحتلال والخلفية الطبقية للناشطين/ات من يتولى القيادة، واعتبر الناشطين/ات المهنيين/ات أو الذين/اللائي يملكون/تملكن عملًا مستقرًا ودراسة عليا وخبرة في التوجه إلى الجمهور، أكثر نجاحًا كخطباء وكانت لهم/ن حظوظًا أوفر لمعرفة ما يجري والمشاركة في تيسير مشاريع كجيسورت. بالتالي، خلقت هذه التقاطعات الطبقية والجندرية والجنسانية المختلفة (كرينتشاو، 1990؛ غوردون، 2017؛ مويير وإيغونيا 2017) فيما بين الناشطين/ات وصولًا غير متكافئ لمنصات المناصرة المحلية والوطنية والدولية.

ثالثًا، لا يمكننا التشديد بما يكفي على أن الوصول غير المتكافئ للرعاية الصحية الهادفة، التمثيل في مسارات صنع المطالب، وفرص التمويل لا يزال حاضرًا في كينيا اليوم ضمن مجموعات الميم. هذه ليست مجرد أصوات لأفراد معنيين/ات، بل هي تمثل نزاعات أعمق ضمن مجتمع الناشطين/ات، تحديدًا بين الناشطين المثليين في نيروبي، والمعتبرين كنخبة وبين الناشطين/ات العابرين/ات وعاملي/ات الجنس الذين/اللائي يعتبرون/تعتبرن أنفسهم/ن مهمشين/ات. هذه النزاعات تبرز من خلال التنافس على الموارد، كالتمويل وجلسات الإشراف، وهي تستمر في ظل سياسات الهوية ضمن مشهد الناشطية المعنية بالميم في كينيا.

 

خلاصة

تبرز هذه النقاشات المحيطة بالعريضتين 150 و234 شرخًا بين الناشطين/ات المثليين/ات الكينيين/ات من جهة، وبين العابرين/ات وناشطي/ات التقاطعية من جهة أخرى. وبينما كانت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات تسعى للتسجيل كمنظمة غير حكومية لتكون بمثابة مبادرة تعنى بحقوق الإنسان من منظور أشمل، طالب الناشطون/ات العابرون/ات ومتعددو/ات الجنس البيولوجي بفصل واضح بين التوجهات الجنسية والجندرية (ماذا يفعل الشخص) والعبور الجندري وتعددية الجنس البيولوجي (من يكون الشخص). لكننا نفترض أن هذا ليس الاختلاف الإيديولوجي الوحيد، إنما يعكس علاقة معقدة ومتشابكة ضمن مشهد ناشطية مجتمع الميم في كينيا المعاصرة.

أدى التفشي غير المتكافئ لفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال وعاملي/ات الجنس في آخر الثمانينات إلى تزايد مبادرات الناشطين/ات والمنظمات غير الحكومية التي تدعو إلى/توفر الوصول إلى الاستشارات والعلاجات والرعاية المتعلقة بالفيروس. وقد تبين أن العيادات التي انبثقت عن هذه المبادرات وفرت مراكز للناشطين/ات للحشد على قضاياهم/ن، مما أظهر تحوّلًا في الأوليات باتجاه الحريات، الظهور، ومقاربة حقوق الإنسان. ولكن، هذا لم يلغ الحاجة إلى الوصول إلى التسهيلات والتدخلات المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشري، وبالتالي أدى إلى نشوء مشهد ناشطية مبهم ومتشابك، تمزقه الاستراتيجيات والأولويات وسياسات الهوية المتضاربة.

إن مقاربة مشهد ناشطية الميم في كينيا اليوم بوصفه مشهد ناشطية متوقوقعة يفسح المجال أمام تحليل يشمل التاريخي، المحلي، وتطور ناشطي/ات الميم وانتقالهم/ن إلى إطار المنظمات غير الحكومية، كما يضع مختلف المجموعات الناشطة، بكل ما فيها من غموض ضمن سياق سياسي حيثما مارسوا/ن ناشطيتهم/ن. بالنتيجة، تتصدر هذا المشهد المنافسة على الموارد، الاعتماد المتبادل المؤسساتي، التهميش داخل المجموعات، التمثيل والوصول إلى الحاجات والرعاية الطبية الملحة، والوصول إلى الجمهور والمنصات المحلية والدولية.

انطلاقًا من المعرفة المكتسبة من الخبرات المهنية والأبحاث المستندة إلى الأكاديميا والممارسة، تجد هذه الورقة البحثية أن التحول إلى إطار المنظمات غير الحكومية يتصدر العوامل المؤثرة على ناشطية مجتمع الميم في كينيا. لأن الحاجة الملحة للوصول إلى علاجات فيروس نقص المناعة البشري تتشابك مع حاجة الميم إلى التحرر عبر اعتماد مقاربة حقوق الإنسان. هذا لا ينطبق حصرًا على كينيا، بل أينما كان، فإدراك التعقيدات في مشهد الناشطية المتضارب والاعتمادي بشكل متبادل في آن، يوفر للممارسين/ات والباحثين/ات معرفة في جوانب أخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن الابتعاد عن سياسات الهوية المحجّمة والتوجه نحو السياقات المسيسة، ومن ضمنها الموارد ومسأئل الوصول الحساسة، يساعد الناشطين/ات المحليين/ات على التموقع من أجل التقدم في إنجاز هدفهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، والتي هي، في النهاية واحدة بالنسبة للجميع.

 


 

ملحوظات: 
المراجع: 

Bernstein, M. (1997). Celebration and suppression: The strategic uses of identity by the lesbian and gay movement. American Journal of Sociology, 103(3): 531-65.

Boellstorff, T. (2011). But Do Not Identify as Gay: A proleptic genealogy of the MSM category. Cultural Anthropology 26(2): 287-312.

Bornstein, L. (2003). Management standards and development practice in the South African aid chain. Public Administrations and Development, 23: 393-404.

Calhoun, C. (Ed.) (1994). Social theory and the politics of identity. Cambridge, MA: Blackwell.

Crenshaw, K. (1990). Mapping the margins: Intersectionality, identity politics, and violence against women of color. Stanford Law Review, 43: 1241.

Currier, A. (2014). Arrested solidarity: Obstacles to intermovement support for LGBT rights in Malawi. Women's Studies Quarterly, 42(3/4): 146-163.

Elbers, W., & Arts, B. (2011). Keeping body and soul together: Southern NGOs’ strategic responses to donor constraints. International Review of Administrative Sciences, 77(4): 713-732.

Epprecht, M. (2012). Sexual minorities, human rights and public health strategies in Africa. African Affairs, 111(443): 223-243.

Friedman, D., & McAdam, D. (1992): Collective identity and activism. In A. Morris & C. McClurg Mueller (Eds.), Frontiers in social movement theory, 156-173. New Haven, CT: Yale University Press.

Gamson, J. (1995). Must identity movements self-destruct? A queer dilemma. Social Problems, 42(3): 390-407.

Gordon, L. (2016). ‘Intersectionality’, socialist feminism and contemporary activism: Musings by a second‐wave socialist feminist. Gender & History, 28(2): 340-357.

Heyer, A. S., Mabuza, L. H., Couper, I. D., & Ogunbanjo, G. A. (2010). Understanding participation in a hospital-based HIV support group in Limpopo Province, South Africa. South Africa Family Practice, 52(3): 234–239.

Igonya, E. K. (2017). My brother’s keeper? Care, support and HIV support groups in Nairobi, Kenya. Amsterdam, Netherlands: Amsterdam Institute for Social Science Research (UVA-AISSR).

Karugu, N., & Mbaru, M., (2011). Lived Realities, Imagined Futures: A Baseline of Lesbian, Gay, Bisexual, Transgender, and Intersex Organizing in Kenya. Baseline Survey Report. UHAI, Nairobi Kenya.

KHRC. (2011). The outlawed amongst us: A study of the LGBTI community’s search for equality and non-discrimination in Kenya. Nairobi: Kenya Human Rights Commission.

Lennox, C., & Waites, M. (Eds.) (2013). Human rights, sexual orientation and gender identity in the Commonwealth: Struggles for decriminalization and change. London: School of Advanced Study, University of London.

Levitsky, S. (2007). Niche activism: Constructing a unified movement identity in a heterogeneous organizational field. Mobilisation: An International Quarterly, 12(3): 271-286.

Lorway, R., Thompson, L. H., Lazarus, L., du Plessis, E., Pasha, A., Mary, P. F., Khan, S., & Reza-Paul, S. (2014). Going beyond the clinic: Confronting stigma and discrimination among men who have sex with men in Mysore through community-based participatory research. Critical Public Health, 24(1): 73-87.

Maina Ayiera, E. A. (2013). Ji-Sort Evaluation Report. Nairobi, Kenya.

Mbote, D. K., Sandfort, T. G. M., Waweru, E., & Zapfel, A. (2016). Kenyan religious leaders’ views on same-sex sexuality and gender nonconformity: Religious freedom versus constitutional rights. Journal of Sex Research, 55: 630–641.

McCarthy, D., & Zald, N. (1977). Resource mobilization and social movements: A partial theory. American Journal of Sociology, 82: 1212–1241.

Mohan, G. (2002). The disappointment of civil society: The politics of NGO intervention in northern Ghana. Political Geography, 21: 125-154.

Morgan, R., & Wieringa, S., (2005). Tommy boys, lesbian men and ancestral wives: Female same sex practices in Africa. Sister Namibia, 17(3): 30.

Morris, A. D. (1992). Political consciousness and collective action. In A. D. Morris & C. Mueller (Eds.) Frontiers of Social Movement Theory. New Haven, CT: Yale University Press.

Moyer, E., & Igonya, E. (2018). Queering the evidence: Remaking homosexuality and HIV risk to ‘end AIDS’ in Kenya. Global Public Health, 13(8): 1007-1019.

Narayanaswamy, L. (2014). NGOs and feminisms in development: Interrogating the ‘Southern Women’s NGO’. Geography Compass, 8(8): 576–589. New York: Pantheon Books.

NASCOP. (2009). Kenya: HIV prevention response and modes of transmission analysis. Nairobi: National AIDS and STI Control Programme. Ministry of Health, Kenya.

NASCOP (2012). Programme data and MARPS size estimate consensus report. Nairobi: Ministry of Health, Kenya.

Nguyen, V. (2013). Counselling against HIV in Africa: a genealogy of confessional technologies. Culture, Health & Sexuality: Sexuality, Intimacy and Counselling: Perspectives from Africa, 15(sup4): S440–S452.

Nguyen, T. A., Oosterhoff, P., Ngoc, P., Wright, P., & Hardon, A. (2009). Self-help groups can improve utilization of postnatal care by HIV-infected mothers. Journal of the Association of Nurses in AIDS Care, 20(2): 141–152.

Nyeck, S. N., & Epprecht, M. (2013). Sexual diversity in Africa: Politics, theory, and citizenship (Vol. CEL version). Montréal, Quebec: MQUP.

Sanders, E., Jaffe, H., Musyoki, H., Muraguri, N. & Graham, S. (2015). Kenyan MSM: No longer a hidden population. AIDS, 29: S195-S199.

Sandfort, T. G., & Reddy, V. (2013). African same-sex sexualities and gender-diversity: An introduction. Culture, Health & Sexuality, 15 (Suppl): 1–6.

Sharma, A. (2008). Logics of empowerment: Development, gender and governance in neoliberal India. Minneapolis: University of Minnesota Press.

Sutherland, C., & Klugman, B. (2013). Finding common ground: a participatory approach to evaluation. Research Report. African Evaluation Journal, 1(1): e1–e10.

Tamale, S. (2011). African sexualities: A reader. Oxford: Pambazuka Press.

Tarrow, S. (1998). Power in movement: Social movements and contentious politics (2nd ed., Cambridge Studies in Comparative Politics). Cambridge: Cambridge University Press.

Teunis, N. (2001). Same-sex sexuality in Africa: A case study from Senegal. AIDS and Behavior, 5(2): 173–182.

Theron, L., McAllister, J., & Armisen, M. (2016). Where do we go from here? A call for critical

reflection on queer/LGBTIA+ activism in Africa. Pambazuka News.

Thoreson R., & Cook, S. (Eds.) (2011). Nowhere to turn: Blackmail and extortion of LGBT people in Sub-Saharan Africa. New York: International Gay and Lesbian Human Rights Commission.

Thoreson, R. (2008). Somewhere over the Rainbow Nation: Gay, Lesbian and Bisexual Activism in South Africa. Journal of Southern African Studies, 34(3): 679–697.

Townsend, J.G., Porter, G., & Mawdsley, E. (2004). Creating spaces of resistance: Development NGOs and their clients in Ghana, India and Mexico. Antipode, 36(5): 871-889.

Waites, M. (2009). Critique of ‘sexual orientation’ and ‘gender identity’ in human rights discourse: Global queer politics beyond the Yogyakarta Principles. Contemporary Politics, 15(1): 137-156.

Wilson, B. D. M., Neubauer, L. C., Park, A., Abuor, P. & Harper, G. W. (2019). The sexual health needs the of sexual minority women in Western Kenya: An exploratory community assessment and public policy analysis. Global Public Health, 14(10): 1495–1508.