النسويات في العراق: فيما وراء الانقسام الديني العلماني

Author Bio: 

/*-->*/

Zahra Ali is sociologist and Assistant Professor of sociology at Rutgers University. Her research explores dynamics of women, gender and feminisms in relation to Islam(s), the Middle East and contexts of war and conflict with a focus on contemporary Iraq. She is the author of Women and Gender in Iraq: between nation-building and Fragmentation, published with Cambridge University Press in 2018.

چکیده: 

يستكشف هذا المقال النسويات ونشاطيات النساء في عراق اليوم ويسلّط الضوء على عدم تجانس كلٍّ من تجلّياتهما الدينية والعلمانية عن طريق تحليلهما في علاقتهما بعضهما ببعض وليس كظاهرتين منفصلتين. وتقوم فرضية هذا المقال على أننا نحتاج ليس فقط أن نذهب في ما وراء ثنائية الإسلاموي/ العلماني بل أن نحلّل ما هو بين هاتين الفئتين. ومن أجل فهم بينيتهم يجب درس نشاطيات النساء العراقيات ونسوياتهن في سياقاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعقدة والمتشابكة من الناحيتين المادية والخطابية. أبدأ بتأمّل الاعتبارات المفهومية الخاصة بالعلاقات بين النسويات والهوية المسلمة والإسلام(ات) وفحص أفكار الورع والأخلاق في العراق المعاصر. ثم استكشف سياق وطبيعة النشاطيات الاجتماعية والسياسية للنساء في العراق وأقدم دراسة تتبع المبادئ الإثنوغرافية للاتجاهات المختلفة للنسويات ونشاطيات النساء في العراق والطرق التي تتداخل بها هذه الاتجاهات بعضها ببعض. وبهذه الطريقة أقدم طريقة بديلة لفهم التقابل الذي كثيراً ما يُطرح بين العلماني والإسلاموي وأقوم بتحليل معنى ومغزى "النسويات الإسلامية/ المسلمة" في السياق العراقي.

Cite This: 
Zahra Ali. "النسويات في العراق: فيما وراء الانقسام الديني العلماني". Kohl: a Journal for Body and Gender Research Vol. 7 شماره 1 (07 سپتامبر 2021): pp. -. (Last accessed on 28 مارس 2024). Available at: https://kohljournal.press/fa/node/313.
Share: 

Copy and paste the URL link below:

Copy and paste the embed code below:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon Download Article (PDF) (912.38 کیلوبایت)

photo_2.jpg

Ungodly emblems I

الرموز الآثمة - 1، 2021

ديباراتي ساركار

المقدمة1

منذ تسعينات القرن العشرين اهتمّت الدراسات التي تدور حول النساء والجندر في الشرق الأوسط اهتماماً خاصاً بظهور نشاطية النساء داخل مجموعات وحركات تابعة للإسلام السياسي والحركات الورعية المسلمة (Ahmed 1992; Deeb 2006; Gole 1993; Karam 1998; Mir-Hosseini 2000; Mahmood 2005). تقدّم هذه الدراسات نشاطية النساء الإسلاموية أو التي لها علاقة بالإسلام على أنها إحدى تجلّيات الخبرات والتعريفات البديلة للحداثة من داخل الدين وتحلل نشاطية النساء الإسلامويات وحركات النساء الورعية على أنها منفصلة عن الأشكال العلمانية للنشاطية أو متعارضة معها. أنطلق في هذا المقال من فرضية أن كلّا من التعبيرات الدينية والعلمانية للنسويات ولنشاطيات النساء في العراق غير متجانسة ويتعيّن تحليلها من خلال علاقتها ببعضها البعض لا على أنها متباينة. وخلاصة طرحي أننا لا ينبغي فقط أن نتخطى ثنائية الإسلاموي/ العلماني وإنما ينبغي علينا أيضاً أن نتحرر من هذه الفئات التصنيفية وأن نحلل ما هو بينها.2 وأطرح أيضاً فرضية أنه من أجل فهم بينيتهم يجب درس نشاطيات النساء العراقيات ونسوياتهن في سياقاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعقدة والمتشابكة من الناحيتين المادية والخطابية.

يبدأ هذا المقال بتأمّل الاعتبارات المفهومية الخاصة بالعلاقات بين النسويات والهوية المسلمة والإسلام(ات) وفحص أفكار الورع والأخلاق في العراق المعاصر. ثم أعتمد على دراستي الإثنوغرافية للمجموعات الاجتماعية والسياسية للنساء في بغداد وإربيل والسليمانية3 من أجل تقديم دراسة تتبع المبادئ الإثنوغرافية للاتجاهات المختلفة للنسويات في العراق. كما أستكشف الطرق التي تتداخل بها هذه الاتجاهات المختلفة بعضها ببعض، وهو ما يقدم طرحاً منافساً للتقابل الذي كثيراً ما يُطرح بين العلماني والإسلاموي. وأخيراً ألقي الضوء على أهمية موضعة النسويات في العراق داخل سياقاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأوسع.

 

عن الهوية المسلمة والإسلام(ات) والنسويات

لقد تمّ تحليل ظهور "قضية النساء" في سياق الاستقلال – من حيث كونها رمزاً للتطلّعات التقدمية لنخبة ذات ميول غربية وتعبيراً عن الثقافة المسلمة/ الإسلامية "الأصيلة" – في بحوثات عديدة. في الواقع، برزت الحركات النسوية/ النسائية في الشرق الأوسط ضمن حركات كفاح قومية ومناهضة للإمبريالية (Badran 1995؛ Jayawardena 1986). وفي وقت لاحق، يمكن قراءة صعود الإسلام السياسي واستخدامه "قضية النساء" من الناحية الدينية من خلال هذه المقاربة ما بعد الاستعمارية. منذ الثمانينات، ركزت مجموعة واسعة من الأبحاث على الخطابات الإسلاموية حول النساء والعبور بين التطلعات النسوية والإسلاموية (معظمها حول مصر وإيران). في هذا الصدد، كان هناك تركيز خاص على عمليات ارتداء وخلع الحجاب، وهو تركيز لا يزال اليوم شديد الغزارة (Ahmed 2011). وكثيراً ما تُطرح فئة ’النسوي الإسلاموي‘ كشكل ’محلي‘ متطور من أشكال النسوية (Mir-Hosseini 2000). وعلى الرغم من محدوديتها، فإن ميزة هذه المقاربة هي قدرتها على تخطي الإطار المفهومي لثنائية الحداثة والتقليد ووضع ظهور الإسلام السياسي داخل إطار عمليات التحديث (Mir-Hosseini 1993؛ Gole 2000)، جنباً إلى جنب مع دراسات أخرى حول الإسلاموية (Burgat 1996؛ 2005).

يسلّط نقد سامي زبيدة (2011) لاستخدام صفة ’إسلاموي‘ الضوء على الاستخدام التبسيطي لكلّ من ’الإسلام‘ و’الغرب‘ في الدراسات المعاصرة حول الشرق الأوسط. وفي سياق العراق، يبيّن زبيدة أن أنماط الواقع المتنوعة والمتعددة الطبقات كثيراً ما تُصوَّر على أنها ’إسلامية‘ على الرغم من انتمائها إلى تراثات مختلفة وأحياناً متنافسة (Zubaida 1989). في ما وراء الإسلام (2011) يذكر زبيدة بصورة مقنعة أن الرأسمالية واحدة من أهم محركات الحداثة، وكان فرض الحداثة أثناء الاستعمار يعني فرض نمط رأسمالي للاقتصاد كان ’الإسلام‘ قد أخذ في استيعابه. يقوم زبيدة بدراسة كيف أن التركيز المفرط على الأنماط ’الثقافية‘ لمقاومة الحداثة، والتي غالباً ما تمثّلها الحركات الإسلاموية، يمكن أن يكون مضللاً للغاية لأنه يأخذ في الاعتبار فقط الجانب الخطابي وينحّي جانباً آثاره المادية الأكثر جوهرية. وبالطبع فإنه عند تحليل نشاطية النساء والنشاطية النسوية في العراق، من الضروري الأخذ بالاعتبار كلاً من الخطابات وأنماط الواقع المادية التي تنتمي إليها هذه الخطابات.

تقترح العلي في عملها حول الحركة النسائية المصرية (2000)، أن تعرّف أشكال النسوية "ذات التوجه العلماني" على أنها قبول الفصل بين الدين والسياسة، وتؤكد أن هذا التعريف لا يشير بالضرورة إلى مواقف "معادية للدين" أو "معادية للإسلام". وبحسب العلي، فإن "النساء ذوات التوجه العلماني" في مصر لا يدعمن الشريعة كمصدر رئيسي أو وحيد للتشريع. ويشرن إلى القانون المدني واتفاقيات حقوق الإنسان التي اعتمدتها الأمم المتحدة كإطارات مرجعية لنضالهن. ومع ذلك، فهي تسلّط الضوء أيضاً على عدم التجانس في كيفيات فهم وتجلّيات العلمانية بين الناشطات المصريات والحاجة إلى تحليل السلسلة المتصلة من المعتقدات والممارسات الدينية والعلمانية في الحياة اليومية للنساء، لأن "النساء ذوات التوجه العلماني" في مصر يمكنهن أيضاً أن يكنّ مسلمات متديّنات (2000: 130). تصرّ العلي أيضاً على ضرورة توفير قراءة معقدة للسلسلة المتصلة من النشاطية الدينية والعلمانية، والابتعاد عن وجهات النظر الثنائية: "يبدو أن ثنائية الديني مقابل العلماني تؤدي إلى نتائج عكسية لأنها تغذي فقط تصورات إسلاموية عن العلمانيين "على أنهم ضد الدين". (2000: 14). وتسلط العلي الضوء على الكيفية التي تعكس بها الحركة النسائية المصرية السياق الاجتماعي والسياسي ما بعد الاستعماري (2000).

ويتخذ بحث زكية سليم (2011) منحىً مختلفاً في دراسة نشاطيات حقوق النساء الإسلاموية والعلمانية، محللةً النقاشات حول المدونة (قانون الأسرة) في المغرب. ويقدّم عملها دراسة إثنوغرافية علائقية أكثر منها مقارنة لحركة النساء النسويات والإسلامويات. وتطرح سليم فرضية أن استكشاف السياسة النسوية يتطلب، من ناحية، دراسة كيف تم تمكين الحركة النسوية وتحديدها في ذات الوقت من قبل نشاطية النساء الإسلامويات على مدار العقدين الماضيين. ومن ناحية أخرى، فإن هذا الاستكشاف يتطلب أيضاً تحديد الطرق المختلفة التي شكلت من خلالها الحركات النسوية سياسة الاحتجاج فيما بين النساء الإسلامويات. وتصف سليم هذه التغيرات بأنها نسونة النساء الإسلامويات وأسلمة الحركات النسوية. وعلى نفس المنهج، تطرح أفسانة نجمابادي (2000) في سياق إيران ما بعد الثورة فرضية أن تشكيلات الإسلام والنسوية والقومية والعلمانية قد تم تهجينها على مدار عقدين من وجود الجمهورية الإسلامية في الحكم وعليه فإنه لا يمكن تحليلها من خلال الأنماط السياسية التي كانت سائدة ومقبولة في الماضي. وهي تؤكد على حقيقة أن الإسلام والعلمانية والقومية والنسوية يتم تعريفها تاريخياً وهي في علاقة متغيرة ويجب تحليلها من هذا المنطلق.

وعلى منوال نيامة رايلي، التي تقترح أن ’نعيد التفكير في العلمانية كمبدأ نسوي‘ (2011)، أطرح هنا فرضية أن العلماني نفسه يجب أن يوضع في سياقه وتتم قرائته ضمن إطار معقد من أجل أن يُفهم. وهنا أطرح فرضية أن نشاطية كل من النساء العلمانيات والإسلامويات تعكس السياق الاجتماعي والسياسي العراقي. وبطريقة مشابهة لدراسة سليم للحركة النسائية المغربية (2011)، أستكشف النسويات العراقية في علاقتها بعضها ببعض، ليس ككيانات منفصلة، من أجل تسليط الضوء على تنوع كل من النسويات اللادينية/العلمانية والنسويات الدينية والطرق التي تتداخل فيها هذه النسويات بعضها ببعض.

 

عن الورع والأخلاق والاحترام4

يمكن تطبيق نقد طلال أسد وتشكيكه في ثنائية الديني/ العلماني في عمله الأساسي "تكوينات العلماني" (2003)، على ثنائية المحافظ/ التقدّمي – أولاً لأن معناها يعتمد على السياق الذي تظهر فيه، وثانياً لأنها تتفق مع أبعاد مختلفة مسامية بالإضافة إلى كونها ملتبسة. وهكذا فإن من المثير للاهتمام إجراء مقارنة بين خطابات النساء العراقيات الإسلامويات حول الورع والجندر والحداثة وبين استكشاف لارا ديب (2006) للجندر و"الورع العام" بين النساء الشيعيات الورعات اللواتي ينتسبن بشكل غير رسمي إلى حزب الله في الضاحية (جنوب بيروت).إن المقارنة مع بحث ديب وثيقة الصلة بكل من مقاربتها النظرية وقرب السياق اللبناني فيما يتعلق بقضايا الطائفية والجندر. حيث تعتبر لارا ديب تعريف الحداثة سؤالاً غير منتج، بحجة أنه من الأكثر إثارة للاهتمام استكشاف كيفية فهم المسلمين الشيعة الورعين "للحداثة"، وكذلك كيفية نشر وإشراك مختلف الخطابات والأفكار حول الحداثة. وبالحفاظ على التركيز الإثنوغرافي على الطرق المعقدة التي يعيش ويناقش ويشكّل بها "الإسلامويون العاديون" أفكار الحداثة والورع، تشرح لارا ديب التعقيد وتبرز عدم قابلية الدين والسياسة على الانفصال عن بعضهما البعض في حياة المسلمين الورعين.

مثل صبا محمود (2005)، ترفض لارا ديب المقاربات التي تعتبر الارتباطات الموجهة نحو المسلمين أو الإسلامويين هي استراتيجية للتعامل مع التغريب أو مقاومته. حيث تفترض، بدلاً من ذلك، أن الإيمان ليس مجرد واجهة تخفي ما يحدث "حقاً" ، ولكن أيضاً، في الواقع، الإيمان هو ما يحدث. وتُبين أن جوهر هذه المقاربة الحديثة المسحورة هو التركيز المزدوج على كلّ من التقدم المادي والروحي حسب ما هو ضروري للحداثة. وينظر الشيعة الورعون، على وجه الخصوص، إلى التقدم الروحي على أنه عنصر ضروري للبديل المقبول للفراغ المتصوَّر للحداثة، كما يتجلى في الغرب. تلمِّح لارا ديب إلى أنه عندما يتم دمج التديّن في الحداثة بهذه الطريقة، تتغير رهانات الورع. إن المفهوم الثنائي للتقدم والسياق السياسي العالمي الذي ظهرت فيه، له عواقب على الإيمان والأخلاق على المستوى الشخصي، على تعبيرات الناس اليومية وتجارب الورع. في الضاحية، تم دمج الورع العام للنساء باعتباره ضرورياً للحديث المسحور ودليلاً عليه. تطرح لارا ديب فرضية أن النظر إلى هذه الأشكال اليومية المعقدة من الورع والسياسة يسمح للمرء بأن يثبت أن الإسلام ليس في خدمة السياسة، وأن السياسة لا يحددها الإسلام فقط. وتطرح فكرة أنه فقط من خلال النظر إلى كليهما، وبالتالي التراجع عن انفصالهما، يمكن التوصل إلى فهم أكمل للحداثي الورِع.

أتفق مع مقاربة لارا ديب تجاه الورع، والتي ترتكز على سياق الديناميات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية والعالمية. وأنا على قناعة تامة بأهمية التفكير في الإيمان في ذاته وعدم اختزاله إلى رد فعل سياسي معادٍ للغرب أو وسيلة للاختلاف، على الرغم من أنني أقدّر أيضاً بُعده السياسي الكامن. وبالتالي أطرح فرضية أن ورع النساء العراقيات، سواء كنّ إسلامويات أم لا، يسترشد بدينامياتهن الإيمانية الخاصة التي اشتبكت بمفاهيم السياسة، سواء كانت مناهضة للغرب أو مناهضة للعلمانية، كما يسترشد بتعريف للأمة مضاد للمعيارية. ومن المثير للاهتمام، ومازال الأمر متعلقاً باستكشاف الضاحية، أن ديب وحرب (2013) أيضاً يحللان العلاقة بين أوقات الفراغ والأخلاق والجغرافيا، وهو ما يثري تحليلهما بطريقة وثيقة الصلة ببحثي. من خلال استخدام مفهوم "مبادئ الأخلاق المتعددة"، قاما بتوسيع نقدهما لآراء محمود. باستخدام تحليل شيلك (2009) للشباب المسلم في مصر، تطرح ديب وحرب فرضية أن تمييز محمود للورع باعتباره "دافعاً أوليّاً" يعد إشكالياً. إن تركيز محمود على الورع الديني لا ينصف الطبيعة المعقدة والمتناقضة غالباً للتجارب اليومية ويمكن أن يبالغ في تبسيط تعقيدات المفاوضات اليومية للممارسات الأخلاقية. وباتباع تحليل شيلك، تعتبر ديب وحرب أن الموضوعات الذاتية الأخلاقية تقوم على التعايش بين الدوافع والأهداف والهويات المختلفة التي يمكن أن تتعارض في كثير من الأحيان ولكنها ليست أضداداً تستبعد بعضها بعضاً. وهكذا، فإنهما يحددان مفهوم "مبادئ الأخلاق المتعددة" على أنها تداخل ’مبدأ اجتماعي‘ (الأخلاق وقيم الالتزام الاجتماعي والتسلسل الهرمي المشترك عبر المجتمع) و’مبدأ سياسي – طائفي‘ (يعكس الخلط بين الهوية الطائفية والأخلاق المختلفة المرتبطة بالمجتمعات السياسية الطائفية) و’المبدأ الديني‘ (أفكار الورع والالتزامات الدينية).

إن مفهوم ’مبادئ الأخلاق المتعددة‘ وثيق الصلة بدراسة السياق العراقي. حيث يتألف ’المبدأ الاجتماعي‘ من السلوكيات والواجبات التي تعتبر جزءاً مما ’يتم فعله‘ عادةً وما ’يستحسَن‘ من قبل المجتمع – ما هو أخلاقي ومحترم – وهي نتاج تراثات ومخيالات معقدة. يتكون ’المبدأ السياسي الطائفي‘ عن طريق الديناميات السياسية المحلية والعالمية التي انتهى بها المطاف إلى طوأفة الحياة السياسية العراقية والمجتمع العراقي، وكذلك تراثات المخيالات القومية المتنافسة وهو ما زاد من حدته الغزو والاحتلال الأمريكيين (Ali 2018). ويتكون ’المبدأ الديني‘ من الديناميات المختلفة للعقيدة والممارسات الدينية، التي تخضع لقواعدها الخاصة وأفكارها وممارساتها المعيارية. وهكذا فإن أفكار النساء العراقيات حول ما هو ورع وأخلاقي ووقور مبنية على تداخل الديناميات الاجتماعية والسياسية والطائفية والدينية.

 

الحياة والتعبئة في بلد محتل ومفتت

إن احتلال العراق، مع ما صاحبه من القصف والقتال الذي دار بين آذار/ مارس وأيار/ مايو 2003، أدى إلى موت مئات الآلاف من المدنيين.5 بعد أن تم تثبيت الاحتلال من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة وبعد إنشاء المجالس الحاكمة على أساس الحصص المجموعاتية، أخذت حياة العراقيين تتسم بالعنف. كانت الحرب الطائفية التي ما زالت تطارد البلد النتيجة المباشرة لحملة القضاء على البعث التي قامت بها سلطة الائتلاف المؤقت، والتي قامت بتسريح مئات الآلاف جندي عراقي وعضو من أعضاء حزب البعث، مقوضة بذلك الدولة، وكذلك التهميش السياسي للسكان السنّة، وتثبيت الهويات المجموعاتية أساساً للنظام السياسي العراقي (Dodge 2013، 2005؛ Ismael 2015؛ Arato 2009). واتخذ قمع الجيش الأميركي للانتفاضات ضد الاحتلال – وخصوصاً في الفلوجة – وظهور المليشيات السياسية والمرتبطة بالأحزاب والمستفيدة من فراغ السلطة شكلاً طائفياً. وقد وصل تفاقم الصراع الطائفي مداه أثناء حرب عامي 2006-2007 الطائفية.6 مثلت هذه الحرب الأهلية وكل ما تعلق بها من أحداث نقطة التحول الثانية بعد 1991 في العلاقات الطائفية العراقية وأعادت تنظيم المجتمع والأرض على أسس طائفية (Haddad 2014). ويظهر هذا التشظي في تقسيم بغداد إلى أحياء سنّية بالكامل وأخرى شيعية بالكامل تفصل بينها نقاط تفتيش وجدران أسمنتية (Ali 2018؛ Damluji 2010).

اتسع نطاق البعد الطائفي لإعادة القبلية التي بدأت أثناء العقوبات الاقتصادية في التسعينات من القرن العشرين في ظل الفوضى التي تلت الغزو. وكما تظهر دراستي ودراسات الآخرين، فإن العنف الطائفي مجندر (Al-Ali, Pratt 2009; Ali 2018; Ismael, Ismael 2007). فغالبية الناشطات اللاتي قمت بمقابلتهن، لاسيما الشخصيات العامة والشخصيات الإعلامية، قد تلقّين تهديدات بالقتل أو تم استهدافهن مباشرة بالعنف، بما فيه هجمات بالسيارات المفخخة أمام مكاتبهن أو بيوتهن. بعضهن اضطررن إلى الفرار من البلد، لكن الغالبية بقيت في بغداد. وانتقل البعض لمناطق تحت سيطرة طائفتهن حيث كانت أحياؤهن واقعة تحت هجمات الميليشيات الطائفية. روت لي ابتهال إ.، وهي في مقتبل الأربعينيات من عمرها، وهي ناشطة نشطة للغاية في مجال حقوق النساء في "رابطة النساء العراقية"، كيف أنه في محاولة لقتلها في عام 2007 وضعت مجموعة من الرجال متفجرات أمام منزلها انفجرت فيما بعد. وقد حدث هذا بعد أن تلقت عدة تهديدات بالقتل من مجموعات من الميليشيات الإسلامية المحافظة في شكل مكالمات هاتفية ورسائل. لحسن الحظ، لم يكن أحد في المنزل في ذلك الوقت. تتذكر ابتهال عدم كفاءة الشرطة وعدم رغبتهم في مساعدتها للعثور على مرتكبي الهجوم وتوفير الحماية لها. وتصف أجواء بغداد في عامي 2006 - 2007 ومشاعرها حيالها.

مثل ما تعرفين، بسنة 2006 و2007، ورة الساعة 2 الظهر، شوارع بغداد جانت فارغة. مجان أكو حياة ببغداد. وثاني يوم، كلشي يفتح الساعة 8 الصبح. بس الناس جانوا خايفين يطلعون من وكت أو ورة الساعة 2 الظهر. العنف جان بكل مكان. الجماعات المسلحة والتهديدات بالقتل والميليشيات – كان الواقع اليومي مفزع ومخيف. تعرفين، إلى اليوم، قيمة الحياة ضايعة بالعراق. أي خلاف بين السياسيين يصير عنف بالشوارع. كل يوم نواجه الموت. كل عراقي يطلع من بيته ميأمن على حياته. تحول العراق إلى مشهد للموت. حتى من تمر علينا لحظات سعادة، نحس أنه إحنا دنبوك هاي اللحظات، وبعدين نكول الله يسترنا. وأسوأ شي إنه إحنا حتى ما عدنا دولة، أو حكومة ممكن نطلب منها الحماية أو نشتكيلها.

كانت العديد من الأحياء واقعة تحت سيطرة جنود أجانب، وخاصةً الجيش الأميركي، حتى عام 2011، وهو ما شكل حاجزاً كبيراً للنساء اللاتي كن يردن التحرك بحرية وبعيداً عن مضايقة تحديق رجال أجانب مسلحين. وبالإضافة إلى انعدام الأمن العام الذي أدى إلى موت العديد من الناشطات العراقيات، فإن غالبية النساء اللاتي أجريت مقابلات معهن لاحظن كيف أثّر صعود المعايير الجندرية المحافظة على ملبسهن وقدرتهن على الحركة بحرية في أحياء بعينها في بغداد. واليوم تقع العديد من مناطق البلاد والعاصمة تحت سيطرة الميليشيات والمجموعات المسلحة التي تدعمها أحزاب إسلاموية طائفية محافظة، وكثير من النساء شهدن أو تعرضن لحوادث تتعلق بملابسهن أو ملابس غيرهن عند عبورهن نقاط التفتيش. حتى الناشطات المسيحيات يفضلن ارتداء شال فضفاض فوق رؤوسهن عند التنقل بين أحياء العاصمة المختلفة. ووصف العديد من النساء اللاتي أجريت مقابلات معهن حوادث مثل إغلاق صالونات تصفيف الشعر وهجمات بسيارات مفخخة لمنع النساء من القيادة. وبصورة أعمّ، فقد نشأ إحساس هائل بالتوتر بسبب العنف ونقاط التفتيش وهيمنة الميليشيات المسلحة المتنافسة في الشوارع. وقد عبرت لي الناشطات عن هذا الشعور مراراً وتكراراً:"قبل جان عدنا صدام واحد. اليوم صار عدنا صدام بكل راس بالشارع".

علاوة على ذلك، تبيّن أبحاثي أن عسكرة الفضاءات العامة في العراق حولت بغداد إلى ’مدينة رجال‘: نقاط تفتيش، جدران، وجنود في الشوارع في كل مكان (Ali 2018). ويتعذر الوصول للعديد من الأماكن الآن على النساء وبعض الأماكن كالمقاهي، والتي كانت يوماً فخر ضفاف النهر في بغداد، أصبحت حكراً على الرجال بعد الساعة الخامسة مساءً في العديد من أحياء العاصمة.

أغرقت العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق في تسعينات القرن العشرين العراق في الفقر ودمرت طبقته الوسطى وغيرت مؤسسات الدولة وخدماتها، ونظام التعليم والقطاع الصحي. في سياق الفقر المدقع واقتصاد البقاء على قيد الحياة بدأت أشكال جديدة من الأبوية تظهر للوجود مما أدى إلى تفاقم معايير الجندر وعلاقاته (Al-Jawaheri 2008; Al-Ali 2007; Ali 2018). بتدميره لما تبقى من الدولة العراقية ومؤسساتها، واصل غزو واحتلال عام 2003 تغيير النسيج الاجتماعي العراقي وأعطاه بعداً طائفياً. في عام 2007 كان أكثر من نصف سكان العراق يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم. وتضاعفت حالات سوء التغذية على أقل تقدير منذ العام 2003، وأثرت على ما لا يقل عن 43% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة شهور وخمس سنوات. وحُرم ما لا يقل عن 50% من جميع الأسر من مرافق الصرف الصحي السليمة. وهناك نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، وتعرض أكثر من 15,000 من الأطباء للقتل أو الخطف أو فروا من البلاد. (Sassoon 2012) حتى في بغداد، توفر الدولة خمس ساعات من الكهرباء يومياً كحد أقصى. وقد أدى انعدام السيطرة والاستقرار منذ عام 2003، وكذلك خصخصة وتحرير الاقتصاد إلى زيادة حادة في أسعار السلع الأساسية والضروريات. ونتيجة لذلك، فإن معظم العراقيين فقراء رغم أنهم يعيشون في بلد غني بالنفط. لم يضع النظام الجديد أي خطة أو سياسات رئيسية للتعامل مع هذه القضايا. وقد دفع ضعف الدولة الجديدة وعجزها عن توفير الأمن والاستجابة للاحتياجات الأساسية، كالوصول إلى المياه الجارية والكهرباء والسكن والتوظيف، إضافة إلى سوء الإدارة والفساد، دفع بالعراقيين إلى الاعتماد على مصادر بديلة للحماية والخدمات.

منذ العام 2003 تتصدر النساء العراقيات النشاطية الاجتماعية والسياسية، حيث نشأت مئات من المنظمات والمجموعات النسائية. فيما دمّر الغزو والاحتلال الدولة العراقية وأقام مشهداً سياسياً طائفياً، وفيما أخذ العنف السياسي في الصعود، انخرطت النساء في كل أصعدة المجتمع. وكُرِّسَت الشبكات والأموال الأميركية والدولية من أجل حقوق النساء والحملات والمبادرات المتعلقة بالنساء. ونتيجة لذلك تمّ تشكيل غالبية النشاطيات الاجتماعية والسياسية للنساء العراقيات، باستثناء عدد قليل من المنظمات مثل "منظمة حرية المرأة في العراق"، عن طريق شبكات التمويل هذه مثل "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" و"بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق" (يونامي) و"هيئة الأمم المتحدة للمرأة" (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة سابقاً) و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" و"برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" (الموئل) والمنظمات غير الحكومية الدولية مثل "الصندوق العالمي للنساء" ومنظمة "أوكسفام" ومنظمات غير حكومية أوروبية أخرى. استكشفت تحول نشاطية النساء إلى منظمات غير حكومية في أعمالي السابقة (2018)، طارحة فرضية أنها شكلت غالبية مبادرات وحملات منظمات النساء العراقية وكان لها تأثير موحِّد على أفعالها وخطاباتها. وتغطي المشاركة الاجتماعية والسياسية للنساء العراقيات نطاقاً واسعاً من الأنشطة. تشارك الناشطات العراقيات في تعميم الديموقراطية وحقوق الإنسان من خلال حملات التوعية والتثقيف، وهو ما يكشف تحول نشاطهن إلى نموذج المنظمات غير الحكومية. ومع ذلك، فهن يشاركن في العمل الإنساني والصحي والاجتماعي والتربوي، كنوع من البديل لمؤسسات الدولة الغائبة أو الضعيفة. تشارك الناشطات العراقيات في الضغط السياسي حول حقوقهن القانونية والسياسية - وحشد الدعم حول تبّني حصة 25% للنساء في المجالس النيابية. وتدور أهم عملية تعبئة للنسويات العراقيات حول قانون الأحوال الشخصية، وهو إطار قانوني قائم على الفقه السني والشيعي يجمع معظم الحقوق القانونية للنساء والتي تسعى النخبة السياسية الشيعية منذ عام 2003 لتحويلها إلى قانون قائم على الطائفية (Ali 2017). تعيش العراقيات بين ’المطرقة والسندان‘ باستخدام تعبير كانديوتي (2007)، وهن يناضلن من أجل المحافظة على حقوقهن القانونية الأساسية مجموعة في قانون الأحوال الشخصية ومن أجل البقاء في سياق يفتقر إلى الأمن والموارد الأساسية.

 

نسويات العراقيات

كما هو الحال في أماكن أخرى، لدى الناشطات العراقيات طرق متنوعة لفهم النشاطية السياسية والنسويات. طوال عملي الإثنوغرافي والمقابلات التي أجريتها مع ناشطات عراقيات ينتمين لمجموعات ومنظمات وشبكات نسائية متنوعة من كل الأعمار والخلفيات الاجتماعية والعرقية والسياسية، حددتُ العديد من اتجاهات النشاطية من أجل حقوق النساء. وقمت بتقسيم هذه الاتجاهات إلى أربع فئات، من الأكثر شيوعاً إلى الأكثر تفرداً، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الفئات ليست حصرية وغالباً ما تتداخل مع بعضها البعض.

 

نسويات حقوق الإنسان

"نسويات حقوق الإنسان" هو الظاهرة الأكثر شيوعاً عبر طيف الناشطات العراقيات. وهذا الاتجاه النشاطي شائع جداً بين النساء اللواتي انخرطن لأول مرة في منظمات المجتمع المدني النسائية بعد عام 2003 – أولئك اللواتي لم يكن لديهن معرفة مسبقة بقضايا النشاطية السياسية أو الجندر.غالبًا ما تعرّف نسويات حقوق الإنسان نشاطهن على أنه "الدفاع عن حقوق المرأة كجزء من حقوق الإنسان" وأصبحن يشاركن بشكل أساسي "كنساء" في منظمات المجتمع المدني. تستخدم نسويات حقوق الإنسان الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ونظام الأمم المتحدة لحقوق النساء، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء وقرار مجلس الأمن رقم 1325، ويدعون إلى الحفاظ على قانون الأحوال الشخصية الموحد. تدعو تلك الناشطات أيضاً إلى إصلاح قانون الأحوال الشخصية الذي من شأنه تحقيق "توافق القوانين العراقية مع الاتفاقيات الدولية للحقوق"، لكن يغلب عليهن العمومية الزائدة في مواقفهن، مع التسليم بالفصل بين العام والخاص. وهكذا، عندما يطُلب منهن التوسع في هذه الإصلاحات، فإن معظمهن يشككن في مواد قانون العقوبات المتعلقة بتأديب الزوجة، مما يسمح بالعنف الأسري وتخفيف العقوبات عن الجرائم المرتكبة باسم "الشرف". كما يطالبن بإلغاء المتطلبات القانونية التي تقضي بأن يكون للمرأة محرم من أجل السفر وولي أمر من أجل الحصول على جواز سفر. كما تقترح نسويات حقوق الإنسان إصلاح قانون الأحوال الشخصية لمعاقبة الزيجات التي يتم عقدها خارج المحكمة وتعزيز حق النساء في الطلاق ومعاقبة الاستخدام المفرط لتعدد الزوجات.

تؤكد غالبية نسويات حقوق الإنسان على احترام الثقافة العراقية/ المسلمة وعلى إيجاد أرضية مشتركة مع السلطات الدينية. وتتركز دعوتهن على المجال العام – على سبيل المثال النضال من أجل تطبيق حصة 25%7 للنساء في المجالس النيابية وزيادة مشاركة النساء في مجالات السياسة والعمل والتعليم. ترتبط معظم مبادراتهن بمفاهيم "القيادة النسائية" و"التمكين"، مما يشجع النساء على المشاركة في "بناء الديمقراطية" والتصويت والمجتمع المدني والجماعات السياسية.

وبما أنهن حضرن دورات لتعميم مراعاة المنظور الجندري التي كانت تقدمها المنظمات الدولية غير الحكومية وهيئة الأمم المتحدة للنساء منذ عام 2003 تميل نسويات حقوق الإنسان إلى أن يكون لديهن فهم توافقي لمفهوم الجندر وغالباً ما يستخدمن التعبير التالي: "للنساء والرجال حقوق بقدر ما عليهم من واجبات". وحيث إن نسويات حقوق الإنسان يركزن على المجال العام، فإن غالبيتهن لا يحددن خطاباً جندرياً يفصّل فهمهن لقضايا حقوق النساء والمعايير الجندرية. في مقابلاتنا، وبينما ظل تعريفهن لحقوق النساء غامضاً، فضلت نسويات حقوق الإنسان جميعهن استخدام كلمة "عدالة" أو "إنصاف" بدلاً من "مساواة". على سبيل المثال، لمياء إ.، البالغة من العمر السادسة والخمسين، محامية متقاعدة وأم لخمسة أفراد وعضوة بارزة في تحالف الرافدين للنساء. تشرح رؤيتها للنشاطية السياسية ومفهوم الجندر ونشاطية حقوق النساء.

طلبت مني تلاث أحزاب سياسية مختلفة أترشحلهم، بس مقبلت، كلتلهم أريد أظل ناشطة مستقلة بالمجتمع المدني. فكرتي هي إنشاء حزب نسائي، لكن ما دعمت أي مجموعة هذه الفكرة. جزء مني يعتقد إنه هذا هو المستقبل. . . إحنا بالمؤسسة، اشتغلنا هواية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء حتى نرفع مستوى الوعي بين النساء ونشجعهم على المشاركة بالحياة السياسية. واشتغلنا هم هواية على الدستور والضغط حتى نحافظ على القانون رقم 188 من قانون الأحوال الشخصية وإصلاحه بطريقة تخلي العراق ينسجم وية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. . . بالنسبة لحقوق النساء ومفهوم الجندر، أعتقد لازم نجمع وجهات النظر الغربية والشرقية، لإن أفضل الأشياء موجودة بمنتصف الطريق. هواية ناس يكللولي إني ألزم العصا من النص. آني مو كلش ليبرالية [تشير إلى حجابها] أو أصولية. أعتقد إنه الاعتدال هو أفضل شي. بعض المنظمات، قليلة جداً – ممكن تنعد على إيد وحدة – تطالب بالمساواة الكاملة. لكن معظم المنظمات النسائية تطلب أشياء معقولة. إحنا نطلب تنفيذ مفهوم الجندر. وبعدين أكو أشياء ثانوية، مثل إنه إحنا ما نطالب بالمساواة بالملبس بين الرجال والنساء. إحنا نطالب بالمساواة بالأفكار وفرص العمل وحتى بالمجال المحلي. نطالب بأن يكون شغل البيت مو بس على أكتاف النساء.

خلفية لمياء شائعة جداً بين الناشطات المستقلات في المجتمع المدني. مثل معظم نسويات حقوق الإنسان اللواتي قابلتهن، تفضّل لمياء الابتعاد عن الأحزاب السياسية وتظل ناشطة مستقلة. ومع ذلك، فهي قريبة جداً من العديد من النائبات، مثل البرلمانيات وأعضاء مجالس المحافظات، اللواتي يقدمن الدعم لمنظمتها ويساعدنها لكي تصل مطالباتها ومطالبها إلى المؤسسات الحكومية. مثل غالبية الناشطات العراقيات، لم تتطرق لمياء لقضايا الجنسانية، التي تعتبرها "راديكالية للغاية" وهي تشجع إطار عمل الأسرة النووية متوسطة الدخل.

 

الناشطات الإسلامويات

هناك ثلاث خلفيات مختلفة عن "الناشطات الإسلامويات": إسلامويات سنّة وشيعة في العراق العربي وإسلامويات كرديات من كردستان العراق (غالبيتهن من السنّة لكن منهن أيضاً فيلية). تقف الإسلامويات السنّة في العراق العربي إلى جانب الجماعات النسائية العلمانية والجماعات غير الحصرية دينياً خصوصاً في رفض المادة 41 من الدستور وأية مسائلة طائفية لقانون الأحوال الشخصية، مثل اقتراح القانون الجعفري الأخير. ومع ذلك، فإن قراءات الإسلامويات السنّة للقضايا المتعلقة بالجندر والإسلام تشبه إلى حد كبير القراءات الإسلاموية الشيعية. وهكذا، كما بين عملي السابق حول الحشد من أجل قانون الأحوال الشخصية (Ali 2017; 2018)، تتفق كل من الإسلامويات الشيعة والسنّة على قراءة عامة وفضفاضة لـ "حقوق المرأة في الإسلام" تتميز بفهم أبوي حديث ينتمي للطبقة الوسطى لقضايا النساء والمعايير الجندرية. وعلى الرغم من أن الإسلامويات السنة والشيعة يعتبرن قانون الأحوال الشخصية قانوناً عادلاً ومقبولاً، إلا أنهن يعتبرن أيضاً بعض القضايا – مثل تعدد الزوجات والحصص غير المتساوية في الميراث–  قضايا "لا يجوز المساس بها". حيث إنه بالنسبة لهن، تتعلق هذه القضايا بـ "القانون الإلهي" – الشريعة – ولا يمكن التشكيك فيها. بعضهن محافظات أكثر من غيرهن فيما يتعلق بملبس النساء والعلاقات بين الجنسين. على سبيل المثال، تعتبر البعض ارتداء العباءة أو الجبة، بالإضافة إلى الحجاب شيئاً ضرورياً. ويعتبر البعض الآخر أن قضايا الملبس ثانوية ويركزن خطابهن على مسائل التدين الأقل علاقة بالجندر، مثل الترويج للتعليم والنشاط السياسي على أنهما "فرائض دينية".

ومع ذلك، تستخدم جميع الناشطات الإسلامويات في العراق في نفس الوقت اتفاقيات حقوق الإنسان، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء وقرار مجلس الأمن رقم 1325، ويعتبرن هذه الاتفاقيات صالحة طالما لم يتم التشكيك في "مبادئ الشريعة". وبالتالي فإن استخدامهن للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ونظام الأمم المتحدة لحقوق النساء هو أمر فضفاض وملتبس. سلّامة أ. إسلاموية شيعية بارزة، وخطابها حول حقوق النساء واسع الانتشار بين الإسلامويات في العراق. بعد الإشادة بالإسلام على المكانة "البالغة حد الكمال" و"المثالية" التي يضع فيها النساء، تعالج قضايا تعدد الزوجات والميراث ومفهوم القوامة.

يعني، تعرفين تعدد الزوجات، الإسلام يسمح بيه لكن ما يشجع عليه. بالعكس، الإسلام يحد من تعدد الزوجات إلى أقصى حد. لو جان القانون سهل، جان المفروض المرأة تكدر تكول بعقد زواجها إنه هي ترفض أن يتزوج زوجها زوجة ثانية. . . بالنسبة للميراث، عدنا رؤية اقتصادية بالإسلام، وممكن نكون كلش سعداء ونعيش بسلام لو تنفذت هذه الرؤية. المشكلة مو بالإسلام. المشكلة بالتفسير السيئ والتطبيق السيئ للإسلام. إحنا نعتقد إنه مو المفروض أن تتحمل المرية المسؤولية المالية لأسرتها وإنه إلها الحق بالاحتفاظ بأموالها وثروتها لنفسها. المشكلة بالمجتمع العربي هي إنه النساء يشتغلون برة، وبعدين يعتنون بالأسرة ويربون الأطفال. والرياجيل بكل هذا، شيسوون؟

يمكن أن تعرّف كلمات سلّامة على أنها وجهة نظر أبوية حديثة للعلاقات الجندرية مبنية على نموذج مثالي لعائلة من الطبقة الوسطى حيث يمكن إعفاء النساء فيها من "العمل خارج" المنزل لأنه من المفترض أن يكون الرجال مسؤولين مالياً ومعنوياً عن الأسرة. من وجهة النظر المثالية هذه، فإن أدوار النساء داخل الأسرة هي في المقام الأول إنجاب الأطفال وإدارة الأسرة. يمثل فهم سلّامة الحديث للقضايا المتعلقة بالجندر والإسلام اتجاهاً مشتركاً بين الإسلامويات الشيعة والسنة. مثل هذا الفهم يمثل الخطابات الإسلاموية العابرة للقومية التي ظهرت في السبعينات في الشرق الأوسط (Burgat 1996; Gole 1993; Hatem 1998, 1993). ومع ذلك، عند سؤالها عن القضايا المتعلقة بالجندر والإسلام، فإن حججها شائعة أيضاً بين الناشطات غير الإسلامويات عند سؤالهن عن الجندر والإسلام. وكما أوضحت أبو لغد (1998) وحاتم (1994، 2005)، فإن نموذج الأسرة البرجوازية الأبوية النووية شائع بين الناشطات الإسلامويات وغير الإسلامويات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. على الرغم من وجود فروق دقيقة بين الناشطات الإسلامويات في العراق على سبيل المثال، بعضهن أقرب إلى الخطابات النسوية المسلمة حول الجندر والإسلام من الأخريات، إلا أنهن يشتركن، جنباً إلى جنب مع نسويات حقوق الإنسان، في الرغبة في عدم معالجة قضايا الجنسانية. بينما تلتزم نسويات حقوق الإنسان بشكل عام الصمت في هذا الشأن، حيث لا يردن إثارة النزعة المحافظة الاجتماعية والدينية المهيمنة في المجتمع العراقي، تنادي الإسلامويات بالدفاع عن الأسرة النووية الأبوية متباينة الجنس وباحتواء الجنسانية في إطار الزواج.

بشكل عام، تتميز نشاطية الإسلامويات بالتركيز على القضايا المتعلقة بمشاركة النساء السياسية وتمكينها في مجالات العمل والتعليم، وكذلك الدعم الإنساني الملموس من خلال شبكات خيرية واسعة. وبدلاً من صياغة خطاب جندري واضح، فإن الناشطات الإسلامويات في العراق يطورن خطاباً فضفاضاً وعاماً حول "حقوق المرأة في الإسلام" يركز على دور النساء في المجال السياسي ويكرسن معظم وقتهن للعمل الإنساني والرعاية الاجتماعية والعمل الاجتماعي. بالإضافة إلى الأنشطة جنباً إلى جنب مع المنظمات النسائية الأخرى، مثل التدريب على "الديمقراطية" و "تمكين المرأة" ، تشارك جماعات الإسلامويات على الأرض في مجموعة واسعة من الأنشطة التي تغطي تقريباً جميع جوانب حياة النساء. وهكذا فإن منظمة حواءنا (منظمة النساء المسلمات في العراق) التابعة للمجلس الأعلى الشيعي العراقي قدمت نشاطات لعدد كبير من النساء مثل محو الأمية والدروس الخصوصية لطالبات المدارس والخياطة والتدريب على وسائل الإعلام والكمبيوتر. وبحسب تقرير حواءنا، بين عامي 2004 و2007، كانت أنشطتهن ومحاضراتهن عن "الرشاقة" و "التجميل"، وهي إسداء النصح للنساء فيما يخص الملبس وقصة الشعر وأنشطة متعلقة بالجمال، أهم بكثير من محاضراتهن عن الفقه. وكمثال هام، يشير تقريرهن إلى أنه بين عامي 2004 و2007، نظمن 24 محاضرة فقهية حضرها 290 امرأة و37 محاضرة عن الرشاقة حضرها 1386 نساء و98 جلسة عن التجميل حضرها 588 نساء.وتوفر المنظمة، مثل الجماعات الإسلاموية الأخرى، الدعم المالي للأزواج الشباب وتساعدهم على شراء الأثاث. وهن يسهلن أيضاً الزيجات، عن طريق أنشطة مثل تنظيم حفلات الزفاف الجماعية. وعلى الرغم من أن جميع أنشطتها مؤطرة داخل خطاب ديني معين، فإن مثل هذه المنظمات عملية للغاية على الأرض وتسعى إلى تلبية احتياجات السكان بصورة ملموسة. وبالتالي فإنه مما له دلالته أن مثل هذه المنظمات قد تفضل دروس التجميل على الفقه أو التعليم الإسلامي الصحيح. ومن بين المجموعات التي رصدتُها، حاولت المحاضَرات والفعاليات دائماً تلبية الاحتياجات الحقيقية والملموسة لجماهيرها، بدءاً من تقديم المشورة بشأن صحة النساء إلى التوجيه والإرشاد في أمور الزواج. أصرت ناشطة إسلاموية تعمل في أحد أحياء بغداد الشعبية على أهمية تلبية الاحتياجات الأساسية والضرورية للنساء والعائلات قبل اقتراح أي نوع من التدريب على القضايا الدينية أو قضايا حقوق النساء:

منظمتنا لازم تبدي بالأمور المستعجلة. إحنا نراعي الناس المحتاجة. كل يوم تجينا نساء لمكاتبنا. كلش فقراء، وعدهم جهال لازم يوكلوهم. المرية تجي تطلب مساعدة حتى تعيش، مو حتى تسمع لمؤتمر أو شي نظري. هذا اللي أكوله لمنظمات المجتمع المدني الأخرى: "شلون تريدين تصير ديمقراطية وتقدم بمجتمعنا إذا متكدرين تلبين الاحتياجات اليومية الأساسية لللناس؟" أول شي نساعدهم أولاً بشكل ملموس، وبعدين نقترح عليهم يستمعون لأفكارنا عن النشاط السياسي والإسلام.

يمكن وصف الناشطات الإسلامويات بأنهن محافظات من حيث الأعراف والتمثيلات الجندرية لأن معظمهن يعززن الفهم الأبوي للحقوق القانونية للمرأة داخل عائلة أبوية مثالية. ومع ذلك، يتم نشر نشاطيتهن من خلال الدعم الاجتماعي والرعاية الاجتماعية المقدمة للنساء والأسر، وخاصة من خلال الجمعيات الخيرية المكرسة للأيتام والأرامل وكبار السن. ومع ذلك، فإن الخطاب الجندري للإسلامويات فضفاض ومصاغ في إطار كل من الشريعة الإسلامية ونظام الأمم المتحدة للحقوق، وهذا الغموض يسمح بالفروق الدقيقة التي يمكن أن تصل إلى حد اعتبارها مخزوناً مرجعياً لنسويات حقوق الإنسان. لذلك أنا أقدم فرضية أن النسويات الإسلامويات انعكاس لهيمنة النزعة المحافظة الدينية في المجتمع العراقي بقدر ما يعدن إنتاجها بصورة فعالة.

 

النسويات المسلمات

معظم الناشطات اللواتي يمكن تعريفهن بأنهن "نسويات مسلمات/ إسلاميات" لسن ناشطات إسلامويات ولكن في الغالب نساء منخرطات في منظمات "علمانية" وهن، من خلال قناعات شخصية أو من خلال استراتيجية براغماتية، يرين استخدام قراءات مناهضة للأبوية للفقه الإسلامي والنصوص المقدسة والخطابات الدينية أداةً مهمةً في الدفاع عن حقوق النساء والمساواة. في المقابلات التي أجريتها، فضّلت جميع تلك الناشطات كلمة "مساواة" على كلمة "عدالة" أو "إنصاف" في دعوتهن لحقوق النساء. كانت مطالبهن لإصلاح قانون الأحوال الشخصية مماثلة لتلك التي دعت إليها نسويات حقوق الإنسان. ويكمن الاختلاف بين النسويات المسلمات ونسويات حقوق الإنسان في اختيار الأخيرات لترك مجال الفقه الديني لعلماء الدين وإقامة دعوتهن حصرياً على أساس اتفاقيات حقوق الإنسان ونظام الأمم المتحدة للحقوق. تدافع نسويات حقوق الإنسان عن "الإسلام" أو "الثقافة الإسلامية" في الغالب كجزء من الثقافة العراقية ولكن ليس كمجال للمشاركة. بما أن قانون الأحوال الشخصية هو قانون قائم على الفقه، لجأت العديد من نسويات حقوق الإنسان إلى الخطابات النسوية المسلمة كأداة استراتيجية ضرورية لتعزيز قراءات للقانون تدعو إلى المساواة. ومع ذلك، فإنهن يتجنبن الدخول في مناظرات دينية ويفضلن التشاور مع علماء الدين وطلب الدعم منهم بدلاً من الدخول في الفقه بأنفسهن.

سامية أ.، التي تنتمي إلى حزب إسلاموي كردي، تعتبر نفسها نسوية مسلمة. تعبّر سامية عن مخزون مرجعي لحقوق الإنسان بالإضافة إلى فهم نسوي للفكر الديني والفقه. وهي تنتقد الفكر الإسلامي السائد لكونه أبوياً ولكونه قد خان "رسالة المساواة" الجوهرية للإسلام وتدعو إلى إعادة قراءة النصوص الدينية المستوحاة من الفهم القائم على المساواة للجندر. لقد برزت الحركات النسوية المسلمة/ الإسلامية كديناميات فكرية عابرة للقومية في أميركا الشمالية وأوروبا لحوالي عقدين من الزمن، وهي تقترح قراءات مناهضة للأبوية للنصوص الدينية (القرآن والسنّة) والفقه. استخدام الاجتهاد حسب رأيهن هو أحد الأدوات الرئيسية لتطبيق إصلاح الفقه الأبوي. تتحدى النسويات المسلمة أيضاً، في أشكالها الورعية، القراءات المعيارية للحداثة وتقترح هويات حديثة بديلة ترتكز على تقاطع ديناميات العقيدة والمفاهيم التعددية للتعريف على ما هو هو نسوي ونسائي (Ali 2012). في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، يتم التعبير عن النسويات المسلمة في سياق مختلف، وهو سياق يتميز بهيمنة الأسلمة وقوانين الأحوال الشخصية القائمة على الشريعة، وفي بعض الأحيان، قوة الإسلامويين المحافظين. وهكذا فرض الخطاب النسوي المسلم نفسه في سياق يكون فيه القانون نفسه والمناخ الثقافي العام مؤسلماً. بالنسبة للعديد من الناشطات في مجال حقوق النساء، فإن استخدام الخطاب النسوي المسلم هو في الأساس مسألة استراتيجية لأن الدعوة إلى علمنة القانون تثبت صعوبتها عندما يكون الخطاب الديني المحافظ مهيمناً.

ومع ذلك، فإن بعض الناشطات العراقيات – معظمهن من غير الإسلامويات ولكن أيضاً بعض الإسلامويات مثل سامية أ. – طوّرن موقفاً نسوياً مسلماً مماثلاً لتلك المواقف التي تطورت في ماليزيا (Anwar 2012) ومصر (Abou Bakr 2012) وإيران (Mir-Hosseini 2000, 2011). بدون تشكيل منظمة مناسبة مثل "أخوات في الإسلام" في ماليزيا أو أن يكُنّ جزءاً من حركة نسوية مسلمة عابرة للقومية مثل حركة "مساواة"، طورت تلك الناشطات فهماً نسوياً للفكر والفقه الإسلاميين وحددن نشاطيتهن على هذا النحو.

كما يمكن تسمية النساء اللواتي يقفن بين النشاطية الدينية وغير الدينية بالنسويات المسلمات. بشائر ب.، البالغة من العمر 45 سنة، ليست ناشطة إسلاموية مثل سامية أ، على الرغم من أنها من عائلة نجفية متدينة، ولا هي ناشطة علمانية مثل أمل ف. بشائر مفكرة نسوية مسلمة حاصلة على دكتوراه في فلسفة القانون من جامعة الكوفة، وتشارك في السياسة كعضوة برلمانية مستقلة وناشطة بارزة. آراء بشائر حول الإسلام قريبة جداً من منظور عالم الدين الشيعي البارز والمثير للجدل أحمد الجبينجي. في كتابه المرأة، المفاهيم والحقوق، طور الجبينجي ما يمكن اعتباره أول خطاب نسوي عراقي (2009)، داعياً إلى إصلاح جذري للفكر والفقه الإسلاميين "يعود إلى رسالة المساواة الجوهرية للإسلام". غالباً ما تتم دعوة بشائر وأحمد الجبينجي من قبل مجموعات المجتمع المدني المختلفة للحديث عن "حقوق المرأة في الإسلام" من وجهة نظرهما النسوية المسلمة. وعلى الرغم من اعتبارهما غير تقليديين من قبل العديد من الإسلامويين المحافظين ، إلا أنهما تمكنا من كسب الثقة والتقدير بين الإسلامويين وغير الإسلامويين على حد سواء. في داخل دوائر الإسلامويين، يُنظر إليهما غالباً على أنهما "ليبراليين". وفي الدوائر العلمانية، يعتبران "متدينين". ومع ذلك، تمثل بشائر وأحمد الجبينجي مساحة ثالثة بين الناشطين الإسلامويين والعلمانيين لأنهما يجمعان مخزوناً مرجعياً متضارباً من الخطابات باستخدام قراءة قائمة على المساواة لقضايا النساء والجندر ضمن إطار الدين.

لا تمثل النسويات المسلمات في العراق مجموعة أو شبكة متماسكة مثل تلك الموجودة في مصر أو إيران أو ماليزيا، ولا يشكل موقفهن النسوي المسلم أجندة حقيقية. إن الاعتقاد بأن المساواة بين الجنسين هي جزء لا يتجزأ من "رسالة الإسلام، التي تم تشويهها ويجب إصلاحها بشكل جذري" هو رأي واسع الانتشار بين الناشطات العراقيات، بما في ذلك نسويات حقوق الإنسان والنسويات اليساريات والنسويات الراديكاليات. ومع ذلك، تعتقد النسويات المسلمات أن الحجة الدينية تعتبر أداة مفيدة وصالحة للدفاع عن حقوق النساء في سياق العراق. وعلى الجانب الآخر، لا تعتبر نسويات حقوق الإنسان والنسويات اليساريات والنسويات الراديكاليات الجدل الديني أداة استراتيجية أساسية في نشاطيتهن. ومع ذلك، حتى لو شاركت النسويات المسلمات في نقاش ديني حول المسائل الخاصة – وهو أمر ترفض نسويات حقوق الإنسان القيام به – واعتبرن الدفاع عن حقوق النساء في المجال العام غير كافٍ – وهو شيء تفعله النسويات الإسلامويات بشكل أساسي – لا تعالج النسويات المسلمات في العراق قضايا الجنسانية لأنهن اخترن البقاء ضمن خطوط "ما هو مقبول ثقافياً".

 

النسويات اليساريات والراديكاليات

تدعو النسويات اليساريات والراديكاليات إلى الفهم الأكثر راديكالية للمساواة بين الجنسين وحقوق النساء. تنتسب العديد من النسويات اليساريات والراديكاليات إلى "رابطة المرأة العراقية" وهن قريبات من الحزب الشيوعي العراقي. والبعض الآخر نشطات في المنظمات الاجتماعية والإنمائية، مثل "الأمل". على سبيل المثال، "منظمة حرية المرأة في العراق"، التي تندرج تحت هذه الفئة، لديها عضوات مقربات من الحزب الشيوعي العمالي وعضوات ناشطات مستقلات. العديد من المفكرات والدارسات البارزات هن نسويات راديكاليات. ومع ذلك، فإن الدراسات حول هذا الموضوع ضئيلة للغاية، ومعظم تلك المثقفات يستنكرن الافتقار إلى المواد النظرية لتطوير فكر وبحوث نسوية مناسبة في العراق.

"منظمة حرية المرأة في العراق" هي واحدة من أكثر المنظمات النسوية الراديكالية في العراق. تعرف نفسها بأنها يسارية، نسوية، ومناهضة للإمبريالية. من خلال دوريتها "جريدة المساواة"، تدافع "منظمة حرية المرأة في العراق" عن المساواة بين الجنسين وهي واحدة من المنظمات القليلة التي تعالج قضايا البغاء والعنف الجنسي ورهاب المثلية الجنسية8. تقدم منظمة حرية المرأة في العراق المساعدة والدعم للنساء ضحايا العنف الجنسي والبغاء القسري والسجن. كانت ناشطات منظمة حرية المرأة في العراق اللواتي قابلتهن الأكثر صراحة حول الحرية الجنسية للمرأة والعنف الجنسي ورهاب المثلية. حيث إنهن ينتقدن الأحزاب الإسلاموية بشدة فهن يدعون إلى العلمنة الكاملة لقانون الأحوال الشخصية. لم يقتصر النقد الذي توجهه الناشطات في "منظمة حرية المرأة في العراق" على الإسلامويين فحسب، بل بدا أنهن يوجهن سهام نقدهن للدين نفسه. "منظمة حرية المرأة في العراق" هي المنظمة الوحيدة التي قامت بفتح ملاجئ للنساء ضحايا الاعتداء، وهي لا تزال غير قانونية في العراق العربي على الرغم من كونها تحت رعاية الحكومة في كردستان العراق. ومنذ غزو الموصل، فتحت "منظمة حرية المرأة في العراق" أيضاً ملاجئ للنساء والأطفال من ضحايا العنف والاعتداء الجنسي على أيدي جنود داعش.

طورت العديد من الناشطات اليساريات اللواتي قابلتهن في العراق، على الرغم من عدم مشاركتهن في منظمات خاصة بالجندر، فهماً راديكالياً للمساواة بين الجنسين وقضايا النساء في إطار التفاوت الطبقي. وهكذا تعتبر تلك الناشطات اليساريات مسائلة الأبوية بُعدً أساسياً في نضالهن من أجل العدالة الاجتماعية. كان هذا هو حال الناشطات اللواتي التقيت بهن ممن يشاركن في المنظمات الاجتماعية والتنموية مثل "الأمل" أو "منظمة تموز للتنمية الاجتماعية". بشكل أعم، فإن العديد من عضوات "الرابطة" هن من النسويات اليساريات وقد طورن فهماً للعدالة الاجتماعية والمساواة يعتبر المساواة بين الجنسين صلب مشروعهن للتغيير الاجتماعي. الفرق بين معظم النسويات اليساريات والنسويات الراديكاليات، اللواتي غالباً ما يكنّ ناشطات يساريات كذلك، هو أن خطاب النسويات اليساريات حول الجنسانية أكثر محدودية ولا يتخطى حدود ما يعتبرنه "مقبولاً للمجتمع". وهكذا، على الرغم من أن النسويات اليساريات والراديكاليات غالباً ما يتفقن على الحرية الجنسية ورهاب المثلية الجنسية، فإن النسويات الراديكاليات يملن إلى أن يكنّ أكثر صراحة حول هذه القضايا. ومع ذلك، تتجنب النسويات اليساريات والراديكاليات الخوض في جدل حول الدين. في هذا الصدد، يقفن إلى جانب نسويات حقوق الإنسان لأنهن يعتبرن الدين جزءاً من "الثقافة" لكنهن لا يشتبكن مع القضايا الدينية بما هي دينية.

إيمان أ.، البالغة من العمر اثنين وأربعين عاماً، هي عالمة اجتماع وباحثة ، وهي أيضاً واحدة من أكثر النسويات اللواتي التقيت بهن في العراق راديكالية. قبل سقوط النظام، نشرت إيمان العديد من الدراسات حول الجندر لصالح الاتحاد العام للمرأة العراقية. منذ سقوط النظام وهي نشطة للغاية حول قضايا الجندر وحقوق النساء. جنباً إلى جنب مع دارسات عراقيات أخريات، تعد إيمان واحدة من مؤسسات "مركز عراقيات للدراسات"، والمخصص لقضايا الجندر وكانت نشطة للغاية حتى عام 2010. كما نشرت إيمان العديد من المقالات والدراسات حول أوضاع النساء منذ الغزو والاحتلال في الدوريات الاجتماعية. تتحدث عن الانخراط في المنظمات والشبكات النسائية بعد سقوط النظام وحقيقة أنها كانت واحدة من القلائل اللواتي تدربن على قضايا الجندر من الاتحاد العام للمرأة العراقية. تشرح وجهات نظرها حول المساواة بين الجنسين، وكذلك حول تنفيذ مثل هذه الآراء في العراق.

آني أدافع عن المساواة الكاملة. آني على علم تماماً بما يسمى بالموجة الثالثة من الحركة النسوية، وأطالب بالتشكيك بمعنى التراتبيات والاختلافات الجندرية. إلى وقت قريب، جنت عايشة حياة متناسبة وية أفكاري. جنت اختار هدوم محايدة، لا أنثوية ولا ذكورية، وروجت لهذا النوع من الأفكار. لكن هنا، مثل ما تعرفين، ما نكدر نطالب بهذا النوع من الأشياء. الوقت مو مناسب. وبالفعل أعتقد إنه الأفكار والقوانين اللي ما تتبع تنمية المجتمع مو مفيدة وما تقدم أي شيء. بالغرب، الحركة النسوية اتبعت التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتنمية الحياة. آني أحترم الفكر اللي طورته الموجة الثالثة من النسوية، لكن بالحقيقة هذا مو الوقت المناسب لتطبيقها بالعراق. لما نوصل لكل الخطوات اللي حققتها النسوية الأولى والثانية بالغرب، خاصة بالنسبة للنشاط النسوي، هذاك الوكت نكدر نبدي نحجي عن التشكيك بالتقسيمات الجندرية. بالوقت الحالي، نريد ندافع عن حقوق الإنسان للنساء، حتى يتم الاعتراف بإنسانية النساء. الأعراف القبلية كلش قاسية على النساء. أكو تراجع جبير بأوضاع النساء في العراق. هسة، مثل ما تدرين، موضوع إنه البنية يروح وياها أخوها من تروح للجامعة أو من تاخذ الخط [سائق خاص مشترك مع أشخاص آخرين] للتنقل، هذا الشي يأثر على حرية حركتها.

عندما التقيت بها في 2012، تحدثت إيمان عن زيجتيها. حيث تزوجت لأول مرة في سن الخامسة والثلاثين، لكن هذا الزواج لم ينجح. ثم تزوجت مرة أخرى بعد ذلك بعامين ولديها الآن طفل . شرحت كيف تجبرها الحياة الزوجية على العيش في تناقض تام مع معتقداتها. على الرغم من حقيقة أن إيمان مسؤولة مالياً عن أسرتها، إلا أنها مسؤولة أيضاً عن جميع الأعمال المنزلية وتعتني بطفلها بمفردها. وأضافت إيمان أن زوجها يغسل الأطباق فقط في الأعياد ويعتقد أنه يستحق "يستحق الشكر على هذا الشي". تصوير إيمان بأنها تعيش حياة تتعارض مع معتقداتها بالمساواة بين الجنسين أمر شائع بين العديد من الناشطات اللواتي قابلتهن.

 

خاتمة: وضع النسويات في سياقها

من خلال تقديم العناصر التي تميز أنماط الواقع الملموسة لحياة الناشطات العراقيات، أسعى لإظهار ضرورة تحليل النسويات المختلفة في علاقتها بأنماط الواقع الملموسة التي يتم التعبير عنها من خلالها. إن مفاهيم "الأخلاق" و"الاحترام" يتم تأطيرها من خلال أشكال متعددة من النزعات المحافظة. وهكذا فإن "المبادئ الأخلاقية المتعددة" للناشطات العراقيات تتميز بالنزعات المحافظة الاجتماعية والسياسية والدينية التي تشكل المعايير والعلاقات الجندرية الأبوية، مما يؤثر على حياة النساء اليومية. وهكذا، بينما تستخدم بعض الناشطات حججاً دينية للدفاع عن حقوق النساء، مثل النسويات المسلمات، تستخدمها أخريات كأداة في سياق يتسم بالقوانين القائمة على الشريعة والسلطة المهيمنة للأحزاب الإسلاموية المحافظة.

وفي حين تختار بعض النساء تنحية الإشارات الدينية جانباً وتختار أخريات أسلمة دفاعهن عن حقوق النساء، فإن غالبية الناشطات، إما لأسباب براغماتية أو بسبب المعتقدات الشخصية، يتخذن موقفاً متداخلاً: الدفاع عن المساواة الاجتماعية ضمن حدود الخصوصيات الثقافية والدينية. وعلى الرغم من أن الخطاب السائد يعيد إنتاج ثنائية الغرب/العربي-المسلم عن طريق الادعاء بالدفاع عن حقوق النساء بطريقة ’مختلفة جوهرياً‘ عن الغرب، فإن أقلية من النساء يسعين إلى تخطي الثنائية باستخدام الإسلام كوسيلة لإسباغ صفة الطبيعة المحلية والأصالة على موقفهن. وعليه فإن مواقف الناشطات في العراق معقدة ومتعددة الأوجه: فهن يعرّفن أنفسهن بطريقة مختلفة، أو يخترن ألا يعرّفن أنفسهن على الإطلاق، من خلال ثنائيات العلماني/ الإسلاموي وغير المتديّن/ المتديّن. يشبه هذا الموقف المتداخل نشاطية حقوق النساء في الشرق الأوسط عموماً، وهو نتاج خطاب حداثي قومي تنموي في سياقات يهيمن عليها الإسلام السياسي (Abu-Lughod 1998; Hatem 2005, 1994; Charrad 2011, 2001).

ومن الضروري التفكير فيما وراء هذه الفئات التصنيفية والتنبه للبينيّة من أجل فهم قضايا النساء والجندر والنسويات في السياق العراقي. وتعد التقاطعات بين الخطابات والممارسات المحلية والعالمية محورية لفهم المواقف المتداخلة للناشطات العراقيات، بالإضافة إلى تطور سياسة الجندر الناجمة مباشرة عن أنماط الواقع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي غيرت وجه المجتمع العراقي. وقد أسهم تحول الجماعات النسائية إلى نموذج المنظمات غير الحكومية في تجانس نشاطيتها بالتركيز على التثقيف والتوعية.

وقد قمت أيضاً، مقتفية خطى تحليلات أبو لغد (1998) وحاتم (1994, 2005)، بإظهار أنه فيما يتعلق بالخلفية الاجتماعية (حضرية ومتعلمة ومن الطبقة العليا أو الوسطى) والأجندة والعمل على المستوى الشعبي والتمثيلات والخطابات الخاصة بحقوق النساء – فإنه ليس هناك فرق جوهري بين غالبية ناشطات حقوق النساء ذوات التوجه العلماني والناشطات الإسلامويات في العراق. فالعديد من الإسلامويات قد اعتمدن تصورات ومفاهيم حداثية عن أدوار النساء في المجتمع وعلاقات الزواج والأسرة، وبذلك يتنافسن مع كل من الحداثيات المحافظات والناشطات السياسيات التقدميات حول هذه القضايا. وفي سياق سياسة هوياتية متفاقمة، تشتبك غالبية العلمانيات والإسلامويات في نقاش ’الأصالة‘ ما بعد الكولونيالي. وفي مفترق الطرق بين الخطابات المحلية والعالمية، تشكِّل هيمنة النزعة المحافظة الدينية وتحويل النشاطية إلى نموذج المنظمات غير الحكومية الإطار للدفاع عن الحقوق القانونية للنساء. ومن هنا فإنه لايوجد موقف إسلاموي أو مسلم أو نسوي علماني تماماً، حيث إن غالبية الناشطات يستندن إلى أفكار الاحترام والمرجعية الأخلاقية (التي يبررها الإسلام أو تبررها الثقافة)، وإطار حقوق الإنسان العالمية.

 

  • 1. هذا المقال ترجمة وسن قاسم من اللغة الانجليزية الى اللغة العربية لمقال بعنوان "Feminisms in Iraq: Beyond the Religious and Secular Divide" الذي صدر في مجلة Gender and Research في 2019.
  • 2. بالنسبة لفكرة ’البينية‘ فأنا مدينة للمنظمين والمشاركين في ورشة عمل ’النسويات الإسلاميات والإسلامويات والنساء بين الإثنين‘ والتي عقدت في باريس في شهر يناير عام 2013 تحت إشراف ليلى أبو لغد وكاثرين إيونج وأنوباما راو، كجزء من مشروع ’الجندر والدين والقانون في المجتمعات المسلمة‘، التابع لمركز دراسة الاختلاف بجامعة كولومبيا.
  • 3. قمت بهذه الدراسة الإثنوجرافية المعمقة خلال السنتين 2010-2012، وأجريت مقابلات مع أكثر من 80 ناشطة عراقية من جميع الأعمار والخلفيات الاجتماعية والعرقية والدينية والسياسية من مختلف الجماعات والمنظمات والشبكات بصورة أساسية في بغداد وبصورة ثانوية في أربيل والسليمانية في كردستان العراق. ثم وسعت بحثي الميداني وأجريت أكثر من 25 مقابلات في النجف-كوفة ، كربلاء ، والناصرية في ربيع 2017 وربيع 2019.
  • 4. كان الإلهام لهذا القسم وتطويره مع منظمي ومشاركي ورشة ’جندرة العقيدة: نشاطية الإسلامويات‘ تحت إشراف ’مواطن‘، المعهد الفلسطيني لدراسة الديموقراطية و معهد كريستيان مايكلسن.
  • 5. التقديرات طبقاً لدورية ’ذا لانست‘ (The Lancet) العلمية (2004)، قاعدة بيانات Iraq Body Count (www.iraqbodycount.org، تم آخر دخول على الموقع يوم 3 فبراير 2017)، و’التكلفة الإنسانية للحرب في العراق‘ (Iraq: the Human Cost) (على موقع http://web.mit.edu/ humancostiraq/ وقد تم آخر دخول على الموقع يوم 3 فبراير 2017).
  • 6. بين عامي 2006 و2007 حصدت الحرب الأهلية الطائفية أرواح 1000 شخص في الأسبوع الواحد، غالبيتهم من المدنيين، وأدت إلى النزوح الداخلي والخارجي لما يقرب من 2500000 شخص، طبقاً للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
  • 7. 30% في كردستان العراق.
  • 8. راجع، على سبيل المثال، جريدة المساواة، بتاريخ 8 مارس سنة 2012، عدد رقم 9 للسنة التاسعة، صفحة 6 (Jaridat al-Musawat, 8 March 2012, No. 9, Year 9, p. 6).
یادداشت‌ها: 
References: 

Abu-Lughod, L. (ed.). 1998. Remaking Women: Feminism and Modernity in the Middle East. Princeton University Press.

Ahmed, L. 2011. A Quiet Revolution. The Veil’s Resurgence from the Middle East to America. New Haven: Yale University Press.

Ahmed, L. 1992. Women and Gender in Islam. Historical Roots of a Modern Debate. New Haven: Yale University Press.

Al-Ali, N. 2007. Iraqi Women. Untold Stories from 1948 to the Present. London: Zed Books.

Al-Ali, N. 2000. Secularism, Gender and the State in the Middle East. The Egyptian Women’s Movements. Cambridge: Cambridge University Press.

Al-Ali, N., Pratt, N. 2009. What Kind of Liberation? Women and the Occupation of Iraq. Berkeley: University of California Press.

Al-Gubenchi, A. 2009. Al-Mar’a, al-Mefahim wal Huquq. Qira’e jedida li Qedaya al-Mar’a fi al-Khitab al-Dini. Beirut: Al-intishar al-‘arabi.

Al-Jawaheri, Y. H. 2008. Women in Iraq. The Gender Impact of International Sanctions. London: I. B. Tauris.

Ali, Z. 2018. Women and Gender in Iraq: Between Nation-Building and Fragmentation. Cambridge: Cambridge University Press.

Ali, Z. 2017. ‘The Fragmentation of Gender in Post-Invasion Iraq.’ in A. Ghazal, J. Hanssen (eds.). The Oxford Handbook of Contemporary Middle-Eastern and North African History. Oxford Handbooks Online.

Ali, Z. 2012. Féminismes Islamiques. Paris: La Fabrique.

Arato, A. 2009. Constitution Making Under Occupation. The Politics of Imposed Revolution in Iraq. New York, Chichester: Columbia University Press.

Asad, T. 2003. Formations of the Secular. Christianity, Islam, Modernity. Stanford: Stanford University Press.

Badran, M. 1995. Feminists, Islam, and Nation: Gender and the Making of Modern Egypt. Princeton: Princeton University Press.

Burgat, F. 1996. L’islamisme en face. Paris: La Decouverte.

Burgat, F. 2005. L’islamisme à l’heure d’Al-Qaida. Paris: La Decouverte.

Charrad M. M. 2011. ‘Gender in the Middle East: Islam, State, Agency.’ Annual Review of Sociology, Vol. 37: 417–437. https://doi.org/10.1146/annurev.soc.012809.102554.

Charrad M. M. 2001 States and Women’s Rights: The Making of Postcolonial Tunisia, Algeria and Morocco. Berkeley: University of California Press.

Damaluji, M. 2010. ‘Securing Democracy in Iraq: Sectarian Politics and Segregation in Baghdad, 2003-2007.’ Traditional Dwellings and Settlements Review, Vol. 21, No. 2: 71–87.

Deeb, L. 2006. An Enchanted Modern: Gender and Public Piety in Shi’i Lebanon. Princeton: Princeton University Press.

Deeb, L., Harb, M. 2013. Leisurely Islam: Negotiating Geography and Morality in Shi’ite South Beirut. Princeton: Princeton University Press.

Dodge, T. 2013. Iraq - From War to a New Authoritarianism. Adelphi Series. London: Routledge.

Dodge, T. 2005. Iraq's Future: the Aftermath of Regime Change. Adelphi Papers, 372. Abingdon: Routledge for the International Institute for Strategic Studies.

Hatem, M. 2005. ‘Secularist and Islamist Discourses on Modernity in Egypt and the

Evolution of the Post-colonial Nation-State.’ Pp. 263–294 in Moghissi, H. (ed.). Women and Islam: Images and Realities. Abingdon: Taylor & Francis.

Hatem, M. 1998. ‘The Secularist and Islamist Discourses on Modernity in Egypt and the Evolution of the Post-Colonial Nation-State.’ Pp. 85–99 in Haddad, Y., Esposito, J. (eds.). Islam, Gender and Social Change. Baltimore: Oxford University Press.

Hatem, M. 1994. ‘Egyptian Discourses on Gender and Political Liberalization: Do Secularist and Islamist Views Really Differ? ’ Middle East Journal, Vol. 48, No. 4: 661–676.

Hatem, M. 1993. ‘Toward the Development of Post-Islamist and Post-Nationalist Feminist Discourses in the Middle East.’ Pp. 29–48 in Tucker, J. E. (ed.). Arab Women: Old Boundaries, New Frontiers. Bloomington: Indiana University Press.

Haddad, F. 2014. Sectarianism in Iraq: Antagonistic Visions of Unity. Oxford: Oxford University Press.

Ismael, Y., Ismael, S. 2015. Iraq in the Twenty-First Century. Regime Change and the Making of a Failed State. London and New York: Routledge.

Jayawardena, K. 1986. Feminism and Nationalism in the Third World. London: Zed Books.

Kandiyoti, D. 2007. ‘Between the Hammer and the Anvil: Post-confl ict Reconstruction, Islam and Women’s Rights.’ Third World Quarterly, Vol. 28, No. 3: 503–517.

Karam, A. 1998. Women, Islamisms and the State. Contemporary Feminisms in Egypt. Palgrave MacMillan Press.

Mahmood, S. 2005. Politics of Piety. The Islamic Revival and the Feminist Subject. Princeton: Princeton University Press.

Mir-Hosseini, Z. 2011. ‘Beyond Islam vs Feminism.’ Institute of Development Studies Bulletin, Vol. 42, No. 1: 67–77.

Mir-Hosseini, Z. 2000. Islam and Gender. The Religious Debate in Contemporary Iran. London: I. B. Tauris.

Najmabadi, A. 2000. ‘(Un)Veiling Feminism.’ Social Text 64, Vol. 18, No. 3: 29–45.

Reilly, N. 2011. ‘Rethinking the Interplay of Feminism and Secularism in a Neo-secular Age.’ Feminist Review, Vol. 97, No. 1: 5–31.

Salime, Z. 2011. Between Feminism and Islam. Human Rights and Sharia Law in Morocco. Minneapolis: University of Minnesota Press. Available from: http://www.jstor.org/stable/10.5749/j.ctttsgkb.

Sassoon, J. 2012. ‘The Brain Drain in Iraq after the 2003 Invasion in Writing the Modern History of Iraq.’ Pp. 379–389 in Tejtel, J., Sluglett, P., Bocco, R., Bozarslan, H. (eds.). Writing the Modern History of Iraq. Historiographical and Political Challenges. Hackensack, London: World Scientifi c Publishing.

Zubaida, S. 2011. Beyond Islam: A New Understanding of the Middle East. London:

I. B. Tauris.

Zubaida, S. 1989. Islam, the People and the State. London: Routledge.