“التّقييد بالحبل يثلج صدري:” استكشاف الحرية الجنسية للنّساء الكويريات والأشخاص غير النمطيّين/ات من أفريقيا من خلال التّقييد والشّاذّيات

تحذير‬ ‫المحتوى: 

تحذير عن‬ ‫المحتوى‬‫!

محتوى جنسي صريج، لغة حادة، تصوير للعنف.
مناسب لجماهير ناضجة.

السيرة: 

تيفاني كاغور موغو هي المؤسّسة المشاركة والقيّمة في هولا!، وهي منصّة لمركز أفريقيّ يقوم بتأييد ومعالجة القضايا المحيطة بالجنسانيّة الأنثويّة الأفريقية. HOLAA! تسعى إلى إتاحة المجال للنساء للتحدث عن جنسهنّ وجنسانيّتهنّ (مهما كانت)، مزوّدة إيّاهنّ في نفس الوقت بالأدوات اللّازمة للمناورة في الفضاء الإلكتروني. هي مساهمة في Mail and Guardian، 50/50 Democracy، وThis Is Africa ضمن منصّات أخرى، بكتابة مقالات عن ظرفين إنسانيّين: الجنس والسياسة. هي مستشارة في وسائل الإعلام، كما كتبت قصة قصيرة أو ثلاث قصص نُشرت في مختارات مختلفة. كانت لها منحة زمالة سابقا مع Open Society Youth Fellow. تستمتع بكونها واسعة المعرفة دون مقابل مادّي بينما تفكر في الأزمة الوجودية التي يمر بها العالم.

اقتباس: 
تيفّاني كاغور موغو. "“التّقييد بالحبل يثلج صدري:” استكشاف الحرية الجنسية للنّساء الكويريات والأشخاص غير النمطيّين/ات من أفريقيا من خلال التّقييد والشّاذّيات". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 3 عدد 2 (2017): ص. 154-160. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 25 أبريل 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/rope-makes-me-fuzzy.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (388.03 كيلوبايت)

cover-issue-6-2.jpg

Sex, Desire, and Intimacy 2017 ©

Artwork: Amy Chiniara

عندما تنظرين إلى المشهد الجنسي من داخل القارة الأفريقية، ترين أنّه يتميّز بقضايا مثل تشويه الأعضاء التناسلية لدى الإناث وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز وزواج الأطفال. ومع ذلك، فإنّ هذه الواجهة قد بدأت بالتغير، وصارت المتعة والاستقلالية والكرامة الجسدية مركزيّة بشكل متزايد، لا كمواضيع للمناقشة فحسب، ولكن كوسيلة يمكننا من خلالها تفكيك الجنس. إعادة التركيز على الجنس صارت واضحة من خلال المنابر العامة والأفراد المشتغلات على قضايا المتعلقة بالنّساء ووكالتهنّ الجنسيّة على أنفسهنّ. فنجد أنّ منصّات مثل “مغامرات من غرف نوم النّساء الإفريقيّات،”1 والتّسجيل الصّوتي المعنون 2The Spread Podcast، تمركز المتعة بشكل غريزيّ ومتواصل، في حين تسعى مختلف المنصات الرقمية الأخرى لفك مفاهيم الجنس الرّائع وملكية الجسد. وبعيدا عن اقتصاره على الفضاء الرّقميّ على الانترنيت، فقد دخل الفن والنّضال إلى المشهد، كما شهدنا في أعمال مثل Pussy Print، التي تنتجها لايدي سكولي، وهي فنانة وناشطة نسوية من كيب تاون، جنوب أفريقيا، وورشات عمل الجنس الآمن والمتعة (#PleaseHer) التّي تقوم بها هولا أفريكا!.3 كل من هذه الأمثلة يعالج مجموعة من المفاهيم، مثل الأشياء التّي تثير النّاس جنسيّا وماذا تعنيه السيطرة على أجسامنا.

يتمّ تفكيك الأفكار عن المتعة والوكالة الجنسيّة والاستقلال الذاتي الجسدي في مساحة أخرى، ألا وهي داخل الشّاذّيات،4 فبعض رائدات هذا الموضوع في القارّة هنّ نساء سوداوات كويريّات. فالتّقييد والتّأديب، والهيمنة والخضوع، والسادومازوخيّة، هي مجموعة فرعية من الشّاذيّات. في هذا المجال المحدّد من الممارسات الجنسية، نجد الكثير من الأساطير، والكثير من سوء الفهم، والكثير من الأفكار والأسواط والسّلاسل والألم. ما يجب أن نلاحظه عن هذه المساحات التي أنشأتها هاته النساء هو أنّها غالبا ما تكون نسوية وودّية للكويريّات/ين. تنحت النساء الكويريّات السّود لأنفسهنّ مساحات خارج أماكن الشّاذيّة “التقليدية،” والتّي غالبا ما تكون مشغولة من قبل أشخاص غيريّين وبيض، خصوصا الرجال. في هذه الأماكن، غالبا ما ي/تشعر الشّاذيّون/ات السّود بعدم الانتماء وعدم الارتياح، ويتعرّضون/ن للتّنميط الجنسيّ السلبي (على سبيل المثال الرغبة في الانخراط في لعب الأدوار بسبب عرقيّ بحت)، أو التهميش والاستبعاد عموما.

يمكن للمرء أن يتصوّر وجود مشاكل عامّة مثل الـSWB (أي أن تكون/ي خاضعا/ة أو مفعولا به/ا كشخص أسود/سوداء). كأشخاص سود، وخاصّة النّساء السّود، فإنّه ليس من المستبعد أن نتصور أنّه فور دخولك مشهد لعب في إطار الـ5BDSM، سيتمّ غمرك بصور كلّ شيء، من “الجذور” إلى “12 عاما في العبوديّة.”6 فإنّ هذا السياق التاريخي، المعقّد بالاستعمار والعبوديّة، يقترن بالواقع الحالي المشوب بكره النّساء السّود،7 والحرب التي تشنّ على أجسادهنّ كلّ يوم. بدءا من الاغتصاب بدافع رهاب المثليّة، إلى عنف الشّريك/ة الحميم/ة، إلى التّصورات المنحرفة (المفرطة في إضفائها لطابع جنسيّ على الأجساد) عن النساء السود وحياتهنّ الجنسية،8 فإن أعمال العنف هذه واسعة الانتشار بحيث تتسلل إلى الفضاءات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويبدو أنها موجودة في جميع المجالات الخاصة والعامة، من المكاتب، إلى الأماكن التقليدية والثقافية، إلى الجامعات، إلى الفضائح السياسية، إلى ممرّات هوليوود. وبالنظر إلى مدى العنف الجنسي، فإن وضع النّساء السّود يمكنه أن يبدو عاجلا من ناحية جنسيّة واجتماعيّة.

كل هذا من شأنه أن يجعلنا نتساءل لماذا قد تفكّر امرأة كويريّة سوداء و/أو شخص غير مطابق للجندر بالـBDSM، ناهيك عن أن يعثرا على الحميميّة والفرح والمتعة في ذلك. وعلى الرغم من هذا التاريخ القاتم، أصبحت النساء السود أكثر وضوحا في عالم الـBDSM، وهو عالم غالبا ما ينظر إليه على أنّه “هراء بعض الناس البيض الغريبين”9 من قبل الكثيرين/ات الذين/اللّواتي يحملون/ن مفاهيم خاطئة حول ما تنطوي عليه هذه الممارسة الجنسية. القدرة على التحكّم في هذه العلاقة من الألم والمتعة والحماية هي شيء تمكّنت منه نساء سود كثيرات عند انخراطهنّ في عوالم المتعة الجنسية داخل الشّاذّية، وبشكل أكثر تحديدا، في الـBDSM.

السلطة والموافقة: صراع عمر

في مقالها “القوّة في أن تكوني امرأة سوداء خاضعة في السرير،”10المنشور على موقع The Establishment ، تربط ميشيل أوفيو تصور القوة عن النساء السود مع الهشاشة: عندما يتعلق الأمر بالهشاشة والألم، يجد الشّخص نفسه حذرا من من يظهرن له/ا “مناطقهنّ النّاعمة.” فالقدرة على إظهار الهشاشة أو القوّة حين تتعلّق بالجنس هي شيء تتصارع معه العديد من النساء، وبالنّظر إلى التاريخ المبيّن أعلاه، قد يكون الأمر أكثر صعوبة للنّساء السّود. في الـBDSM، مفهوم السلطة – من الذّي/التّي ي/تمتلكها، لمن ي/تعطيها، ومتى ي/تضنّ بها – هو أحد الأمور الأساسية لهذا الفعل. فهو عنصر أساسي لمشاركة النساء الكويريات، اللّاتي حدّثنني من أجل هذه الورقة، في هذه الممارسة. وقد بيّنت هذه النّساء شخصيّا ومن خلال مشاركتهنّ عبر الإنترنت عبر HOLAA! أنّ الشّاذّيات ليست ممارسات أجنبية، قوقازيّة، مهيمنة عليها من طرف كبار السن من الرجال، ولكنها شيء اكتشفت خلالها هذه النساء الكويريّات حياتهن الجنسية واستقلالهنّ الذاتي. من خلال الأحداث التّي يقمن بها، وتغريدات التويتر، والمحادثات الخاصة، أثير اهتمامنا وفُتح الباب أمام إمكانيات مختلفة من التعامل مع الجنس. جمال الفضاء الرقميّ يتمثّل في امكانيّة العثور على هاته النّساء في جميع الأركان والأرجاء، في مختلف المدن من كيب تاون إلى نيروبي، وفي الشّتات. جلبت المحادثات التي أجريناها مع هؤلاء النساء بعض شذرات الحكمة التي شكلت تفكيرنا ومشاركتنا مع عالم الشّاذّيات، معلّمة كلّ شيء من جنسنا الآمن ودليل المتعة PleaseHer، إلى الصور المختلفة التّي نأخذها.

وما يلفت النّظر أكثر عن هاته النّساء واستكشافهم للشّاذية هو كونهنّ “غير مرتبطات” بمعنى ما. هناك حرية ايروتيكيّة في استكشاف طرق جديدة للجنس والمتعة، وفي اضفاء طابع كويري على التّفاعلات التّي تقلب وتستكشف المفاهيم التّي تُعتبر بديهيّة في الجنس “الفانيليا.” قامت موثوني، وهي ناشطة وفنّانة كويريّة من كينيا، بتفكيك دور الـBDSM في مساعدتها على شفاء الندوب التي سببها العنف الجنسي المجتمعي. وتقول: “إنه يشفي التاريخ الذّي يضع المرأة في الجنس كطرف متلقّ، وبالتالي يجعل الغرض الوحيد من وجودها متلخّصا في متعة الرجل. الـBDSM يعطي المرأة الوكالة على نفسها لتتمكّن من التّحديد بوضوح ومن التّفاوض عن قوّتها.”

كما قالت مُوثوني: “من المحرِّر أن نتناول مفاهيم السلطة في فضاء يتميّز بوجود الثقة.” استمرّت في شرح أنّ التفاوض على الجنس الذّي تريدينه في ذلك الزمان والمكان المعيّنين لديه القدرة على التّحرير والتّمكين. عندما ينظر شخص ما إلى ما يعنيه أن تكوني امرأة كويريّة من شرق أفريقيا، فإنّ مفهومي الاستقلالية الجسدية والسّلامة يكونان في تفاوض وتهديد وتوفيق مستمرينّ، والتّسوية هي وسيلة، بالنّسبة لأشخاص مثل مُثوني، لقلب هذا الخطر وللوجود داخل مساحاتهنّ الخاصة. وبالتالي، فإن الانخراط في الـBDSM يسمح بتحدّي هذا التهديد المجتمعي. وتذهب أبعد في قولها: “الـBDSM يطالب بأن يكون الجنس والسلطة متبادلين ومشتركين عن طيب خاطر وبأمانة.”

كغوثاتسو، امرأة كويريّة أخرى تعاملت معهاHOLAA!  في الماضي، مقيمة في جنوب أفريقيا. نمت مشاركتها في الشّاذيّات على مرّ السنين، حتّى أصبحت مضيفة في أماكن خاصّة بالشّاذّيات في كيب تاون تحت علامة Blaqueer Kinksters. كما أجرت محادثات على شبكة الإنترنت حول كونها امرأة كويريّة سوداء تمارس الشّاذّيات. عند سؤالها عن سبب اختيارها لهذا المسار الجنسي، تحدثت عن المتعة التّي منحها إيّاها: “التّقييد بالحبال يذكّرني بالتحرر الذي أجده في الشّاذيّات. ويذكّرني أنّ هناك الكثير من الحرية في القدرة على التخلي عن السيطرة.” وشرعت تشرح أنّ بإمكان هاته النساء استكشاف قدرتهنّ على التفاوض على السلطة في كلّ من القدرة على السيطرة والتّخلي عنها. السّلطة عنصر أساسي في هذه المشاركة، أي ما بين شركاء/شريكات جنسيّين/ات؛ كما تشرح موثوني، فـ”الإقرار بوجود السلطة في الارتباطات الجنسية” يسمح بالقدرة على الانخراط الحقيقي في طرق تأثير السلطة على مفاهيم مثل المتعة، والأهم من ذلك، الموافقة. هذه القدرة على التفاوض على الجنس الذّي تمارسينه يفسد الأفكار التي ترسخها ثقافة الاغتصاب، وهذا هو جزء أساسي من ممارسات الـBDSM. ما لا يفهمه الناس في كثير من الأحيان هو أنّ الموافقة تكمن في صميم هذه الممارسة.

كثيرا ما لا يكون الاعتداء الجنسي مرتبطا بالجنس سوى بقدر ضئيل، ويكون في علاقة بممارسة السلطة على شخص ما جسديّا، ويمكن أن يحدث ذلك بدرجات متفاوتة. فالمشاكل المتعلّقة بممارسة السيطرة على شخص ما لا تأتي فقط على صعيد مادّي وجسديّ، ولكنّها تتمثّل أيضا في الإكراه اللفظي وعدم القدرة على رفض علاقة أو ممارسة جنسيّة. داخل مساحة الشّاذّيات، يتم تفكيك هذه الاختلالات المحتملة واستكشافها بشكل وثيق وحميميّ. على الرغم من أن الكثيرين/ات يعتقدون/ن أنّ مشهد الشّاذيّات غارق في حالات من العنف القسري والألم المفروض، فإنّ ورقة بحثيّة تصف هذه الأحداث بأنها ليست القاعدة، بل “الاستثناء غير المرغوب فيه” (فولكرسون 1).11 وفي هذا السّياق، تعرّف الموافقة بأنها “اتفاق مستنير بين أشخاص على ممارسة نشاط يكون مفيدا لجميع الأطراف المشاركة” (كما ورد في فولكرسون، (vii.12 إن “المناطق الرمادية” المجموعة قانونيا واجتماعيا في محاولة تعريف الموافقة (ضمن مفاهيم التواصل اللفظي أو غير اللفظي على سبيل المثال) هي تلك التي غالبا ما ي/تجد الشّاذّيون/ات13 أنفسهم/نّ سابحين/ات فيها، إذ يتعين عليهم/نّ التعامل معها بدقة.

هذا شيء تشعر به تشيغوفاتسو، وهي مدوّنة ذات منظور إيجابيّ للجنس، بقوة: “الشّاذيّات هي عن الموافقة. لقد شعرت، داخل عالم الشّاذّيات، بأنّ لديّ القدرة على الموافقة أكثر ممّا يكون لديّ في أيّ مكان آخر.” بالنسبة لها، الموافقة هي واحدة من أهم أجزاء النموّ والمعرفة الجنسيّين وأكثرها مركزيّة والتّي يقدّمها عالم الشّاذّيات. وتشرح أنّها كانت محظوظة في تجربتها في الشّاذيّات لأنّها تعرّفت على أشخاص في قلب الممارسة استطعن تصوّر الموافقة بطريقة تجعلها تشعر بالأمان والقدرة على استكشاف رغباتها. وتشرح: “عند مقارنة ذلك [المشاركة مع الموافقة] مع غير الشّاذّيات/ين، فقد تمكنت من العثور على قدر أكبر من السيطرة والقدرة على تجربة الأشياء التّي كانت في السابق غير مريحة نظرا لمعرفتي أنّني أتعلّم باستمرار في عالم الشاذّيات.” غالبا ما تظلّ الموافقة موضوعا لا يُناقش على نطاق واسع “العلاقات الفانيليا،” مع فكرة أنّ الجميع قد أتى فعلا إلى الممارسة، وأنّ هذه الموافقة بديهيّة وموجودة. خلافا لمساحات الشّاذيّات، نادرا ما تُناقش الممارسات التّي يرغب النّاس بفعلها بشكل واضح وصريح، كرغباهم/نّ الجنسيّة، وما يستسيغونه/سغنه، ومدى شدّة أو سرعة أو بطء وحسّية الممارسة، أو حتّى الرّغبة في استعمال الفاكهة أو القشدة. عن طريق الحديث مع النّساء اللواتي يمارسن الشّاذّيات، يدرك المرء مدى صمت الكثيرات حول الجنس الذّي يمارسنه، ومدى اعتماد الانخراط في هذه الممارسات على المفاهيم (غير المستقرة) للغة الجسد والتلميحات والمسلّمات الضمنية.

عندما يعتبر المرء أنّ مفاهيم الموافقة والانفتاح والشفافية والثقة والكلمات الآمنة هي في صميم الـBDSM، يمكنه أن يرى أسباب ارتباط هذا المجال باستعادة الرغبة الجنسية والاستقلال الذاتي، فضلا عن زيادة استكشاف الحياة الجنسية )المنقّحة( والممارسات الجنسية الصحية.

الاستكشاف الجنسيّ: التّحديد الدّقيق للمتعة

نحن بحاجة إلى تركيز التجارب الجنسية لدى النّساء على المتعة بشكل متزايد، فإنّ جزءا كبيرا من ديناميات السلطة داخل التفاعل الجنسي ينشأ من القدرة على التفاوض على متعة. ويضاف إلى ذلك أن الأدوار الجندريّة النمطية والأفكار عن االجنسانيّة لا تنطبق على الـBDSM. وبما أنّ هاته النساء الكويرات والأشخاص غير المطابقين للجندر يتفاوضون/ن على ديناميات السلطة حول الجنس الذّي يمارسونه/ه، فإنّ المتعة وما يمكنهم/نّ استخلاصه من التجربة يصبحان جزءا أساسيا.

استكشاف الجنس ليس دائما بالأمر السّهل. هناك خوف كبير من تنفير الشريك/ة أو العثور على شخص لا يحرص على فعل أشياء من شأنها أن تثيرك، وبالتالي المخاطرة بتكوين لحظة محرجة أثناء ممارسة الجنس. الطّريقة المتقطّعة في الحديث عن الجنس قبل الممارسة تعني أنّ النّاس في كثير من الأحيان لا يلفظّون/ن بما يريدونه/نه في السّرير، إما لعدم معرفتهم/نّ بطريقة مناسبة، أو لخجلهم/نّ من ذلك. تسعد ثابيل، وهي امرأة مثليّة وخبيرة ماليّة جنوب أفريقيّة، بكونها قادرة على تجربة أشياء جديدة ومثيرة وتوضّح قائلة أنّ “الشّاذّيات ببساطة تسمح لي أن أكون دون أن تُصدر عليّ أحكام.” بالنسبة لها، سمحت لها القدرة على الانخراط في الشّاذيات باستكشاف ما يعطيها شعورا جيّدا وبأخذ ذلك إلى المدى الذّي تريده. المتعة، بالنسبة لها، ليست فكرة مثقلة بالتوقعات الجنسية عن النّساء، لأنّ الشّاذّيات تكسر عددا كبيرا من هذه الحدود، والأدوار الجندريّة، وغيرها من الهويات الصلبة والسريعة. تستكشف موثوني مفهوم القدرة على تصور والتعبير عن متعتك – وبالتالي التجربة، التّي شرحت كيفيّة تعزيز فكرة حقّ المرأة في المتعة، وكيف يشفي ذلك التاريخ حول مكانة المرأة في الجنس كمفعول بها. أمّا بالنسبة لكغوتاتسو، فهي تصف المتعة التي تحصل عليها من التّقييد بالحبل: “الحبل هو عناق أو احتضان أستطيع ارتداء تحت ثيابي أثناء القيام بأعمالي أو مهامّ يومي. والعلامات الحاكيات على بشرتي هي تذكير لطيف بغراميّات الليلة الماضية.”

الشّاذيّات هي الفضاء الذّي يسمح بتفكيك متعتك الخاصّة بطريقة مرفوضة في حيثيّات فانيليا في بعض الأحيان، لأنّها تكسر القواعد غير المعلنة القائلة أن “لا تناقش/ي ما تريد/ين/ه في غرفة النوم، بل اسمح/ي لها مجرد بالتّدفق.” توضح ثابيل أنّ الشّاذّيات بالنّسبة لها “هي مساحة آمنة من الاستكشاف ومن الكينونة المجرّدة. مساحة حيث تكون التّوقعات واضحة وحيث يُشتغل على تحقيقها، ليس فقط من قبل نفسك ولكن مع الآخرين/ات المهتمّين/ات بتعلّمك وبالعمل على الحفاظ على سلامتك.” وتشرح أنّ “هناك الكثير من الديناميات في الحياة التّي لا يمكن للمرء السيطرة عليها.” فالقدرة على إيضاح متعة المرء بشكل فعال هي واحدة من الأجزاء الأساسية للشّاذّيات، لأنّها تُغذّي مفاهيم الموافقة، وصولا إلى أصغر الأفعال. وهذا يعني أنّ شريكتك لا تعرف فقط أنّك تريدين المتعة، ولكن كيف تريدينها، لأنّ هذا الموضوع قد نوقش بصراحة. ولذلك، لا وجود لمفاجآت سيّئة (في جميع مفاهيم الكلمة). وعلاوة على ذلك، وفقا لثابيل، “تجريد المرء من السيطرة يعني أيضا الحد من كيفيّة تعبيره/ا عن أنفسهم/نّ؛ ولذلك، مشاركتي في الشّاذيّات هي محاولة لمعرفة نفسي في بيئة تمكّنني من الأصالة والقدرة على أن أكون صادقة بحقّ.

توفّر المساءلة الجنسية حيّزا يمكن من خلاله أن يخوض المرء في ما يشعره/ا بالرضا، وما يثيره/ا، وما يحفّزه/ا جنسيا، وما ي/تعتبره ممارسة جنسيّة جيّدة وآمنة وفقا لمعاييره/ا الفردية ضمن إطار صحّي ومعرفيّ وتواصليّ. من خلال استكشافهنّ للشّاذّيات، تخرّب النّساء الكويريّات الأفريقيّات السردية المهيمنة عن من يملك المتعة، من يملي ما يحصل لجسد آخر، وما يبدو عليه الجنس الجيّد، سامحات لبقيّتنا بإعادة التفكير في كيفية ممارستنا للجنس. ومن خلال أفعال الخضوع والهيمنة، فإنهنّ تستعدن استقلالهنّ الجسديّ، فضلا عن حقّهنّ في ممارسة الجنس الذي لا يتمّ التفاوض عليه وتمكينه فحسب، بل الذّي يكون ممتعا كذلك. مع مفاهيم الموافقة، والاستكشاف النشط لديناميّات السلطة التّي غالبا ما يتم إسكاتها، ومع وجود مساحة لاستعادة الاستقلالية الجسدية والمطالبة بها، تستخدم النّساء الكويريّات الشّاذيات كوسيلة لا لاستعادة سلطتهنّ في ممارسة الجنس والحقّ في أجسادهنّ فحسب، بل هنّ ينحتن أيضا مساحة لإملاء أيّ نوع من التفاعلات التّي يردنها.

ملاحظة: شكرا لكلّ النّساء الكويريّات اللّواتي ساعدنني في جمع الأفكار والاقتباسات من أجل هذه الورقة. ابقين على سحركنّ. 

https://soar.wichita.edu/bitstream/handle/10057/3717/t10088_Fulkerson.pd...

  • 1. Adventures From The Bedrooms of African Women, accessed 30 June 2017: http://adventuresfrom.com/
  • 2. The Spread Podcast, accessed 30 June 2017: https://soundcloud.com/karenkazlucas/sets/the-spread-a-sex-positive
  • 3. www.holaafrica.org
  • 4. عُرّبت هنا مفردة “كينك” الدّالة على الممارسات غير النّمطيّة ذات الطابع الجنسي كالتّقييد والتّأديب، والهيمنة والخضوع، والسادومازوخيّة، ضمن أخرى.
  • 5. مشهد اللّعب: ظهر المفهوم في مجتمعات التّقييد والتّأديب، والسيطرة والخضوع، والسادومازوخيّة للدّلالة على الممارسات التّي تحدث داخل مشهد.
  • 6. أفلام عن تاريخ العبوديّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة
  • 7. كره للنّساء السّود متأثّر بعنصري العرق والجندر
  • 8. Ofiwe, Michelle. “The Power Of Being A Submissive Black Woman In Bed.” The Establishment. 2016. Accessed 30 August 2017. Available at: https://theestablishment.co/the-power-of-being-a-submissive-black-woman-...
  • 9. Elder, Sajae. “What It’s Like to Be a Black Woman Into Kink.”Vice. 2016. Accessed 25 July 2017. Available at: https://www.vice.com/en_us/article/3b4qkn/what-its-like-to-be-a-black-wo...
  • 10. الحاشية 8
  • 11. Fulkerson, Anita. Bound by Consent: Concepts of Consent Within the Leather and Bondage, Domination, Sadomasochism (BDSM) Communities. 2010. Wichita State U, MA dissertation. Accessed 30 August 2017. Available at:
  • 12. الحاشية السابقة
  • 13. شخص ي/تستمتع بممارسات جنسيّة شاذّية، أو ممارسات تعتبر خارج النظم الاجتماعيّة
ملحوظات: