الانتخابات النيابية، المجتمع المدني، والعوائق التي تمنع التغيير السياسي

السيرة: 

Joumana Talhouk holds a Bachelor’s Degree in Sociology and Anthropology from the American University of Beirut and is currently doing research on the Lebanese government’s policy response towards Syrian refugees. Joumana is a member of Dammeh cooperative and a co-founder of Mada, a political youth network.

اقتباس: 
جمانة تلحوق. "الانتخابات النيابية، المجتمع المدني، والعوائق التي تمنع التغيير السياسي". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 4 عدد 1 (2018): ص. 23-29. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 28 مارس 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/parliamentary-elections.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (499.61 كيلوبايت)

Islamkhatib.png

Islam Khatib

أسابيع مضت منذ أن أدلى/ت المقترعون/ات اللبنانيون/ات بأصواتهم/نّ في الانتخابات النيابية الأولى منذ 9 سنوات. لم يؤثر الحدث كثيرا على حياة المواطنين/ات، لدرجة أنّهم/نّ كانوا/كنّ لينسوا أن الانتخابات حدثت لولا بقايا صور المرشحين/ات المنتشرة على لوحات الطريق السريعة وجدران المدينة. ضجيج الحملات الانتخابية دام لأشهر ما قبل اليوم الانتخابي، خصوصا في صفوف المجموعات المعارضة المستقلة التي رأت في القانون الانتخابي النسبي الجديد فرصة ذهبية لإقتحام النظام الفاسد وصنع تغيير “حقيقي” في الدولة. النتائج كانت مخيبة لآمال من اعتقدوا واعتقدن أن بإمكانهم/نّ اسقاط النظام يوم 6 أيار 2018. بالمقابل، الكثيرون/ات لم يروا/ين أن الانتخابات تمثل فرصة للتغيير أو السبيل الوحيد للخلاص السياسي منذ البداية، خصوصا في السياق اللبناني.

 

تعديل القانون الانتخابي اللبناني

في الدورات الانتخابية السابقة، اعتمد لبنان قانونا انتخابيّا أكثريّا، حيث يـ/تتنافس المرشحون/ات على لوائح مفتوحة، اي أنه بامكان الناخب/ة شطب أسماء من لائحة ما وزيادة أسماء من لوائح أخرى. قسّم القانون الدوائر الإنتخابية الى 26 دائرة تصوت لمجموع 128 عضوا في البرلمان اللبناني. عام 1989 ادخل اتفاق الطائف الى الدستور اللبناني مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في البرلمان،كما خضع عدد المقاعد المخصصة لكل مذهب ضمن الطائفتين إلى كوتا محددة، أي نظام حصص محدّدة.

خفّض القانون الانتخابي الجديد الذي أقرّ في حزيران 2017 عدد الدوائر الانتخابية من 26 الى 15 دائرة، ولكن حجم الدوائر بقي صغيراً نسبيا بشكل يعيق التمثيل العادل. في ظل القانون الجديد، لا يمكن للمرشحين/ات سوى الترشح ضمن لوائح مغلقة، مما يعني انه ليس باستطاعة الناخبين/ات اختيار مرشحين/ات من مختلف اللوائح. بالاضافة الى اختيار اللائحة، يمكن للناخبين/ات اختيار صوت تفضيلي لمرشح/ة واحد/ة فقط على اللائحة التي اختاروها.

توزيع المقاعد ضمن هذا القانون الانتخابي هو عملية معقدة نسبيا. الخطوة الاولى هي احتساب ما اذا نالت اللوائح الحاصل الانتخابي المطلوب أم لا. الخطوة الثانية هي تحديد المرشحين/ات الفائزين/ات من كل لائحة اعتمادا على مذهب المرشح/ة ونسبة الأصوات التفضيلية التي حصل عليها ضمن الدائرة، بما أنّه من الضروري الالتزام بالكوتا الطائفية. وكانت نتيجة هذه الكوتا المطبقة ضمن قانون انتخابي نسبي هي صنع منافسة بين المرشحين/ات المنتمين/ات للمذهب نفسه، على طريقة النظام الأكثري. فالمرشحون/ات المنتمون/ات لطوائف لم تمتلئ مقاعدها بعد من قبل اللوائح المسيطرة تمكنوا من الفوز على حساب مرشحين/ات لديهم/نّ اصوات تفضيلية أكثر ضمن لوائحهم/نّ.1

شرحت زينة عمّار (2018) التعديلات التي طرأت على القانون الانتخابي اللبناني وتبعاتها بشكل مفصّل، موضحة أنّ “القانون الانتخابي الجديد يعطي حظاً اكبر لتمثيل التحالفات الصغيرة، الا ان نسبة نجاح هذه التحالفات ضئيلة.”

 

مراجعة سريعة لنتائج الانتخابات

في حين أنّ الحملات الانتخابية المستقلة المنتمية لما يسمى “المجتمع المدني”2 حاولت خرق لوائح السلطة في هذه الانتخابات، إلّا ان الأحزاب التقليدية الحاكمة نجحت في إعادة انتخابها بالاغلبية الساحقة.

ترشحت حملات “المجتمع المدني” معتقدة أن الفوز بمقاعد في البرلمان سيكون بمثابة ضربة للنظام، ووجود تمثيل له سيسمح للمجتمع المدني أن يراقب السلطة التشريعية، ويقترح مسودات قوانين، ويثبت وجوده في الساحة السياسية كصوت للمعارضة. من وجهة نظر هذه الحملات، بعد الحصول على خبرة من خلال المظاهرات وانتخابات 2016 البلدية، حان الوقت لتوحيد الجهود بين المجموعات وتصعيد المعركة إلى الصعيد الوطني. اعتقدوا أنّ الأداء الجيد والنظيف لممثليهم في البرلمان سوف يعطي الناس الثقة بالمعارضة ويسمح بتمثيل اكبر في الانتخابات النيابية القادمة، إلى ان تصبح المعارضة أكثرية يوما ما.

لذا، نشأت مجموعة “كلنا وطني” ممثلة تحالف شامل لمجموعات مختلفة من حملات المجتمع المدني والأحزاب الجديدة، من ضمنها “لبلدي” التي مثلت فرع من بيروت مدينتي،3 “لحقّي” مجموعة لها شعبية في الشوف-عاليه، “طلعت ريحتكم” أي الحملة التي بدأت مع أزمة النفايات عام 2015، “سبعة” حزب جديد انشأه جاد داغر4 ذو برنامج يدعم خصخصة معظم الخدمات، “مواطنون ومواطنات في دولة” مجموعة يترأسها الوزير السابق شربل نحاس،5 وأخيرا “صح” ممثلة مجموعة من الأعضاء السابقين في التيار الوطني الحر بقيادة زياد عبس6 وآخرين. مختلف المجموعات في هذا التحالف اتفقت على مبادئ سياسية أساسية وأقرت ورقة سياسية مشتركة، ولكن كان من الواضح ان ما جمعها هو اعتقادها أن توسيع التحالف سوف يزيد من حظها في ااختراق النظام أو كسب مقعد في البرلمان.

بالرغم من التحالف الواسع، أحرزت لوائح “كلنا وطني” في 9 دوائر حوالي ال2% من الأصوات في لبنان فقط، في حين أن لوائح “المجتمع المدني” ككل احرزت أقل من 5% من الأصوات. الرابحة الوحيدة من مرشحي المجتمع المدني كانت بولا يعقوبيان، مراسلة سابقة في قناة المستقبل ومرشحة عن حزب سبعة في دائرة بيروت الأولى.7 العديد من الناس حاليا لا يعتبرون هذا الخرق نجاحا، بسبب برنامج حزب سبعة من جهة وبسبب سياسة يعقوبيان و قربها من أحزاب السلطة من جهة أخرى. جدّدت الاحزاب التقليدية التي تحكم الدولة منذ نهاية الحرب الاهلية اثبات سيطرتها على الساحة السياسية المحلية من خلال هذه الانتخابات. بالاجمال، تمّ تفوويت فرصة التغيير المفترضة.

خلال محاولته لخرق النظام، انتهى الأمر بالمجتمع المدني بأن يلعب بحسب قواعد السلطة. حصلت العديد من التصرفات المقلقة الجديرة بأن تناقش. في حين أن الحاجة السياسية لإنشاء تحالفات مفهومة ومبررة، إلّا أن الرؤية الموحدة تشترط على بعض الحملات والمجموعات التي تحمل آراء مختلفة وأحيانا متعارضة مع آراء الناشطين القبول بمواقف رجعية، كالخصخصة والسياسات المعادية للاجئين، مما يؤذي تحركاتنا بدل أن يفيدها. أدّت الجهود الموحّدة للمجموعات المعارضة وتقديم خطاب يرضي شريحة واسعة من الناخبين بهدف الحصول على تمثيل برلماني إلى تهميش الكثير من القضايا.

 

الانتخابات اللبنانية اقصائية بطبيعتها

الانتخابات النيابية في لبنان هي نشاط سياسي غير متاح للكثيرين/ات، فكيف يمكن أن تكون أداة للتغيير؟ تقديم طلب الترشيح وحده يكلّف 5000$، في حين أنّ انشاء حملة انتخابية مرئية يكلف ما لا يقل عن بضع مئات آلاف الدولارات. حتى أن التصويت يعتبر امتيازاً إذا اخذنا بعين الاعتبار العوائق المتعددة في عملية الانتخاب وأنّ غير المواطنين/ات يشكلون حوالي ثلث سكان لبنان.

في لبنان، يُـ/تصنّف الموطنون/ات في سجلات بحسب البلدات، المذاهب، العائلات، والجنس. هذا التصنيف متبع في الانتخابات‘ حيث أن اقلام الاقتراع موزعة بحسب هذه المعايير. تقدم نادين معوض (2018)تفصيل متسلسل لكيفية تصنيف الدولة للمواطنين/ات اللبنانيين/ات وبالتالي كيف يسجلون ويُسجّلن في الانتخاب. يعزّز هذا التصنيف فكرة أن النساء مواطنات درجة ثانية، بما أنّهن يصنفن على سجلات عائلات آبائهن أو أزواجهن ولا يمكن أن يصبحن مستقلات عن “رجل” في السجلات اللبنانية. هذه القوانين تعزل النساء المتزوجات بالذات اللواتي لا يسكنّ في مسقط رأسهنّ ولا في بلدات أزواجهنّ، مما يعني أن عليهنّ السفر الى بلدات ازواجهنّ لكي يقترعن.

التصويت في بلدة المواطن/ة التي نشأ/ت فيها يشكل عائقًا طبقيًّا أيضا، مما يصعّب على المواطنين/ات الذين/اللّواتي لا يملكون/ن وسائل نقل ممارسة حقهم/نّ في التصويت. هذا الموضوع يصب في خدمة الأحزاب التقليدية التي تؤمّن مواصلات لناخبيها بشكل اعتيادي. توجد بعض مراكز الاقتراع في لبنان في القرى والبلدات الصغيرة تحديدا حيث لا يقوق عدد الناخبين/ات المسجلين/ات بضع مئات فقط، مما يسهّل على الاحزاب تتبع أصوات الناخبين والتأكد أنّ مناصريهم/نّ المزعومين/ات (أو من اشتروا اصواتهم/نّ) وفوا/ين بالوعد. لذا، يقع من لا يقدرون على السفر الى بلداتهم/نّ لكي يدلوا/ين بأصواتهم/نّ يقعون عادة بين خيارين: إما أن يصوّتوا/ن للحزب الحاكم في مناطقهم/نّ مقابل بدل مادي و/أو مواصلات أو أن يقاطعوا/ن العملية الانتخابية بأكملها.

وبما ان الانتخابات حق حصري للمواطنين/ات اللبنانيين/ات، فهي تهمّش حوالي المليونين من المقيمين/ات غير اللبنانيين/ات في البلد. نصف مليون لاجئ/ة فلسطيني/ة، وما يزيد عن مليون لاجئ/ة سوري/ة، وبضع مئات الآلاف من العمال الاجانب يعانون/ين من انتهاكات خطيرة للحقوق الاساسية ويستخدمون ككبش محرقة من قبل السياسيين بتعلّة أنهم/نّ سبب خراب الدولة. خصوصا في دولة حيث الإستقرار السياسي مشروط بتوازن القوى (حتى وان كان جزئيا) بين مختلف زعماء الطوائف، تكاد امكانية تأمين الحقوق الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية لغير المواطنين أن تكون مستحيلة. في الواقع، إن وجود اللاجئين/ات السوريين/ات والفلسطينيين/ات في لبنان يستخدم دوريا كذريعة لإشعال النزاعات الطائفية بما ان معظم اللاجئين/ات في لبنان ينتمون/ين الى الطائفة السنية المسلمة. لذا وبطبيعة الحال، بالنسبة لشريحة كبيرة من القاطنين/ات في لبنان، لا تعطي الانتخابات الأمل في أيّ تغيير ايجابي.

يمتدّ عداء الدولة إلى المواطنين/ات اللبنانيين/ات ايضا، حيث أن أيّ عملية بيروقراطية تتضمن تعاملا مباشرًا مع الدولة يمكن أن تكون شديدية الصعوبة بالنسبة لأي مواطن/ة يـ/تنتمي إلى مجتمع الميم، خصوصا لعابري/ عابرات الجندر الذين واللواتي خضعوا/ن لعمليات جراحية تصحيحية. بما أنّ كل الاوراق الرسمية تشير الى اسم الشخص والجنس المحدّد عند الولادة، يصبح التصويت مستحيلا لأي شخص لا يتطابق نوعه/ا الاجتماعي مع الجنس المحدد عند الولادة، حيث يتعرض للاتهام بانتحال الشخصية او العنف اللفظي والجسدي في اقلام الاقتراع.

 

الحملات المستقلة و/او الحلفاء السابقين

هذه الانتخابات كانت بمثابة تذكير بدرجة تهميش هذه المجتمعات، حيث أن النظام يسكت اصواتهم/نّ، و”المجتمع المدني” لا يعيرهم/نّ أي اهتمام بما أنهم/نّ غير قادرين/ات على التصويت. وكانت نتيجة التنافس ضمن قانون انتخابي يتضمن كوتا طائفية وينظم الدوائر الانتخابية بحسب التوزع الجغرافي للطوائف، ان الحملات المستقلة استخدمت خطاباً مقبولاً يتماشى مع النظام ولا يتحدى اكثر بنوده ظلماً. بغض النظر عن نيتها في تجاهل أخذ موقف واضح وحازم من مواضيع كالعلمانية، والسياسات الاقتصادية، والطبقات، وحقوق اللاجئين، وحقوق المهاجرين، وحقوق مجتمع الميم، أصبحت معظم حملات “المجتمع المدني” متواطئة في تهميش الفئات الاضعف في لبنان.

أصبحت حقيقة أن الكثير من الحملات المستقلة لم تحمل خطابا يتناول القضايا والتحركات التي قامت بها المجموعات المدنية الفاعلة منذ سنوات واضحة خلال فترة الانتخابات. أشارت مجموعة من المقالات والبيانات الى غياب الوضوح السياسي واعتماد اللوائح المستقلة على الحملات المتواضعة. نشأت “مستعدين،” مجموعة تصنّف نفسها علىأنّها معادية للنظام اللبناني وعلى خلاف مع المجموعات البديلة الضّعيفة، لتقييم المرشحين/ات المستقلين/ات من خلال معايير سياسية تصفها المجموعة بالتقدمية. ا اصدرت المجموعة موقفا شاملا من الحملات المستقلة والتحالفات غير المبدئية التي تضمنت سياسيين عنصريين، طائفيين، لا يدعمون حقوق المثليين والمثليات وعابري/عابرات الجندر، نيوليبراليين، وفاسدين على لوائحهم بهدف تحقيق مكاسب انتخابية. أصدر مشروع الألف (2018) أيضا نقدا لاذعا لأجندات بعض الحملات والافراد التي تدعي دعم مجتمع الميم، مشدداً على أ إلغاء المادة 534 ليس كافيا أبداً لجعل الفرد أو الحملة مناصرة لمجتمع الميم، مشيراً إلى أن “التّنظير لفكرة أنّ الأشخاص الكوير والتّرانس* لا يهتمون سوى بـ 534 ، لا بأنهم/نّ عرضة للكراهيّة، أوجسّ خفيف ومشمئزّ (أو ثقيل ومُستقطب) هو التّقزيم ذاته. فهو عُلويّ. مهين. والأسوأ – هو خاطئ تماما.”

قوبل هذا النقد باتهامات كثيرة، كخدمة الاحزاب الحاكمة من خلال محاسبة البديل في خضم الانتخابات، مما يقسم صفوف المعارضة ويخفض احتمال الفوز. عوضا عن قبولها النقد من الناشطين/ات، استخدمت بعض الحملات والمرشحين الابتزاز العاطفي والسيطرة لمجابهة النقد الذّي تلقوه. هذا ما حصل عندما أرادوا ربح مقعد مهما تكن النتيجة: ادعاء تمثيل الحركات الموجودة والمضادة للنظام، وتأليف تحالفات تكتيكية تحت اسم “المجتمع المدني” المبهم لتحقيق ارباح انتخابية، وتجنب أخذ مواقف حازمة من المواضيع الحساسة أو دعم الآراء غير المقبولة اجتماعيا، ومهاجمة اولئك/تلك الذين/اللواتي ينتقدون عملهم لتسبيبهم/نّ الأذى لـ”قضيّة” مواجهة النظام.

في مقال تحليلي لنتائج الانتخابات، تشدّد لارا بيطار (2018) على أن “عدم التعاون ورفض التواطؤ في محاولة النظام للحفاظ على نفسه هي واحدة من الطرق القليلة للمقاومة التي تستطيع الطبقة العاملة استخدامها دون خوف من الدولة وميليشياتها.” بكل اسف، في تقييم جماعي وفردي للانتخابات، تمسّكت مجموعة من المرشحين بطرق التخويف، والقت اللوم على الجميع إلّا نفسها على خسارتها. أشار بعض المرشحين من خلال المنشورات على فايسبوك والنقاشات والمقالات إلى ان خسارتهم تعود الى نسبة التصويت المنخفضة، والنقد الذي تعرضوا له من قبل من كانوا يعتبرونهم حلفاء في المعركة الانتخابية، والتجاوزات المتعددة في العملية الانتخابية. القليل من المرشحين قيموا نفسهم بشكل جدّي، او على الأقل شاركوا هذا التقييم مع عامة الناس. عوضا عن ذلك، وصفت معظم التقييمات اولئك/تلك الذين/اللّواتي لم يدلوا/ين بأصواتهم/نّ أو صوتوا/ن للأحزاب الحاكمة على أنهم/نّ يعملون/ن ضدّ مصالحهم/نّ الشخصية، ويدعون/ين أن المعارضة أو “المجتمع المدني” هي مجموعة موحدة بالرغم ان مختلف الحملات التي ترشحت للانتخابات أخذت قرارتها دون استشارة من تعتبرهم/نّ حلفاء وحليفات، ولامت العملية الانتخابية المعروفة بكونها لا تخلو من العيوب والتجاوزات دون التساؤل عن ماهية مشاركتهم في هذه العملية فيما يخص اعطاء الشرعية لها او حتى تحديها إلى أن صدرت النتائج.

 

افكار ختامية

تعتبر انتخابات 2018 صفعة على وجه مجموعات المجتمع المدني التي ترشحت وأملت الوصول الى البرلمان، والتي انتهى بها الامر الى تمثيل 5% فقط من ال1.82 مليون الذين واللّواتي أدلوا/ين بأصواتهم/نّ. ولكنها، رغم ذلك، اظهرت تصرفات ومواضيع كانت مبهمة أو مخفية سابقا. تدور نقاشات كثيرة حاليا حول طرق التنظيم والتمثيل والشرعية والدولة والمجتمع المدني وأهمية اخذ المواقف من الامور الجدلية وكيفية محاربة النظام اللبناني بطريقة فعالة. في حين ان هذه النقاشات كانت تدور سابقا بين المثقفين/ات خلف أبواب مغلقة، إلّا أن العديد من الناشطين/ات والمنظمين/ات يدخلون/ن في هذه النقاشات حاليا، ليس فقط كعصف ذهني، بل أيضا بهدف العمل تجاه انشاء مجموعات بديلة شاملة وبنّاءة.

بالرغم من العيوب النظامية والمتأصلة في الانتخابات كنهج، من الممكن رؤيتها كطريقة عملية ومنبر للمشاركة السياسية، وإن لم تكن الطريقة الوحيدة. تمثّل الانتخابات فرصة للدعاية والضغط في فترة يكون فيها الشعب متقبلاً ومنتبهًا. ولكن استغلال فرصة كهذه يحتّم استخدام خطاب ايديولوجية واضحين و، و/أو حملة لا تقدم تنازلات خوفا من خسارة الاصوات، وتكون شاملة للمجموعات المهمشة من خلال الخطاب والممارسة. هذا ما يفرض توسيع منظارنا حول الانتخابات الى ما وراء مجرّد الترشح والتصويت، إلى شمل نقد النظام وحملات المقاطعة وانتاج خطاب بديل شرعي عن أهمية الممارسات التشاركية.

 

  • 1. في زحلة حيث أدلى 94082 مقترعا/ة بأصواتهم/نّ، فاز المرشح عن المقعد الارمني الاورثودوكسي رغم حصوله على 77 صوت تفضيلي فقط لأن كل المقاعد الطائفية الأخرى كانت قد امتلأت من قبل مرشحين/ات من لوائح اخرى.
  • 2. أصبح مصطلح “المجتمع المدني” في لبنان متداولا في ظل الانتخابات النيابية. إحدى معانيه أن المجتمع المدني في لبنان يتضمن أولئك الذين لم يخوضوا الحرب الاهلية (1975-1990) وتنظموا في فترة ما بعد الحرب من خلال الجمعيات غير الحكومية لا من خلال الانتساب الى الاحزاب الطائفية. في بعض التعريفات، “مدني” في المجتمع المدني يقابلها “عسكري،” وهو يتضمن الاحزاب السياسية الى جانب الجمعيات، فيما آخرون يعرفون “مدني” على أنّه المجموعات خارج النظام التي تراقب الدولة. على خلفية الانتخابات، تطور مصطلح “المجتمع المدني” ممّا كان يسمى “الحراك المدني” عام 2015 ضد ازمة النفايات. احد مشاكل استخدام هذا المصطلح المبهم خلال الانتخابات أنّه سمح لمرشحين ومجموعات عرفت بال “مجتمع المدني” الاستيلاء على المصطلح، والادعاء أنها تمثل القوى المعارضة التي تنظمت خلال السنوات الماضية. على سبيل المثال، سبعة، حزب نيوليبرالي أنشأه رجل أعمال عام 2017 استطاع ان يدعي تمثيل المجتمع المدني من خلال استخدام خطاب بسيط ضد الفساد وصرف ملايين الدولارات للبروز في الواجهة.
  • 3. مجموعة سياسية مدنية نشأت كحملة انتخابية عام 2016 في الانتخابات البلدية في بيروت. شوهدت الحملة كبصيص امل في لبنان، خصوصا لأنها استطاعت الحصول على 40% من الاصوات في وجه لائحة موحدة لأحزاب السلطة.
  • 4. عضو سابق في حزب الكتائب، معروف بأنه رجل أعمال ثري وداعم مزعوم للنظام السوري حيث كان يقدم له تمويلا عام 2014. انشأ حزب سبعة عام 2017 وهو يشغل منصب امينه العام حاليا.
  • 5. شربل نحاس تولى منصب وزارة العمل كجزء من كتلة الاصلاح والتغيير. انشأ مجموعة “مواطنون ومواطنات في دولة” التي ترشحت لانتخابات 2016 البلدية في بيروت. يشغل حاليا منصب الامين العام لهذه المجموعة.
  • 6. زياد عبس كان عضو اساسي في التيار الوطني الحر لسنوات، وتولى رئاسة فرع التيار في بيروت. لعب دور قيادي في انشاء وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله عام 2006. تم طرده من التيار اثر خلاف تنظيمي مع القيادة. انشأ “صح،” مجموعة من العونيين السابقين الذين انضموا الى تحالف “كلنا وطني.” اثار هذا الموضوع ردة فعل عنيفة بين الناشطين بسبب تهجمه على عمال شركة كهرباء لبنان المضربين عام 2012، وموقفه المعادي للاجئين، وخطابه الطائفي، واهتمامه بقطاع النفط والغاز المثير للشكوك.
  • 7. دائرة انتخابية من 8 مقاعد بمعظمها مسيحية، حيث ان كل المقاعد فيها مخصصة للمسيحيين.
ملحوظات: