الحبّ في زمن الأيور الرّخوة

تحذير‬ ‫المحتوى: 

تحذير عن‬ ‫المحتوى‬‫!

محتوى جنسي صريج، لغة حادة، تصوير للعنف.
مناسب لجماهير ناضجة.

السيرة: 

صوفي شمّاس طالبة دكتوراه في دراسات الشرق الأوسط في جامعة أكسفورد. تركّز أطروحتها على إنتاج المعرفة والخطاب في المجتمع المدني اللبناني. وهي أيضا كاتبة نصوص خياليّة وغير خياليّة إبداعيّة وشعر. وقد ظهرت مقالاتها في The State وWherever Magazine وThe Towner و The Outpost و Mashallah News من بين غيرها من المنشورات.

اقتباس: 
صوفي شمّاس. "الحبّ في زمن الأيور الرّخوة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 3 عدد 2 (2017): ص. 257-261. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 29 مارس 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/love-time-of-limp-dicks.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (420.23 كيلوبايت)

cover-issue-6-2.jpg

Sex, Desire, and Intimacy 2017 ©

Artwork: Amy Chiniara

شخِّصيني

أطلبُ من حبيبي مغادرة المنزل قبل عشرين دقيقة من موعد اتّصالي بالمُعالِجة. وقتٌ كافي لضمان أنّه ذهب منذ فترة طويلة قبل أن أفكّ كمّامة التأمين عن فم ذهني وأبدأ في إفراز اللّعاب النفسي، عابقة برائحة جنوني.

أنا أعيش في دبي التّي غادرتها مُعالجتي مؤخّرا، مثلما يفعل معظم من مقيميها/اتها في نهاية المطاف. عادت إلى بلدها الأصلي بلجيكا. أنا لا أعرف أين بالضبط. لم يهمّني أبدًا أن أسأل. أظنّ أنّها قايضت الاستقرار بالبيت، كما آمل أن يـ/تفعل مغتربين/ات هذا اللّامكان أصحاب/صاحبات الامتيازات في نهاية المطاف. هل يجلب الاستقرار شيئا سوى الخدر؟ أعتقد أنّها أدركت أنّ المال والأمن لا يمكنهما علاج الأرق.

بإمكان دبي حقّا بناء أيّ شيء. جزر اصطناعيّة. حانات بريطانية كاملة مع مديرين/ات بريطانيّين/ات كاملين/ات لن يسمحوا/ن لك بجلب فولك السّوداني الملعون إلى حفرتهم في الجدار الخالية من الأكل. منحدرات التزلج في الأماكن المغلقة كاملة مع طيور البطريق تمصّك بعمق شديد في التّظاهر حتّى تنسى أنّه لا يوجد هواء للاستنشاق وراء قبّة الجليد هذه، وراء المركز التجاري، وراء مكيّفات الهواء في سيّارات الدجيب. على الرّغم من ذلك، ليس بإمكانها بناء الألفة. لا يمكنها تزييف الأحشاء. لا يمكنها أن تزرع على نهايات أعصابي ذاك الشعور الذّي يأتي من الجلوس في مكان جلس مع نفسه لفترة طويلة.

فنتحدّث عبر السّكايب، أنا ومعالجتي. وأقول لها أنّني لا أستطيع الخروج من رأسي لفترة طويلة بما فيه الكفاية للسماح بالله لنفسي بأن أُضاجع. أيّا كان معنى ما أقول. فتضحك. أطلب منها عدم تشخيصي بالتّأثيرات العربية أو المسلمة أو أيّ نوع آخر من الذنب الاجتماعي، مُستبقة محادثة قد تفقدني اهتمامي وتدمّر ترتيباتنا. أمّي تأخذني إلى طبيب النساء لكي تجري اختبار المسح والالتهابات المنقولة جنسيّا وتسألني عن أحجام القضيب. وهي ليست ليبرالية أو يسارية أو نسوية أو لبنانيّة/مسلمة/شيعيّة كارهة لنفسها. هي مجرّد أمي. هي لا تفسّر نفسها باستخدام “لماذا” ايديولوجية و”لأنّ” أخلاقية. إنّها فقط تعطيني ما لم يكن لديها.

تسألني المعالجة لماذا ألقي باللوم على نفسي، ولماذا أعتقد أن أجزائي لا تعمل بشكل صحيح، أنّ جنسي مكسور، وأنّ جسدي لا يعرف كيف يشعر. وتقول إنني لم ألتقِ الشّخص “الصحيح” بعد، الشخص الذّي سيعرف كيف يضاجعني. الذّي سيعرف كيف يضاجع الضّجيج فيخرجه من رأسي أو يدخل الهدوء فيه. الذّي سيبعد الأفكار كما يزيح الشعر بعيدا عن وجهي ويثنيها في الخلف في صمت مؤقت وعميق لوسادة كتومة، سامحًا لي أن أشعر بشيء ما دون تعليق. في وقت لاحق من الحياة، سأكتشف لاكان وأتعلّم أنّ كلّ رغبة هي تزييف، أو تبديل غير مطابق لمواصفات حقيقية لا يمكن الوصول إليها، وسوف استرخي أخيرا داخل جلدي وأعضائي التناسلية وخيارات حياتي. وسوف أدرك أنني لا أنتظر أحدا غيري لفهم الخيال كشريان حياة، والشوق كتنفّس، وعدم الرضا كداسر دائم يدفعني دائما وإلى الأبد إلى صيرورات جديدة.

 

أُحببني كما يُحِبّ السّيد دارسي، وضاجعني كما يصوّر غاسبار نُويه في أفلامه

لم أنتَاك أبدًا. ليس بتلك الطّريقة الخامّة، الحيوانيّة، حيث تصطدم الأجساد وتتلوّى وتدور حول بعضها البعض بسرعة، كما تمجّدها الأفلام الإباحيّة. ولم يُمارَس الغرام معي أبدًا أيضا بتلك الطّريقة التّي ترسمها جاين أوستن والأخوات برونتي، حيث يجتمع الجسم والرّوح، وأصاب بالذّهول التّام، حيث ترقص الأيادي والشّفاه والأقدام، حيث تذوب كلّ العيوب في الهواء وحيث لا وجود للسّائل المنوي ولا وجود للضرط المهبليّ والشّرجي، وحيث لا تصطدم الرّؤوس ولا يوجد الشّعر في أماكن غريبة من الجسد، ولا تصفع الخصيتان ألْيتيْ مؤخّرتك، ذلك الشّعور الذّي تكرهين نفسك لأنّه يروق لك. ما من شيء أقلّ رومانسية من الخصيتين.

أنا فقط مارست الجنس. فقط ذلك الدّخول والخروج والآن انتهى الأمر ولا تنسى أمري ولا بأس احتكّ بي حتّى أشعر بقرصة من المتعة، ولكن مجرد قرصة دون فقدان السيطرة، وأنا مشدودة طوال الوقت لأنّك لم تعطيني أيّ سبب لتخفيف الشّد في داخلي – مجازيّا، صوريّا، ما الفرق؟

أنا لا أعرف حتّى إذا كنت أهتمّ بالجنس. أنا أحببت شخصًا ذات يوم. وكان عاجزا جنسيّا معي. ما زلت غير متأكّدة تماما من السّبب. ولكنّني أعتقد أنّه كان بإمكاني أن أمضي حياتي معه، وهو يمسك بوجهي بين راحتيه كما كان يفعل كأنّه سيشرب ملامحي كلّها، كما لو كانت لدينا فرصة واحدة فقط لكي نكون معًا، كأنّه، لثانية، لم يكن مهمًّا أنّني لسبب ما جلبت فيه أيرًا رخوا، ولا ما عناه ذلك عنّي وعنه وعن هذا الضّغط الذّي يضعه العالم علينا لأن نكون أنواعًا معيّنة من العشّاق.

كان يبقى لابسًا قميصه. ربّما لأنّه كان نحيفًا جدّا. كان حوضه العظميّ يضغط على فخذيّ الأكثر لحمًا. في وقت ما، توقّفنا عن المحاولة. توقّفت عن الرّغبة بذلك. كان يبقى لابسا ملابسه الداخلية. وكنّا نفرك أعضاءنا الواحد على الآخر. كلّ ما امتلكناه من طاقة، كلّ ذاك الحب والقلق والخوف، ارتكزوا، على ما أعتقد، في الفضاء بين وجهينا، في الفجوات بين راحتي يديه ووجنتيّ، في جيوب هواء ضيّقة بين شفاهنا المضغوطة معًا بقوّة في قبلة نوبة غضب، ممثّلين إحباطهم مع الفيل المضنى في الغرفة.

يـ/تريد كلّ معالجيّ/معالجاتي دائما الحديث عنه. ولكنّني تحدّثت عنه بما فيه الكفاية. لا تأتي كلّ العلاقات مع ختامها، وما تُرك غامضًا وغريبًا ومتأذّيًّا حين أطلق قبضتيه من وجهي، بقي كذلك لسنوات لاحقة، ولن يستطيع أيّ قدر من الحديث عنه أو عن سلسلة القرارات السّيئة التي أخذتها في أعقاب العلاقة أن يجلبني إلى مكان أقرب من تعريفات العالم للـ”طبيعيّ.” لقد أحببته وأحبّني هو بدوره وشيء ما في الطّريقة التّي أحببته بها والتّي أحبّني بها أصابه حرفيّا بشلل ما يسمّى “عُضو الحبّ.” أخصاه. أسقطه نيّئًا ومرنًا، وأخزاه أمام التجويف المؤدّي إلى حميميّتنا، غير قادر حتّى على الزّحف إلى داخله.

 

بإمكانهم الزّيارة في الدّش فقط

أنا استرجز إلى ذكريات رجال لم أرد أبدا مُضاجعتهم. خارج الدّش، أصرف الأفكار عنهم من رأسي، بينما يتشنّج جسدي تذكيرات اشمئزازيّة عن حميميّة لم أردها أبدًا.

ولكن تحت الدّش، يسترخي فخذاي ترقّبًا للحصول على الإثارة من ذكرى جنس أقرفني في الماضي. فأفتح وأدوّر رأس الدّش، وأغلق عينيّ بإحكام مركّزة في تانترا1 مزيّفة وأنا أحاول عزل صور أفعال الجنس الماضية عن المشاعر التّي تُنكّدها.

هناك شيء ما عن إعادة إنشائها بعد التّخلّص منها، بعد إفراج قبضة الرّجال اليائسة عو وركيّ، أولئك الرّجال الذّين التمست محبّتهم كترياق لكره ذات لم يفعلوا سوى تعميقه، كما تفعل الأظافر القذرة التّي تنتف شعرة بالكاد نمت.

هناك شيء ما عن المياه المتدفّقة ضدّ وجنب صورة وصوت خصيتيهم التّين تصفعان مؤخّرتي باستثارة، بينما تنسحب أحشائي إلى داخلي مع وزن رغبتهم في الاشباع الجنسيّ غير المرتوية إلى حدّ الآن، وعدم مرغوبيّتهم تُقشّر أيورهم مثل الجرب، وهي تفرك جدار مهبلي.

يكتم الماء النّفور، أو ربّما يضخّمه إلى درجة الايروتيكيّة. أنا لست متأكّدة تماما. لست متأكّدة بأيّ منهما أودّ أن أقتنع.

 

سياساتك تثيرني

كانت أكثر من قصة إينستاجرام بقليل.

لكنّها صرخت في بنطالها الدّاخليّ، حين رأتك أشعثا، أهلبا، رجلا كبيرًا تبدو كلّ منحنيات ومنطويات لحمه مثل الثقة التّي تدفع نفسها نحو الوجود المرئيّ – كإشارة بإصبع وسطى دهنيّة تتحدّى معايير الجمال التّي تعيّن رأس المال الاجتماعي في هذا البلد الذّي تخلّى عنه العقل.

من المؤكّد أنّها لاحظت ازدراءك لمعظم الأجناس الإنسانيّة والنّابيّة مضغوطًا في ذراعيك المطويّتين، التين ترتخيان فقط لرفض كلّ شيء يقوله أو يحبّه أو يفعله الجميع، بتلويحة لطيفة بشكل غير معهود.

الأناقة الاشتراكية تبدو رائعة على إنستاغرام. قليلٌ من الرّاديكاليّة وقليل من “ضاجعني يا ماركس،” من شأنهما أن يفعلا العجائب لتلك النّفس المجموعة معًا خلال الصدمة الاجتماعية والثقافية والرّوعة.

في اتّساع اصبعين ممدودين، مسمّرين بدقّة مع رسم كرة ديسكو مبتذلة، تأطّر المنجل والمطرقة.

فكّر في الاعجاب. فكّر في التّنهّدات. فكّر في الحانقين/ات والمُثارين/ات.

نعم، كانت سياساتك تُثيرها. أرادت أن تُحنقك وتُثيرك. كانت على حدّ السواء شخصًا ولا أحد – حلقة مزاج إنسانيّ تتحوّل لتتناسب مع الظّلال المتغيّرة للشّعبيّة.

ولكنّني لست أداءً. لدينا شيء واحد مشترك على الرغم من ذلك، أنا وهي – الجوع لرجولة الحطّابين التّي تجعلها السّياسة الجيّدة مقبولة – ضاجعنا على طريقة الكلاب، اصفع مؤخّراتنا الممتلئة، أقرص خصورنا النّحيفة إلى أن تصير حمراء، وضع كدمات على حلماتنا دون أن تجعلنا نكره أنفسنا. ولكنّني لست أداءً.

  • 1. نوع من التّأمّل الجنسيّ النّابع من الكتب المقدّسة البوذيّة والهندوسيّة.
ملحوظات: