سجلّات شرموطة مصريّة شابّة

تحذير‬ ‫المحتوى: 

تحذير عن‬ ‫المحتوى‬‫!

محتوى جنسي صريج، لغة حادة، تصوير للعنف.
مناسب لجماهير ناضجة.

السيرة: 

ليلي ن. هي كاتبة وباحثة نسويّة مصريّة، مهتمّة بتحدّي المفاهيم السّلطويّة للجندر وبالحديث عن الجنسانيّة.

اقتباس: 
ليلى ن.. "سجلّات شرموطة مصريّة شابّة". كحل: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر مجلّد 3 عدد 2 (2017): ص. 245-252. (تمّ الاطلاع عليه أخيرا في تاريخ 29 مارس 2024). متوفّر على: https://kohljournal.press/ar/chronicles-sharmouta.
مشاركة: 

انسخ\ي والصق\ي الرابط اللكتروني ادناه:

انسخ\ي والصق\ي شفرة التضمين ادناه:

Copy and paste this code to your website.
PDF icon تحميل المقال (PDF) (388.91 كيلوبايت)

cover-issue-6-2.jpg

Sex, Desire, and Intimacy 2017 ©

Artwork: Amy Chiniara

تُنشر هذه السجلات دون الكشف عن هوية كاتبتها – وسبب ذلك ليس من العار أو النّدم الشخصيّ. جزء كبير منّي يودّ أن أضع اسمي على هذا المنشور كخطوة أخرى تجاه الاستعادة العلنية لجنسانيّتي وجسدي. ولكنّ هذا ليس من طبيعة كيفيّة عمل العار. لدى العار العديد من الطبقات والأغراض. فغرضه وعمله مجتمعيّان. أنا لا أحمل عاري فقط، ولكن أحمل أيضا عار الآخرين والأخريات. عدم كشف الهويّة هذا من أجلهم/نّ – عائلتي وأصدقائي. ولذلك، تم تغيير جميع الأسماء.

كنت في الخامسة من العمر عندما وجدت شيئا مثيرا في كيفية أخذ درجة حرارتي شرجيّا. وأذكر أنّني مرّة، حين كنت وحدي، لمست فرجي باستخدام ميزان الحرارة. لم أكن أفهم أيّ شيء عن الجنس، لم تكن لديّ أيّة كلمات لتحديد الإثارة الجنسيّة أو التعبير عنها في ذلك الوقت. ولكن من سنّ الخامسة، عرفت بالتأكيد أنّني يجب ألّا ألمس نفسي سوى حين أكون بمفردي. عرفت أنّ هناك شيئَا مخجلًا عمّا كنت أفعله.

في الثّامنة، كانت قبلتي الأولى. كنت أقطن في نيويورك في ذلك الوقت، وأتت فتاة من الصّف الثّالث لموعد لعب معي. متصحّفتين بعض المجلّات، قرّرنا أن نحاول تقليد صور النّاس المقبّلين بعضهم البعض. تلاثمنا، بعد أن أغلقنا الباب طبعا. لم نتحدّث عن الأمر أبدا بعد ذلك.

في نفس العام، قرّر والديّ أنّهما يريدان العودة إلى مصر.

في التاسعة، كنت أعيش في القاهرة بشكل دائم. كنت قد بدأت للتّوّ مدرسة جديدة. اعتقدت أنّني مميّزة لأنّني قدمت من الولايات المتحدة. ولكنّني لم أكن مميّزة. كان ذلك بعد عام من أحداث الـ11 من أيلول/سبتمبر. كانت التّوترات عالية، وكانت الأمركنة تعطن من خلال كلّ ما أقوله وأفعله. حاولت من ثمّة أن أنسى الأمركنة كلّها.

كنت معجبة بصبيّ في صفّي. كان لطيفا، ولكن خجولًا. لم أكن خجولة. لقد تأكّدت من معرفته أنّني معجبة به. طلبت من أصدقائه إخباره، وتركت رسالة في حقيبته. لكنّه وجد أنّ أفعالي “عيب” وطلب منّي التوقف. وقال أنّني أجلب العار له ولنفسي.

في عيد ميلادي التالي، أرسلت لي خالتي كتابا عن البلوغ من الولايات المتحدة. وصف الكتاب التّغييرات المختلفة التي تمر بها الفتيات عادة؛ كان هناك رسم هزليّ على كيفية تحوّل الثدي وشكله، ودليل بصريّ عن كيفية إيلاج سدّادة قطنيّة أو استخدام فوطة صحّية. أحضرت الكتاب إلى المدرسة لكي أريه لصديقاتي. كنّا نعلم أنّه علينا تصفّحه سرّا لأنّ النّظر إلى صور الثدي والفرج عيب. بعض الفتيات لم يعرفن أنّنا سنبدأ في الحيض كل شهر. بكت إحداهنّ عندما اكتشفت ذلك. ونظرا لأنّ جميعنا كان لديه الكثير من الأسئلة، أخبر عدد قليل منّا أمهاتهنّ، اللّواتي اتّصلن بدورهنّ بأمّي كي يصرخن في وجهها. في المقابل، صرخت أمّي في وجهي.

بعد بضعة أشهر، أتت دورتي الشّهريّة الأولى. كنت في الصف الخامس وكنّا عند نانا1 للاحتفال بعيد الأضحى. كنت قد استيقظت للتو من قيلولة وذهبت إلى الحمّام لأجد الدّم في ملابسي الدّاخلية. طلبت والديّ. أتى والدي وكان متحمّسا لرؤية هذا الدم. كنت قد أصبحت امرأة، على ما يبدو. نانا تحبّ أن تخبر هذه القصّة كلّ عيد، وهي على يقين أنّ طبخها هو الذّي جلب دورتي الشّهريّة الأولى.

في المدرسة، قلت للفتيات أنّني قد بلغت. سألنني إذا كان ذلك مؤلما. كان لدينا درس دين في ذلك اليوم، ولكنّ الفتيات قلن لي أنّه لا يسمح لي بالحضور لأنّني كنت نجسة، وأنّ ذلك حرام – خطيئة. لذلك قضّيت الحصّة أجلس خارج الصّف. بعد ذلك، سألني السيد يوسف، معلّم الدين، عن سبب غيابي عن الصف، وأخبرته أنّها دورتي الشّهريّة، ولذلك لم يكن الحضور مسموحًا. فقال لي أنّ ذلك ليس صحيحا وأنّه مرحّب بي دائما في الصف. وبطبيعة الحال، كان لا بدّ له من تذكيري أنّه ليس من المرحّب بي في مسجد المدرسة. وأنّ ذلك حرام فعلا.

في العام نفسه، كنت مع البعض من صديقاتي نخطّط للخضوع لتجربة الأداء في المدرسة من أجل برنامج المواهب. تعلّمنا الكوريغرافيا لأغنية بريتني سبيرز تحت العين الساهرة لصديقة لقّنتنا إيّاها. في اليوم السّابق لتجربة الآداء، تلقّيت مكالمة أبلغنني فيها أنّهنّ لا يعدن يردن الأداء بعد الآن، لأنّهنّ يعتقدن أنّ الحركات شديدة الإثارة، وبالتّالي، فهي عيب. كنت غاضبة، فقلت، “طيّب ماشي. باي!” وأغلقت السّماعة. في اليوم التالي، ذهبت إلى المدرسة فقط لأعرف أنّ الفتيات قد أخبرن الصف بأكمله أنّني أغلقت عليهنّ السّماعة لأنّني أردت أداء تلك الرقصة. كما أنّهنّ، على سبيل الانتقام، أخبرن الصبيان أنّني قد حضت لأوّل مرّة تلك السنة. فجأة، كل شيء عنّي كان عيبًا، وعالجني جميع من بالصّف بالصّمت لبقية العام الدراسي.

بعد سنة من ذلك، كنت وزميلتي بالصّف، سارة، نقبّل احدانا الأخرى ونتغازل بانتظام. كلّما كنا في شقة شخص ما، كنّا نجد وسيلة للابتعاد عن بقية الفتيات حتى نتمكن من القيام بذلك. كانت شفاهها شديدة النّعومة، وفي المرة الأولى التّي تلامست فيها ألسنتنا، فاجأني الأمر لعدم استعدادي له. كانت تلك الإثارة غريبة عليّ – ولم أرد أن يتوقّف ذلك الشعور. كنّا دائما نميل إلى الذهاب أبعد قليلا، إلى أن نلمس إحدانا الأخرى. لقد توقفنا دائما قبل أن نصل تحت ملابسنا. كان ذلك حدّنا. كان ذلك خطّنا الخاصّ المحدّد للعيب.

أنا لا أذكر كيف أو لماذا توقفنا عن المغازلة. لم نتحدث أبدا عن ذلك، إلى حدّ أنّني اعتقدت أنني تخيّلت كلّ شيء لأنني لم أستطع الحديث إلى أيّ شخص عن الموضوع، خصوصا إليها.

لكن لم يكن من الممكن أنّني تخيّلت شعور تلامس ألسنتنا لأوّل مرّة.

بحلول الوقت الذي صرت فيه في الثّانية عشر، كان ثدياي قد نموا بشكل ملحوظ. وفجأة أيضا نمى اهتمام أساتذتي بجسدي.

عند عودتي إلى المدرسة بعد العطلة الصيفية، أراد الأستاذ يوسف، معلّم الدين في الصف الخامس، أن يخبرني بأنّه يبدو أنّني قد “كبرت بشكل ملحوظ” وأنّ “مظهري جيّد.” كان قد حاصرني على الدّرج. في يوم آخر، كنت على وشك الخروج من الصّف من أجل فترة الاستراحة، عندما أشار المعلم بلطف أنّني قد نسيت سترتي ورائي. وصدفة، كنت أرتدي قميصا بلا أكمام.

في وقت ما من ذاك العام، طلب مني أستاذي المغترب الأبيض، السيد بيتر، أن أبقى بعد الصف لأنه يحتاج إلى التحدث معي. يبدو أنّ بعض الأولاد (وأمهاتهم) قد اشتكوا جماعيّا عن ثيابي. وأوضح، على سبيل المثال، أنّ قميصي كان قصيرا وأنّ بالإمكان رؤية معدتي وظهري، خصوصا عند انحنائي. ثم سألني لماذا أرتدي هكذا ملابس. هل أحاول الحصول على اهتمام الأولاد؟ هل أحاول إثبات شيء ما؟ هل هناك شيء ربما أحاول تعويضه؟ نظرا لأنّه درس قليلا من التحليل النفسي، فقد اعتقد أنّ بإمكانه “مساعدتي.”

هذا المعلم نفسه، السيد بيتر، عاب رفيقي وشكى من والديها عندما جاءت إلى المدرسة مع الحجاب لأول مرة بعد بضعة أسابيع.

كنت في الـ13 عندما أردت أن ألعب لعبة تسمى “سبع دقائق في الجنّة.” تشمل اللعبة شخصين يتم اختيارهما عشوائيا ليبقيا معًا في مكان خاصّ لمدة سبع دقائق ويقوما بكلّ ما يريدانه. اقترحت اللعبة على مجموعة صغيرة. كنّا فتاتين وصبيّين. حصل باسم على اسمي، كما كنت آمل، وتقرّر أنّني وباسم سننفرد أوّلا. لذلك ذهبنا إلى جزء غير مخفيّ تماما من المدرسة وجلسنا معًا. ربما قضينا ستّ دقائق ونصف في انتظار عصبيّ. ثمّ قبّلني باسم، وفي الوقت نفسه وضع يده داخل صدري. مضى الوقت بسرعة كبيرة. وحين حان دور الثّنائي الآخر، قالت الفتاة إنها لا تريد المضيّ قدما في اللّعبة بعد الآن.

لم تحصل بيننا قبلة، باسم وأنا، بعد ذلك، لكنّنا كثيرا ما دردشنا عنها على MSN. سألني ذات مرة إذا كنت قد لمست نفسي. أجبته بنعم. ثم طلب مني أن أفعل ذلك بينما كنا نتحدث وأقول له كيف أشعر. قلت له أن يفعل الشيء نفسه.

لا أتذكر كيف أو متى حصل ذلك بالضبط. ولكن بدا كأنّ جوقة من الناس يدعونني شرموطة عندما كنت أدخل الصّف، أو في منتصفه، كلّما خرجت من المدرسة، كلّما مشيت في شارع بجوارها. كنت أدرك جيّدا أنّ عددا من زملائي (وأمهاتهم) كانوا مستاءين منّي – ماذا أرتدي، كيف أتصرّف، ما أقوله. لكنّنا كنّا قد دخلنا منطقة غير محدّدة.

ذات مرّة، خلال نقاش في الصف، أعربت عن رأي يبدو أنّه غير محترم. كان أحد زملائي غاضبا جدّا إلى درجة أنّه وقف في وسط الصفّ وصرخ في وجهي: “أنت لا تنتمين إلى هنا! أنت لست مصريّة حقيقيّة أو مسلمة حقيقيّة!”

في هذه اللحظة، تمكّنت فقط من الضحك على مدى غضبه. ولكنّ ما قاله قد أصاب عصبًا منّي. كلّ ما فعلته كان مرتبطا باحترامي كفتاة، وقبولي كمصريّة ومسلمة. فقد تطرّق انفجار أعصابه إلى شعوري بالشكّ في نفسي وبعدم الانتماء. ولكنّني كنت مصرية، وكنت مسلمة. أليس كذلك؟

في الـ14، كان لي حبيب جديد اسمه مروان. كانت أمي قد سمعت عن حبيبي الجديد وحاولت بمحبّة أن تشرح لي لماذا يجب أن نكون حذرين حول ما نقوم به جسديا. أنت لا تريدين أن تكوني مثل جورب مستخدم أو قطعة مستعملة من العلكة.

بعد فترة وجيزة، قمت بممارسة الجنس الفمويّ للمرّة الأولى. كان ذلك في حفل عيد ميلاد أختي الذّي أقامته في المنزل. كان هناك عشرات الأشخاص، لكنني خططت لذلك مسبقا. أردت أن يكون حبيبي الجديد في غرفة نومي، على سريري. كانت أمي دائما تبقي على مفاتيح غرف النوم مخفية، لكنها كانت خارج المدينة وفتشت غرفتها بامعان للعثور على تلك المفاتيح حتى أتمكن من اقفال الباب علينا. عندما وجدت المفاتيح أخيرا، أحضرته إلى غرفتي، أقفلت الباب، وأخيرا تعرّينا تماما أحدنا أمام الآخر. كان مذاق منيّه مقرفا.

كاد السيد بيتر يقبض علينا متلبّسين نقبّل بعض في مدخل مخفي في المدرسة. كنا قد سمعنا شخصا قادما فتوقفنا مؤقتا. لقد وجدنا نقف بحرج ودون هدف، وثارت ثائرته. لقد “اتهمنا” بالملاطفة في المدرسة وأكّد أن هذا أمر غير مقبول، “مذكرا” أنّنا في مصر. وبطبيعة الحال، نفينا كل شيء. لم يكن قد رأى شيئا. لم يكن لديه أيّ دليل. أصرّ على أننا نكذب وقال لنا أنّنا سوف نحصل على توبيخ رسمي على سجلات مدرستنا. ثم غادر.

في اليوم التالي، كان لدينا مدرّسة معوّضة (بيضاء ومغتربة)، كانت تعرفني وتستلطفني، وخلال فترة الراحة سألتني إذا كنت قد سمعت عن الثّنائي الذّي أمسكوا به أثناء الملاطفة. على ما يبدو كان ذلك موضوعا ساخنا للمناقشة في صالة المعلمين، مع الجميع يتناقش حول ما إذا كان ينبغي معاقبتهما أم لا. أخبرتني بأنّهم لم يعرفوا أسماء الطلاب. لذلك، بالطبع، تظاهرت بالغفل. قاسمتني أفكارها حول كون مصر قمعية جدّا عندما يتعلق الأمر بالحميمية، وأنّ مدرستنا الدولية الخاصة يجب أن تكون ملجأ لهؤلاء الأزواج ليكونوا قادرين على أن يكونوا معا.

ها أنا ذا. موضوع النقاش بين أحد المغتربين يحاول إنقاذ ثقافتي، وواحدة أخرى تحاول إنقاذي منها. و طوال الوقت، كنت أتساءل أين سيكون مكاني الجديد للملاطفة.

حمّام الفتيات. كان المكان مثاليّا لأنّه قريب – لم يكن في الواقع مثاليّا، ولكنّه سيفي بالغرض. كنا في صفّين مختلفين، لذلك كنا نرسل رسائل نصّية قصيرة وننظّم مواعيدنا في غرفة الحمام. كنّا عادة نخطّط للقاء خلال درس الدين لأن المعلمين لم ينتبها إلى غيابنا لبعض الوقت. كنت أصرّ على أن نلتقي في حمام الفتيات؛ كانت تلك هي استراتيجية الحماية. لسبب ما، شعرت بأمان أكثر فيه من حمّام الصبيان. ربما ظننت أنّ اللّوم سيقع على الرجل القادم إلى حمام الفتيات إذا تم القبض علينا؟ لا أعرف. كان وهم الأمان كلّ ما أحتاجه كي أنزل على ركبتيّ في غرفة الحمام وأمتصّه. استغرق الأمر بعض الملاطفات حتّى وجدنا طرقًا لإخفاء الأمر وعدم إثارة فوضى. في المرة الأولى، قذف على تنّورتي ، فكان عليّ أن أغسلها، ثم مشيت إلى الصّف مع بقعة مياه ضخمة. في المرّة التالية، قذف في جميع أنحاء الحمام، لذلك كان علينا تنظيفه. في نهاية المطاف، تمرّسنا وصرنا إمّا نمسك بالمناديل الورقية في الوقت المناسب، أو كنت أبلع، حسب مزاجي.

كنّا، مروان وأنا، نتخاصم ونتصالح. كانت العلاقة سيّئة، ولكن الجنس كان جيّدا. على الرغم من أننا كنّا منفصلين، كنا لا نزال نتغازل. في عطلة نهاية الأسبوع، كنّا في منزل بعيد لأحد الأصدقاء على الشاطئ. كنّا، مروان وأنا، نواجه صعوبة في العثور على مكان خاص للانفراد. كنا يائسين لوضع أيدينا الواحد على اللآخر. في صباح أحد الأيام، كانت مجموعة منّا ملقاة وغافية في غرفة النوم. كان أحدنا جنب الآخر، نتقاسم السرير مع شخصين آخرين. استيقظنا وبقينا نحدّق أحدنا في الآخر. وضعنا أيدينا في بطء وهدوء كلّ منّا في سروال الآخر، وبدأ كلّ منّا يلاعب عضو الآخر. أحببت أخيرا الشّعور بأصابعه داخلي. انتشينا في نفس الوقت. حاولنا أن نكون هادئين قدر الإمكان كي لا نثير الضّجة حولنا. اتّضح، على الرغم من ذلك، أنّ شخصا ما لم يكن نائما في الواقع، وسمعنا. وأصبحت تلك شائعة شعبية في المدرسة، وقمت بالطبع بنفيها.

بعدما انتهت علاقتي بمروان تماما، تغيّرت الأمور. أصبح عنيفا معي. كان يصارعني ويسقطني على الأرض. كان يدفعني إلى أن أرتطم بالجدران ويضغطني عليها بإحكام إلى أن يترك كدمات على ذراعي. كان يفعل ذلك علنا، في المدرسة. كان يحبّ ترك كدمات عليّ، ثم الاشارة إليها كأنّه يمتلكني. في بعض الأحيان، كان يعتقد حقا أنّه كان يمازحني. كأنّ الطريقة الوحيدة التي يمكنها أن تقرّبه منّي جسديا هي أن يدفع جسده ضدّي. في أوقات أخرى، كان يقصد إيلامي فقط لأنني كنت أصارعه بشدّة. وفي بعض الأحيان الأخرى، كنت أجد تصرّفاته مازحة ومؤلمة في آن واحد، وكنت أجد أنّني أشعر بالرّغبة فيه فجأة أثناء جلوسه فوقي وتثبيته إيّاي على الأرض.

على الرغم من العديد من احتجاجاتي ومناشداتي للناس أن يدافعوا عنّي، لم يتدخل أحد. استمرّ في تصرّفاته العنيفة إلى أن صار عندي حبيب جديد. فقط عندها اضطر مروان إلى “تسليم” جسدي. ليس لي – ولكن لهذا الرجل الجديد. كنت في الـ16.

في سنّ الـ17، أصبح مروان نذل الصّف. كان متنمّرا، ليس عليّ فقط، ولكن على الكثير من الناس. لذلك عندما بدأت في مواعدة حسن، أكثر شاب “محترم” وحسن التصرف في الصّف، علّق الناس في المدرسة أنّني كنت أواعد قطبين مختلفين.

ضاجعت حسن لأوّل مرّة على سطح بنايتي. كنت قد أخذته إلى هناك لكي يرى المظهر من فوق. لكنّني فعلا أردت أن يتحوّل المظهر إليّ أمتطيه على السطح العامّ جدّا ولكن الخاصّ جدّا في نفس الوقت. كان السطح شديد القذارة، بعد أن تراكمت فيه القمامة على مرّ السنين. تركنا ملابسنا في حالة من الفوضى. لكنّه كان بقعة ميثاليّة للمضاجعة. في المرّة التالية، أحضرت بطانية وخزّنتها هناك.

في عطلة نهاية الأسبوع، كانت عائلتي خارج المنزل في اللّيل، وكانت الشقة شاغرة ومتاحة لي. طلبت من حسن أن يأتي. لقد تغازلت مع حسن في العديد من الأماكن المختلفة: المدرسة، قاعة السينما، حديقة عامة مهجورة، غرف الحمام، المصاعد، وبالطبع، السّطح. كان خطر هذه الأماكن العامة مثيرا – في البداية. ولكن بعد مرّات لا حصر لها كنّا على وشك الانكشاف، لم يكن لنا من مكان أو شيء أكثر إثارة من أمان القدرة على القيام بكلّ ما أردناه وراء الأبواب المغلقة. في اليوم الذّي جاء فيه إلى شقتي الفارغة، كانت الخصوصية قد أثارتنا إلى درجة أنّنا تلاطفنا في كل مكان. وصلت إلى النّشوة في غرفة نومي، في غرفة التّلفاز، في غرفة المعيشة، في المطبخ، في الممرّات، على الأريكة، على السرير، على الأرض، على الطاولة. كان لدينا كل هذا الفضاء، ولم نكن لنضيّع أي ّشبر منه – إلاّ، بالطبع، غرفة أمي. كان ذلك من شأنه أن يكون شديد العار.

في أحد الأشهر، تأخّرت دورتي الشّهريّة. كانت معرفتي بالصّحة الجنسية والإنجابيّة محدودة جدا، وكنت مقتنعة بأنني حامل. توتّرت بشدّة وقرّرت أنّه يجب أن أجري اختبار الحمل. هل تباع اختبارات الحمل في مصر؟ هل يسمحون لي، فتاة في المدرسة الثانوية، بشراء واحد؟ هل سيتم القبض عليّ؟ هل سأحتاج إلى إثبات الزواج؟ لم أكن أعرف. كلّ ما كنت أعرفه هو أنّ دورتي تأخّرت وكان عليّ الحصول على الاختبار. اقترضت ملابسًا من خزانة والدتي، ولبست كعبها، ووضعت ماكياجها، ولبست خاتما يشي بأنّه دبلة زواج. ذهبت إلى الصّيدلية، وتحدّثت قدر المستطاع بإنجليزيّتي الأمريكية. كنت أخيرا أستخدم كوني، جزئيّا، “الآخر/الأخرى” أو “الغريب/ة” لصالحي. أنا لا أعرف إذا تمكّنت من خداعهم، ولكنّهم باعوني الاختبار. خرجت من الصّيدلية ودخلت إلى سيارة حسن الذّي أوصلني. كنت خائفة جدّا من أن يلقى القبض عليّ متلبّسة، ولكنّني ارتحت لحصولي على اختبار الحمل. السؤال الواضح هو لماذا لم يقم حسن، الذي كان امتيازه بكونه ذكرا يوفّر له طبقات إضافية من الحماية، بشراء هذا الاختبار؟ اتّضح أنّ عاره كان أكبر من خوفي.

بعد واحدة من مضاجعاتنا الاعتياديّة على السطح، قال لي حسن أنّه في بعض الأحيان يشعر بالذنب على ما كنّا نقوم به، أنّنا نفعل الحرام. فقلت له إنّني لا أرغب في مضاجعته إذا كان يشعر أنّ ذلك خطأ. فاستدرك بسرعة وبدأ في تقبيلي وتعريتي من ملابسي من أجل الجولة الثانية. في وقت لاحق، أثناء عراكنا عن تاريخي الجنسي، اتّهمني بإفساده، ودعاني شرموطة. ولكن واصلنا التّضاجع.

بعد معركة ضخمة كانت على الأرجح نهاية علاقتنا، طلبت من حسن أن يأخذني إلى المنزل. كانت السيارة مركونة أمام بنايتي، وكنت على وشك المغادرة عندما أصرّ على أن نذهب إلى السطح.

قلت له أنّني لا أريد المضاجعة. كنت غاضبة ومجروحة للغاية. فقال إنه يريد الحديث فقط، ووعدني بأنّ الأمر لم يتعلّق بالمضاجعة. جزء منّي لم يصدّقه. ولكنّني قرّرت أن أعطيه فرصة. صعدنا وجلسنا لفترة من الوقت، نتحدّث بشكل متقطع. ثم أراد تقبيلي. أبعدت رأسي وقلت له أنّني لا أرغب في ذلك. “فقط لو كنتِ قلت ذلك للرّجال الآخرين الذّين ضاجعتهم،” جاء ردّه. كنت غاضبة. ولكنّني بقيت جالسة. حاول تقبيلي مرّة أخرى، ومرّة ​​أخرى رفضت. بقي يقبّلني ويلمسني رغم احتجاجاتي. في نهاية المطاف، كان يركبني، وشعرت كأنّني تركت جسدي. بقيت في ذلك الوضع بلا حراك بينما فعل ما شاء، في محاولة منّي لإزالة نفسي من الموقف دون أن أتحرّك أو أصدر أيّ صوت. ثم انتهى الأمر. في اليوم التالي، واجهته وأخبرته أنّ ما فعله لم يكن مقبولا، وأنّني لم أوافق على ذلك. فشعر بالاستياء أنّني اتهمته بذلك، وقال إنّني إذا أردته أن يتوقف فعلا، لكنت ذهبت.

انفصلنا بعد فترة وجيزة.

 

كلمة الختام:

لقد كافحت لكتابة هذا النّص. لقد كافحت لتذكّر كلّ هذه التجارب. ضحكت مع بعضها واستمتعت بالذكريات. أمّا الأخرى، ففاجأتني من حيث لا أدري وأعادت ذكريات الألم الذّي حاولت دفنه.

لم أشعر بالأحقية في أن أشارك هذه الخبرة. سألت نفسي وأصدقائي/صديقاتي بانتظام لماذا اعتقدت أنّ أيّا من هذا يستحقّ التّقاسم. مثال آخر، كما ذكّروني/نني، عن عدم شعورنا بالأحقّية في المساحة المطلوبة لإخبار قصصنا ولتوثيقها.

هذه السّجلات هي بيانٌ عن أنّ تجربتي وجسدي يستحقّان أن يسمعا ويُوثّقا. إنها لمحة عن حياتي الجنسية كفتاة صغيرة تكبر في مصر، كما تتقاطع حتما مع سياستي الشخصية عن الرغبة والانتماء والمقاومة. وهي تحكي قصّة التهديد الذّي تشكّله فتاة تقبّل، تلمس، تلعق وتمصّ للأولاد من حولها، وتبعا لذلك، للهياكل التّي تسعى لقمعها. كما تروي قصّة مدى امكان جنسانيّة الشخص ورغباته في الحفاظ على أو تحدّي هياكل السّلطة، مهما كانت صغيرة، وكيف أنّ المتعة يمكنها أن تهزّ الهويّات وتتحدّى المعتقدات؛ وكيف يتم مواجهة التّهديد الذّي تشكّله الرّغبة بالعنف في كل منعطف، مهما كانت خفيّة أو علنيّة.

 

  • 1. أحد أسماء الدّلال المصريّة العديدة للجدّة.
ملحوظات: